تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة !!!! "أحمد موفق زيدان &qu



صلاح الدين يوسف
12-13-2006, 09:54 PM
فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة !!!! "أحمد موفق زيدان "
فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة !!!!

أحمد موفق زيدان
كشفت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن برنامج تأهيل الجيش الأفغاني كلّف حتى الآن ألف ومائة مليون دولار أميركي ، لكن أبان التقرير عن حجم الفساد الذي ينخر هذا الجيش ، وأوجه هذا الصرف من حيث أن خمسين بالمئة من المعدات والأجهزة التي وُزعت على الجيش الأفغاني المدرب أميركياً ليست في حوزته الآن ؛ وإنما سرقت أو سرّبت إلى مقاتلي حركة طالبان الأفغانية ، فضلاً أن أعداداً كبيرة من الجيش الأفغاني هربت ولجأت إلى مقاتلي طالبان ، ومقاتلي القوى المناوئة الأخرى ، هرباً بجلدها أولاً بعد تصاعد عمليات الاستهداف لها ، وبعد ما بدأت الدوائر تتناقل عن الانتاكاسات التي تواجهها القوات الأميركية والأجنبية بشكل عام في أفغانستان .
إن مفتاح فهم القضية الأفغانية والعقلية الأفغانية بشكل عام ، وهو ما تفتقر إلى فهمه هذه الدوائر الأجنبية التي يعوزها مسشرقون حقيقيون يفهمون ويعون ويدركون العقلية الأفغانية أولاً ، والعقلية العربية والإسلامية بشكل عام ، بخلاف ما كان عليه الأمر في القرن الماضي ، حين كان للاحتلالات الأجنبية مستشرقون يفهمون المنطقة ويزورونها ويقيمون بين أظهرنا ، فالاحتلال الجديد لا يزال يعتمد على نصائح المتهالك برنارد لويس الصهيوني والمحافظي الجديد الذي لا يزال يعيش بعقلية القرن الماضي ، ولا يفهم آليات وديناميات الشباب العربي والإسلامي هذه الأيام ، وأن الأيام تغيرت ، وأن عام 1900 وما قبله وبعده ليس ما بعد عام 2001 .
فالأفغاني حسب المثل القديم يُستأجر ولا يُشترى ، وهذه المعادلة لم تفهمها قوات الاحتلال ، فقد تردد على مستويات عدة ، أن من هرّب زعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر يوم سقوط قندهار كان الرئيس الأفغاني الحالي حامد كارزاي لحسابات قبلية ، فالأميركيون سيرحلون عن أفغانستان ، وما يبقى هو القبيلة ، وكما أن المغنم مشترك بين القبيلة وأفرادها كلهم ، فالمغرم كذلك ، وحينها لا يستطيع أن يتخذ كارزاي أو غيره موقفاً ربما يضر بالقبيلة حاضراً ومستقبلا ، وهي معضلة ومعادلة قلما يفهمها من يأتي من خلف البحار والمحيطات .
في المنطقة الصناعية قرب بيشاور تجد كل أنواع وأشكال بضاعة الجيش الأميركي في أفغانستان تباع بأرخص الأثمان ، كيف حصل هذا لا يعرف أحد ، زرتها قبل أيام لأكتشف أن كل شيء يتم بيعه هناك من مناظير وسكاكين وألبسة ونحو ذلك ،ونفس الأمر يحصل من بيع للأسلحة الأميركية في السوق السوداء العراقية ، هل حصل هذا كله مع الجيش الأحمر إلا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، لكن ما نشهده الآن هو بيع كل ذلك الآن ، فكيف لو انهارت أميركا ؟!! فالانسحاب من أفغانستان صعب ، وكذلك من العراق ، ولكن البقاء أصعب ، وكلفته وفاتورته كبيرة ستتعدى كل ما نتصوره وما نتخيله ، وهو ما أشارت إليه صحيفة الفايننشال تايمز قبل أيام ..
لا شك إن كلفة فواتير حربي بليرـ بوش في أفغانستان والعراق باهظة ؛ فالخسائر المادية لن تكون آنية ولحظية مرتبطة بالوجود الأميركي _ البريطاني في هذين البلدين ، فقد تحدثت التقارير الغربية عن عزم الحكومة البريطانية تعويض الجنود البريطانيين الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح في أفغانستان والعراق بمئات الآلاف من الجنيهات وهو أمر سيُظهر مدى مصداقية هذه الآية القرآنية العظيمة " فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ".