تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فتحي يكن: الجماعة الإسلامية بلبنان انحرفت عن مسار الإخوان



صلاح الدين يوسف
12-13-2006, 01:51 PM
فتحي يكن: الجماعة الإسلامية بلبنان انحرفت عن مسار الإخوان

بيروت / محمد علوش 21/11/1427
12/12/2006



كان من أبرز المنظرين للحركة الإسلامية، ليس في لبنان فحسب، بل في كافة أرجاء الوطن العربي، ولا تزال الذاكرة الحركية تتذكر "الموسوعة الحركية" و "ماذا يعني انتمائي للإسلام؟"، و "المتساقطون على طريق الدعوة" و "مشكلات الدعوة والداعية" و "الإسلام فكرة وانقلاب" ...
الشيخ فتحي يكن وُلد في 9 فبراير 1933 في طرابلس بلبنان، وهو متزوج من السيدة منى حداد يكن وله أربع بنات وولد، وحائز على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية واللغة العربية.
انخرط فتحي يكن في العمل الإسلامي في لبنان منذ الخمسينيات. وهو أحد فروع تنظيم الإخوان الدولي.
وظل "يكن" مسؤولاً عن أمانة الجماعة الإسلامية حتى نجاحه في الانتخابات النيابية عام 1992؛ إذ قدم استقالته بسبب اختلافات في داخل الجماعة التي وصفها فتحي يكن في حواره مع شبكة (الإسلام اليوم) بأنها قد انحرفت وابتعدت عن منهج الإخوان، وهو الأمر الذي دفعه للاستقالة.
بعد غياب عن الساحة الحركية الدعوية، عاد الشيخ يكن إلى الأضواء مجدداً عبر الساحة السياسية هذه المرة، حين تحالف هو وجبهة العمل الإسلامي التي يرأسها مع تيار المعارضة الذي يقوده حزب الله.
(الإسلام اليوم) التقت الشيخ فتحي يكن في مقر إقامته بلبنان، وتناولت معه محاور الأزمة اللبنانية، والمحور السوري الإيراني، و حقيقة مخاوف المعارضة من المشروع الأمريكي في لبنان.

فإلى تفاصيل الحوار ...




في خطبة الجمعة التي أُقيمت في وسط المحتشدين في ساحة الشهداء، قلتم بأن اعتصام المعارضة باقٍ حتى يسقط المشروع الأمريكي في المنطقة، فما علاقة المعارضة بمواجهة المشروع الأمريكي؟
لا شك نحن ننظر إلى التشكل الذي قام في أعقاب جريمة اغتيال الرئيس الحريري على أنه تشكل منحاز، ونستطيع أن نقول بأنه مختطف من قبل المشروع الأمريكي، ويكفي أن يكون فيه بعض القوى التي اصطنعتها إسرائيل، والتي لا تزال تراهن على المشروعين الأمريكي والصهيوني، وأعني بها تحديداً القوات اللبنانية. يكفي أن يكون هذا، لأقول بأن سقوط قوى 14 آذار يعني بالتالي سقوط المشروع الأمريكي من دائرته اللبنانية. وإذا سقط هذا المشروع من البوابة اللبنانية، فإن هذا سيفتح الباب بالتالي لتساقطه وسقوطه من سائر البوابات العربية الأخرى.
ما طبيعة هذا المشروع الأمريكي الذي تبشرون بسقوطه؟
المشروع الأمريكي يرتبط بالفلسفة التي طلعت علينا بها أمريكا، والتي تتمثل في العولمة. العولمة لا شك أنها الإطار الأيديولوجي للمشروع الشرق الأوسطي، والتي تمهد بالتالي لتحقيق هذا المشروع من الجانبين السياسي والاقتصادي. فالعولمة تعني أمركة المنطقة من الناحية الأيدلوجية والفكرية والثقافية والاجتماعية. فإذا تحقق هذا أصبح بالتالي مشروع تقسيم المنطقة طائفياً، ومذهبياً، وعرقياً، وإثنياً سهلاً وميسوراً مما يفسح بالمجال أمام إسرائيل التي تمتلك الترسانة النووية، كما تمتلك أو تؤثر في معظم وسائل الإعلام في العالم، والتي لها الحظ الأوفى في لعبة الدولار، فتصبح هي الدولة المبرّزة والأقوى والأْفعل ضمن منظومة دول الشرق الأوسط. وهذا طبعاً ما خططت له الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية، وهو المشروع الأخطر الذي يواجه الأمة منذ تبوأت أمريكا قيادة النظام الدولي العالمي، وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي؛ لأنه قبل ذلك كانت الإمبريالية والآن العولمة.
