تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بين ضربة ورد الفعل عليها... و بين رد الفعل والضربة..



عبد الله بوراي
11-09-2006, 06:08 PM
[size=24:1afd478974][color=black:1afd478974]
هذا رجل يستحق أن تقرأ له

د.عبد الوهاب المسيري

إذا كانت القيادات العسكرية والسياسية في الكيان الصهيوني قد استيقظت، يوم 25 يونيو 2006، على مفاجأة مذهلة مثلتها عملية فدائية من طراز فريد في تخطيطها وتنفيذها، فضلاً عن رمزيتها التي يلخصها لقب "الوهم المتبدد" الذي أُطلق عليها، فإن الأمر لم يكن مفاجئاً ولا مستغرباً بالنسبة لكثير من الكتاب والمحللين الإسرائيليين الذين حذروا مراراً من العواقب الوخيمة التي يمكن أن تجلبها السياسات العسكرية والأمنية التي تتبعها حكومتهم.
وخلال الأسابيع التي سبقت العملية الفدائية، حفلت الصحافة الإسرائيلية بمقالات توجه انتقادات متباينة في حدتها ودوافعها ومبرراتها لموقف حكومة إيهود أولمرت من الشأن الفلسطيني، بوجه عام، وللنهج العسكري والأمني في التعامل مع المنظمات الفلسطينية المسلحة، بوجه خاص. وبلغت هذه الانتقادات ذروتها، بل ووصلت في بعض الأحيان إلى حد الإدانة الصريحة لبعض القيادات والمطالبة باستقالتها ومحاكمتها، في أعقاب المذبحة التي ارتكبتها قوات الاحتلال يوم 9 يونيو 2006 في غزة، وراح ضحيتها سبعة من أفراد عائلة واحدة، هي عائلة غالية، بالإضافة إلى سبعة شهداء آخرين وعشرات الجرحى من المدنيين الذين لم يقترفوا ذنباً سوى أنهم خرجوا للتنزه على شاطئ غزة. فقد كان من شأن صور المذبحة، ولاسيما صورة الطفلة هدى غالية التي فقدت جميع أفراد أسرتها بشكل مُفجع أمام عينيها، أن تعيد إلى الأذهان مشاهد مماثلة لوحشية وهمجية قوات الاحتلال التي لم تفلح، بكل آلتها الحربية، في وقف المقاومة الفلسطينية أو إثناء الفلسطينيين عن التمسك بحقوقهم الوطنية والإنسانية.

وبالرغم من التباين في مواقف المحللين الإسرائيليين وتوجهاتهم، فإن ثمة اتفاقاً على أمرين جوهريين، أولهما هو الإقرار بعجز الآلة الحربية عن تحقيق الاستقرار والأمن للكيان الصهيوني، والثاني هو التأكيد على أن سياسة البطش التي تتبعها حكومة أولمرت، سيراً على نهج سلفه شارون، لا يمكن أن تؤدي إلا إلى مزيد من ردود الأفعال العنيفة من جانب الفلسطينيين.

فعلى سبيل المثال، يرى داني روبنشتاين (صحيفة هآرتس، 12 يونيو 2006) أن مذبحة غزة لم تقع بسبب خطأ غير مقصود، كما أن الرد الفلسطيني معروف سلفاً، وهو المزيد والمزيد من العمليات. ويؤكد الكاتب أن سياسة العنف التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تهدف، في جانب منها، إلى الحيلولة دون نشوء مناخ يسمح بإجراء مفاوضات حقيقية معهم، لأن هناك "مصلحة إسرائيلية واضحة في عدم الشروع بتاتاً في التفاوض مع أي فلسطيني". ويستعرض الكاتب الفرص التي أهدرتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للإقدام على التفاوض، منذ "المبادرة العربية" التي أطلقتها الحكومات العربية في قمة بيروت (2002)، ودعت فيها إلى الدخول بشكل جماعي في علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني مقابل الانسحاب إلى حدود عام 1967، وحتى "وثيقة الأسرى" الأخيرة التي وضعها عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وتضمنت مقترحات عملية يمكن أن تشكل أساساً لتسوية سياسية.

إلا إن الكاتب يشير في سياق عرضه هذا إلى نتيجة أخرى لا تقل أهمية، ومؤداها أن عمليات جيش الاحتلال تقود إلى مزيد من التطور والحِرفية في أساليب المقاومة من جانب الفلسطينيين، ويمضي قائلاً: "لقد أصبح معروفاً منذ فترة طويلة أنه لا يوجد حل عسكري للصراع برمته، ولكن يتبين الآن بصورة متزايدة أنه ليس هناك حل عسكري يمكنه وقف إطلاق صواريخ القسَّام... لقد وجهوا ضربات للخلايا التي تطلق الصواريخ، وللقادة، ودمروا الجسور، وأعطبوا الطرق، وأتلفوا الأراضي الزراعية... وقصفوا ودمروا عشرات من ورش الحدادة الفلسطينية للاشتباه في أنها تُستخدم في صنع الصواريخ. ولكن هذا كله لم يجد فتيلاً، بل على العكس، ففي غزة اليوم عدد من الصواريخ والقذائف أكبر مما كان في الماضي، كما تطورت المعلومات والوسائل والقدرات لإطلاقها نحو أهداف في إسرائيل".

