تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يا أمة الإسلام!! اتقوا زلة العالم:



ابن المنطقة
12-01-2006, 04:34 PM
[align=center:72bdbebd81]يا أمة الإسلام!! اتقوا زلة العالم:
فمن المقرر أن زلة العالم ليست كزلة من سواه، لذلك قال "معاذ" عندما حضرته الوفاة: "اتقوا زلة العالم، خذوا الحق ممن جاء به، وردوا الباطل على من جاء به كائنا ما كان" كالفتان "عبد المحسن العبيكان".
وصدق - رضي الله عنه - في ذلك؛ لأن زلة العالم زلة للأمة بأسرها، لكونهم قادة الأنام، ومصابيح الظلام!!
وروى الدارمي في "سننه" عن "زياد بن حدير" قال: قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟!! قال: لا. قال: "يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين".
* * *
ما أشبه فتنة اليوم بفتنة الأمس:
قال مقيده "محتسب": ما أشبه فتنة اليوم بفتنة الأمس، فالبارحة عمت الأمة فتنة دهيماء، لم تترك بيتا من بيوت المسلمين إلا وولجتهه، وما تركت مسلما إلا وامتحنته، وكانت بعنوان: "فتنة القول بخلق القرآن".
واليوم طلت علينا فتنة جديدة لا تقل خطورة عن الفتنة السابقة؛ لأنها تستهدف "ذروة سنام الإسلام"، وهو "الجهاد في سبيل الله"، وذلك تحت عنوان: "رهن الجهاد برضاء وسخط الحكام"، وحقيقة الأمر من غير مواربة "رهن الجهاد برضاء وسخط الأمريكان"؛ وذلك لأن البادي لكل ذي عينان، أنهم هم من نصب الحكام، وسلطوهم على رقاب الأنام، كما أن هؤلاء الحكام، هم من استحلوا الحر، والحرير، والمعازف، والربا، وأكل السحت، وهز الوسط عبر القنوات الفضائية، والاحتفالات الرومانسية!!!
وفي كلا الفتنتين تولى كبرهما شرذمة من "الأئمة المضلين".
أما الفتنة الأولى - أعني (فتنة خلق القرآن)، فقد تولى قيادتها إمام الضلال، الجهمي "بشر بن غياث المريسي"، ورفيق دربه "أحمد بن أبي دؤاد" - عاملهما الله بعدله .
ولم يكن هذان الرجلان من عامة الناس، وإنما كانا من كبار علماء ذلك الزمان، ف "ابن أبي دؤاد" كان من كبار قضاة دولة الخلافة التي كانت أعظم دولة في الدنيا وقتئذ، وأما "بشر بن غياث المريسي"، فقد كان من أبرز علماء الكلام.
ومن يستقرئ تاريخ وتفاصيل هذه الفتنة، يجد أن قادة هذه الفتنة كانوا يستخدمون جميع الوسائل من أجل تقرير مذهبهم، وكانوا ينعتون خصومهم بأقبح الألقاب من أجل تأليب عامة المسلمين عليهم، فلقبوا أهل الحق ب "المجسمة"، و"الحشوية"، و"الخوارج"، و"الضُّلال"، بل كانوا يستعدون السلطات من أجل الفتك بهم، فكان القاضي "أحمد بن أبي دؤاد" يقف على رأس خليفة المسلمين يوم المحنة ويحرضه تحريضا دمويا على إمام أهل السنة - الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فيقول: "يا أمير المؤمنين! اقتله، هو ضال مُضل!!".
وأما الفتنة الثانية - وأعني (فتنة رهن الجهاد برضاء وسخط الأمريكان)، فقد تولى حمل رايتها أيضا شرذمة من "الأئمة المضلين"، ومن أبرز الناطقين باسمها الفتان "عبد المحسن العبيكان"، ومحل عقد مؤتمراته الصحفية في قناة هز الوسط والعلاقات الحميمة، وكشف الصدور والنحور، اللبرالية المنهج، والعلمانية العقيدة، والتغريبية المشرب، والماجنة السلوك - أعني قناة المخنثين وأشباه الرجال، صاحبة السمعة السيئة "الأم بي سي"، فسبحان من جمع بين "دعاة الفتنة"، و"دعاة الفجور"!!
لقد ابتلى الله هذه الأمة في هذا الزمان بشرذمة من "الأئمة المضلين" أعداء الصحوة والدين أخذوا على عاتقهم تخذيل الأمة وتثبيطها عن الجهاد بشتى الوسائل والحيل، فتلقفتهم القنوات الفضائية الخبيثة أمثال (الأم بي سي) وشقيقتها (العربية)، وأفسحت لهم في مجالسها المنكرة، وبرامجهم الخبيثة، فاختلط ذكر الله مع معاقرة الخمور، وكشف البطون والصدور!!!
ولسنا بصدد الإنكار عليهم في مشاركتهم في هذه القنوات الخبيثة، ودخولهم بأقدامهم إلى استوديوهات الرذيلة؛ لأنهم يزعمون الاجتهاد في المسألة، ونحن نعتقد أن هذه المسألة لا تضر إلا أصحابها، فليذهبوا إلى الجحيم، وليقتحموا جراثيمها، فلسنا نبلي بهم.
أما ما نحن بصدده، فهو الاحتساب على هذا المنكر العظيم الذي يتفوه به الفتان "عبد المحسن العبيكان" في برنامجه المشبوه "حوار الطرشان"، ولسان حاله يقول: "إعانة الأمريكان على أهل الإيمان".
والحقيقة لقد سمعت منذ فترة عن هذا الرجل - "العبيكان"، وما يصدر عنه من فتاوى سياسية خطيرة تعم بها البلوى، وتؤثر سلبا على مجاهدة الأمريكان في بلاد العراق وأفغانستان، والصهاينة والروس في فلسطين والشيشان.
ولم أصدق أن يبلغ الشطط والهذيان ما بلغه هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" إلى هذا المبلغ حتى سمعت بعض أباطيله وترهاته بنفسي!!
