تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا وكيف نتحاور ...........؟



عبد الله بوراي
11-11-2006, 05:45 PM
[color=black:9fa1d950ad] إخترت لكم إخوانى هذا الموضوع لما إستشعرت مسيس الحاجة اليه
والموضوع _ طويل_
ولكنه شيق للغاية ومفيد
وعلنى أكون قد وفقت فى الإختيار

burai[/color:9fa1d950ad]

ل[size=24:9fa1d950ad][color=darkblue:9fa1d950ad]ماذا وكيف نتحاور؟
الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح

المحتويات :
* المقدمة .
* أسباب الحوار وبواعثه .
* فوائد الحوار .
* أسس الحوار وضوابطه .
* آداب الحوار .

لماذا وكيف نتحاور
المقدمة :
والعنوان يدل على مضمون هذا الموضوع ، وأنه يتركز في الإجابة على هذين السؤالين :
أولاً : لماذا الحوار ؟
ثانياً : كيف يكون الحوار
وقبل ذلك وقفة يسيرة مع معنى الحوار
الحوار لغة : المحاورة في اللغة هي المجاوبة والتحاور التجاوب، ويقال : كلَّمته فما أحار جواباً ! أي ما رد جواباً وتحاور القوم أي تراجعوا الكلام بينهم .

ويتضح من هذه ا لإلماحات السريعة أن المقصود بالمحاورة والتحاور هو تراجع الكلام مخاطبةً وجواباً ؛ فهناك كلام وجواب بمعنى أنه قد يكون سؤالاً وجواباً أو رأي أو إعتراض فأخذ ورد، ويكون هذا بين الأطراف المتعددة، قد يكون هناك اثنين يتحاوران أو أكثر من اثنين، والله جل وعلا قد قص علينا من القرآن الكريم كثيراً من القصص التي أورد فيها الحوار وذكرت الآيات القول ورده والسؤال وجوابه، كما قال جل وعلا في سورة الكهف في قصة الرجلين : { قال له صاحبه وهو يحاوره }
قال أهل التفسير أي يخاطبه ويكلمه، فهذا بيان معنى المحاورة أي أنها هي المخاطبة والتكليم .

أسباب الحوار وبواعثه
الباعث الأول : أنموذج الحوار المنطقي
يعتبر الحوار في القرآن والسنة أنموذج نستقي منه ونعرج عليه، وقد قص الله علينا في قصص الأنبياء و المرسلين كثيراً من المحاورات التي وقعت بين الرسل والأنبياء وبين أقوامهم أو بين المعارضين لهم من الكبراء والطغاة، فقد قص الله جل وعلا علينا قصة إبراهيم عليه السلام خليل الله { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك ... }
وذكر لنا أسلوب الحوار والرد الرائع ، والأدب الجم ، والحجة القوية ، والوصول إلى إحقاق الحق ، وإبطال الباطل في بضع آيات وقع الحديث عنها بين إبراهيم عليه السلام وبين هذا النمروذ - بالذال أو بالدال كما ذكر ابن كثير وغيره من المفسرين - وأيضاً قص الله جل وعلا في القرآن الكريم قصص كثيرة في حوار موسى عليه السلام مع فرعون ، وأيضاً في حواره مع قومه، وليس المقام هنا مقام ذكر هذه الآيات والتطويل فيها وإنما إشارة إلى ورودها وذكرها، ونعلم ذلك الحوار الذي جرى بين موسى وفرعون لما قال : { وما رب العالمين }
وتواصل الحوار حتى لجأ فرعون إلى حيلة العاجز واستعمال الأساليب التي تتخذ حينما يصل المحاور درجة العجز حيث قال : { لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين } .
فهنا لم تعد محاورة وإنما صارت صراع ، وانتهى الحوار ، وجاء منطق آخر غير علمي ولا منطقي ، ولا نافع للأطراف التي قد تختلف في الرأي بصورة أو بأخرى .

