تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المذهبية الحاقدة



مقاوم
01-10-2007, 12:41 PM
المذهبية الحاقدة


د. باسم عبد الله عالِم - محامِ ومستشار قانوني*



http://iraqnusra.qawim.net/images/stories/sad1.jpg


يعد الرئيس صدام حسين من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخنا المعاصر. هناك من يهوي به إلى دركات الكفر ويجلسه على عرش الشيطان، وهناك من جعل منه رمزية لكل ما يتطلع إليه العربي المسلم فصاغ من الرئيس صدام حسين ملحمة النبي المظلوم على غرار ما حدث لسيدنا يحي أو سيدنا زكريا عليهما السلام. والحقيقة تكمن في أن الحالة الجدلية حول الرئيس العراقي الراحل (صدام حسين) تعكس أمرين في غاية الأهمية من حيث تفنيد واقع الأمتين العربية والإسلامية.


الأمر الأول هو انهيار مفهوم القومية العربية مع أول ضربة معول عقائدي. ولست أكتم اليوم سرا إن جهرت بأن القومية العربية لم تستطع أن تقلم أظافر أتباع المذهب الشيعي والذي أستمر ولاء أفراده لمرجعياتهم أقوى من انتمائهم العروبي، كما ظهر جليا في هذا الإطار ارتكاز قيادات المذهب الشيعي على العنصر الفارسي من خلال أقطاب الحكم في العراق الذين كانوا ولا يزال بعضهم يحمل الجنسية الإيرانية حتى يومنا هذا من أمثال مأمون باقر (المتسمي باسم: موفق الربيعي) وبدر الدين صولاغ الخسروي (المتسمي باسم: بيان جبر صولاغ الزبيدي) و طارق مطر (المتسمي باسم: صادق الموسوي) وعبد العزيز الحكيم وبحر العلوم والسيستاني، وغيرهم كثير.


هذا يدلل على سذاجة متناهية للعرب من أتباع المذهب الشيعي والذي كان يجب أن يعوا، من خلال أدبيات مناهج مذهبهم، ما بدا اليوم واضحا وضوح الشمس ولا يقبل المراء فيه، حقيقة تدثّر كره العنصر الفارسي للعرب بدثار التمذهب الشيعي والتقرب (زورا وبهتانا) من آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.


أما الأمر الثاني فهو اضطرار كل دعوة تنأى بنفسها عن حياض الدين (القومية العربية أو البعث مثالا) إلى اللجوء إليه في وقت الأزمات للحصول على المصداقية أو التعزيز وكسب التأييد الشعبي تبعا لذلك. وأذكر في هذا المضمار لجوء الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى الاستعانة بالتيارات الإسلامية لإعادة صياغة الجيش المصري وتحضيره لمعركة العبور المجيدة في أكتوبر من العام 1973 م. كما لابد أن يذكر الكثير ممن شهدوا حرب الخليج الأولى، لجوء الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى الظهور مظاهر التدين من إشارات قرآنية وتسليط إعلامي على تدين الرئيس من خلال بث صوره وهو يصلي ويقرأ القرآن. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثبات المعامل العقدي لدى الجموع العربية من أهل السنة، وبه وحده يمكن للإنسان أن ينفك من قيود العنصر ويتجاوزه عابرا الحدود والقارات إلى أي بقعة من بقاع الأرض ليجد من يناصره ويؤازره على أساس الأخوة المشتركة في الله وبالله.


ويجب هنا أن أستدرك فأشدد على دور العروبة وبأنها وعاء الدين وبأن العرب هم حاملوا رايته وعلى الدوام في طليعته، ولا يستقيم دين الله أو يعز في حال من هوان العرب، فلا عزة لدين الله إلا بوجوده فقي النسيج الكلي له، فالنبي عربي والقرآن نزل بلغة العرب والفاتحين الأولين عرب والإمامة من قريش وبسؤددهم يسود الدين بإذن الله تعالى طالما كانت العروبة ممنهجة في سياق خدمة هذا الدين ورسالة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.


http://iraqnusra.qawim.net/images/stories/sad2.jpg


وعودا على بدء، فإن مقالي هذا يقصد به التوطئة لبحث حقائق مؤلمة يحسن توضيحها في خلفية مقتل الرئيس العراقي الراحل (صدام حسين) بغض النظر عن ظلم المحتل له أو نيله لجزائه العادل، عن صلاح الرجل أو فساده، عدل الرجل أو طغيانه، إيمان الرجل أو كفره، صدق الرجل أو تواطئه وخيانته. فقد أفضى إلى ما قدم وليس في التعمق في هذا البحث سوى جدلية لا طائل من ورائها اليوم والتأريخ كفيل بإظهار الحقائق المغيبة عمدا. أما الحقائق التي أضعها بين يدي القارئ فهي:


أولا: اختيار حادثة الدجيل لتكون مرتكزا لمحاكمته بدلا من الحادثة الأشهر والأخطر (حادثة بلدة حلبجة بكردستان العراق). ولا شك أن هذا الاختيار يفتح الشهية لمعرفة السبب الحقيقي وسبب رفض إنظار أمريكا إتمام محاكمة الرئيس الراحل (صدام عن حادثة حلبجة).


ولعل الحقيقة تكمن في التقرير الصادر من عسكري أمريكي شارك في تحقيقات حادثة حلبجة وكتبه لوزارة الدفاع آنذاك، ويشير فيه بوضوح إلى أن موت المدنيين في حلبجة كان نتيجة غاز الساينايد القاتل وهي تقنية لم تكن في حوزة الجيش العراقي وقتها حيث كان الجيش العراقي يستخدم غاز الخردل في حربه ضد إيران. ((أما إيران فهي التي كانت تستخدم تقنية غاز الساينايد ضد المواقع العسكرية العراقية في تلك الحرب المشؤومة.