فأُذكر هذا الرجل ومن على شاكلته من المثبطين والمخذلين، باسم الدعوة والدين بقول الإمام الأوزاعي - رحمه الله: "ويل للمتفقهين لغير العبادة، والمستحلين للحرمات بالشبهات".
كفى حزنًا للدين أن حماته إذا خذلوه قل لنا كيف ينصر؟!!
متى يسلم الإسلام مما أصابه إذا كان من يرجى يخاف ويحذر؟!!
ورحم الله "محاضر محمد" رئيس وزراء ماليزيا السابق حين قال: قادة المسلمين مسؤولون عن تخلف المسلمين ومهانتهم، وأزيد على ما قال: بأن "الأئمة المضلين" هم من يشرع إذلال المؤمنين، وإهانة الموحدين، واحتلال بلاد المسلمين، وصدق الشاعر حين قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها؟
* * *
علماء السوء بين الأمس واليوم:
كما أسلفت آنفا أن من شر الفتن، "فتنة الأئمة والمشايخ المضلين"، الذين جعلوا القرآن والسنة عضين، بغية التزلف للسلاطين، والحكام المستبدين.
وهؤلاء تعرفهم بسيماهم {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} (محمد:30).
كما تعرفهم بترددهم المتكرر على عتبات السلاطين، وقصور الظالمين، وتقبيل الأنوف والكتوف، حتى آل الأمر بأحدهم أن زعم أن طاعة الحكام أوجب من طاعة الله تعالى؛ لأنه شرط في طاعته، فقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن:16)، وأطلق طاعة الحكام، فقال {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59)!!!
بل لقد بلغ الغي والضلال ببعضهم أن بدل وحرف في شرع الله تعالى بغية نيل رضا مولاه، فها هو "غياث بن إبراهيم" يدخل على خليفة المسلمين "المهدي" فيجده يلعب بالحمام، فأراد التزلف إليه بوضع حديث يتناسب مع حاله، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر"، ثم زاد من عنده في الحديث "أو جناح"، ففطن المهدي لمكره، فترك الحمام، وأمر بذبحها، وقال: "أنا حملته على ذلك"، وذكر أنه لما قام قال: "أشهد أن قفاك قفا كذاب".
وكان "يحيى بن معاذ" يقول لعلماء الدنيا: "يا أصحاب القصور! قصوركم قيصرية، وبيوتكم كسروية، وأبوابكم ظاهرية، وأخفافكم جالوتية، ومراكبكم قارونية، وأوانيكم فرعونية، ومآثمكم جاهلية، ومذاهبكم شيطانية، فأين المحمدية، والعالمية؟!!".
وأكثر علماء الزمان ضربان: ضرب منكب على حطام الدنيا، لا يمل من جمعه، ونراه شهره ودهره يتقلب في ذلك كالهج في المزابل يطير من عذرة إلى عذرة، وقد أخذت دنياه بمجامع قلبه ولزمه خوف الفقر وحب الإكثار، واتخذ المال عدة للنوائب لا يتنكر عليه تغلب الدنيا.
وضرب هم أهل تصنع ودهاء وخداع وتزين للمخلوقين وتملق للحكام؛ شحا على رئاستهم، يلتقطون الرخص، ويخادعون الله بالحيل، دينهم المداهنة، وساكن قلوبهم المنى، طمأنينتهم إلى الدنيا، وسكونهم إلى أسبابها، اشتغلوا بالأقوال عن الأفعال، وسيكافئهم الجبار المتعال.
وروى الإمام أحمد عن "هشام الدستوائي" قال: بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم - عليه السلام: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل.
ويحكم يا علماء السوء!! الأجر تأخذون، والعمل تضيعون، توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه. والله - عز وجل - ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة، كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته، وهو في الدنيا أفضل رغبة؟!
كيف يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته، وهو مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه؟!
وكيف يكون من أهل العلم من سخط واحتقر منزلته، وهو يعلم أن ذلك من علم الله وقدرته؟!
كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله تعالى في قضاءه، فليس يرضى بشيء أصابه؟‍!
كيف يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليتحدث، ولم يطلبه ليعمل به؟!
وروي عن أنس بن مالك مرفوعا بإسناد فيه مقال: "ويل لأمتي من علماء السوء يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم لا أربح الله تجارتهم!!".
* * *
"بين يدي العبيكان وحوار الطرشان":
قبل بيان بعض شبهات هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" أود الإشارة أولا إلى بعض المسائل ذات الصلة:
أولا - آمل تفهم ما ورد في ثنايا الرد من شدة وتعنيف، فمن فقه الاحتساب أن يتناسب الإنكار مع حجم المخالفة، وفي اعتقادي أن أمثال هذه الشبهات التي يوردها هذا اللدود الخصوم في غاية الخطورة؛ لأن أعداء الله والدين يتلقفونها ويوظفونها لتكريس احتلالهم لبلاد المسلمين، وهتك أعراض أبناء المؤمنين، فضلا عن هتك أعراض العفيفات الشريفات من بنات السلمين، وما "سجن أبو غريب" و"جوانتاناموا" عنا ببعيد، ومن أصدق من الله قيلا: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (النمل:34).
هذا ونصر الدين فرض لازم لا للكفاية بل على الأعيان
بيد وأما بلسان فإن عجزت فبالتوجه والدعا بجنان
ما بعد ذا والله للإيمان حبة خردل يا ناصر الإيمان
ثانيا - أنه من السهل جدا أن يفتي من له خبرة بالعلوم الشرعية بفتوى شاذة ويدعمها بشبهات شرعية، وترهات عقلية، ويجد ما يؤيدها من أقوال لأهل العلم من هنا وهناك؛ وذلك لأن فروع المسائل الفقهية تتعدد فيها الأقوال كما هو معلوم، أضف إلى ذلك أن دقائق الفروع الفقهية في السياسة الشرعية لا تستند على نصوص شرعية خاصة، وإنما تبنى على قواعد فقهية عامة، تختلف فيها التقديرات والتأويلات، كفقه الموازنات في باب المصالح والمفاسد.
