تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سل الحسام على من تطاول على المجاهدين الأبرار



ابن المنطقة
11-29-2006, 01:29 PM
[align=center:3e7f414c14]بسم الله الرحمن الرحيم
سل الحسام على من تطاول على المجاهدين الأبرار
رد على من يتطاو ل على
المجاهدين
بقلم؛ أبي جندل الأنصاري
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً ومباركاً فيه، حمداً يليق بجلال وجهه العظيم، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وعلى صحابته الغر الميامين.
وبعد...
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند له ولا مثيل بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمد عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
وبعد...
ففي نهاية هذا العام الهجري 1420، قام جند الطاغوت المروني الملعون - جيش الصلبان في لبنان - بالهجوم على إخواننا الموحدين في شمال لبنان، فقتلوا طائفتاً منهم وأسروا طائفة، ونجى الله الباقين إنه عزيز رحيم، وما من ذنب اقترفوه إلا أنهم بربهم كانوا مؤمنين وله مسلمين منقادين، وليس هذا مدار حديثنا فمعلوم لدينا مدى الخصومة والبغضاء بين عباد الصلبان وعباد الرحمن، فالله تعالى يقول {لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، ومعلوم لدينا أنهم ما نقموا منهم إلا أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد، فهذا ما ورثوه عن آبائهم الأولين.
ولكن ما أذهل العقول وشنّج الضلوع وأشخص الأبصار، وقاحة المرجئة الأشرار، ونقمتهم من المجاهدين الأخيار، فسرعان ما أُعدت محضرات في عكار، لقذف من وحد الرحمن، وسرعان ما سلت سيوف اللسان، لضرب من كفر بالمجرمين الأنذال، فبان الولاء وبان البراء، وبان حزب الله من حزب الشيطان، فكانوا لإخواننا معادين، ولجند الطاغوت مسالمين، فأي عقيدة هم يحملون، وأي ملة هم يتبعون، فهل هذا هو هدي السابقين، فسبحان ربنا العظيم.
فلقوله تعالى: {المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، ولقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} كان حقاً علينا أن ننصر إخواننا الأبرار، ونلوذ عن أعراضهم الشامخة الشهباء، كيف لا وهم عبّادا لله الواحد القهار، ونحن لعباده أذلة صغار.
لهذا أعددنا هذه الردود على أحد رؤوس الإرجاء في شمال لبنان ويدعى؛ أبو مصعب الكبي - هداه الله لسبيل الرشاد - فقد أعد محاضرات تليها محاضرات في قذف إخواننا الأبرار، ورميهم بشتى صفات الفُساق، هذا إن لم يخرجهم من ملة الإسلام، كل هذا ليرضي صناديد الحكم الفجار الذين طغوا في البلاد ونشروا فيها الفساد فجعلوا أهلها شيعاً وأحزاب.
واعلم أخ الإسلام أن فتنة هؤلاء - أعني المرجئة - عظيمة لما يترتب عليها من لبس لحق ونشر لشركٍ ووقد لفتنةٍ، تزاغ بها القلوب وتزل فيها الأقدام فتطيح بالهامات وتنتكس منها الهمات، لذلك قال النخعي: لَفِتْنَتُهُم - المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة.
ولذلك كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: (ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم من الإرجاء).
ومن فتنهم التي أضلت العباد، ونكست الهمات، وثبطت كل مسلم مقدام، محاربتهم للجهاد، ورمي أهله بصفات الفجار، المبتدعة الضلال، فسموهم خوارج مارقون، أزارقة كافرون، بغاة معتدون، وغيرها من الأسماء المنفرة.
وأما أفضلهم حالأ وأقلهم كذباً وبهتانا، قال - وهو يحسب نفسه متورعاً -: (شباب طائشون، حدثاء أسنان، وسفهاء أحلام، وأصحاب هواء).
وهم أيضاً يواصلون الليل بالنهار دون كلل ولا ملل، لاغتيال الجهاد ونزع حبه من صدور الشباب.... وقد نجحوا في زرع أشجار الركون والركود في صدور كثير من الشباب، وأشجارهم التي زرعوها تؤتي أكلها كل حين، ثمار يانعة قد ملئوا منها بطون أولياء أمورهم "الطواغيت" وقرت بها عيون الإنجليز.
