تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "قومية".. الـ 700 كيلوغرام من المتفجرات



من هناك
12-28-2006, 03:48 AM
منال قاسم

700 كيلوغرام من المتفجرات أعادتني إلى لحظة دخولي في إحدى معسكرات التدريب التابعة للحزب القومي في أواخر الثمانينات، حيث كان صوت الرشاش المتفجر المترافق مع صوت الآمر العسكري هو السمة السائدة. لم يكن التدريب منطقياً أبداً، كان قومياُ فقط يعتمد على دفع المرء إلى القيام بأعمال لم يكن مستعداً لها جسدياً ونفسياً تحت طائلة التهديد والعقاب.

ناهيك عن أنه قبل الدخول إلى مثل هذه المعسكرات كنت مضطرة أن أوقع على ورقة تعفي المسؤولين عنها من أي مسؤولية في حال تعرضت لأي أذى، وهو الأمر الذي كان احتمال حدوثه كبيراً نظراً لفظاظة التدريب وخشونته والقسوة المبالغ فيها بالتعامل حيث لم يمر أي مخيم دون وقوع الكثير من الإصابات وبعض هذه الإصابات لم يكن بسيطاً.

700 كيلوغرام من المتفجرات تعرض هكذا عارية مفضوحة على شاشات التلفزيون وكأنها جثث كامنة، جثث محتملة. 700 كيلوغرام من المتفجرات فجرت في ذهني صورة تلك المكتبة الصغيرة التي كانت لا تحوي سوى الكتب التي تعني الحزب القومي السوري، بحيث كانت مقتصرة على كتب أنطون سعادة وبعض القياديين البارزين في الحزب.

هذه الكتب كانت الوحيدة الموجودة، وكان المطلوب مني أن أؤمن إيماناً راسخاً بأنه لا يوجد كتب سواها. لم تتح لي الفرصة للاطلاع على أي كتب أو افكار أخرى إلا حين أنهيت دراستي الثانوية وتوجهت إلى الجامعة من اجل دراسة علم النفس مدفوعة برغبة قوية في اكتشاف آفاق أخرى.

الدراسة الجامعية والجو المفتوح بعض الشيء سمح لي بالاطلاع على أفكار أخرى فتبينت أن ما كنت فيه من انغماس في إطار الأفكار الخاصة بالحزب القومي السوري ليس إلا مرحلة من عدم النضج لا بد أن تنتهي لتفتح المجال أمام تطور فكري ثقافي ليس فيه مجال للواحدية.


الفظاظة التي تحدث بها رئيس الحزب القومي علي قانصو في محاولة تبريره لوجود تلك الكميات الضخمة من المتفجرات في لحظة تحاول فيها الدولة استكمال عناصر وجودها، لم تستطع إلا أن تحيلني إلى المنظومة الانقلابية الانتقامية التي يؤمن بها هذا الحزب والتي تشكل الخلفية الأيديولوجية الساسية له، والتي يخفيها أحياناً ويجهر بها في أحيان أخرى كما في هذه اللحظة التي تظهر فيها عناصر الانقلاب والانتقام واضحة وضوحاً لم يسبق له مثيل. كان دائماً يتم تشجيع العناصر الموالية لهذا الحزب على القيام بأعمال عنيفة وخطيرة من خلال دس طريقة تفكير تؤكد أن الحزب سيدافع عنهم حتى النهاية، وسيقوم بالانتقام لهم بالقوة في حال تعرضوا للأذى أو للقتل. اشتهر الحزب بذلك وكانت أبرز العمليات الانتقامية هي تلك التي انتقم فيها أعضاء هذا الحزب لإعدام رئيسهم ومؤسسهم هي تلك العملية التي اغتالوا فيها رئيس الوزراء رياض الصلح الذي يعتصمون الآن انقلابياً في ساحته بشكل لا أرى فيه نفسياً إلا محاولة رمزية لإعادة القتل والاغتيال من جديد.


ساعات التوقيت التي يقال إنها تنتمي إلى مرحلة الثمانينات وإلى مرحلة المقاومة وسيارة أحد مسؤولي الحزب التي كان قد أعلن أنها سرقت ثم اكتُشف أنه تم التلاعب بها وتغيير لونها ووضع كمية من المتفجرات بداخلها، كل هذه الأمور جعلتني أفهم أن الانقلاب لا يستطيع في أي لحظة كانت أن يلتقي الوطن.

إنه لا يستطيع أن يلتقي إلا الانقلاب. وهكذا وفي لحظة سريالية التقى الانقلابيون القدامى الانقلابيين الجدد في ساحة تحمل عنواناً وطنياً جامعاً كان القوميون أول من اعتدى عليه واغتاله. اجتمعوا حول ساعة توقيت لم تضبط أبداً على وقت الوطن بل على توقيت تصعيد متنام يهدد بنشر روح الخراب والدمار وفلشها على كل مفاصل الحياة في البلاد.

نور1
12-28-2006, 06:37 AM
كلام الكاتبة منطقي, شكرا" الأخ بلال على الموضوع.
هذا ما يحاول قوله كثير من اللبنانيين حول حقيقية هذا الحزب الذي تربى على الاغتيال و القتل و نمى على دماء اللبنانيين.

أعتقد أن أفضل عنوان للموضوع هو : و شهد شاهد من أهلها.

من هناك
12-28-2006, 02:00 PM
إن القوميين معروفوا التوجه وما يطمحون إليه رغم ان دعوتهم عفا عنها الزمن في زمن كوندي :)

لعلهم يستيقظون ويبدأون في تجديد خطابهم ويدعون إلى دمج الهلالين السوري والشيعي المزعوم