فما أفتى به هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" ليس بجديد في جانب الكم الهائل من الفتاوى السلطانية البائسة، فقد سبقه أحدهم فحرم الدعاء على الأمريكان في الصلاة الجهرية، وهدد بقطع أرزاق الأئمة المخالفين، وآخر أفتى بمباركة قرار الحكومة الفرنسية في كشف العورات المؤمنات.
وأما الفتاوى الخبيثة التي تخدم النُظم العلمانية والمستبدة، فحدث عنها ولا حرج، فمنهم من أحل الربا وقننه!!
وآخر أباح بيع وشراء الخمور لدعم الاقتصاد الوطني!!
وآخر حرم تهرب الراقصات والعاهرات من دفع الضرائب للدولة، وأيد إنشاء نقابة لتنظيم عملهن!!
وآخر ما سمعته من هذه الفتاوى المضحكة والمبكية أن لبس المرأة للقبعة، بل وللباروكة يعد حجابا شرعيا!!
وكل هؤلاء يستندون في فتاواهم بنصوص شرعية، وأقوال لأهل العلم كما يفعل هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان"!!
وعند المقارنة، نجد أن بلاء النماذج التي ذكرتها آنفا أخف ضررا من بلايا وترهات "العبيكان"؛ لأن الأولى لا تلحق الضرر إلا بأصحابها، وأما الثانية فتضر الأمة بأكملها.
ثالثا - من يتتبع فتاوى بعض المشايخ الرسميين يجدها تدندن حول تقديس طاعة الحكام طاعة عمياء، كطاعة المريد الصوفي في يد شيخه، حتى آل الأمر - كما ذكرت آنفا - أن زُعم أن طاعة الحكام أوجب من طاعة الله تعالى؛ لأنه شرط في طاعته، فقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن:16)، وأطلق طاعة الحكام، فقال: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59)!!!
ونحن في الجملة لا ننكر أبدا بأن طاعة الحاكم المسلم واجبة متى كانت تصب في مصلحة الأمة؛ لأن طاعته ليست غاية نتعبد الله بها، فنعدها ركنا سادسا من أركان الإسلام، بل هي قنطرة لغيرها، فهي غاية للحفاظ على وحدة الأمة وسلامتها، فمتى كانت طاعتهم تتناقض مع هذه الغاية، فلا سمع ولا طاعة، وإن لم نرى في ذلك كفرا بوحا، وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا في محله.
رابعا - لعل أحدهم يسأل ويقول: لماذا لا يقوم "محتسب" بمحاورة "العبيكان" مباشرة عبر برنامجه المنتقد "الحوار الغائب"؛ ليهلك من هلك عن بينة؟!!
قال مقيده "محتسب":
أولا - الرد كتابة يعد أحد وسائل الإنكار المشروعة.
ثانيا - لا نستبعد وجود مؤامرة خبيثة تحاك من وراء الكواليس، و"العبيكان" أحد أقطابها مع "الإم بي سي"، وثالثهم "السي أي إيه"، فلعل من أهداف البرنامج اصطياد الأصوات المخالفة، ومن يسبح عكس التيار.
ثالثا - الكيس من اعتبر بغيره، فقد تأملت طريقة تعامل "العبيكان" والمذيع مع مداخلات الغيورين، فلاحظتما يتبعان أسلوب المقاطعة المستمرة حتى لا يستطيع المتدخل إكمال فكرته، أو بيان حجته، وبعد متابعة دقيقة لثلاث حلقات متتاليات خلصت إلى حقيقة بادية للعيان، لا يختلف فيها اثنان، إلا من ابتلاه الله بالعميان، أن برنامج الفتان، "عبد المحسن العبيكان"، موجه لتكريس احتلال الأمريكان، لبلاد العرب والإسلام، ومما يؤكد ذلك ما يلي:
1) أن برنامج "الحوار الغائب" يقوم برعايته ومباركته قناة تعمل جاهدة على أمركة أبناء المسلمين، ونشر ثقافة الغرب منذ سنوات من غير كلل أو ملل، من خلال الأفلام الإباحية، والمسلسلات الماجنة، أما ما يُسمّى ب "الفيديو كليب"، والبرامج التي تغسل أدمغة الشباب المسلم لاعتناق اللبرالية، والإيمان بالعلمانية، فحدث عنها ولا حرج؛ ولذلك لا تعجب إذا علمت أن أغلب طاقم العاملين في هذه القناة من مذيعين ومذيعات، ومخربين ومخربات، من نصارى لبنان، تجار الرقيق الأبيض في بلاد المسلمين، وأعوان المحتلين، وما تاريخ جيش لحد وميليشيات الكتائب عنا ببعيد.
ولم تكتف مافيا تجار الرقيق الأبيض في "الإم بي سي" بنشرها هذه القاذورات على قناة واحدة، حتى دشنت قناة أخرى مخصصة للأفلام الإباحية، ثم أتبعتها بثالثة الأثافي، وهي قناة إخبارية غير نقية، تسمى "العربية"، فكن منها على تقية! فقد انطلى خبثها - للأسف - على عامة المسلمين، وظنوها قناة مهنية ذات مصداقية، وفي الحقيقة هي قناة موجهة لأمركة المنطقة، وتقرير ذلك يطول شرحه.
2) ليس هدف البرنامج الحوار الجاد والمنصف، وإنما "حوار الطرشان من طرف واحد" على القاعدة الفرعونية {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر:29).