وهؤلاء الشباب الجُهال ظنوا أن الجهاد هو في الكراس وفي مجالسة هيئة كبار العلماء، فهم كما قالوا؛ نجوم الهدى ورجوم العدى، لكن ألا يدري هؤلاء أن سماء نجومهم هي عباءة آل سعود، عباءةً حاكها اليهود بخيوط الصلبان والمجوس.
قال "أبو مصعب" في قتال الطواغيت وتكفيرهم، قال: (إنه جمع الشباب ثمراً وإلقائهم كدراً)، وقال: (إنها من المقدمات الباطلة الموصلة إلى النتائج الفاسدة)، وقال: (إنها شبهات مخلوطة بالجهل والهوى)، وقال: (هو القفز الذي يكسّر الأرجل، وهو السير نحو الهاوية).
ورداً على هذا، أقول - وبالله التوفيق -...















أولاً
في بيان سبيل المصلحين
فاعلم أن قتال الطواغيت وجهادهم هو سبيل المهتدين، ودرب الأنبياء والصالحين.
قال تعالى: {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، وحث رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تبارك وتعالى: {يا أيها النبي جاهد المنافقين والكفار واغلظ عليهم}، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذل والصغار على من خالف أمري).
وقال تبارك تعالى واصفاً حال عباده المؤمنين: {الذين أمنوا يقاتلوا في سبيل الله}، وحثهم على ذلك وأمرهم به فقال تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال}، وقال تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم}، وقال تعالى: {قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون}، وقال تبارك وتعالى: {فقاتلوا أولياء الشيطان}، وقال تبارك وتعالى: {واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وقال تبارك وتعالى: {إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}.
وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) [رواه أبو داود والنسائي والحاكم].
بل أوجبها تبارك وتعالى على من اتبع الرسول الأمي، فقال عز من قال: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع فيما يباع عليه، الجهاد في سبيل الله ففي الحديث المروي في البيهقي والحاكم أن بشير بن خصاصية رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه على الإسلام، فاشترط علي؛ تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده رسوله، وتصلي الخمس، وتصوم رمضان، وتؤدي الزكاة وتحج البيت، وتجاهد في سبيل الله … قلت يا رسول الله: أما اثنتان فلا أطيقهما: الزكاة، لأنه ليس لي إلا عشر ذود، هن رسل أهلي وحمولتهن، وأما الجهاد فإنهم يزعمون، أنه من ولى فقد باء بغضب من الله، وأخاف إن حضرني قتال كرهت الموت، وخشعت نفسي. فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم حركها، ثم قال،: لا صدقة، ولا جهاد، فبماذا تدخل الجنة قلت يا رسول الله: أبايعك فبايعني عليهن كلهن).
وفي حديث صحيح عند أبن أبي شيبة وعبد الرزاق عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإسلام ثمانية أسهم، الإسلام سهم، الصلاة سهم، والزكاة سهم، والحج سهم، والجهاد سهم، وصوم رمضان سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له).
ومن هذا تعلم أن القتال في سبيل الله سنة استنار بها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن كان معه من الصالحين والصديقين، سنة وجبت عليهم وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فهل بعد هذا كله يسمى القتل والجهاد في سبيل الله لقلع جذور الطواغيت، وتخليص العباد من الشر الصلبان، مقدمات باطلة! والله إن الباطل كل الباطل في إتباع أذناب الأبقار والبيع بالعينة والرضى بالزرع، وترك الجهاد في سبيل الواحد القهار، او كما قال صلى الله عليه وسلم.
فاعلم وتيقن أن هذا هو سبيل المؤمنين ومسلك الأنبياء والمرسلين، وهو درب العزة بالمسلمين، وبه تكسر شوكة الكافرين، وبه أيضاً تصان حقوق العباد، وتحفظ حمى الرحمن.






ثانياً
في بيان سبيل المفسدين
اعلم ان القعود هو سنة المفسدين ودرب الأشقياء والمنافقين.
قال تبارك تعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم أنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً جزاء بما كانوا يكسبون}.
ففي المنافقين أنزلت، وفيها صفتان لهم أولها: أنهم فرحين بقعودهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، والظاهر انهم غير مظهرين لفرحهم هذا، بل أنهم أخفوه بالحجج الواهية.
