من هناك
03-06-2007, 01:47 AM
ستيفانو كياريني.. لم يترك الفلسطينيين لوحدهم
مونيكا: الموت غيّر عادته السنوية باختراع الأمل
لعب التنس مرة أخيرة. قفز وضحك مع ابنه لوتشو، واستمتع بإقامته «الاجبارية» في المنزل، لمدة أسبوع ، بعد أن وقع وأصيب في رجله في الأول من شباط الماضي.
لم تسع الصحافي الايطالي الذي ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية ستيفانو كياريني (55 عاما) الدنيا فرحا، الآن لديه فرصة الهرب من زحمة العمل اليومي، والالتصاق بابنته توليا (12 عاما) ولوتشو (8 سنوات) وزوجته ايلينا.
لم تنجح هذه الاجازة القسرية في سرقته من أحضان العمل، ولاسيما بعدما حصلت لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، التي يرأسها، على ترخيص مؤخرا. ولكن الابتسامة خانته، وخانت العائلة كلها. بعد ايام قليلة، في الثالث من شباط، انتهى المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جريدة «المانيفستو» الايطالية اليسارية، ومؤسس منتدى فلسطين في روما، من كتابة مقالة عن العراق، داعب ابنه، ونام نومته الأخيرة إثر نوبة قلبية حادة.
العيون المغمضة، والجفون الهادئة لا تهتز مع صراخ لوتشو «أبي أعرف أنك نائم، انهض، أرجوك انهض». لم يسمع كياريني هذه الكلمات. وإن سمعها، فكُتب له أن يفشل في الاستجابة معها. يومها رحل ستيفانو، وترك ثلاثة «أيتام» غير لوتشو وتوليا. ترك شركاءه وأصدقاءه في اللجنة، الصحافية ستفانيا ليوتي، الصحافي والكاتب موريتسيو موزولينو والمخرجة الألمانية مونيكا مورير. وترك إيلينا وحيدة، توصي الشركاء باكمال درب واحلام زوجها الراحل، بالاهتمام بالقضية الفلسطينية والعراقية وحتى لبنان، لحين يكبر أولاده، ويشاركوهم العمل.
اليوم مونيكا هنا في لبنان، لمتابعة عمل اللجنة، وللتحضير للذكرى الخامسة والعشرين للمجزرة صبرا وشاتيلا في 14 أيلول المقبل، آتية من إيطاليا الى سوريا، حيث شاركت في ندوة نظمها مثقفون وناشطون سوريون في مركز الغد، تكريما لستيفانو. ومن سوريا الى هنا.
تجلس في مكاتب «السفير»، متذكرة وجه ستيفانو في المرة الأخيرة، بشوشا تتحرك فيه ابتسامة صافية، راسما بأصابعه حركة منتظمة تدور مع المسبحة و تلتف مرارا.
تغرق مونيكا في الحديث عن ستيفانو الصحافي والمثقف، «الذي يختزن كما هائلا من المعلومات، وقدرة رائعة على الاحساس بالكلمة». تجدها تبتسم وهي تحرك نظرها بشكل سريع، وكأنها تبحث عنه الى جانبها. ثوان تمر، وتعود الى الواقع، لتروي دقته في وصف أي مشهد في العراق، لبنان، فلسطين، وايرلندا».
لا تبدو مونيكا كمن يبذل مجهودا في كبت دمعة تذرف على صديقها، ترفع كفها الى شفتيها، تضغط قليلا على فمها، وكأنها تمنع صرخة من العبور. يُسمح للدمعة فقط أن تنساب مع حديثها عن من لم يصدق قلبها ولا عقلها رحيله المفاجئ. بالنسبة لها «رحل من نجح حيث فشل آخرون. رحل من نجح في جمع وتوحيد أشخاص من بيئات وحضارات مختلفة حول حق المقاومة ودعمها وحول القضايا الانسانية بشكل عام، من دون أي تحيز أو تعصب».