3) نلحظ ظاهرة تبادل الأدوار بين معد البرنامج و"العبيكان"، كأننا في صالة رقص، المعد يطبل ويزمر باستعراض قول المخالف بأسلوب ماكر ولئيم، ويقوم "العبيكان" بالرقص على إيقاع ألحانه، لذلك تلحظ أحيانا إفلاس "العبيكان"، فلا يجد ما يهذر به، فيلف ويدور في فلسفات كلامية، وترهات عقلية، فيدرك المعد إفلاسه، فيسعفه بتذكيره بمواقف تاريخية، وشبهات شرعية، فسرعان ما يلتقطها "العبيكان"، ويدندن حولها بما يمج الأسماع، مما يدفع أهل الكياسة والفطنة إلى الشك في نوايا هذا الرجل، وأنه ليس بمغفل، وإنما هو ضليع في مؤامرة خبيثة تستهدف الأمة الإسلامية - والله أعلم بخفايا الأمور .
فإذا تقرر ما سبق، فبالدليل والبرهان، نقطع لسان "العبيكان":
* * *
الشبهة الأولى؛ التفريق بين جهاد الأفغان للروس، وجهاد العراقيين للأمريكان:
كلنا يعلم أن جهاد الأفغان للروس اكتسب شرعية مزدوجة: "شرعية دينية"، و"شرعية أمريكية".
أما "الشرعية الدينية"، فقد تجلت في فتاوى واضحة وجلية من علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فصار الجهاد وقتئذ بملء الفم "ذروة سنام الإسلام"، و"من أفضل الأعمال"، وبلا ريب أن العلماء الذين أفتوا بذلك ليسوا جميعا نياتهم واحدة، فمنهم الأفاضل الذين يعرف عنهم العلم والتقوى، والسيرة الحميدة، كالعلامة "ابن باز"، و"ابن عثيمين"، و"الألباني" - رحمهم الله جميعا - ومنهم من وافقت الفتوى هوى سلطانه، فرقص على إيقاع المفتين، وبصم عليها بالإبهام والجبين.
وأما "الشرعية الأمريكية"، فالكل يعلم سيناريو الحرب الباردة بين معسكر الأمريكان ومعسكر السوفيت، وكل من الطرفين كان يسعى لتحجيم نفوذ الطرف الآخر، وكانت بلاد البترول (دول الخليج، والعراق، وإيران) أحد أهم محاور التنافس بين القوتين، وبسقوط دولة شاه إيران، فقد الأمريكان أهم الحلفاء، وضعف نفوذها في المنطقة، فرأى الروس الفرصة سانحة للوصول للمياه الدافئة، فكان غزو أفغانستان لتأمين مصالحهم السياسية والاقتصادية، ولم يعجز الروس عن إيجاد حيلة في تشريع غزوهم لأفغانستان، كما يفعل الآن الأمريكان، فكانت الحيلة بأن أوعزوا لحكومة كابل وقتئذ بأن تعلن رسميا عن طلبها المساعدة من الحكومة السوفيتية لكبح جماح الخارجين على الحكومة الشرعية، فكان ما كان من إرسال السوفييت جيشا جرارا يقدر بأكثر من مائة ألف جندي لمساعدة حكومة كابل.
وبلا ريب أن هذا الغزو خلط أوراق الأمريكان، خاصة مع تغلغل الماركسية في كوبا، وعدة دول في أمريكا اللاتينية والتي تعد الحديقة الخلفية للبيت الأبيض.
فعمل الأمريكان على إنهاك الروس في أفغانستان من خلال طرف ثالث يسمى "المارد الإسلامي"، فأوعزت أمريكا لجميع أذنابها بعمل ما يلزم لتحقيق ذلك، ففتح الباكستانيون ذراعهم للمجاهدين، وقدمت جميع التسهيلات، كما انتشرت صناديق التبرعات في كل حارة وزقاق في بلاد الخليج لدعم المجهود الحربي للمجاهدين، كل ذلك تحت رعاية ومباركة الحكومات، وليس لوجه الله، وإنما لتحقيق مصالح الأمريكان، كما لم يبخل الأمريكان في تسريب كميات من صواريخ "استنجر" للمجاهدين عن طريق طرف ثالث (باكستان)، كما أُعطي الضوء الأخضر لمصر بتزويد المجاهدين بصواريخ "صقر"، المقصود التذكير بأن الجميع عمل كفريق واحد لتوريط الروس في أفغانستان، وبذلك اكتسب الجهاد في أفغانستان "الشرعية الأمريكية".
فالأستاذ "العبيكان"، يدرك جيدا أن قياس "جهاد العراق" على "جهاد أفغانستان" سيخلط عليه الأوراق، ويفسد عليه الخطة، فعمل جاهدا على جعل هذا القياس فاسدا، وذلك باختراع فوارق بين الحالتين ما أنزل الله بها من سلطان، فزعم أن الوضع في أفغانستان يختلف عن وضع في العراق، فالأول يشرع فيه الجهاد، والآخر لا يشرع، ولم يذكر لنا دليلا شرعيا واحدا يستوجب هذا التفريق، اللهم إلا سفسطائيات سخيفة، وعقليات هزيلة، تضحك العقلاء، ويتعجب منها الفقهاء، وملخص شبهته:
أن الروس دخلوا أفغانستان للاستيلاء على البلاد وعدم الخروج منها، بينما الأمريكان لم يأتوا للاستيلاء على العراق - على نفس الأنغام الأمريكية، وهم ينوون الخروج بمجرد استقرار الوضع السياسي، واستشهد على ذلك بما هو معلن من طرف الأمريكان، وأنهم أعلنوا - أي الأمريكان - أنهم سيرحلون فورا إذا طلبت منهم الحكومة العراقية ذلك!!
كذا قال!! - عامله الله بعدله - يبني حكما فقهيا خطيرا تعم به البلوى، وتتعلق به مصالح دولة، على نيات عباد الصليب الأمريكان وما يعلنون عنه في وسائل الإعلام!!
يرهن مستقبل الأمة بكاملها بناء على وعود أمريكية!!
