تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سياحة في عالم التشيع - للإمام محب الدين عباس الكاظمي -



حكم
11-02-2006, 05:54 AM
[b:a3d7f2f7c9]بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتاب وقع في يدي لأحد الأئمة الشيعة الذين هداهم الله للحق فأذعنوا له ووجدوا الطريق الصحيح فأعلنوه على الملأ .

سياحة في عالم التشيع ، كتاب ممتع ويستحق القراءة ، وسأحاول أن آتيكم بفصل من الكتاب كلما وجدت فرصة لذلك حتى نختمه بحول الله وقوته ، ونسأل الله العون والسداد .

___________________________________ ________________________________

[img:a3d7f2f7c9]http://www.arab-x.com/get.php?filename=1162449851.jpg[/img:a3d7f2f7c9]

جاء في محكم التنزيل في القرآن:-

((وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ)) [غافر:30]* ((مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ)) [غافر:31].

((وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ)) [غافر:32]* ((يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)) [غافر:33].

((وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ)) [غافر:38]* ((يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)) [غافر:39].

((وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ)) [غافر:41]* ((تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ)) [غافر:42]* ((لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ)) [غافر:43]* ((فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) [غافر:44].

___________________________________ ________________________________


لماذا كتبت هذه الرسالة؟


عشت سنوات عمري وأنا مؤمن –ولا زلت- بأن منهج أهل البيت الأطهار (ع)، موافق لشرع الله جل وعلا كما هو موافق للعقل الصريح ومنسجم مع الذوق السليم، والسلوك الإنساني القويم، وليس فيما يؤثر عنهم ما يتناقض مع كتاب الله أو سنة نبيه وإلا خالفناه وأخذنا بما يوافق كتاب الله عز وجل، كما جاء التوجيه عن الإمام الصادق (ع) لما كثر التقول عليه، وصارت الروايات الباطلة تصنع على لسانه وتنسب إليه، قال: [[ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فدعوه]]([1]).

واستمرت بي الأيام وأنا أراقب أحداثها، وأعيش الواقع وأرصد حركاته، وأرى الناس وأتفحص تصرفاتهم وأختبر أفكارهم؛ فلقد رزقني الله نفساً لا تقتنع بما ترى أو تسمع دون دراسة و تمحيص، وتؤمن أن الله أعطى كل إنسان عقلاً ليفكر به ويستعمله لا ليعطله ويفكر بعقول الآخرين، لا سيّما في الأمور العظيمة كأصول الدين والعقيدة، وضروريات الحياة البشرية، وكنت أردد دائماً مقولة أمير المؤمنين (ع): [[أعوذ بالله من سبات العقول]]([2]).

وأرتعد فرقاً أمام قوله جل جلاله:

((يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ)) [الأحزاب:66]* ((وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ)) [الأحزاب:67].

سبحان الله! هؤلاء قوم عطلوا عقولهم عن فهم كتاب الله وسنة نبيه، وأسلموا زمامها إلى أيدي السادة والكبراء والعلماء؛ فكان مصيرهم إلى النار جميعاً.

وإن تقليد العلماء ليس عاماً في كل شيء، وإنما هو مقصور على فروع الدين وجزئياته وغوامضه لمن لا يملك آلة البحث والاجتهاد، بشرط عدم الاصطدام بنص القرآن أو السنة.

أما أصول الدين ومهماته فلا يعذر الإنسان بجهلها أو الخطأ فيها اتباعاً للعلماء وتقليداً لهم، وإلا فإن لكل ملة علماءها، فلليهود علماء وللنصارى كذلك، ولكن كما قال الله تعالى: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [التوبة:31]، وعرفت أن الإسلام -ذلك الدين العظيم- قد تعرض خلال مسيرته الطويلة، إلى كثير من المؤامرات والكيد ومحاولات الدس والتحريف، ومنها وضع الأحاديث الملفقة على لسان رسول الأمة صلى الله عليه وآله وسلم، وصنع الروايات المزخرفة على ألسنة الأئمة (ع).

وبين العيش في الناس والغوص في بطون الكتب توصلت إلى...

حقيقة مرة هي:

أن أئمة أهل البيت -شأنهم شأن كل المصلحين الكبار- قد ظلموا مرتين!!

مرة.. من الأعداء.

ومرة.. من الأتباع!!‍‍‍‍

أما الأعداء: فطعنوا فيهم وشوهوا سيرتهم، وأشد ذلك الطعن والتشويه ما كان مبطناً مستتراً يتخفى وراء براقع الانتساب إليهم؛ كي لا ينتبه إليه الأتباع والمحبون.

وأما الأتباع:

فكان ظلمهم أشد حين انخدعوا بمقولات الأعداء المبطنة، فصدقوها وتبنوها فعملوا بها، بل و تحمسوا لها فأذاعوها ونشروها! فيا للمصيبة!

وهنا أشعر بالحاجة إلى أن أضع القلم من يدي لأبكي مرتين!! ولكن ما فائدة البكاء؟ وإلى متى؟!

أما آن لنا أن نحصل على حصتنا من التفاؤل والأمل؟ وأن نأخذ عدة الجد والعمل كي نواصل الطريق وصولاً إلى الهدف، ومعرفة الحقيقة وسط أنوار الحق الساطعة!!

بين المراقد والمراجع:-

زرت العديد من مراقد الأئمة والصالحين، والتقيت الكثير من السادة والمشايخ والعلماء العاملين، وقرأت كذلك كثيراً من المصادر والمراجع المعتمدة، ولكن بالروحية الفاحصة الباحثة نفسها.

فكنت أعرف.. وكنت أنكر!!

وأحياناً أجد عجباً فأقول: أين الحقيقة؟!!

لا سيما وأن في هذه العجائب ما يوقع في الحرج الشديد كل من يحاول جاهداً أن يدافع عنه أو يتلمس له المخارج والأعذار، وأحيانا تنتابه حالة من الخجل أمام تساؤلات المرتابين أو هجوم المنكرين، إذ لا يجد ما يدافع به أو يصلح للدفاع، وقد يبدو عليه الضعف فيتلعثم أو يرتبك، وهو يفتش عن وسيلة للخروج من مأزق حشر فيه أو نفق طويل لا يراه يخلص إلى شيء، فإما السكوت وإما اللجاج وأحلاهما مر! فما هو الحل؟

ما هو الحل؟:-

هل نكتفي بالقول أن هذا كذب أو بالادعاء بأنه مدسوس؟ وهو أمر بات واضحاً أنه ليس أكثر من وسيلة للتملص والهروب من الإحراج، وصاحبه أعلم به من خصمه!!

لو كان الموضوع يتعلق بمسألة أو مسألتين أو -حتى- مائة أو مائتين!

أو كان الاعتراض على خط مسطور في كتاب مغمور أو منشور، لهان الخطب.

أما والمسائل التي تخالف الكتاب والصواب، وتناقض المنقول والمعقول وتنبو عن الذوق والسلوك الرفيع تعد بالمئات بل بالآلاف!! ومثبتة في المصادر الموثقة والمراجع المعتمدة والكتب الكثيرة المنتشرة المتداولة الممنوعة منها والمشروعة، وكذلك المخطوطة والمطبوعة قديماً وحديثاً وتباع في المكتبات وتدرس في المدارس وتعلن على الملأ وعامة الناس دون نكير من كبير أو صغير، فهو الأمر الجلل الذي لا تنفع معه محاولات التكذيب، ولا يعالج بالترقيع! لا بد من إجراء عملية جراحية (كبرى)!

ناهيك عن الأعمال المخالفة للشرع والأدب، والتي نشاهدها بأم أعيننا تمارس -وبالمكشوف- عند مراقد الأولياء ومشاهد الأصفياء!

وإذا سمع صوت خافت من هنا أو هناك قيل له: إن هذا من فعل العوام أو الجهلة، ويعلم الله أن من المشاركين لهم فيها والواقعين في دواهيها أناساً يعتمون العمائم ويعفون اللحى ويلبسون زي رجال الدين –كما يقولون- أو يرقبونها عن كثب دون نكير!!

ما هو دور العلماء؟ ولماذا هذا الصمت؟! إن هذه الأفعال أضحت ممارسات طبيعية اعتاد الناس ارتكابها وهم يعيشون حياتهم اليومية في المجتمع!

أيعقل أن هذا هو منهج أهل البيت؟!!:-

أيصح شرعاً أو يحتمل وجداناً أو يستساغ عقلاً أن نرى كل هذا ثم نسكت على نسبته إليهم أو فعله باسمهم؟!

حقاً إن ذلك مما لا يمكن السكوت عليه تحت أي حجة أو ذريعة؛ لأن الانحدار وصل وتجاوز حد الهاوية.

وإن أرعدت أنوف:-

وأنا أعلم أن في هذه الصرخة المدوية ما يؤلم ويزعج، وتغص به حلاقيم، وترعد له أنوف!

ولكن حسبي وعذري أن الحقيقة مرة، وأن الحال قد أمسى مما لا ينفع في علاجه الترفق والإيماء.. أو الإيغال بحذر وحياء.

إنه.. ورم

ورم كبير..

ولا بد لعلاجه من مبضع الجراح..

إن الركام لهائل وإن التركة لثقيلة.

ولا بد من تصفية الحساب كله، ومراجعة الدفاتر كلها، والرجوع من جديد إلى أول الطريق، من أجل أن نميز بين التشيع الأصيل والدخيل!!!![/b:a3d7f2f7c9]


--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أصول الكافي 1/69.

([2]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11/246.

حكم
11-02-2006, 10:33 PM
الباب الأول: منهج أهل البيت.. النظرية والتطبيق

الفصل الأول: الرسول (ص) والأئمة (ع):-

السيرة العطرة

محمد (ص) سيد الزاهدين:

كان رسول الله (ص) أزهد الناس وأبعدهم عن زخارف الدنيا وملذاتها، وكان في شغل في دينه ودعوته عن حاجات نفسه ومطالب أهله وقرابته!

كان (ص) ينام على التراب، ويفترش الحصير فيقوم وقد أثر في جنبه فيقولون له: يا رسول الله! لو اتخذت لك وطاء -أي: فراشاً لينا- فيجيبهم: {ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح عنها}.

ورأى جماعة يعالجون خصاً لهم -أي: بيتا من خشب وقصب- فقال: {ما هذا؟ قالوا: قد وهن فنحن نصلحه فقال: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك}.

وكان (ص) أحياناً يشد الحجر على بطنه من الجوع.

ويمر عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، طعامه وأهل بيته الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان له (ص) جيران من الأنصار؛ وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إليه من ألبانها فيشرب ويسقي أهله.

وخرج من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير أو القمح! مع قدرته عليه. لا سّيما في أواخر حياته الشريفة بعد أن فتح الله عليه الفتوحات، وصارت الأموال تجبى إليه.

ولما اشتكت إليه أزواجه ما يلقينه من الشدة وشظف العيش معه -وكان ذلك بعد خيبر وحيازة أموالها وأراضيها- نزل قول الرب -جل وعلا- بالتخيير بين البقاء معه على هذه الحال أو الفراق بالطلاق؛ ليجدن ما يردنه في أرض الله الواسعة: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً)) [الأحزاب:28]* ((وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً)) [الأحزاب:29].

وكان (ص) يصلي أحيانا جالساً ما به إلا الجوع!

وجاءته السيدة فاطمة (ع) يوماً بكسرة خبز فقال: {ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبزته فلم تطب نفسي حتى آتيك بهذه الكسرة، فقال: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام}!!.

لم يكن ذلك منه عجزاً، بل كانت الدنيا كلها بين يديه، ولكنه كان يؤثر الزهد والتعفف والقناعة.

وحرم على نفسه وأهل بيته الزكاة والصدقات وسماها أوساخ الناس؛ ليضرب المثل الأعلى بنفسه وأهله في العلو والتسامي.

ولقد عرض عليه ربه أن يجعل له بطحاء مكة ذهباً فقال: {لا يا رب ولكن أجوع يوماً وأشبع يوماً، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك، وإذا جعت تضرعت إليك ودعوتك}!! وخرج من الدنيا ودرعه مرهونة عند يهودي على صاع من شعير!!

فمن أحق الناس باتباعه والتأسي به من أهل بيته وإن تطاولت بهم الحقب، أو طالت بهم سلسلة النسب؟!

على خطا جدهم وإمامهم (ص)

لقد وفى أهل البيت الكرام –لاسيما الأئمة الكبار منهم- لرسولهم وإمامهم (ص) فساروا على طريقه ومنهاجه مختارين حياة الزهد والعفاف والسمو، والترفع عما في أيدي الناس، فكانوا خير من علم بعده وعمل بقوله: {اليد العليا خير من اليد السفلى}.

ولقد حفلت كتب السير والتواريخ ودواوين الأحاديث والروايات بتراث ضخم من مآثرهم، يخبرنا عن توكلهم وحسن ظنهم بربهم، وتعلقهم به والتجائهم إليه في البأساء والضراء واليسر والرخاء.

وكيف قاموا بواجبهم تجاه الناس وإرشادهم، وتعليمهم دون انتظار أجر من أحد سوى الله، بل كانوا يرفضون أن يمدوا أيديهم إلى درهم واحد من أموال الناس، بل كانوا هم المتفضلين عليهم، فيعطونهم من جهودهم وأوقاتهم وأموالهم كذلك ولسان حالهم: ((إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً)) [الإنسان:9].

الإمام علي (ع)

من أقواله المأثورة: [[يا أيها الناس! إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتباع الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا وإن الدنيا ولت حذاء –مسرعة- فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء اصطبها صابها]]

[[ألا وإن الآخرة قد أقبلت ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل ولد سيلحق بأمه يوم القيامة، وإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل]]([1]).

وقال يذكر النبي (ص): {قد حقر الدنيا وصغرها وأهون بها وهونها، وعلم أن الله زواها عنه اختياراً وبسطها لغيره احتقاراً فأعرض عنها بقلبه وأمات ذكرها عن نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه؛ لكي لا يتخذ منها رياشاً أو يرجو فيها مقاماً}([2]).

أكبر مصائبنا

لكن المصيبة –التي نكبنا بها فتركتنا كالسكارى لا نعي ولا نفكر في سعي- أننا نقرأ هذه الأقوال ونرويها للإعجاب والتباهي، دون شعورنا أن هذا لن ينفعنا عند الله مثقال ذرة ما لم نعمل أو نطالب أنفسنا ولو بجزء قليل من العمل بمقتضى هذه التوجيهات العظيمة.

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)) [الصف:2]* ((كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)) [الصف:3].

لقد أصابنا مرض مزمن: إنه تبلد الإحساس بما نقرأ أو نسمع من سير الصالحين، وحكم الواعظين أنها لا تعني بالنسبة لنا أكثر من أننا نسمعها أو نرويها، ونمر بها كما يمر السائق السكران بإشارة المرور لا يعي ما تعني بالنسبة إليه ولا يثيره منها إلا زخرفتها أو حسن رسمها وجاذبية ألوانها! ولذلك حصل الانشطار بين أقوالنا وأفعالنا.

أقوال تسندها الأفعال

لقد كانت حياة أمير المؤمنين (ع) ترجماناً أميناً لأقواله ووصاياه، عاش عيشة الفقراء حتى وهو على رأس السلطة! ومنع أهله وأقاربه من متع الدنيا، والتبسط فيها ليظلوا مثلاً يقتدي به المقتدون.

استمع إليه كيف يخبر عن حال أخيه عقيل الذي افتقر واشتد به الفقر حتى إنه لا يجد مداً من طحين، فيأتي أخاه أمير المؤمنين يسأله من بيت المال ما يسد به جوع عياله الذين اسودت وجوههم، واغبرت ألوانهم وشعثت شعورهم فيرده رغم تكرار طلبه ومراجعته:

(لقد رأيت عقيلاً وقد أملق حتى استملحني من بركم صاعاً، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظائم، وعاودني مؤكداً وكرر علي القول مردداً، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً طريقي، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه؟! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟!.

وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة أم صدقة أم زكاة؟ فذلك محرم علينا أهل البيت. فقال: لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية، فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟!!)([3]).

إنني لأرى العار مجسماً يجلجل في أردية ولحى كثيرة، حين أقارن بين هذه الحالات وبين ما عليه أصحاب تلك الأردية من غنى فاحش وترف وتخمة ورتع في أموال الناس، بل هناك ما هو أمر وأدهى!!.

أو قوله: [[المال مادة الشهوات]]([4]).

ورئي (ع) وعليه إزار خلق مرقوع فقيل له في ذلك فقال: [[يخشع له القلب، وتذل به النفس، ويقتدي به المؤمن]]([5]).

يكنس بيت المال!

كان (ع) ينفق جميع ما في بيت المال، ويوزعه على المستحقين ثم يكنسه بنفسه ويرشه ليصلي فيه ركعتين هما نصيبه منه!!

ثم خلفت من بعده خلوف تكنس المال كنساً!

التوحيد الخالص :

قال (ع) يصف ربه: [[كل شيء خاشع له، وكل شيء قائم به، غنى كل فقير، وعز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف]]([6]).

وأقول مرة أخرى: إن مصيبتنا أننا نقرأ أقوال الأئمة للتباهي والمدح المجرد لا للاقتداء والعمل، وإلا كم من ملهوف إذا استغاث أو دعا أو استجار جعل مفزعه غير الله يلتجئ إليه، يعوذ به، ويتقرب إليه بالنذور ويندب اسمه ويستغيث به دون الله! دون أن يدري أنه في طريق والإمام (ع) في طريق، أليس هو القائل: [[إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، واقتدوا بهدي نبيكم، فإنه أفضل الهدي، واستنوا بسنته فإنها أهدى السنن، وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب]]([7]).

حِكَمٌ أين نحن منها؟

{من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه}([8]).

[[إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته –نسبه- وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته]]([9]).

ما مدى تطبيق هذه القواعد العظيمة من الواقع؟!

يعطون ولا يأخذون!!

لقد سار أولاد أمير المؤمنين (ع) وأحفاده على خطاه التي ترسمت خطا رسول الله (ص)، فهذا الإمام الحسن (ع) دخل السوق لحاجة يشتريها، فساوم صاحب دكان في سلعة فأخبره بالسعر، ثم علم أنه الحسن بن علي سبط رسول الله (ص) فنقص في السعر إجلالاً له وإكراماً، ولكن الحسن لم يقبل منه ذلك وترك الحاجة وقال: [[إنني لا أرضى أن أستفيد من مكانتي من رسول الله (ص) في شيء تافه]].

أما الإمام السجاد (ع) فكان إذا سافر كتم نفسه حتى لا يعرفه أحد فيصله ويعطيه شيئاً بلا مقابل، ويقول: [[أنا أكره أن آخذ برسول الله (ص) ما لا أعطي به]].

أقول: لقد أمسى الانتساب إلى رسول الله (ص) مهنة!! بل هو أعظم المهن وسيلة للارتزاق واستجلاب الترف والنعيم!!! وأضحت توضع لها الشارات والعلامات من أجل الدلالة والتعريف، وصاحبها مستعد لتذكيرك إذا نسيت، ومطالبتك إن قصرت! أين هذا من قول الباقر (ع): [[إذا رأيتم القارىء –أي: العالم- يحب الأغنياء فهو صاحب دنيا]] واليوم أكثر الناس حباً للأغنياء وتزلفا إليهم هم العلماء إلا القليل!

وكان الإمام الصادق (ع) يتصدق حتى لا يبقى لعياله شيئاً، وكان كجده زين العابدين يسر بالعطاء ولا يظهره، فكان إذا جاء الغلس واعتكر الظلام حمل جراباً فيه خبز ولحم ودراهم، ثم يذهب إلى ذوي الحاجات من أهل المدينة ويعطيهم وهم لا يعلمون.

أما ابنه الإمام الكاظم (ع) فكانت صرة عطائه يضرب بها المثل!

من عمل أيديهم يأكلون

كان أمير المؤمنين علي (ع) يحصل على رزقه أيام خلافته من كد عمله، في بستان يعمل فيه ظاهر الكوفة. وهكذا كان الأئمة (ع).

فقد كان للإمام الصادق (ع) مزرعة يعمل فيها، فيلتقيه رجل يوماً ما على قارعة الطريق وهو راجع من مزرعته يتصبب عرقاً، فيلومه ذلك الرجل بكلمة غير مهذبة تثيره فيقول: [[خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك]]([10]).

وروى الكليني –أيضاً- عن أبي حمزة قال: [[رأيت أبا الحسن (ع) يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت: جعلت فداك أين الرجال؟ فقال: يا علي قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي فقلت له: ومن هو؟ فقال: رسول الله (ص) وأمير المؤمنين وآبائي (ع) كلهم قد عملوا بأيديهم]]([11]).

وجاء رجل إلى أبي عبد الله (ع) فقال: [[ادع الله أن يرزقني في دعة، فقال: لا أدعو لك، اطلب كما أمرك الله عز وجل]]([12]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2/318.
([2]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7/217.
([3]) شرح نهج البلاغة 11/245.
([4]) شرح نهج البلاغة 18/193.
([5]) شرح نهج البلاغة 18/48.
([6]) شرح نهج البلاغة 7/194.
([7]) شرح نهج البلاغة 7/121.
([8]) شرح نهج البلاغة 19/331.
([9]) شرح نهج البلاغة 18/252.
([10]) فروع الكافي للكليني 5/74..
([11]) فروع الكافي للكليني 5/75..
([12]) فروع الكافي للكليني 5/75..

