تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من مجدل عنجر إلى الكورة: الحرب بأي ثمن وذريعة؟



من هناك
12-24-2006, 02:54 AM
[color=red:c104b5f83e][size=24:c104b5f83e]مراجعة بسيطة لما كان عليه الوضع سابقاً وكيف اصبح [/size:c104b5f83e][/color:c104b5f83e]


جان عزيز

نريد سلطة لا تبيع المسيحيين إلى سوريا بتهمة العمالة، ولا تبيع السنّة إلى أميركا بتهمة الأصولية، في انتظار أن تبيع الشيعة بتهمة الإرهاب.
هذا الكلام كان أدق توصيف لأداء سلطة الوصاية، أطلقه فارس سعيد من تحت قبة مجلس النواب، باسم المعارضة السيادية سنة 2002. دقة التوصيف في حينه كانت نابعة من تطوّر الأحداث التي أربكت التركيبة السورية في بيروت بعد نداء بكركي الأول في 20 أيلول 2000. توالت نكساتها داخلياً وإقليمياً ودولياً. حتى بدا أن “التلزيم” الغربي الشهير، والأميركي تحديداً، بات في موضع إعادة النظر. يومها خرج المسؤول الأمني السوري بهجت سليمان بمقال ـــ وثيقة، يحاول عبره إعادة صياغة “الضرورة الأمنية السورية” في لبنان. وتبيّن أن نغمة السمفونية الجديدة قد أعطيت، ففتحت علبة “باندورا” الملفات الأمنية المفاجئة: شبكة تفجير المطاعم الأميركية، “القاعدة” في لبنان، أبو محجن، مجموعة الضنيّة، مقتحم المصرف البريطاني، مجدل عنجر... وبين هذه كلها 7 آب 2001 ومؤامرة “الانقلاب المسيحي” على السلطة. كلام النائب سعيد ألّف يومها تشخيصاً ثاقباً: ثمة سلطة فاقدة الشرعية، تسعى إلى تغطية وضعها بـ“البيع” إلى الخارج على حساب الداخل. والمفارقة أن تشخيص أبرز صقور “قرنة شهوان” في حينه، كان يستهدف نهج وزير الداخلية آنذاك الياس المر، الذي تحدث عن “مداهمة قرى بكاملها” و“تعبئة الموقوفين في شاحنات قبل فرزهم”. وهو النهج الذي ظل علامة سر غير مقروءة، خصوصاً بعد قضية محاولة تفجير السفارة الإيطالية في بيروت، والتي استحق اكتشافها تهنئة واشنطن المباشرة والشخصية، قبل أن ينتهي الملف بانتصار “الحريرية السياسية” للمعتقلين وإطلاقهم بقانون عفو صوّتت أكثريتها عليه، قبل التصويت على تحرير سمير جعجع.
لكل دولة عهد ورجال؟! ثمة ملامح كثيرة من الصورة السابقة في قضية الأسلحة المكتشفة لدى الحزب السوري القومي الاجتماعي، كما يرى المراقبون. مع أن كثيرين يتحفّظون على إعطاء براءة ذمة مطلقة للجناح العسكري للحزب المذكور، غير أن السياق والتوقيت والتوظيف السياسي والإخراج الإعلامي، كل ذلك يذكّر بكلام الدكتور سعيد.
مجرد “عدة شغل” دعائية للتغطية؟ قد يكون الأمر كذلك، وقد تكون الأسلحة المكتشفة رأس خيط لاتهامات فعلية. غير أن المراقبين يشيرون الى ما قد يكون أخطر وأكثر حساسية، انطلاقاً من القراءة التالية:
