تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النساء فقط لاستلام جثث الضحايا العراقيين



FreeMuslim
03-21-2007, 08:58 AM
النساء فقط يستلمن جثث قتلي العنف الطائفي من المستشفيات خشية الانتقام

المختصر/
القدس العربي: برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة عن المجتمع العراقي تتمثل في أن المراجعين لاستلام جثامين أقاربهم القتلي وضحايا العنف الطائفي من المستشفيات والمراكز الصحية هم من النساء فقط، بينما يتجنب الرجال مراجعة تلك الأماكن التي أصبحت كمائن لصيد أقارب ضحايا العنف الطائفي الذي لا يتوقف في بغداد .
وقد اتخذت المليشيا الطائفية المسيطرة علي وزارة الصحة من المستشفيات والمؤسسات الصحية الأخري مواقع رصد لكل من يأتي لأخذ جثة قريب أو صديق من ضحايا العنف ممن تطلق عليهم الحكومة والمليشيا صفة (الإرهابيين) لكي يتم اعتقاله وقتله بعد تعذيبه للحصول منه علي المزيد من المعلومات عن علاقات الضحايا (بالإرهاب)، حيث تكررت مثل هذه الحالات كثيراُ في تلك المؤسسات. ويلاحظ المتواجدون أمام معهد الطب العدلي في العاصمة العراقية الذي يعتبر المركز الرئيسي لاستلام وتسليم جثث ضحايا العنف الذين يتم جمعهم من الشوارع يومياُ، أن معظم المراجعين هن من النساء اللواتي يأتين وهن متشحات بالسواد ويراجعن قسم المفقودين في المعهد الذي تم إنشاؤه مؤخراُ بعد تزايد أعداد المفقودين والقتلي مجهولي الهوية، حيث يتم عرض صور الضحايا الموجودين في ثلاجة الموتي لديهم من خلال شاشة الكومبيوتر لكي يتعرف الناس علي أقاربهم ولإكمال إجراءات استلام تلك الجثث.
وبين الحشود المتجمعة أمام المعهد المذكور، تحدثت السيدة أم ندي التي رفضت ذكر اسمها بأنها وجدت جثة زوجها عبد الأمير العبيدي في المعهد بعد اختفائه منذ أيام عقب خروجه من البيت وهو يقود سيارته في أحد أحياء بغداد، وأنها عثرت علي جثته في المعهد وحضرت مع إحدي قريباتها لاستلام الجثة بدون أي رجل من أشقائه أو أقاربه الذين يخشون إلقاء القبض عليهم عند المراجعة والتحقيق معهم من قبل عناصر المليشيا المسيطرة علي المعهد، بتهمة التستر علي قريبهم (الإرهابي) وللحصول منهم علي معلومات عن علاقاته وأصدقائه من (الإرهابيين) الآخرين، رغم تأكيد السيدة أم ندي أن زوجها كان إنسانا مسالما بعيدا عن السياسة والمقاومة وغيرها، ولكنه من طائفة معينة تعاديها الحكومة والمليشيات الطائفية المتحكمة بالسلطة في العراق.
وعبرت سيدة أخري من منطقة الغزالية غرب بغداد هي أم عمار عن ألمها وحزنها حيث أن زوجها لطيف الفدعم الذي قارب علي الخمسين من العمر وهو ضابط متقاعد قد اعتقل منذ أيام في منطقتهم من قبل نقطة تفتيش يرتدي عناصرها ملابس الشرطة ويستخدمون سيارتها عندما كان ذاهباُ للتسوق، ثم عثرت علي جثته في الطب العدلي بعد ثلاثة أيام من البحث دون العثور علي سيارته، وأشارت أنها منعت أبناءها الكبار من الذهاب معها لاستلام جثة والدهم من معهد الطب العدلي خوفاُ من إلقاء القبض عليهم من المليشيا المتواجدة هناك فيلاقون نفس مصير والدهم وتكون المصيبة مضاعفة. وأكدت السيدة أم عمار أنها أحضرت معها صديقتها التي لديها سيارة خاصة لمساعدتها في نقل جثة زوجها من ذلك المعهد لأنها لم تستطع العثور علي سيارة أجرة يقبل سائقها المجازفة بالحضور إلي تلك المؤسسة الصحية ونقل الضحية خوفاُ من المليشيا المنتشرة هناك أو خوفاُ من نقاط السيطرة التابعة للشرطة والجيش والمنتشرة في شوارع بغداد التي يحتمل أن تلقي القبض عليه لقيامه بنقل جثة (إرهابي).
أما السيد عدنان الجبوري من سكان الأعظمية فان شقيقه الذي قتل في مواجهة مع عناصر المليشيا الطائفية التي هاجمت المنطقة مراراُ برفقة دوريات الشرطة، فإنه لم يستطع حتي مراجعة معهد الطب العدلي لاستلام جثته لأنه واثق بأن المليشيا المتواجدة هناك ستلقي القبض عليه أو علي أي قريب آخر يراجع لاستلام جثته، حيث تعامل الشرطة والمليشيا الطائفية أهالي بعض المناطق مثل الأعظمية معاملة خاصة في مثل هذه الحالات باعتبارها مناطق متمردة ضد الحكومة والاحتلال ولا يستبعد اعتقال حتي النساء عند مراجعتهن هناك. وأكد الجبوري أنه فضل ترك جثة شقيقه كي تقوم الحكومة بدفنها في مقابر مجهولي الهوية في النجف وكربلاء وهو لا يعرف حتي مكان القبر الآن ولا يستطيع الذهاب هناك لنقله أو حتي تحديد مكان دفنه لأن أمثاله مطلوبون في تلك المناطق من قبل المليشيا الطائفية أو نقاط التفتيش التابعة للشرطة أو الجيش، ولكن عزاءه أنه واثق بأن مكان شقيقه الشهيد في الجنة الذي سيقدّر موقف أهله إزاء الموضوع، حسب قوله. واستغرب الجبوري إصرار الحكومة علي دفن الضحايا المجهولين في كربلاء والنجف اللتين يتعذر علي أهل السنة الذهاب إليهما دون المجازفة بحياتهم، واعتبر هذا الإجراء من باب الإيغال في إيذاء أهالي الضحايا.
وإذا كانت مصيبة العراقيين بفقدهم أبناءهم وأعزاءهم علي يد عصابات القتل الطائفي أو القوات الحكومية أو الأمريكية عظيمة، فإن الأعظم أثراُ منها في نفوسهم هو شعورهم بالعجز والخوف حتي من استلام جثث الضحايا والشهداء لكي تجري لهم مراسم الدفن الاعتيادية مما يضطرهم لتكليف نسائهم بذلك تجنباُ للموت دون مبرر علي يد عناصر المليشيا الطائفية، وتشهد علي ذلك آلاف جثث الضحايا في مقابر مجهولي الهوية في النجف وكربلاء التي تمتد مساحاتها في كل يوم مع اتساع رقعة معاناة العراقيين والتي لا تبدو لها نهاية قريبة للأسف