كقول الجد بن قيس لنبي صلى الله عليه وسلم عندما قال له صلى الله عليه وسلم: (هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر؟)، فأجابه متحججا: (يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله قد عرف قومي ما من رجل أشد عجباً بالنساء مني، وأني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن)، فأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (أذنت لك)، فأنزل الله تعالى: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين}.
أو كقول أوس بن قيضي للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق: (بيوتنا عورة نخاف عليها السراق)، أي يتحجج بأن بيته مكشوف ليس دونه أحد، فيريد أن يستأذن ليحميه وهو بالأصل ما يريد إلا الفرار من النزال. فأنزل الله تعالى: {… ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا}.
أما منافقي اليوم فحدث عنهم ولا حرج، فقد ازدادت وقاحتهم وقل حياهم، وصدق فيهم قول النبوة الأولى إن لم تستحي فاصنع ما شئت، فتراهم يفاخرون ويباهون الخلق بقعودهم عن الجهاد، معتبرين قعودعهم هذا، هدي من هدى المحسنين وصراط نزله العزيز الحميد، بل ويعدون من حاد عن هذا الإفك المبين والوهن المقيت، وأبى أن يكون ضمن الصعاليك، بأنه مبتدع زنديق جاء ليشق الصف ويهلك الحرث والنسل، فبهذا لا يحتاج أدناهم أن يسوق المبررات ولا أن ينشئ الحجج القاطعات ولا البراهين الواضحات لتبرير رقوده بين أحضان الزوجات أو الأمهات، فقد رفعت أقلامهم وجفت صحفهم ورمي بهذا الهدي عرض الحائط، وقال قائلهم: (خير الجهاد في وهننا هذا هو الإمساك عن الجهاد) - مقولة لشيخهم شقرة عبر بها عن معتقد حزبهم المسمى بالسلفية! –
أما الصفة الثانية في المنافقين في هذه الآية: فهي كره بذل الجهد النفس والمال في سبيل الملك الوهاب، ومن كره بذل جهد النفس قولهم: {لا تنفروا في الحر}، أي كرهوا أن ينفروا في سبيل الله لما في ذلك من مشقة تذهب الملذة، ومعلوم أن بغيتهم ومناهم من هذه الحياة، جمع الملذات وتحصيل الشهوات، والقتال في سبيل الله يردي هذه الغايات، فهو مزهق الأرواح ومكمم الشهوات وكابح جماح الملذات، فلهذا كرهوه وحابوا القعود ودعوا إليه.
وحال مرجئة اليوم ليس عنهم ببعيد، فقد تشابهت القلوب وتماثلت الغايات واستوت الآراء، إلا أنهم أعني مرجئة العصر - زادوا الطين بلة فما عادوا يعترفون أصلاً بشيء اسمه القتال في سبيل الله، ولا يحتاج الأمر أن يُحتجَ بحر ولا ببرد، لأن الأمر عندهم مرفوع، والحكم مقطوع، فالقتال في سبيل الله أصلاً مقدمات باطلة! لا ينتطح - برأيهم - فيه كبشان.
ومثله قوله تبارك وتعالى: {وإذا أنزلت سورة أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين * رضوا أن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}، وفيها تماثل صفتهم مع صفة الكافرين، فقد تشابه رضاهم بالقعود، برضى الكافرين بالحياة الدنيا.
وفيها أيضا كراهيتهم لهديه صلى الله عليه وسلم في القتال بقوله تعالى: {وإذا أنزلت سورة أن أمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم}؛ أي إذا أمروا بالقتال لم يقاتلوا وكانوا له كارهين.
وفيه مشابهة لليهود، قال تبارك وتعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}، فصدق سعيد ابن جبير إذ سماهم يهود القبلة.
قال تبارك وتعالى: {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون}.
وفيها أيضا صفة من صفات المنافقين؛ وهي أنهم مستهزئون مستهترون بالله وآياته ورسوله وبالمؤمنين، فمن اسباب نزول هذه الآية استهزاء المنافقون بالصحابة الذين نفروا ليقاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الأصفر – الرومان - في تبوك، فقالوا للمؤمنين تثبيطاً وتنقيصاً: (أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً؟ والله لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال)، فعلم الرسول صلى الله عليه وسلم مقولتهم هذه، فأرسل إليهم عمار بن ياسر، فجاءوا يجأرون إليه صلى الله عليه وسلم، قائلين إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين}.
