تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحالة السياسية في طرابلس اليوم (موضوع جيد)



من هناك
12-09-2006, 04:06 AM
[size=24:7a10f0cf38] [color=blue:7a10f0cf38] [align=center:7a10f0cf38] الشمال يتفاعل مع حرارة الأزمة والانقسام على حاله في طرابلس
<الصخب المنظم> نجح في مهمته ولم يلغ التعددية السياسية
[/align:7a10f0cf38][/color:7a10f0cf38][/size:7a10f0cf38]
خضر طالب

هدأ الطبل والزمر، وخفتت أصوات المكبّرات الجوالة في طول المدينة وعرضها، في الساحات العامة والشوارع الرئيسية والأزقة التي كانت طويلاً خارج حسابات المهرجانات المتنقلة.
ليست طرابلس مركز القرار اللبناني، لكنها مع عكار والضنية والمنية باتت تشكل رصيداً مهماً موجودا حتى اليوم في احتياط تيار المستقبل خصوصاً وحلفائه في 14 آذار عموماً، وهذا تحديداً ما أظهرته الموجة العارمة التي سادت خلال الأسبوع المنصرم.
وسواء كانت هذه <الهيستيريا> منظّمة أو عفوية إلا أنها نجحت في طبع المدينة بصبغة محددة، وعزّزت مزاجاً عاماً مؤيداً لتيار المستقبل، من دون أن يعني ذلك أنها نجحت في إلغاء الآخرين على تلاوينهم المختلفة، مستخدمة وسائل متعددة في تعبئة المواطنين.
لكن حشود المهرجانات المتعددة في الشوارع والأحياء وصخب المهرجانات <السيارة> لم يكن كافياً وحده لفرض صبغة محددة على المدينة والاستئثار بساحاتها وشوارعها للقبض على موقفها السياسي واستخدامه حصراً في تدعيم الحكومة والدفاع عنها، فانطلقت الأسهم النارية بغزارة المتزامنة مع الرشقات النارية الكثيفة في الهواء على مدى أيام متتالية منذ مطلع الأسبوع، برغم المحاولات الحثيثة لمنسق التيار في الشمال النائب سمير الجسر لوقف هذه النزعة المتزايدة والتي كان يخشى أن ترتد سلباً على التيار في أوساط المدينة فتسببت بخدوش في صورة التيار بين عائلات المدينة وفي بعض الأحياء التي استعادت مشاهد كان يظن أنها ذهبت إلى غير رجعة. إلا أن إطلاق النار لم يكن بطبيعة الحال بقرار من النائب الجسر كما أن وقف هذه الموجة لا يكون بقرار منه أيضاً...
لكن هدأة الشارع النسبية وتراجع حدة المفرقعات والرصاص، أزاحت الضباب الكثيف الذي غطى لوحة المدينة وعادت ألوانها للظهور ولتكشف أن الانقسام السياسي والفرز بين القوى السياسية ما يزال مستمراً كما هو تقريباً منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، وظهرت مجدداً الانتماءات السياسية لأهلها الأصليين و<المستوردين> قديماً وحديثاً... لعائلاتها التقليدية والشعبية، لقياداتها التاريخية والحزبية، وكذلك لتلك المحمولة على أجنحة اللحظة الانتخابية في العام .2005
صحيح أن المزاج العام ما يزال في جانب تيار المستقبل لكن بدوافع مختلفة وإن كان في غالبيته ينطلق من العلاقة المتأزمة مع سوريا، ف<طرابلس الشام> ليست اليوم في موقعها القديم ولا تتولى ذات الدور التاريخي. لكن الصحيح أيضاً أن <تلاوين> المدينة ما زال كثير منها يتمسك بثوابته <الوطنية والقومية>، وما زال بعضهم ينظر إلى (رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور) سمير جعجع على أنه محكوم باغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، بينما هناك من يرى أن الطائف <يَجُب> ما قبله... وما زال البعض يرى في سوريا <عمقاً عربياً واستراتيجيا> بينما يرى آخرون أنها <في موقع العداء>... وما زال البعض ينظر إلى المقاومة <مصدر عزة وفخر للأمة في انتصارها على العدو الإسرائيلي>، في حين يرى آخرون <أن المقاومة دمّرت ما بناه الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولم تحقق أي انتصار على إسرائيل>...
وعليه فإن الخريطة السياسية لمدينة طرابلس لم يطرأ عليها تغيير ملحوظ منذ الانتخابات الأخيرة، بل بقي كل فريق سياسي على حالته، وبقي تيار المستقبل حالة شعبية كبيرة لا يرتبط معظمها تنظيمياً بالتيار لكنها تتفاعل مع رئيسه النائب سعد الحريري إيجاباً وتقف ضد كل خصومها وتحكم عليهم سلفاً...