حكم
11-03-2006, 08:07 AM
[align=center:94754147fa][b:94754147fa]الفصل الثاني/ نظام الحياة في الإسلام[/b:94754147fa] [/align:94754147fa]




[b:94754147fa][align=center:94754147fa]الإسلام نظام شامل متوازن [/align:94754147fa][/b:94754147fa]

جاء الإسلام بنظام للحياة عظيم يمتاز بالشمولية والتوازن، ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقته بمجتمعه وكذلك علاقته بنفسه، بحيث نؤدي حقوق الله تعالى وعبادته وحقوق المجتمع والإحسان إلى أفراده ومؤسساته، وكذلك حقوق النفس وحاجاتها بصورة متوازنة يمتنع فيها طغيان جانب على آخر، بل تجعل هذا الإنسان يعيش ضمن منظومة متناسقة مترابطة ترضي خالقه، وتمنح نفسه ومجتمعه الاستقرار وطيب العيش في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وإلى هذا أشار الرسول العظيم (ص) بقوله: {إن لربك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً}.

لقد فصل ديننا هذه الحقوق تفصيلاً: فأمر بعبادة الله وحده ونبذ عبادة ما سواه أو التعلق به من دونه، كدعائه والاستغاثة به أو استعانته أو القسم به أو الخوف منه أو رجاءه والاعتماد عليه أو الرجوع إليه في الطاعة والتحاكم والتشريع وما إلى ذلك مما لا يصلح صرفه إلا إلى الله وحده.

وفرض الصلوات الخمس وحدد أوقاتها، وفرض صوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج البيت، وأمر ببناء المساجد وعمارتها، وشرع الذكر وقراءة القرآن وتدبره والعمل به، وجعل الجهاد في سبيل الله والدعوة إليه ذروة سنام الإسلام.

وبين سبحانه أن هذه العبادات أساسها عمل القلب من الإخلاص والصدق والخشوع والخوف والحب والرجاء والتفكر والتوكل واليقين.

و شرع كذلك الصدقة والإحسان إلى الخلق من ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل، وأوصى بالجار وإحسان العلاقة مع الناس جميعاً.

ونظم الأسرة وشرع الزواج وحرم الزنا، وبين حقوق الزوجين في الائتلاف والاختلاف، وحث على تربية الأولاد، أما الوالدان فالإحسان إليهما مقرون بأعظم أركان الدين –وهو التوحيد- كما أمر بالصدق في الحديث والوفاء بالوعد وغض البصر والعفاف وإحصان الفرج، ونظم أحوال السوق؛ فأحل البيع وحرم الربا والغش والاحتكار، وحث على التسامح والتعاون على البر والتقوى.

وعلم المسلم كيف يتطهر ويتجمل ويلبس ويتغذى وينام.

وفي العموم ما من جزئية من جزئيات الحياة ومفرداتها إلا وذكرها ونظمها، كالزراعة والصناعة والتعليم والصحة والجيش...إلخ.

فإذا أديت هذه الحقوق والواجبات كما أراد الله عز وجل صلح حال الفرد والمجتمع.

أما إذا وقع الخلل واختل التوازن المذكور، كأن تطغى حظوظ النفس ورغبات الجسد على حقوق الله أو المجتمع أو حصل العكس، فإن هذا النظام الرائع يفسد فيعم الخراب وينهار المجتمع، وصدق الله إذ يقول: ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)) [الروم:41].

إن الإسلام حين يقدم نظامه العظيم هذا يدعو المسلم إلى أن يراعي حقوق الله وحقوق المجتمع، مراعاة شديدة ويحثه على التوسع في هذين الحقين قدر المستطاع.

لكنه من الناحية الأخرى يدعو إلى التخفف من متع الدنيا، ويحثه على الزهد فيها وعدم الإكثار منها.

إنهما أمران متعاكسان تماماً!

فبينما نرى الإسلام يقسم حق الله وحق المجتمع إلى:

واجب لا يحل التفريط فيه.

ومستحب رتب عليه أجراً يغري المسلم بفعله والتوسع فيه.

نراه من الناحية الأخرى يقسم الأمر قسمة معاكسة فمثلاً: أمر بالصلاة والصوم، وحث على الإكثار من التطوع فيهما كنافلة القيام والسنن وصوم يومي الإثنين والخميس، وفرض كذلك طاعة الوالدين وبرهما، وفرض الزكاة التي هي حق المجتمع، وحث على الصدقة من الأموال والأطعمة وغيرهما، بل قرن بين الذبح وإطعام اللحم وبين الصلاة فقال: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [الكوثر:2].

بينما لم يجعل التوسع في المآكل والمشارب و المساكن و المناكح لا من الواجبات ولا من المستحبات ولم يرتب على ذلك مدحا ولا أجراً، وإنما غايته أن يكون من المباحات التي يستوي فيها الفعل والترك، إذ ليس جمع المال ولا بناء القصور ولا المتاع الجسدي أموراً جاء الشرع بالترغيب فيها ولا جعل لها فضيلة لذاتها ولا أجر فيها ما دامت منفعتها مقتصرة على الفرد نفسه، إنما الأجر على إعطاء المال والإيثار به لا على أخذه أو كنزه أو التمتع به.

وقد أمر الإسلام بالعفاف وغض البصر وإحصان الفرج، وجعل للزواج غاية سامية فوق المتعة الجسدية الزائلة، ألم تر أن الله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً)) [الأحزاب:41]* ((وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)) [الأحزاب:42].

((إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)) [التغابن:15].

((الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)) [الكهف:46].

فأرشد إلى الإكثار من الذكر وإلى الحذر من المال والولد، وبين أنهما متاع دنيوي زائل.

إذن الأمر في باب العبادة والإحسان إلى الخلق قائم على الترغيب والتوسيع.

وفي باب المتاع المالي والجسدي قائم على التزهيد والتضييق.

والحكم في الباب الأول يدور بين الاستحباب والوجوب، بينما هو في الباب الآخر يتردد بين الإباحة والكراهة.

والخط هناك صاعداً أبداً، وهنا نازل قد ينحدر إلى درك الإثم والحرمة.

هذا هو نظام الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وما عداه فمن وضع البشر واجتهادهم.

النظام الذي يقوم عليه التدين الدخيل

بعد طول ملاحظة ونظر ومناقشة تيقنت من حقيقة مرة بائسة هي: أن التدين الذي نمارسه اليوم يتناقض كلياً مع النظام الرباني البديع!!

إنه باختصار دين آخر يقوم ويرتكز على الاهتمام بحظوظ النفس ورغبات الجسد من المال والجنس والمتع الدنيوية الهابطة، لقد وصل هذا التدين البديل إلى درجة مخيفة من الاختلال والاضطراب في هذا النظام، لقد تغلبت الحظوظ والمتع الذاتية على حقوق الله والمجتمع تغلباً مذهلاً، لا يمكن أن يتأمله عاقل إلا ويدرك جازماً أن هذا ليس هو التشيع الأصيل ولا يعقل قط أن يكون هو الدين الذي جاء في التنزيل!

وإذا أطلقت عليه ظلماً كلمة (التشيع)، فلا بد أن نضيف إليها كلمة أخرى هي: (الدخيل) حتى نبرئ ساحة التشيع الأصيل.

إنه ملخص في هذه العبارة الجامعة: (دين في أمر العبادة والإحسان يقوم على التضييق والمشاححة، وفي أمور المال والجنس يقوم على التوسيع والمسامحة)!!

وحاشا أهل البيت (ع) أن يكون هذا (الدين)منهجهم، ومن الغلط الفاحش أن نسميه (تشيعاً).

وقد ربط أقطابه والمستفيدون منه بين كثير من العبادات الشرعية أو البدعية وبين الطعام والشراب والمال والجنس! وفتحوا الباب على مصراعيه للولوج إلى دائرة الحرام بعد أن أمسى الجو مهيئاً ومناسباً، والحواجز ضعيفة أو معدومة، والذرائع إليه موصولة موفورة! لاسيما وأنهم استطاعوا أن يخيلوا لأتباعهم أن أعظم المنكرات تغفر بأوهن الأسباب وأوهى الأعذار.

و هكذا وكنتيجة حتمية صار الجنس واقعاً، وباتت العبادة قائمة على المال والجنس والمتاع والتوسع فيه، وعلى حذف ما أمكن حذفه واختصار ما أمكن اختصاره من الفرائض الدينية، والتخفف منها أو تحويلها إلى مصيدة للمال والجنس ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً!

ففي المال والجنس نجد الإضافة والمسامحة والتوسيع، وفي العبادة والإحسان نجد الحذف والمشاححة والتضييق!! هذه هي القاعدة احفظها جيداً، وتعال معي أفصل لك ما أجملته تفصيلاً وذلك في الباب التالي.

حكم
11-03-2006, 11:58 AM
الباب الثاني/ الفصل الأول/ التوحيد من الإيمان إلى الإدمان




الباب الثاني: المنهج الدخيل... الواقع الفاسد

الفصل الأول: التوحيد من الإيمان إلى الإدمان:-

ومضات سريعة من درر القرآن الكريم

((أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الزمر:22]* ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)) [الزمر:23].

تأمل هذه الصورة، ثم قارن بينها وبين الصورة التي ترسمها الآية التالية؛ لترى إلى أي الصورتين نحن أقرب:

((وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)) [الزمر:45]

من هؤلاء ((الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ))؟ إنهم: ((اللاَّتَ وَالْعُزَّى)) [النجم:19] * ((وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى)) [النجم:20] الذين قال الله عنهم: ((إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى)) [النجم:27].

إذا كان المشركون يعتقدون أن الملائكة بنات الله سبحانه، فيتخذونهم شفعاء يدعونهم أو يدعون الله بهم وقت الرخاء ويستبشرون بذكرهم، وينشرحون له أكثر منهم عند ذكر الله، فإذا كان ذلك شركا بالله فما الفرق بينه وبين الانشراح عند ذكر الصالحين أكثر منه عند ذكر الله؟!

ألسنا نخشع ونبكي عند الأضرحة والمقامات أكثر من خشوعنا وبكائنا ونحن في حضرة الله في بيوته ومساجده أو عند قراءة كتابه والاستماع إلى كلامه؟!

((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)) [الأنفال:2] * ((الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) [الأنفال:3]* ((أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً)) [الأنفال:4].

((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [الزمر:67].

((وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ)) [فصلت:6]* ((الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)) [فصلت:7].

((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [التوبة:31].

إنها ربوبية الطاعة من دون نقاش لا ربوبية الخلق؛ لأن اليهودي أو النصراني لا يعتقد في العالم أنه هو الذي خلقه وإنما يطيعه طاعة مطلقة كطاعة الله، ويقدم له أمواله فهو مسلوب العقل والمال من قبل هؤلاء الأحبار والرهبان كما قال تعالى: ((إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)) [التوبة:34].

مع أن الله تعالى يقول: ((اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً)) [يس:21].

وقال: ((يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ)) [الأحزاب:66]* ((وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ)) [الأحزاب:67].

((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)) [النور:30].

((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)) [الإسراء:23]... ((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ...)) [الإسراء:26] الخ من الوصايا التي جاءت في سورة الإسراء.

وجاء قوله تعالى: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة:5].

يأمر الله بإفراده بالاستعانة كإفراده بالعبادة سواءً بسواء، وهو الأصل الذي انبنى عليه القول المأثور عن علي (ع): [[من استعان بغير الله ذل]].

وجاء قوله تعالى: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [غافر:60].

((فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)) [الجن:18].

((وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)) [الحديد:4].

((وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)) [ق:16].

ليرد على كل من تعلق بغير الله فدعاه، أو استغاث به في شدة، أو تصور أنه أقرب إليه استجابة من الله، أو اعتقد أن الله أبعد عنا من واسطة نحتاجها تقربنا إليه:

((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)) [البقرة:186].

هذه هي صورة التوحيد والإيمان الجميلة، وفي مقابلها صورة الشرك والكفر البشعة القبيحة.

إن التوحيد تعلق بالله وحده يثمر كل هذه الثمرات الطيبة، ويصوغ شخصية المسلم صياغة جديدة تمتاز بالعفاف والحياء والإيثار والعطاء، وعلى العكس من ذلك الشرك فإنه انقطاع عن الله وتعلق بغيره مهما كان ذلك الغير ملكاً فما دونه صورة كالحة وثمار فجة مرة و وقاحة وفحشاء وأخذ بلا عطاء، إنه تخبط ودوران في فلك الذات والملذات بعيداً عن الله ومصلحة المجتمع.

والآن وبعد هذه الجولة السريعة بين معالم المنهج القرآني نأتي إلى هذا التدين الدخيل، الذي نمارسه بصورة طبيعية دون نكير أو اعتراض معتقدين أنه دين أهل البيت!فماذا نجد فيه؟!!

في خدمة المال والجنس

ضعفت الصلة بالله ضعفاً شديداً بحيث لا يذكر إلا قليلاً! وهذا القليل لا يكون إلا بواسطة و شفاعة!.

مساواة الله عز وجل بالرسول (ص) والأئمة (ع)!

ولو تلمس كل واحد قلبه لأحس أن تعلقه واعتماده على الوسطاء والشفعاء أكبر من تعلقه واعتماده على الله، هذا إن لم يكن الله بعيداً تماماً عن الموضوع، فالمدعو والمستعان والمستغاث والوهاب والشافي، ومن يجيب المضطر ويكشف السوء، ويذهب الهموم ويزيل الغموم ويفرج الكربات ويلبي الطلبات ويحل المشكلات ويفرج الشدات ويسمع الدعوات ليس هو الله بنفسه، وإنما لابد من توسط الوسطاء وتدخل الشفعاء، وقد يدعى هؤلاء مباشرة دون الرجوع إلى الله!!

ولا أدل على ذلك من اللحظة التي يقع فيها أحدهم في شدة واضطرار، فإن أول ما ينطق به لسانه هو الإمام أو الولي وليس الله!

الأمر الذي لم يكن قد وصل إلى دركه المشركون الأولون الذين: ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) [العنكبوت:65]. والذين قال الله فيهم: ((وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً)) [الإسراء:67].

حتى أن كثيراً من العوام يدافع عن اعتقاده قائلاً: إن صبر الله طويل وإن صبره أربعون عاماً أي فمتى سيجيب ونحن مضطرون والحالة لا تحتمل تأخيراً؟! ناسين أنه قريب مجيب، بل هو أقرب إليهم من حبل الوريد، وأنه ((إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) [يس:82].

أما الولي وهو: لفظ يطلق عادة على صاحب القبر أو المرقد، فيعطي المراد ويستجيب للعباد كل حين ودون انتظار أو تأخير. وإذا ودعك مودع فإنه يقول لك: (الله ومحمد و علي معك) مع أن القرآن من أوله إلى آخره لا يثبت أحدا معك في كل حين، وعلى كل حال إلا الله لا محمد (ص) ولا علي (ع) ولا غيرهما.

((مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا)) [المجادلة:7]

من هذا الذي يعبر عنه الله بقوله: (هو) هل هو غير الله؟!!

أليست هذه الآية: ((وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ)) [يوسف:106] منطبقة على هذه الحالة تمام الانطباق؟!

من الحافظ؟

سؤال قد يبدو غريباً! ولكن تأمل هذه المواقف التي أشهدها وتشهدها معي كل يوم:

ذهبنا في تشييع جنازة إلى النجف، وبينما كنت أدخل إلى صحن مرقد الإمام (ع) قال لي أحد باعة الماء وهو يعرض عليّ طاسة ماء: (يحفظك الإمام) قلت له –وأنا أخاطب الجميع-: ألستم مسلمين؟! ألم تقرأوا قول الله في القرآن: ((فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)) [يوسف:64].

وركب في سيارتي رجل فقال: يا علي! ولما استقر في مجلسه بدأت أشرح له مسألة الاستغاثة، وأنها خاصة بالله، أما أهل البيت (ع) فنحن نحبهم ونقتدي بهم، لكن لا ندعوهم ولا يجوز أن نستعين بهم... الخ فوافقني على ما أقول، لكنه حينما نزل ووجه إلي كلمات الشكر قال في آخرها:

(يحفظك الرسول)!! قلت في نفسي وأنا أبتسم: ما عملت شيئاً!

*أسماؤنا تعبد لغير الله

حتى أسماؤنا تدل على ضعف تعلقنا بالله، وشدة تعلقنا بالوسائط فعبد الحسين وعبد الزهراء وعبد علي وعبد الرضا وعبد الكاظم بل عبد السادة وعبد الأئمة وعبد الكل وعبد الإخوة أكثر شيوعاً من عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرزاق، إلى الحد الذي تكاد تختفي معه هذه الأسماء الكريمة والتي هي من أحب الأسماء إلى الله!

بل عبد الرحمن أو عبد الرزاق مثلاً يمكن أن يتحول إلى رحمن ورزاق، أما عبد الحسين وعبد الرضا فحاشا وكلا.

وتجد التلفظ بعبد الحسين أو عبد علي أسهل على الألسنة من التلفظ بعبد الرحمن أو عبد الرزاق! حتى صار من المألوف أن يكون في سلسلة اسم شخص اسم الرب مجرداً واسم المخلوق معبداً مثل: (كريم عبد الرضا) عوضاً عن (عبد الكريم عبد الرضا) و (جليل عبد الحسين) اختصاراً لـ (عبد الجليل عبد الحسين)!

ومن المفارقات أنك تجد جميع أسماء الأئمة تحمل أداة التعريف (ألـ) إلا اسم علي فيقال: عبد الحسن، ولا يقال عبد العلي، لأن (عبد العلي) يعني: عبد الله لذلك يقولون: (عبد علي) للتأكيد على أن العبودية لغير الله!!

ولد لصديق لي مولود ذكر؛ وذلك بعد طول انتظار وترقب فسماه (عبد الوهاب) تيمناً باسم (الوهاب) الذي وهبه له كما قال إبراهيم (ع): ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ)) [إبراهيم:39] ولما جاءتهم جارتهم مهنئة فوجئت بهذا الاسم (الغريب العجيب) فعبرت عن استغرابها قائلة: أما وجدتم غير هذا الاسم؟! سموه حيدر سموه حسين!!

حور ونذور

وما أكثر (الأئمة)! إذ لا يحتاج الأمر إلى أكثر من تصميم شكل مكعب على وجه الأرض من فوقه ستور وقبة (بعضها فوق بعض) ويجب أن يكون هذا كله قريباً من خط المواصلات! و (للأئمة) –وهذا هو المهم في الأمر كله- سدنة يقومون بأمرهم وأبنيتهم وقبابهم ((وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ)) [يس:75].

تصور! (الإمام) يحتاج إلى من يحرسه ويحميه وليس العكس! وهؤلاء السدنة يحصلون من وراء ذلك على أموال طائلة على شكل نقود أو ذبائح أو نذور أو قرابين وأطعمة، والوساطات كلها قائمة ومشروطة بدفع الأموال والذبائح والنذور، فلا يمكن أن تنجح وساطة أو تقبل شفاعة إلا بذلك، ولا وصول إلى الله إلا بشفاعة أو وساطة!

حتى القسم أو اليمين أعظمه ما كان في حضرة (الإمام)، ويمكن لأي إنسان أن يحلف مائة مرة بالله كاذباً على أن لا يحلف مرة واحدة (بالإمام) وهو كاذب، خصوصاً إذا كان في (حضرته) أو (مقامه) أو (ضريحه)! وهو أمر لم يصل إليه مشركو الجاهلية الأولى، فإنهم إذا أكدوا اليمين فإنهم يؤكدونها بالحلف بالله، كما أخبر الله عنهم بقوله: ((وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ)) [فاطر:42].

المناسبات الشرعية والمناسبات المحدثة بين الاهتمام والغفلة

والزيارات لا تنقطع وقد جعلوا لها مراسم ومناسبات على مدار العام، وإن كانت تشتد وتخف من موسم لآخر ومن مناسبة لأخرى، فشهر محرم إلى نهاية صفر موسم بحاله، وعاشوراء وما أدراك ما عاشوراء! وأيام الأعياد خصوصا و يوم عرفة، وهذا اليوم مولد فلان وذلك يوم وفاته أو مقتله وهذه (الرجبية) وتلك (الشعبانية)، وهذه (دورة السنة) وهي السنة الفارسية يوم 21 آذار أي يوم نيروز الذي نحيي ليلته بإشعال النيران! أما السنة الإسلامية الهجرية فنستقبلها بالنوح ولبس السواد!

والمناسبات لكثرتها لا يمكن إحصاؤها! ناهيك عن مساء كل جمعة التي هي مناسبة أسبوعية، كما هي جماعية يجتمع فيها نساء ورجال الحي وأكثرهم –إن لم يكن جميعهم- لا يعرف من الدين غير هذه الزيارات وهذه المناسبات التي على كثرتها وتنوعها وما يدعى من أهميتها وفضيلتها لم ترد واحدة منها –ولو لمرة واحدة- في آية من القرآن!

