ZAHRAA
03-03-2003, 12:39 PM
أ / عمرو خالد
موضوع حديثنا عن التوبة .. و العودة إلى الله...
ما معنى تائب ؟
تائب يعنى راجع ..يعنى عائد إلى الله بكل قوتي .. بكل إمكانياتي ..تائب إليك يا الله..راجع لك يا رب بعد طول غياب.. هذا هو محور حديثنا ... و لذلك و نحن نتحدث حول هذا الموضوع أشعر إني أريد أن أرجع إلى الله و كذلك أنتم ....نريد جميعا أن نرجع إلى الله كفانا بعاد .......
و ربما يقول بعض الناس و ماذا نعمل نحن؟! نعيش بطريقة سليمة و الحياة مستقرة ... لكنني أقول أننا نقع في أشياء كثيرة جدا صعبة و لدينا مشاكل و عندنا ذنوب كثيرة جدا جدا و أستطيع أن أقول أن هناك أناس كثيرة حولنا و معنا يقعون في كبائر .... و أعرف أن هذا اتهام خطير لكنها الحقيقة فخذ قياسا لا الحصر .......
كم من الناس تصلى في رمضان و تترك الصلاة بعد رمضان, و كم من الناس حتى في رمضان غير منتظم في صلاته, و كم من الناس لم يصلي الفجر منذ عشرين عاما .. أليس الفجر من الفرائض؟هل نعرف أن ترك الصلاة من اكبر الكبائر التي تغضب الله عز و جل و أنها عماد الدين و من هدمها هدم الدين, كارثة موضوع ترك الصلاة ده ... فهناك باب في جهنم أسمه ( سقر ) ... يقول عنه تبارك و تعالي ....} ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين * و لم نك نطعم المسكين * و كنا نخوض مع الخائضين * و كنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين { ( المدثر 42 : 47 ) يقول عنها الله إنها لا تترك أحدا .. كل من يدخل فيها و العياذ بالله تسيح خلاياه .. يتفتت تماما ثم يتكون من جديد ثم يتفتت و هكذا...شيء قاس جدا و الملائكة الذين يقفون على الباب يسألون الداخلين ما الذي أدخلكم ؟... و كنهم يشفقون على الداخلين ... فيجيبونهم أنهم لم يكونوا من المصلين ...
....... و إذا أكرمنا الله بترك الكبائر .. فانظر إلي الصغائر آلاف الصغائر كل يوم .... تخيل كم نظرة حرام في الأسبوع الماضي ... و السيدات و الفتيات , و أيضا الرجال ! كم كلمة غيبة قلناها في التليفون مثلا ... طبعا لا أقول ذلك حتى أضايقكم أو أقول أننا ضائعون تماما ....
لكن حتى تشعر بجمال التوبة لابد أن تشعر بقبح الذنب.. فلابد حتى تتوب أن تكون البداية موجعة بعض الشيء..
يا ترى لو أحضرت كراستين إحداهما للكلام الحسن و الأخرى للقبيح في يومك الذي مضى ... يا ترى كم كلمة ستكتب في كفة الحسنات وكم في كفة السيئات؟ و كيف ستكون محصلة اليوم؟ هل ستكون طائعآ لله أم عاصيا له ؟
سنجد بلا شك آلاف الذنوب إذآ فنحن بالفعل نحتاج بشدة إلي التوبة, أحد التابعين الأبرار و هو سفيان الثوري قال كلمة جميلة جدا .. قال: جلست يوما أعد ذنوبي فعددتها فإذا هي واحد و عشرين ألف ذنب- وهو تابعي جليل- فقال لنفسه : أتلقي ربك يا سفيان بواحد و عشرين ألف ذنب يسألك عن كل ذنب فيها...هذا تابعي جليل من جيل الصحابة ... فتخيل نفسك في هذا الموقف...
