تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الفوضى "الهلاّكة"



مقاوم
03-06-2007, 08:24 AM
الفوضى "الهلاّكة"
د. فيصل القاسم (http://www.grenc.com/author_main.cfm?id=150)



Sunday 04-03 -2007
لست معنياً كثيراً باللفظ العربي للخطة الأمريكية المسماة "الفوضى الخلاقة"، وما يعنيني فعلاً هو كيف يلفظها الأمريكييون بلكنتهم الأنجليزية، فهو الأصح والأكثر تعبيراً عن فحوى الخطة ومراميمها، فنظراً لأن اللغة الانجليزية لا تحتوي على حرفي الخاء والقاف، فإن الاستراتيجي الأمريكي مضطر، وهو يلفظ ذلك المصطلح، لأن يستبدل حرف الخاء بـ الهاء والقاف بـ الكاف، فتصبح "الفوضى الهلاكة"، أي التي تؤدي إلى الهلاك. وهذه ليست المرة الأولى التي يفصح فيه واضعو السياسات الأمريكية، ، عن أهدافهم الحقيقية من دون قصد. فعندما كانت وزارة الدفاع الأمريكية تحضّر لغزو العراق طلبت من جهازها الإعلامي والمعنوي أن يضع لها عنواناً براقاً لعملية الغزو، فسموها Iraq Liberation " " Operation ، لكن سرعان ما انتبه الخبثاء في الوزارة إلى أن الأحرف الثلاثة الأولى لـ"عملية تحرير العراق" تشكل كلمة Oil""، أي النفط، وهو الهدف الحقيقي من وراء الغزو، وليس التحرير، فسارعوا إلى تغييرها كي لا ينفضح أمرهم من البداية. وكذلك الأمر، على ما يبدو، بالنسبة لمصطلح "الفوضى الهلاكة"، فهي، كما ظهر لنا حتى الآن، لم تخلق لنا سوى الموت والدمار والهلاك.


لم تعد الخطة الأمريكية أعلاه للاستهلاك الإعلامي، بل أصبحت حقيقة مرعبة واقعة على الأرض، من لبنان إلى البحرين إلى الكويت إلى السعودية واليمن والصومال، فضلاً عن العراق وقبل ذلك إيران وتركيا. فليس صحيحاً أبداً أن الرئيس الأمريكي يتخبط في سياساته الشرق أوسطية، بل على العكس تماماً، فخططه تسير على قدم وساق، حسب ما هو مرسوم لها.

لقد حك المخططون الأمريكيون رؤوسهم وتساءلوا: كيف يمكن لنا أن نشعل فتيل الفوضى والاقتتال والتناحر في الشرق الأوسط كي نمرر سياساتنا المنشودة؟ هل نحرض الشعوب على الحكومات؟ بالطبع لا، فهذا ليس في مصلحتنا ولا في مصلحة حلفائنا الحاكمين، ناهيك عن أن النضال السلمي والمدني ضد الحكومات في العالم العربي صعب للغاية، فما بالك بالعنفي. وجدتها، وجدتها، صاح المخطط الاستراتيجي الأمريكي: ما هو أكثر الاسلحة تدميراً في تفجير المجتمعات العربية والاسلامية، ونسف استقرارها، وتعطيل تنميتها ونهضتها؟ إنه السلاح الايديولوجي الذاتي: المذهبي والطائفي، أي سلاح استغلال الدين في الألاعيب السياسية، كما يجادل زين العابدين الركابي في مقال رائع له. "لنحدث إذن حروباً أهلية على أسس مذهبية وطائفية وسلطوية، فهي كفيلة بتمرير كل مشاريعنا ومخططاتنا دون أن نطلق رصاصة واحدة". ويبدو أن مبتكري نظرية "الفوضى الخلاقة" ومهندسيها قد سجلوا هدفاً في هذا المجال. صحيح أنهم لم يصنعوا اللغم المزلزل القاتل، ولكنهم وظفوه في خدمة نظريتهم، والا كيف تكون الفوضى؟ وبم يتحقق التفجير؟


