خط تماس ثان في أقل من شهرين، هو ما تشكل عند أطراف المدخل الشرقي لبلدة اللبوة في البقاع الشمالي لجهة جارتها عرسال. ونزوح عائلات عديدة من الحي المشترك بين «العراسلة» وأخوتهم أبناء اللبوة هو ما أعقب اطلاق النار الليلي الذي رافق الإشكال الذي أعقب عودة المشاركين في احياء الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أمس الأول.
وطل صباح عرسال ومعها شريط القرى الممتدة على طول الطريق الأساسية التي تربط المنطقة ببعضها على التزام طلاب المدارس منازلهم ومعهم الكثير من اصحاب المصالح في «خطوط التماس الجديدة» وأولئك الذين يعملون من اللبوة الشيعية وجوارها في عرسال السنية وبالعكس.
وتأتي ذيول ما جرى لتؤكد من جديد ولجميع الاطراف ضرورة تحييد المنطقة برمتها وأهلها عما يدور في زواريب السياسة، أولئك الذين يجمعهم الحرمان والفقر والاهمال ويتشاركون لقمة العيش ويجلس أبناؤهم على المقعد المدرسي نفسه.
وللمرة الثانية في اقل من شهرين، كادت الحوادث الناتجة عن توتر الاجواء السياسية ان تؤدي الى مجزرة، لكن الصدف، ومساعي «أهل الخير» حالت في المرتين دون وقوع ذلك، مع التذكير بأنه في المرة الأولى قتل الشاب مهدي أمهز جراء اصابته برصاص مجهول المصدر عند اطراف اللبوة لجهة بلدة مقراق، وعلما بأن المعلومات المتوافرة اليوم تفيد بأن الشاب العرسالي فهد محمد الحجيري قد دخل في غيبوبة منذ ليل البارحة جراء إصابته بحجر هشم مقدمة رأسه، وأن هناك اكثر من اصابة تستدعي القلق وفق رواية بعض اهالي عرسال.
فمساء أول من أمس وأثناء عودة مناصري 14 آذار من المهرجان الذي اقيم في ساحة الشهداء بمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، حصلت بعض الاستفزازات التي تباينت الآراء حول من هو البادئ ـ على خلفية بعض الهتافات والاعلام الحزبية المرفوعة من قبلهم لا سيما علم «القوات اللبنانية»، مما ادى الى رشق الموكب اثناء مروره بالحجارة، وتسبب الإشكال بخسائر طاولت اكثر من ثمانين باصا وسيارة مشاركة وبجرح حوالى 25 شخصا من عرسال عرف منهم: أحمد قاسم الحجيري ـ عمران يونس الحجيري ـ أحمد عبد الرحمن الحجيري ـ فهد محمد الحجيري «غيبوبة تامة» ـ حنان عز الدين وهدى عز الدين.
وإثر ذلك تجمع العديد من أبناء عرسال في ساحتها الرئيسية، ونزل البعض منهم باتجاه اللبوة حيث حصل إطلاق نار متبادل مما أدى الى اصابة حسين صبحي الحجيري برصاصة لامست صدره واستقرت في يده، وإلى وصول الرصاص الى بيوت عدة في اللبوة كذلك، وما لبث ان تدخل الجيش وعمل بعض «اهل الخير» من الطرفين على إخلاء المسلحين.
اثناء ذلك، وعلى خلفية التعرض لباص يملكه احد الاشخاص في الفاكهة برشقات في الحجارة ايضا، نزل مجهولون عند مفرق الفاكهة، وتعرضوا لعدة باصات بالضرب والتكسير عرف من اصحابها مصطفى الساحلي من الهرمل وآخر من آل قانصوه وثالث من آل مقداد من مقنة.
وقد تناقلت الاخبار صباح امس ان مجهولين «ثأروا» لباص ابن بلدتهم، واعتدوا بالضرب والتكسير على باصات يملكها اشخاص من عرسال والفاكهة والعين ومع تطور الامور جرى رصد حركة النزوح الليلي من الحي المشترك بين عرسال واللبوة بالاتجاهين مع بعض الاستثناءات.
من هؤلاء المهندس محمد شريف الذي فضل مع عائلته مغادرة منزله بسبب الرصاص المتبادل والذي طال العديد من المنازل، والمبيت لدى بعض الأقرباء، معتبرا أن ما يجري هو حفلة الجنون الناتجة عن الشحن الطائفي المباشر وغير المباشر الذي تقوم به اطراف المعارضة والموالاة على حد سواء.
واعتبر شريف ان تحركا سريعا على مستوى الفعاليات السياسية والاجتماعية يجب ان يجري وبالسرعة الممكنة لأن الدم اصبح على الابواب والكل ضالع في ذلك حكما فيما لو تم ذلك.