فقدت اللجنة «الرباعية» ركنها الأساسي، المناضل الذي أصر على اعادة حق العودة الى الواجهة بعد أن شارف على الاختفاء إثر اجتماعات أوسلو.
فقد الفلسطينيون صديقا مقربا لهم، وفقدت المخيمات زائرا لم يخلف موعد زيارته السنوية اليها على مدى ست سنوات متواصلة، ولاسيما مخيم شاتيلا. باحثا دائما عن جديد يقوله عن هذه القضية. وكان دائما ينجح في بحثه. في كل زيارة، يغرق في تفاصيل جديدة تصدمه، فيحملها في حقيبته، وفي أفكاره، ويصبها كنضال في مقالاته في إيطاليا. المقاومة، الانتفاضة، القتل اليومي، الارهاب المتواصل، الحرب الأزلية، هذه كلها قضايا سرت في حبر قلمه.
والأهم، كان نضاله ضد النسيان. الذاكرة أولا، وضع المجزرة نصب الأعين دائما، كي لا ننسى. هذا هو الهدف الاول ومنه الانطلاق.
تقول مونيكا أن أولوية اللجنة الآن، الابقاء على الروحية المميزة للعمل، من متابعة الحوارات وتذكير العالم دائما بالمجزرة، التي كان ستيفانو يعتبرها أكبر مجزرة في التاريخ الحديث ولم يعلم أحد بها، بالاضافة الى اكمال النشاط في ايطاليا، واطلاع الايطاليين على احوال الفلسطينيين واصحاب القضية. وثانيا تكثيف الجهود للعمل على انشاء مدرسة في الجنوب لمعالجة الأطفال المصابين بأمراض نفسية.
ويقول قاسم عينا «المنسق العام للجمعيات الأهلية العاملة الفلسطينية في لبنان»، والداعم للجنة «كي لا ننسى صبرا و شاتيلا» ورئيس «بيت اطفال الصمود» أن الذكرى هذه السنة، ستكون بـ «نكهة اضافية. فستيفانو غائب عنها، ولكنه من عناوين المناسبة هذه السنة، وله ايضا ستكون الصلاة وأكاليل الأزهار والكلمات».
مونيكا: الموت غيّر عادته السنوية باختراع الأمل
لعب التنس مرة أخيرة. قفز وضحك مع ابنه لوتشو، واستمتع بإقامته «الاجبارية» في المنزل، لمدة أسبوع ، بعد أن وقع وأصيب في رجله في الأول من شباط الماضي.
لم تسع الصحافي الايطالي الذي ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية ستيفانو كياريني (55 عاما) الدنيا فرحا، الآن لديه فرصة الهرب من زحمة العمل اليومي، والالتصاق بابنته توليا (12 عاما) ولوتشو (8 سنوات) وزوجته ايلينا.
لم تنجح هذه الاجازة القسرية في سرقته من أحضان العمل، ولاسيما بعدما حصلت لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، التي يرأسها، على ترخيص مؤخرا. ولكن الابتسامة خانته، وخانت العائلة كلها. بعد ايام قليلة، في الثالث من شباط، انتهى المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جريدة «المانيفستو» الايطالية اليسارية، ومؤسس منتدى فلسطين في روما، من كتابة مقالة عن العراق، داعب ابنه، ونام نومته الأخيرة إثر نوبة قلبية حادة.
العيون المغمضة، والجفون الهادئة لا تهتز مع صراخ لوتشو «أبي أعرف أنك نائم، انهض، أرجوك انهض». لم يسمع كياريني هذه الكلمات. وإن سمعها، فكُتب له أن يفشل في الاستجابة معها. يومها رحل ستيفانو، وترك ثلاثة «أيتام» غير لوتشو وتوليا. ترك شركاءه وأصدقاءه في اللجنة، الصحافية ستفانيا ليوتي، الصحافي والكاتب موريتسيو موزولينو والمخرجة الألمانية مونيكا مورير. وترك إيلينا وحيدة، توصي الشركاء باكمال درب واحلام زوجها الراحل، بالاهتمام بالقضية الفلسطينية والعراقية وحتى لبنان، لحين يكبر أولاده، ويشاركوهم العمل.
