تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقابلة جريدة السفير مع الدكتور فتحي يكن



الحسني
12-17-2006, 07:27 AM
[color=darkblue:131bb54219][size=24:131bb54219][u:131bb54219][align=center:131bb54219]جريدة السفير ومقابلة مع الداعية فتحي يكن
مؤسس <الجماعة الاسلامية> الذي أمّ صلاة السنة والشيعة
فتحي يكن: المعارضة في معسكري.. لست في معسكر المعارضة[/align:131bb54219][/u:131bb54219][/size:131bb54219][/color:131bb54219]

نجم ساحتي الاعتصام في الآونة الأخيرة هو الدّاعية الإسلامي فتحي يكن المنطوية شخصيته ومسيرته على تناقضات غريبة.

يدخل الشيخ الجليل الى صالون صغير في منزله في الصنائع مرتديا عباءة طويلة سوداء، يبتسم ويتمتم كلمات لطيفة ثمّ يجلس بهدوء يحوطه ثلاثة شبّان يبدو أنهم مرافقون يسهرون على سلامته، فالرجل ليس عاديا.

إنّه ليس شيخا، لا يضع عمامة، بل يرفض أن يحسب على <طبقة> المشايخ لكنّه منذ أسبوع كان إماما في الساحتين في وسط بيروت هو السنّي الذي يعتبر من الرعيل الأول المؤسس للحركة الإسلامية في لبنان في الخمسينات والمساهم في تأصيل فكر الحركة الإسلامية في العالم العربي.
يكن إسلامي سلفي إخواني مختلف: كلماته، حركاته، أسلوب تفكيره الشبابي، هواياته لا تجعلك تشعر أنك أمام <سلفي> أو <اصولي> بل أمام رجل سبعيني مرح يحبّ الرياضة التي تشعره بأنه في العشرين من العمر على حدّ تعبيره.

يهوى مؤسس الجماعة الإسلامية في طرابلس ولبنان الإلكترونيات والكهربائيات وهو أسس إذاعات عدّة. كان هذا الملتزم والدّاعية بطلا في كرة الطاولة وممارسا لكمال الأجسام والملاكمة. تحدث في خطبته الأخيرة عن المشروع <الأميركي البوشي الصهيوني> وهو خرّيج مدرسة الأميركان. إنه داعية سني ويؤيد معسكر المعارضة بقيادة <حزب الله>. طالما دعا الى الوحدة الحركية الإسلامية فيما يخرج دائما عن الإجماع السنّي. اعتاد فتحي يكن أن يسير عكس التيار السائد، اعتاد أن يخالف القواعد المرسومة سلفا ومن هنا تميّزه وغرابته.

ولد فتحي يكن في مدينة طرابلس في 12 شباط عام 1933 في حي الرّفاعية المؤدي الى منطقة أبو سمرا. والده محمد عناية يكن ووالدته عائشة يكن. جدّه لأمه هو المؤرخ والشاعر حكمت شريف يكن الذي ترك 50 مؤلّفا منها 36 جزءا عن تاريخ الأديان تحوي مخطوطات نادرة.
أصل العائلة تركي وتعني كلمة <يكن> في اللغة التركية <إبن عمّ السلطان>، لكنّ قسما منها نفي بعد أن وقع خلاف بين السلطان وإبن أخته فاستوطن جزء من العائلة في حلب وتفرقت أجزاء منها بين لبنان ومصر.

نشأ يكن في كنف جدّته لوالده وسيلة مرحبا التي احتضنته بعد وفاة زوجها فنشأ في بيئة متدينة <الى درجة تفوق التصور> بحسب وصفه. هو كبير عائلة مؤلّفة من شقيقين وشقيقة توفيت صغيرة كان اسمها فتحية ولديه اليوم 18 حفيدا وحفيدة وقد تزوّج في سنّ ال27 من الدكتورة منى حداد التي كانت في ال17 من العمر وله إبن وحيد و4 بنات.

بدأ دراسته في مدرسة النجاح الوطنية في طرابلس التي تعنى باللغة العربية ثمّ انتقل الى مدرسة النموذج الوطنية الرسمية وقرر الوالد أن ينقله الى مدرسة الصبيان الأميركية نظرا الى مستواها الجيد فأتمّ دراسته الثانوية وتخرّج منها.

مهندس الكهرباء
أولع يكن في شبابه بالاختراعات الكهربائية. كان في الثامنة عشرة من العمر عندما اخترع منبّها كهربائيا وأهداه للمدرسة لقرع الجرس تلقائيا في الفرص. هذا الميل دفعه الى الإلتحاق بكلية السلك المدني فنال إجازة في الهندسة الكهربائية وقدّم مشروع التخرّج وكان جهاز راديو. أفاد من ذلك في ثورة 1958 عندما أنشأ وهو في صفوف جمعية <عباد الرحمن> إذاعة <صوت لبنان الحر> في طرابلس لتبثّ خطبة الجمعة وأسس لاحقا إذاعة <صوت المجاهدين>.