قلت لأحد هؤلاء الشباب –وهو موسوي النسب-: يا سيد هل تصلي الجمعة؟ قال: نعم. قلت –وأنا أعلم جيداً أنه لا يصلي الجمعة- أين؟ قال: في النجف أو كربلاء قلت: ما شاء الله! في أي جامع؟ قال: لا إنما كل خميس نذهب إلى الأئمة وهناك نصلي ونزور!! قلت –في نفسي-: سبحان الله! العصر زحف إلى الظهر قبلناه؛ لكن الجمعة تزحف إلى الخميس ما سمعت بهذا!!

ومن الملفت للنظر أننا نحتفل بمولد ووفاة كل (إمام) إلا إمام الأئمة محمداً عليه الصلاة والسلام!

ونتجاهل كل المناسبات الإسلامية العظيمة مثل الإسراء والمعراج والهجرة والمعارك الفاصلة في تاريخنا كبدر. أما يوم النيروز الذي هو عيد مجوسي فنحتفل به ونشعل في ليلته النيران!

ماذا يحدث عند المزارات

وهذه الزيارات يقترن بها اجتماع الجنسين من الشباب والشابات، بل هي فرصة ذهبية لتحقيق اللقاءات والوفاء بالمواعيد ونيل المراد، خصوصاً أيام وليالي مواسم المشي على الأقدام، والمبيت على جنبات الطريق الطويل!

لقد وصل الخراب حداً لا ينفع معه التجاهل والمكابرة ولا يفيد الإيماء أو الرمز بحياء، بل لا بد من التصريح والمجاهرة ومواجهة الحقيقة كما هي بشجاعة دون لف أو دوران، وإن كان تفصيل ما يحدث من علاقات محرمة أمر لا يجهله لبيب ولا غيره، ولكن الجميع سكوت مودة بينهم في الحياة الدنيا! حتى العلماء!!

أما لحظات الازدحام عند الطواف حول الضريح والمبيت فيه فحدث ولا حرج، حتى إن بعضهم يتقصد الطواف من أجل ذلك ناهيك عن موسم زيارة (أحمد بن هاشم) المخصصة للطرب والرقص والخمور!

واللطيف أنك تقرأ عند مدخل كل مزار عبارة: (ممنوع دخول السافرات)!!

وإذا رأيت ثمّ رأيت السدنة وكيف يستولون على أموال المغفلين ويستلبونها منهم بشتى الأساليب ومختلف الوسائل والحيل!! فهذا يستقبل الزائرين والزائرات يستحلفهم بـ(الإمام) قائلاً: (عليك بهذا الإمام عندك نذر)؟ حتى إن بعضهم ليقتحم المرأة يفتش ثيابها و جيب صدرها وليتعرف على أمور أخرى أنت قد لا تعرفها!

وهذا جالس يقرأ على ميت، والأوراق تتهاوى عليه أوتدس في يده أو جيبه مباشرة.

وعلى مسافة من هنا وهناك آخر وآخر يمسك بخروف يبيعه في اليوم الواحد مرات ومرات، والخروف المسكين لا يزال كما هو لم يبرح يده بل هو في أسر دائم وسجن لا ينتهي إلا إلى بطن (الكَيِّم) –أي: القيم على القبر- الذي يقول لكل مغفل يدفع إليه ماله ثم يأخذ منه الخروف أخذاً صورياً ثم يرجعه إليه: (وصل نذرك) قلت: نعم وصل ولكن إلى جيب (الكَيِّم)!

وهذا يمسك بإناء يصطاد به الدنانير، وذلك يحجزك عن الشباك كي لا تضع المال داخله، وإنما في يده ليتحقق وصوله إلى (الإمام) تصور! المال الذي يأخذه السادن قبل أن يصل أو يقع فوق القبر متحقق وصوله إلى (الإمام) أكثر من المال الذي وصل عياناً واستقر فوقه!!! فوالله لا هذا ولا هذا يقبله العقل السليم.

أحيانا ترى امرأة أو رجلا عنيداً لا يتوقف إلا عند الشباك، إذ هو لا يقتنع إلا إذا رأى نقوده في داخله رغم اعتراضات وتوسلات السادن الذي يظل يكرر ويحاول ويقول: (وصل نذرك، وصل نذرك)!!

وهذا يمسك بكراريس وكتيبات: هذا حلال المشاكل، وهذا الدعاء للحسد، وذلك دعاء للخوف و (الجفلة)، وهذا لجلب الرزق، وآخر للدخول على علية القوم... وهكذا حسب الطلب!

وهنا أحدهم قائم يبيع خرقاً، تسمى (ستارة) وهي في حقيقتها سنارة، وعلى مقربة منه رجل يبيع قطعاً من الجص مصبوغة باللون الأزرق ومثقبة بسبعة ثقوب يسمونها (أم سبع عيون) عجباً!

مثقبة وتمنع الأذى وتصد العيون!

نعم لو ذهبت إلى أي مرقد من هذه المراقد لرأيت عجباً من أولئك الذين يضعون على رؤوسهم الطرابيش الحمر والعمائم الخضر ومنها بيض مختلف ألوانها وغرابيب سود، ولهفتهم على تلك النذور والأموال وما يسمونه (بحق الجد) وغالبهم أو جميعهم حليقو اللحى، حتى يسهل عليهم تغيير الجلد عندما يقتضي الأمر ويجد الجد!

أما الميت فلا يدفن إلا بقناطير مقنطرة من المال: فمن التغسيل إلى التكفين إلى التلقين إلى الطواف إلى الصلاة إلى بناء القبر إلى القراءة عليه إلى إقامة العزاء في (المسجد) إلى مجيء (رجل الدين) للقراءة مرة أخرى، كل هذا لا يتم إلا بمقابل دفع مبلغ أو مبالغ من المال في كل خطوة تخطوها، وهكذا دواليك في سلسلة لا تنتهي حلقاتها فبعدها (الأربعين) و (الحول) وما الله به عليم!

ومن الأمور الملفتة للنظر أن معظم المراقد مبنية على مقربة من الطرق، ومنها ما لا يبعد عن الطريق سوى بضعة أمتار، مع أن هذه الطرق لم تكن موجودة من قبل مما يدل على أنها قبور وهمية، القصد منها المتاجرة والربح و إلا كيف توزعت هذا التوزيع؟؟!

هل سمعت أو رأيت مقاماً لجعفر الطيار (ع)؟! و جعفر الطيار لم ير في عمره أرض العراق فمن الحجاز إلى الحبشة إلى الحجاز مرة أخرى بعد خيبر إلى الشام ليقتل شهيداً في معركة مؤتة!

أو مرقد الإمام الباقر (ع) والباقر مات في المدينة المنورة ودفن فيها!

أو مرقد للنبي شعيب (ع) ولا أدري ما الذي أتى به من مدين في الشام ليموت في الديوانية في العراق.

وأعجب منه مرقد (النبي مدين) وهل (مدين) نبي أم قبيلة بعث فيها شعيب (ع).

وهاك أغرب: مرقدا للملك (مالك) خازن النار!!

ملاحظة: توجد فروع متعددة لهذه المراقد والمقامات!

هل تجد نفسك بحاجة إلى الصراخ أو الاعتراض؟!

لا بأس! ولا أتوقع غير ذلك منك ومن الكثيرين من أبناء جلدتي وأحبتي! أما قلت لك: إن الورم الكبير، يحتاج إلى عملية جراحية كبرى! أريد أن أجريها لك أمام عينيك من دون تخدير –كما فعلوا معك- لأني في حاجة إلى عقلك وصحوك،وهم لا يريدونك إلا مخدراً لا تعي من الأمر شيئاً، فلا غرابة من انزعاج المريض إذا رأى مبضع الجراح!

ولكن أعلم أن الصراخ لا يليق بالكبار، وأن الجراح وإن كان يقوم ببتر عضو تالف من أعضائك، إلا أنه لا يستحق منك إلا الحب والإكبار!

لقد تحولت زيارة المراقد إلى ما يشبه حج المشركين في الجاهلية، وطوافهم بالكعبة عراة!

نعم قد لا ترى امرأة عارية أو رجلاً كذلك إلا أن هناك عرياً أشد! وإذا جاء من مآثر الجاهلية أن إسافاً ونائلة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين، فإن إسافا ونائلة ما زالا يطوفان في مراقد الأولياء، وما زالا يمسخان، لكن مسخا لا تدركه العيون، وإنما القلوب التي في الصدور!!

ماذا تقول المصادر؟

وجدت في المصادر روايات لا تحصى في فضل زيارة المراقد، حتى تصل إلى تفضيلها على حج بيت الله تعالى وزيارة المسجد النبوي الشريف!

اقرأ هذه الرواية –ومثلها كثير- في كتاب (الكافي) للكليني: عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: [[إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين (ع) يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه، كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها -ولا أعلمه إلا قال: وغزوة-]].([1]).

وتفضيل كربلاء على الكعبة المعظمة مشهور كشهرة البيت الذي يقول:


ومن حديث كربلاء والكعبة****لكربلاء بان علو الرتبة


وحديث كربلاء والكعبة هو الحديث الشنيع، الذي صنعوه على لسان أبي عبد الله (ع) والذي جاء فيه: [[إن الله أوحى إلى الكعبة لولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من تضمنته أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي افتخرت، فقري واستقري وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء و إلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم]].([2]).

إن هذه العقيدة الباطلة تواطأ عليها أغلب الفقهاء، ويصرحون بها دون حذر أو نكير من أحد.

سئل أحدهم: لماذا الإمام علي (ع) أفضل من الكعبة؟

فأجاب: (بسمه تعالى: أوضح الأمثلة الموضحة لذلك: وردت رواية بتفضيل كربلاء على البيت الحرام. ونحن نعلم أن علي (ع) خير من الحسين (ع) كما نطقت به الروايات أيضاً، فيكون قبره خيراً من قبره، فيكون أفضل من الكعبة أيضاً)!!([3]).

وسيأتي مزيد بيان في موضوع (الحج).

إن هذا كله يخالف صراحة تراث أهل البيت (ع)، إذ لم يكونوا مجوساً أو زنادقة بل مسلمين مهتدين.

وتأمل المسائل التالية:

مسألة الصلاة في مسجد النبي (ص) تعادل عشرة آلاف صلاة([4]).

مسألة (562) تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة (ع) بل قيل: أنها أفضل من المساجد.([5]).

وقد ورد أن الصلاة عند علي (ع) بمائتي ألف صلاة.([6]).

أي: أفضل من الصلاة عند النبي (ص) بعشرين مرة!!.

تناقض عجيب

لقد وصف الله جل وعلا كتابه بقوله: ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً)) [الزمر:23] و لو لم يكن هذا الكتاب حقاً لكان متناقضاً ولم يكن متشابهاً يصدق بعضه بعضاً ويشابهه، ويقول تعالى: ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)) [النساء:82] فحيث وجدت التناقض وجدت الباطل.

لكنني نظرت في المصادر المنسوبة إلى أهل البيت فوجدت عجباً!! إذ لم أجد مسألة واحدة قط إلا وبجانبها واحدة أخرى تناقضها، بحيث صارت هذه المصادر ميداناً فسيحاً، يجري فيه من هب ودب من الصِّدِيق إلى الزنديق يأخذ ما يشاء ويدع ما يشاء! ومع أن الإمام الصادق (ع) عندما كثر الكذب عليه قال ليضع حداً فاصلاً بين ما هو حق وما هو باطل: [[ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فدعوه]].([7]).

إلا أن الواقع يخالف هذه القاعدة الذهبية، إذ الاختيار في أغلب المسائل المتناقضة لاسيما في أصول الدين ومهماته يقع على ما خالف كتاب الله!!

اقرأ هذه الرواية عن الإمام الباقر (ع): [[ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها –ثم أومأ إلى الكعبة- ولا أكرم على الله عز وجل منها، لها حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السموات والأرض]].([8]).

وهي مثال على تناقض المسائل، وعلى أن المعمول به خلاف الكتاب! ومثلها كثير لكنه مطمور.

ماذا نحتاج؟

نحتاج إلى ثلة من العلماء الشجعان، يسندهم جمهور متعطش إلى الحق، يقومون بتصفية المصادر ونخلها من الروايات المرذولة، والأحاديث المخبولة، وهو أمر ليس بالمستحيل إذا التزمنا كتاب الله تعالى وجعلناه مرجعنا في كل شيء، كما أمر الإمام الصادق وهو يعاني نفس ما نعانيه قبل أن يتسرب إلى الكتب.

أما إنه يكفي في الحكم على هذه الروايات النظر في متونها، فكل متن يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول، فاعلم أنه باطل موضوع.

خطاب إلى الأجيال الجديدة

إني أصرخ فيكم وأستنهض هممكم؛ من أجل أن تعودوا إلى القرآن، ثم تقارنوا به ما هو موجود في الكتب والمصادر، فما وافقه فأثبتوه وما خالفه فدعوه.

إن دينكم الذي أنتم عليه اليوم معاكس -في غالبه- بذلك وأن الذين أسلمتم إليهم قيادكم ووثقتم بهم بين غاش لكم وساكت عن الحق يخاف على نفسه!.

وهناك فريق ثالث قليل جداً -وأراه يكثر- يقول الحقيقة لكن أقواله تذهب سدى وسط الضجيج والتشويه وحملات التحذير والدعايات المضللة، وقد يدفع حياته ثمناً لذلك!!

أسلوب الإسقاط

إنه من أخطر الأساليب في تضييع الحق والتشويش على الحقيقة، لكنه -ومع الأسف والأسى- معتمد ومطبق وشائع، حتى صار الخنجر المسموم الذي لا يخيب ظن صاحبه في اغتيال كل صوت معارض، كي لا يصل إلى الجماهير المنكوبة التي تعيش وسط سحب كثيفة من غبار التشكيك ودخان التشويه!

إنها لعبة قديمة قدم الباطل وأهله، وجديدة لأنها متكررة، ولطالما نجحت هذه اللعبة الماكرة في صد الناس عن معرفة الحقيقة، وإن كانت خاسرة في ميزان الحق والأسلوب العلمي الصحيح.

إنها تجسد المعنى الآتي بكل حذافيره:

ما دام الحق يأتي على لسان زيد فأنا لا أتبعه!

وما دام عمرو هو الذي يقول فقوله هو الحق!!

بهذا استطاع الماكرون أن يجعلوا من ملايين البشر قطعاناً كقطعان الماشية يوجهونها كيف وأنى يشاؤون! ولم لا؟ أليست الجبة كجبة عمرو والعصا كعصاه. إذن فما أحلى النعيق!.

(إن الحق لا يعرف بالرجال؛ اعرف الحق تعرف أهله).

هذه هي القاعدة العلمية الرصينة التي أرسى دعائمها الإمام علي (ع).

إذن عليّ أن استمع إلى الكلام أولاً، ثم بعد ذلك أقرر إن كان صاحبه محقاً أم لا وليس العكس.

أليست (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها)؟!

أما: هذا الكتاب لا تقرؤوه لأن صاحبه عميل للمخابرات الفلانية، وذلك مزقوه لأن مؤلفه يعمل في الدائرة الفلانية، وهذا الخطيب اتركوه، وذاك اقتلوه، والآخر فسقوه أو كفروه لا لشيء إلا لأنه جاء بغير المألوف، فهو حقاً استهانة بعقول الناس ومصادرة لها، وإرهاب فكري، وإكراه مخالف للدين، وتهريج لا يليق إلا بالمتاجرين!

إن أساليب الإسقاط وصلت إلى حد أن يقال: فلان -وهو من العلماء!- شاذ أو مأبون وأمه كذا وابنته كذا!

ولكنه مع الأسف الشديد الواقع الذي دمر حياتنا، هب أن المتكلم يهودي أو أمريكي أو من أي جنسية أو ملة هل يكفي ذلك في مصادرة كلامه إذا كان حقاً؟! أين غابت العقول؟!!

وبهذه الطريقة تبخرت كلمات الدكتور موسى الموسوي حفيد المرجع الديني الكبير أبي الحسن الأصفهاني وأمثاله، وضاعت أو كادت وسط الضجيج.

أصغ إليه بسمعك وهو يقول: إن طلب الحاجة من غير الله وإشراك غيره في سلطانه وغير ذلك من الأمور، الغوغائية التي تصدر من الشيعة عند قبور الأئمة والأولياء لها صلة مباشرة بالمعاناة التي نعانيها نحن في هذه الدنيا، وأي معاناة أكثر من أن يطلب الإنسان حاجاته من أناس لا يستطيعون إجابتها، وأي معاناة أكثر من أن يكون دعاؤنا وطلب حوائجنا في غير مظانه، إن مظان استجابة الدعوات، هو التوسل إلى الله حسب أمره وصريح قوله في القرآن المنزل على رسوله: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [غافر:60] ولم يقل: (ادعوا غيري نبياً كان أو إماماً حتى أستجيب لكم أو يستجيب لكم)([9]).

وقال أيضاً: جاء في وسائل الشيعة للإمام المحقق المحدث الحر العاملي الجزء الثاني من المجلد الأول صفحة 869:

أ- عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): [[لا تدع صورة إلا محوتها ولا قبراً إلا سويته]].

ب- عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى (ع) عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ قال: [[لا يصلح البناء عليه]].

جـ- عن أبي عبد الله (ع) قال: [[نهى رسول الله (ص) أن يصلى على قبر أو يقعد عليه]].([10]). انتهى كلام الموسوي.

وأنت ترى أن هذه الروايات قد غلفت منذ دهور، وأخفيت عن أعين الجماهير إلى حد أن الذي يتكلم بمضمونها صار يتهم بأبشع تهمة (الوهابية) مع أنها صادرة من بيت النبوة ومشكاتها!!! وكذلك صار كثير من العارفين يتحاشون التحدث بها، فضاعت الحقيقة، وضاعت الروايات الصحيحة عن الأئمة، وإلا أين نحن من هذه الروايات:

عن الإمام علي بن الحسين (ع) قال: قال رسول الله (ص): {لا تحلفوا إلا بالله ومن حلف بالله فليصدق، ومن حُلف له بالله فليرض. ومن حُلف له بالله فلم يرض فليس من الله عز وجل}([11]).

عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (ع): [[قول الله عز وجل: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)) [الليل:1] و((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى)) [النجم:1] وما أشبه ذلك؟ فقال: إن الله يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به]]([12]).

عن سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال: [[سألته هل يصلح لأحد أن يحلِّف أحدا من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال: لا يصلح لأحد أن يحلِّف أحداً إلا بالله عز وجل]].([13]).

قال في الحاشية: لعله في اليهود المراد به عزير كما قال بعضهم: إنه ابن الله.

هل رسولنا (ص) أو الإمام زين العابدين أو الصادق وهابية؟! يا نهابية!!

ومِن المصلحين أيضاً الذين تعرضوا إلى المضايقة وتشويه السمعة والاتهام بشتى الأوصاف المنفرة من أجل عزله عن الجماهير وعزل الجماهير عنه (علي شريعتي) في إيران، الذي انتهت حياته بالاغتيال لا لشيء إلا لأنه دعا بقوة للتمييز بين تشيعين يسمى أحدهما: (التشيع الصفوي) والآخر بـ(التشيع العلوي).

يصف شريعتي التشيع الصفوي بأنه: تشيع الشرك والجهل والخرافة، وأن ذلك لا يمكن اعتباره نهجاً دينياً أو تياراً دينياً، بل إنه تحريف مقصود قام به السلاطين الصفويون، وكأمثلة على المراسم والمعتقدات التي يصل بعضها إلى حد الشرك بالله يذكر:

تحريف فكرة الشفاعة وعرضها بشكل يشبه الغش في الامتحانات، حيث يسهل بعض القيمين على شئون الدين تمرير بعض الناس للجنة دون أن يستحقوا ذلك، ويبث هؤلاء أفكاراً ملخصها: أن الإنسان مهما عمل من سيئات يمكنه الأمل في الغفران ودخول الجنة، إذا شفع له الأئمة في الأرض –أي: رجال الدين- والمعلوم أن ذلك يتطلب دفع بعض المبالغ والنذور، ويقول: أن بعض مراسم الاحترام للقبور والأضرحة المذهبة تشبه مراسم العبادة، وإنما يقصد منها إخافة الناس وإذلالهم، وإعطاء هيبة مبالغ فيها لرجال الدين، والقيمين على أمر هذه المؤسسات، هكذا يصبح تراث الأئمة وقبورهم وسيلة لتكوين فئة فوقية مسيطرة على الجماهير بقوة الدين، هذه الفئة تستخدم كل تلك الهيبة الدينية لفرض ما تعتقده حلالاً وحراماً، ولإرهاب كل صاحب فكر ولاحتكار التفكير أصلاً.

ويعتبر هؤلاء القائمين على شئون الدين المدعين تمثيل الله رجال دين صفويين لا علاقة لهم بالتشيع العلوي، ويقول:-وكله أمل بالمستقبل- إنني واثق بأن إسلام الغد لن يكون إسلام رجال الدين، وإن إسلامنا بدون رجال الدين هؤلاء سيرجع أصيلاً سليماً([14]).

ويذكر شريعتي نقاشات له مع بعض رجال الدين، حول النذور والشفاعة وزيارة أضرحة الأئمة، وكذلك حول مظاهر أخرى تدخل في باب الشرك، وتقدم طرحاً خرافياً وكاريكاتورياً للإسلام يقول: بأن هؤلاء يعترفون ببطلان هذه المراسم ويوافقونك على كل ما تقول ثم يقولون: ولكن!!

