تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : «الفوضى الخلاقة» تلتهم الوحدة الوطنية وحكومتها (بقلم: طلال سلمان)



الحسني
02-22-2007, 08:29 AM
«الفوضى الخلاقة» تلتهم الوحدة الوطنية وحكومتها
بقلم: طلال سلمان

تتساقط الأوهام سريعاً ويثبت للبنانيين يوماً بعد يوم أن خلافاتهم الداخلية باتت استثماراً خارجياً مجزياً لأطرافه جميعاً، وعلى حساب مصالح هذا الوطن الصغير وأمن شعبه وحقه في مستقبل يليق بكفاءاته وقدراته .

ومع التقدير للمساعي الحميدة التي بذلتها بعض الجهات العربية ذات النوايا الطيبة، من دون أن تصل إلى مستوى «مبادرة للحل» فإن الموقف الأميركي، المعلن والمتكرر تأكيده بوتيرة شبه يومية، صريح إلى حد الإيلام وخلاصته: لا حل في لبنان الآن، ولا حل في المدى المنظور، لأن «المسألة اللبنانية» باتت في قلب الصراع الذي تخوضه الإدارة الأميركية لتدجين هذه المنطقة وتأديب «المتمردين» من «أهل التطرف» فيها .

بل ان مساعي هذه الجهات العربية لا بد ستصطدم بجدار التصلب الأميركي، لأن لبنان «خط هجوم» وليس «خط دفاع» عن المصالح والمطامح الأميركية التي قد يختزلها تعبير «الشرق الأوسط الكبير » والتي بين أسلحتها الفتاكة «الفوضى الخلاقة» والتي ينفتح لها ميدان المواجهة ما بينالشاطئ اللبناني على البحر الأبيض المتوسط، وصولاً إلى شواطئ إيران على المحيط الهندي، مروراً بالخليج ومضيق هرمز وكل ما حوله وخلفه وقدامه.

وضمن أسلحة «الفوضى الخلاقة»: الفتنة بين السنّة والشيعة، والتي فرضتها الإدارة الأميركية كبندأول على جدول أعمالها وعلى «الدول الإسلامية» بغالبيتها، في المرحلة الراهنة، كمدخلإلى إثارة الشكوك بين الاخوة وبين الجيران الذين تربط بينهم وحدة الدين والتاريخوالمصالح.

فتمويه الحقائق والوقائع بين أسلحة هذه الحرب، كما ان من بينها أيضاً تنظيم الاشتباك بين الاطراف المعنيين بما يوفر على الإدارة الأميركية أن تتحمل عبء الاكلاف ومن ثم جريرة النتائج... وعلى هذا فإن استحضار الماضي بأثقاله التي تختلط فيها الحقائق بالاساطير والاغراض بالاحقاد والصراع على السلطة بثوابت الايمان في الدين الواحد، قد يختصر الطريق ويوفر على الإدارة الأميركية ومعها إسرائيل دائماً ان تخوض صراعاً مكشوفاً ومباشراً ضد شعوب هذه المنطقة التي يفترض أنها تتطلع إلى حاضر واعد بمستقبل أفضل ...

وبين شروط تحقيق الوعد في الحاضر والأمل في المستقبل ان تصرف الجهود في ما يوحّد بين أبنائها على قاعدة انتمائهم الوطني (والقومي)، وان اختلفت «أصولهم» وتمايزت أعراقهم وتباينت دياناتهم والطوائف والمذاهب التي تنتسب وتأخذ إلى الماضي لا إلى المستقبل .

ضمن شروط هذه «الفوضى الخلاقة» أن ينسى العراقيون الاحتلال الأميركي فيشتبكوا في صراع قابل للتحول إلى حرب أهلية بعنوان طائفي بحت: لمن السلطة (التي لا يملكون من أمرها شيئاً) وهل هي للشيعة أم للسنّة؟ ! وفي غمرة هذه الحرب يضيع العراق كله، ويتمكن الاحتلال من إعادة تقطيعه بما يخدممصالحه، بعدما يفرغ من استخدام الفتنة فيه لإثارة الرعب من إيران (الشيعية) فيالدول العربية (قومية، والسنية مذهباً)، ويتمكن أيضاً من تثبيت هيمنته على دول الجوار جميعاً بوصفه مصدر الأمان للجميع، كما انه مصدر أمان لكل دولة في وجهأطماع الدولة الشقيقة المجاورة.. فالأميركي أقرب إلى السنّة مرة، وإلى الشيعةمرة، من حبل الوريد... ولذلك لا بأس إن هو حز الاوردة جميعاً لكي يبني بها «الديموقراطية.

وضمن شروط هذه «الفوضى الخلاقة» أن ينسى الفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي فيشتبكوا في صراع عقيم على «السلطة» التي لا سلطة لها، يمكن أن يأخذهم إلى اقتتال بين الأخوة حتى الإبادة إبادة الشعب والقضية وحلم الوطن ...

فإذا تدخل طرف عربي تأخذه الرهبة من اقتتال الأخوة فاستدعى الفلسطينيين إلى «اتفاق مكة » فإن الإدارة الأميركية ستدرج هذا الطرف على «قائمة الإرهاب» وستعلن ـ مجدداً ـتحالفها المطلق مع الاحتلال الإسرائيلي لإسقاط هذا الاتفاق، قبل أن يتم تثبيته بحكومة وحدة وطنية على ما تبقى من أرض فلسطين!

عن أي طريق، إذاً، ستجيء الوحدة الوطنية وحكومتها العتيدة في لبنان والأميركيون (وسائر الحلفاء) لها بالمرصاد؟ !

ستستخدم الإدارة الأميركية الأسلحة جميعاً، المحرّم والمحظور والذي لا يخطر ببال، لتخريب أية مبادرة وإجهاضها دون هذا الهدف الذي يتبدى الآن في خانة الاحلام !

إن حكومة الوحدة الوطنية تحتاج نصراً على التدخل الأجنبي، وتحتاج نجدة عربية قادرة على مواجهة محاولات التخريب التي تقودها الإدارة الأميركية كجزء من مشروعها ذي العنوان الواضح «الفوضى الخلاقة".

ومثل هذا النصر يحتاج مناخاً لا يبدو أنه سيتوفر في المدى القريب