فأنظر الى هذا الترهيب وإلى هذا التهويل، فهاهم قد رسموا صور الهزيمة في أذهان المسلمين لينتزعوا من صدورهم اليقين، يقين النصر الذي يمنه الله على من يشاء من عباده، هذا النصر الذي هو بالأساس من عند الله والواحد القهار، لذلك يقول تعالى: {كم من فئة قليلة غلبة فئة كثيرة بإذن الله}، أي بقدرته وبمشيئته، ومن ثم ليضعوا في قلوبهم الشك والرهبة، وهذا كله صد عن سبيل الله، وتثبيطاً لجند الله، وتشكيكاً بقدرة الله، فلذلك كله؛ كفرهم الله عز وجل وأخرجهم من الملة بعدما كانوا مسلمين، وهذا أيضاً مصير كل من ثبط المسلمين وصد عن سبيل الله وشكك بنصر الله.
وحال المرجئة الأشرار في التنقيص والتثبيط كحال هؤلاء الكفار، فها قد نقلنا لك رأيهم بالجهاد، فهو؛ "مقدمات باطلة"، و "سير نحو الهاوية"، و "قفز يكسر الأرجل"، وهو كقول المنافقون: {غر هؤلاء دينهم}.
قال تعالى: {قد يعلم الله المعوقين منكم القائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا ياتون البأس إلا قليلا * أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا}، في المنافقين نزلت وفيها عدة صفات لهم، نذكر ثلاثة منها:
- أنهم يعوقون المؤمنين في قتالهم للكافرين، ويصدونهم عن قتال الكافرين بشتى الطرق وبمختلف السبل.
فهذه الآية أنزلت في مجموعة من المنافقين، كانوا يراسلون خلطائهم وأبناء عشيرتهم من المسلمين وهم يرابطون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة لحمايتها من الأحزاب، قائلين لهم: (هلموا إلينا فعندنا ما لذ وطاب، عندنا ظل وعندنا الثمار)، وكانوا أيضاً إن أتاهم رجل من عسكر المسلمين ثبطوه وأمروه بالجلوس واعدوا له الشواء والنبيذ، وبغيتهم من هذا كله، إعاقة المسلمين في حربهم للكافرين، وفض من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لتضعف شوكت المسلمون، فتكون الغلبة للأحزاب المشركين.
أما اليوم ففد تبدلت سبل تثبيط وتعويق المسلمين عن الجهاد في سبيل الله الواحد المنان، فتارة يعوقون المسلمين بالفتاوي، كفتاوى ابن باز في تحريم جهاد آل سعود، وفتاوى ابن عثيمين في تحريم جهاد حكام العرب الكافرين، وتارة بالشهوة كإغداق الأموال على القاعدين دون المجاهدين، وتارة بالترهيب كزج المجاهدين في السجون، وتارة بالتضييق كالتيسير على القاعدين دون المجاهدين، والكثير الكثير من السبل التي تهدف إلى طمث الجهاد، ونزع حب القتال من صدور شباب الإسلام.
- أما الصفة الثانية؛ فهي في قوله تعالى: {لا يأتون البأس إلا قليلا}، وهو العزم، فهؤلاء المرجئة وكما هو معلوم هم أقل الناس بأساً وأكثرهم وهناً، فما سمعنا يوماً أنهم لبوا نداء مستنفر، أو جاهدوا ظالم متكبر، بل أن جهادهم في تحريم صيام السبت والتسور بالذهب.
وهذا الحال قد أكده علي الحلبي - أحد مشايخهم - بلسانه فضلاً عن حاله عندما سأل عن رأيه في الجهاد في فلسطين؟ فقال: (يقلوا بيض أفضل لهم).
- أما الثالثة؛ ففي قوله تعالى: {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد}، فقذف الموحدين والتشهير بهم هي من صفات المنافقين، وهؤلاء المرجئة يتقربون إلى الله - كما يزعمون - بقذفنا، والأمثلة في هذا وفيرة؛ فكتب المدخلي كثيرة، وإليك قول لأحد شيوخهم ويدعى إحسان العتيبي - أبو طارق - يوصي به تلاميذه: (الخوارج - يقصد إخواننا المجاهدين - كلاب النار فدعوهم يتدربون على نباح)!
