تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وضع أمريكا في العراق



FreeMuslim
03-25-2007, 08:21 AM
بعد 48 شهراً على احتلال العراق: أميركا مهزومة، والكيان الصهيونيّ مرعوب، وإيران الصفوية مفضوحة

2007-03-23 :: بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف ::


[كانت أربع سنواتٍ من المعاناة الأكثر إيلاماً، ويا لها من ذكرى غير سارّة، فكلما مرّ الوقت بدت المغامرة العسكرية كارثةً لكل من يهمه الأمر، فالعراق جعل الولايات المتحدة تبدو أكثر ضعفاً في عيون العالم، وخفّض من شعبيتها في أوساط البريطانيين، فبدت بريطانية وكأنها مناهضة لأمريكا.. وإنّ مَن يفكّر بأنه كسب الحرب في العراق، فإنه مع مرور كل يومٍ يخسر السلام]!.. (صحيفة الإندبندنت البريطانية الصادرة في يوم الثلاثاء بتاريخ 20/3/2007م).

هل تذكرون كيف كان (بوش الصغير) يتشدّق منذ أربع سنوات، مفتخراً بنصره المزعوم، على شعبٍ أعزل يعاني من حصارٍ ظالمٍ مدة ثلاثة عشر عاماً؟!..

هل تذكرون أكاذيب صهاينة الإدارة الأميركية وتابعهم البريطانيّ (طوني بلير)، وبهتان أذنابهم الممالئين والخونة والمتواطئين والعملاء والأبواق الأميركية الصنع؟!.. بدءاً من أكذوبة (أسلحة الدمار الشامل) العراقية، وانتهاءً بأكذوبة (الديمقراطية)، ومروراً بأكاذيب: البناء، والتحرير، وإسقاط الدكتاتورية، والرخاء، والاستقرار، والأنموذج العراقيّ لكل أقطار المنطقة، والقضاء على الإرهاب، و..؟!..

هل تذكرون مشاهد النشوة التي غرق فيها الأميركيون وعملاؤهم، وهم يدنّسون بغداد المنصور والرشيد، يوم دخلوها همجاً معتدين مجرمين مدمِّرين؟!..

ماذا كانت نتائج العدوان الآثم على عراق العزّ والفخار، بعد السنوات الأربع من عمر الاحتلال؟!..
كانت النتائج تدميراً شاملاً للبلاد، وسحقاً لبنيتها التحتية.. وقتلاً لسبع مئة ألفٍ من نسائه وأطفاله وشيوخه ورجاله وعلمائه ونوابغه وكفاءاته.. ومعاناةً مريرةً بفقدان أوليات العيش الكريم لإنسان القرن الحادي والعشرين، من الكهرباء ومياه الشرب النقية والدواء والغذاء والمشتقات النفطية.. وسجوناً ملأى بمئات الآلاف من شعبه.. وفضائح يندى لها جبين الإنسانية ترتكبها القوات المحتلة والحكومة العميلة.. وجرائم طائفيةً لم يسمع العالَم عن مثيلٍ لها في التاريخ، تقترفها ميليشيات خائنة حاقدة تتدرّب في إيران الصفوية الشيعية، ويخطِّط لها المحتلُ الأميركيّ ويشجّعها ويدعمها.. وأربعة ملايين مهجَّرٍ ولاجئٍ عراقيّ.. وآلاف المختفين مجهولي المصير.. وعشرات المليارات من الدولارات المنهوبة، وتمييزاً طائفياً شيعياً حكومياً في أبشع صوره.. وتزويراً مذهلاً للانتخابات بكل أنواعها.. وحكومةً لا تحكم حتى ما يسمى بالمنطقة (الخضراء) في طرف بغداد.. وجيشاً ممزّقاً.. وأجهزةً حكوميةً فاسدةً من اللصوص والنهّابين والقتلة والمجرمين والموتورين.. وانخفاضاً مخيفاً في مستوى التعليم المدرسيّ والجامعيّ.. وتوقّفاً شبه كاملٍ للتطوّر الزراعيّ والصناعيّ.. وتخلفاً صحياً وطبياً.. وانتشاراً للأمراض والأوبئة.. وملايين العاطلين عن العمل.. ومئات المساجد المدمَّرة.. وعشرات الجثث مقطوعة الرأس على أرصفة الشوارع يومياً.. وستين بالمئة من أبناء الشعب يعيشون تحت خط الفقر.. وانعداماً كاملاً شاملاً للأمن.. و..!..