ولهذا فإن تيار المستقبل يبقى تنظيمياً قاصراً عن التواصل مع قاعدته التي كانت دوماً تفصل بين تأييدها للرئيس الشهيد رفيق الحريري وبين مسؤولي التيار في الشمال إلى أن جاء اغتيال الرئيس الحريري ليصبح الارتباط بالتيار ككل وبحلفائه بغض النظر عن الأسماء في التيار والحلفاء. لكن هذا المزاج العام لا يمكن وضعه جميعاً في خانة واحدة إذ أن القسم الأكبر منه يؤيد قوى سياسية أخرى في المدينة ولا يمكن الفصل بين الانتماء والعاطفة. ولهذا فإن هذه الشريحة الكبيرة يتقاطع فيها تيار المستقبل والرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والنائب محمد كبارة والنائب مصباح الأحدب، فضلاً عن خصوصية كل منهم.
أما على مستوى الجمهور الخاص للقوى السياسية فإن لكل منها عصبيتها المستمرة. فالرئيس عمر كرامي، الذي انكفأ في الانتخابات الأخيرة عن المشاركة، ما يزال جمهوره الحزبي متماسكاً برغم كل ما مرّ به وبرغم ابتعاد المزاج العام عنه، ويشكل مؤيدوه عصباً رئيسياً وشريحة لا يستهان بحجمها ويعمل لها حساب في كل محطة.
أما الرئيس نجيب ميقاتي فإنه ومنذ استقالة حكومته بعد انجازها الانتخابات النيابية التي لم يترشح فيها، بدأ جمهوره بالاتساع في طرابلس وخارجها، وبات على تقاطع مع العديد من القوى السياسية الأخرى في جمهور المدينة، ثم جاءت بعض البيانات التي وزعت ضده في طرابلس بسبب مواقفه الوسطية لتكشف أنه لم يعد يتأثر بأي فرز يحصل في المدينة، وأنه لم يعد ممكناً زعزعة حالته التي تحولت إلى عصب.
أما <التكتل الطرابلسي> الذي يضم الوزير محمد الصفدي والنائبين محمد كبارة وموريس فاضل فإن قاعدته الشعبية متشابكة بما يكفي، فضلاً عن القواعد المشتركة مع تيار المستقبل والقوى السياسية الأخرى. وبرغم أن الانتخابات الأخيرة لم تكشف حجمه الحقيقي بسبب الجو العام، لكنه أثبت أنه يمتلك جمهوراً واسعاً ومنظماً، وأنه بات حجر الزاوية في حركة قوى 14 آذار في طرابلس بسبب تنظيمه ويساهم مساهمة فعالة في خلق مناخ عام مؤيد لهذه القوى. ولم ينزلق هذا الجمهور خلال الأيام الماضية إلى ما انزلق إليه شارع حلفائه.
أما النائب مصباح الأحدب فهو يشكل خصوصية وحالة تتصاعد وتضعف وفقاً للعنوان السياسي والمرحلة.
ومن خارج هؤلاء، ثمة قوى أخرى لا يمكن تجاهل حجمها وحضورها في الشارع الطرابلسي، بدءاً بالنائب السابق الدكتور عبد المجيد الرافعي والنائب السابق أحمد كرامي، وغيرهما من الفعاليات السياسية الأخرى. في حين أن التيارات الإسلامية على اختلافها باتت أكثر من حالة وتنظيم. فالجماعة الإسلامية تحتفظ لنفسها بمسافة توفر عليها صراعاً داخلياً، بينما ما تزال حركة التوحيد الإسلامي بشقيها حالة تؤثر في المدينة وهي تشكل مع أنصار النائب السابق الدكتور فتحي يكن عصب جبهة العمل الإسلامي التي تضم أيضاً قوى وفعاليات أخرى. أما الحالة السلفية فقد باتت أجنحة متعددة وتتشعب في علاقاتها مما أضعف تأثيرها. في حين أن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ما تزال متماسكة وإن انكفأت في نشاطاتها وحركيتها.
وعلى خط متزامن، ينتشر حضور التيار الوطني الحر في أحياء الميناء والزاهرية، وبمعنى أدق في الوسط المسيحي في المدينة من دون أن يقتصر هذا الانتشار على هذا الوسط إذ أن بين مؤيديه العديد من المسلمين. في حين أن القوات اللبنانية لم تستطع تحقيق خرق حقيقي في هذا الشارع برغم بعض الوجود.
أما الشارع العلوي فما يزال على حاله من الولاء السياسي برغم حصول بعض التباين <بالمفرق> من جمهوره واتجاه خجول للبعض منه للعمل مع تيار المستقبل أو مع قوى سياسية أخرى في المدينة.
وفي المحصلة، لم تتغير طرابلس كثيراً عما كانت عليه في الانتخابات الأخيرة، وربما قبلها منذ صدور القرار 1559 حيث استمر الانقسام والاصطفاف حاداً في المدينة وظهرت صورته أكثر وضوحاً بعد الانسحاب السوري من لبنان، بغض النظر عن نسب المؤيدين لهذا أو ذاك..