يقول هؤلاء: صحيح أن تركيبة “الحريرية السياسية” في وضع حرج اليوم. وصحيح أنه في الجانب السياسي ـــ الأمني، تجد هذه التركيبة نفسها في مواجهة ملفات مزعجة، من الطائرة البرتغالية إلى مزاعم اللقاءات الإسرائيلية، إلى اتهامات التآمر على رأس فريق لبناني. وصحيح بالتالي أن اللجوء إلى وسائل التمويه والتضليل، ممكن نظرياً على الأقل، لكن الأهم والأعمق، يكمن في سؤال يطرحه بعض المتابعين للوضع اللبناني المأزوم: هل قررت تركيبة “الحريرية السياسية” زعزعة الوضع الأمني في لبنان بأي ثمن وذريعة؟
مسلسل الأحداث الأخيرة يعيد أصحاب السؤال رسمه بالصيغة المقلقة التالية: هل كان اغتيال الشهيد بيار الجميّل في 21 تشرين الثاني الماضي يهدف إلى اندلاع حرب مسيحية ـــ مسيحية أجهضها ميشال عون بامتصاص الهجوم العنفي “العفوي” عليه؟ وبعدها هل كان اغتيال أحمد محمود يهدف إلى اندلاع حرب سنية ـــ شيعية، وأَدَها حسن نصر الله؟ وهل ثمة من تنبّه إلى أن “الخزان” المسيحي القتالي غير متوافر في جبل لبنان ولا في زحلة، بقدر توهّم وجوده في الشمال، فأطلق الرصاص على منزل سليمان فرنجية؟ وبعد فشل تلك المحاولات، هل ثمة من استفاق على “تاريخ” الحزب القومي، من رياض الصلح إلى رأس سنة عام 1960، مروراً بالضابط البعثي عدنان المالكي ووصولاً إلى الرئيس الشهيد بشير الجميّل، فاعتبر أن شرارة البارود المثلى، قد تكمن في “التحرّش” بهذا “العنف الدفين”، بعد استنفاد الشرارات الأخرى المتخيّلة؟ ويزيد أصحاب هذه القراءة أن ثمة إشارات أخرى مواكبة، ليست أقل إقلاقاً. منها الكلام عن “الجيش السني” الذي نقلته صحيفة “لوس أنجلس تايمز” عن أحد الوزراء الحريريين، ومنها بلوغ سعر الأسلحة الفردية أرقاماً قياسية في بورصة بيروت السوداء، ومنها تهافت برامج تمويل بعض السفارات، على التعاون مع مجموعات ناشئة ناشطة بشأن أفكار سياسية جريئة، ومنها خصوصاً ما يهمس به بعض العارفين عن وجود أشخاص ذوي ارتباطات سياسية معروفة، يعرضون خدماتهم في مجال “الحماية” و“الأمن الذاتي” على جهات سياسية متقابلة في بعض المناطق.
هل تكفي تلك الإشارات؟ المراقبون أنفسهم يضيفون إليها بعضاً من قراءتهم السياسية الخاصة: سقوط الاستقرار الأمني اليوم قد يقدم بعض الإيجابيات إلى بعض القوى. فهو مثلاً يسقط صفة “المقاومة” نهائياً عن سلاح “حزب الله”، ويعيد رسم خريطة جغرافية ـــ عسكرية ـــ أمنية أقل اتساعاً لشرائح بعض القوى المعارضة، ويضعف خصوصاً انتشار ميشال عون المسيحي، لكونه انتشاراً سلمياً لا عنفياً وغير مسلح. وهو خصوصاً يؤكد اتهام دمشق بزعزعة “الديموقراطية اللبنانية الفتيّة”، ويعزز فرص البحث في رعاية دولية كاملة ومباشرة لثورة الأرز.
كيف ستتعامل المعارضة مع هذه الإشارات؟ الواضح، بحسب مصادرها، أنها لن تؤخذ بالتهويل بها. وهي تستعد لإكمال برنامجها الاعتراضي: ننتظر احتفال إخواننا الأرمن بعيد الميلاد في 6 كانون الثاني المقبل، وبدءاً من السابع منه تبدأ مرحلة التصعيد السلمي الجديد. حتى ذاك، أمام السلطة أسبوعان كاملان لمتابعة مفاجآتها الهيتشكوكية.