وتأمل قوله تعالى: {إذا ذهب الخوف}؛ أي أن المنافقين لا يجرؤن على شتم الموحدين والعيب عليهم وهم بين ظهارنيهم هذا لأنهم أجبن الناس، فإن اطمأنوا سلقونا بالسنة حداد، لذلك ما عهدنا من مرجئ شتمنا وهو بين ظهرانينا، ولذلك أنكر علي الحلبي فتواه التي أفتاه بشأن جواز تبليغ المخابرات بأي مجاهد يريد تدمير عرش الطغيان، لما راجعه بها أحد الإخوة.
فصدق الله العظيم القائل: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}، {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}.

وبعد…
ما هي النتائج الفاسدة؟!
أ الموت في سبيل الله؛ نتائج فاسدة، أو كسر أرجل أو سير نحو الهاوية؟
فاعلم أنهى منتهى الغيات، وسبيل النجاة، وهي المنى لكل عبد عرف الله حقاً، لما في إدراكها الأجر العظيم والعطاء الجزيل والدرجة العالية الرفيعة، قال تعالى: {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نأتيه أجراً عظيم}.
فتأمل تقديم القتل، على الغلبة في نيل الأجر العظيم في هذه الآية الكريمة، واعلم أن أجر المقتول المهزوم الذي ما ملك إلا اليسير، فبه جاهد، خير من من ملك سلطاناً وشوكة وبهما قاتل، لذلك كان سيد الشهداء رجل قام - تفيد الضعف لأنه مفرد ولو قصد بها القوى لقيل رجال قاموا - على ذو سلطان - أي ذو قوة - فأمره ونهاه فقتله، فأنظر لهذه الدرجة التي فضل بها هذا الضعيف على غيره من المجاهدين، أن يكون سيدا لهم، واعلم أنه ما نال هذا الأجر إلا لأنه أخذ بالعزيمة وآثر الآخرة على الدنيا الرخيصة، وما أثناه عن ذلك بطش طاغوت ولا سيف نمرود، فاستبق الخيرات فكانت له الجنات فهل يقال لموته نتيجة فاسدة.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}، فبهذه الآية حث الله تعالى المؤمنين ورغبهم في بيع الأنفس والأموال، لشراء مرضاته والجنات، فهل ببيع النفس لطاعة الرحمن تتبع للأهواء مخلوطة بالشبهات - كما يقول مرجئة هذا العصر -
قال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفس ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}، فتأمل قوله تعالى: {هل أدلكم}، فالذي دلنا على هذا السبيل هو ربنا رب العالمين، فهل يهدي تعالى لغير الحق؟! تعالى الله الملك القدوس عما يصفون.
ومن ثم تأمل قوله تعالى: {ذلكم خير لكم}؛ فإن الله تعالى يقرر من فوق سبع السماوات أن درب الجهاد وقتال الطواغيت هو خير لنا، ومعلوم عند أهل السنة والجماعة أن الخير الذي يدل الله عليه هو خير محض لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من امامه ولا عن يمينه ولا عن شماله.
فهل يجرؤ رجل بعد هذا أن يقول؛ "بل هو سير نحو الهاوية"؟! لا شك أن الهاوية هي مصير من قال بهذا الكلام.
وهل يتمنى الرسول صلى الله عليه وسلم "النتيجة الفاسدة" التي يحذر منها شيوخ الإرجاء جهالهم من الدهماء، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (وددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل …. الحديث)، أليس هو الذي {لاينطق عن الهوى}؟ أليس هو الذي يأخذ من كلامه ولا يرد؟ أليس في إتباعه رضى الله؟ وأن في الإعراض عن هديه سخط الله؟ فكيف يتمنى الفساد؟!
وهل يكون القتال في سبيل الله وجهاد الطواغيت نتيجة فاسدة، والذي حث عليها ورغب بها هو المصطفى صلى الله عليه وسلم؟!
فهو القائل: (غدوة في سبيل الله أو روحة خير من دنيا وما فيها) [رواه البخاري].
وهو القائل: (إن قيام الرجل في الصف في سبيل الله، أفضل من عبادته في أهله سبعين عاماً) [أخرجه البيهقي في السنن الكبرى والترمذي والحاكم، وإسناده حسن].
وهو القائل: (أن مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن جاهد في سبيله كمثل القائم الصائم الخاشع الراكع الساجد) [حديث صحيح أخرجه النسائي].
وهو القائل: (ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟)، قالوا: بلى، قال: (فاغزوا) [حديث صحيح رواه الترمذي والحاكم].
