تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : منهج الفساد في سورية.. خطوط.. دوائر وزوايا جزء من حكاية



admin
03-17-2007, 03:05 AM
منهج الفساد في سورية.. خطوط.. دوائر وزوايا جزء من حكاية

بقلم: حسن الهويدي *

كنت صغيراً في قرية نائية تقع على ضفاف نهر البليخ، حافي القدمين عاري الجسد
بعد أن جردت الثورة والدي من أملاكه كونه "إقطاعي"، إلا إن عائلتي لا زالت
حينها تحافظ على وزنها الاجتماعي الذي لم يستطع البعث سحقه رغم كل المحاولات،
وهذا يعود إلى طبيعة المنطقة والانتماء العشائري، كان لعائلتي "مضافة" كبيرة
الحجم تطل على منطقة زراعية واسعة الامتداد، مما يجعلها تجذب سكان القرية
للجلوس على شرفتها، منهم البعثيون، والامنيون ودوريات المخابرات.

أما الدرك فكانوا يأتون علي خيول عربية يمتطونها، متجهين إلى المضافة كونها
الجامع الوحيد لأبناء القرية لرؤية المختار أو إبلاغ احد الأهالي أمرا، أو
لاستدعاء البعض من شباب القرية للجندية، كانوا يطلقون على أنفسهم الدرك بينما
الأهالي يطلقون عليهم (أبو عريف) وهو مرض يصيب الطيور عند الأهالي وتنفق معظمها
نتيجته، وهو ما يشبه الآن (أنفلونزا الطيور) الذي لم يصل إلى سورية بل إلى
منطقتنا رغم أنها قريبة جداً من المناطق التركية المصابة؟؟..

كانوا – الدرك - الذين تحولوا مع مصطلحات الثورة إلى شرطة وبدلوا الخيول
العربية بسيارة جيب خضراء اللون مكشوفة السقف، يفرضون على أهالي المطلوبين
المبلغين، لغض الطرف عنهم، أن يطهوا لهم وجبة من الطعام وهي منسف من لحم ديوك
الدجاج على شرف الدرك والرفاق البعثين ومختار القرية. أما في موسم الحصاد
والأعياد الدينية فيأتون لأخذ الإتاوة، التي يطلقون عليها اسم (الشرية) (1)،
ومن بعدها تحول إلى مصطلح وباسم جديد (البقشيش) (2)، ثم (الإكرامية) وهذا
الأخير هو المصطلح الأكثر تماسا ومداعبة لجغرافيا المشاعر في المنطقة كونه
اشتقاق من كلمة (كرم) الأصلية.

لم يمض على الثورة سوى بضع سنوات، حيث بدأ الفساد يدب في حياة الناس العامة،
بدأ بالديك وسار بهدى (التقرير) ليتطور ويصل إلي مقاعد الدراسة التي كنت احد
طلابها في المرحلة الابتدائية.

كان المعلمون يعتاشون على نفقة أهل القرية، من كساء وطعام وكان معظم المعلمين
يجتمعون مع الأهالي في المدرسة بعد انصراف الطلاب. لم نكن نغادر المدرسة بل
نجلس خلف النوافذ نسمع الحديث الذي يدور بين المعلم الرفيق، "والرفاق" وكلمة
رفيق انتشرت وشاعت بين سكان القرية، وإذا لم تخني الذاكرة، فقد كان معظم الحديث
عن عائلتي الإقطاعية وكيفية التصدي لها، وأن الرفاق هم أبناء هذا الوطن
الاشتراكي، وأبناء الثورة وحماة القائد والوطن بينما كنا نحن في محاور أحاديثهم
"عملاء الرجعية والاستعمار والرأسمالية"، وأن والدي وأقاربي هم الذين "يمتصون"
عرق وجهد ودماء الفلاحين، وكان دائما يطرح الشعار الشهير (الأرض لمن يعمل بها).

هذا المعلم الذي كان يطلب مني بالأمس القريب أن اجلب له الطعام والخبز واللبن
والبيض الغطاء والفراش النظيف من منزل والدي، الفراش الذي كان يرغب في أن ينام
عليه، والطعام الذي يتلذذ بمذاقه، ويرفض أن ينام على أغطية وفرش رفاقه البعثيين
من فلاحي القرية وكان يقول أنها قذرة، ووسخة للغاية.

مع نهاية العام الدراسي يغادر إلى بلده محملاً بغنائم علمه ومحاضراته الحزبية
من الجبن والصوف والسمن العربي، يتم توديعه على عربة يجرها حصان حتى الطريق
الرئيس الذي يبعد مسافة عن القرية، مؤكدا عليهم السير بمسيرة الثورة وأنه سوف
يأتي في العام القادم حتى يكمل المشوار معهم.

كنا ننتظر سيارة عابرة تقل معلمنا إلى المدينة مرت شاحنة كبيرة على متنها رجال
وعلم البعث يرفف من حولهم يهتفون بأصوات مرتفعة (يا إقطاعي منك منا شيل جلالك
وارحل عنا) (3)، والجبن والصوف على ظهر العربة، ينتظران الرحيل إلى مدينة أخرى،
هكذا بقي الحال إلى ان انتقلت الى المدينة لكي اكمل دراستي الإعدادية، المدينة
التي هي اكبر وأوسع من قريتي إلا أنها أشبه بقرية كبيرة.

