تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "حراء".. إطلالة تركية على العالم العربي



من هناك
01-09-2007, 12:41 AM
"حراء".. إطلالة تركية على العالم العربي



http://www.islamonline.net/arabic/arts/2005/11/images/pic10.jpg

مجدي سعيد**

ربما تكون تلك هي المرة الأولى التي تُصدر فيها مؤسسة تركية مجلة موجهة للجمهور العربي بعد انقطاع طويل عن اللغة العربية التي تم محاربتها منذ عام 1924.

أما المجلة فاسمها "حراء"، وهي صادرة عن "مجموعة قايناق للنشر" التي يقع مقرها في الشق الآسيوي من مدينة إستانبول الساحرة، ويرأس تحريرها "نوزاد صواش" رئيس القسم العربي في المؤسسة.

ومن الجدير ذكره أن قايناق هي إحدى مؤسسات طلبة النور.. تلاميذ الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي الذي عمل على حفظ الإسلام في وجه العلمانية في تركيا برسائله التي تتخذ من الإيمان والقرآن محورًا لها، وتلاميذ تلميذه الشيخ محمد فتح الله كولن الذي حول رسائل النور من ساحة الفكرة إلى ساحة العمل المؤسسي الذي تركز في مجالي التعليم والإعلام كطريق لإحياء الإيمان وإعلاء قيمة العلم.


أصالة ومعاصرة
"حراء" كما تعبر في تصورها العام هي "مجلة علمية ثقافية فصلية تعنى بالعلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية، وتحاور أسرار النفس البشرية، وآفاق الكون الشاسعة بالمنظور القرآني الإيماني في تآلف وتناسب بين العلم والإيمان، والعقل والقلب، والفكر والواقع".

فهي مجلة كما تقدم نفسها: "تجمع بين الأصالة والمعاصرة وتعتمد الوسطية في فهم الإسلام وفهم الواقع، مع البعد عن الإفراط والتفريط، تؤمن بالانفتاح على الآخر، والحوار البناء والهادئ فيما يصب لصالح الإنسانية، تسعى للموازنة بين العلمية في المضمون والجمالية في الشكل وأسلوب العرض، ومن ثم تدعو إلى معالجة المواد بمهنية عالية مع التبسيط ومراعاة الجوانب الأدبية والجمالية في الكتابة".

كما تستمد المجلة من اسمها "حراء" أجواء أضفتها على لغة الكتابة وروحها والتي تغلِّب السمت والروح الإيمانية على موضوعاتها.

فجاء في كلمة التحرير على باطن غلاف العدد الأول: ولهذه الإيحاءات الروحية والفكرية التي يستثيرها اسم "حراء" في ذهن المسلم ووجدانه، ارتأينا أن يكون "حراء" اسما لمجلتنا نستوحي منه –كتابًا وقراءً- المعاني العظيمة في رسم الطريق إلى المعرفة الإيمانية التي نريدها لمسلم هذا اليوم، وهذه المعرفة –كما نرى- لا تستوي على عرشها، ولا تؤتي ثمارها إلا إذا قامت على القرآن والكون والإنسان، فالإنسان المسلم كونيّ لا يكبح تطلعه، ومعرفي لا يقف عند حد، وقرآني الكينونة والوجود، فهو بين العقول صاحب العقل الأرقى وبين الفهوم صاحب الفهم الأوسع، وبين المدركات صاحب المدرك الأعم والأشمل، وهذا هو ما نسعى إلى تكريسه".


مخاطبة القلوب والعقول
تظهر مواضيع العدد الأول من المجلة عددًا من الملامح الواضحة لسياستها فهي تسعى لمخاطبة القلوب معتبرة ذلك اللغة الأساسية لخطابها، فهي تحرك عاطفة الحب في الإنسان جنبًا إلى جنب مع عاطفة الإيمان حين تحدثه عن "المحمل الشريف.. أشواق إلى ديار الحبيب"، كما تحدثه عن "العثمانيين والأماكن المقدسة في القدس الشريف" فـ"ما بين حراء والأقصى، ما بين مكة والقدس علاقات روحانية حميمة وطيدة في بناء صرح الحضارة الإسلامية، ففي الأولى كان التعبد وكان الوحي، وفي الثانية كان مهبط موكب الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى".