ذلك هو العراق الأنموذج الذي وعدت به أمريكا وعملاؤها: عراق ممزَّق، تحكمه المافيات الصفوية، وتتغلغل إيران الفارسية في كل مفاصله، وتستوطن فيه فرق الموساد الصهيونيّ!.. عراق لا يعرف الأمن أو الاستقرار، تسوده شرائع الغاب، ويغوص شعبه بدمائه حتى الرُكَب!.. عراق تنهبه عصابات الشركات الأميركية وأذنابها وسماسرتها، وتضيع دماؤه وخيراته في ذمم دول الغرب الصليبيّ الحاقد، وتُزهَق أرواح أبنائه كل لحظةٍ في مذابح المحتلّ الأميركيّ ومسالخ حُسينيّات أذنابه وحلفائه الصفويين القادمين من بلاد فارس!..

* * *
لكنّ العراق الشامخ أبداً، على الرغم من جراحه الغائرة الكثيرة.. العراق الذي لقّن أولئك الجهلة المحتلّين الأبجدية والحرف والحضارة منذ فجر التاريخ.. قد لقّنهم اليوم كيف يكون الإنسان إنساناً، وأذاقهم مرارة الهزيمة المنكرة، وعلّمهم كيف تكون الحياة عزيزةً، وكيف يكون الموت شرفاً!..

وحدها المقاومة العراقية الباسلة، ووحدهم المجاهدون العراقيون الأبطال، جعلوا العدوَّ وعملاءه ووسائل إعلامه وصحفه، يعترفون بالهزيمة الكارثية، والضعف المذلّ، وخسارة الحرب والسلام معاً (كما ورد على لسان الإندبندنت البريطانية).. ومهما كان المعتدون محترفين بفنّ الكذب، فإنهم لن يستطيعوا أن يحجبوا الحقائق، فقد خسروا أكثر من ثلاثين ألف قتيل، وأكثر من ستين ألف جريحٍ ومعوَّقٍ ومريضٍ نفسيّ، وأكثر من ألف مليار دولار، وعشرات الطائرات الحربية، ومئات الدبابات والمدرّعات والآليات العسكرية والمدنية.. وتفكّك تحالفهم القذر، وأطيح برؤوسهم واحداً إثر واحد، ولعل أهم الرؤوس المطاحَة: (كولن باول) و(دونالد رامسفيلد) و(جون بولتون).. وفوق ذلك كله، خسروا عملاءهم وخسرهم أولئك العملاء، وخسروا الدعم المعنويّ والماديّ العالميّ، وكذلك الهيبةَ، والمصداقية.. وأذِلَّت آلتهم العسكرية التي طالما افتخروا بها.. وفوق.. فوق ذلك، خسروا الأمن الذي تمتّعوا به طوال عشرات السنين، الأمن الذي زعموا أنهم احتلوا العراق ليحقّقوه لشعوبهم وبلدانهم، التي يهدّدها الإرهاب الذي يدعمه العراق كما زعموا!..

لا تصدّقوهم عندما يختلفون، فهم لا يختلفون فيما بينهم لأنهم يريدون الخير للعراق أو لهذه الأمة، هم يختلفون الآن فيما بينهم، وتخرج شعوبهم إلى شوارع مدنهم مندّدةً بزعمائهم وخططهم وغزوهم للعراق.. لأنهم لم ينتصروا، بل لأنهم هُزِموا، فلم يتمكّنوا من السيطرة على بلاد الرافدين، ولم يستطيعوا نهبها كما رغبوا، بل لأنهم دفعوا ثمن مقامرتهم أكثر مما كسبوه لصالحهم وصالح شعوبهم.. لذلك اختلفوا فيما بينهم، ولذلك انتفضت شعوبهم.. فلو انتصروا أو حققوا أهدافهم الإجرامية الدنيئة.. لكلّلهم المنتفضون الآن من شعوبهم بأكاليل الغار، ولارتفعت في شوارعهم أقواس النصر، ولرقصت نساؤهم حتى الفجر كل يوم، ولشربوا أنخاب إذلالنا وقهرنا!..

