تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صراع خدماتي بين الموالاة والمعارضة لاستمالة العكاريين



الحسني
03-20-2007, 08:46 AM
صراع خدماتي بين الموالاة والمعارضة لاستمالة العكاريين
(الأخبار 20/3/2007 م)

خلال اجتماع المعارضة الذي سبق إعلان الدعوة إلى الإضراب العام، سأل النائب السابق وجيه البعريني عن الدور الذي يفترض بعكار أن تؤديه، فأجابه أحد قادة المعارضة بأن الحدود الشمالية للتحرك هي طرابلس، وأن الذهاب أبعد من «نهر أبو علي» يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد اللذين لا يفترض بالمعارضة أن تهدرهما في هذا الوقت الحساس. لكن سرعان ما اتضح صباح ذلك الثلاثاء، مع الإقفال شبه التام في عكار، أن للقواعد الشعبية رأياً آخر، فاجأ المعارضة والموالاة، وخصوصاً تيار «المستقبل» الذي عاد إلى عكار بقوة ليستعيد ما ظهر أنه قد يفقده.

وتتقاسم الساحة السياسية العكاريّة اليوم أربع قوى أساسية هي «تيار المستقبل»، «التيار الوطني الحر»، الشخصيات السنيّة المعارضة، «القوات اللبنانية»، إضافة إلى الحزب الشيوعي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي اللذين يتمتعان بوجود تاريخي في هذه المنطقة.

قياديو «المستقبل» يؤكدون اطمئنانهم إلى الواقع الشعبي، و«تأييد غالبية ساحقة من المواطنين لمعركة الحفاظ على السيادة والاستقلال التي تخوضها الحكومة بوجه الفرقاء الانقلابيين». ويلفت نواب هذا التيار إلى أنهم وضعوا منذ الإضراب العام ما يشبه خطة عمل تتضمن خدمات إنمائية، تنظيم زيارات إلى البلدات، ومواكبة احتياجات المواطنين. ويشيد أحد النواب بما حققته الكتلة حتى اليوم من إنجازات على صعيد الإنماء، أهمها تشغيل مستشفى عكار الحكومي، رغم تهديد هذا المستشفى لمصالح بعض نواب الكتلة السبعة في هذه المنطقة.

ويرى هؤلاء أن حركة النواب السنّة السابقين داخل البلدات السنية لا تستحق المتابعة الإعلامية أو اعتبارها منافسة حقيقية، وهي في أحسن أحجامها لا تتعدى الحالة الفولكلورية المعترضة التي تنتهي بانتهاء احتراق الدولاب. ويقول أحد النواب إن ارتهان النواب السابقين الكامل لإرادة السوريين، واستمرارهم في الكلام باللغة السورية و«اللهجة الحلبية» يجعل مستحيلاً عليهم خرق مجتمعهم.

وفي المقابل، يستغرب النائب السابق طلال المرعبي هذا الكلام، ويقول إن الفريق النيابي الذي يصرح اليوم باسم العكاريين وصل فوق موجة معينة إلى البرلمان خمدت مع اكتشاف الصغير والكبير استغلال هذا الفريق السياسي الحاكم اليوم لدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وقد أتاحت عودة العكاريين إلى هدوئهم أن يستعيد كل طرف سياسي حيثيته الشعبية.

ويكشف المرعبي أن ماكينته تكمل عملها في البلدات العكارية كأنه فاز في المعركة الانتخابية، وتقدم المساعدات المتوافرة، محاولة ملء الفراغ الناتج من غياب أي وجود للنواب الحاليين الذين يكتفون باستغلال التعاطف الشعبي الكبير مع آل الحريري.

ويتضح في بعض البلدات السنية، وخصوصاً في منطقة القيطع (تقسم عكار إلى ثلاث مناطق جغرافية) أن النائب السابق وجيه البعريني بدأ بكسر الحصار الذي فرض عليه شعبياًً ونيابياً. ويكرر عدد من الأهالي في ببنين وبرقايل وعيون الغزلان وأكروم تمنيهم لو كانوا أكثر وفاء للبعريني الذي «ما كان يقبل بإذلال المواطن العكاري كما هي حال كثيرين اليوم»، مقابل انتقاد البعض الشديد لمحاولة البعريني «العودة إلى الساحة السياسية من خلال توزيع الأموال والمساعدات التي تأتيه من سوريا».

ووسط هذه الآراء المتنوعة، يؤكد بعض رؤساء البلديات المؤيدين للمعارضة أنهم أنجزوا حسابات الربح والخسارة النيابية، ويجزمون بقدرة المعارضة على الفوز في الانتخابات إذا تمكنت من فرض وجودها في خمس بلدات سنية كبيرة، شرط محافظة التيار الوطني على حجمه الحالي في البلدات المسيحية.

وتؤكد قيادة التيار الوطني الحر في عكار أن وجودها في البلدات المسيحية ما زال على حاله منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، ويزداد توسعاً في البلدات السنية رغم الضغط الكبير الذي مارسه بعض اعضاء تيار المستقبل على العونيين، وخصوصاً في «عكار العتيقة» وسهل عكار. ويشير العونيون إلى تعرضهم في عدة مناسبات لما يشبه الحظر، وخمود نشاطهم السياسي «كأن العهد السوري ما زال قائماً».

في المقابل يشيد مسؤول «القوات اللبنانية» في عكار العميد وهبة قاطيشا بما حققته القوات خلال السنة الأولى من وجودها في عكار، بعدما كان محظوراً عليها القيام بأي نشاط أو اجتماع، خلافاً لبعض القوى السيادية الأخرى. وتنشغل القوات هذه الأيام وفقاً لقاطيشا بالتنظيم الداخلي و«التأطير» من المنسق حتى آخر عضو في الحزب. وتحاول تخطي الصعاب الجغرافية، ومشكلة التواصل والاجتماع مع العكاريين القواتيين الكثر الذين يسكنون في بيروت وجبل لبنان. ويشيد العميد المتقاعد بالجو العكاري العام المؤيد لقوى 14 آذار الذي يؤمن حرية العمل لجميع «الكادرات»، ويسمح بتوسع القوات بشكل شبه استثنائي في البلدات المسيحية، مستفيداً من إقبال اندفاع الشباب الذين يتأثرون بنضال الحزب وتضحيات رئيسه. ويكشف قاطيشا عن «طلب عكاريين سنّة كثر الانضمام إلى حزب القوات اللبنانية، وقبول هؤلاء في صفوف القوات ينتظر الإقرار النهائي لنظام القوات اللبنانية الداخلي».

ووسط هذا الوضع السياسي المضطرب في عكار، سجلت عودة نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس إلى الحياة السياسية ــــــ الخدماتية في المنطقة عبر إعادة فتح مكاتبه رغم بقائه شخصياً في الخارج. وهي خطوة تراها مصادر المعارضة في عكار أساسية باتجاه قلب موازين القوى في عكار، فيما يجدها أحد النواب من دون معنى، وخصوصاً بعد أن اختبر العكاريون «من يخدمهم من دون غاية ومن يُطل عشية الانتخابات ويرحل عند أول اختبار صعب، تاركاً شعبه وراءه».