تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بري ـ الحريري يواكبان استعجال الرياض: الضمانات المتبادلة أولاً



الحسني
03-10-2007, 07:08 AM
بري ـ الحريري يواكبان استعجال الرياض: الضمانات المتبادلة أولاً
(الأخبار 10/3/2007 م)

رغم الانطباعات الإيجابية التي أبرزتها زيارة رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري إلى رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة مساء الخميس، فإن فحوى المداولات لم يبيّن إحراز تقدم ملموس سوى في كسر جدار القطيعة الشخصية المستمرة منذ أشهر، وظلّ كل منهما على مواقفه. وضاعف من هذه المراوحة استياء بري أمس من دعوة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مجلس الوزراء إلى الانعقاد اليوم للبحث في تأليف الوفد الرسمي اللبناني إلى القمة العربية في الرياض يوم 28 من هذا الشهر. حمل ذلك رئيس المجلس على الاتصال بالسفير السعودي عبد العزيز خوجة والإعراب له عن انزعاجه من تصرّف السنيورة الذي بدا في توقيت خاطئ وكأنه تعمّد عرقلة نتائج الاجتماع الليلي في عين التينة.

وبحسب المطلعين على موقف بري، فإنه كان في وسع السنيورة التمهّل قبل دعوة مجلس الوزراء للبحث في هذا الموضوع، وخصوصاً أن الوقت لا يزال متاحاً قبل انعقاد القمة العربية للإفساح أمام نجاح الحوار الثنائي وإخراج البلاد من مأزقها. والواضح أن الإعلان عن تأليف وفد لبناني رسمي ثان إلى الرياض يفتح باباً للسجال الداخلي كون رئيس الحكومة لم يتلقَ حتى الساعة دعوة رسمية من العاهل السعودي الملك عبد الله للمشاركة في القمة العربية. واستناداً إلى جهات واسعة الاطلاع، فإن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء السعودي عبد الله الزينل كان قد تمنى على الرئيس إميل لحود في 26 شباط المنصرم، وهو يسلمه الدعوة إلى القمة العربية، أن يحصل اتفاق لبناني على تأليف وفد لبناني موحّد لتجنيب المملكة توجيه دعوتين رسميتين إلى طرفين متنازعين، في تصرّف غير مألوف في العلاقات القائمة بين الدول على غرار ما حصل في قمة السودان آذار 2006.

وتشير الجهات نفسها إلى احتمال أن تعمد الرياض، في وقت لاحق، إلى توجيه دعوة رسمية للسنيورة إذا أخفق الاتفاق على تأليف وفد لبناني واحد. الأمر المرجّح حصوله بسبب تمسّك رئيس الجمهورية بموقف اعتبار الحكومة الحالية غير دستورية، مما يعفيه من ضمّ السنيورة إلى عداد الوفد الذي سيترأسه.

وترجمةً لاستياء بري حصلت سلسلة اتصالات شارك فيها أكثر من طرف لبناني وغير لبناني تجنباً لوضع عراقيل في طريق حوار عين التينة، وأرجأ السنيورة جلسة مجلس الوزراء إلى الثلثاء المقبل.

لكن ذيول ما حصل أمس لم تحجب أهمية معاودة فريقي النزاع، قوى 14 آذار والمعارضة، الحوار المباشر وإن من غير التوصّل سريعاً إلى النتائج المتوخاة. على أن المطلعين على فحوى ما قاربه بري والحريري يشيرون إلى المعطيات الآتية:

1 - اتفاق الرجلين على عقد اجتماع ثان لمواصلة مناقشاتهما قريباً جداً.

2 - طرح رئيس المجلس أمرين هما إدخال تعديلات جوهرية على بعض أحكام مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتأليف حكومة وحدة وطنية بثلث زائد واحداً للمعارضة وفق معادلة 19 + 11. في المقابل لم يُبدِ الحريري تجاوباً مع الشق الثاني من مطالب بري متمسكاً بمعادلة 19 + 10 + 1، ومطالباً بضمانات لإقرار مشروع المحكمة الدولية من غير أن تحقق التعديلات المقترحة الغاية الجوهرية لها والأهداف المتوخاة منها. بذلك يكون الحريري قد سجّل موقفاً متقدّماً في الموافقة على إدخال تعديلات على المشروع.

ويبدو وفق المطلعين أنفسهم أن المرحلة التالية من حوار الرجلين ستتركز في المقام الأول على المقصود بـ«التعديلات الجوهرية» التي طالب بها رئيس المجلس باسم المعارضة، فيما لا تزال هذه تحجبها عن الغالبية الحاكمة حتى الساعة، وتصرّ على اعتبارها جزءاً من مناورتها السياسية، ولا تكشف عنها إلا على طاولة اللجنة المشتركة المعنية بمراجعة مشروع المحكمة الدولية.

3 - توصّل الزعيمان المتحاوران إلى اقتناع، مفاده حاجة كل منهما إلى ضمانات متبادلة سواء لإقرار المحكمة الدولية أو لتأليف حكومة وحدة وطنية تعزز المعارضة مشاركتها فيها، فلا تكون استجابة أحد هذين المطلبين على حساب الآخر. وكذلك حاجتهما إلى معالجة الثقة المفقودة بين الغالبية والمعارضة من أجل أن يطمئن كل منهما الآخر.

4 - يتجه كل من بري والحريري، بعد اجتماعهما الثاني، إلى الخوض في تفاصيل ملفي المحكمة الدولية وحكومة الوحدة الوطنية، على أن يصدر عنهما «إعلان نيات» يحتوي على الضمانات المتبادلة لحل متوازن يكفل وصول كل منهما إلى ما يلحّ عليه في التسوية.

5 - دار الحوار تحت وطأة إصرار سعودي على اجتماع طرفي النزاع وتوصّلهما إلى تسوية سياسية داخلية على عجل. وبحسب معلومات مستقاة من مصادر دبلوماسية عربية في بيروت، فإن الرياض تضغط في اتجاه تحقيق اتفاق لبناني ـ لبناني يعلن عنه قبل انعقاد القمة العربية في المملكة يوم 28 آذار الجاري. وبحسب المعلومات نفسها ألحت الرياض على الحريري للدخول في حوار مباشر مع رئيس البرلمان توصّلاً إلى هذا الهدف، على أن تأخذ هي على عاتقها معالجة أي موقف معارض للتسوية يصدر عن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. أما بالنسبة إلى المعارض الآخر المتصلب وحليف الحريري، وهو رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، فإن المملكة تقارب موقفه بتجاهل ولا مبالاة تاركة لسواها معالجة اعتراضه، ومعوّلة بشكل رئيسي على تأييد الزعيمين السني والدرزي لتسوية يصرّ العرش السعودي على أن تكون متوازنة ومتكافئة.

على أن بضع إيجابيات خرج بها اجتماع بري والحريري لا تُسقط واقع أن الطرفين قد لا يكونان مستعجلين بالضرورة حصول التسوية. وإلى إدراكهما حجم المآزق التي تتخبط فيها الغالبية والمعارضة على السواء، وعجز كل منهما على حسم الصراع بمفرده ولمصلحته، فإن المطلعين على فحوى الاجتماع لمسوا أن كلاً من بري والحريري لم يُرد منه إلا تبريد الاحتقان السياسي وإمرار الأسابيع الفاصلة عن قمة الرياض بهدوء من غير تحقيق اتفاق فعلي على تسوية يُدخل عليها، يوم بعد آخر، استحقاق رئاسة الجمهورية مزيداً من الحدة.