تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التصعيد الأمريكي الإيراني..مصالح متبادلة



مقاوم
02-15-2007, 07:57 AM
التصعيد الأمريكي الإيراني..مصالح متبادلة

إعداد:عبدالله صالح

في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر بين واشنطون وطهران، وتتزايد لهجة التهديدات على لسان مسئولي إدارة بوش بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، ردا على برنامجها النووي وتورطها في أعمال العنف بالعراق، وفيما يستعد مجلس الشيوخ الأميركي لمناقشة خطط بوش لزيادة عدد القوات الأميركية في العراق، بدأ حرس الثورة الإسلامية في إيران مناورات جوية وبحرية في منطقة الخليج تستمر لمدة يومين، وجاءت هذه المناورات بمثابة رد عملي على التهديدات الأمريكية، التي ترافقت مع إرسال واشنطن لحاملة طائرات ثانية إلى الخليج، في خطوة اعتبرت تحذيراً لإيران.

وقد شدد الرئيس بوش على ضرورة اتخاذ موقف صارم في مواجهة النشاط الإيراني في العراق، بسبب ما يزعمه من قيامها بدعم المليشيات المتورطة في أعمال العنف الطائفية، وتزويدها بصواريخ الكاتيوشا والمتفجرات التي تستخدم ضد الجنود الأميركيين في العراق، كما قامت القوات الأمريكية باعتقال عدد من المسئولين الإيرانيين في العراق خلال حملات مداهمة جرت الشهر الماضي، وسمحت للجنود الأميركيين باستخدام كافة الوسائل الضرورية لحماية أنفسهم من أية هجمات.

ومع تزايد التكهنات باحتمال قيام واشنطن بشن هجوم عسكري ضد طهران، بدأت الأوساط الصحفية تتناقل مؤخراً عدة تقارير تحذر من أن أي هجمات أميركية أو إسرائيلية على منشآت إيران النووية، قد تؤدي إلى إصابات كبيرة في المدنيين وتلوث إشعاعي، وإلى ازدياد الصراع في المناطق المجاورة، مثل العراق وأفغانستان، فضلا عن شن القاعدة لمزيد من الهجمات، انطلاقا من المشاعر المناهضة للغرب، كما ستؤدي لارتفاع في أسعار النفط وتُعجَل من برنامج إيران النووي.

وأشارت هذه التقارير إلى وجود جدل واسع النطاق داخل الإدارة الأمريكية، بين من يطالبون بضربة عسكرية فورية لإيران، ردا على برنامجها النووي وتورطها في أعمال العنف بالعراق، ومن يدعون إلى الحل الدبلوماسي، ويرون أن العمل العسكري يجب أن يكون هو الملاذ الأخير في إطار الدفاع عن النفس، أو لمنع أي تهديد وشيك.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن تقرير لهيئة التقييم الاستخباري الأمريكية، يحذر الرئيس بوش من اندلاع مواجهة كبرى في منطقة الشرق الأوسط، بسبب السياسات الأمريكية في العراق، وتصاعد المواجهة بينها وبين إيران.

ورسم التقرير صورة قاتمة لوضع القوات الأمريكية في العراق وعدم سيطرتها على الموقف، مشيراً إلى احتمالات تفاقم الوضع واحتقانه، والوصول إلى حرب أهلية شاملة، بسبب فشل الزعماء العراقيين في تجاوز مصالحهم الطائفية ومحاربة المتشددين وإقامة مؤسسات وطنية فعالة وإنهاء الفساد المستشري في الإدارة.

وقال إن نشاطات تنظيم القاعدة لا تزال تمثل مشكلة كبيرة في العراق، ومع ذلك فإن عنف العراقيين بعضهم ضد بعض، يمثل الآن أهم مصدر إذكاء الصراع المسلح، وأكثر التهديدات خطورة وإلحاحا بالنسبة للأهداف الأميركية في العراق.

ورغم ما يبدو على السطح من أجواء الأزمة والتصعيد المتبادل بين طهران وواشنطن، فإن كلا الطرفين يعتقد أن هذا التصعيد يصب في مصلحته، ويتيح له استخدام ما لديه من أوراق، على نحو يحقق له أكبر قدر من المكاسب، فإيران تسعى لتوظيف قضية ارتفاع أسعار النفط، وقدرتها على إشعال القلاقل في كل أنحاء الشرق الأوسط، وتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة، كي تخرج منتصرة من المواجهة الراهنة مع الولايات المتحدة.

وفي المقابل، فإن مسئولي الإدارة الأمريكية من المحافظين الجدد يدفعون في اتجاه التصعيد مع طهران، ويرون أن الوقت الحالي مهيأ تماماً لذلك التصعيد، وهو ما انعكس في قيام واشنطن بإرسال مزيد من القوات البحرية إلى الخليج، ومطالبة الأوروبيين باتخاذ موقف أكثر تشدداً من طهران، رغم ضعف إمكانات حصولها على أي دعم أوربي لخطتها العسكرية ضد إيران، الأمر الذي يؤكد أن ما تقوم به الإدارة الأمريكية من تصعيد ضد إيران إنما يستهدف الضغط عليها للاستجابة لإنذار مجلس الأمن، وتعليق برنامجها النووي قبل نهاية المهلة المحددة بآخر فبراير، وإلا واجهت العقوبات طبقاً للقرار رقم 1737.

كما يسعى بوش من خلال تصعيد المواجهة مع إيران إلى مواجهة الضغوط التي يمارسها الكونجرس لخفض القوات الأمريكية في العراق، وتمهيد الطريق لفتح محادثات مستقبلاً مع إيران، حول برنامجها النووي وسبل تحقيق الاستقرار في العراق، وبالتالي المساهمة في سحب الأميركيين لقواتهم من العراق.

ولا يخلو الأمر من محاولة من جانب الإدارة الأمريكية لتوظيف الصراع على السلطة الذي بدأ يلوح في إيران، بعد تسرب تقارير حول مرض المرشد الأعلى علي خامنئي، الأمر الذي قد يجر البلاد إلى أزمة داخلية، تتيح الفرصة لظهور تيارات معتدلة تعمل على تعليق الطموحات النووية الإيرانية وتجنب المواجهة مع واشنطن.
إذا كانت الولايات المتحدة لديها رغبة حقيقية في التفاوض مع إيران بشأن استقرار الأوضاع في العراق وتسوية أزمة برنامجها النووي، فإن عليها تغيير نهجها الحالي القائم على التهديد الدائم، وإتباع سياسة متوازنة، تجمع بين الترغيب والترهيب، من خلال إقناعها بمدى الفوائد التي يمكن أن تحصل عليها حال تخليها عن برنامج التسلح النووي، والثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه في حالة إصرارها على سياستها "المتشددة"، خاصة إذا وقفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي معاً في مواجهة طهران.

مجلة العصر الإلكترونية