لا تصدّقوهم، فهم لم يعتدوا علينا إلا لنهب نفطنا وثرواتنا، وللسيطرة على العالَم بسيطرتهم على بلادنا ذات الموقع الاستراتيجيّ الخاص، ولتحقيق الأمن الكامل والحماية التامة للقيطهم الصهيونيّ.. فخابوا وخسئوا، وقد أعلنوا خيبتهم وخسرانهم على لسان ناطقهم الرسميّ باسم قيادتهم المهزومة (إريك كلارك)، خلال مؤتمره الصحفيّ يوم الأربعاء بتاريخ 21/3/2007م في دبيّ، حين تلعثم بمراراته قائلاً: [إنّ الفشل الأميركي في العراق سيكون تأثيره رهيباً]، ثم ألقى الناطق الضابط المهزوم الضعيف باللائمة على بعض عملائه الخونة: [.. وإنّ بعض المعارضين العراقيين قدّم صورةً مضلِّلةً للأميركيين، وقادوهم إلى منـزلقٍ خطير]!.. ويا له من منـزَلقٍ لم تكتشفوه إلا بعد هزائم أربع سنواتٍ ضارية!..

لن تخرجوا من ذلك المنـزلق الخطير إلا مجلَّلين بالعار والذلّ والخيبة، ولن تكونَ هناك جهة أو قوة في الأرض قادرةً على إنقاذكم من جرائر عدوانكم، وسيدوسكم أبطال العراق ومجاهدوه، فتحسّسوا أعناقكم، وجهّزوا سيقانكم للريح، فإنكم منهزمون –بإذن الله- بسواعد ذوي الهامات الأصيلة التي تعانق السماء، وستنقلب صفحة التآمر والمتآمرين إلى غير رجعة، وسيرتدّ كيد عميلكم الإيرانيّ الصفويّ الفارسيّ إلى نحره، وسيسقط مشروع الصفويين الإيرانيين إلى غير رجعةٍ بإذن الحيّ القيوم، بعد افتضاحه وانكشاف خياناته ونذالة عملائه ومجرميه وحاقديه وسفهائه.. لكل ذي عَيْنٍ من أبناء أمة العرب والإسلام!..
* * *
لقد سقطت أمريكا في العراق عسكرياً وحضارياً، وسقطت إيران الصفوية الفارسية في العراق سياسياً وثقافياً وأخلاقياً ودينياً، وسيسقط الكيان الصهيونيّ كما سقطا، ولن تنفعَهم كل الاستراتيجيات المعلَنة والسرّية، ولا كل الخطط الأمنية الاستعراضية، ولن ينفعَ العملاءُ أربابَهم، وليس أمام أمريكا إلا الانسحاب الكامل الشامل من العراق الذي اعتدت عليه، وليس أمام مجرميها إلا المحاكمة العادلة الجديرة بمجرمي الحرب، وليس أمام خزائنها إلا التعويض عن كل الكوارث التي سبّبوها للعراق والعراقيين عن قصدٍ وسبق الإصرار، وليس أمام عملائهم العلاقمة إلا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة، وحُكم التاريخ بابن العلقميّ وأبي لؤلؤة فيروز المجوسيّ، وليس أمام العالَم كله إلا أن يعترفَ بأنّ العراقيين المؤمنين بالله وعدالة قضيّتهم.. قد دحروا إمبراطورية الشرّ الأميركية، وأذلّوا عملاءها، وفضحوا الدولة الفارسية التي تزعم انتماءها لأمة الإسلام.. فالعراق ليس لهم، ولا للخونة الذين قدم الأميركيون على ظهورهم، ولا لجارة الشرّ الصفوية وأذنابها الحاقدين.. العراق لأهله، ولأمّته، ولشعبه الشامخ الذي يهزمهم كل يوم، ويمرِّغ أنوفهم بأطيان مستنقعه الذي أوقع المعتدون أنفسهم فيه.. العراق لأبناء عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، ولأحفاد سعد بن أبي وقّاصٍ وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وصلاح الدين الأيوبيّ.. ولبقية الأبطال الذين قوّضوا ممالك الروم والفُرس والصليبيين، وأقاموا دولة الإسلام والكرامة والرخاء والاستقرار والأمن والمحبة والسلام.. والعراق لمحبّي آل البيت الحقيقيّين، وليس لعشّاق آل البيت (الأبيض) الدجّالين!..

22 من آذار 2007م