ويضيف شريعتي: أن الـ (لكن) هذه لا تعبر عن العجز، بل تعبر عن عدم رغبة هؤلاء في تحطيم قوالب معيقة ومتخلفة هم ليسوا مؤمنين بها، لماذا؟ لأن مصلحتهم كفئة، كطبقة مهيمنة على المجتمع، تقضي بالإبقاء على هذه المراسم.

إن رجال الدين عندما يتحولون إلى طبقة وفئة خاصة منظمة، ومسلحة بأدوات تأثير قوية في الجماهير، فإنهم يتحولون إلى مؤسسة رجعية قمعية تفقد صلتها بمبادئ الرسالة السماوية وأهدافها، ويصبح همها هو الحفاظ على مصالح الطبقة وهيمنتها.

إن عددا من علماء الإسلام أنكروا هذه الخرافة وعارضوها أو أظهروا التقية تجاهها، ولكنهم في معظمهم لا يتجرؤون على المواجهة الصريحة والدحض الصريح.([15]).

وهكذا.....

وهكذا –والقلب ينزف أسى ولوعة- حول هذا الأصل العظيم أصل الدين كله التوحيد إلى هذه الصورة الممسوخة، من الطقوس الشركية الباطلة القائمة كلها على المال والجنس والمتاع الدنيوي بعيداً عن الدين الصحيح وسنة الرسول (ص) وتراث الأئمة (ع)!
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) فروع الكافي للكليني 4/580.
([2]) بحار الأنوار للمجلسي 101/107.
([3]) المسألة 9 من كراسة المسائل الدينية و أجوبتها للمرجع الديني الأعلى السيد محمد صادق الصدر 2/5.
([4]) منهاج الصالحين للخوئي 1/147.
([5]) منهاج الصالحين للخوئي 1/147.
([6]) منهاج الصالحين للخوئي 1/147.
([7]) أصول الكافي للكليني 1/69.
([8]) فروع الكافي للكليني 4/240.
([9]) يا شيعة العالم استيقظوا للدكتور موسى الموسوي ص55.
([10]) يا شيعة العالم استيقظوا للدكتور موسى الموسوي ص56 الحاشية.
([11]) فروع الكافي للكليني 7/438.
([12]) المرجع السابق 7/449.
([13]) المرجع السابق 7/451.
([14]) هكذا تكلم شريعتي لفاضل رسول 63-65.
([15]) المرجع السابق مقتطفات من الصفحات 63-64-65.

مصطفى احمد
11-03-2006, 03:33 PM
اعتذر أخي العزيز على تشويه موضوعك ، واتمنى ان نتناقش في هذا الموضوع حول شخصية محب الدين عباس الكاظمي .وبما سطرت اناملة .
ويكفي اسم كتابة [size=18:5a2cf2fcfa][color=blue:5a2cf2fcfa]سياحة في عالم التشيع[/color:5a2cf2fcfa] [/size:5a2cf2fcfa]

حكم
11-04-2006, 06:20 AM
[b:b66eb63764][align=center:b66eb63764]الفصل الثاني/ الصلاة عمود الدين [/align:b66eb63764][/b:b66eb63764]


الصلاة أعظم أركان الدين بعد ركن التوحيد من أقامها أقام الدين ومن هدمها هدم الدين، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح العمل كله، وإن فسدت فسد العمل كله، فانظر كيف عمل بها معول الحذف والتضييق:

أوقاتها

اختصرت من خمسة إلى ثلاثة، وتبعاً لذلك فلا يؤذن لها ولا تؤدى في غير هذه الأوقات.

ولست في صدد النقاش فيما إذا كانت ثلاثة أو خمسة، وإنما أريد أن أبين أن المؤشر في مسائل العبادات يميل نحو التضييق، بينما هو يتجه إلى التوسيع في مسائل المنافع المادية والمتع الجنسية أو الجسدية، أما الاستدلال فليس صعباً على من أراد اتباع المتشابه؛ لأن حكمة الله اقتضت وجود المتشابه ليهلك عنده الزائغون بإعراضهم عن المحكم كما قال جل وعلا: ((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ)) [آل عمران:7].

الوضوء

حذفت منه الرجلان كلاهما، والرأس يكفي فيه مقدار إصبع أو إصبعين، ولا يجوز تكرار المسح أكثر من مرة واحدة!

صلاة الجمعة

حذفت وعطلت كلياً منذ القرن الخامس الهجري، وإذا أصدر فقيه فتوى بإقامتها فلا يقيمها إلا مقلدوه، فإن مات أو قتل انقلبوا إلى فتوى فقيه آخر قد يفتي باستحبابها أو بطلانها بعد أن كان سلفه يقول بوجوبها، والكل يدعي أن الدليل معه وأنه جعفري المذهب!!

وهكذا صار أمر الله متوقفاً على توقيع بشر مخلوق قد يجيزه وقد يمنعه.

فالله سبحانه محتاج إلى الفقيه والفقيه غير محتاج إليه! فإذا قال الفقيه شيئاً ينفذ، وإن كان في خلاف قول الله فهو مطلق من كل قيد، أما قول الله وأمره فلا ينفذ إلا بموافقة الفقيه، وهذا بالضبط ما بينه الله عن أهل الكتاب بقوله: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [التوبة:31].

وهو الذي جعل أهل النار ((يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ)) [الأحزاب:66]* ((وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ)) [الأحزاب:67].

صلاة الجماعة

محذوفة أو مهملة لا يهتم بها إلا قليلاً، أو على سبيل الاستحباب وتجد لإقامتها شروطاً صعبة أو تعجيزية، مثل وجود (الغائب) أو نائبه، أو من تتوفر فيه شروط العدالة و السلامة من كل عيب أو نقص بالنسبة للمصلي، وإذا أقيمت أحياناً فبلا نظام أو تسوية صفوف!

صلاة العيد

حذفت كذلك أو أهملت، واستبدلت بها زيارة المقابر، إذ يهرع إليها الناس منذ منتصف الليل وبأعداد غفيرة يسابقون الفجر أو الشمس وإلا فإن ميتهم لن يراهم!

وعطلت بذلك شعيرة عظيمة من شعائر الدين.

أما العيد فهو عند السادن بعيدين، والسر لا يخفى على ذي عينين بل ولا ذي عين!

وأراني لست بحاجة إلى الكلام أو التدقيق عما يحدث هناك بين الجنسين على وجه التحقيق!

إن اللسان ليقف والفم ليجف... ويضيق.

وتأمل كيف تنسب إلى الإمام الصادق (ع) هذه التهمة:

عن أبي عبد الله (ع) قال: [[أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفاً بحقه في غير يوم عيد، كتب له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات، وعشرين حجة وعمرة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عيد كتب له مائة حجة وعمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل!!]]([1]).

فما الحاجة إلى صلاة العيد إذن!!

قيام رمضان

معطل بالكلية في المساجد وغيرها، ما عدا ليلة الثالث والعشرين والتي توافق ليلة القدر، أما باقي أيام الشهر فتقام ليالي رمضان بتلاوة (المقتل) والنياحة!!

النوافل

محذوفة من المنهاج العملي وإن كانت موجودة نظرياً؛ لأن جمع الصلوات جعل الأكثرية الساحقة تستثقل أداءها.

القراءة

لا يقرأ في الصلاة مع سورة الفاتحة إلا بعض قصار السور، إما الإخلاص أو القدر أو النصر مع أن الله يقول: ((فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ)) [المزمل:20]. وهذا كله على قصره محذوف من الركعتين الأخيرتين إذ تستبدل به عدة تسبيحات.

صلاة الميت

ليست أكثر من وسيلة لجمع المال، خالية من الخشوع ولا يهتم بها أو يحرص على تكثير العدد فيها، وترى الأكثرية لا تعرف أداءها وكأنها سر لا يعرفه إلا السادن صاحب الحظ السعيد؛ فما حاجته إلى تعليم الناس وصداع الرأس، ولذلك لا تؤدى في المساجد وإنما في المراقد.

تعويض الصلاة بالمال

لا بأس أن يموت الإنسان تاركاً للصلاة، إذ يمكن إجراء حساب سريع للأيام والسنين المتروكة أو المبروكة فيعطى (للسيد) مقابلها مبلغ من المال، على أمل أن يقوم هو بأدائها عنه! و(السيد) لو جاءه في كل يوم عشرة يطلبون منه الصلاة بدل أمواتهم لوافق دون تردد!! وأنت ما الذي يغيظك؟ دع الناس يترزقون!

هذه هي قيمة الصلاة أعظم شعائر الدين على الإطلاق، فما بالك بما هو دونها؟!!

الحسينيات

هي: أماكن لإقامة التعازي والنياحة على الموتى واللطم في بعض المواسم، وما يتبع ذلك من الأطعمة والأشربة والدخان! دون مراعاة لهيبة الحسين (ع)، خصوصاً فقد نصبت فيها الكراسي ووضعت (القنف)([2]) كأنها أماكن استراحة تقضى فيها الأوقات، وتتبادل أحاديث السمر ويتناول الطعام والشراب ويحرق الدخان، وتدخل بعضها فتشعر كأنك في مقهى!

المساجد

لا جمعة ولا جماعة فيها على الأغلب، والأذان لا يرفع منها إلا ثلاث مرات فقط.

وهكذا أمست المساجد مجرد هياكل معطلة عن المقصد الذي من أجله أمر الله أن تبنى وأذن أن ترفع!

قارن ذلك بالتوسع في بناء المزارات والمراقد والمقامات توسعاً مذهلاً، بحيث لا يخلو مكان أو تجمع سكاني –ولو في قرية صغيرة منعزلة-من مزار لما وجدوا من منافع مادية وغيرها.

أما المساجد فتكاد تختفي وتتوارى من حياة هؤلاء المساكين، الذين لا يعرفون من أمور دينهم غير طقوس الزيارة وأدائها في تلك القباب والأبنية التي ضاهوا بها بيوت الله، واهتموا بها فزينوها ورفعوها ووسعوها وتوسعوا في بنائها وأعدادها أكثر من المساجد التي أمر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله (ص)، وهكذا وكنتيجة واقعية مشاهدة لا يمكن لأحد أن يكابر في إنكارها عطلنا المساجد، وعمرنا بدلها المراقد والمشاهد. ومن الملفت للنظر أنك إذا اقتربت من أي مدينة فإنك أول ما تشاهد منارات المراقد وقببها لا منارات المساجد!

إن المرقد مهما عظمت منزلة صاحبه لا يمكن أن يكون أعظم من بيت الله.

إن راية الجندي لا ينبغي لها أن تكون أرفع من راية الأمير ولله المثل الأعلى.

الذكر وقراءة القرآن

من الملاحظ أن الاهتمام بالقرآن ضعيف جداً، ولا يقرأ في الصلاة وحفظه معدوم، إذ لا يعرف أن عالماً أو فقيها فضلاً عن إنسان من عامة الناس يحفظ القرآن، وهذه قضية تستحق النظر!!

ولا يدرس للصغار ولا للكبار لا في الحسينيات ولا في الحوزات ولا يهتم بمعرفة قواعد تلاوته ولا تعرف حسينياتنا قط شيئاً اسمه (دورة تحفيظ القرآن).

وإنما يقرأ لكسب المال! عن طريق قراءته على الأموات وعند القبور وفي (الفواتح) مقابل أخذ أجرة معينة مع أن الله جل وعلا خاطب أهل الكتاب بقوله: ((وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً)) [البقرة:41] وأخبر أن أنبياءه (ع) يقولون: ((وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)) [الشعراء:109].

ذهبت مرة في تشييع جنازة إلى كربلاء، وصلت متأخراً فوجدت عند شفير القبر رجلاً يقرأ سورة (يس)، قلت: ألا تلتفت إلى ما يقول الله فيها: ((اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ)) [يس:21] وإلى قوله: ((إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)) [يس:69]* ((لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً)) [يس:70] فأنت تنذر الأموات وتسأل الأحياء!! فما تكرم عليّ بغير نظرة من طرف حاجبه، ثم قام ليواصل نضاله الدؤوب مع مساكين آخرين بعد أن نقده بعض من مساكيننا وفقرائنا مبلغاً من المال.

وحدثني صديق لي قال: كنت في زيارة لأحد أقربائي، وذلك في يوم جمعة، فوجدت رجلاً على حافة قبر يقرأ على ميت -لما يدفن بعد- سورة (الجمعة) فضحكت و قلت له: إن صلاة الجمعة مرفوعة عن الأموات!!

يقول صديقي: يظهر أن هذا (القارئ) انتهى من دعوة الأحياء فجاء ليدعو الأموات فسبق بدعوته الأولين والآخرين؛ لأنه دعا الأحياء والأموات جميعاً!!.

ونظرت فقلت: حقاً إن قوله تعالى: ((إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ)) [فاطر:14].

وقوله: ((وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)) [الأنفال:23] ينطبق عليهما كليهما، والعجيب أن الأحياء لا يصلون الجمعة وبقرار شرعي!! لقد صرفوا الناس عن القرآن وفهمه بحجج وأباطيل شتى، منها أنه صعب الفهم فإن قرأته فللبركة، ونسوا قوله تعالى عن القرآن: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) [ص:29] فجمع بين البركة والتدبر.

ومنها القول بأنه ناقص أو محرف والقرآن الصحيح عند المهدي، كما يروي الكليني عن أبي عبد الله (ع) قال: [[إن القرآن الذي جاء به جبرائيل (ع) إلى محمد (ص) سبعة عشر ألف آية]].([3]). أتعرف أخي! معنى هذا الكلام: إن القرآن الذي بين أيدينا لا يتجاوز الستة آلاف وستمائة وستين آية فقط، فأين ذهبت قرابة الأحد عشر ألف آية؟!

ويروي رواية عن سبب اختفائه أن الإمام علياً (ع) غضب على الصحابة؛ لأنهم لم يقبلوه منه فأخفاه عنهم ولم يسلمه إلا إلى أولاده، فظلوا يتوارثونه وحدهم إلى أن وصل إلى المهدي ولن يظهر للناس إلا بظهوره!!.([4]).

ومن الأمثلة على وقوع التحريف كما جاء في كتاب الكافي ما يرويه عن أبي عبد الله (ع): قرأ رجل عنده قوله تعالى: ((وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)) [التوبة:105]، فقال: [[ليس هكذا، إنما هي: (والمأمونون) فنحن المأمونون]].([5]).

وغيرها كثير كتحريفه لقوله تعالى: ((وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ)) [التكوير:8]* ((بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)) [التكوير:9]، إذ يقول: إنها ((وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ)) أي: مودة أهل البيت بأي ذنب قتلوا، وينسب هذا الهراء إلى الإمام الصادق (ع)!!([6]).

وهكذا ضعفت ثقة الناس بهذا الكتاب العزيز علماء وعامة، فانصرفوا عنه وعن حفظه وتدبره إلى أمور أخرى، مثل كتب الأدعية والزيارات، وكتيبات يعتقدون أنها تشفي من المرض وتمنع من العين وتدفع الحسد وتطرد الشر وتحفظ من السوء، وهي في الوقت نفسه وسيلة لا بأس بها لكسب المال من الجهل، إن ولي الأمر إذا كان فاسد النية طامعاً في مال يتيمه لا يريد له أن يبلغ رشده خوفاً من الحرمان!

والأمة إنما تبلغ رشدها بالقرآن فهماً وتدبراً ومرجعاً، لذلك عمل كثير من رجال الدين الطامعين أو ذوي المقاصد البعيدة على عزل جماهير الأمة عن قرآنها، لتبقى دائما وأبداً في مرحلة الطفولة الفكرية تحلم كل ليلة برجوع والدها(الغائب) منذ دهور!

دروس الوعظ

سواء كانت في المساجد أم خارجها (كالفواتح) ومجالس العزاء كلها قائمة على النياحة أو اللطم بدءاً وختاماً، و(القارئ) لا يمكن أن يقرأ حسبة لله من دون مقابل، هذا إذا لم يكن الثمن قد حسم من البداية، حتى في رمضان وفيها تقدم أفخر الأطعمة وألذ الأشربة حتى الفتاوى بثمن!ناهيك عن عقود الزواج والطلاق.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) فروع الكافي 4/580 –581 باب فضل زيارة الحسين (ع).
([2]) جمع قنفة أي: الكرسي الكبير بالتركية.
([3]) أصول الكافي 2/634 باب النوادر.
([4]) كتاب سليم بن قيس ص361، روايه42، مطبعة الهادي 1420 هـ.
([5]) أصول الكافي 1/424، بحار الأنوار باب 20، عرض الأعمال عليهم (ع).
([6]) أصول الكافي 1/295 باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين وبحار الأنوار آخر باب تأويل قوله تعالى ((وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ)) 23/254. وبحار الأنوار باب 44 حقيقة الرؤيا 61/186.

حكم
11-04-2006, 02:54 PM
[b:0b00fca81b][align=center:0b00fca81b]الفصل الثالث/ صوم رمضان وحج البيت [/align:0b00fca81b][/b:0b00fca81b]


[b:0b00fca81b][align=center:0b00fca81b]صيام رمضان[/align:0b00fca81b][/b:0b00fca81b]

صار التلاعب بالصيام والاستهانة بأمره عجباً!!

لقد أخضع للمآرب والمقاصد السياسية دون مراعاة لوجود رب عظيم، أو استشعار لمسئولية ملايين المسلمين الذين يفطرون أول الشهر، فلا بد لهم من صيام يوم من أيام العيد أو حتى يومين!! فالهلال لا يهل من جهة المغرب –كما هو المعروف والمعتاد- وإنما ينتظر خروجه من جهة (المشرق)، وهؤلاء أهل المشرق -هداهم الله- يتعمدون مخالفة مسلمي الأرض جميعاً وكل عام، فلا يصومون بصومهم ولا يفطرون معهم، لا لشيء إلا لعزل جمهور الشيعة عن بقية إخوانهم عزلاً تاماً في العقائد والشرائع والشعائر والمشاعر.

كم مرة رأينا المسلمين يصومون والهلال أمسى يراه حتى ضعاف العيون، وأولئك كأنهم عمي لا يبصرون، وكذلك وهم يفطرون ويعيدون!!

وهكذا.. وعلى مر الأيام وتعاقب الدهور مع تراكم القلق والشك في اللاشعور، صار عوامنا مطبوعين على نفسية مفعمة بالشك وعدم الاطمئنان إلى شيء، لذلك تراهم يسبقون رمضان بعدة أيام حتى يضمنوا عدم فوات شيء منه حتى صار ذلك عادة اشتقوا لها اسماً هو (التسبيق)، وهذا دليل على أن هؤلاء المساكين في أعماق شعورهم غير واثقين ولا مقتنعين بتوقيت أحد وإن كانوا يدافعون عنه عناداً وجدلاً.

إنه حل وسط؛ كي لا ينقطع الخيط بين عدم اقتناعهم أو ثقتهم وبين ما ينبغي أن يكونوا عليه من الثقة والاقتناع!! لكنه الانشطار بين الاعتقاد والعمل، النظرية و التطبيق الذي مهد الطريق لتبلور نفسية معقدة ترى الحق وتجحده رغم وضوح الدليل!!

وإلا فأي دليل أصرح وأوضح من هلال يرى بالعين العادية المجردة؟!

حدثني قريب لي أنه نزل إلى السوق في ثاني أو ثالث يوم من أيام عيد الفطر فمر على محل صديق له -كانت الشمس ساعتها تزحف نحو المغيب- يقول: فوجدت صاحبي لا يزال صائماً فقلت له: ألا ترى الهلال؟!!

-وأشرت إليه- كان الهلال في تلك اللحظة يرتسم كالسيف في صفحة السماء، ورغم أن الشمس لا زالت ترسل آخر أشعتها! لكن صاحبي رفض وبشدة أن ينظر إلى حيث أشير رغم إلحاحي ومحاولاتي المتكررة، ولا أدري لماذا أغلق دكانه وذهب بعدها إلى داره مسرعاً!!

وهكذا والمأساة تتكرر كل عام، فاستهان الناس بهذا الركن العظيم وشعيرتين عظيمتين، هما الإهلال بالصيام أول رمضان وإفطار أول شوال!!

أعذار مفضوحة

وتساهل الأصحاب في أعذار الإفطار، إذ أوجبوا الإفطار في السفر ولأدنى مسافة!! ويحتالون لذلك بحيل لا تخلو من طرافة، مثل أن يذهب طالب أيام الامتحانات ليستفتي فيفتى بأن يسافر في كل يوم سفراً قصيراً إلى منطقة قريبة فتحسب له المسافة ذهاباً وإياباً، ومنها وجوب الإفطار بمجرد عبور أي نهر.

ويجب الإفطار على من أدرك الفجر وهو جنب لم يغتسل، والمصيبة أنهم لا يؤكدون على قضائه.

وللجنس نصيب

وللجنس نصيب في فتاوى رمضان: اقرأ هذه الفتوى:

(لا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ فدخل في أحد الفرجين من دون قصد.

ولو قصد الجماع وشك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة، بطل صومه ولكن لم تجب الكفارة عليه)!([1]).

ما هو شعورك وأنت تقرأ هذا الكلام؟! وهل بقي بعده من حرمة أو هيبة لشهر الصيام؟!

اقرأ هذه الفتوى:

(من المفطرات تعمد الجماع الموجب للجنابة، ولا يبطل الصوم به إذا لم يكن عن عمد).([2]).

إن المصيبة في هذه الفتوى ليست فقط في تدريب القارئ على أن تستسهل نفسه إتيان مثل هذه الأمور، وإنما في قصرها الإفطار على ما أوجب الجنابة، إن اللواطة بالذكر ليست من المفطرات إلا على سبيل الاحتياط؛ لأن الحكم بجنابة من أتى الذكر إنما هي على الأحوط لا على اليقين!

واعلم أن من الجماع ما يوجب الجنابة ومنه ما لا يوجبها!!وصدق أو لا تصدق!!

الملايات (والمُلايين)

ورمضان -بعد ذلك- موسم تكثر فيه (الملايات)، من أجل اللطم والنياحة ويسمى بـ(القراية).

والملالي كذلك يكثرون، يقرؤون (المقتل) ويتظاهرون بالبكاء والشهيق، ولا تسل عن العلاقة بين رمضان وهذه الطقوس، فذلك لا يعلمه إلا الراسخون في العلم! إنها وسائل ممتازة ومربحة لكسب المال وإصلاح الحال، أليس رمضان هو شهر الخير والبركة؟!

فعطل القرآن في شهر القرآن، وأزيح هذا العائق من الطريق ووضع مكانه النياحة والبكاء، وصار رمضان موسماً لجمع المال وفرصة للاختلاط والاختباط!.

هل هذا ما تركنا عليه أهل البيت (ع)؟!

حاشا لله!! بل علموا وبلغوا ولكن نحن الذين خالفنا وعصينا!! فعن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل: [[((وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)) [الممتحنة:12] قال: المعروف أن لا يشققن جيباً، ولا يلطمن خداً، ولا يدعون ويلاً، ولا يتخلفن عند قبر، ولا يسودن ثوباً، ولا ينشرن شعراً]]).([3]).

وعن أبي جعفر (ع) قال: {تدرون ما قوله تعالى: ((وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)) [الممتحنة:12]؟ إن رسول الله (ص) قال لفاطمة (ع): إذا أنا مت فلا تخمشي عليّ وجهاً، ولا تنشري عليّ شعراً، ولا تنادي بالويل ولا تقيمي عليّ نائحة، قال: ثم قال: هذا المعروف الذي قال الله عز وجل}.([4]).

وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله (ع) عن النبي (ص) قال: {لا تلطمن خداً، ولا تخمشن وجهاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تشققن جيباً، ولا تسوّدن ثوباً، ولا تدعين بويل}.([5]).

الحج إلى بيت الله

لا أظن عاقلاً يطلع على ما اطلعت عليه من الروايات والفتاوى التي صنعت ووضعت للتقليل من شأنه والاستهانة به إلا ويصيبه الذهول ويأخذ برأسه الدوار!! وينسب كل هذا إلى (الأئمة) أو مذهبهم!! ولا زلنا نقرأ فتاوى ونسمع (بلاوي) تقول:

إن قبر الحسين (ع) أو ضريح علي (ع) أفضل من الكعبة!! بل صاروا يفلسفون هذا التفضيل و يضعون له الأقيسة والمخارج والتأويلات.

المسجد النبوي خير وأفضل من المسجد الحرام لماذا؟!

لأن النبي (ص) مدفون فيه، أما المسجد الحرام فليس فيه أحد، وبما أن الحسين (ع) ابن بنت النبي (ص) إذن قبره أفضل من الكعبة، وبما أن الإمام علي (ع) أفضل من الحسين (ع)، إذن ضريحه أفضل فهو أفضل من الكعبة!! ولعن الله إبليس أول من اتبع هذا الأسلوب في التفضيل:

((قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)) [الأعراف:12] فترك النص الصريح: ((اسْجُدُوا لآدَمَ)) [البقرة:34] إلى عقله وقياسه.

ولقد أعلمونا أن القياس لا يصح في الفروع الفقهية، فكيف صححوه في الأمور الاعتقادية؟!

بل إن مسجد الكوفة (المهدم)، وبيت الإمارة المجاور له، والذي صار اليوم كالمتحف الفارغ أفضل كذلك من الكعبة!! نعم!! هو أفضل وأعظم منزلة في قلوب هؤلاء المتقولين؛ لأنه لا فضيلة للكعبة في قلوبهم.

أتدري سبب عداوتهم للكعبة المعظمة المشرفة بتعظيم الله تعالى وتشريفه؟!

آن الأوان للعقول أن تتحرر لتفكر أداء لوظيفتها التي خلقت لأجلها.

إن هذه العقائد ليست من دين الله في شيء، ولا يمكن أن تكون على منهاج أهل البيت (ع).

إنها من صنع أياد خفية أراد أصحابها لمراقد الأئمة الأطهار (ع) أن تكون بدائل يضاهون بها الكعبة ليصرفوا قلوب الناس عنها إلى تلك القباب والمشاهد، وتأمل كيف أنهم في الوقت الذي هونوا فيه من شأن الحج عظموا في مقابله من شأن المزارات تعظيماً شديداً، جعلوا به الناس إليها يحجون وعندها يلبون ويدعون ويبكون، بل يضحون ويستغيثون وما بينها يهرولون ويسعون، وحولها يطوفون وبها يتمسحون وأعتابها يقبلون، وبها يقدمون القرابين ويوفون بالنذر ويذبحون كأنهم في الكعبة المشرفة، ومن أراد أن يدرك معنى كلامي فليذهب إلى كربلاء في يوم عرفة!!

إن أكثرية عوامنا اليوم يعتقدون بأن صحة الحج معلقة بزيارة الأئمة، وإلا فالحج باطل والعكس غير صحيح!!

ويمكن تعويض الحج بمبلغ من المال يدفع إلى أحد الدجالين بدلاً من الذهاب إلى بيت الله رب العالمين!!

وأما ما يحصل عند المراقد من اختلاط النساء بالرجال، وسوء الحال إلى حد ارتكاب الفاحشة رغم -هيبة المكان- فإن الحكايات فيه باتت معروفة معرفة وهي ما ينبغي أن يطوى ولا يحكى!!

هل هذا هو دين أهل البيت؟! أي بيت هذا الذي هذا دينه أو دين أهله؟!!

لقد بات التعلق بالقبور شيئاً عجباً، حتى وهم في البيت الحرام!! وصار الناس يشهدون مهازل ومخارق جلبت علينا العار، مثل اللطم والنياحة على الحسين، بينما الحجاج يؤدون أروع لحظة اتصال بين الأرض والسماء في عرفة.

على أرض عرفة وفي يومها أدعياء أتباع أهل البيت ينوحون ويلطمون!! فماذا يقول الناس عن أهل البيت لو اعتقدوا فعلاً أن هذا ما أوصى به أهل البيت؟!

حدثني ثقة فقال: بينما كنت أطوف بالكعبة إذ رأيت رجلاً –قال: أظنه إيرانياً- يدعو أصحاباً له ويقول: تعالوا بنا نزور الحسين!! فتجمع حوله مجموعة من تلك القطعان الضالة، وحولوا وجوههم باتجاه كربلاء ثم أخذوا يرددون وراءه: السلام عليك يا ابن بنت رسول الله!! ثم شتموا وسبوا من هم في داخل الحرم الشريف!! ثم ختم ذلك الرجل هراءه فقال: هذه زيارة الحسين (ع) وهي تعدل عند الله سبعين حجة!!

يقول محدثي: فأصابني القرف!! هممت بأن أرد عليه، أشتمه، ألعنه أو أسكته بأي وسيلة ستراً عليه وخجلاً من هذه الفضائح، لكنني خفت أن يكون ذلك من الجدال الذي نهينا عنه في الحج فتركته ومضيت!!

مصادر البلاء

يروي الكليني عن أبي جعفر (ع) أنه نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال: [[هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية]]. وفي رواية أخرى: [[فعال كفعال الجاهلية!!]]([6]).

ويروى عن أبي عبد الله (ع) وهو ينكر على رجل جاءه، ولم يزر قبر أمير المؤمنين (ع) فقال: [[بئس ما صنعت!! لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة، ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون]].([7]).

سبحان الله!! الطواف ببيت الله -فعال كفعال الجاهلية- وقبر علي يزوره الله!!

هل تصدق أو هل يعقل أن هذا الكفر يمكن أن يخرج من مشكاة النبوة؟!.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) منهاج الصالحين للخوئي 1/263.
([2]) المسائل المنتخبة للخوئي مسألة 498/168.
([3]) فروع الكافي 5/527.
([4]) المرجع السابق.
([5]) المرجع السابق.
([6]) أصول الكافي 1/392.
([7]) فروع الكافي 4/ 580.

حكم
11-04-2006, 06:38 PM
[align=center:3da3885069][b:3da3885069]الفصل الرابع/ الزكاة والخمس والأموال عموما [/b:3da3885069][/align:3da3885069]


[b:3da3885069][align=center:3da3885069]الزكاة [/align:3da3885069][/b:3da3885069]

لقد عظم الله من شأن الزكاة فكانت الركن الثالث من الأركان التي بني عليها الإسلام، وجاء ذكرها والأمر بها في كثير من الآيات والأحاديث، ومع كل هذا فإنها معطلة لا يهتم بذكرها ولا تذكر إلا نادراً، وعامة الناس لا يعرفون عن أحكامها البسيطة الواضحة شيئاً قليلاً ولا كثيراً لماذا؟

تأملت السبب كثيراً فوجدته في الخمس!

إن الزكاة حق الفقراء عموماً، بينما الخمس جعلوه خاصاً بطبقة معينة هم السادة والفقهاء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن قيمتها بالنسبة إلى قيمة الخمس لا تعد شيئاً يذكر، وتكليف الناس بكليهما معاً صعب جداً وإذن فلا بد من الاختيار، والاختيار وقع على الخمس لأنه أعظم بكثير وخاص، لهذا أهملوا الزكاة وعموا أمرها وتناسوها، وإن كان إذا حصلت فلا بأس.

وهكذا أغلقوا –أو كادوا- باباً واسعاً من أبواب الإحسان العام، وفتحوا بدله باباً آخر يؤدي إلى دهليز التمتع الذاتي الخاص ألا وهو باب الخمس.

لقد قلت في بداية هذا الكتاب: إن التدين الدخيل ملخص في هذه العبارة الجامعة:

(دين في أمر العبادة والإحسان يقوم على التضييق والمشاححة، وفي أمور المال والجنس يقوم على التوسيع والمسامحة).

أما في الأزمنة التي لم يكن الفقهاء يستلمون فيها الخمس كما يستلمون اليوم ولم يكن بابه قد فتح على مصراعيه بعد، كان يذكر ولا يشدد على دفعه ولا دخل للفقيه في استلامه وأخذه إنما يقال: هو حق (الإمام الغائب) يمكن لصاحبه أن لا يخرجه أصلاً فإن أخرجه –وذلك ليس بواجب عليه- فإما أن يدفنه في الأرض أو يوصي به إلى من يثق به لحين ظهور (المهدي)، ولم يكن قد عرف طريقه إلى المكاسب التجارية، ولا عصا الفقهاء قد ساقته إلى غيرها من الموارد كالمساكن والمناكح أيام الفقهاء الكبار، كالمرتضى و المفيد وشيخ الطائفة الطوسي.([1]).

فلم يكن مورداً إلا الزكاة؛ لذلك كانوا يشددون في أمرها، واقرأ هذه الرواية مثالاً على ذلك وشاهداً على القاعدة التي لخصتها في العبارة السابقة:

عن أبي عبد الله (ع) قال: [[كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته، ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها]].([2]). حتى إذا اتسع باب الخمس بل كسر واقتلع من الأساس، ضاق باب الزكاة إذ لم تعد الحاجة إليه ماسة.

الخمس

إن المعنى الذي ذهب إليه علماؤنا للخمس في الحقيقة بدعة لا أصل لها، وإنما وجدوا اسمه –اسمه فقط- في آية واحدة من كتاب الله فتعلقوا به ليوهموا السذج بأن ما استحلوه من أموال الناس تحت ذريعة (الخمس) شيء مذكور في القرآن!

أي إنهم استعاروا اللفظ وأعطوه معنى ومضموناً آخر يختلف تماماً عما عناه الله وأراده في الآية التي تقول: ((وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [الأنفال:41].

ويوم الفرقان هو يوم معركة بدر التي التقى فيها جمع المسلمين بجمع الكافرين، فالخمس هنا هو خمس الغنائم أي الأموال المغنومة من الكفار المحاربين لذلك يقول الإمام الصادق (ع):

[[ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة]]([3]). أما أموال المسالمين من الكفار فلا يحل أخذها بأي حال من الأحوال، فماذا فعل المسلمون أم أي ذنب عظيم اقترفوه تجاه من يسلبونهم خمس أموالهم حتى النعل الذي يلبسونه حتى الخيط والمخيط؟!

إن خزائن أكلة الخمس قد امتلأت بالذهب والمال الحرام الذي صار دولة بينهم لا يصل منه شيء إلى الفقراء والأرامل والمساكين وبقية المحتاجين، بل هؤلاء هم الذين يدفعون فانعكس الأمر إذ صار الفقراء يدفعون، أموالهم إلى الأغنياء وهؤلاء يتمتعون بها، حتى صارت المؤسسات المالية الضخمة في لندن وغيرها تبنى بهذه الأموال التي يتوهم السذج والمغفلون أنها تصرف في مصارفها الشرعية فقط.

ثم هل يعقل أن خمس أموال الأمة -وهم يزيدون اليوم على ألف مليون وفي أغنى بقاع العالم- يصرف لأقلية من الناس لا يزيدون على بضع مئات من المستحقين هم السادة أو الفقهاء وليكونوا بضعة آلاف أو مائة ألف أو حتى مليون.

إن النبي (ص) كان أبعد الناس عن الدنيا وزخارفها وأموالها وكنوزها وقصورها، خاطبه الله بقوله: ((قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) [سبأ:47].

وقوله: ((أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)) [المؤمنون:72].

وقوله: ((وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)) [الحجر:87]* ((لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ)) [الحجر:88].

فعطاء الله الذي اختاره لنبيه (ص) هو السبع المثاني (سورة الفاتحة) والقرآن العظيم لا متاع الدنيا، وهؤلاء الذين يدعون خلافته في الأمة يعيشون في رغد ونعيم نتيجة استحواذهم على أموال الخمس إلا من رحم ربك.

إن نبينا محمداً (ص) لم يرسل في يوم من الأيام أحداً إلى قبيلة من القبائل أو سوق من الأسواق ليجبي له خمس أموالهم، ولا فعل ذلك قط أمير المؤمنين علي (ع).

ولست في مقام الرد على هذه البدعة الظالمة وإبطالها، وإنما أردت أن ألفت العقول المتحررة من خلال النظر إلى الواقع المنحرف إلى الهوة الواسعة بين ما هم عليه من تدين زائف وبين الدين الصحيح الذي كان عليه النبي (ص) وأهل بيته (ع).

ومن صور الانحراف المضحكة المبكية أن هؤلاء المتأكلين بدينهم لما رأوا صعوبة تطبيق أحكام الخمس صاروا يخففون في القضية على رأي المثل: (إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع) كأن يكون مقدار الخمس على أحدهم مليون دينار فيأتي السيد ويقول: ليس عندي إلا خمسون ألفاً فيجيبه لا بأس عليك هاتها ويعيد قائلاً: خمسون. ثم يرجعها إليه ثم يأخذها ثانية ويقول: مائة وهكذا ينتقل المبلغ بينهما إلى أن يصل العد إلى المليون قائلاً: وصلت.

وأحياناً تأخذ صاحبنا الأريحية السيدوية([4]) فيرجع إلى خادمه الجالس عند قدميه باستحياء شيئاً مما أخذ منه فيتناوله شاكراً ممتناً داعياً له بالسلامة وطول العمر!

أين ذهبت العقول؟!

هل تعلم؟

أن آية الخمس نزلت في بيان تقسيم غنائم بدر؟

أن الفقيه لم يرد ذكره من الأصناف المذكورين في الآية؟

أن إدخال الفقيه في الموضوع كان بطريق القياس على (الإمام) والقياس في (الفقه الجعفري) غير معتبر؟

أن (السيد) لا يخمس أمواله ولا يزكيها وكذلك الفقيه.

أن الزكاة على الأغنياء فقط، ومشروطة ببلوغ المال نصاباً معيناً، فمثلا: النقود مشروطة ببلوغها ما يساوي مثقال ذهب، بينما الخمس عام في أموال الأغنياء والفقراء؟

أن الزكاة في أصناف محدودة من المال، فالبيت والسيارة مثلاً لا زكاة عليها، بينما الخمس مطلق في جميع الأموال والأحوال؟

غرائب وعجائب

يجب (الخمس) في كل ما يزيد أو يفضل عن مؤونة السنة، من أرباح وفوائد الصناعات والزراعات والتجارات والإيجارات.

ويجب أداء (الخمس) في الهدية والجائزة والهبة والمال الموصى به.

ويجب كذلك في ما يفضل في البيت، من الأرز والطحين والحنطة والشعير والسكر والشاي والنفط والحطب والفحم والدهن والحلوى وغيره من متاع البيت وحاجياته الصغيرة والكبيرة.

ويجب في الكتب والثياب والفرس وأواني الطعام والشراب الزائدة على الحاجة أو غير المستعملة.

ومن الأموال ما يوجبون تخميسه مرتين، مثل الأموال المحرمة كالمال المسروق والربا، مرة للتحليل ومرة بعد التحليل!.([5]).

كيف يصدق مسلم أن هذا من شرع الله المنزل؟! كيف تحل السرقة ويحل الربا؟!

وهل تعلم؟

أن إعطاء (الخمس) إلى الفقهاء لم يكن على عهد قدماء علماء المذهب، كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي؟.

وأنه تم بفتوى متأخرة جداً لبعض الفقهاء المتأخرين، ودون أي مستند أو نص من (الأئمة) فضلاً عن القرآن أو السنة النبوية؟

وأن الفتاوى القديمة على عهد المفيد و الطوسي والشريف المرتضى، وإلى قرون عديدة من بعدهم مضطربة ومتناقضة:

فمنها ما يسقط وجوب دفعه؛ لأن (الإمام) غائب و (الخمس) حق الإمام، ولوجود نصوص من (الأئمة) صريحة في سقوطه.

ومنها ما يوجب دفنه في الأرض لحين ظهور المهدي.

ومنها ما يوجب الوصية به عند الموت إلى ثقة.

وهو الذي رجحه الشيخ المفيد.

وأما ما رجحه الطوسي فهو تقسيمه إلى نصفين: نصف يعطى لمستحقيه، والنصف الآخر يدفن في الأرض أو يوصى به إلى ثقة.([6]).

وقارن بين ما ورد فيها وما هو موجود في الرسائل العملية المتأخرة لترى العجب والتناقض وتضارب الآراء التي تنسب كلياً إلى الإمام جعفر الصادق (ع)!!

ثلث الأموات

ومن الواردات العجيبة ما يستحب للميت أن يوصي به من إيصال ثلث أمواله إلى المرجع الديني.

أسمعتم بهذا؟!

ولماذا هذه النسبة (الثلث)؟ الله أعلم.

فماذا سيبقى للورثة؟!

ثلث التركة أوصى به، وثلث آخر يذهب تكاليف تغسيل ودفن وبناء قبر ومصاريف أيام العزاء (الفاتحة) و (الحول)، ولاستئجار مصلٍ قضاء عن الميت إذا لم يكن الميت يصلي، ثم يخمس الباقي من الإرث!! وصدق أو لا تصدق!

الصدقات و (حق الجد) وموارد أخرى لا تحصى

لقد أباح الآكلون باسم أهل البيت لأنفسهم أخذ أصناف كثيرة من الأموال تحت مسميات شرعية أو مخترعة، مثل الصدقات والكفارات والذبائح والنذور والحقوق، وكل ما حصل في اليد دون النظر في حله أو حرمته على رأي المثل: (الحلال ما حل في يدك، والحرام ما حرمت منه!).

ويا ليتك تراهم أيام المواسم وخروجهم إلى الناس في مزارعهم وإتيانهم في مساكنهم يجبون أموالهم من الزروع والمواشي والأغنام والحبوب والنقود وكل ما صادفته العين.