دعوتم في خطبتكم "السنيورة" إلى وأد الفتنة، أي فتنة تعنون؟
طبعاً أنا لم أدعُ إلى الاستقالة نهائياً. أنا دعوت "السنيورة" لوقفة تاريخية ترضي الله أولاً، تطفئ الفتنة المذهبية، وتخرج لبنان من عنق الزجاجة، من النفق المظلم. إنما الدعوة التي طالبت بها هو الأخذ بمعادلة الثلث الضامن. أنا ضد إسقاط الحكومة بالشارع، ضد أن يتغير الرئيس السنيورة الآن. هو ينبغي أن يتحمل مسؤوليته كاملة، أن يتحمل مسؤولية الفترة الماضية.
تطالبون ببقاء الرئيس السنيورة على رأس الحكومة، وفي الوقت ذاته تجزمون بأن إسقاطها هو إسقاط للمشروع الأمريكي في المنطقة ككل .. كيف؟
لا، هناك تفاهم مع قوى المعارضة. نحن لا نريد أن نلقي هذه الحكومة جانباً. نحن نريد أن تبقى هذه الحكومة، وأن يعود الوزراء المستقيلون، ولكن ضمن إطار معادلة (الثلث+1) الضامن، وتُعدّ حكومة انتقالية تحضيرية لوضع قانون انتخاب. يهمنا نحن أن ننتقل من هذا الوضع الذي فيه انعدام الوزن سياسياً إلى الوضع السياسي الطبيعي العام. نحن نريد وضع قانون انتخاب وإجراء انتخابات مبكرة.
برأيك.. ما أساس الأزمة الحقيقية الآن في البلد؟
أساس الأزمة هو الإنقسام الذي حصل في أعقاب اغتيال الرئيس الحريري. هذا الانقسام له سبب. لا شك أن الذي وضع السياق، وقام بجريمة الاغتيال كان يخطط لأن يستولي على مواقع القرار في البلد. من خلال ذلك، وفي فترة انعدام الوزن في الحياة السياسية، وتحت نتيجة تأثر الشارع السني بجريمة الاغتيال، وحدوث فراغ في المرجعية السنية، والذي يترافق مع التحضر الآخر لدى القوى المسيحية ذات الصلة المباشرة بالمشروع الأمريكي، ركبت الموجة، وتشكلت هذه المعارضة غير الطبيعية، التي جعلت هناك أكثرية نيابية، معظم الذين هم فيها الآن، كانوا خصوماً ألدّاء للرئيس الحريري منذ العام 1992 وحتى استشهاده. طبعاً أنا أعرفهم فرداً فرداً. لا أحب أن أذكر أسماء بالتفصيل، ولكن من نائلة معوض وزيرة الشؤون الاجتماعية إلى بطرس حرب النائب في البرلمان الى آخرين، وهناك أمثال سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية من الذين ليس لهم ثقة بالمشروع العربي أصلاً.
من وراء هذه الاغتيالات؟ هل هي جهة واحدة؟ وماذا تريد بالضبط؟
قد تكون هنالك تقاطعات مصلحية لأكثر من جهة في هذا، وبظني أن القرار، والتخطيط المركزي لم يكن بعيداً عن البيت الأبيض الأمريكي. وليس بمستبعد أن تشترك بعض القوى، والأجهزة الأمنية المختلفة التي يعج بها لبنان في تنفيذ هذه الجريمة.
وهي تريد تطبيق المشروع الأول لأمريكا، كي تدخل أمريكا لبنان، تريد أن تفتعل صدمة، أي ذريعة تساعدها إلى دخول لبنان، كالذريعة التي افتعلتها مع العراق؛ حيث ادعت أنه يمتلك أسلحة دمار شامل. أمريكا حتى تتحرك تحتاج إلى قرار دولي، هم أخذوا قراراً دولياً، لكن أمريكا كانت قد باشرت باحتلال العراق.