فنحن ذنوبنا كثيرة جدا ... و أحيانا يوضع في كفة السيئات ذنب كبير جدا دون أن يأخذ الواحد منا باله منه فمثلا,
عندما يعمل لك أحد أصحابك أو شخص من الأشخاص معروف أو خدمة فأنت على الفور بتشكره , و كذلك الأمر عندما يعطي لك أحد الأشخاص هدية عيد ميلادك مثلا.... لكن ألم تنظر في خلقك أو صحتك أو حالك أو مالك أو ..., أو ..... النعم كثيرة و متعددة من الذي أعطي لك كل هذا ( و أكيد أكيد إنتا شوفت بنفسك ناس تانية يفتقدوا لحاجة موجودة عندك ناس ابتلاها ربنا بمرض أو علة أو فقر أو ....,أو.......) فهل نحن شاكرون لله علي الدوام؟! إذن نحن نحتاج إلي أن نتوب لله عن تلك النعم التي تغمرنا و تتنزل علينا منه و لم نشكره عليها لأنه في نفس الوقت هناك أناس لا يجدونها ... أليس عدم شكر النعمة يحتاج إلى توبة ....
تعالوا أحكي لكم ماذا يقول ربنا عنا ؟ و كيف ينادينا ؟
يقول تبارك و تعالى : } قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون {
( الزمر 53 : 54 )
بعد هذه " الكآبة " التي بدأنا بها و تذكر ذنوبنا و تقصيرنا يأتي الفرج من الله .....
صدق أو لا تصدق ذنوب 20 عاما أو أكثر تغفر في لحظة
ملحوظة: ( و أنيبوا إلى ربكم ... ) أسلموا لله و استسلموا له .. قفوا مع أنفسكم و عودوا ... و السؤال .. ماذا يريد الله منا ؟
} و الله يريد أن يتوب عليكم { و انظر أيضا إلي قوله بعدها
} يريد الله أن يخفف عنكم و خلق الإنسان ضعيفا{ ( النساء 27 : 28 ) لأنك لو لم تتب ستكون الوقفة ثقيلة جدا يوم القيامة و الله يريد التخفيف عنا نحن الضعفاء ... و تأمل قوله تعالي } و الذين لا يدعون مع الله إلهآ ءاخر و لا يقتلون النفس التي حرم إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا * إلا من تاب و ءامن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما{ ( الفرقان 68 : 70 )
و تجد اللهجة القرآنية أصبحت عنيفة عند الحديث حول الزنا و تبدأ اللهجة تتغير تماما عند الحديث عن التوبة ... يعنى ليس فقط أن يغفر لنا و يمحو السيئات – و هذا مالا ندركه و ننساه- لكنه يبدل هذه السيئات إلي حسنات... يعني لو إنسان له خمس سنوات لم يقرب الصلاة و تاب هذه اللحظة بمجرد انتظامه في الصلاة و أداء بعض السنن تغفر له هذه السنوات الخمسة, بل إن سيئات السنوات الخمس السابقة تتحول إلي حسنات.........!!
ما كل هذا الكرم يا رب!!! سبحانك..
و رسولنا الكريم ( عليه و علي آله أفضل الصلاة و أتم التسليم ) يتحدث عن التوبة .....
و يحكى لنا قصة إنسان لطيف جدا سيأتي يوم القيامة يقول له ربنا تبارك و تعالي: اقرأ كتابك يا عبدي فيقرأ الكتاب فيجد سيئات لا تعد و لا تحصي فيظن إنه هالك و يسود وجهه فيقول له الله تبارك و تعالي : أقرأ كتابك مرة أخري يا عبد , ألم تكن قد تبت فيتذكر فيقول بلي يا رب قد تبت ..قد تبت يا رب فيقرأ كتابه مرة أخري فإذا بالسيئة قد قلبت حسنة .. , فيفكر العبد فيقول يعنى لو كنت ارتكبت سيئات أكتر ثم تبت عنها لكانت حسناتي أكثر الآن ( فتبسم وجه النبي صلي الله عليه و سلم عند هذه اللحظة و هو يستكمل قائلا ( فيكلم هذا العبد ربه و يقول: يا رب إن لي ذنوبا أخري نسيت الملائكة كتابتها !!! و أنا اعرفها جيدا .....!!!
..... أرأيتم التوبة و جمالها ...... و كم هي رائعة.....
أي ذنب بينك وبين ربنا تريد أن تتوب عنه له ثلاثة شروط لأي ذنب آيا كان...