اليوم مونيكا هنا في لبنان، لمتابعة عمل اللجنة، وللتحضير للذكرى الخامسة والعشرين للمجزرة صبرا وشاتيلا في 14 أيلول المقبل، آتية من إيطاليا الى سوريا، حيث شاركت في ندوة نظمها مثقفون وناشطون سوريون في مركز الغد، تكريما لستيفانو. ومن سوريا الى هنا.
تجلس في مكاتب «السفير»، متذكرة وجه ستيفانو في المرة الأخيرة، بشوشا تتحرك فيه ابتسامة صافية، راسما بأصابعه حركة منتظمة تدور مع المسبحة و تلتف مرارا.
تغرق مونيكا في الحديث عن ستيفانو الصحافي والمثقف، «الذي يختزن كما هائلا من المعلومات، وقدرة رائعة على الاحساس بالكلمة». تجدها تبتسم وهي تحرك نظرها بشكل سريع، وكأنها تبحث عنه الى جانبها. ثوان تمر، وتعود الى الواقع، لتروي دقته في وصف أي مشهد في العراق، لبنان، فلسطين، وايرلندا».
لا تبدو مونيكا كمن يبذل مجهودا في كبت دمعة تذرف على صديقها، ترفع كفها الى شفتيها، تضغط قليلا على فمها، وكأنها تمنع صرخة من العبور. يُسمح للدمعة فقط أن تنساب مع حديثها عن من لم يصدق قلبها ولا عقلها رحيله المفاجئ. بالنسبة لها «رحل من نجح حيث فشل آخرون. رحل من نجح في جمع وتوحيد أشخاص من بيئات وحضارات مختلفة حول حق المقاومة ودعمها وحول القضايا الانسانية بشكل عام، من دون أي تحيز أو تعصب».
فقدت اللجنة «الرباعية» ركنها الأساسي، المناضل الذي أصر على اعادة حق العودة الى الواجهة بعد أن شارف على الاختفاء إثر اجتماعات أوسلو.
فقد الفلسطينيون صديقا مقربا لهم، وفقدت المخيمات زائرا لم يخلف موعد زيارته السنوية اليها على مدى ست سنوات متواصلة، ولاسيما مخيم شاتيلا. باحثا دائما عن جديد يقوله عن هذه القضية. وكان دائما ينجح في بحثه. في كل زيارة، يغرق في تفاصيل جديدة تصدمه، فيحملها في حقيبته، وفي أفكاره، ويصبها كنضال في مقالاته في إيطاليا. المقاومة، الانتفاضة، القتل اليومي، الارهاب المتواصل، الحرب الأزلية، هذه كلها قضايا سرت في حبر قلمه.
والأهم، كان نضاله ضد النسيان. الذاكرة أولا، وضع المجزرة نصب الأعين دائما، كي لا ننسى. هذا هو الهدف الاول ومنه الانطلاق.
تقول مونيكا أن أولوية اللجنة الآن، الابقاء على الروحية المميزة للعمل، من متابعة الحوارات وتذكير العالم دائما بالمجزرة، التي كان ستيفانو يعتبرها أكبر مجزرة في التاريخ الحديث ولم يعلم أحد بها، بالاضافة الى اكمال النشاط في ايطاليا، واطلاع الايطاليين على احوال الفلسطينيين واصحاب القضية. وثانيا تكثيف الجهود للعمل على انشاء مدرسة في الجنوب لمعالجة الأطفال المصابين بأمراض نفسية.
ويقول قاسم عينا «المنسق العام للجمعيات الأهلية العاملة الفلسطينية في لبنان»، والداعم للجنة «كي لا ننسى صبرا و شاتيلا» ورئيس «بيت اطفال الصمود» أن الذكرى هذه السنة، ستكون بـ «نكهة اضافية. فستيفانو غائب عنها، ولكنه من عناوين المناسبة هذه السنة، وله ايضا ستكون الصلاة وأكاليل الأزهار والكلمات».