لا يفزعنك قعاقع وفراقع وجعاجع صدرت عن العبيكان
ما عنده شيء يهولك غير ذاك الصراخ عبر وسائل الإعلام
لو قلت هذا البحر قال مكذبا هذا السراب يكون بالقيعان
أو قلت هذي الشمس قال مباهتا الشمس لم تطلع إلى ذا الآن
فالحق شمس والعيون نواظر لا تختفي إلا على العميان
ويجاب على هذيان "العبيكان" بما يلي:
أولا- أين دليلك المادي على عزم الروس البقاء في أفغانستان عندما غزوها؟!
فالبينة على من ادعى، فيلزمك أن توثق ما زعمته، فتأتي بتصريح سوفيتي رسمي يعلنون فيه أنهم عازمون على البقاء في أفغانستان بعد استقرار الوضع السياسي فيها!! وهيهات هيهات أن تقدر على إثبات ذلك؛ لأن الروس ليسوا بغباء أنصاف الفقهاء حتى يعلنوا خططهم وأهدافهم الحقيقية على رؤوس الأشهاد!!
أما إن كان حكمك هذا مبني على الظن والاستنتاج، فهو بداهة أولى في حق الأمريكان في العراق، وسيأتي برهانه المادي بعد قليل - إن شاء الله -
أما الثقة في وعود المحتلين، فهو دأب ضعاف العقل والدين، والحمقى والمغفلين، وتاريخ المحتلين يؤكد لنا ذلك، فعلى سبيل المثال: غزت فرنسا الجزائر تحت شعار (الثأر لكبرياء فرنسا)، وذلك بعدما أهان الحاكم الجزائري "الداي أحمد" سفير فرنسا في الجزائر، في قصة مشهورة، عندما ضربه على وجهه بمروحة يدوية، فأرسلت فرنسا جيوشا جرارة لغزو الجزائر لرد الاعتبار، فمكثت 132 سنة، ولم تخرج إلا تحت وطأة ضربات المجاهدين والمقاومين التي كلفت الشعب الجزائري مليون ونصف شهيد!!
أما ما يؤكد عزم الأمريكان على البقاء في العراق أمدا بعيدا، وكذب دعواهم أنهم سيخرجون إذا طلبت "الحكومة العراقية" ذلك، فما يلي:
أولا - كلنا يعلم أن أمريكا أكبر مستهلك للبترول في العالم (17 مليون برميل يوميا)، تأمن منه 60% من مخزونها الاحتياطي الذي لا يتجاوز (21 مليار برميل في أحسن تقدير)، و40% من الخارج، لذلك تعد أكبر مستورد للبترول في العالم، فهي تستورد أكثر من سبع ملايين برميل يوميا.
أيضا معلوم أن احتياطاتها البترولية سوف تنفد بشكل كامل سنة 2007م، وبذلك ستستورد جميع احتاجاتها البترولية من السوق العالمي بنسبة 100%، وبلا ريب أن أي خلل يطرأ على هذه الإمدادات سيتسبب في توقف الحياة في أمريكا، ومن ثَم تدمر بشكل كامل، فتخشى أمريكا أن تستخدم الدول المنتجة للبترول هذه السلعة كسلاح ضغط على السياسة الخارجية الأمريكية كما حدث سنة 1973م، أو يسيطر الصينيون أو الروس على منابع البترول بطريقة أو أخرى، فيهدد أمنها القومي.
أما العراق، فكلنا يعلم أنه يجلس على بحر من الذهب الأسود، فهو يملك أكبر احتياطي بترولي في العالم على الصحيح من تقارير المختصين، يقدر بأكثر من (130 مليار برميل)، وهذا يؤمن الإمدادات الأمريكية لمدة ربع قرن تقريبا، غير ما سيتم اكتشافه لاحقا في مناطق أخرى في العراق.
وفي المقابل لا تجلس أفغانستان إلا على أحجار وجبال بركانية، وجفاف وقحط وجدب في طول البلاد وعرضها، وهي أفقر دول العالم في الثروات الطبيعية، فأي البلدين أحق بوضع اليد عليها أيها العقلاء؟!! دولة تمتلك مخزونا هائلا من الذهب الأسود، أم بلد معدم لا يصدر إلا الفقر والبؤس؟!! أترك الجواب للعقلاء.
ثانيا - من المعلوم أن للأمريكان أجندة خطيرة في المنطقة العربية، تعمل على تحقيقها منذ زمن بعيد على مراحل، أشرت إليها آنفا، ومن ذلك أيضا تكريس ثقافة الغرب الصليبي، وضرب معاقل الإسلام وتجفيف منابعه، وبناء دولة "إسرائيل الكبرى"، وحمل المسلمين على التطبيع الكامل سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا مع "إسرائيل"، ويأتي في هذا السياق ما أعلنه الأمريكان عن عزمهم على إنشاء ما يسمى ب "الشرق الأوسط الكبير"، وهو عبارة عن تجمع وتكتل اقتصادي وسياسي ضخم تحت مظلة العولمة الأمريكية، يكون قطبه الرئيس ومحوره الأساسي دولة الصهاينة "إسرائيل"؛ لما تتمتع به - من وجهة النظر الغربية عامة، والأمريكية خاصة - من مؤهلات سياسية، واقتصادية، وعلمية تؤهلها عن جدارة واستحقاق لقيادة هذا المشروع.
ولكي تحقق أمريكا أهدافها عملت على إسكات أصوات المعترضين، وفي مقدمة هؤلاء "صدام حسين"، فكان غزو العراق لإسقاطه، ومن ثَم تنصيب حكومة عميلة تلبي المطالب الأمريكية، وعلى قاعدة "اضرب المربوط يخشاك السائب" سرعان ما خضعت "ليبيا" للمطالب الأمريكية، ولم يبق من الأنظمة المشاغبة للسياسة الأمريكية في المنطقة إلا "إيران"، و"سوريا"، وإن كانت النقاط التي تجمع هذه الأنظمة مع المشروع الأمريكي أكثر من نقاط الخلاف؛ لذلك نسمع بين الفينة والأخرى الغزل الأمريكي الإيراني السوري، ولذلك نحن على يقين أن المنطقة ستنبطح عن بكرة أبيها للمشروع الأمريكي فور إخضاع المجاهدين في العراق - لا سمح الله، وستعترف جميع الأنظمة بالكيان الصهيوني الخبيث طوعا أو كرها، ويتم نسف القضية الفلسطينية، وحينئذ سيبلغ المسلمون قمة الإذلال والضياع على موائد اللئام.