في أواخر عهده الدراسي في <الهاي سكول>، تعرف الى لفيف من الطرابلسيين الذين كانوا يرسون علاقة مع جماعة <الإخوان المسلمين> في مصر وهي حركة اجتذبت الشباب ونادت بالاصلاح الاجتماعي والسياسي أسسها حسن البنّا عام 1928 مع صديق طفولته أحمد السكري. وصلت الى يدي يكن كما الى كثر من أبناء جيله إصدارات الإخوان ومنها جريدة <الدعوة> وبدأ يتعرّف الى الفكر الحركي الإسلامي فاجتذبه وخصوصا منهجية الإمام البنّا <وهي منهجية وسطية ليست تعنتية أو مغالية>.

راح يقرأ في كتب البنّا ويدرسها مع لفيف من الإسلاميين ومنهم الشيخ سعيد شعبان أمير <حركة التوحيد>، ولم يكد يصل الى ال19 من العمر حتى بدأ في تقديم خطابه الإسلامي في المساجد الطرابلسية.

لم يصبح يكن رجل دين <لا أعتبر نفسي كذلك. رفضت أن أتعمم. أنا رجل إسلام يجمع بين السياسة والدّين>. ويشرح: <ليس في الإسلام رجال دين. كل مسلم ينبغي أن يكون فاهما لدينه ممارسا له وداعية إليه. جاءت طبقة العلماء والمشايخ متأخرة بغية تنظيم الطائفة>.

كان هذا أول خروج على المألوف، ما صوّب عليه الأنظار وخصوصا أنه كان يخطب كل يوم جمعة: <يعتبر بعض رجال الدين أننا نعتدي على مواقعهم لكننا لا ننافسهم في وظائفهم ولا نتقاضى رواتب بل إن عملنا تطوعي على اعتبار أن واجب المسلم ووظيفته في الحياة هما الدعوة>.
بدأ يكن دعوته الإسلامية في جماعة <عباد الرحمن> لمؤسسها محمد عمر الداعوق منذ عام 1957 وهي تأسست عقب الهزيمة العربية وتأسيس دولة إسرائيل عام .1948

مؤسس الجماعة
لم يستمّر في هذه الجماعة التي ما لبثت أن تأثرت بطروحات جمال عبد الناصر الذي بعد أن سانده <الإخوان المسلمون> في بداية ثورة 5 يوليو، عادوا واصطدموا معه بقوة فأمر باعتقالهم بتهمة التآمر لقلب النظام، وعام 1964 أفرج عنهم ليكتشف بعدها أنهم لا يزالون على معتقداتهم واتهمهم بالتخطيط لاغتياله فأمر باعتقالات جديدة وأعدم سيّد قطب مفكر الإخوان عام .1966

<بعد مناقشات طويلة افترقت عن <عباد الرّحمن> وأسست <الجماعة الإسلامية> في أواخر الستينات، وكان يومها كمال جنبلاط وزيرا للداخلية> كان ذلك رفضا آخر للقواعد المرسومة.

تعتبر <الجماعة الإسلامية> امتدادا للإخوان المسلمين في مصر: <وجدت الجماعة الإسلامية في الوسط الإسلامي السنّي تمسّكا ظاهريا بالدّين، من دون التزام بجوهره، فكنا نجد نساء محجبات يضعن الغطاء على كامل وجوههن دون أن يفهمن جوهر الدين. التعصب لظواهر الإسلام دفعنا الى البدء بهذه الخطوة للتوعية على الإسلام ومكارمه. وأصدرنا سلسلة كبيرة من النشرات والرسائل تكلمنا فيها عن قضية إلغاء الطائفية السياسية وعن وحدة العمل الإسلامي>.

يتوقف يكن عند دعوة الجماعة في لبنان التي كان أمينا عاما لها حتى عام 1992 عندما خلفه الشيخ فيصل المولوي: <لا تهدف الجماعة الى إقامة حكم إسلامي. لا يمكن أن يقوم في لبنان حكم عقائدي بسبب التعددية الموجودة فيه. لا بدّ من صيغة حضارية توافقية يرضى بها الجميع وتحافظ على الخصوصيات الطائفية. كفل الدستور هذا الأمر وثبتته قوانين الأحوال الشخصية>.