ترى ماذا سيكون موقف الأكراد من إيران وحلفاءها الذين كانوا ذراع إيران الأيمن في تلك الحرب المشؤومة إن علموا بأن التقرير يؤكد حدوث مجزرة حلبجة جراء القنابل الكيماوية السامة الإيرانية وليست العراقية علما بأن المنطقة التي تقع فيها قرية حلبجة كانت مسرحا لقتال ضار بين العراق وإيران وقت وقوع المجزرة.؟))


ثانيا: يجب الوقوف مليا أمام قتل أدمي، أيا كان، في مناسبة دينية وفي الأشهر الحرم. إن القوانين والأعراف المحلية في أبسط الدول وأكثرها تخلفا تحرم هذا الأمر تحريما تاما، وهو ما تم تجاهله عنوة في حالة إعدام الرئيس العراقي الراحل.


ترى هل كان يوم السبت العاشر من شهر ذي الحجة عيدا للأضحى عند جموع المسلمين؟ أن رئيس الوزراء المنصب في ظل الإحتلال قد قرر أن العيد لا يعتد به إلا إن أقرته المراجع الشيعية دون غيرها، وهو ما ظهر من فلتات لسانه حين أنكر أن السبت يوم عيد وبأن المراجع قد قررت الأحد عيدا. وكأن رئيس الوزراء، رئيسا لوزراء البصرة والكوفة والمنطقة الخضراء دون غيرها من سائر مناطق العراق الحزين.


ترى ألم يكن يوم السبت يوما من أيام إجازة العيد التي تسبق عيد الأضحى بأيام؟ إن حقيقة الإصرار على هذا اليوم له العديد من الدلالات التي تنضح بقيح من حقد دفين له لون ورائحة الحقد الفارسي العنصري المتدثر برداء التشيع على العرب والعروبة.


ثالثا: كيف تم تجاوز تصديق رئيس الجمهورية على حكم الإعدام والذي نص الدستور على عدم جواز نفاذ أي حكم بالإعدام إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية؟ وهو الدستور الذي ناضل من أجله شيعة العراق ووصفوه بالميثاق المؤسس لعراق العهد الجديد.


رابعا: تنص القوانين الدولية على عدم تعريض أي أسير حرب مهما كانت جريمته للأذي، وبأن المحتل أو الجهة الآسرة تتحمل وحدها مسؤولية سلامة الأسير طالما كان أسيرا لديها أو كانت القوة المعنية قوة محتلة. فكيف تسنى لأمريكا تسليم الرئيس العراقي الراحل في ظل القانون الدولي الذي تدعي حمايته؟ وإلى من تم تسليمه؟ يتضح من خلال ما شاهدناه وما ذكره شهود العيان من ومن كالات الأنباء العالمية بأن حكم الإعدام كان أشبه بحكم تصفية جسدية همجية على يد ميلشيات مسلحة وليس حكم في ظل كيان دولة أومؤطر بنظام.


وقد ظهرت تسريبات بأن الحكومة بتوجيه من مرشدها عبدالعزيز الحكيم قد أوعز بتسليم الرئيس العراقي لمليشيا المهدي لتتولى أمر قتله.


http://iraqnusra.qawim.net/images/stories/sad3.jpg


وأخيرا: فإن موت الرئيس العراقي، كان أشرف له من البقاء، حيث تجاوز سنه السبعين وتجاوزته أحداث العراق ولم يعد بقدوره إن عاد أن يكون غير مواطن له إحترامه أو سجين طوته جدران السجن. لقد جاء موته ليبرز مسيرة الرجل وينحت في التصور الإنساني للعربي السني صورة قائد قوي لقي مصيره بكل شجاعة وبطولة، ولا ريب أن الكثيرون سوف يرفعونه إلى مصاف القيادات التأريخية الملهمة. ولعل موته بهذه الطريقة البشعة ومن ثم تدنيس جثته ضربا وركلا بعد موته، سوف يحدد ملامح المستقبل ويوقظ الصراع الصفوى السني بشكل صارخ.


وناهيك عن الملابسات والمراد والدهاء الأمريكي كما يزعم البعض، فإن ما حدث لم يكن للأمريكان دور فيه أكثر من مجرد إستغلال الغباء والحقد العنصري الفارسي الشيعي ضد السنة وأهلها وهو ما كشف الحقائق عن مخططات التشيع الإيراني في المنطقة فأنتبه لها الذاهلون والراقدون. إنها مشيئة الله وإحاطته وحكمته. والله ومن وراء القصد....

* عضو مجلس أمناء الحملة العالمية لمقاومة العدوان

من هناك
01-10-2007, 01:44 PM
جزاك الله خيراً على الموضوع.

لقد كان إعدام صدام في حادثة الدجيل مسألة صورية وهم ارادوا اي قضية من اجل ان يفتعلوا نصراً في العراق.

إن موته اكيد افضل له ولعل الله ان يخفف عنه ويغفر له ونسأله ان يرينا الحق حقاً ويهدي بقية السلاطين العرب ويعظهم

عبد الله بوراي
01-10-2007, 02:59 PM
هذه الشمولية فى التعاطى مع الحدث تجعلنا نُحى أخى مقاوم ونبتهل للعلى القدير أن يوفق

لنا فى شخصه الفاضل وقلمه الناقل للخير المِعطاء دوماً .


burai

مقاوم
01-10-2007, 04:23 PM
أخي بلال
أخي بوراي
بوركتما... وأنتما أهل لكل فضل وكرم