كيف تدخل أمريكا إلى لبنان؟
لا شك أن أمريكا هيأت الوضع السياسي لتقبُّل هذه الفكرة.عندما تم توجيه أصابع الاتهام إلى سوريا بأنها وراء جريمة الاغتيال، وعندما خرج الجيش السوري من لبنان مباشرة، بدأت الدبلوماسية الأمريكية تتحرك، وتهيئ الأجواء كذلك لهذا الانحياز. قد لا تحتاج أمريكا لأن تتدخل عسكرياً إذا تم وضع اليد السياسية على المؤسسات الرسمية اللبنانية، من رئاسة الجمهورية مروراً بمجلس النواب، وصولاً إلى الحكومة؛ لأنه سبق عندما تشكلت الأكثرية، ولم يعد هناك إجماع، عندها بدأت أمريكا بأطروحاتها مثل قضية التمديد، طرحته على أنه غير مشروع لتنسف تقريباً ما تبقى من العهد الماضي، حتى إنها تحاول أن تسقط تقريباً الأدوات التي تشكلت في الفترة الماضية، وحتى هي تحول على مفاصل المواقع الرسمية أي المواقع الثلاثة.
ذكرت في خطبتك أنه على رأس الجهاز القانوني للمحكمة الدولية امرأة يهودية، متخرجة من تل أبيب، هل هذا يعكس مخاوف حزب الله من المحكمة الدولية؟ هل لهذا علاقة باستقالتهم من الحكومة؟
الموضوع هذا أساساً لا يعرفه حزب الله. سمعه مني ولم يسمعه من غيري.
فأنا أخبرتهم به من قبل الخطبة؛ إذ كان هناك محاضرة لي، وتكلمت أنا حول المحكمة. للأسف، نحن تعوّدنا أن كل ما يصدر عن مجلس الأمن، لا بد أن يُرتّب صهيونياً، بحيث تمسك به إسرائيل، وبخاصة في قضية تتعلق بمشروع الشرق الأوسط، وعندما خرجت بعض الدراسات تشير إلى أنّ على رأس هذه المحكمة، من الناحية القانونية، دكتورة يهودية، خريجة تل أبيب، طبعاً عندئذ بدأنا نفكر أن كل شيء محبوك لصالح المشروع الأمريكي في المنطقة، المشروع الأمريكي الصهيوني. يبدو أن هناك ثلاثة مشاريع، مشروع أمريكي أمريكي، مشروع أمريكي صهيوني، مشروع صهيوني صهيوني. وقد تشكل المشروع الثنائي الأمريكي الصهيوني في أعقاب الحادي العشر من أيلول 2001 عندما ضُرب مركز التجارة العالمية، حيث ذهب شارون من هنا، والتقى رئيس بلدية نيويورك نيابة عن الرئيس بوش، ووقّعا حلفاً ثنائياً، في نفس مكان تهدم البرجين لمكافحة الإرهاب في العالم. أي مكافحة من اتهموا أنهم وراء تدمير مركز التجارة العالمي.
أنتم الحركة السنية الوحيدة التي تحالفت مع المعارضة، ماذا تريدون من هذه المشاركة؟
في الأساس، نحن لو لم يكن هناك أي معارض، لو لم يكن هناك حزب الله، ولا تيار عون، ولا أي قوة أخرى، حتى لو لم يكن هناك، لا "لقاء وطني" ولا "قوة ثالثة"، نحن لا نجد أنفسنا إلا في هذا الموقع. لكن للأسف، الكثير ممن يعتبرون أنفسهم سنيين لا يجيدون القراءة، ولا يعرفون بالفعل ما يجري حولهم. في الأساس، هذا موقعنا، نحن هذا الموقع يفرضه علينا الصراع العربي الإسلامي– الإسرائيلي. لا أن نكون في الصف الآخر حيث يلهث وراءه الكثيرون. أساساً الموجود في الصف الآخر، إما صنعته إسرائيل أو وضع اتفاقات 17 أيار مع إسرائيل الذين هم الكتائب اللبنانية وأمين جميل الرئيس السابق للبنان، وما أشبه ذلك. موقعنا الطبيعي هو موقعنا الجهادي، الموقع الصدامي مع هذه الجهة، الموقع الذي هو امتداد لحركتنا العسكرية، التي تمثل الساحة السنية، التي هي حركة حماس فضلاً عن حركة الجهاد الإسلامي. حركة حماس للأسف هي المؤسسة الجهادية العسكرية التي تمثل الساحة السنية كلها وليس للإخوان المسلمين فقط. نحن نراهن على هذه الجبهة، جبهة حماس المقاومة، فكيف يمكن أن نكون في موقع غير هذا الموقع.
هناك موقعان، إما أن نكون مع حماس ضد إسرائيل، أو أن نكون مع إسرائيل ضد حماس. ليس هناك موقع ثالث، ولا يجوز أن يكون. ليس في هذا اجتهاد فقهي، فتقول: أنا آخذ الجانب الوسطي، ليس هناك وسطية في هذا. أنت موقعك يفرض عليك، إما مع المشروع الصهيوني أو ضد. أما أن تقول: أنا لا مع، ولا ضد، فهذا غير مقبول.
نحن لم يجذبنا في الأساس إلى موقع المعارضة، لا مشروع شيعي، ولا حزب الله، ولا "عون"، ولا غيره. حتى نحن كان لدينا علامة استفهام على "عون" عندما كان في الخارج.
مشروع عون هو علمنة الدولة كما يُقال، ألا يناقض تحالفكم معه فكركم كحركة إسلامية سنية؟
الموقف السياسي في الأساس هو المواجهة. المعارضة الآن لا تتوقف، موقع المعارضة يجمعها مشروع مواجهة مشروع إسرائيل وأمريكا، مواجهة المشروعين الأمريكي والصهيوني على نفس النسق الذي جمع قبائل العرب قبل الإسلام في دار عبد الله بن جدعان فيما عُرف بحلف الفضول، والذي قال به النبي عليه الصلاة والإسلام: "لو دُعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت"، ولم يكونوا شيئاً واحداً، وبعد مجيء الإسلام كذلك أكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لو دُعي إلى مثله وهو نبي وقائد إسلامي لأجاب، والذي يقوم طبعاً على أساس رفع الظلم، وما أشبه ذلك. المعارضة الآن تواجه الطاغوت العالمي حالياً.
تعني أن المعارضة لها امتدادات خارجية؟
لا شك أنّ لها امتدادات فكرية ثقافية وجدانية في العالم لكن ليست عضوية.
هل هذه المعارضة مرتبطة بمحور سوري إيراني حقيقة؟
قد تلتقي فكرياً ومنهجياً، لكن غير مرتبطة توجيهياً، وغير عضوية أبداً.
عمن تتكلم بالضبط عن المعارضة ككل أم عن جبهة العمل الإسلامي فقط؟
طبعا، أنا أتكلم عن جبهتنا أي جبهة العمل الإسلامي فقط، أما عند الآخرين فلا أدري.
تقصد حزب الله وحركة أمل؟
نعم ممكن يكون عندهم ارتباط أو تلقي أو إملاءات معينة، لكن نحن لا يُملي علينا أحد شيئاً، نحن نأخذ قرارنا من أنفسنا سواء غضب الآخرون أو رضوا، وبغير تشاور مسبق مع أحد، ممكن يستغرب من معنا في المعارضة من الأحزاب الأخرى، وقد يستنكرون بعض مواقفنا، لكن لا ننتظر قراراً خارج قناعتنا وخارج إطار اجتماعاتنا. هذا ينبغي أن يكون واضحاً جداً جداً.
هل تخشون على وضع السنة في لبنان من تهميش سياسي؟
التخوف في الأساس يأتي إذا بقيت هذه الطائفة على هامش الأحداث؛ فعدم قراءتها جيداً لما يجري، وعدم رغبتها في أن تكون رأس الرمح في مواجهة المشروع الغربي كما كانت، الآن لا شك هي على هامش الأحداث. هي ليست فاعلة على الأقل، ألغت موقعها المقاوم في مواجهة إسرائيل، بحيث قفز إلى الأمام مشروع حزب الله والمقاومة الإسلامية، علماً أنّا في الجماعة كنّا أول من بدأ المقاومة في الجنوب.
لكن هناك من يقول بأن حزب الله قوّض مقاومة السنة في الجنوب، وجعل المشروع المقاوم حكراً عليه، وهو يمنع أي سني من حمل بندقية في الجنوب، حتى ولو كان من أهلها!!
لا أبداً هذا الكلام غير صحيح؛ لأنه عندما قامت المقاومة السنية لم يكن هنالك مقاومة شيعية حتى عام 1983، أي بعد الاجتياح الإسرائيلي بسنة واحدة، عندئذ قامت المقاومة الشيعية، أي بعد أن انسحبت إسرائيل إلى الشريط الحدودي حيث المناطق الشيعية، عندئذ خبا دور المقامة السنية؛ لأن العمل في المناطق الشيعية من قبل المقاومة السنية ليس بالأمر السهل، هنا بدأ عمل حزب الله، واستمر التنسيق بين قوات الفجر والتي هي سنية وحزب الله فترة طويلة من الزمن، بعد ذلك توقف العمل المقاوم السني فترة معينة ثم تابع عمله وباستقلالية كقوات فجر، صحيح لم يكن بالمستوى الذي عليه حزب الله؛ لأن المواقع التي احتلتها إسرائيل مؤخراً ليست مواقع سنية، ومن طبيعة الحرب ومن عوامل النصر أن تمتلك الأرض وطبيعتها وسكانها التي أنت تقاتل عليها، تراجع العمل المقاوم السني اليومي، لكن لا يزال هناك تنسيق حتى يومنا هذا، ونحن عندنا في جبهة العمل الإسلامي، تنظيم قوات الفجر الجناح المسلح لا يزال قائماً، ومسؤول قوات الفجر عضو ركن من أركان الجبهة.
هل تتخوفون من هلال شيعي على غرار ما تخوف منه الملك الأردني مؤخراً؟
وأنا طبعاً سمعت وقرأت وناقشت، لست بعيداً عن الأحداث هذه، وآخر ما قرأت ما كان عنوانه: "المشروع الصفوي" الذي يتعلق بالمنطقة هذه، وأنا ناقشت هذا المشروع مع السيد حسن نصر الله شخصياً، في جلسة من الجلسات، قلت له: "شو سمعنا أن هناك مشروعاً صفوياً".
قد يكون هناك مشروع صفوي، وقد يكون هناك مشروع شيعي، لكن أنا بالتالي أقول: أليس هناك مشروع سني إسلامي، فإن لم يكن هنالك مشروع إسلامي سني، أفلا ينبغي أن يكون لدينا مشروع سني إسلامي؟ ألا يدفع وجود مشروع شيعي صفوي في المنطقة إلى قيام مشروع سني عربي، وإذا كان هناك فرصة للتعاون بين المشروعين أليس هذا بأحفظ للذين يتخوفون من المشروع الشيعي؟ أليس هذا بأحفظ للسنة من ألاّ يكون هنالك مشروع سني عندنا؟
كلام جميل، ولكن إذا سلّمنا بوجود مشروع صفوي أو حتى مشروع شيعي، فإنه سيكون على حساب السنة في البلاد العربية، نحن نسمع يومياً ما تفعله فرق الموت من فيلق بدر وجيش مقتدى الصدر بأهل السنة في العراق، حتى إن جرائمهم تطال الفلسطينيين، حتى تناقص عددهم من (30) ألفاً إلى (3) آلاف، فضلاً عن الاغتصاب وحرق المساجد، كيف يمكن أن يكون هناك تلاقٍ بين مشروعين يقوم الأول منهما على تفتيت الآخر وتمزيقه؟
لا شك أن الساحة الشيعية ليست سواء، كما أن الساحة السنية ليست واحدة، هناك مجرمون، وهناك من هو مستعد للتعاون مع إسرائيل من الطائفتين، ومن الفريقين. مثلاً في العراق أنا أعتقد أن عبد العزيز الحكيم وقبله محمد باقر الحكيم عندما دخل بقوات فيلق بدر إلى العرق قال: "نحن لا نحتاج من أمريكا إلاّ أن تغطينا بسلاحها الجوي". أنا استنكرت كلامه هذا على قناة "العالم" الفضائية، وقلت: ألا يعني هذا أن احرقوا العراق أيها الأمريكيون حتى ندخل نحن؟ لا شك أن في العراق الآن فريق من الشيعة قد يكون أخطر على الأمة وعلى الإسلام من المشروع الأمريكي والصهيوني.
هنالك قوى شيعية قد تكون بالفعل في حالة تعاون مع المشروع الأمريكي. كما أن هنالك قوى سنية ليس في العراق وحسب بل على امتداد العالم العربي والإسلامي ضليعة في التعاون مع إسرائيل. لا بد أن ننظر نحن بعينيين. السنة ليسوا سواء والشيعة ليسوا سواء؛ فيهم من هو عميل من هذا الطرف أو ذاك.
هل تتوقع قيام حلف إيراني أمريكي خصوصاً بعد حصول إيران على الطاقة النووية؟
أنا لا استبعد شيئاً ضمن إطار التفتيش عن تقاطع المصالح، نحن لا نستطيع أن نحكم.
كيف يمكن أن ينشأ حلف بينهما، وإيران تدّعي أنها دولة إسلامية، فكيف تتفق الثوابت الإسلامية مع البراغماتية الأمريكية؟
لا شك أن الثورة الإيرانية عقائدية أيديولوجية واضحة المعالم أقامها الخميني، إنما القوى التي حكمت بعد ذلك، وأفرق هنا بين الثورة والدولة، وأفرق بين الدولة والحكومات المتعاقبة؛ فهنالك حكومات كثيرة مرت في إيران. الإيرانيون أنفسهم يعرفون تماماًَ، في عهد رفسنجاني كان منفتحاً على أمريكا كلياً، لكن هذا لا يعني أن انفتاح رفسنجاني يعني الدولة كلها أو السلطة كلها، لهذا السبب أقاموا مرجعية روحية تتمثل الآن بالخامنئي ليقول هذا صح وهذا خطأ. لو تُرك الأمر لرأس النظام أي السلطة الزمنية وحدها، لأخذت إيران مباشرة إلى الوجه الآخر أو الطرف الآخر. هنالك في إيران من هم على استعداد أن يقيموا علاقات مع أمريكا، لهذا السبب قلت إنه يمكن أن تقوم هناك مذكرة تفاهم أمريكية إيرانية على نقاط معينة.
هل لإيران مطامع في دول الخليج؟
هذا يحتاج إلى براهين في ذلك، هناك تخوّف خليجي كبير من ذلك، ولكن أنا بحسب قراءاتي ومتابعتي لم ألمس أي نية لإيران بأن توجّه قواها العسكرية ضد أي دولة عربية أو إسلامية.
ما طبيعة العلاقة التي تربطك بالنظام السوري؟ وهل أنت راضٍ عن تحالف إخوان سوريا مع عبد الحليم خدام؟
بالنسبة إلي، تعود علاقاتي مع النظام إلى الفترة التي بدأت فيها المشاكل بين الإخوان والنظام؛ لأن الموقف الذي اخترته بعد قراءتي لما يجري، والذي تم التعاون من خلاله مع قيادات إخوانية كثيرة ومنها المواقع القيادية المركزية لحركة الإخوان المسلمين، والتي تمثلت بقيادة المرشد العام التلمساني، ثم بعد ذلك الأستاذ مصطفى مشهور، والتي تمثلت داخل سوريا بقيادة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة المراقب العام الأسبق. كنا نحن نرفض ما أُلصق بحركة الإخوان، بأنها هي التي كانت وراء مجزرة "كلية الضباط" التي ذهب ضحيتها حوالي (120) شخصاً في تلك الفترة من الطائفة العلوية، والتي لم تكن في الأساس من ترتيب حركة الإخوان، وإنما قامت بها ما سميت بتلك الفترة "الطليعة"، وعندما وُجّهت أصابع الاتهام إلى الإخوان، القيادة قبلت هذا التحدي ظناً منها أنها على وشك الوصول إلى الحكم، وبدأت الأحداث.
فريق من القيادة كان يرفض هذا الأمر، على اعتبار أن ليس للإخوان علاقة بذلك، من هؤلاء، وعلى رأسهم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فنحن في هذا الإطار حضرنا، وأبدينا رأينا في ألاّ تتحمل الحركة ما اتّهمت به بغير حق في مسؤولية "كلية المدفعية".
منذ تلك الفترة بدأت مهمتي بالمشاركة مع عدد من قياديي حركة الإخوان المسلمين التنظيم السوري لمحاولة حلحلة هذا الأمر، وطي هذه الصفحات، وإعادة الأمور إلى نصابها، وطبعاً كان على رأس الذي شاركنا وشاركته الشهيد أمين يكن الذي كان مراقباً للإخوان المسلمين في تلك الفترة.
منذ تلك الفترة بدأت العلاقة، وبعد ذلك استمرت المساعي لإغلاق الملف أي تحقيق نوع من المصالحة بين حركة الإخوان وقياداتها الموجودة في الخارج وبين النظام، مع مشاركة كثير من القيادات مثل حماس، وكذلك نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركي السابق، وكذلك الرئيس عمر بشير وإخواننا في الأردن. ولا نزال نتابع هذا الملف لإغلاقه وإجراء المصالحة، ثم اصطدمنا بعد ذلك بما أُعلن عن تشكيل جبهة الخلاص الوطني بين إخوان سوريا وعبد الحليم خدام، ولم أكن أتصور في يوم من الأيام أن يتعاون إخواننا في سوريا مع عبد الحليم الخدام الذي كان من كبار المسؤولين الأكثر دموية في الأحداث التي كانت بين الإخوان والنظام؛ فهو لا يستطيع أن يغسل يديه من المسؤولية.