ناهيك عن تلك السمة الواضحة التي يمكن تلمسها بترجمتها شعر فتح الله كولن عن "وردة المدينة المنورة"، أو وهي تنقل لنا قصيدة حسن الأمراني بعنوان "حراء"، أو وهي تتحدث عن الإيمان والشفاء في المقال المترجم لدكتور ألفونس ويليمز.

ولم تقتصر مواضيعها على مخاطبة القلوب بل سارت بشكل متوزا لمخاطبة العقول، وهو ما يلحظ بوضوح في العديد من الموضوعات ذات الطابع الفلسفي التأملي كـ"مفهوم الجمالية بين الفكر الإسلامي والفلسفة الغربية"، و"رمضان وفلسفة الصوم"، و"كيفية تكوين الحس الديني لدى الأطفال".

كما أنه واضح في الموضوعات التي تأخذ الطابع الفكري كموضوع "الأمة الإسلامية مفهوما وخصائص" للدكتور سمير بودينار، أو "حقيقة الجهاد والقتال والإرهاب" للدكتور محمد عمارة.

ويحضر في المجلة أيضا الكون ومخلوقاته، كموضوع "قيثارة البعوضة" لعرفان يلماز، وانتهاء بموضوع "حدوث الكون" لأورخان محمد علي، وموضوع "كيف يفشل الاختيار الطبيعي في التصميم؟" لألب أرسلان دوغان.

كما تنتقل المجلة بقارئها بسلاسة لموضوع الإنسان المنشود، عميق الإيمان، متين الأخلاق، وهو ما نلمسه في موضوعات "في بلاد الثلج"، و"لفح النار"؛ فهي تتناول السمات النفسية للإنسان حامل الرسالة، كما تورد القصة الحقيقية التي كتبها "محمد سداد" حول أحد المدرسين الذين ذهبوا للتدريس في إحدى مدارس طلبة النور "في بلاد الثلج"، وسمات التضحية والصبر واستحضار النية التي يجب أن يتحلى بها، إضافة إلى القصة الحقيقية أيضا التي كتبها "أشرف أونن" حول الالتجاء إلى الله في أوقات الشدة.

ويكتب الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حول ظاهرتين تبعثان على الدهشة في كتاب الله عز وجل، مرورًا بقيثارة البعوضة، ومفهوم الجمالية؛ الأمر الذي شكل حضورًا قرآنيًّا تأمليًّا.

كما تضم المجلة بين دفتيها أبوابًا للعلوم، والثقافة والفن، والتاريخ والحضارة، والأدب، والدراسات الإسلامية، وقراءات في رسائل النور، والقضايا الفكرية، والشعر.


استجابة لشعور متبادل
يأتي صدور مجلة "حراء" بسماتها الإيمانية في وقت تشتد الحاجة فيه إلى التمسك بالإيمان، حيث تعصف أنواء أخلاق السوق والعولمة بخيام الإيمان والأخوة. ووقت ارتفع فيه منسوب التدين الشكلي الظاهري وانخفض فيه منسوب حقيقة الإيمان وأخلاقه في نفوس أبنائه.

كما يأتي أيضا صدور المجلة متزامنا مع محاولات يقوم بها العقلاء من أبناء الأمة الإسلامية لمد جسور التعارف والتفاهم والتقارب، سواء من خلال ملتقى المنظمات غير الحكومية في العالم الإسلامي، أو من خلال "مؤتمر الشرق" الذي جمع مفكرين ومثقفين من العالم العربي وتركيا وإيران لمواجهة أنواء المد الاستعماري الجديد، وتحديات الداخل، ولمد الجسور الثقافية بين تلك الدوائر الثلاث.

ومن ثم فإن المجلة تأتي وكأنها استجابة لشعور متبادل على ضفاف الأمة بالشوق إلى اللقاء عبر تلك الجسور، وبقي أن يرد العالم العربي بخطوة وخطوات على الجسر في الاتجاه المقابل.

فالسوق الثقافية فوق الجسر تشكو من فقر في المترجمات العربية إلى التركية فضلا عن المترجمات التركية إلى العربية، كما أنها تشكو فقر الإطلالات الثقافية العربية على القارئ التركي من خلال صحف أو مجلات أو مواقع موجهة إلى القارئ باللغة التركية. للمزيد طالع موقع مجلة حراء على شبكة الإنترنت

** مشرف وحدة البحوث والتطوير في إسلام أون لاين نت.