لا وجه يعرق ولا عين تنكسر ولا لسان يتلعثم من الاستجداء، بل تجد أحدهم بلا خجل يقول و بكل ثقة وصفاقة: أريد (حق جدي) فانظر حرصهم على ماذا؟ وتأمل لهفتهم على أي شيء؟ لا يهمهم ما وصل إليه الناس في محيطهم من ابتعاد مخيف عن الدين وترد سحيق القرار في الأخلاق والسلوك المتزن مهجور، والعقيدة مشوهة، والصلاة متروكة أو مبتورة، و الأمان مفقود، أما الزنا والفواحش وكل ما حرم الله من الأعمال: السرقة، القتل، والنهب، والسلب، والربا، والغش، والسحر، والشعوذة، والغيبة والنميمة، والتقاطع والتدابر، وعقوق الوالدين، والإساءة إلى الجار، ناهيك عن الكذب والنفاق، وسوء الأخلاق، وفحش الكلام، وتبذل النساء، والتهتك والفساد، فكل هذه الأعمال المحرمة حدث عن إنتشارها ولا حرج، بل تأمل معاناة الناس في عدد من الأمور كالفقر والحاجة التي تتفطر منها الأكباد، وتتقطع لها القلوب حتى تقطعت من جرائها الأواصر وصلة الأرحام، وتدنت الأخلاق حتى افتقدت العفة إلا من رحم الله، كل هذا وهؤلاء ينظرون ويتفرجون على كل هذه المصائب التي حلت بأبناء جلدتهم، وإخوانهم في دينهم، وشركائهم في وطنهم. وسكنهم، وأتباعهم في وجهتهم ومذهبهم، فلا يحزن قلب، ولا تقطر دمعة، ولا يتمعر وجه، ولا يفكر أحدهم في أن يكلف نفسه القيام ولو بجزء قليل من الواجب العظيم والمسئولية الكبرى التي فرضها الله عليه وادعى هو حملها من تعليم الناس أمور دينهم، وأساسيات حياتهم، كتحفيظ آية من القرآن أو أمر بصدقة أو معروف، أو إشاعة لخلق كريم أو فضيلة فقدت، أو فريضة تركت، أو سنة أميتت، أو مكرمة نسيت، أو كرامة انتهكت، أو رحم قطعت، أو حق جحد، أو علم درس، أو دين تبدل، أو دنيا يعيش فيها الكثيرون كالبهائم أو أضل، وحاشا القلة القليلة ممن يرى ويسكت أو ينكر بصوت خفيض، فإن كل الذي يشغلهم ويملأ عليهم فراغهم المال والمتع والحقوق وما إلى ذلك فوا عجبي! كيف انقلبت الأمور واختلت الموازين؟!!

رسول الله (ص) -الذي يتبجحون بالانتساب إليه- أدى حقوق الناس كاملة في دينهم ودنياهم، فما ترك لهم حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا وبذل فيها المستطاع، واستنفد فيها الجهد من نفسه وماله دون أن يمد يده الشريفة إلى درهم واحد من أموالهم جزاء بذله وجهاده ودعوته وإحسانه، ولم يدَّع أن له عليهم حقاً يرثه أحفاده وذريته من بعده، ولم تكن (الحقوق) تجبى إليه ولا (الأخماس) تكدس بين يديه، ولم يدخر ديناراً ولا درهماً! وهؤلاء الأدعياء يحوزون الأموال، ويكنزون الذهب والجواهر، ويؤسسون الشركات، ويعمرون المصارف الأجنبية من أموال المساكين المغفلين دون أن يؤدوا حق درهم واحد منها تجاههم لا في دين ولا دنيا، فالناس من حولهم في جوع وفقر وألم وهم في شبع وغنى وعافية، بل تخمة وترف ونعومة وسرف، وبدلاً من أن يتصدقوا على المحتاجين ويحسنوا إليهم ولو بأداء زكاة ما عندهم من أموال وجواهر وكنوز، يأخذون أموال هؤلاء المساكين دون رحمة، ولا تفريق بين غني وفقير، ولا أرملة أو يتيم!

حدثنا أحد المزارعين –وهو صديق لي- أن أحدهم جاءه في موسم من المواسم يطلب (حق جده)، وبعد أن أدى له مراسيم الطاعة وما له عليه من (حق) في الأموال والزروع والمواشي، نظر فرأى بضع نعجات تعود لأولاد أخته اليتامى الذين سكنوا بجواره مع أمهم الأرملة، فتناول منها خروفاً فقال له المزارع: إن هذه النعاج تعود ليتامى أختي الفقراء المعوزين فأجابه: من كنت خاله فليس بيتيم ثم ساق الخروف ومضى!!

أما النذور التي تنذر لغير الله فحدث ولا حرج، كيف أشاعوها وكيف يحصلون عليها؟

ومع هذا كله فإنهم لا يزكون مطلقاً، وكأن هذا الركن العظيم من أركان الإسلام محذوف من قائمة حسابهم!

الربا

ولهم في استحلاله وأكله فتاوى وحيل مثلاً:

(مسألة 1) لا يجوز الاقتراض من البنك بشرط الفائض والزيادة؛ لأنه ربا محرم وللتخلص من ذلك المأزق عليك بالآتي وهو:

أن يشتري المقترض من صاحب البنك أو وكيله المفوض بضاعة بأكثر من قيمتها 10 % أو 20% على أن يقرضه مبلغاً معيناً من النقد.

أو يبيعه متاعاً بأقل من قيمته السوقية ويشترط عليه في ضمن المعاملة أن يقرضه مبلغاً معيناً لمدة معلومة يتفقان عليها حسب، وعندئذ يجوز الاقتراض ولا ربا فيه.([7]). وهذا -لاشك- ربا لأن البنك لم يقرض المال إلا بشرط أن يشتري المقترض بضاعة بأكثر من قيمتها 10 % أو 20% والزيادة في القيمة التي يضطر المقترض لتحملها ثم دفعها في الربا ولكن بدلاً من أن توضع على القرض نفسه، وضعت على البضاعة، وفي كلتا الحالتين يكون الدفع من جيب المقترض، وكذلك يكون الضرر ولكن بدلاً من أن يكون التسديد من جيبه الأيمن كان من جيبه الأيسر.

وكذلك لو باع للبنك بضاعة بأقل من قيمتها السوقية! نصبوا الشبك يوم السبت وصادوا السمك يوم الأحد!

(مسألة 5) (لا يجوز إيداع المال فيه بعنوان التوفير بشرط الحصول على الربح والفائدة لأنه ربا).

وهذا الكلام سليم، لكن اقرأ تتمته لتعرف كيف تدخل من النافذة بعد أن خرجت من الباب: (ويمكن التخلص منه بإيداع المال بدون شرط الزيادة بمعنى: أنه يبني في نفسه على أن البنك لو لم يدفع له الفائدة التي لم يطلبها منه، فلو دفع البنك له فائدة جاز له أخذها بعنوان مجهول المالك بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله).([8]). والمهم إذن الحاكم الشرعي أو وكيله، ألا تدري لماذا؟!

ولا شك أن هذه النية لا معنى لها؛ لأنها غير مؤثرة؛ لأن البنك يدفع هذه الزيادة عادة سواء طالب المودع بها أو لم يطالب.

وهذا يشبه استحلال المحرم بمجرد تسميته بغير اسمه.

صكوك الغفران

فكل من كانت عليه مظلمة أو تقصير في حق شرعي أو ترك له أن يدفع مبلغاً من المال مقابل كل مظلمة فيغفر له بذلك ويسمونه (رد المظالم).

إنها بالضبط صكوك الغفران التي كان يتعامل بها الأحبار والرهبان في أوروبا في القرون الوسطى!

طريفة

روى الكليني عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: [[ما من شيء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام، وإن الله يجعل له الدرهم في الجنة مثل أحد]].([9]) وفي رواية: [[درهم يوصل به الإمام، أفضل من ألف ألف درهم فيما سواه من وجوه البر]].([10]). وإذا كان الإمام قد غاب فله نواب وأحباب! والأمر لا يحتاج إلى أكثر من تحويل الصك من اسم الغائب إلى النائب!

مناسبات على أسماء الأطعمة

مثل خبز العباس وشاي العباس وعيش فاطمة، ناهيك عن مناسبات أخرى لكنها قائمة على الاجتماع على الطعام والشراب والحلوى، مثل فرحة الزهرة، وحلال المشاكل، وخضر إلياس، وصيام زكريا، والزردة والهريس والمحيا، ومن اللطائف أن كتاب الكافي للكليني فيه مجلد كامل يكاد يكون كله على الأطعمة والأشربة والفواكه وأبوابه مبوبة على أسمائها! فهذا باب الهريسة وهذا باب الجرجير وباب الجزر وما أدراك ما باب الجزر! وباب القثاء، وباب البصل، وباب الكراث، وباب الرمان، وباب الفرفخ، وباب الثريد، وباب الشواء، وباب الكباب والرؤوس، وباب السمك، وباب البيض والدجاج، وباب الباقلاء واللوبيا، وباب الماش والكزبرة، وباب الباذنجان... إلخ عافاك الله مما يصعب إحصاؤه، ويثقل عده وذكره، ليس هذا فحسب وإنما جعل المؤلف لهذه الأطعمة والأشربة فوائد جمة وأسراراً مضحكة بعضها جنسي مثلاً:

عن أبي عبد الله (ع) قال: [[أكل الجزر يسخن الكليتين ويقيم الذكر]]([11]) وفي رواية: [[وينصب الذكر]]([12]) وقال: [[الجزر أمان من القولنج والبواسير ويعين على الجماع]]([13]) وعنه أن نبياً من الأنبياء شكا إلى الله عز وجل الضعف وقلة الجماع فأمره بأكل الهريسة([14]) فتخيل!!
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) انظر مثلاً: النهاية في مجرد الفقه والفتاوى للطوسي 200.
([2]) الاستبصار للطوسي 2/145.
([3]) المرجع السابق 2/56.
([4]) نسبة إلى (سيد) وهو رجل الدين الذي اتصل نسبه بالنبي (ص) وما أسهل الحصول على شجرة علوية بالمال!.
([5]) انظر هذه الفتاوى مثلاً في رسالة الخمس للسيد محمد صادق الصدر ومنهاج الصالحين للخوئي في موضوع الخمس.
([6]) النهاية للطوسي 200-201 والمقنعة للمفيد 64.
([7]) منهاج الصالحين للخوئي 1/406.
([8]) المرجع السابق 1/407.
([9]) أصول الكافي 1/537.
([10]) المرجع السابق 1/538.
([11]) فروع الكافي 6/372.
([12]) فروع الكافي 6/372.
([13]) فروع الكافي 6/372.
([14]) فروع الكافي 6/320.

حكم
11-05-2006, 12:30 AM
[b:1b9639f818][align=center:1b9639f818]الفصل الخامس/ النكاح وكل ما هو مباح أو مستباح[/align:1b9639f818][/b:1b9639f818]




[b:1b9639f818][align=center:1b9639f818]توسع مخيف [/align:1b9639f818][/b:1b9639f818]

إن التوسع والتساهل فيما يتعلق بهذا الموضوع الحساس (الجنس)، لهو من البلاء الذي عم خطره واستشرى شره واستطار شرره، لقد وصل الكثير من الناس إلى درك بعيد من الانحطاط والتهاون وعدم المبالاة وضعف الغيرة أو سقوطها والوقوع في أعمال رخيصة شاذة مثل الزنا بالمحارم واللواط وما شابهه، والحالة مزرية جداً وما يحدث في الواقع أكبر مما يمكن وصفه أو الإحاطة به! كل هذا يقع تحت سمع وبصر من يدعي العلم والإصلاح، دون أدنى نكير أو زفير أو محاولة سعي في سبيل العلاج الذي بات أمراً ضرورياً، وما أكثر هؤلاء (المصلحين)! ولكن ما الحيلة إذا كانت المصائب تتناسب طرداً مع كثرتهم؟ ألا وهي حقيقة اجتماعية جديرة بالانتباه لعلنا نقع على مصدر البلوى ومنبع الفتوى!

لقد توسعوا في موضوع الجنس توسعاً كبيراً، حتى أجازوا أنواعاً من الممارسات الجنسية لا فرق بينها وبين الزنا الصريح سوى في الاسم، ووضعوا لها الروايات الملفقة على ألسنة (الأئمة) -وهم منها مطهرون- حتى يسهلوا على المغفلين أمر فعلها، ويخففوا عن نفوسهم وقع نكيرها! ومن ذلك:

[color=red:1b9639f818][align=center:1b9639f818][b:1b9639f818]نكاح المتعة [/b:1b9639f818][/align:1b9639f818][/color:1b9639f818]

إن هذا الذي يجري في الواقع تحت مسمى (المتعة) زناً صريح بلا فرق! وإلا فبم تسمي هذه النماذج من العلاقات الجنسية المستباحة باسم (المتعة)!

أنقل بعضاً منها حتى لا أدخل وإياك في جدل بيزنطي حول الأدلة وكون تحليل (المتعة)، ورد –أو لم يرد- في الكتاب والسنة تجنباً للوقوع في فخ لعبة تراد بنا ليصرفونا بها عن رؤية الواقع البائس والممارسات الفعلية التي لا أعتقد أن اثنين يمكن أن يختلفا حول شذوذها، وبعدها عن الذوق السليم فضلاً عن الشرع الحكيم.

اقرأ معي هذه الصور المنحطة عن العلاقات الجنسية التي تجري وتستباح بين بني آدم الذين أراد الله تكريمهم على بقية أجناس الخلق تحت ستار المتعة:

لو سألت هذا السؤال:

هل يجوز لأي رجل أن يدخل أية أنثى أي مكان ليفعل بها ما يشاء متى شاء ثم يدعها لينصرف إلى غيرها، بمجرد أن يتبادلا التلفظ ببضع كلمات عن الثمن والمدة أو (عدد المرات) و (متعتك نفسي) وبلا حاجة إلى ولي أو شهود؟ ولا داعي للسؤال عما إذا كانت المرأة ذات زوج أو أنها تمتهن البغاء؟

لجاء الجواب ومن أوثق المصادر:

(بسمه تعالى يجوز ذلك)!!([1]).

يجوز التمتع وممارسة الجنس مع الصبية البكر إذا بلغت تسع سنوات –أو سبعاً على رواية- بشرط عدم الإدخال في الفرج كراهة العيب على أهلها، لا تحريماً ولا مراعاة لذوق أو خلق.([2]).

ولك -بعد- أن تطلق لخيالك العنان طويلاً لتتصور مستقبل أخلاق طفلة بهذا العمر، تتفرج على أعضاء الرجال التناسلية وتلحظ حركاتهم الجنسية وهم يفعلون معها كل شيء إلا الجماع!! والجماع المكروه من الفرج فقط، أي: تجوز المجامعة من الدبر!

هل يرضى إنسان غيور كريم مثل ذلك لابنته الصغيرة أو أخته أو قريبته أو لأي من أطفال العالمين؟!

وما هو شعورك وأنت تتخيل وقوع ذلك مع ابنتك البريئة مجرد تخيل؟!!

إن تحليل هذه الحيوانية الهابطة لا يصدر من شيطان أو وحش عدو لبني الإنسان، فكيف ينسب إلى أئمتنا ويلصق بشرعتنا؟ كيف؟!

أليست هذه أخلاق مزدك وإباحية المجوس!!

فكيف يوضع رجس تحليلها على فم طاهر ولسان قوم قال الله فيهم: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) [الأحزاب:33] هل هناك رجس أقذر من هذا؟!!

أما (إمام العصر) و (مرشد الأمة) فيصوغ المسألة كالآتي:

لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواماً كان النكاح أو منقطعاً. وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة!([3]).

حتى الرضيعة لم تسلم!!

إنها -والله- أخلاق مزدك وبابك يبرقعونها وينسبونها بلا خجل إلى أهل البيت، حتى يسهل ازدرادها من قبل المساكين.

أفيقوا من سباتكم أيها النائمون! أيها المساكين الحالمون!

مجموعة من الطلبة في (قسم داخلي) يأتون بامرأة ساقطة يصيبها أحدهم والبقية ينتظرون في الصالة، حتى إذا خرجت أخذها الآخر، وهكذا حتى يكتمل النصاب في مكان واحد وساعة واحدة من ليلة أو نهار! كيف؟! إنها (متعة)!! واعلم أن العدة (الخيالية) يمكن الاحتيال عليها بأن يتمتع الرجل بالمرأة حتى إذا انتهى الأجل عقد عليها مرة أخرى عقداً دائماً ثم يطلقها قبل أن يجامعها لتحل -بزعمهم- على من يريد التمتع بها متى شاءت احتيالاً على النص القرآني الجليل:

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً)) [الأحزاب:49].

ذكر ذلك نعمة الله الجزائري في كتابه (زهر الربيع)!!

إخوة تجار يسافرون إلى بلد مجاور استأجروا بيتاً واستقعدوا امرأة تخدمهم وينكحونها جميعاً على هذه الصورة المزرية: يأتي الأول فيستمتع بها طيلة أيام إقامته، حتى إذا جاء أخوه ليحل محله تركها له ورجع إلى بلاده ليأتي الثالث، وهكذا عافاك الله!!

رجل دخلت زوجته المشفى، فجاءت أختها مكانها لتخدم أولادها، هل تعرف كيف يحل الزنا بها من قبل زوج أختها؟

قال له الفقيه: طلق زوجتك دون أن تخبر أحداً يمكن أن يخبرها بذلك، حتى إذا رجعت زوجتك إلى بيتها انوِ إرجاعها إلى عصمتك وينحل الإشكال!

وهكذا ظل هذا القذر يعاشر أخت زوجته، ويستمتع بها طيلة أربعين يوماً، الفترة التي قضتها زوجته المسكينة في المشفى، ولا زال هذا الرجل يهمس -بلا خجل- في إذن بعض أصدقائه، وهو يتلمظ تلذذاً وتحسراً على تلك الفترة السعيدة، ولا زالت نفسه معلقة بتلك الفريسة!

ترى! لو زارت نسيبته –وهو ما يحدث حتماً- بيت أختها مرة أخرى فماذا تتوقعون أن يحصل وهي تلتقي أو تختلي بصاحبها؟!

دين ليس فيه محرمات! ولا محارم! ولا حرمات! كيف ينسب إلى أهل البيت؟!!

اقرأ السؤال التالي وجوابه الذي أنقله بنصه:

هل يجوز التمتع بالفتاة البكر المسلمة من دون إذن وليها إذا خافت على نفسها الوقوع بالحرام؟

نعم. لو منع وليها من التزويج بالكفؤ مع رغبتها إليه وكان المنع على خلاف مصلحتها سقط اعتبار إذنه.

ويجوز إذا كان العقد المنقطع بشرط عدم الدخول لا قبلاً ولا دبراً!([4]).

هل يشترط إذن الولي في البكر ولو بدون الدخول؟

لا يشترط إذن الولي في العقد المنقطع مع اشتراط عدم الدخول في العقد اشتراطاً لفظياً!([5]).

أيها الشيعة! أيها الشرفاء! إن هؤلاء الذئاب يريدون أن يفسدوا بناتكم، ويخربوا بيوتكم وأنتم لا تشعرون، إن سرقة الأعراض أعظم من سرقة الأموال!

إنهم كالشياطين يستزلون الإنسان خطوة خطوة فاحذروهم ((وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) [البقرة:168].

إن التطبيق العملي لهذه الفتاوى يجيز صوراً كثيرة من الصلات الجنسية هذه بعضها:

يلتقي طالب في كلية مع زميلة له، وتتطور العلاقة بينهما فيطلب منها يوماً أن يذهبا معاً إلى زاوية بعيدة عن الأنظار، ويدخلا مكاناً منزوياً لتريه مفاتن جسدها ويريها كذلك، ثم ليمارسا جميع طقوس الجنس -ومن دون حاجة إلى ذكر التفاصيل المثيرة- ثم يطمئنها وقد اعترضت عليه قائلة: إنها لا تزال بكراً وتخشى الفضيحة فيقول: لا تخافي يمكن أن نستمتع ببعضنا من دون إيلاج وإن شئت استعملنا الطريق الآخر، وحتى يتغلب على ترددها أو حيائها يخرج من بين كتبه كتاباً لـ(سماحة السيد...) عنوانه مسائل وردود – تحت عنوان (مسائل حول النكاح) ويقرأ لها هذه الفتاوى التي سبق ذكرها!

فعلام التردد إذا كان (السيد) يحلل مثل هذا؟! أليسوا هم ظل الله في أرضه وأمناءه على شرعه؟! وهنا تستجيب الفتاة فتلتقي الأجساد الملتهبة لتطفئ نار الشهوة المحرمة المتأججة بمباركة السادة العلماء تحت ظلال مناديل (نكاح المتعة).

في الزيارات العائلية بين الأقارب والأصدقاء نجد أن الفتاوى السابقة تبيح لأي شاب منهم أن يتفق مع أية شابة من عائلة الزائر أو المزور ليختليا في مكان قصي، ثم يفعلا ما يريدان من الضم والتقبيل والتكشف، ولا بأس بالذهاب إلى أبعد من ذلك ما دام الإيلاج غير حاصل، والوالد المحترم في تلك اللحظات جالس في صالة الضيوف (معززاً) (مكرماً) يتجاذب مع مضيفيه أطراف الحديث، ويحتسي الشاي ريثما تنتهي ابنته من نضالها الشريف، هذا إذا كانت بكراً، أما إذا كانت ثيبا كأن تكون أم الزائر أو أخته الأرملة أو ابنته المطلقة، فهنا يمسي كل شيء حلالاً زلالاً فتمارس العملية الجنسية من حيث شاءا!!

[b:1b9639f818][color=red:1b9639f818]ملاحظة مهمة[/color:1b9639f818][/b:1b9639f818]

إذا كانت الفتاة بكراً فيمكن الإيلاج دبراً -راجع الفتوى مرة أخرى- أما إذا كانت ذات زوج فيمكن التمتع بها دون الحاجة إلى سؤالها عن حالها.

إنها إباحية ومجتمع غابات تنزو فيه الحيوانات بعضها على بعض!!