وقصة نوح ذكر الله جل وعلا في ثناياها أن قومه قالوا : { يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا } .
والمجادلة والمناظرة معاني قريبة من المحاورة، فالمجادلة مشتقة من الجدل، جدل الحبل أي فتله والمراد ان المجادل يريد أن يجدل صاحبه وأن يفتل مجادِله ليأخذه إلى رأيه وليقنعه بفكرته، والمناظرة هو النظر في الأمر بين اثنين رغبة في أن يكون نظر أحدهم هو الذي يقدَّم عند الآخر أو يقبل عند الآخر، والمجادلة والمحاورة أيضاً بمعنى قريب من هذا، وفي السنة وردت محاورات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكرها يطول أيضاً، لكن أذكر - على سبيل المثال - مثالاً واحداً عارضاً في قصة الرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم ومعه غلام أسود وقال : إن امرأتي جاءت بهذا لغلام السواد .
فهو كان في نفسه من ذلك ريبة وكأنه يخشى أن يكون هذا الولد ليس منه، وليس فيه ولا في زوجته ولا بعض أهله من له هذا اللون، فأدار النبي عليه الصلاة والسلام حواراً جميلاً مقنعاً ومطيِّباً للنفوس ومقيماً للحجة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( أليس لك إبل ؟ ) قال : بلى، قال : ( فما لونها ؟ ) ، قال : حمراء ، قال : ( هل فيها من أورق ؟ ) ، قال : نعم، قال : ( فمن أين جاء ؟ ) ، قال : لعله نزعه عرق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فلعله ) أي فلعل ابنك هذا نزعه عرق .

وهذا معلوم في علم الوراثة يُعلم أن الصفات الوراثية قد تختفي جيلاً ، وتظهر في جيل آخر، فانظر إلى هذا الحوار اللطيف وإلى هذا الأخذ والرد والسؤال والجواب والإقناع الذي يحصل به قناعة العقل وطيبة النفس ومحبة القلب معاً، فهذا من الأسباب والبواعث للحوار، ما دام الله جل وعلا قد قص علينا والنبي صلى الله عليه وسلم قد قام بهذا الحوار وأجراه بينه وبين الناس من معاند ومخالف ومن موافق ومخالف، فلماذا لا نتعلم وننتفع بهذا الحوار .

الباعث الثاني : الحوار بين الإستحباب والفرض
أن أهل العلم ذكروا في حكم المناظرة أنه في كثير من الأحوال مستحبة ، وفي بعض الأحوال يتأكد إستحبابها بل فرضيته - على سبيل الكفاية - عند حصول المخالفة والمعاندة لدين الإسلام، يلزم أن يكون من أهل الإسلام من يقيم الحجة ويناظر أهل الكفر والباطل ويدحض حجتهم ويندد بشبهتهم، ولذا قال الشنقيطي رحمة الله عليه، في شأن المناظرة، قال :
" أقل مراتب حكمها الجواز إن كانت على الوجه المطلوب، وقال بعضهم بإستحبابه، وقيل : إن القدْر الذي يلزم لإبطال شبهة خصوم الحق فرض كفاية " .
وليس ببعيد أي لا يبعد أن يكون هذا فرض كفاية لأنه مما تحتاج إليه الأمة .

الباعث الثالث : وجود الإختلاف في الآراء وفي الطباع
وهذا أمر فطري بشري وهذا من إعجاز خلق الله سبحانه وتعالى، لا تجد إنسان يتطابق مع إنسان آخر في كل شي ء بل لا يتحقق ذلك في الإخوة الأشقاء بل لا يتحقق حتى في التوأم الذين يغلب عليهم صفات كثيرة من الشبه ؛ حتى إن بعض الناس لا يفرق بينهم لكنك تجد هذا حليماً متأداً أي ذا تؤدة وذلك سريع الغضب منفعلاً وتجد إختلاف في طريقة التفكير وفي سعة الذاكرة وفي توقد الذهن وفي سرعة الفهم .

ولذلك الله عز وجل خلق الناس مختلفين في أفهامهم وفي مداركهم وتصوراتهم وعقولهم ؛ وهذا بالتالي ينتج عنه إختلاف بين الناس ومادام وُجد الإختلاف فلا بد من وجود التحاور ، ولا بد من الأخذ و الرد ، وإقامة الحجة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وقد قال الله عز وجل : { وجادلهم بالتي هي أحسن } .

وهذا الإختلاف قال الله عز وجل عنه : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا ما رحم ربك ولذلك خلقهم } .

فلا يمكن مهما كان بيني وبينك من ود وألفة ومهما كان بيني وبينك من اشتراك في طلب العلم ومعايشةً في بيئة واحدة إلا أن الله جل وعلا قد جعل هذه فطرة بشرية في إختلاف آراء الناس يترتب عليها الإحتياج إلى مثل هذا الحوار .

الباعث الرابع : طبيعة بعض النصوص الشرعية
وقبولها لإختلاف الأفهام والأنظار، فنصوص الشرع ليست كلها قطعية بل فيها نصوص ظنية تحتمل معاني متعددة وتختلف فيها الأفهام وتتعدد فيها الإجتهادات، ومن ثم وجد أيضاً إختلاف في بعض المسائل والأحكام الشرعية في الأبواب التي يسوغ فيها الإجتهاد ولمن كان مؤهلاً وفق الضوابط الشرعية للاجتهاد الذي ذكرها أهل العلم، وهذا كما قال الشاطبي من رحمة الله عز وجل وحكمته، يقول الشاطبي في الإعتصام :
" إن الله تعالى حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار، ومجالاً للظنون - لا يفهم من معنى الظنون أي الظن الفاسد يعني المسائل الظنية -، وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف، لكن في الفروع دون الأصول، وفي الجزئيات دون الكليات "

وحسبنا أن نضرب مثلاً واحداً في مسألة من مسائل الإختلاف التي يظهر فيها أن هناك ما يسوغ مثل هذا الإختلاف :
الله جل وعلا قال في شأن المطلقات { يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء }.
والقرء هو من الأضداد اللغوية يطلق على الحيض ويطلق على الطهر، فقائل بأن المقصود هي أن العدة هي ثلاث حيضات وقائل ثلاث أطهار، وهذا القول في الواقع العمل الذي يترتب عليه غير العمل الذي يترتب على القول الآخر، وهناك أسباب كثيرة ذكرها أهل العلم ولخصها وأوجزها شيخ الإسلام ابن تيمية في رفع الملام عن الأئمة الأعلام عندما ذكر أسباب الإختلاف من ذلك : " أنه قد لا يبلغه النص أو قد يبلغه النص ، ويختلف الإجتهاد في التصحيح والتضعيف ،أو قد يتفق الإثنان على التصحيح لنص ما لكن يختلفان في دلالته ! وثالث أو رابع قد يتفقان في الدلالة ولكن يظن بعضهم أن بهذا النص ناسخ .. إلى غير ذلك لما ورد ووقع فيه الإختلاف في الآراء " .

الباعث الخامس : واقع الحوار
إن واقع الحوار غير مرضي وغير متطابق مع الضوابط الشرعية وآداب الإسلام في كثير من الأحوال، وكما قلت كثيراً ما ينقلب الحوار إلى مجادلة وقد تتحول المجادلة إلى مخاصمة ، وقد تنتقل المخاصمة إلى مضاربة أو مصارعة وأحياناً تجد اثنين قد اختلفا في أمر من الأمور فجاءا ليتفهما فلم تلبث إلا جزيئة أو جزء من الدقيقة ، فإذا بك تسمع صوتاً محتداً وكلمات متبادلة واتهامات تطير من هنا وهناك، وهذا الواقع لا شك أنه لا يليق بالمسلمين من بذاءة في الألفاظ أو قذف بالإتهامات أو وجود لإضمار السوء بالنوايا أو نحو ذلك .

فلما وجدت بعض هذه الصور التي فيها خلل وخطل و خطأ كان من المناسب أن يكون مثل الحديث، وأظن أنه قد سلف أحاديث بعضها يمس هذا الموضوع من قريب أو بصورة غير مباشرة، وأحسب أن هناك من الأحاديث والمحاضرات في هذه الموضوع ما هو جدير بأن يستفاد منه ويحرص عليه، لماذا نتحاور ؟ لوجود هذه الأسباب .

وللحديت تكملة

burai[/color:9fa1d950ad][/size:9fa1d950ad]

من هناك
11-12-2006, 01:33 AM
ننتظر التكملة اخي بوراي

عبد الله بوراي
11-12-2006, 02:04 AM
ولو انت بتمون على العين والراس. تسلم يا أخى بلال على هالثقه. دمت بكل خير.


[size=24:4b30da5c01][color=black:4b30da5c01]
وصل الحديث
تتمة الحوار (2)


فوائد الحوار
الفائدة الأولى : وسيلة ناجعة وناجحة
من الوسائل الناجحة في الدعوة إلى الله عز وجل، وهو من وسائل تبليغ الحق ونصرته وزهق الباطل وهزيمته، وقد مر بنا ان القصص القرآني الذي ذكر الله عز وجل فيه هذا الحوار ظهر لنا في آخره إنتصار الحق وعلو رايته وظهرت لنا إقامة الحجة، فهذا لا شك أنه أمرٌ مهمٌ جداً ؛ فإن المخالف قد يكون مخطئاً في الفهم ، وإن العاصي قد يكون متأولاً في معصيته، فإذا لم يكن بيننا وبينهم حوار فلا تتحقق الثمرة المرجوة، نحن جميعاً نرجو للكافر دخوله في الإسلام وللعاصي التوبة والإستغفار وللطائع المزيد من الخير .
نحن قومٌ علمنا ديننا ان نحب الخير لكل الناس وحتى أن الجهاد والقتال وإقامة الحدود من حب الخير للناس { فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً } .

هذه المعاني يجب ان نستحضرها وأن تكون أيضاً وردت في الأذهان، ويدخل في ضمن ذلك أن الحوار قاطع لدابر الشبهات ومفند لزيغ أهل الأهواء والضلالات، وإن بعض الناس قد تروج عليهم هذه الشبهات وتتسرب إلى عقولهم الأهواء والبدع والضلالات، فعندما تحصل المحاورة تنحسم هذه المادة ويرى الناس نور الحق كيف يبدل ظلمات الباطل ويرى الناس كيف يكون الدليل الساطع الناصع مبطلٌ للوهم والشبهة المدخولة المغلوطة .

وأذكر في ذلك مثالاً لطيفاً، ذُكر في ترجمة الباقلاني في البداية والنهاية عن الحافظ ابن كثير :
" لقيَ الباقلاني - وهو من أهل العلم ، ومن أهل الذكاء بل هو من أذكياء أهل الإسلام - لقيه بعض النصارى ، وأرادوا ان يُعرِّضوا بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالوا له سؤالاً يقصدون به إحراجه ، وحتى ينحصر - كما يقولون - في زاوية ولا يستطيع أن يتكلم ويقولون عنه أُفحم أو كما يقولون أُسكت أو نحو ذلك، قالوا : ما فعلت زوجة نبيكم - والسؤال فيه خبث ودهاء ، ليس فيه غير ذلك - كأنهم لم يتهموا ولم يقولوا شيئاً ، وإنما أرادوا أن يشيروا إلى قصة الإفك التي قالها أهل النفاق في شأن عائشة رضي الله عنها، فأجابهم الباقلاني على البديهة مباشرة جواباً مفعماً مقنِعاً قاطعاً لشبهتهم ومخرساً لأهل الباطل، قال : هما إمرأتان ذكرهم الناس بسوء : إحداهما لا زوج لها وجاءت بولد، والثانية لها زوج ولم تأتي بولد، وقد برأهما الله عز وجل " .
يعني بالأولى مريم عليها السلام اتهمها أهل الكتاب من اليهود والنصارى، طبعاً اليهود منهم خرجت أصل التهمة ، وبعد ذلك تابعهم النصارى لما جاءت بعيسى عليه السلام قالوا لها : { مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } .
اتهمهوها بالزنا .. قال هي إمرأة ليس لها زوج وجاءت بولد ، وأما عائشة رضي الله عنها لها زوج ولم تأتي بولد ! أيهما أكثر شبهة وريبة الأمر الأول، فقال في بقية القصة : " إن كنتم تريدون تلمزوا على أهل الإسلام ، فأنتم الأحق باللمز وإن كان الأمر أن كلاهما قد ورد فيهما القول الفصل والحق من الله سبحانه وتعالى " .

الفائدة الثانية : كشف الخطأ وبيان وجه القصور
نحن كلنا ذاك الرجل الخطّاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطاؤون التوابون ) .
إذا كنت وحدك منعزلاً لا تكلم أحداً ولا يكلمك أحداً ولا تستفي عالماً ، ولا يستفتيك أحد ولا تراجع أحداً ولا يراجعك أحد ؛ فإنه لا بد لك أن تعرف خطأً وقعت فيه أو علماً وهمت فيه أو دليلاً لم يكن في محل إستشهاده أو نحو ذلك، إذ هذه المحاورة سبيل من سبل تقويم ذواتنا وتقليل قصورنا، وحتى إن الفطن اللبيب قد يحمد أعدائه في بعض الأحيان لماذا ؟ لأن الأعداء أعينهم بك متربصة وفرحهم بأخطائك كبير فهم قد هيأهم الله عز وجل لكي ينبهوك على أقل خطأ تقع فيه وفي وقت وقوعه، فكلما وقعت في خطأ نبهوك عليه لا من حسن نيتهم ولا من حسن قصدهم لك، وإنما هكذا جعل الله عز وجل المنافع والفوائد لعبده المؤمن .
ولذا قال القائل :
عداتي لهم فضل عليّ ومنة *** فلا أبعد الرحمن عني الأعادي
هم بحثوا عن سؤتي فاجتنتبها *** وهم نافسوني فاكتسبت المعالي

فهذا أيضاً أمرٌ نستفيده من هذه النواحي، وبلال بن سعد أحد أئمة السلف رضوان الله عليهم يقول :
" أخٌ لك كل ما لقيته ذكَّرك بنصيبك من الله ، وأخبرك بعيب فيك أحب إليك وخير لك من أخ كل ما لقيك وضع في يدك ديناراً " .
ما معنى هذا أيها الأحبه المعنى أن الأخ الناقد المحاور الناصح إذا جاء وفق الضوابط الشرعية وبالأسلوب الحسن ؛ فإنه يكون قد قدم لك خيراً كثيراً خيرٌ لك من أن تُنقَد النَقْد وتُعطى المال.

الفائدة الثالثة : تلاقح الآراء مظنة الصواب
تلاقح الآراء عند المحاورة والمراجعة، فأنت عندما تختلف مع إنسان وتتناظر معه في أمر من الأمور تبدي له دليلك ويبدي لك دليله، ثم يكون بينكما من النظر في هذا الأمر ما جعل نظر الإثنين أرجح من نظر الواحد، ولو اُجتمع على المسألة من أهل العلم أو اجتمع عليه عدد من الذي تناقشوا فيها وتحاوروا حولها لكان رأيهم في ذلك أقرب إلى الصواب ما داموا آخذين بالمنهج الشرعي في الحوار .

وللحديث تكملة[/color:4b30da5c01][/size:4b30da5c01]

منال
08-01-2007, 12:33 PM
اين باقى الموضوع؟

وبارك الله بكم

للرفع لاكمال القراءة لاحقا باذن الله

عبد الله بوراي
08-01-2007, 12:43 PM
رفع الله قدركِ

ولنا العشم في تكملتكم للموضوع

فأنا كثيراً ما تذكرنى مواضيعي السابقة بالكثير من أخطائى الإملائية والنحوية
وكذلك بالكثير من جميل الصبر الذى كان_ ولا زال_ يتحلى به إخوتى وهم يفكون
رموز الشيفرة والطلاسم التى أكتب بها.

عبد الله

مقاوم
08-01-2007, 01:02 PM
الأخت منال تغوص وتخرج لنا الدر!!

جزاكم الله خيرا

منال
08-01-2007, 01:21 PM
جزانا واياكم ورفع الله قدركما

كنت اجرب خاصية البحث فى المنتدى واعجبنى بعض الموضوعات بس برضه خاصية البحث مش تمام
يلا الحمدلله استفدنا

طيب يعنى انا اطلب الاكمال واكمل عموما بحثت بس لانى لم اكمل قراءة لن اتم الموضوع كاملا خليه جزء جزء عشان اقرا بتأن

كيف نتحاور ؟

أولاً : أسس الحوار وضوابطه العامة

ثانياً : آداب تطبيقية

أسس الحوار وضوابطه

الأساس الأول : النية الخالصة والمقصد الحسن

ماذا تقصد بمحاورتك و مناظرتك، إن كنت تقصد الإنتصار للنفس ، أو حصول الغلبة لك أو قهر خصمك أو إرتفاع شأنك أو أي شيء من هذه المقاصد كلها ، فاعلم أنك قد ضيَّعت نفسك وأحبطت كثيراً من أجرك وعملك، المقصد الأساسي الأهم هو أن يكون مقصدك رضى الله وإصابة الحق رضى الله عز وجل وإصابة الحق، فحيث ما كان الحق فأنت معه، وأينما ورد الصواب فأنت أمامه وخلفه، وعلى أي لسان ظهرت الحجة فأنت بها مُقِر ولها مسلِّم، ورحم الله الشافعي إذ قال في مقالته المشهورة المعروفة : " إني لأحب أن يُظهر الله الحق على لسان مخالفي " .

وكان بعض السلف يقول : " لا أبالي أظهر الحق على لساني أم على لسان خصمي " .
والخصم هنا ليس بالضرورة أن يكون متخاصما متشاجراً معه ؛ بل إنما خصومة الرأي والفكرة، قد يختلف شخص ما في رأي فيسمى خصماً من هذا الباب، وقد ساغ ذلك عند أهل العلم وأخذوا به وكتبوه في كتبهم، وعلى سبيل المثال الزيلعي الحافظ في كتابه [ نصب الراية ] إذا جاء بالحديث الذي في كتاب الهداية ثم خرَّجه، بعد ذلك يقول باب في أحاديث الخصوم يعني به أصحاب المذاهب الثلاثة غير مذهب أبي حنيفة لا يعني بهم خصوماً إنما مخالفين الخصومة هنا بمعنى المخالفة .

نعود إلى النية الخالصة التى في رضى الله عز وجل وطلب الحق، لا بد أن تنشأ عنها نفسية مهيئة لقبول الحق، مذللة له وتأتي من وراء ذلك أيضاً الكثير من الفوائد الأخرى، وقد علمنا الشرع أن الحق هو غاية المؤمن أنى وجده فهو أحق به من غيره .
والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء - كما ورد في السنة الصحيحة - فلما سأل عن ذلك قالوا : ذلك يوم نجى الله فيه موسى ، فنحن نصومه تقرباً إلى الله عز وجل، قال : ( نحن أحق بموسى منهم ! صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده ) .

وقصة أبو هريرة رضي الله عنه : لما كان إبليس يجيء فيسرق منه بعض الحبوب التي كانت عنده ولما كان هو حافظاً لها فيضبطه .. ثم الليلة الثالثة قال : اتركني، وأقول لك حرزاً إن قلته سلمت من الشيطان - فانظر إلى رغبة أبو هريره رضي الله عنه في الخير ورغبة الصحابة على الحق و الفائدة، رغم أنه أمسك به متلبساً شفع له هذا المدخل - قال : ما هو، قال: اقرأ آية الكرسي إذا أصبحت وإذا أمسيت فلا يزال عليك من الله حافظ، فأخبر أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال : أعلمت يا أبو هريره من الذي يأتيك منذ ثلاث، قال : من يا رسول الله، قال : ( هو إبليس صدقك وهو كذوب ) .
قال ابن حجر في تعليقه على هذا الحديث : " ومن الفوائد التي فيه : أخذ الحق من كل أحد "

هذه نفسية لا بد أن ينطلق منها المحاور أو المناظر، ويقول حاتم الأصم :
" ثلاث خصال أظهر بها على خصمي - وأريد أن نتأمل في هذه الخصال التي تظهر بها على خصمك قد ينصرف الذهن إلى أن تجوِّد علمك ، وأن ترفع صوتك ، وأن لا تترك لخصمك فرصة لا يتكلم فيـها بل لا يتنفس فيها .. ماذا قال حاتم رحمة الله عليه ؟ - قال : ثلاث خصال أظهر بها على خصمي، فلما سئل : ما هي ؟ قال : " أفرح إذا أصاب خصمي ، وأحزن إذا أخطأ خصمي ، وأحفظ نفسي أن لا تتجاهل عليه " ، فبلغ ذلك الإمام أحمد رحمة الله عليه فقال : سبحان الله ما كان أعقله من رجل .

