تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إعدام الرئيس العراقي...دلالات وتبعات



من هناك
01-05-2007, 02:22 AM
تقاطرت التعليقات وتكاثرت التحليلات حول إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين من حيث الحدث وتوقيته ودلالاته. وإذ كان هناك ثمة ما يشبه إلاجماع على أن الحدث أظهر الساسة العراقيين الذين يديرون الحكم في العراق –ظاهريا- كعصابة دموية وحثالة من المتعطشين للثأر والراقصين على إيقاع طائفي يخاطب عقول العوام ويثير غرائزهم على حساب العقل والمنطق والاخلاق القويمة. شخصيا الامر لا يثير عندي أي استغراب او تعجب, فمن يخون وطنه ودينه ومبادئه ويرضى بأن يكون دليلا ذليلا للاحتلال -تحت أي من المسميات- هو شخص عديم الضمير ومن غير خلق ولا خلاق ولا يستغرب منه التصرفات الرعناء والسلوكيات الوضيعة. ثمة نقاط في حادثة القتل الطائفية تستدعي التوقف والتأمل, كما إن لتلك الحادثة تبعات من الممكن استشرافها وتوقعها.
الامريكيون الذين حاولوا التنصل من سيناريو الاعدام البغيض والقاء اللوم على حكومة المنطقة الخضراء هم من يتحمل المسؤولية الاخلاقية والمعنوية على كل ما حدث ويحدث في العراق, فبالاضافة إلى أنهم المسؤولون عن تداعيات إحتلالهم للعراق فهم من يأمر ويحرك الحكومة العراقية والتي يتولى الاحتلال حمايتها ورعايتها. الامريكيون يحاولون بتقديري الاستفادة من الحادثة على عدة محاور: تعميق الانقسام الطائفي في العراق والدفع بإتجاه حرب أهلية تشكل حلا ومهربا من الاندحار والتراجع الذي يعاني منه الجيش الامريكي امام ضربات المقاومة العراقية, إظهار الحكومة العراقية كزمرة من القتلة وعصابات المافية وبالتالي الانقلاب عليها في حال تضاربت المصالح الامريكية والايرانية الى حد التصادم, وتجريد الموقف الايراني من إي دعم شعبي ورسمي إسلامي في المسالة النووية وربما التمهيد لحلف امريكي و حكومي سني لحصار إيران وإفشال مشروعها النووي.
بعد عملية الاعدام وقبل تسرب تفاصيل شريط الاعدام خرج علينا موفق الربيعي ليعلن أن صدام حسين كان زائع العينين خائر القوى وأنه عومل معاملة طيبة, بعدما تسرب شريط الاعدام عاد الرجل ليتراجع عن تصريحه السابق. خلق الكذب هو واحد من شيم سياسي الاحتلال والذين مارسوه ويمارسونه بصفاقة عجيبة ووقاحة غريبة في مرحلة ما قبل الاحتلال وما بعده. فهم الذين يقودون عصابات القتل الطائفية وهم الذين يطلقون في خطبهم ومواقعهم صرخات الاستغاثة ويضعون أنفسهم في موضع الضحية ليثيروا مشاعر العوام في الاتجاهات التدميرية لوحدة العراق وتماسك شعبه.
في ردهم علي انتقادات بشأن فيديو يظهر شهودا شيعة يسخرون من صدام حسين علي المشنقة قال مسؤولون عراقيون ان غرفة الاعدام اخترقت من جانب دخلاء عازمين علي الهاب التوترات الطائفية. وردد مسؤول كبير بوزارة الداخلية تلك الادعاءات وقال انه كان يفترض أن ينفذ حكم الاعدام بواسطة جلاد يعمل لدي وزارة الداخلية غير أن ميليشيات تمكنت من اختراق فريق تنفيذ الاعدام, واضاف المسؤول نفذ الحكم بواسطة ميليشيات ودخلاء. كما أعلن صادق الركابي مساعد "رئيس الوزراء" نوري المالكي ان عددا من الحراس احتجزوا للتحقيق معهم وان شخصا واحدا تم تحديده كمشتبه به في تصوير لقطات الفيديو غير القانونية التي أثارت ادانة دولية. من المعلن والمفترض بأن حكومة المالكي عازمة على محاربة الميلشيات وها نحن نرى وبوضوح ان المليشيات هي من يحكم العراق الامريكي الجديد. ثم إي حكومة تلك التي يستطيع دخلاء اختراق غرفة عملية إعدام تعتبرها تلك الحكومة الطائفية اكبر إنجازاتها واعظم احداثها. وإذا كانت تلك الحكومة عاجزة عن منع إختراق لغرفة إعدام الرئيس السابق والتي كان عدد حضورها محدودا, فهل تستطيع تحقيق إي انجاز او القيام بإي مهمة من المفترض ان تقوم بها أي حكومة لها ادنى درجات الصدقية والمصداقية؟ الاختراق الموهوم يذكرنا بعمليات القتل والاختطاف والتي تتم على أيدي مجرمي وميلشيات القتلة وعلى الملأ وليعلن بعدها ان المنفذين استخدموا ثياب قوات الامن وسياراتهم ومعداتهم.
مستشار الامن القومي العراقي موفق الربيعي والذي كان واحدا من بين 20 من المسؤولين والشهود الذين حضروا عملة القتل نفى ان تكون وجهت "اهانات" الى الرئيس المخلوع صدام حسين اثناء عملية اعدامه التي تخللتها "اخطاء" حسب قوله. وتساءل الربيعي في لقاء مع شبكة "سي ان ان" الأمريكية للتلفزيون "اين هي الاهانة؟ صرخات الحاضرين؟ كانوا يدعون الله. وتابع الربيعي "عندما غادرت المكان شعرت بالاعتزاز بما حدث. لقد تم القيام بكل شيء وفقا للقواعد. لكن مع الفيديو, هناك اخطاء ارتكبت يجب اخذ ذلك في الاعتبار كما يجب علينا ان نتحرك بهذا الخصوص". وحول ما تردد عن قيام بعض الحاضرين بالرقص حول الضحية, قال "انه احد تقاليد العراقيين. فهم يرقصون حول الجثة تعبيرا عن مشاعرهم فاين المشكلة في ذلك؟". حديث السياسي العراقي لا يحتاج الى كثير تعليق, فهو لا يرى ما حدث يشكل إي اهانة على الرغم من أن كثير من دول العالم ومنظماته وبمختلف توجهاتها وثقافاتها المتعددة رأت في ما صاحب عملية الاعدام أمور مشينة وهمجية متخلفة كما اننا نتعلم وللمرة الاولى من الربيعي بان من تقاليد العراقيين الرقص حول الجثث. أي حشرات سياسية تلك التي تصول وتجول على المسرح السياسي في العراق؟ لقد عد الكثيرون, بعدما عايشوا وعاينوا تصرفات واخلاقيات سياسي الاحتلال ما كان يعتبرونه من تجاوزات صدام حسين في عنفه وبطشه في معارضيه بمثابة انجازات للرجل, إذا كان اولئك المعارضين من أمثال المتواطئين مع الاحتلال الخائنين لوطنهم ومن المفتقرين إلى ادنى درجات الرجولة والصدق والاخلاق العامة.
ما صاحب عملية الاعدام والتي سجلها اصحابها بكاميراتهم معتزين بها, تدعونا للتأمل والتفكر بما يحدث للكثيرين من ضحايا ميليشيات القتل والاختطاف -والتي تعمل تحت غطاء حكومي رسمي- وهم بعيدون عن التوثيق داخل الاقبية المظلمة والمراكز السرية وقد انفرد بهم الساديون القتلة يتمتعون بتعذيبهم والتنكيل بهم والاعتداء على اعراضهم تحت مسميات دينية مغلوطة واحقاد تاريخية سوداء ملئت بها نفوسهم المريضة وقلوبهم الصدئة.
حبل المشنقة الذي انهى حياة صدام حسين, أنهى كل حديث عن المصالحة او اللقاء بين سياسي الاحتلال وبين مختلف شرائح الشعب العراقي وتوجهاته. من يبقى في صف الحكومة خصوصا من أهل السنة فهو يرتضي لنفسه وفي سبيل مآرب ومصالح شخصية ان يكون غطاءا رخيصا لزمرة مريضة ووضيعة تستهدف تمزيق العراق وتدميره. ما حدث يضع الحكومات العربية في مأزق كبير ينبغي ان يحول بينها وبين التعامل مع سياسي الاحتلال. المقاومة العراقية ستجد زخما شعبيا وتعاطفا عربيا واسلاميا وهي تقارع احتلال بغيض وسياسيوه من المرضى والمعوقين نفسيا والمنحطين اخلاقيا.


ياسر سعد