الافتراق عن الجماعة
تطوّر مسيرة يكن الإسلامية بدأ شماليا ثم امتدّ الى بيروت والمناطق اللبنانية وحصل تعاون مع دار الفتوى وخصوصا على عهد مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد. عام 1992 دخل الى المجلس النيابي ممثلا عن الجماعة الإسلامية وما لبث أن وقع الخلاف مع القيادة <في بعض الشؤون المتعلقة بمنهجية العمل في لبنان، إذ أردت التمايز في المواقف حتى لا تندرج الجماعة وتحتسب على فريق من الأفرقاء>. كان ذلك في بداية عهد حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

يضيف يكن: <نحن اليوم في المعارضة لكننا متمايزون ولا يمكن لأحد أن يتّخذ عنّا القرار>.

في ظل هذا الواقع أسس يكن مشروع جبهة العمل الإسلامي عام 2006 بغية <ترتيب البيت السنّي ثمّ ترتيب البيت الإسلامي وصولا الى ترتيب البيت اللبناني في ظل الشوارع المقسّمة في الطوائف اللبنانية كلها وأنا أسميت ظاهرة تمزق البنى الطائفية والمذهبية <الإيدز الحركي>.
في إطار تميزه يرسي فتحي يكن علاقات جيدة مع سوريا وهو زار في 21 أيلول الفائت دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد علما أن المخابرات السورية اختطفته 18 يوما عام 1979 قبيل الصراع المسلح مع الإخوان في سوريا إذ اتهم بالتمويل والتسليح <وما لبثت أن تكشفت الحقيقة>.

كتب مراسل صحيفة <الشرق الأوسط> في لندن مشاري الذايدي يوم الأحد 10 الجاري: (...) <حسب ملاحظة مفكر سني سياسي فإن مشكلة الدكتور يكن، حسبما يرى، هي في اقتناعه العميق بقدراته في رسم المسارات النظرية والسياسية للسنة في لبنان وربما خارج لبنان. ويبدو ان سورية جار لبنان الكبير، والملقي بظله على هذا البلد، قد تنبهت لأهمية استثمار كل هذه المعطيات في شخصية الشيخ يكن>.

كم <يستثمر> السوريون شخصية الدكتور يكن المنفتحة؟
يجيب: <لا شك ان طبيعتي ليست مغلقة بل إنني منفتح على الكل وألتقي بالجميع من دون أدنى حرج وأشعر دائما بقدرتي على القيام بمهمات وساطة تتجاوز الأزقة والشوارع والمربعات الأمنية. العلاقة مع الاخر أوظفها بالشكل الذي يخدم رسالتي>.

المعارضة في معسكري
في محاولة من جانب المعارضة تهدف لتهدئة أجواء الاحتقان السياسي في بيروت والظهور بمظهر الموحد للبنانيين، أمّ يكن يوم الجمعة (في الثامن من الجاري) عشرات الآلاف من أنصار المعارضة في صلاة الجمعة وحذّر في خطبته اللبنانيين من الانزلاق في أتون الحرب المذهبية.
هذا الرمز من رموز الجماعة الإسلامية التاريخيين منحاز في شكل واضح الى معسكر المعارضة بقيادة <حزب الله> لكنّه يرفض هذا القول: <كنت معارضا قبل هذه التشكيلات كلها. منذ أن كنت في سنّ ال16 خرجت بتظاهرات ضدّ الإحتلال الفرنسي وكادت تدوسنا الدبابات في طرابلس وحصلت مجزرة أمام عيني ذهب ضحيتها بعض رفاقي في الصف>.

كنا نطالب بالإستقلال عن فرنسا وإذا بأرتال من الدبابات تمرّ في شارع رياض الصلح القريب من شارع المصارف (في مدينة طرابلس) وفي وسط الشارع الرئيسي، أذكر أشجار النخيل وضابطا فرنسيا يقف في سيارة <جيب> ويشير للدبابات بقتل المتظاهرين رشقا ودوسا فأزيل اللحم البشري بعدها بالرفش. رأيت ذلك بأمّ عيني. هنا بدأت معارضتي ثم دعمنا القضية الجزائرية ووقفنا ضدّ الإحتلال الفرنسي ونظمنا تظاهرات ومسيرات تنادي بتحرير الجزائر وانسحب ذلك على قضية فلسطين وبالتالي نحن لسنا في معسكر الآخرين بل نعتبر بأن الآخرين هم في معسكرنا>.
ارتبط يكن بصداقة مع السيد عبّاس الموسوي لكنّ المستغرب أن اللقاء الأول مع الأمين العام ل<حزب الله> السيد نصر الله كان بعد حرب تموز الأخيرة. فكيف تسارعت وتيرة هذه العلاقة ليؤمّ جماهير المعتصمين بفتوى خاصة من نصر الله؟

يقول: <قد لا يعرف الإنسان كيف حصل هذا، أنا لم أطلب شيئا بل طلب مني ذلك... ويجب أن يسأل من اختارني>.