ثقوا أن فتوى (السيد) وموضوع (الدبر) في فتواه السابقة إشارة لطيفة ولمسة خفيفة للفتاة العذراء، أنها تستطيع أن تمارس الجنس عن طريق (دبرها) –إن شاءت- حفاظاً على (قبلها) سليماً إلى وقت الحاجة حين يأتي (عريس الهنا) في ليلة المنى ليجد زوجته (العفيفة) (الشريفة) بـ(الحفظ) و (الصون)!!

أيها الشرفاء! أيها المسلمون من المذاهب الأخرى!

رجائي ألا تسيئوا الظن بإخوانكم الشيعة، فإنهم لا يرضون مثل هذه الإباحية أو الحيوانية، ولا يتصورون أن فتاوى هؤلاء (السادة) تؤدي إلى هذا المستوى من الانحطاط، بل غالبهم لا يدري عنها شيئاً، والكثير منهم إذا اطلع عليها لا يقف عندها كثيراً، وليس عنده الجرأة على مناقشتها أو تخطئتها فضلاً عن إنكارها والتصدي لها.

لقد ربوا على تقديس العلماء، أو من تشبه بهم والرهبة منهم، حتى صاروا يعاملونهم معاملة المعصومين!

وإلا فأي غيور يرضى مثل هذا لعرضه؟! ويستسيغ الاقتران بامرأة لها هذا التاريخ من المخازي سنين عدداً، وهي تنتقل بين أحضان الرجال، هذا يستدبرها وهذا يستقبلها!!

هل تصدق أن هذا دين محمد (ص)؟ أو تقبل أن أهل البيت الأطهار يرضون بمثله؟ أو أن مكارم أخلاق العرب التي جاء النبي (ص) ليتممها تستسيغه وتقره؟

يقول النبي الأكرم (ص): {إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق} (لأتمم) لا (لأهدم)!

[align=center:1b9639f818][b:1b9639f818]الإباحية الأوروبية [/b:1b9639f818][/align:1b9639f818]

وحتى أزيح اللثام -لا أكثر- عن حقيقة الأمر، ليظهر المقصود من دونما حاجة إلى تفسير أو تقشير، أنقل إليكم هذه الفتوى بنصها:

مسألة (289) هل يجوز التمتع بالفتاة الأوروبية الغربية من دون إذن وليها؟

الجواب: إذا فرضنا أن الولي أرخى لها العنان، وأوكلها إلى نفسها في شئونها، فلا تحتاج إلى الاستئذان حتى في المسلمة!!! أو كان من مذهبها عدم لزوم الاستئذان، جاز ذلك بلا مراجعة الولي حتى في المسلمة أيضاً!!!.

كما أنه لو منعها من التزويج بالكفؤ مع عدم وجود كفؤ آخر سقط اعتبار إذنه.([6]).

أليست هذه استباحة لكل ما يحدث في أوروبا والغرب الفاجر من الفوضى الجنسية والإباحية الحيوانية؟!

أليست هذه الفتوى محاولة مفضوحة من (جناب السيد)، لنقل هذه الإباحية إلى المجتمع المسلم؟!

إن السائل يسأل عن المجتمع الأوروبي الغربي والفتاة الأوروبية و (السيد) (قده) يرشده إلى أن هذا العمل لا بأس به حتى مع الفتاة المسلمة في المجتمع الإسلامي الشرقي ما دام الولي الديوث (أرخى عنان البنت وأوكلها إلى نفسها)!!

أو ما دامت الفتاة خارجة عن طاعة وليها -لتصنع منه ديوثا- بإرادتها وتوجيه مرجعها؛ لأن (مذهبها عدم لزوم الاستئذان) لكن لم يقل لنا (السيد): ما حكم الولي الذي يرخي لبنته عنانها ويوكلها إلى نفسها لتفعل ما تشاء، بها ما حكمه في شرعه؟!!

إن مثل هذا المجتمع يحتاج إلى علاج بالكي لا بالورق النشاف الذي تعطر به الجروح التي تنزف بالقيح والعفن!

إن اطلاعنا على مثل هذه الفتاوى التي تغتال عفاف المجتمع ومعرفتنا بما يدور وراء الستور أحد الأسباب الكبرى التي تجعلنا نصرخ قائلين: (أنقذوا منهج أهل البيت).

لماذا نلوم إخواننا من المذاهب الأخرى، إذا صاروا يتندرون أو يسخرون من مذهب هذه فتاوى علمائه؟

لماذا ننقم عليهم تقززهم منه؟ وهم يرون بأعينهم ما يجري ويقرؤون بها ما يخزي ويزري، وكل ما نفعله أننا نحاول ترقيع هذا الواقع المفضوح بقصاصات من الورق كتب عليها: قال الفقيه وأفتى المرجع، قيل وقال، ويروى ويحكى! كيف تقنعني بالوثوق بطبيب يخرج المرضى من عيادته محملين بالأمراض والجراثيم المعدية ثم تقول لي: هذه هي أصول الطب ومنهجه؟!

وإنني بصفتي إنساناً أكرمني الله بالعقل المفكر بين أمرين لا ثالث لهما:

إما أن هذا الطبيب دعي لا يحسن الصنعة، وإما أن علينا أن نعيد النظر في تلك الأصول وذلك المنهج الذي خرج مثل هذا الطبيب.

ثم اقرأ واعجب:

10- مسألة (237): هناك دول عديدة مشهور فيها الزنا، وكثير من بنات هذه البلاد بالنسبة لهم مصدر رزق ففيما إذا أراد شخص ما أن يتمتع من تلك البلاد، فهل يجب السؤال عن أنها متزوجة أو أنها زانية وأنها اعتدت أم لا؟

الجواب: لا يجب السؤال عن حالها مع الإشكال إلا إذا كانت متزوجة باليقين (!!!) أو مطلقة فشك في الأولى في طلاقها فليسأل عن أنها خلية أم لا، فإذا قالت: نعم. أنا خلية كفى، وفي الثانية إذا شك في أنها خرجت من عدتها فليسأل إذا قالت: نعم اكتفى به.

أما الزانيات المشهورات بالزنا فلا تصح متعتهن على الأحوط إلا من تابت من عمله يقيناً، فيصح العقد عليها متعة ودواماً([7]). انتبه إلى المنع أنه (على الأحوط) أي: أنه غير ملزم ولا شك أن مثل هذه الموانع الاختيارية غير الملزمة في مثل هذه المسائل تتلاشى، ولا تكون لها قيمة واقعية إلا عند القلة القليلة جداً أو النادرة وقد لا تكون!

إن استعمال هذه الألفاظ مثل (على الأحوط)، و (يكره) وما شابهه من قبل الفقيه في مثل هذه المسائل لا يبدو أكثر من وسائل للتقية ولكن بالمقلوب –أي مع الموافق وليس المخالف- حذراً مما قد يعتمل في نفسه من اشمئزاز أو إنكار علماً أن مراجع آخرين يجيزون التمتع بالزانية دون (على الأحوط)!!

11- مسألة (293): هل يجب إخبار الرجل الذي يريد أن يتمتع بامرأة أن هذه المرأة لم تعتد من رجل تمتع بها سابقاً؟

الجواب: لا يجب الإخبار([8]) (!!!)

كيف لا يجب!! على أي ملة أو أي دين؟!

كيف وقد تكون المرأة قد حملت من السابق! وإذا تبين حملها فيما بعد فلمن ينسب الولد؟!

داهية أخرى

12- مسألة (290) هل يجوز التمتع بالفتاة البكر الرشيدة التي توفي والدها، وبقيت أمها وقد بلغت سن رشدها من دون إذن أحد؟

الجواب: لا مانع من ذلك (!!!!) إذا لم يكن لها جد من طرف الأب وإلا فالأحوط استحباباً الاستئذان منه([9]).

ترى! كيف يأمن الرجل على بناته في مثل هذا المجتمع؟!

ترى! لو رأت هذه الأرملة المسكينة يوماً رجالاً غرباء في بيتها يمارسون الجنس مع بناتها وعلى فراشها فماذا ستفعل إذا قلنا لها –أو قالوا-: إنهم يفعلون ذلك (متعة)؟! وإذا ذهبت إلى (السيد) فكان جوابه: بسمه تعالى يجوز ذلك؟!! إن مجتمعاً قادته (وأي قادة!! الروحيون المقدسون) يأمرون بالرذيلة ويشجعون الفساد ويقودون قافلة المفسدين لهو مجتمع أسوأ حالة من المجتمع الأوروبي، لأنهم لا يفعلون ما يفعلون باسم الدين بل طهروا دينهم من هذه القذارة، وتحملوا بشجاعة مسئولية التلطخ بها.

إن شارب الخمر معتقداً حرمتها يرتكب ذنباً واحداً، ومستحلها باسم الدين يرتكب ذنبين، بل هو كافر إذا كان يعلم بحرمتها.

فما بالك بمن يوجبها باسم الشرع الحنيف؟!!!

إن المجتمع الأمريكي المتهتك أكثر نبلاً وطهارةً وصدقاً مع نفسه وهو يحاكم رئيسه (كلينتون) على علاقته المشبوهة بموظفة البيت الأبيض (مونيكا لوينسكي)، وإلا فلو كان كلينتون على دين يجيز له مثل هذه الفتاوى لما حصلت له مشكلة، لأنه ببساطة متناهية سيدعي أن علاقته تلك كانت نكاح متعة لا أكثر.

ولا شك أنه سيكون قد تعلم من (رجال الدين) القيام بتلك الشروط الشكلية القشرية: والتلفظ بـ(متعتك نفسي) مع القبول وذكر الأجرة والأجل، وبذلك تصبح تلك العلاقة صحيحة (شرعاً) وينتهي الإشكال، وإن (رجال ديننا) يمارسون يومياً -وبالمكشوف- ما مارسه كلينتون مع مونيكا لوينسكي! فهل تصدق؟!!

ابن حلال

13- مسألة (194): إذا دخل الزوج بالزوجة بعد انتهاء العقد المؤقت معتقداً بقاء المدة وعدم انتهائها بعد فما حكم المولود؟

الجواب: المولود المذكور في هذه الصورة ابن حلال([10]).

ورجعت أبحث

قلت: هل من المعقول أن يجد الإسلام بين يديه هذه الإباحية العجيبة في المجتمع العربي، ثم يقرها بل يباركها؟!!

وأن رجلاً واحداً من ذلك المجتمع كله تتحرك غيرته وتثور رجولته فيحرمها! واحد فقط؟!!

فرجعت إلى المصادر أقرأ وأفكر وأبحث فوجدت فيها ما قرت به عيني واطمأنت إليه نفسي.

وجدت أولاً: أن نكاح (المتعة) الذي كان عند بعثة النبي (ص)، إنما هو نكاح لا يختلف عن الزواج الشرعي إلا في الأجل والإرث أي تشترط فيه موافقة الولي و إشهاد الشهود، أما هذه الصور السافلة التي يجيزها فقهاء اليوم فليس لها منه إلا الاسم، و (المتعة) التي كانت أول الأمر شيء وهذا الذي يجري شيء آخر، فالاحتجاج بها مغالطة تعتمد على لعبة الاشتراك اللفظي لا أكثر، ومع ذلك فقد حرمه النبي (ص) آخر حياته، فلم يمت إلا وقد حرمه كما حرم الله الخمر آخر الأمر.

والدليل القطعي على حرمته أن الأئمة أهل البيت (ع) لم يكن واحد منهم ابن متعة ولا واحد من أولادهم أو ذرياتهم وعلى امتداد فترة زمنية طويلة هي ثلاثة قرون تنتهي بما عرف بـ(الغيبة الكبرى) رغم أنهم عقدوا خلال هذه المدة المتطاولة مئات الزيجات وأنجبوا منها مئات الأبناء ذكوراً وإناثاً!

وهذه كتب الأنساب الخاصة بهم تذكر أولادهم وأمهات أولادهم ويصنفونهم صنفين فيقولون: هذا أمه حرة وهذا أمه أمة، أي: جارية، وأحياناً يقولون: فلان أمه أم ولد، أي: جارية، هذا فضلاً عن ذريات أهل البيت من غير الأئمة، فلو كان نكاح المتعة محللاً عندهم لكانوا قد مارسوه فعلاًً وأنجبوا منه مئات الأولاد حتماً، ولكانت هذه الكتب قد ذكرت أن فلاناً أو فلاناً أمه فلانة تمتع بها أبوه (الإمام أو غيره).

أم تريد مني أن أصدق أو أعقل أنهم فعلوه مع مئات النساء لكن –بقدرة قادر يا سبحان الله- لم تحمل واحدة منهن قط ولم تنجب؟!

إن تواطؤ الأئمة وغيرهم من أهل البيت على اجتنابه لدليل قاطع على حرمته عندهم، وبذلك جاءت الروايات عنهم مطمورة في الكتب الروائية إلا الشيعة الزيدية –فإنهم أظهروا ذلك وأعلنوه عن الإمام زيد بن علي (ع)- فهو محرم في مذهبهم.

فقد جاء في (الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير) في فقه الزيدية 4/ 218 ما يلي:

عن الإمام زيد (ع) عن أبيه علي (ع) عن جده الحسين (ع) عن علي (ع) قال: [[نهى رسول الله (ص) عن نكاح المتعة عام خيبر]] وفي رواية أخرى: (حرم) بدل (نهى).

وقال حفيد الإمام زيد (ع) الحسن بن يحيى فقيه العراق في زمانه: (أجمع آل رسول الله (ص) على كراهية المتعة والنهي عنها) انتبه إلى كلمة (أجمع)!

وعن الإمام الصادق (ع) في (المتعة) قال: [[ذلك الزنا]].

وقال عنها الإمام الباقر (ع): [[هي الزنا بعينه]].

وإذا رجعنا إلى المصادر الإثني عشرية وجدنا ما يلي:

-روى الكليني بإسناده عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: [[دعوها أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورة فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه]]([11]).

وعن الإمام زيد (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين علي (ع) قال: [[حرم رسول الله (ص) يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة]]([12]) وهذا موافق لما رواه الزيدية آنفاً.

وعن الصادق (ع) أنه سئل عن المتعة؟ فقال: [[ما تفعلها عندنا إلا الفواجر]]([13]).

ويذكر الإمام أبو الحسن (ع) سراً لطيفاً من أسرار بطلان نكاح المتعة، وهو الاشتغال بها عن الأزواج مما يؤدي إلى الإضرار بهن، وهو ما تعاني منه كل امرأة يتعاطى زوجها المتعة، وهو المشاهد واقعاً -إن شئتم فاسألوا- وقد يؤدي ذلك بها إلى الانحراف، فقال (ع) وهو يذكر المتعة:

[[لا تشغلوا بها عن فرشكم وحرائركم فيكفرن ويتبرين ويدعين على الأمر بذلك و يلعنونا]]([14]).

إن الأخذ بروايات التحريم لا يخرج الشيعي من مذهبه؛ لأنه إنما يرجح بعض الروايات المتعارضة على بعض، وليس في هذا الترجيح ما يخرج عن المذهب أو الدين بل المذهب كله –في واقع أمره- قائم على الترجيح إذ لا توجد مسألة واحدة إلا والروايات فيها عن الأئمة (ع) متعارضة، وهي قضية عانى منها الأقدمون ولأجلها كتب الشيخ الطوسي شيخ الطائفة كتابه (تهذيب الأحكام) فكيف إذا كان المرجوح لا يقره عقل ولا دين؟!!

[b:1b9639f818]((قل إنما أعظكم بواحدة)):[/b:1b9639f818]

لو حبلت امرأة غير ذات بعل -كأن تكون أرملة أو مطلقة- أو حتى بكراً -بسبب الزنا- ثم اكتشف الأهل أمرها وافتضح حالها فأنكرت عليهم – لتخلص نفسها من العقوبة- قائلة: إنها حبلت بنكاح شرعي هو (المتعة) كيف يمكننا التفريق بين الأمرين؟!!

يا قوم!

إن ديناً تختفي فيه الفوارق بين المنكر والمعروف ولا تعرف فيه الحدود بين الشرك والتوحيد أو الكذب والصدق أو الزنا والزواج! إن ديناً يستطيع فيه أي رجل أن يقف بباب بيته يعرض على الغاديات والرائحات إن كانت إحداهن توافقه على الدخول ساعة واحدة فقط، أو أقل، يغلق فيها عليها باب حجرته لينزو عليها ثم يدعها لتنصرف بسلام تفتش عن غيره ويفتش عن غيرها، كفعل الزناة بالضبط، وما من فارق إلا بضع كلمات عن الإيجاب والقبول والوقت على كف من طحين أو رغيف من الخبز.

إن ديناً يقر هذا حاشا لله أن يكون ديناً لله أو شرعه لأهل بيت نبيه الأطهار (ع)!

إن رجلاً آخر عمل الشيء نفسه مع امرأة جاء بها من الشارع أيضاً، يعتبر زانياً يقام عليه الحد الذي قد يصل إلى الرجم بالحجارة حتى الموت؛ لأنه لم يقم بتلك الإجراءات الشكلية مع أنه عادة ما يحصل الاتفاق على الثمن والمدة في كل حالة زنا.

ترى أين ذهبت العقول؟!

اقرأ الرواية التالية في روضة الكافي للكليني:

عن محمد بن مسلم: دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت: رأيت كأني دخلت داري، وإذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزاً كثيراً ونثرته علي، فتعجبت من هذه الرؤيا فما تأويلها؟ قال: [[يا ابن مسلم إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك، فتمزق عليك ثياباً جدداً فإن القشرة كسوة اللب]]. قال ابن مسلم: فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا إلا صبيحة الجمعة، فلما كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرت بي جارية فأعجبتني، فأمرت غلامي فردها ثم أدخلها داري، فتمتعت بها، فأحست بي وبها أهلي، فدخلت علينا البيت فبادرت الجارية نحو الباب، وبقيت أنا فمزقت علي ثيابي جدداً كنت ألبسها في الأعياد.([15]).

حكم
11-05-2006, 12:36 AM
[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]العلاقة الزوجية [/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

انظر كيف توسعوا فيها!

يجوز جماعها من الموضع الآخر.

ويغلب على ظني أن لو كان للمرأة موضع ثالث أو رابع أو حتى عاشر يمكن مجامعتها منه لحللوه! ولم لا؟

روى الكليني عن الرضا (ع) [[وقد سئل: الرجل يأتي امرأته من دبرها؟ قال: ذلك له]].([16]).

وهي –بلا شك- فرية لا يمكن أن يتفوه بها الرضا (ع).

أما الحائض فيتساهلون في أمر إتيانها أثناء حيضها، بحيث يمكن تسوية الموضوع بمبلغ من المال!

أما إذا كان الاتصال من الدبر فما عليه من شيء! غاية ما يذكره الفقهاء في (المسائل العملية) الكراهة!!

وأنا لا أعرف معنى لقوله تعالى: ((فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)) [البقرة:222] إذا كان الاتصال الجنسي من الدبر جائزاً على كل حال! فكيف يكون اعتزال مع وجود الاتصال؟! ثم أي الموضعين أشد أذى؟! والله تعالى يقول: ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)) [البقرة:222] فجعل سبب الاعتزال وجود الأذى في موضع الفرج، أليس الأذى موجوداً في الموضع الآخر على الدوام؟!! بل هو أشد ولا أظن أن يخالفني في هذا أحد.

اقرأ هذه الفتوى:

مسألة (67): يحرم وطء الحائض في قبلها أيام الدم أما وطئها في الدبر ففيه إشكال، وإن كان الأظهر جوازه مطلقاً مع رضاها، وأما مع عدمه فالأحوط تركه (!!!).([17]).

ثم يسهل الأمر أكثر فيقول:

مسألة (68): الأحوط الأولى أن يكفر عن وطء زوجته حال الحيض مع علمه بذلك.([18]).

فهي على الأحوط لا على اللزوم!!

أما شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي فيروي ما يلي:

عن أبي يعفور قال: [[سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال: لا بأس إذا رضيت]].

[[سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن إتيان الرجل المرأة من خلفها في دبرها؟ قال: أحلتها آية من كتاب الله تعالى قول لوط (ع) ((هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)) [هود:78] وقد علم أنهم لا يريدون إلا الدبر]].

ويعلق الطوسي على روايتين في تحريم إتيان الدبر إحداهما عن سدير قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: قال رسول الله (ص): {محاش النساء على أمتي حرام} قائلا:

الوجه في هذين الخبرين ضرب من الكراهية، لأن الأفضل تجنب ذلك وإن لم يكن محظوراً، يدل على ذلك ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن البرقي يرفعه عن أبي يعفور قال: سألته عن إتيان النساء في أعجازهن؟ فقال: [[ليس به بأس وما أحب أن تفعله]]... ويحتمل أن يكون الخبران وردا مورد التقية.([19]).

[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]الخلوة بالنساء[/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

من الظواهر الشائعة أن كثيراً ممن يدعي الديانة والسيدوية إذا أراد أن يعزم([20]) أو يرقي امرأة اشترط الخلوة بها، فيخرج الحضور ويبقى معها لوحده.

وفي منطقتنا واحد من هذا الصنف، إذا قصده رجل مع امرأته أو أخته يقول له: نحن لا نستقبل غير النساء! و يرفض إدخاله.