وبالمثل، يرى دافيد غروسمان (صحيفة معاريف، 11 يونيو 2006) أن مذبحة غزة يجب أن تكون دافعاً لإعادة النظر في السياسات الإسرائيلية بوجه عام وفي السياسات العسكرية بوجه خاص، فيقول: "مشهد الطفلة التي تمزقت حياتها إرباً أمام أنظارنا على شاطئ غزة يجب أن يوقظنا من السبات الذي نغط فيه منذ سنوات. وبدلاً من الاهتمام بالضرر الإعلامي الذي قد يلحق بإسرائيل، وبدلاً من التذرع بالحجج المعتادة التي سرعان ما تتهاوى، يجدر بنا أن ننظر إلى ما اقترفته أيدينا، وأن نسأل أنفسنا: إلى أين نمضي؟ وإلى أية هوة سحيقة ندفع أنفسنا؟ ولماذا هذا كله؟ وما هي النتائج التي أسفرت عنها تلك النيران التي نصوبها دونما انقطاع إلى مواقع إطلاق صواريخ القسَّام؟... وإلى متى سنُسلم بأن تواصل عصبة من رجال الأمن، الذين ثبت أنهم عديمو الحيلة حتى في مجال اختصاصهم، توريطنا في تلك الدوامة الفتاكة التي تدور فيها حياتنا منذ عشرات السنين، بين ضربة ورد الفعل عليها، بين رد الفعل والضربة".

ويعترف الكاتب في النهاية بأن عمليات جيش الاحتلال لا تؤدي إلا إلى تعميق الإحساس لدى الفلسطينيين "بالمهانة والغضب والرغبة في الانتقام"، وبأن مذبحة غزة هي "الهزيمة الأشد والأكثر جوهرية لإسرائيل... فالعار على شاطئ غزة هو هزيمة في المعركة على صورتنا كشعب وكبشر".

أما جدعون ليفي (صحيفة هآرتس، 25 يونيو 2006) فيذهب إلى أبعد من مجرد الاعتراف بالفشل وإدانة من قادوا إليه، بل يطالب بمحاسبة القادة الذين يتحملون المسؤولية الأولى عن مذبحة غزة وسواها من الجرائم في حق المدنيين، فيقول: يتعين على قائد سلاح الطيران، اللواء أليعازر شكيدي، أن يقدم استقالته. فهناك ضرورة لأن يتحمل أحد ما المسؤولية عن سلسلة الإخفاقات العسكرية والأخلاقية التي ارتكبها سلاح الطيران، ويجب أن يبدأ الأمر بقائد هذا السلاح... القضية هنا تتعلق بالمسؤولية عن القتل، والتسبب في الموت بسبب الإهمال. ولكن، حتى إذا كان الشخص المعني قد تشوَّه من الناحية الأخلاقية لدرجة أنه لا يرى في قتل الأطفال سبباً للاستقالة، فإنه ملزم بذلك بسبب الإخفاقات العسكرية الميدانية التي يتحملها سلاحه، من قبيل: إطلاق صواريخ على منزل بدلاً من سيارة، وإطلاق صواريخ على شارع مزدحم بالمارة كان مسؤولو السلاح قد قرروا أنه خال... هل يُعقل أن يقتل الجيش الإسرائيلي 23 مدنياً خلال شهر واحد (بخلاف أفراد عائلة غالية السبعة)، وأن يُقتل 15 منهم بنيران سلاح الطيران، ومن بين القتلى ثلاثة أطفال وطبيب وشقيقته الحامل، ثم تمر المسألة مرور الكرام؟ هل يمكن الادعاء بأنه لا أحد يتحمل مسؤولية هذا الفشل المتكرر؟"

وصحيح أن هذه الانتقادات تظل منصبةً على جرائم جزئية ولا تتطرق بطبيعة الحال للجريمة الأساسية التي شكلت جوهر الكيان الصهيوني نفسه، ألا وهي اغتصاب وطن وتشريد شعب بأسره. وصحيح أن المنتقدين هم جزء لا يتجزأ من هذا الكيان، تدفعهم الرغبة في الحفاظ عليه وتصويب مساره، حتى وإن استبد بهم الغضب من مسلك قادتهم أو أبدوا التعاطف مع معاناة ضحاياهم. صحيح هذا كله، ولكن الصحيح أيضاً أن هذه الكتابات وغيرها تسلط الضوء على جانب مهم من أزمة هذا الكيان الصهيوني، يتمثل في ما يمكن تسميته بـ"مأزق القوة"، أي عجز القوة العسكرية المدججة بأحدث أسلحة القتل والدمار وأدق وسائل الرصد والمراقبة وجمع المعلومات، وهو مأزق لا تتنبه إليه، للأسف، كثير من الكتابات العربية التي ما زالت تضفي على الكيان الصهيوني قوى خرافية، لا يدعيها هو لنفسه، وتنشر مناخاً من الهزيمة والاستسلام والتنازل عن أبسط مظاهر الكرامة خلف ستار "الاعتدال" و"التعقل" و"الإقرار بالأمر الواقع"! والله أعلم.
* نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية
*********************************** ***************

burai[/color:1afd478974][/size:1afd478974]

من هناك
11-09-2006, 06:22 PM
بالتأكيد فهو مفكر مخضرم ولامع

سوف اقرأ المقالة لاحقاً إن شاء الله