أولآ:- الندم علي هذا الذنب ... و معناه.. ( لو أن أي إنسان لديه ذنوب كثيرة جدا ما بين كبائر و آلاف الصغائر ... يستشعر إنه قد تاب حين يجد وجعا في قلبه .. فيه حرقه..كيف عملت كل هذا في حق الله .. كيف فعلت كذا..)
ثانيأ:- ترك الذنب...
ثالثآ:- معاهدة الله و العزم الشديد علي عدم الرجوع للذنب..
إذا قمت بهذه الشروط الثلاثة يقينا و من القلب سيغفر الله لك , يمسح الذنب و تكون صفحتك بيضاء تماما.
يعني لو أن أحد القراء الآن أستشعر ندم علي أحد الذنوب و أعتذر لربنا و عزم علي عدم العودة .. ستمسح ذنوبه علي الفور بمجرد أن يلمس المولي عز و جل الصدق في قلبه.
و أحب قبل أن أختم أن أقول ...........
...........هل التوبة تتم مرة واحدة و ينتهي الأمر ؟
بالطبع لا ... فالتوبة متجددة دائما .. يعني إذا أذنبت مرة ثم رجعت ليس أمامك إلا التوبة من جديد ...
)فقد جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه و سلم و قال يا رسول الله أرأيت إن فعلت ذنب أيكتب علي ؟ قال يكتب. قال أرأيت إن تبت ؟ قال يمحي.. قال أرأيت إن عدت ؟ قال يكتب. قال أرأيت إن تبت ؟ قال يمحى . قال أرأيت إن عدت ؟ قال يكتب . قال أرأيت إن تبت ؟ قال يمحى . فقال الإعرابي حتى متى يمحى يا رسول الله ؟ فقال النبي صلي الله عليه و سلم إن الله لا يمل من المغفرة حتى تملوا من الاستغفار) أخرج معناه البيهقي.
خذ بالك إذ لم تصدق أنه يتوب عليك فأنت تعطل صفة من صفاته جل شأنه أليس من صفاته التواب .. يعني لو شككت في الأمر فكأنك تشك أن التواب صفة من صفات الله تعالى .. إذن هذه معصية أن تشك أن الله سيغفر لك.... إذن الشيطان يضحك عليك و يوقعك في معصية شديدة... و لذا يقولون لك و أنت نازل من عرفة في الحج إياك أن تقول . . أشعر أن الله لم يغفر لي لأن هذا سيكون أول ذنب بعد المغفرة......
الحقيقة أريد أن أختم بقصة.... قصة لطيفة... قص رجل من بني إسرائيل عصى الله أربعين سنة فما ترك معصية إلا و فعلها و لم يتب لله مرة... فجاءت سنة من السنين قحط شديد و بنى إسرائيل لا ينزل عليهم المطر و بدأت الدواب تصاب و الزرع يجف و بدأت الأنهار يجف ماؤها .... فبدءوا يقولون : يا موسى ادع الله أن ينزل المطر.. فقام سيدنا موسى و جمع قومه و بدأ بالدعاء لله : يا رب المطر يا رب المطر , و المطر لا ينزل , يا رب المطر يا رب المطر , و المطر لا ينزل , فقال موسى : يا رب عودتني الإجابة فلم لم ينزل المطر ؟ ... فأوحى الله إليه : يا موسى لن ينزل المطر عليكم لأن بينكم عبد يعصاني منذ أربعين سنة فبشؤم معصيته منعتم المطر من السماء .. فقال موسى: يا رب فماذا افعل , قال : أخرجوه من بينكم ... ( تأملوا كيف يغضب العاصي ربه ) فوقف موسى يقول: يا بنى إسرائيل أقسمت عليكم , بيننا عبد يعصى الله منذ أربعين سنة و بشؤم معصيته منعنا المطر و لن ينزل علينا المطر حتى يخرج , فليخرج من بينكم , فبدأ ينظر هذا العاصي حوله لعل أحدا غيره يخرج فلم يخرج أحد, فبدأ هذا العبد يناجى ربه قال : يا رب أعصاك أربعين سنة و تسترني و أنا اليوم إن خرجت فضحت , و إني لأعاهدك أن لا أعود إلى هذه المعصية فتب على و استرني ... ففوجئ سيدنا موسى بالمطر ينزل من السماء فقال موسى : يا رب لقد نزل المطر ولم يخرج أحد فقال الله عز و جل : يا موسى نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي الذي يعصانى منذ أربعين سنة .... فقال سيدنا موسى : يا رب دلني عليه لأفرح به , فقال الله عز و جل : يا موسى يعصانى أربعين سنة و أستره و يوم يعود إلى أفضحه.