فيا أيها العقلاء! لقد جاء الأمريكان للمنطقة لتنفيذ أجندة معلنة وليست خفية، وهذا يستلزم تنصيب حكومات عميلة حتى النخاع على رقاب المسلمين في العراق وسائر المنطقة، كما يستلزم منه إبقاء قوة عسكرية لحماية هذا المشروع ودعمه، بجانب حماية آبار البترول في الجنوب والشرق والشمال، وتأمين سلامة الدولة الصهيونية في منطقة الأنبار، فهل هذا يدل من قريب أو بعيد على قرب خروج الأمريكان، ورحيلهم من العراق؟!!
ثالثا - أعلن الجيش الأمريكي في وقت سابق بعد إسقاط نظام صدام أنه بصدد بناء عشر قواعد عسكرية عملاقة، ويقال أن حصونها تقاوم القنابل النووية، وأن هذه القواعد أنفق عليها عشرات المليارات، فهل هذا سلوك من يعتزم الرحيل؟!!
رابعا - اعترفت وزارة الخارجية الأمريكية أنها عازمة على جعل السفارة الأمريكية في بغداد أكبر سفارة لها في العالم، يقدر عدد منسوبيها ب (5000 موظف أمريكي)، أي مع المرافقين يصبح العدد (20000 أمريكي).
كذلك أعلن السفير الأمريكي "بونتي" على عزم السفارة الأمريكية بافتتاح مكاتب لها في جميع مدن العراق، أضف إلى ذلك الطوابير المتوقعة من الخبراء والفنيين الأمريكان الذين سيعملون في مجال البترول والإنشاء وأمركة الهواء في العراق، وبذلك سيبلغ عدد المدنيين الأمريكان عشرات الألوف، فقل لي بربك كم سيلزمهم من قوات أمريكية لحمايتهم وحفظ أمنهم، خاصة في ظل وجودهم على أرض معادية تتربص بهم الدوائر مهما طال بهم الزمن أو قصر؟!!
أما ما يصرح به الأمريكان باستعدادهم للرحيل متى طلبت منهم الحكومة العراقية العميلة ذلك، فصدقوا بلا ريب، ولكن السؤال الأهم: ما حقيقة هذه الحكومة، وهل هي سترعى مصالح الأمة، أو مصالح المحتل الصليبي؟!!
فالحكومة جل أفرادها يحملون الجنسية الأمريكية، ورئيسها "إياد علاوي" يحمل الجنسية البريطانية، وأقر بلسانه بأنه أحد عملاء "السي أي إيه"، وأنه يتقاضى راتبا شهريا من الحكومة الأمريكية هو والعميل "أحمد جلبي"!! فهل يعقل أن عميل "السي أي إيه" سيطلب من أسياده الأمريكان الخروج من العراق {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (القلم:36).
وهل بلغ من الحمق حتى يطلب ذلك وهم الذين يحمونه في حله وترحاله؟!!
فالمخطط له أن تضع الحكومة الأمريكية حكومة عراقية عميلة حتى النخاع، سواء معينة، أو منتخبة بنسبة 9، 99%، كما جرت العادة في الانتخابات في الدول العربية، المهم في نهاية الأمر أن تلبي هذه الحكومة العميلة بطريقة أو أخرى مطالب ومصالح عباد الصليب الأمريكان، ثم مصالحهم الخاصة، أما الأمة، والرعية، فلا بواكي لهم، والله المستعان.
* * *
الشبهة الثانية: تحريم الجهاد إلا بإذن الإمام:
يزعم هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" - عامله الله بما يستحق - بأن الجهاد بقسميه (الدفع والطلب) لا يجوز القيام به إلا بإذن الإمام، واستدل على ذلك بنُقول لأهل العلم من هنا وهناك، كحاطب ليل يجمع الحيات مع الحطب، فيتحفنا بما قاله ابن قدامة في "المغني"، وحكاه النووي في "شرح صحيح مسلم" …الخ؛ لأنه باختصار لن يجد من النصوص الشرعية الصريحة والصحيحة التي تسعفه وتروي ظمأه في مشاغباته المكشوفة، ويا ليته ينقل أقوال العلماء بأمانة وتقوى، فينزلها منازلها الصحيحة، على مراد أصحابها، وإنما يعتمد في ذلك على التعميم والتلفيق.
ويهدف هذا الفتان "عبد المحسن العبيكان" من وراء تلفيقه إبطال الجهاد في البلاد التي احتلها الأمريكان في أفغانستان والعراق.
فمن يتأمل ما يجعجع به هذا الهَذِر يجده يلتقي صراحة مع مصلحة الأمريكان وأذنابهم من الغربان، فهل هذا الالتقاء مجرد مصادفة من غير ميعاد؟!! فالله أعلم بحقائق الأمور.
ولتفصيل الكلام حول هذه الشبهة الفاسدة أقول - وبالله تعالى التوفيق -
من المقرر بالإجماع أن "جهاد الدفع" آكد من "جهاد الطلب"؛ وذلك لأن "جهاد الدفع" واجب عيني بإجماع المسلمين، وجهاد الطلب "واجب كفائي" في قول الجمهور، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فبداهة متى ظهر لنا مشروعية "جهاد الطلب" بغير إذن الإمام، فمن باب أولى بداهة يشرع "جهاد الدفع" بدون إذن الإمام.
