تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إنَّ أميرَ المؤمنين سوف يقطعُ يَدَك.



عبد الله بوراي
01-09-2007, 02:54 PM
استدعى الخليفةُ الأمويُّ عبدُ الملكِ بنُ مروان أحَدَ وُلاته من أبناءِ عُمومتِه مستفسراً عن سببِ هجاءِ الشاعر الحُرثانِ بنِِ عَمْرٍو له مُعَرِّضاً ببني أُميّة جميعاً، لِمَ هَجاك الحُرثانُ بقوله:

إذا هَتَـفَ العُصْفــورُ طــار فــؤادُهُ
وليثٌ حــديــدُ النــابِ عنــدَ الثَـَرائِدِ

فقال أُميَةُ:يا أميرَ المؤمنين، لقد وَقَع في حدٍّ من حُدود اللهِ فأقمتُه.
فقال عبدُ المَلِكِ:هَلاّ دَرأتَ عنه الحدَّ بالشُبْهَةِ، عملاً بقوله (ص) ادرؤوا الحدود بالشُبُهات)؟
قال أُميّةُ:لقد كان الحدُّ أبينَ عليه من الشُبهةِ، يا أميرَ المؤمنين، فما وَسِعَني إلاّ أنْ أَقَمْتُهُ عليه.
فقال عبدُ الملكِ:يا بني أُميَّةَ أَحسابُكم أَنسابُكم، لا تُعَرّضوها للهِجاء، وإياكم وما سار به الشِعرُ لأنه باقٍ ما بقي الدهرُ.
واللهِ ما يَسُرُّني أَني هُجيتُ بهذا البيتِ ولي مُلْكُ ما طَلَعت عليه الشمسُ، وكان يقصد البيتَ الآتي:

يَبيتــون في المَـشْـتى مِـلاءً بُطـونُهـم
وجـاراتُهـم غَـرْثى يَـبـِتْـنَ خَمائصـا(1)
ذلك لأنَّ أميرَ المؤمنين، عبدَ الملك، فَطِن لخُطورةِ الأمرِ وعلم بحِسِّه اليقِظِ وذكائه الوقادِ أنّ سُمْعةَ الوالي إنما تنعكسُ، سلباً أو إيجاباً، على وليِّ الأمرِ الذي وَلّاهُ، فهو صورتُه بين رعيَّتِه، والصِلةُ بينه وبين شعبِهِ، فإن أَحسن الوالي حسبوا ذلك لوليِّ الأمرِ، فلهَجتْ ألسنتُهم بالدُعاء له والثناءِ عليه، وإذا أَساءَ الوالي كان غيرُ ذلك.
(1) غرثى: جياع. وكان الأولى أن يقول: غراث.
(2) خمائص: ج خمبصة، وهي خالية البطن ضامرته من الجوع.
فكم من والٍ صالحٍ وطَّدَ لوليِّ نِعمتِهِ بصلاحه، وكم من والٍ فاسدٍ قوَّضَ مُلكَ مليكِه بفساده بأن أثار عليه عامّة رعيّته.
ومعلومٌ أنَّ الخليفةَ الراشدَ العادلَ عمرَ بنَ الخَطّابِ، رضي اللهُ عنهُ، سأل يوماً أحدَ عمّالهِ وهو يمتحنُه ويُوصيهِ، قبلَ أن يُكلّفَه:ماذا تفعلُ إذا سَرقَ أَحَدٌ عندك؟ فأجابه من تَوِّه قائلاً: أقطعُ يَدَهُ، يا أميرَ المؤمنين. فقال عمر: ولكن اعلم بأنه إن سرق من حاجةٍ فإنَّ أميرَ المؤمنين سوف يقطعُ يَدَك.

من هناك
01-09-2007, 07:03 PM
جزاك الله خيراً





ذلك لأنَّ أميرَ المؤمنين، عبدَ الملك، فَطِن لخُطورةِ الأمرِ وعلم بحِسِّه اليقِظِ وذكائه الوقادِ أنّ سُمْعةَ الوالي إنما تنعكسُ، سلباً أو إيجاباً، على وليِّ الأمرِ الذي وَلّاهُ، فهو صورتُه بين رعيَّتِه، والصِلةُ بينه وبين شعبِهِ، فإن أَحسن الوالي حسبوا ذلك لوليِّ الأمرِ، فلهَجتْ ألسنتُهم بالدُعاء له والثناءِ عليه، وإذا أَساءَ الوالي كان غيرُ ذلك.

فكم من والٍ صالحٍ وطَّدَ لوليِّ نِعمتِهِ بصلاحه، وكم من والٍ فاسدٍ قوَّضَ مُلكَ مليكِه بفساده بأن أثار عليه عامّة رعيّته.

ومعلومٌ أنَّ الخليفةَ الراشدَ العادلَ عمرَ بنَ الخَطّابِ، رضي اللهُ عنهُ، سأل يوماً أحدَ عمّالهِ وهو يمتحنُه ويُوصيهِ، قبلَ أن يُكلّفَه:ماذا تفعلُ إذا سَرقَ أَحَدٌ عندك؟ فأجابه من تَوِّه قائلاً: أقطعُ يَدَهُ، يا أميرَ المؤمنين. فقال عمر: ولكن اعلم بأنه إن سرق من حاجةٍ فإنَّ أميرَ المؤمنين سوف يقطعُ يَدَك.