......... يا جماعة هذا هو ربكم كريم جدا و يغفر الذنوب جميعا و عيب علينا أن نبعد عنه هذه السنين الطويلة .
........ صدقوني ( إن رجلا كان قد قتل تسعة و تسعين نفسا -لا يوجد واحد منا أسوأ منه– فقال هل لي من توبة؟
فسأل فقال له الراهب الذي سأله : يا بنى ليس لك توبة, فقتله هذا الرجل فأتم به المائة فسأل عابدا أخر هل لي من توبة ؟ فقال الرجل و من يمنع توبة الله عز وجل , لكن أنصحك بأن تترك هذه الأرض التي أنت فيها فإنها أرض سوء اذهب إلي أرض كذا و كذا فإن بها قوم صالحين فترك فعلا الأرض و بدأ يتحرك ... و في منتصف الطريق مات , فالملائكة اختلفت فيه فقالت ملائكة الرحمة قد تاب إلي الله و قالت ملائكة العذاب إنه لم يفعل خيرا و قتل مائة نفس, فأوحى الله إليهم أن قيسوا المسافة بين الأرضين فانظروا إلى أي الأرضين أقرب ( لأرض التي عاش عليها و قتل فيها المائة شخص , و الأرض الصالحة التي كان يبغي الوصول إليها ) فقاسوا بين الأرضين فقرب الله الرجل إلى أرض الصلاح شبرا واحدا فأخذته ملائكة الرحمة ) أخرج معناه الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري .
يا جماعة أدركوا الشبر قبل أن تموتوا ... الشبر ممكن أن يكون توبة أو دمعة أو ركعتين تصليهم , أو ...... , أو ... , الطرق كتيييير بس المهم نبدأ,
{ فسبح بحمد ربك و أستغفره إنه كان توابا} النصر 3
موضوع حديثنا عن التوبة .. و العودة إلى الله...
ما معنى تائب ؟
تائب يعنى راجع ..يعنى عائد إلى الله بكل قوتي .. بكل إمكانياتي ..تائب إليك يا الله..راجع لك يا رب بعد طول غياب.. هذا هو محور حديثنا ... و لذلك و نحن نتحدث حول هذا الموضوع أشعر إني أريد أن أرجع إلى الله و كذلك أنتم ....نريد جميعا أن نرجع إلى الله كفانا بعاد .......
و ربما يقول بعض الناس و ماذا نعمل نحن؟! نعيش بطريقة سليمة و الحياة مستقرة ... لكنني أقول أننا نقع في أشياء كثيرة جدا صعبة و لدينا مشاكل و عندنا ذنوب كثيرة جدا جدا و أستطيع أن أقول أن هناك أناس كثيرة حولنا و معنا يقعون في كبائر .... و أعرف أن هذا اتهام خطير لكنها الحقيقة فخذ قياسا لا الحصر .......
كم من الناس تصلى في رمضان و تترك الصلاة بعد رمضان, و كم من الناس حتى في رمضان غير منتظم في صلاته, و كم من الناس لم يصلي الفجر منذ عشرين عاما .. أليس الفجر من الفرائض؟هل نعرف أن ترك الصلاة من اكبر الكبائر التي تغضب الله عز و جل و أنها عماد الدين و من هدمها هدم الدين, كارثة موضوع ترك الصلاة ده ... فهناك باب في جهنم أسمه ( سقر ) ... يقول عنه تبارك و تعالي ....} ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين * و لم نك نطعم المسكين * و كنا نخوض مع الخائضين * و كنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين { ( المدثر 42 : 47 ) يقول عنها الله إنها لا تترك أحدا .. كل من يدخل فيها و العياذ بالله تسيح خلاياه .. يتفتت تماما ثم يتكون من جديد ثم يتفتت و هكذا...شيء قاس جدا و الملائكة الذين يقفون على الباب يسألون الداخلين ما الذي أدخلكم ؟... و كنهم يشفقون على الداخلين ... فيجيبونهم أنهم لم يكونوا من المصلين ...