نخلص من ذلك بسؤال محوري في هذه الشبهة: هل يلزم إذن الإمام في "جهاد الطلب"؟
قال مقيده "محتسب": القول المشهور عند المحققين من أهل العلم في حكم "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام "الكراهية"، وليس الوجوب كما يدندن الفتان "عبد المحسن العبيكان" في كل حلقه من حلقاته، بل وزعم في الجزء الأخير من حلقة يوم السبت 4/8/1425 هـ بأن القول بالوجوب هو بإجماع المسلمين - كذا قال! عامله الله بعدله، وكذب والله وافترى، ولم أصدق أن تصل جرأته في الباطل إلى هذا الحد، فقد قال قولا يدل على جهله المركب بأقوال أهل العلم إن لم نقل: إنه يتعامى، فها هو الإمام "النووي" من أبرز الفقهاء المحققين يقول في "منهاج الطالبين" 1/137: "يكره غزو بغير إذن الإمام"، وعلل ذلك الشربيني في "مغني المحتاج" 4/220، فقال: "تأدبا معه - أي مع الإمام؛ ولأنه أعرف من غيره بمصالح الجهاد، وإنما لم يحرم لأنه ليس فيه أكثر من التغرير بالنفوس، وهو جائز في الجهاد".
فتأمل - رحمك الله - هذا النص جيدا تدرك مدى إفك هذا المتعالم "العبيكان"!!
تأمل كيف علل أهل العلم كراهية الجهاد بدون إذن الإمام؛ "لأنه الأعرف بمصالح الجهاد"، وهذه العلة متفق عليها بين أهل العلم، ومن المقرر أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، فإذا انتفت معرفة الإمام بمصالح الجهاد، تسقط بداهة هذه الكراهية جملة واحدة، كأن يكون الإمام ممن أخلدوا إلى الأرض واتبعوا الهوى، أو لا يعبأ بمصلحة الأمة لإقباله على الشهوات الخفية والحسية، أو أحمق متسلط اتخذ بطانة سوء تملي عليه الباطل وتزينه، أو لعله أحد أحفاد "ابن العلقمي" صاحب التاريخ الأسود كما هو متحقق في العديد من الأنظمة، وعلى رأسها "إياد علاوي"، و"كرزاي"؟!!
وقد صرح العديد من أهل العلم بسقوط كراهية "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام، ومن هؤلاء العلامة "البُلقيني" رحمه الله، فقد استثنى من الكراهية صورًا كما في "مغني المحتاج" 4/220، وهذه الصور:
أحدها - أن يفوته المقصود بذهابه للاستئذان.
قال مقيده "محتسب": وتدخل تحت هذا الاستثناء صور عديدة، تختلف حسب المكان والزمان، وطبيعة الجهاد.
ثانيها - إذا عطل الإمام الغزو هو وجنوده على أمور الدنيا كما يشاهد.
فمتى انشغل الحاكم المسلم بأمور الدنيا، كبناء دور اللهو، والاهتمام ببناء القصور والمتنزهات، والبنايات الشامخات، وتسخير مقدرات الدولة للألعاب الرياضية والأولمبية، والمسابقات الترفيهية، فلا يكره للمجاهد التوجه لساحات "جهاد الطلب" بدون إذن إمامه.
ثالثها - إذا غلب على ظنه أنه لو استأذنه لم يأذن له.
كحال أغلب حكام اليوم الذين انبطحوا أرضا يقبلون نعل بوش، والغريب والعجيب أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أرغموا رعاياهم على الركوع والسجود أذلة صاغرين للأمريكان في كل مكان!!
والأعجب والأغرب من ذلك كله أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أوعزوا لمن لا خلاق له من مشايخ البنتاجون لحشد جهودهم العلمية؛ من أجل صبغ ذلك بصبغة شرعية، تنطلي على الرعية.
والحقيقة أني لا أعرف أي حاكم هذا الذي سيجترئ ويوافق على مجاهدة الأمريكان؟!! ورحم الله قائد طالبان - الملا عمر - فقد جسد لنا العزة في زمن الانكسار.
وما استثناه الإمام "البلقيني" - رحمه الله - من صور تسقط فيها كراهية "جهاد الطلب" بدون إذن الإمام تابعه على ذلك الكثير من الفقهاء، فقد نقل صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن ابن القاسم أنه إذا طمع قوم بفرصة في عدو قربهم، وخشوا إن أعلموا إمامهم منعهم، فواسع خروجهم، وأحب استئذانهم إياه، ثم قال ابن حبيب سمعت أهل العلم يقولون: "إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو".
فالمتأمل للنص السابق يلحظ أن أهل العلم علقوا "تحريم مخالفته" بتحقق مصلحة الأمة، فمتى انتفت هذه المصلحة في أمر الحاكم - كما هو حاصل الآن، بإذلال المسلمين في كل مكان، وهتك أعراضهم، وسلب أموالهم، وإزهاق أرواحهم، وخاصة في النقاط الساخنة المحتلة في "العراق"، و"فلسطين"، و"أفغانستان"، و"الشيشان"، و"كشمير"، و"الفلبين" …الخ، فلا تحرم مخالفته، وكيف تحرم مخالفته ومصلحة الأمة (وليست الدويلات) على المحك؟ وهي بلا ريب أجل وأعظم من طاعته؟ بل ما شرعت طاعته أصلا إلا لمصلحة الأمة. فتأمل!!
نخلص من ذلك أنه يجوز خروج المسلم ل "جهاد طلب" الأمريكان، والروس، والصهاينة، سواء في العراق، أو أفغانستان، أو فلسطين بدون إذن حاكم بلده.
أما "جهاد الدفع"، فكما قلت آنفا هو آكد في الحكم من "جهاد الطلب"؛ وذلك لأن "جهاد الدفع"، من قبيل دفع الصائل وكف المعتدي، وهو فرض عين على كل قادر على حمل السلاح من الرجال، والنساء، والشيوخ، والأطفال، فيخرج الابن بدون إذن أبيه، والزوجة بدون إذن زوجها، وكل الأمة بدن إذن حاكمها.
قال البابرتي في "العناية على الهداية بحاشية شرح فتح القدير" 5/440: "وأما العينية في النفير العام، فبالإجماع؛ لأنه من إغاثة الملهوف والمظلوم". اهـ.