ولو أخذنا ما يحدث في العراق مثالاً لوجدنا أن المشروع الأمريكي هناك لم يغرق في المستنقع العراقي، كما يشيع البعض، بل على العكس يحقق معظم أهدافه. لقد انتقد الكثيرون قيام الحاكم الأمريكي بحل الجيش العراقي وما تبعه من انهيار وفلتان أمني وحرب أهلية. وقد تظاهر بعض الأمريكيين أنفسهم بأنهم أخطأوا في حل الجيش. لكن حل الجيش في واقع الأمر لم يأت اعتباطياً أبداً، بل كان مقدمة مطلوبة لما آل إليه وضع العراق الآن.

لقد كان هدف إسرائيل منذ زمن بعيد تقسيم العراق إلى كانتونات حسب وثيقة "كيفونيم" الشهيرة. وها هي الآن تحقق ما حلمت به قبل عشرات السنين بمساعدة آل الحكيم والجعفري والجلبي والعلاوي والبرزاني والطالباني. هل كان هذا التقاتل الطائفي والمذهبي ليتحقق لولا حل الجيش العراقي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من خطة "الفوضى الهلاكة"؟ بالطبع لا. صحيح أن المقاومة العراقية أدمت أنف الغازي الأمريكي، لكن متى كان نزيف الأنف قاتلاً؟ هل كانت واشنطن تريد أكثر مما حققت في العراق حتى الآن، ربما، لكن الذي تحقق لها حتى هذه اللحظة يعتبر إنجازاً كبيراً جداً بمفهوم الغزو. فلم يعد العراق يشكل أي تهديد يذكر لا للدولة العبرية ولا للمصالح الأمريكية في المنطقة. وهذا إنجاز تاريخي بكل المقاييس بالنسبة لأمريكا وإسرائيل، خاصة وأن أمريكا نجحت أخيراً في تحييد المقاومة العراقية وتحويل "جهادها" إلى حرب مذهبية، كما أظهرت تقارير "الغارديان" البريطانية الأخيرة، أي أن الحرب أصبحت في بعض جوانبها أهلية، وليست ضد المحتل.


وحدث ولا حرج عن الوضع في لبنان، فهو يسيرفي الاتجاه المرسوم له أمريكياً حسب نظرية "الفوضى الهلاكة"، فقد غدا الحديث عن الصراع الطائفي والمذهبي أمراً يومياً بعد أن كان من المحرمات قبل ظهور النظرية الأمريكية سيئة الصيت. وكما في العراق، بدل أن تتوجه البنادق إلى قلب الأعداء الخارجيين غدت موجهة إلى قلب الخصوم الداخليين، تماماً كما ارتأت "الفوضى الهلاكة".

وفي فلسطين، نحج محمد دحلان في تنفيذ مخطط الفوضى على أكمل وجه عندما صاح بأعلى صوته أنه مستعد أن يرد الصاع صاعين لحماس وخصومه الآخرين، كما لو أن الذي يحتل فلسطين هي حركات المقاومة. وبدورها بدلاً من أن تهتم قوى المقاومة بمقاتلة المحتل انخرطت في لعبة التصارع الداخلي، كما حدث مع حزب الله في لبنان، وكأن إدخال حركة حماس في "اللعبة الديموقراطية" ومن ثم فوزها في الانتخابات وتسلم السلطة كان مجرد وصفة من وصفات "الفوضى الهلاكة" كي تصل الإمور إلى ما وصلت إليه من تناحر وطني يخدم المشاريع الأمريكية والإسرائيلية خير خدمة.


صحيح أن مكونات الطبخة الأمريكية الإسرائيلية الفوضوية في فلسطين لا تقوم على أسس مذهبية وطائفية كما في العراق ولبنان، إلا أن الجانب العقدي ليس بعيداً عنها، فحركة حماس مثلاً تـُعتبر، في المفهوم الأمريكي، إحدى فصائل التطرف الديني في المنطقة، وإذا تعذر وجود المعادل المذهبي والطائفي لها في فلسطين فلا بأس أن يكون خصمها فصائلياً. فلا يهم طالما أن النتيجة واحدة:"الفوضى الهلاكة".