....... و إذا أكرمنا الله بترك الكبائر .. فانظر إلي الصغائر آلاف الصغائر كل يوم .... تخيل كم نظرة حرام في الأسبوع الماضي ... و السيدات و الفتيات , و أيضا الرجال ! كم كلمة غيبة قلناها في التليفون مثلا ... طبعا لا أقول ذلك حتى أضايقكم أو أقول أننا ضائعون تماما ....
لكن حتى تشعر بجمال التوبة لابد أن تشعر بقبح الذنب.. فلابد حتى تتوب أن تكون البداية موجعة بعض الشيء..
يا ترى لو أحضرت كراستين إحداهما للكلام الحسن و الأخرى للقبيح في يومك الذي مضى ... يا ترى كم كلمة ستكتب في كفة الحسنات وكم في كفة السيئات؟ و كيف ستكون محصلة اليوم؟ هل ستكون طائعآ لله أم عاصيا له ؟
سنجد بلا شك آلاف الذنوب إذآ فنحن بالفعل نحتاج بشدة إلي التوبة, أحد التابعين الأبرار و هو سفيان الثوري قال كلمة جميلة جدا .. قال: جلست يوما أعد ذنوبي فعددتها فإذا هي واحد و عشرين ألف ذنب- وهو تابعي جليل- فقال لنفسه : أتلقي ربك يا سفيان بواحد و عشرين ألف ذنب يسألك عن كل ذنب فيها...هذا تابعي جليل من جيل الصحابة ... فتخيل نفسك في هذا الموقف...
فنحن ذنوبنا كثيرة جدا ... و أحيانا يوضع في كفة السيئات ذنب كبير جدا دون أن يأخذ الواحد منا باله منه فمثلا,
عندما يعمل لك أحد أصحابك أو شخص من الأشخاص معروف أو خدمة فأنت على الفور بتشكره , و كذلك الأمر عندما يعطي لك أحد الأشخاص هدية عيد ميلادك مثلا.... لكن ألم تنظر في خلقك أو صحتك أو حالك أو مالك أو ..., أو ..... النعم كثيرة و متعددة من الذي أعطي لك كل هذا ( و أكيد أكيد إنتا شوفت بنفسك ناس تانية يفتقدوا لحاجة موجودة عندك ناس ابتلاها ربنا بمرض أو علة أو فقر أو ....,أو.......) فهل نحن شاكرون لله علي الدوام؟! إذن نحن نحتاج إلي أن نتوب لله عن تلك النعم التي تغمرنا و تتنزل علينا منه و لم نشكره عليها لأنه في نفس الوقت هناك أناس لا يجدونها ... أليس عدم شكر النعمة يحتاج إلى توبة ....
تعالوا أحكي لكم ماذا يقول ربنا عنا ؟ و كيف ينادينا ؟
يقول تبارك و تعالى : } قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون {
( الزمر 53 : 54 )
بعد هذه " الكآبة " التي بدأنا بها و تذكر ذنوبنا و تقصيرنا يأتي الفرج من الله .....
صدق أو لا تصدق ذنوب 20 عاما أو أكثر تغفر في لحظة
ملحوظة: ( و أنيبوا إلى ربكم ... ) أسلموا لله و استسلموا له .. قفوا مع أنفسكم و عودوا ... و السؤال .. ماذا يريد الله منا ؟
} و الله يريد أن يتوب عليكم { و انظر أيضا إلي قوله بعدها
} يريد الله أن يخفف عنكم و خلق الإنسان ضعيفا{ ( النساء 27 : 28 ) لأنك لو لم تتب ستكون الوقفة ثقيلة جدا يوم القيامة و الله يريد التخفيف عنا نحن الضعفاء ... و تأمل قوله تعالي } و الذين لا يدعون مع الله إلهآ ءاخر و لا يقتلون النفس التي حرم إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا * إلا من تاب و ءامن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما{ ( الفرقان 68 : 70 )
و تجد اللهجة القرآنية أصبحت عنيفة عند الحديث حول الزنا و تبدأ اللهجة تتغير تماما عند الحديث عن التوبة ... يعنى ليس فقط أن يغفر لنا و يمحو السيئات – و هذا مالا ندركه و ننساه- لكنه يبدل هذه السيئات إلي حسنات... يعني لو إنسان له خمس سنوات لم يقرب الصلاة و تاب هذه اللحظة بمجرد انتظامه في الصلاة و أداء بعض السنن تغفر له هذه السنوات الخمسة, بل إن سيئات السنوات الخمس السابقة تتحول إلي حسنات.........!!