أنا أسأل: ما الذي يمكن أن يعطيه خدام للإخوان، ذلك الشخص الذي خسر كل أوراقه؟ هو لا يستطيع أن يعطيها شيئاً، هو مفلس تماماً، خدام هو الذي سيربح من رصيد الإخوان وليس العكس، ولكون هذا المنحى مرفوض من قبل القيادة المركزية لحركة الإخوان المسلمين في العالم الذي عبر عنه الأستاذ المرشد محمد مهدي عاكف، وعبر عنه الكثيرون، واستهجنوه كلياً.
قلتم القيادة المركزية للإخوان، هل تقصد أن هناك قيادة مركزية لكل الإخوان في العالم أم أن هناك إخوانيات، إخوان مصر، إخوان سوريا وهكذا؟
لا، هناك قيادة مركزية للشق المصري، وأيضاً للشق العالمي للتنظيم، المواقف توحي بأن هناك إخوانيات، لكن الحقيقة عكس ذلك. هناك قيادة مركزية للتنظيم عالمياً.
هناك خط إستراتيجي عالمي للإخوان، ولكن في الأمور الداخلية فأهل مكة أدرى بشعابها، أما الموقف السياسي العام فلا يجوز أن يكون بحال من الأحوال متناقض بين إخوان بلد إلى بلد آخر، فهل يُعقل أن يكون إخوان سوريا مثلاً مع إسرائيل وإخوان مصر ضد؟!
لكم كتاب قديم بعنوان" المتساقطون على طريق الدعوة" حذرتم فيه من سقوط المنتسبين للإخوان على طريق الدعوة، ثم بعد ذلك سمعنا أنكم انفصلتم عن الإخوان. فهل أنتم وقعتم في الذي حذّرتم منه أم أن الجماعة هي التي تساقطت على طريق الدعوة؟
نعم، أنا كتبت في هذا الإطار، لكن السقوط عن منهجية الحركة هو الذي يعني السقوط على طريق الدعوة، الآن منهجية الجماعة شيء ومنهجية الإخوان شيء آخر، المنهجية التي عليها الجماعة الإسلامية اليوم في لبنان سواء المنهجية الدعوية أو السياسية قد انحرفت وابتعدت بعداً كبيراً عن منهجية الإمام حسن البنا.
ما السبب في رأيك؟
السبب بدأ منذ 1992 عندما اقتحمت الحركة العمل السياسي ودخلت البرلمان، تعاظم الهم السياسي، وتراجع الهم الدعوي تراجعاً كبيراً، فنشأت هنا معضلات. عندما يضعف الجسم تأتيه الأمراض من كل مكان، معروف أن المناعة تأتي من المنهج التربوي في عمل الحركات الإسلامية، والذي يحفظ السياسة من الانحراف هي التربية في الأساس، فإذا أنت ألغيت التربية من حياة الفرد تكون قد ساهمت في تدميره وتضييعه، فإنسان كان يصلي يصبح إنساناً لا يصلي، السياسة في هذا التصور أصبحت شيطاناً رجيماً.
منذ العام 1993 بدأت هذه الظواهر تطفو على سطح العمل الإسلامي للجماعة الإسلامية، وكان لا بد من التنبه، ولا بد من التوازن وللأسف لم يكن. لذلك كان آخر ما كتبته "البصمة الوراثية لمنهجية الإمام البنا" هذا الكتاب لم يُكتب من أجل لبنان بل من أجل تنظيم سوريا وغيرهم من التنظيمات.
ما الفرق بين جبهة العمل الإسلامي والجماعة الإسلامية؟
"جبهة العمل الإسلامي" أشبه بالجبهات التي تشكلت، وكانت قيادتها الجماعة الإسلامية مثل مجمع طرابلس في الستينيات، وجبهة الإنقاذ في السبعينيات، والهيئات الإسلامية في الثمانينيات والتسعينيات، وقد كان الشيخ سعيد شعبان أمير حركة التوحيد ضمن هذا الإطار، فالجبهة عادة تتشكل، هي ليست تنظيماً كتنظيم الأحزاب، وإنما هي إطار يعمل فيها أحزاب وقوى، مثل الآن "جبهة الأحزاب" في لبنان فيها القومي والشيوعي.