وإذا كان شريف الذي يشغل رئاسة الدروس النظرية في مهنية عرسال قد فضل تحسبا البقاء في منزله يوم امس، فإن زميله وجاره ابن عرسال المهندس الدكتور خالد الحجيري الذي نزح وعائلته ايضا خلال ليل امس، ولكن ليس باتجاه عرسال كما يفترض، بل باتجاه اللبوة بضيافة احد الزملاء المهندسين، فعل الشيء نفسه، معتبرا ان الهجرة اصبحت الحل الوحيد للوضع القائم (لا سيما ان امرأته تحمل جنسية اجنبية)، «حيث ان ما يجري في المنطقة من مشاكل تكاد ان تكون مجازر، لا تصل ارتداداته ولا يصل صداه الى مراكز القرار العليا لدى جميع الاطراف، وبالتالي تحولت «الوفود» المتناوبة هنا وهناك الى مجرد ادوات قد تساهم في ايصال الأمر الى ما لا تحمد عقباه، وطبعا ذلك بعلم وتخطيط الكبار دون ادنى شك».
إذاً المشهد بدا «تكساسيا» بامتياز، فما الذي يقوله المعنيون في الأمر؟
رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري تساءل: هل أصبح ممنوعا ان يكون لجمهور ما في المنطقة عموما وفي عرسال خصوصا موقف سياسي يستطيع ان يعبر عنه بحرية؟ هل اصبح لدينا «باب عال» يجب ان نستأذنه في سلوكنا السياسي؟ إن عرسال كانت وستبقى حرة في خيارات ابنائها السياسية.
ودعا رئيس البلدية الى فصل السلوك الاجتماعي عن السلوك السياسي، ورأى أن الخلاف في الرأي لا يستدعي وجود الخصومات، ولا سيما ان الجميع عاش في هذه المنطقة ولسنوات طوال في سلام اجتماعي كان الجميع يحسدنا عليه في لبنان اثناء الحرب. متسائلا في ما جرى عن حق الجيرة وحسن الجوار.
وإذ أكد الحجيري اعتزازه بالجيش اللبناني وبدوره على مستوى الوحدة الوطنية، لا سيما انه دعامة السلم الأهلي، دعا قيادته وقيادات القوى الأمنية الأخرى للعب دور أكبر من أجل الاقتصاص من كل من تسوّل له نفسه افتعال المشاكل والفتن.
وحذر الحجيري بأن بقاء الأحوال الأمنية على حالها سيستدعي دون شك ان يقوم الناس المتضررون بإنشاء أمنهم الذاتي لحماية أرزاقهم وممتلكاتهم، وعند ذلك نكون جميعا امام الباب المسدود، والنار لا شك ستطال كافة اللاعبين بها.
أمام مسجد بلدة اللبوة وأحد كوادر حزب الله الشيخ نبيل أمهز أكد ان التوتر الحاصل في الشارع نتيجة الخطاب السياسي المتوتر الذي تؤديه قوى الموالاة، أدى من قبل الى حدوث العديد من الاشكالات نتيجة الانفعالات التي تسود جمهور هذه القوى. ورأى ان هذا الشحن الغير مبرر أدى الى مقتل الشاب مهدي أمهز قبل شهر ونيف.
ولاحظ أمهز ان تكرار هذا الشحن عبر الخطابات المتوترة التي أداها بعض اقطاب الموالاة لا سيما منهم وليد جنبلاط وسمير جعجع في ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري اول من امس، شحن الجمهور الموجود، وقد أكد شهود عيان ـ والكلام لأمهز ـ ان بعض هذا الجمهور خلال مروره في بعض بلدات البقاع الشمالي وبسبب الاستفزازات التي مارسها راكبو الموكب وحملهم لاسلحة ظاهرة أدى إلى هذه الحوادث التي نتمنى ان لا تتكرر، لأن الجميع أهلنا وناسنا، في عرسال وفي اللبوة وكافة البقاع الشمالي.
ودعا أمهز الى ضبط النفس والاعصاب، لا سيما بسبب علاقات الجيرة والالفة، وأن يعي الكبار والعقال خطورة ما يجري من اجل اصلاح ما يفسده هذا التوتر الحاصل، مؤكدا ان المستفيد الوحيد من هذه الفتنة التي تطال الجميع والتي شهدنا بعض فصولها يوم خميس الجامعة العربية، هو العدو الإسرائيلي وأميركا اللذان يدبران امر هذه الفتنة بعد ان فشلوا في حرب الـ33 يوما على لبنان بسبب جهوزية اللبنانيين من خلال المقاومة.

السفير

========
الى اين ستؤدي بالبلد يا حسن نصرالله الا يكفيك التحريض اليومي على المنار وبخطاباتك الاستفزازية التي يبدء معظمها ب:شاء من شاء وابى من ابى...