ما كل هذا الكرم يا رب!!! سبحانك..
و رسولنا الكريم ( عليه و علي آله أفضل الصلاة و أتم التسليم ) يتحدث عن التوبة .....
و يحكى لنا قصة إنسان لطيف جدا سيأتي يوم القيامة يقول له ربنا تبارك و تعالي: اقرأ كتابك يا عبدي فيقرأ الكتاب فيجد سيئات لا تعد و لا تحصي فيظن إنه هالك و يسود وجهه فيقول له الله تبارك و تعالي : أقرأ كتابك مرة أخري يا عبد , ألم تكن قد تبت فيتذكر فيقول بلي يا رب قد تبت ..قد تبت يا رب فيقرأ كتابه مرة أخري فإذا بالسيئة قد قلبت حسنة .. , فيفكر العبد فيقول يعنى لو كنت ارتكبت سيئات أكتر ثم تبت عنها لكانت حسناتي أكثر الآن ( فتبسم وجه النبي صلي الله عليه و سلم عند هذه اللحظة و هو يستكمل قائلا ( فيكلم هذا العبد ربه و يقول: يا رب إن لي ذنوبا أخري نسيت الملائكة كتابتها !!! و أنا اعرفها جيدا .....!!!
..... أرأيتم التوبة و جمالها ...... و كم هي رائعة.....
أي ذنب بينك وبين ربنا تريد أن تتوب عنه له ثلاثة شروط لأي ذنب آيا كان...
أولآ:- الندم علي هذا الذنب ... و معناه.. ( لو أن أي إنسان لديه ذنوب كثيرة جدا ما بين كبائر و آلاف الصغائر ... يستشعر إنه قد تاب حين يجد وجعا في قلبه .. فيه حرقه..كيف عملت كل هذا في حق الله .. كيف فعلت كذا..)
ثانيأ:- ترك الذنب...
ثالثآ:- معاهدة الله و العزم الشديد علي عدم الرجوع للذنب..
إذا قمت بهذه الشروط الثلاثة يقينا و من القلب سيغفر الله لك , يمسح الذنب و تكون صفحتك بيضاء تماما.
يعني لو أن أحد القراء الآن أستشعر ندم علي أحد الذنوب و أعتذر لربنا و عزم علي عدم العودة .. ستمسح ذنوبه علي الفور بمجرد أن يلمس المولي عز و جل الصدق في قلبه.
و أحب قبل أن أختم أن أقول ...........
...........هل التوبة تتم مرة واحدة و ينتهي الأمر ؟
بالطبع لا ... فالتوبة متجددة دائما .. يعني إذا أذنبت مرة ثم رجعت ليس أمامك إلا التوبة من جديد ...
)فقد جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه و سلم و قال يا رسول الله أرأيت إن فعلت ذنب أيكتب علي ؟ قال يكتب. قال أرأيت إن تبت ؟ قال يمحي.. قال أرأيت إن عدت ؟ قال يكتب. قال أرأيت إن تبت ؟ قال يمحى . قال أرأيت إن عدت ؟ قال يكتب . قال أرأيت إن تبت ؟ قال يمحى . فقال الإعرابي حتى متى يمحى يا رسول الله ؟ فقال النبي صلي الله عليه و سلم إن الله لا يمل من المغفرة حتى تملوا من الاستغفار) أخرج معناه البيهقي.
خذ بالك إذ لم تصدق أنه يتوب عليك فأنت تعطل صفة من صفاته جل شأنه أليس من صفاته التواب .. يعني لو شككت في الأمر فكأنك تشك أن التواب صفة من صفات الله تعالى .. إذن هذه معصية أن تشك أن الله سيغفر لك.... إذن الشيطان يضحك عليك و يوقعك في معصية شديدة... و لذا يقولون لك و أنت نازل من عرفة في الحج إياك أن تقول . . أشعر أن الله لم يغفر لي لأن هذا سيكون أول ذنب بعد المغفرة......