ولم ينس منظرو "الفوضى الهلاكة" السودان، فعندما وجدوا أن النزاع العقدي بين الشمال والجنوب قد تمت تسويته من خلال اتفاقية نيفاشا، رأوا أن لا بد من إثارة فوضى جديدة في دارفور على أساس عرقي لأنه يتعذر إثارة شقاق طائفي أو مذهبي في المنطقة، كون سكان دارفور مسلمين وحافظين للقرآن الكريم. لهذا بدأوا يعزفون على وتر الصراع بين العرب والأفارقة. ومن سخرية القدر فإن النزاع في دارفور يقوم الآن على أساس لون البشرة بين العرب ذوي السُمرة الفاتحة والأفارقة ذوي السُمرة الغامقة. ولا ننسى التضييق الذي بدأت تمارسه بعض الدول الأفريقية كالنيجر وتشاد على القبائل العربية هناك. وقد وصل الأمر بحكومة النيجر قبل أشهر إلى إصدار أوامر بترحيل قبيلة المحاميد العربية من البلاد دون سابق إنذار، وذلك تطبيقاً للمشروع الأمريكي القاضي باللعب على التمايزات العرقية والقومية في أفريقيا.


صحيح أن "الفوضى الهلاكة" لم تتجذر بعد في الدول العربية الأخرى، لكنها تبقى ناراً تحت الرماد، ولا تحتاج سوى إعطاء الإشارة الأمريكية لللاعبين حتى يبدوأ الكارثة، خاصة وأن مجتمعاتنا تقف على برميل بارود بسبب السياسات الإقصائية الظالمة التي اتبعتها بعض الأنظمة الحاكمة بمباركة أمريكية منذ عشرات السنين، وكأن الأمريكيين كانوا يشجعون ذلك النوع من السياسات العربية التفتيتية الرهيبة للحظة المناسبة كي يستغلوها في عملية تفجير المجتمعات العربية من الداخل لتمرير سياساتهم ومخططاتهم المرسومة منذ زمن بعيد.

نور1
03-06-2007, 09:17 AM
المحللين السياسيين يسموّنها أيضا" " الفوضى البنّاءة"

فسأل أحد: كيف فوضى و كيف بنّاءة ؟؟!!!

الجواب: اذا تعمقّنا جيدا" بتحليل المفردات نرى أن معنى " فوضى بنّاءة" و هي ليس البناء , بل يعني فوضى محكمة (ضّمة على الميم) يعني لا مفر منها !

شكرا" أخي المقاوم على الموضوع.

FreeMuslim
03-06-2007, 09:25 AM
الطامة الكبرى ليست بالمشروع الأمريكي الذي يهدف وهذا ليس غريباً عليه إلى تفتيت الأمة وشق صفها المشقوق أصلاً وإنما بأولئك اللاعبين المحليين المنخرطين حتى النخاع بهذه المشاريع التدميرية ..

ولذا فمن أراد إفشال المشروع الأمريكي عليه القضاء على هؤلاء اللاعبين ..

من هناك
03-06-2007, 07:51 PM
حلو اللعب على الكلام

FreeMuslim
03-07-2007, 04:04 AM
حلو اللعب على الكلام


ولكن هذه هي الحقيقة أخي بلال فهم من سماها الفوضى البناءة المطلوب إيجادها لتنفيذ مشروعهم المسمى " الشرق الأوسط الجديد "

مقاوم
03-07-2007, 04:49 AM
أظن أننا ننتفع لو وقفنا قليلا عند هذا المصطلح البدعة

فوضى بناءة

لأول وهلة يخيل للقارئ أن هناك تناقض بين الكلمتين contradiction in terms
ولكن هي من حيث أرادها المستعمر صحيحة تماما. فالفوضى تعطيه كل أسباب
التدخل والاحتلال ونهب الثروات واللعب بمصير الشعوب بما يلائم مصالحه وهذا
من منظوره بناءٌ جدا!!