وهو القائل: (أبواب الجنة تحت ظلال السيوف) [رواه مسلم].
وهو القائل: (جاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، ينجي الله به الهم والغم) [حديث صحيح رواه أحمد].
وأين أنتم وهدي صحابته الأبرار؟!
أيقال لموت المرثد بن أبي المرثد الغنوي وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت نتيجية فاسدة، لأنهم أبوا إلا أن يقاتلوا هذيلاً وهم فرادة؟!
والقصة لمن لا يعرفها؛ ان رهط من عضل والقارة قدموا إلى رسول الله، فقالوا: (يا رسول الله إن فينا إسلام، فابعث نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين)، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة من أصحابه منهم ما ذكرنا أعلاه وخبيب بن عدي وغيرهم. وأمر عليهم صلى الله عليه وسلم مرثد بن أبي مرثد، فلما بلغوا الرجيع ماء لهذيل، غدروا بهم واستنصروا عليهم هذيلاً، فأحاطوا بأصحاب رسول الله، فجرد الصحابة السيوف لقتال هذيلاً، فقال رهط عضل والقارة: (ما نريد قتلكم، ولكنا نريد ان نصيب بكم شيئاً من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم)، فأبى مرثد وصاحبيه - المذكورين أعلاه - أن يقبلوا من مشرك عهد ولا عقداً فقاتلوهم حتى قتلوا، وانشد عاصم بن ثابت:
ما علتي وأنا جلدٌ نابل والقوس فيها وتر عنابل
تزل على صفحتها المعابل الموت حق والحياة باطل
وكل ما حم الإله نازل بالمرء والمرء إليه آئل
وقال أيضاً - وكان يكنى بأبي سليان -:
أبو سليمان وريش المقعد وضالة مثل الجحيم الموقد
إذا النواجي افترشت لم أرعد ومجنأ من جلد ثور أجرد
فهؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم قاتلوا قوماً وهم غير مكرهين فهل يقال لموتهم "نتيجة فاسدة"؟! لأنه "سير نحو الهاوية" و "قفز يكسر الأرجل".
وهل يقال لشجاعة عاصم بن ثابت، حماس شباب أجوف [أنظر لسيرة بن هشام، ذكر أهل الرجيع]، وتأمل تعليق ابن اسحاق على خبيب بن عدي وصاحبيه، وهم الذين لم يقاتلوا وأخذوا بالرخصة، قال ابن إسحاق: (أما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي، وعبد الله بن طارق، فلانوا ورقوا ورغبوا في الحياة الدنيا).
وهل موت الانصاري، أحد بني عمرو - في حديث بئر معونة - نتيجة فاسدة، لأنه أبى إلا أن يقاتل وهو منفرد قبائل من بني سليم، وهم عصيبة ورعل ودكوان، والقصة تجدها بطولها في سيرة ابن هشام وغيره، وفيها أنه قال لعمروا بن أمية - لما نصحه عمروا بالعودة إلى رسول الله -: (ولكني ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمروا)، فغزا قوما منفرداً حتى قتل.
وكذلك حال إخوانا في لبنان، فهل يقال لموتهم "نتيجة فاسدة" و "كسر أرجل" و "سير نحو الهاوية" لأنهم دفعوا عن أنفسهم أذى الماروني الملعون؟!
وهل إتفاق الصحابة على خوض معركة مؤتة وعدوهم يفوق [200] ألف وهم لا يتجاوزون [3] آلاف، هل يقال له سير نحو الهاوية وقفز يكسر الأرجل؟! أم توكل وحسن ظن بالله العزيز الحميد؟
فهلا شفيتم بما قاله عبد الله بن رواحة وهو أعلم بالهاوية، عندما علم عدة وعدد عدوه، فقال: (يا قوم! والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقابلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فإنطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة).
فهلا قلتم كما قال صحابة رسول الله: (قد والله صدق ابن رواحة).
وهل قتال عبد الله بن أم مكتوم - وهو اعمى - في القادسية سير نحو الهاوية؟
وهل قتال سعيد ابن المسيب - وعينه ساقطة - قفز يكسر الأرجل؟
وهل قتال ابو طلحة الأنصاري في البحر - وهو كهل قد أعذره الله - حماس شباب أجوف؟
وهل... وهل... وهل...؟
لكن اعلم يا أخ التوحيد؛ أنها {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
{سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}[/align:3e7f414c14]