عام دراسي جديد من الاحتفالات بأعياد الثورة المجيدة لا يمضي شهر أو أسبوع إلا
ونحتفل بمناسبة عيد أو زيارة مسؤول، يتم حجز الحافلات من باصات الهبوب هوب
والجرارات وشاحنات القطاع العام والخاص لنقل المحتفلين من كل قرية كبيرة
وصغيرة، عمالا وفلاحين وطلبة وموظفين، فُتحت الاعتمادات المالية للدوائر
الحكومية على مصراعيها، وتُصرف الأموال دون حسيب أو رقيب ويتم ذلك على يد لجان
المشتريات، لشراء الأعلام والصور واللافتات والزينة الضوئية، تكلفة اللافتة
الواحدة التي تتراوح إبعادها مابين عرض 60 سم وطول ثلاثة أمتار مبلغ وقدرة
ألفان وحمسائة ليرة سورية، والصورة المرسومة بألوان زيتية مرسومة على قطعة
كبيرة من القماش تكلفتها من عشرة الاف الى خمسة عشر الفا من الليرات السورية

بعد زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لإسرائيل، لم يكن يمر أسبوع في الشهر الا
ونخرج بمسيرة استنكار، ضد زيارته، تتعطل الدروس كافة، وقبل ايام من خروجنا بتلك
المسيرة، باستثناء درس "التربية العسكرية" حيث يتم تدربينا على النظام المنظم
وحفظ الشعارات التي نلتزم بترديدها، وإلزامنا بحمل الصور وتسليمها بعد انتهاء
المسيرة لمكتب التربية العسكرية، في مبنى اتحاد "شبية الثورة" خوفا من هروب بعض
الطلبة أثناء المسيرة، حتى الحمار الذي كانوا يجلبونه ليشاركنا المسيرة كان
مأجورا، الحمار الذي يلصقون على جسده صورا وعبارات تنعت (السادات) بخائن وصوت
مطربة البعث (دلال الشمالي) يطرب مسامعنا. فيطفوا على السطح مصطلح جديد (حج
قاسم ناصيف) (4) الذي رافق حياتنا لسنوات كمواطنين يدس يده في جيوبنا الفارغة
وبطوننا الخاوية.

لم يتحقق العيش الهنيء والحرية والرفاه والعدالة الاجتماعية، كما ودعتنا
الثورة، تحرير الجولان وفلسطين ولواء اسكندرون وعربستان من اولياتها، ورفع شعار
(التحرير والتصحيح) ها قد مرت من حياة المجتمع السوري اربعون عاما، وهو يرزح
تحت قوانين الثورة الاستثنائية، كقانون" الطوارئ والاحكام العرفية"، كوننا
البلد الوحيد المعني بتحرير الارض والبشر، والعمل على تحقيق أهداف الثورة في"
الوحدة والحرية والاشتراكية"، بينما بقي الفساد ينخر بنا من كل نحو وصوب، وزاد
الفقير فقرا، ورعاة الفساد ازدادوا ثراء، هل لنا أمل بعد غابت عن مناهج
"التربية الوطنية"عربستان واللواء السليب، هل لنا أمل في مسيرة التطوير
والتحديث.

وكم من عديد السنين علينا الانتظار؟؟؟؟..
__________
* كاتب سوري

الهوامش:
(1) الشرية: هي كمية من القمح تعطى اثناء موسم الحصاد.
(2) البقشيش: مبلغ من المال يقدم كرشوة بعد انجاز أي عمل في دائرة حكومية.
(3) (يا إقطاعي منك منا شيل جلالك وارحل عنا) دعوة لطرد الاقطاع من بلدهم
وأرضه.
(4) (حج قاسم ناصيف) مصطلح لتقاسم الأموال مناصفة.

ابن خلدون
03-19-2007, 11:20 PM
لقد عانت طرابلس اكثر من غيرها من جرائم حثالة البشر الذين حاصروها لثلاث شهور وقتلوا الف شخص فيها ورموا 2500 قذيفة عليها وقاموا باغتيال خيار ابطالها ومنهم ابو عربي خليل عكاوي الذي كان يساعد الفقراء والمحتاجين ... اصبري يا طرابلس فالفرج أتي

هنا الحقيقه
03-19-2007, 11:27 PM
سنين طوال في عمر ابلشر ولكنها ايام في عمر مدينه شامخه اقدم مدن الارض

دمشق العزيزه

حتى قيل ان الشام
مشهوره بال طاءات الثلاث

الطاعه
والطعن
والطاعون

فانهم طائعون لاولي الامر من يجدوه خير ولي امر وان لم يجدوه كذلك فالويل والثبور له حتى قيل لم يستوي الامر لمعاويه الا بطاعة اهل الشام له

والطعن فانهم اشداء في ساحات الوغى حتى ان الامام علي تمنى ان يصرف جيشه باهل الشام الدينار بالدرهم

والطاعون وهذه البلوى تشتهر بها الشام من قبل طاعون عمواس وبعده


حمى الله الشام ورجالها الذي باركهم الله وكانوا خير جند في الاسلام