الحقيقة أريد أن أختم بقصة.... قصة لطيفة... قص رجل من بني إسرائيل عصى الله أربعين سنة فما ترك معصية إلا و فعلها و لم يتب لله مرة... فجاءت سنة من السنين قحط شديد و بنى إسرائيل لا ينزل عليهم المطر و بدأت الدواب تصاب و الزرع يجف و بدأت الأنهار يجف ماؤها .... فبدءوا يقولون : يا موسى ادع الله أن ينزل المطر.. فقام سيدنا موسى و جمع قومه و بدأ بالدعاء لله : يا رب المطر يا رب المطر , و المطر لا ينزل , يا رب المطر يا رب المطر , و المطر لا ينزل , فقال موسى : يا رب عودتني الإجابة فلم لم ينزل المطر ؟ ... فأوحى الله إليه : يا موسى لن ينزل المطر عليكم لأن بينكم عبد يعصاني منذ أربعين سنة فبشؤم معصيته منعتم المطر من السماء .. فقال موسى: يا رب فماذا افعل , قال : أخرجوه من بينكم ... ( تأملوا كيف يغضب العاصي ربه ) فوقف موسى يقول: يا بنى إسرائيل أقسمت عليكم , بيننا عبد يعصى الله منذ أربعين سنة و بشؤم معصيته منعنا المطر و لن ينزل علينا المطر حتى يخرج , فليخرج من بينكم , فبدأ ينظر هذا العاصي حوله لعل أحدا غيره يخرج فلم يخرج أحد, فبدأ هذا العبد يناجى ربه قال : يا رب أعصاك أربعين سنة و تسترني و أنا اليوم إن خرجت فضحت , و إني لأعاهدك أن لا أعود إلى هذه المعصية فتب على و استرني ... ففوجئ سيدنا موسى بالمطر ينزل من السماء فقال موسى : يا رب لقد نزل المطر ولم يخرج أحد فقال الله عز و جل : يا موسى نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي الذي يعصانى منذ أربعين سنة .... فقال سيدنا موسى : يا رب دلني عليه لأفرح به , فقال الله عز و جل : يا موسى يعصانى أربعين سنة و أستره و يوم يعود إلى أفضحه.
......... يا جماعة هذا هو ربكم كريم جدا و يغفر الذنوب جميعا و عيب علينا أن نبعد عنه هذه السنين الطويلة .
........ صدقوني ( إن رجلا كان قد قتل تسعة و تسعين نفسا -لا يوجد واحد منا أسوأ منه– فقال هل لي من توبة؟
فسأل فقال له الراهب الذي سأله : يا بنى ليس لك توبة, فقتله هذا الرجل فأتم به المائة فسأل عابدا أخر هل لي من توبة ؟ فقال الرجل و من يمنع توبة الله عز وجل , لكن أنصحك بأن تترك هذه الأرض التي أنت فيها فإنها أرض سوء اذهب إلي أرض كذا و كذا فإن بها قوم صالحين فترك فعلا الأرض و بدأ يتحرك ... و في منتصف الطريق مات , فالملائكة اختلفت فيه فقالت ملائكة الرحمة قد تاب إلي الله و قالت ملائكة العذاب إنه لم يفعل خيرا و قتل مائة نفس, فأوحى الله إليهم أن قيسوا المسافة بين الأرضين فانظروا إلى أي الأرضين أقرب ( لأرض التي عاش عليها و قتل فيها المائة شخص , و الأرض الصالحة التي كان يبغي الوصول إليها ) فقاسوا بين الأرضين فقرب الله الرجل إلى أرض الصلاح شبرا واحدا فأخذته ملائكة الرحمة ) أخرج معناه الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري .
يا جماعة أدركوا الشبر قبل أن تموتوا ... الشبر ممكن أن يكون توبة أو دمعة أو ركعتين تصليهم , أو ...... , أو ... , الطرق كتيييير بس المهم نبدأ,
{ فسبح بحمد ربك و أستغفره إنه كان توابا} النصر 3