نحن ألفنا هذا النوع من الجبهات، "الجماعة الإسلامية" كانت الحاضنة لهذه الجبهات التي تشكلت عبر نصف قرن، فهذه على شاكلتها، وفي الأساس قامت هذه الجبهة.
ما أولويات عمل الجبهة حالياً؟
تسديد العمل السياسي حتى لا يكون هناك خروج عن الخطاب السياسي العام المألوف لدينا، وضبط الإيقاع في نفس الوقت، حتى لا تنفرد فئة بعمل معين، يرتد سلباً على الفئات الأخرى.
هل تعتقد أن "جبهة العمل الإسلامي" سوف تأخذ الدور الريادي على الساحة السنية، أم أن تيار المستقبل أصبح الآن هو الواجهة؟
ليس هناك وجه للمقارنة بين جبهة إسلامية وبين تيار المستقبل. أساساً هناك تجمع مالي سياسي معين لا يرتبط بالبيئة السنية إلاّ من حيث اسمها، هو تيار علماني، ليس لهذا التيار أهداف سنية عليا كما للحركات الإسلامية الأخرى. هو تجمع سياسي طارئ تشكل، وكان له هذه الفعالية بعد اغتيال الشهيد الحريري، ولن يكون تيار المستقبل يوماً ما مرجعية لأهل السنة والجماعة في لبنان، هو غير مؤهل لذلك. أما الساحة الإسلامية الأخرى فلها أهدافها، لها منهجيتها، لها برامجها.
أما جبهة العمل الإسلامي فإنها لمّا تشكلت لم تقم ابتداء إلاّ بمشاركة قياديين حركيين، كان فيها أعضاء يمثلون الجماعة الإسلامية، لكن انسحابهم منها بسبب التضارب الذي حصل.
في حوار لنا مع رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية أسعد هرموش، قال لنا إنك خرجت من الجماعة ولم يخرج معك أحد، فكيف تقول إنه كان معكم من الجماعة أحد؟
أنا لا أتوقف عنده، المهم عندما بدأت جبهة العمل كان فيها قياديون من الجماعة، لكن وجود هؤلاء في الجبهة أحرج القيادة التي لديها ارتباط مع 14 آذار فطلبوا منهم الانسحاب. إنما بدأ العمل بوجود ممثلين عن الجماعة.
هل انقطع إنتاجكم الفكري والتنظيري للحركات الإسلامية، وخصوصاً التنظيمات الإخوانية؟
كلا ما زلت أكتب، وقد نزل لي كتابان مؤخراً في الأسواق، وهما:"العيادة الدعوية" و"البصمة الوراثية لمنهجية الإمام البنا" وكتاب "الدعوة بين السائل والمجيب".
هل تخشى من مواجهة داخلية بين الحركات الإسلامية؟ وهل تتخوفون من علمنة الحركات؟
في واقعنا الحالي، هناك حركات إسلامية استطاعت الولايات المتحدة أن تستوعبها وان تؤمركها.
سمّ لي واحدة من هذه الحركات؟
المجلس الإسلامي الأمريكي "كير" يتبنون فكرة الإسلام المعدل، وهو الإسلام الذي يطرحه بوش، لكنه إسلام غير إسلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، إسلام أمريكي، بمعنى كل ما يؤدي إلى نهوض الأمة إلى قوتها إلى جهاديتها إلى علميتها، هذا التوجه يقتل أي أمل بالنهوض في الأمة.
بعد عام 2001 وموضوع القاعدة، بدؤوا بتغيير هذا المفهوم،أي بتغيير الإسلام، الإسلام الذي يدعو لحمل البنادق دفاعاً عن الأمة، لذا فقد بدؤوا بالدولة السعودية في تغيير المعاهد والمناهج، وكذلك في الأزهر حتى استطاعوا أن يختزلوا كثيراً من المقررات في الأزهر، كل المقررات القرآنية التي فيها قضايا الجهاد والغزوات يريدون إسلاماً منحنياً مطأطئ الرأس.

الحسني
12-14-2006, 05:01 AM
حماك الله ورعاك يا أبا بلال
وجعلك الله سبباً في جمع هذه الأطياف

يجب التوقف كثيراً عند هذه المقابلة

جزاكم الله خيراً على النقل المبارك