تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا وراء حوار المحاكم الصومالية مع الأمريكان؟



الحسني
01-28-2007, 11:13 AM
ماذا وراء حوار المحاكم الصومالية مع الأمريكان؟
بقلم: ياسر الزعاترة

فجأة أعلنت وسائل الإعلام عن وجود الشيخ شريف شيخ أحمد في أحد الفنادق في العاصمة الكينية نيروبي، الأمر الذي أربك الأجواء السياسية، لكن التدقيق في المشهد كان كفيلاً بكشف حقيقة أن وجود الرجل هناك كان بدعوة من الأمريكان أنفسهم، الأمر الذي تأكد بعد لقاءات أجراها مسؤولون أمريكيون مع الرجل لم تظهر نتائجها بعد.

من الواضح أن الأمريكيين يريدون أخذ العبرة من تجربة طالبان التي جرى تهميشها في الساحة السياسية بعد سقوط حكومتها، فلم يكن أمامها غير السلاح، مع العلم أن هذه النظرية ليست صحيحة تماماً، إذ قدمت حكومة كارازاي الكثير من العروض للتفاوض مع الحركة كانت تقابل بالرفض أو بشروط متشددة لم يكن من الصعب القبول بها، وعموماً فالعقلية التي وافقت على بيع الدولة من أجل موقف مبدأي سيصعب عليها التصالح مع حكومة تابعة للاحتلال.

أياً يكن الأمر، فالصومال ليس أفغانستان، وشريف شيخ أحمد ليس الملا محمد عمر، ما يعني أن إمكانية التفاوض مع هذا الأخير تبدو واردة، وهو ما جرى ويجري الآن، ويمكن أن يصل إلى نتيجة واقعية، الأمر الذي تدعمه بكل تأكيد الدوائر الأمريكية بكل قوة، والسبب الكامن خلف ذلك هو الثروة النفطية التي يسيل لها لعاب الشركات النفطية ذات النفوذ السياسي في القرار السياسي الأمريكي، لاسيما أن الصين قد سبق ودخلت على الخط، ما يفرض التحرك السريع لوقفها، تماماً كما وقع في السودان الذي شهد اشتباكاً صينياً أمريكياً على الثروة النفطية.

لا يخفي ذلك بالطبع البعد السياسي للعبة، فهنا ثمة محاولة لبسط السيطرة على منطقة حساسة يمكن أن يتسلل من خلالها "الإرهابيون"، فضلاً عن أهميتها من الزاوي الجيوسياسية، وفي العموم، فإن أية تجارب إسلامية بصرف النظر عن مدى تقدمها أو تخلفها ليست مقبولة، أكان في الصومال أم في أفغانستان أم في أي كان آخر.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن يتعلق؛ أولا بإمكانية التفاهم مع الشيخ شريف وبالتالي دمج المعسكر الذي يؤمن بخطه في إطار الحكومة الجديدة، الأمر الذي لا يزال موضع جدال بين أركان تلك الحكومة بين رافض للفكرة، وبين داعم لها، مع العلم أن الأرجح هو تطبيقها على الأرض ما دام الأمريكيون يريدونها ويراها الإثيوبيون مساراً أفضل للتخلص من تبعات الاحتلال على قواتهم في الصومال، وعلى أمنهم الداخلي في آن.

لكن أمراً كهذا لن يعني بحال أن اللعبة قد انتهت، وأن الصومال قد غدا جزيرة تخضع للنفوذ الإثيوبي، وبالضرورة الأمريكي، فيما تستمتع الشركات النفطية الأمريكية بالكعكة مستبعدة الصين.

نقول ذلك لأن أطرافاً أخرى في المحاكم سترفض الصفقة وستصر على المقاومة ضد الحكومة المحلية وضد القوات الإثيوبية، ما سيفرض على هذه القوات البقاء تبعاً لعجز القوات الصومالية عن بسط الأمن، فيما يمكن أن تتمدد المقاومة لتصل الداخل الإثيوبي بالتعاون مع مسلمين من داخل البلد. القضية إذن لم تحل، والأمريكان الذين لم يفلحوا في أي من الخطوات السابقة لن ينجحوا في هذه الخطوة، بل إنهم قد يفشلوا حتى مع الشيخ شريف نفسه، ربما بسبب غطرستهم، وربما بسبب غباء حلفائهم الصوماليين.

والنتيجة أن اللعبة ما زالت مفتوحة، بصرف النظر عن تداعياتها التالية على الصومال وعلى المنطقة.