يدعم يكن المعارضة لأنها تسير بحسب نهجه: أميركا تريد أن تدمّر منطقتي وانتمائي وشخصيتي وهويتي الوطنية والقومية والإسلامية>.

? ماذا عن الرأي القائل بأن <حزب الله> يمثل الثورة الإيرانية ويسعى الى إرساء نظام إسلامي مشابه لذاك القائم في إيران؟
أعتقد أنه من خلال كلام قيادات <حزب الله> والسيد حسن نصر الله نكتشف بأن هذا الأمر مرفوض. يكرر السيد نصر الله دوما بأنه لا يحمل ايّ مشروع انقلابي لإرساء دولة شيعية في لبنان فلم التأويل إذن؟

? أنت داعية سنّي والمملكة العربية السعودية تؤيد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ألا يؤثر ذلك على موقعك داخل الطائفة السنية ويزيد الإنقسامات؟
الإنقسام ظاهرة مرضية لذا نعمل لاحتوائه ولإعادة بناء هذه الطائفة وتوحيدها. نحن ضدّ أن تنقسم الطوائف أو تتفكك لأن ذلك يزرع فتائل التفجير فيصبح لبنان ارضا ملغّمة فنبدأ بالتوحيد الطائفي والديني ثم السياسي.

? أصدرت بيانا تمايزت فيه أخيرا وقلت أن اقتحام السراي الحكومي خط أحمر ورفضت فكرة الحكومة الإنتقالية...
البيان الصادر له خلفياته. نحن شركاء في المعارضة ونرفض أن يقوم أي شريك من الشركاء بإعلان موقف لم يدرس معنا. البيان هو قرع جرس إنذار مبكّر لكل أفرقاء المعارضة بأن إياكم بأن يقوم أي فريق بالتفرّد بأي قرار. والقصد بصورة خاصّة كان موقف الجنرال (ميشال) عون في تظاهرة الأحد وهو ربما التبس علينا عندما قال بأننا سنقوم بتشكيل حكومة انتقالية مضادة، هذا الأمر يؤدي الى إنشاء حكومات فنسقط بالفخ الذي نصبته لنا الولايات المتحدة الأميركية لتقسيم المنطقة.

? هل كان موقفكم بالتنسيق مع <حزب الله>؟
لا، إنه متميز لكن لا أعتقد بأنه يخالف توجهات <حزب الله>.

? البعض فسّر موقفكم بضغط الشارع السني الذي يسير اليوم بمجمله في عكس الخطّ الذي تسيرون عليه وخصوصا بعد تظاهرة طرابلس الحاشدة يوم الأحد الفائت تأييدا لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة وقوى 14 آذار؟
لأن بعض الطروحات التي ذكرتها فهمت على أنها نوع من الإنقلاب لتشكيل حكومة أخرى مما يدخلنا في نفق لا نعرف كيف نخرج منه، وأعتقد بأنّ الرسالة قد أدّت غرضها تماما.

? إذن كان البيان رسالة موجهة الى الجنرال عون وليس لأحد آخر؟
بصورة خاصّة نعم فالسيد نصر الله لم يطرح ذلك البتّة.

? في ساحة الإعتصام ثمة جمهور واسع للتيار الوطني الحرّ يشعر أحيانا بالضيق من بعض الشعارات التي لا تتلاءم مع نسيجه السياسي كشعار <الموت لأميركا> الذي رفعه يوم الأحد الفائت الشيخ نعيم قاسم، فلم استحضار شعارات الثورة الإيرانية في لبنان وهل يعدّ ذلك احتراما للجمهور الآخر؟
نحن في صدد لقاء لإعادة ترسيم الخطوات حتى نعود الى الأصول لأنه أحيانا يفلت الأمر من أيادينا ليطرح كلّ شخص ما عنده فتتأتى ردود فعل تخرج عن الطور، نحن نريد أن تعود المعارضة الى الخطوط الأساسية التي اجتمعت عليها لا أن تتجاوزها.

? كيف يمكن اليوم استيعاب التعبئة التي حصلت بين السنّة والشيعة في المعركة السياسية القائمة؟
أعتقد أنه ما بين طرفة عين أنت باهتها يغيّر الله من حال الى حال. حصل في يوم من الأيام تعاون وثيق لم نكن فيه هو الحلف الرباعي، والآن يتخاصمون. أنا شخصيا لا استبعد أن يعود هذا الغزل للقوى ويمكن أن نجد أنفسنا خارج اللعبة، وربما نصبح معارضين للحكومة التي قد تتشكل وذلك بحسب مواقف الآخرين، أمّا نحن فثابتون على موقفنا في مواجهة المشروع الأميركي.