تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز تبليغ دعوه الاسلام الحنيف الي الشيعه ؟



سلطان المصري
03-20-2007, 08:47 PM
هنالك سببان يدفعاننا إلى رأب الصدع بين السنة والشيعة . أولهما أن الشيعة محسوبون على الإسلام وما يقارفونه من مخالفات يحسبها الآخرون من غير المسلمين على أنها من الإسلام فينصرف العقلاء عن هذا الدين . وثانيهما أنه مادام الشيعة على غير ما عليه أهل السنة والجماعة , فتجب علينا تبصرتهم بالإسلام الحنيف,وخاصة أن العوام والبسطاء منهم لا علم لهم بصحيح الدين , وهم مضلّلون بفعل أولي الأمر منهم ممن تسيّرهم المصلحة ويسعون إلى الدرهم والدينار وجمع "الزكوات" التي تبلغ عشرين في المئة من دخل الشيعي. وقد قاسى عامة الناس في المجتمعات الإسلامية من الجهل والأمية إذ أعوزهم النظام التعليمي الراسخ,فلم يعرف المسلمون المدارس إلا أيام الوزير نظام الملك وأيام صلاح الدين الأيوبي , وقبل ذلك اقتصر التعليم على المساجد في ما يشبه نظام الكتاتيب . وحتى في أيام العز العلمي للمسلمين في العصر العباسي ,لا يصح اعتبار المجتمع كله مستنيرا فقد كانت هذه النهضة من صنع الخاصة وللخاصة , وبقي البسطاء من الناس يقاسون الأمية إلى جانب الفقر والقهر. وحتى في المجتمعات الإسلامية المعاصرة,تجد بين من تلقوا قسطا وافرا من التعليم,من يؤمنون بالخرافات والعفاريت والشعوذة وما شابه ذلك , فضلا عن الأميين منهم . ومع النظر إلى درجة انتشار العقائد الفاسدة في القرن الحادي والعشرين, يسهل إدراك سهولة حدوث ذلك في القرون الخوالي, حيث كان "العقل الشعبي" في المجتمعات الإسلامية السابقة سهل الاختراق,شأنه في ذلك شأن أي مجتمع آخر يفتقد النظام التعليمي ويقاسي الأمية والجهل , ولولا ذلك ما تيسر الانحراف عن الإسلام الحنيف . وإذا غضضنا الطرف عن تبصرة ودعوة المخالفين لنا من الشيعة _أو الصوفية فهما وجهان لعملة واحدة_ نكون قد فرطنا وتقاعسنا عن الأمر بالمعروف. ولنا في ما حدث للتتار عبرة, فقد اعتنقوا الإسلام بعد أن حاربوه . كما ارتد المصريون عن الشيعية بعد أن كانت عقيدة البلاد أيام الدولة الفاطمية التى امتدت أكثر من القرنين . والآن ليس في مصر أوشمال أفريقيا شيعي واحد . وإذ ندعو الشيعة لإعادة النظر في ما شاب عقيدتهم من تحريف, لا تتحقق الموضوعية والأمانة مع النفس إن لم نتوجه بالدعوة نفسها إلى الصوفيين لإعادة النظر فيما يزعمونه من ضلال, فالدين عند الله الإسلام ,لا التشيع ولا التصوف , ولم يصنف المسلمون أيام النبي صلى الله عليه وسلم , صوفية أو شيعة .
ومن اللافت للنظر التهوين من التباين العقيدي بين السنة والشيعة , ومحاولة اعتباره مجرد اختلاف مذهبى مع أنه في حقيقة الأمر يصل إلى حد التصادم والمغايرة , لأن الاختلاف المذهبي يكون في الفروع وليس الأصول ولا سيما الأصول الخاصة بالمفاهيم العقيدية . ولا يكون الخوض في أمور مخرجة من الملة –كما هوالحال مع كفريات الشيعة والصوفية - كالكلام عن الخلافات المذهبية بين طوائف أهل السنة . والاختلاف محمود إذا كان تنوعا في وجهات نظر وتحركا في مواقع مختلفة داخل دائرة الحق , ولكنه مذموم إذا تحول إلى خلاف عقيدي وتناقض مغادر لدائرة الحقيقة ومنفلتا بعيدا عنها . وحقيق بنا الاكتراث بآراء الآخرين وإن غايرت آراءنا , ولكن لا يجوز فعل ذلك إن كانت هذه الآراءالمخالفة غير منطقية ولا سند لها سوى الهراء والخيال . ومع دعاوى التقريب يركز البعض على أدبيات الحوار وأخلاقيات الجدال وقبول الآخر , وكأن المسألة دعوة لتوخي اللين والسماحة في قبول غلو الآخر وانحرافه,بحيث يبدو الأمر في نهاية المطاف في صورة المشكلة الأخلاقية ,أو المشكلة الإجرائية , في حين أن حقيقة الصراع والخلاف تقع في دائرة الإيمان والكفر والحق والباطل .
والفخ الخطير هو الدفع باتجاه "قبول الاختلاف " باعتباره تنوعا اجتهاديا , وأن يكون هذا "التقريب" وسيلة لإضفاء الشرعية على "التبشير" بمعتقدات كل من الطرفين بين جموع الطرف الآخر.فقد تم إنشاء دار للتقريب بين السنة والشيعة ومقرها في القاهرة لم يتعرض فيها أحد لتسوية وتصفية المصادمات العقيدية , وإنما تم الاتفاق بين الطرفين على تدريس علوم كل منهما في المعاهد الدينية لللآخر. والحث على قبول ما نتفق عليه والإغضاء عن ما نختلف فيه , إنما هو من الكلام الذي يمر عليه الناس ولا يعطونه حقه من التأمل ,فهذا من قبيل الحق الذي يراد به باطل والذي لا يجوز قبوله إذا كان الأمر يتعلق بالدين والملة . فالتقريب بين السنة والشيعة دون تسوية الخلاف وتصحيح الصدام العقيدي السافر بينهما ,إنما يعني التستر عليه والإغضاء عنه, ويكون ذلك غمطا للحق وإقرارا بالباطل , وما أشبهه عندئذ بمحاولة امتطاء جوادين في وقت واحد : أحدهما غاد, والآخر رائح

منقول