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" 4/312: "ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو، ولم تكن فيهم مقاومة لهم، فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين، وهذا لا خلاف فيه بين الأمة؛ إذ ليس من قول أحد من المسلمين إباحة القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين، وسبي ذراريهم". اهـ.
قال مقيده "محتسب": رحم الله الجصاص، فقد خرج في زماننا بهلوان يسمى "عبد المحسن العبيكان" يحث المسلمين على القعود والاستسلام للأمريكان، والرضا والقناعة بالذل والهوان، حتى استباح عباد الصليب، أعراض بناتنا وأخواتنا في سجن "أبو غريب"، بل لقد استباحوا أعراض رجالنا - ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!
وما خفي كان أعظم، وما خرج للعلن يندى له جبين الشرفاء، والمؤمنين الأتقياء، فقد تسربت رسالة من سجن "أبو غريب" من امرأة مسلمة شريفة تستغيث: لقد هتك عباد الصليب عرضي 17 مرة، وأذاقونا أصناف العذاب، فيا أمة الإسلام!! لا نملك إلا الصريخ، دكوا السجن على رؤوسنا ورؤوسهم بالقنابل والصواريخ، نريد تطهير أرواحنا، بعدما تنجست أبداننا بنطف أولاد الحرام عباد الصلبان!!!
فيا بني الإسلام!! إن وراءكم وقائع يلحقن الذرى بالمناسم، أنائمة في ظل أمن وغبطة، وكيف تنام العين ملء جفونها على هبوات أيقظت كل نائم؟ وإخوانكم بالعراق يضحى مقيلهم، ظهور المذاكي، أو بطون القشاعم، يسومهم الأمريكان والعبيكان الهوان!! وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالم، فكم من دماء قد أبيحت، ومن دمي توارى حياء حسنها بالمعاصم، بحيث السيوف البيض محمرة الظبا، وسمر العوالي داميات اللهازم، يكاد لهن المستجن بطيبة ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم! أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى رماحهم، والدين واهي الدعائم، ويجتنبون النار خوفا من الردى، ولا يحسبون العار ضربة لازم، أنرضي صناديد الأعراب بالأذى، وتغضى على ذل كماة الأعاجم، فليتهم إذا لم يذودوا حمية عن الدين، ضنوا غيرة بالمحارم والأعراض. والله المستعان على أهل الخذلان.
ونصوص الفقهاء في هذه المسألة كثيرة جدا، وهي واضحة وصريحة في الوجوب العيني على جميع المسلمين في "جهاد الدفع"، وأنه لا يفتقر لا لإذن إمام، ولا لفتوى من شيخ من هنا أو هناك، ولا يجحد مضمونها إلا مكابر عنيد، ومن ذلك:
ما قاله أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/517: "إذا كان النفير عاما لغلبة العدو على الحوزة أو استيلائه على الأسارى كان النفير عاما، ووجب الخروج خفافا وثقالا، وركبانا ورجالا، عبيدا وأحرارا، من كان له أب من غير إذنه، ومن لا أب له حتى يظهر دين الله، وتحمى البيضة، وتحفظ الحوزة، ويخزى العدو". اهـ.
وقال ابن عطية في "تفسيره" 8/346: "واستمر الإجماع على أن الجهاد على أمة محمد فرض كفاية، فإذا قام به من قام من المسلمين يسقط عن الباقين إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام، فهو حينئذ فرض عين". اهـ.
وقال ابن بلبان الدمشقي في "أخصر المختصرات" ص161 عن الجهاد بشقيه (الطلب والدفع): "هو فرض كفاية إلا إذا حضره، أو حصره، أو باغته عدو، أو كان النفير عاما، ففرض عين... وعلى الإمام منع مخذل، ومرجف". اهـ.
وقال المرغياني في "الهداية شرح البداية" 2/135: "فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع، تخرج المرأة بغير إذن زوجها، والعبد بغير إذن المولى؛ لأنه صار فرض عين، وملك اليمين، ورق النكاح لا يظهر في حق فروض الأعيان كما في الصلاة والصوم". اهـ. ومثل ذلك قاله الكاساني في "بدائع الصنائع" 7/98، وزاد: "وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه؛ لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة". اهـ.
فانظر وتأمل كيف شبهوا فرض العين في "جهاد الدفع" بفرض العين في "الصوم" و"الصلاة".
ونقل صاحب "مواهب الجليل" 3/349 عن ابن حبيب قال: " سمعت أهل العلم يقولون: إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو". اهـ.
فجمع الشيخ - رحمه الله - في هذا القول بين "جهاد الطلب"، وهو ما عناه بقوله: "حرمت مخالفته"، وقد سبق التعليق على ذلك، و"جهاد الدفع"، وهو الاستثناء في قوله: "إلا أن يدهمهم العدو"، ومقتضى هذا بمفهوم المخالفة أن العدو إذا داهم المسلمين، ومنعهم الحاكم من "جهاد الدفع" لم تحرم مخالفته. فتأمل!!!
تنبيهان:
الأول - المقصود بـ "النفير العام" أي دخول العدو بلاد المسلمين بغتة. وأصل "النفير" مفارقة مكان إلى مكان؛ لأمر حرك ذلك. انظر: "الفتح" 6/37، و"حاشية ابن عابدين" 4/127.
وقال المجددي في "قواعد الفقه" ص532: "النفير العام في الجهاد، هو قيام عامة الناس لقتال العدو، والنفير الخروج إلى العدو". اهـ.
الثاني - وردت بعض النقول عن بعض أهل العلم يفهم منها اشتراطهم إذن الإمام في "جهاد الدفع"، فاستغلها هذا البهلوان "عبد المحسن العبيكان"، وأطلق القول بها، ومن ذلك ما ورد في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله" 1/258: "سمعت أبي يقول: إذا أذن الإمام القوم يأتيهم النفير، فلا بأس أن يخرجوا. قلت: لأبي فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟!![/align:72bdbebd81]