الأساس الثاني : العلم
فإن المناورة والمحاورة بغير علم نوعٌ من الحماقة وسفهٌ لا طائل ورائه، والجاهل هو الأحمق الذي لا علم عنده، وهو عدوٌ لنفسه قبل أن يكون عدوه غيره، وقال بعض أهل العلم : " ناظرت العلماء فغلبتهم وناظرت الجهلاء فغلبوني " .

فلم يغلبوه بالحجه وإنما غلبوه بجهلهم، كما قال الشاعر الجاهلي :
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا

وإن قلت كلمة رد عليك عشراً ، وإن رفعت صوتك مقداراً زادك فوقه مقادير، تكلمه في الشرق فيأتيك من الغرب ، فلا تستطيع أن تكمل معه حواراً، ويُذكر في ذلك طرفة أو لطيفة من اللطائف ووقعت في مجلس أبي حنيفه أو غيره من أهل العلم، وهو أنه كان يحضر المجلس عددٌ من الناس لطلب العلم وكان من بينهم رجل صامت، لا يسأل ولايقرأ ولا يُبدي شيئاً لا سلباً ولا إيجاباً، فعجب منه فتوجه إليه الشيخ مرة فقال : ألا تتكلم ألا تسأل، قال : افعل إن شاء الله، فلما جاء اليوم الثاني وانتهى الدرس سأل قال : متى يفطر الصائم، فأجابه الشيخ قال : إذا غربت الشمس، فقال : وإذا لم تغرب، فقال : قد كنت ساكتاً فانطقناك فالحجة علينا لا عليك .

فهذا الجاهل لا شك أنه يفسد من حيث يريد الإحسان !

و الله عز وجل قد ذم المجادلة بغير علم، وقال : { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } .

والعلم المطلوب هنا هو العلم الشرعي والعلم بالواقع والمسألة التي تتناظر فيها أو تتحاور فيها فلا تأتي في مسألة - على سبيل المثال - من مسائل البناء وفي مسائل تحتاج إلى معرفة المهندس والخبير فتأتي أنت لكونك من أهل الخير أو لكونك من أهل الصلاح ، أو لكونك من أهل الزهد فتناظر إلى ما يتعلق بجودة البناء أو متانة الأعمدة والأركان، هذا لا يصح ولا ينبغي أن يكون، والله جل وعلا قال : { ولاتقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلاً }

وأحياناً تدخُّل الجاهل أو غير العالم بالمسألة قد يضر ! ليت الضرر قد يقع عليه وحده إذاً لهان الأمر ! بل قد يقع الضرر عليه وعلى غيره، فإذا جاء محاور غير مكين في العلم ليحاور صاحب إبتداع أو صاحب هوىً ، ثم كان قليل البضاعة فعلت حجة الباطل على الحق، ووقع في نفس الناس من الباطل ما وقع وتزعزعت آرائهم أو وقعت لهم الريبة و الشك، وهذا لا شك أنه خطير إذا ذاع وشاع بين الناس ، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه : " وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة - يعني يُنهى الجهال عن المجادلة والمناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل، كما يُنهى الضعيف عن المقاتلة أن يقاتل علجاً من علوج الكفار ؛ فإن ذلك يضره ويضر المسلمين بلا منفعته وهذه مسألة مهمة جداً ومن لطائف ما يقال في الباب :

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنت تعلم ما تقول عذرتكلكن جهلت مقالتي فعذلتني *** وعلمت أنك جاهل فعذرتكيقول : لو تفهم مقالي لعذرتني ، وفهمت أن قولي هو الحق ، ولو كنت تعلم ما تقول لعذرتك لكن كلامي غير مفهوم عندك ، وكلامك كلام جاهل فأعذرك لذلك، وهذا أساسٌ أيضاً مهم .

ويدخل ضمن ذلك الأساس طبعاً الضوابط العلمية كلها، سواء من التحري الدليل وصحة الدليل والتثبُّت في النقل في الوقائع ونحو ذلك، كله داخل في هذا البا ب والحديث كما قلت على سبيل الإيجاز

يتبع ان شاء الله