بل تأصلت أعراف اجتماعية خطيرة، حدثني ابن خال لي قال: كنت مع صديق لي في السوق فدعاني إلى بيته فوجدنا فيه شاباً يتهيأ لدخول الحمام الذي كانت تعده له ساعتها أخت صديقي، لقد رحب به صديقي ترحيباً حاراً وهو يقول مكرراً: أهلا (سيد) زارتنا البركة (سيد)... و (السيد) ليس على جسده إلا الإزار! كان بديناً وجميلاً، ثم خرجنا بعد قليل وتركناه في البيت وليس فيه إلا أخوات صديقي الشابات الثلاث!!

في الطريق همست في أذنه: كيف تترك رجلاً غريباً في بيتك وليس فيه غير النساء؟! فإذا به يقول مستنكراً والشرر يكاد يتطاير من عينيه: أتشك في (السيد)؟!!

[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]نذر المرأة (للسيد) [/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

وهو أمر شائع ومعروف رغم ما فيه من استهانة بالنساء، وإلغاء لشخصية المرأة وإنسانيتها، وتحكم في مصيرها وإرادتها.

جاءتني مرة امرأة تقول: إن أمها كانت قد نذرتها وهي طفلة لـ (السيد) لكنها لم تف بنذرها فتزوجت من غيره، وهي تعاني الآن من سوء العلاقة الزوجية فسألتني (المسكينة): هل يمكن أن يكون سبب ذلك عقوبة القدر لعدم الوفاء بالنذر؟!!

[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]عجائب وغرائب وشذوذ!![/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

إباحة النظر إلى وجوه الحسناوات من النساء.([21]).

إباحة النظر إلى عورات غير المسلمات([22]).

ومن السهل الاستناد إلى هذا النص المنسوب زوراً إلى أهل البيت في تحليل النظر إلى الأفلام الجنسية الأجنبية.

أما عورة المسلم فيكفي في سترها وضع اليد على الفرج، أما الدبر فما عليك منه فقد سترته الإليتان!!!([23]).

يعتبر في الصلاة ستر العورة وهي من الرجل القبل والدبر والبيضتان (!!!)([24]). وهذا في الصلاة!!! تصور مصلياً يصلي على هذه الصورة!! أو جماعة من المصلين!! ولك أن تدخل الحمام عارياً من كل شيء بمجرد مسح جسدك بالنورة، وهي مادة طلاء لإزالة الشعر تشبه البودرة تماماً!!!

بل تجد هذا الفعل الشنيع منسوباً فعله إلى الإمام الباقر (ع) نفسه!!!([25]).

بل يجوز النظر إلى أجساد السافرات المتبذلات بشرط عدم التلذذ الشهوي، ولا فرق في ذلك بين نساء الكفار وغيرهن، كما لا فرق بين الوجه والكفين وبين سائر ما جرت عادتهن على عدم ستره من أعضاء البدن([26]). بل وحتى الأفخاذ أو ما فوق أو ما تحت ما دامت العادة قد جرت به! أما شرط (عدم التلذذ الشهوي) فهو كقولك: يجوز شرب الخمر بشرط عدم السكر.

ولا بأس بالخلوة بالمرأة الأجنبية بشرط (الأمن من الفساد!!)([27]) ويا له من شرط!

يجوز للمرأة أن تتعلم قيادة السيارة عند الرجل الأجنبي، بحيث يذهبان معاً منفردين في الأماكن الصالحة للتدريب والتعليم، وإن كانت خالية من الناس بشرط -والمهم هو الشرط- أن لا يستلزم الوقوع في الحرام([28])!! (اشرب الخمر بشرط أن لا تسكر كما قلت لك).

ويجوز أن ينام الرجل بين امرأتين في فراش واحد([29]).

ويجوز أيضاً -وكل شيء جائز- للرجل إذا نظر إلى زوجة عبده فاشتهاها أن يجامعها ويأمر عبده بتركها ثم إذا شاء أرجعها بعد ذلك إليه([30]) (استعارة!!).

ويجوز كذلك أن يعير الرجل إلى أخيه... يعير ماذا؟ يعير... فرج جاريته ليجامعها ثم يردها إليه([31]).

وأن عمر اغتصب ابنة علي (ع) وأن علياً (ع) رضي بذلك خوفاً من بطشه، ويُنسب هذا الهراء إلى الإمام الصادق (ع) مصاغاً بألفاظ تستوحش منها النفوس: [[إن ذلك فرج غصبناه]]([32])!!!!!

مع أن الاغتصاب مستنكر حتى في شريعة كلينتون وتاتشر وباراك و لازالت المجتمعات –حتى المتحللة- تعتبره جريمة يعاقب عليها القانون!!! بيد أن علياً (ع) –كما يبدو- رد الصاع صاعين –حسب الرواية الشائعة- عندما بات ليلة عند عمر فأصبح وقد بات يتقلب بين أحضان أخت عمر دون علمه.

والتقيا وقد بيت كل منهما لصاحبه مقلبا:

عمر: [[ألست قد قلت: من كان في البلد لا ينبغي له أن يبيت عزباً؟!!

علي: اسأل أختك]]([33])!!

ولعلهما بعد ذلك تناولا طعام الإفطار وودع أحدهما الآخر وهما يضحكان!

هل هذه هي صورة المجتمع النبوي؟! أم هذه دياثة؟!

ترى!

لو بات عندك صديق ثم استيقظت بعد منتصف الليل لتجده بين أحضان أختك فماذا سيكون موقفك؟!!

هل تعتذر وأنت تغلق الباب عليهما من جديد، أم ماذا وقد فعل ذلك علي (ع)كما تدعي الروايات المكذوبة، وتبيحه الفتاوى التي قرأناها قبل قليل؟!!

[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]قاصمة الظهر [/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

قرأت في كتاب الكافي للكليني -ويا شناعة ما قرأت- أن خيرة الله من خلقه وأعظم الناس خلقاً وحياء إذا أراد الزواج من امرأة بعث إليها من تنظر إليها ويوصيها قائلاً: [[انظري كعبها فإن درم كعبها عظم كعبثها]]([34]). وفي الحاشية يبين أن الكعبث: هو الفرج الضخم، ونسبوا الفواحش إلى نساء الأنبياء([35]).

فإذا كان هذا حال القدوة فكيف بعامة الناس؟!

الإكثار من ذكر (الجنس) في الكتب والرسائل الفقهية (العملية)

مما يلفت النظر في هذه المصادر كثرة الحديث وتشقيق الكلام عن (الجنس) وبألفاظ وأوصاف مرذولة، وتذكر كذلك أعمالاً شنيعة تشمئز منها النفوس السليمة لا لشيء إلا لذكر الحيل والمخارج (الشرعية) للتحلل من إثمها! فتحس أن هذه الجرائم والرذائل ممارسات عادية، قد أدمن الناس على فعلها ويمكن إتيانها أو ارتكابها بلا نكير حتى من العلماء! كل الذي يشغل الفقيه من جريمة مثل اللواطة هو هل الاغتسال منها واجب أم على الأحوط؟! وينفق الكلام وبإفراط في ذكر أمور يخجل حتى القلم من تسطيرها مثل: اللواط بوالد الزوجة أو أخيها أو عمها أو جدها أو إتيان أمها وخالتها ومصائب وبلاوي عمت وطمت (وقال الغلام، وحكى الأمرد، وأدخل فأوقب) مما يجري النفس على ارتكابها، ويهون عليها فعلها وممارستها، ويعود الأذن على سماعها والمجتمع على تقبلها، بل تشعر وأنت تقلب صفحات الكتب الفقهية المخصصة لذلك أنك أدنى إلى التقرب منها وأدعى وأرغب منك قبل قراءتها!

اقرأ هذه الفتاوى:

الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط لزوماً...ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى([36]).

الجماع في قبل المرأة ودبرها يوجب الجنابة للرجل والمرأة، ولا يترك الاحتياط في وطء غير المرأة في الواطئ والموطوء([37]). من غير المرأة؟!!

إن المعنى العملي لهذه الفتوى وأمثالها ليس أكثر من الدلالة على وجود طريق آخر للمرور منعاً للزدحام، والفقيه (قده) يؤدي عمله في الدلالة مشكوراً مأجوراً ولم لا؟ فالدال على الخير كفاعله.

مسألة (982): لو زنى بخالته قبل أن يعقد على بنتها حرمت عليه البنت، وكذلك الحال في العمة على الأحوط (لماذا؟) ولو زنى بالعمة والخالة بعد العقد على البنت والدخول بها لم تحرم عليه، وكذلك فيما إذا كان الزنا بعد العقد وقبل الدخول على الأظهر([38]).

مسألة (983): لو زنى بامرأة أجنبية فالأحوط والأولى (انتبه: الأحوط) أن لا يتزوج بنتها، ولو كان قد عقد عليها ثم زنى بأمها لم تحرم عليه بلا إشكال([39]).

مسألة (985): لو زنى بذات بعل أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه مؤبداً على الأحوط، وأما الزنا بذات العدة غير الرجعية فلا يوجب حرمة المزني بها، فللزاني تزوجها بعد قضاء عدتها([40]). أين هذا من قول الله تعالى: ((وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)) [النور:3]؟!!

مسألة (986): لو زنى بامرأة ليس لها زوج وليست بذات عدة، جاز له أن يتزوجها، ويجب عليه تأخير العقد إلى أن تحيض على الأحوط، نعم يجوز لغير الزاني تزويجها قبل ذلك وإن كان الأحوط هو التأخير([41])، على قول وعلى قول آخر: يجوز لغيره أن يتزوجها قبل ذلك، إلا أن تكون امرأة مشهورة بالزنا فإن الأحوط عدم تزويجها قبل أن تتوب، كما أن الأحوط عدم التزويج بالرجل المشهور بالزنا إلا بعد توبته، والأحوط والأولى استبراء رحم الزانية من ماء الفجور بحيضة قبل التزويج بها سواء ذلك بالنسبة للزاني وغيره([42]) (!!!)

-مسألة (989): لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، وإن كانت مصرة على ذلك والأولى (الأولى!!) مع عدم التوبة أن يطلقها الزوج([43]) (!!)

لا أدري إلى من يوجه (الفقيه) خطابه في هذه الفتوى؟

هل يوجد فيها غير ديوث؟ وهل يسأل ديوث عن الحلال والحرام إلا في مجتمع صار فيه المنكر معروفاً والمعروف منكراً، وأمسى الناس يستسهلون مثل هذه القبائح ويتعايشون معها كأنها أمور عادية، وإلا فماذا يصنع مثل هذا الإنسان بمثل هذه الفتاوى وهو راض بما لا ترضى برؤيته البهائم!

ما قيمة مجتمع ترتكب فيه كل هذه الشنائع دون نكير؟! ماذا يستفيد من الفتاوى؟! إنها ليست أكثر من تواقيع للرضا أو الإغضاء وبإمضاء من الفقهاء! فهل هذا هو دورهم؟!!

لماذا لا توجد هذه الجراثيم في المناطق الأخرى ولا يحتاج فقهاؤها إلى الحديث عنها أو إصدار الفتاوى بشأنها؟

إن الفقيه في فتواه لا يركز على لب القضية وإنما يذهب إلى شأن جانبي منها يجعله محط حديثه ومناط فتواه، فهو لا يذكر -مثلا- عظم جريمة الدياثة، وأن الذي يرضى بالخنا في بيته ديوث والديوث لا يدخل الجنة، هذا هو جوهر القضية؛ لكنه يهمل الحديث عنه تماماً ليذهب إلى أمور جانبية تافهة.

اقرأ هذه الفتوى:

مسألة (991): إذا لاط البالغ بغلام فأوقب حرمت على الواطء أم الموطوء وأخته وبنته (أقارب الدرجة الأولى فقط.!) ولا يحرمن عليه مع الشك في الدخول بل مع الظن به أيضا، كما لا يحرمن إذا كان اللائط غير بالغ وكان الملوط به بالغاً (!!!!!)([44]).

ويقول آخر: ولا يحرمن الثلاث المذكورات مع الشك في الدخول بل ومع الظن به أيضاً!([45]).

مسألة (992): إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها أو أخيها أو ابنها لم تحرم عليه([46]).

إن مجتمعاً يحتاج إلى مثل هذه الفتاوى لهو مجتمع متهرئ، وإن علماء وفقهاء لم يحل وجودهم بين مجتمعهم وبين الانحدار إلى هذا الدرك السحيق عليهم أن يحزموا أمتعتهم ويغادروا بعد أن فشلوا في تحقيق ما هو مطلوب في أمثالهم، لاسيما وهم يعيشون على أموال أبنائهم وجهودهم وعرقهم!!

هل واجب الفقيه النظر إلى الحالة الشاذة أو الواقع الراهن ثم وضع الفتاوى أو -بالأحرى- التخريجات الشرعية؟ أم أن واجبه هو الحيلولة بين المجتمع والوقوع في ذلك أو –على الأقل- البحث بأمر العلاج الناجح إن أفلتت من يده حالة أو حالتان لم تنفع فيهما أساليب الوقاية؟

أما أن يمسي الشذوذ واقعاً لا مفر منه وحالة مقره بلا تنكير، تنمو وتنشط بمباركة الفتاوى والمفتين الذين ينظرون إلى المنكر بهدوء وبرودة أعصاب، كأن الأمر لا يعنيهم والمجتمع ليس مجتمعهم، فهو أمر لم أجد شبيهاً له إلا في توراة اليهود التي يسمونها بـ (الكتاب المقدس)! إنهم يقدسون المنكر!!

لو قيل لرجل: إن ابنتك حبلى من الزنا تريد أن تجهض جنينها؟ فقال: نعم يحق لها ذلك أو قال: لا، لا يجوز ثم سحب الغطاء وراح في نوم عميق!!

إنني أشك في أبوته أو أجزم بدياثته وأحلاهما أمر من المر!

وقس على ذلك.

هكذا يتعامل هؤلاء (الفقهاء) مع مجتمعهم وما يحدث فيه من جرائم ومنكرات!!

لعل قلبك الآن يقطع بالسكاكين! ألم أقل لك: إن الحقيقة مرة؟ ولكن...

سكاكين في الدنيا أهون من سكاكين في الآخرة!

وأخيراً: اقرأ هذه الطامة ومثلها كثير كثير:

ومما تتحقق به الجنابة الجماع، ويتحقق بدخول الحشفة في القبل أو الدبر من المرأة، وأما في غيرها فالأحوط (الأحوط) لزوماً الجمع بين الغسل والوضوء للواطئ والموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر وإلا يكتفى بالغسل فقط([47]).

هكذا الورع وإلا فلا!

يعني: أن اللائط والملوط به إذا لاط أحدهما بالآخر، وكانا على وضوء قبل اللواطة فليس عليهما إلا الغسل دون الوضوء، وذلك على الأحوط.

هل تخيلت المسألة؟! لوطي متوضئ كأنما قد استعد لأداء صلاة لا لفعل أداء هو من أشنع الموبقات والمنكرات!!

هكذا يبارك هؤلاء (الفقهاء) الأمناء على دين المجتمع الفحشاء والمنكر!

إن التطبيق العملي لهذه الفتوى لا يمكن تصوره إلا في واحدة من ثلاث: إما أن الفاعل والمفعول به كانا قد تهيأ لأداء الصلاة فخطر ببالهما أن يركب أحدهما الآخر في مكان ما ربما الحجرة التي بجوار الحرم، وبما أن الغسل على الأحوط وهما لم يحدثا الحدث الأصغر قبل اللواطة، فيمكن أن يستغنيا عن الوضوء والغسل ويؤديا الصلاة بكل خشوع!

وإما أن يكون الفعل بعد أداء الصلاة وإما أنهما توضأ قبل أن يفعل أحدهما بالآخر ويكون الوضوء في هذه الحالة (على الأحوط استحباباً).

هذا في (منهاج الصالحين) أما في منهاج الفاسدين فلا أدري كيف يكون الأمر!

هل أصابك الغثيان؟ إذا أردت أن تتقيأ فخذ هذه الوصفة:

أوصى رسول الله (ص) علي بن أبي طالب (ع) فقال:

{يا علي: إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفيها حين تجلس، واغسل رجليها -أمير المؤمنين يخلع أحذية العروس ويغسل رجليها!!-... يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها.

يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول...

يا علي لا تتكلم عند الجماع فإنه إن يقض بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس، ولا ينظرن أحدكم إلى فرج امرأته وليغض بصره عند الجماع فإن النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد.

يا علي لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإني أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً أو مؤنثاً مخبلاً.

يا علي لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة، فتقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يورث العداوة بينكما ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق.

يا علي لا تجامع امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير، فإن قضي بينكما ولد كان بوالاً في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان.

يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى فإن قضي بينكما ولد يكون له ست أصابع أو أربع أصابع.

يا علي لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلاداً قتالاً أو عريفاً.

يا علي لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألؤها إلا أن ترخي ستراً فيستركما.

يا علي لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة... يا علي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء.

يا علي لا تجامع أهلك في النصف من شعبان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون مشؤوماً ذا شامة في وجهه... يا علي لا تجامع امرأتك على سقوف البنيان... يا علي لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن...

يا علي عليك بالجماع ليلة الإثنين فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حافظاً لكتاب الله... يا علي إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء فقضي بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة...

يا علي إن جامعت أهلك في ليلة الخميس فقضي بينكما ولد فإنه يكون حاكماً من الحكام أو عالماً من العلماء، وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضي بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب.

يا علي وإن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد فإنه يكون خطيباً، وإن جامعتها بعد العصر فقضي بينكما ولد فأنه يكون معروفاً مشهوراً عالماً، وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة فإنه يرجى أن يكون الولد من الابدال...

يا علي لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحراً... يا علي احفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن جبريل (ع)}([48]).

ونسي القمي أن يعلمنا بأي جماع يولد المعصوم.

ولقد طبق إمام العصر -مع أنه لا يصلي العصر- هذه (الوصية) فجعلها فتوى استوعبت هذه الأمور ومنها:

يكره الجماع قائماً وتحت الشمس وتحت الشجرة المثمرة، ويكره أن تكون خرقة الرجل والمرأة واحدة، بل يكون له خرقة ولها خرقة ولا يمسحان بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة ففي الخبر (إن ذلك يعقب بينهما العداوة)([49]).

لكنه –لشدة ورعه وتعففه أستغفر الله– كره (الكلام عند الجماع بغير ذكر الله)([50]).

[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]والذنوب كلها مغفورة [/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

ومع هذا فالذنوب كلها مغفورة! مهما عظمت أو كثرت! ولا فرق بين الصغائر والكبائر، ألست تحب (الأئمة) وتعتقد بهم؟ -وهل هذا يكفي في النجاة من الله؟- نعم فإن الأئمة يشفعون لكل محب مهما كان ومهما عملوا من ذنوب ولن يتركوه يدخل النار، كيف وهو معتقد بولايتهم ويدين بحبهم ونصرتهم!

أليس الإمام علي قسيم الجنة والنار؟!! أليس كل داخل إلى الجنة لا بد له من بطاقة من علي؟!

و علي لن يترك واحداً من (شيعته) إلا وسيعطيه البطاقة المنجية على ما هو عليه من عمل!!

وهكذا تحول الدين إلى فكرة مجردة عن السلوك والالتزام.

اقرأ هذه الروايات ومن (أوثق المصادر)، ثم تأمل الواقع وما يدور فيه مما يطابق هذه الروايات ويسير على نهجها!

إن الله تعهد للنبي (ص) أن لا يغادر لشيعة علي (ع) صغيرة ولا كبيرة، ولهم تبدل السيئات حسنات([51]).

إن الله يستحيي من تعذيب أمة دانت بولاية إمام عادل وإن كانت ظالمة سيئة([52]).

إن سيئة الشيعي خير من حسنة غيره([53]).

وعن أبي عبد الله (ع): [[ما من مؤمن يقارف في يومه وليلته أربعين كبيرة فيقول وهو قائم: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام، وأسأله أن يصلي على محمد وأن يتوب عليّ، إلا غفرها الله عز وجل، ولا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين كبيرة]]([54]).

تصور! مؤمن ويقترف في يومه وليلته أربعين سيئة لا من الصغائر بل من الكبائر كالزنا واللواطة أو شرب الخمر أو السرقة... إلخ إذا كان هذا مؤمناً فكيف هم الكفرة إذن؟!!

وفي الآثار: (أن امرأة زانية من جيران أهل المعصية وتعزية الحسين (ع) ذهبت تقتبس ناراً من مجلس العزاء، فوجدتها قد خمدت فأشعلتها فدمعت عيناها من الدخان فغفر لها)([55]).

وهذه القصة المتهافتة كثيراً ما يوردونها ويستشهدون بها في المجالس والتعازي.

حدثنا صديق فقال: حضرت أحد مجالس العزاء في عاشوراء فسمعت (القارئ) يقول: إن امرأة زانية خرجت من بيتها تطلب النار، فمرت على قدر هريس قد خفتت ناره، فنفخت تحته حتى أشعلت النار، ثم أخذت منه قبساً ومضت، فإذا بها ترى في المنام من يقول لها: لقد غفر الله لك جميع ما اقترفت من الآثام لأنك أشعلت النار تحت قدر الهريس! قال: فهذا ثواب من لم يقصد إشعال النار فكيف من تقصد طبخ هريس أبي عبد الله!!

وانطلقت الأصوات متعالية تهتف: (اللهم صل على محمد وآل محمد)! قال صديقي: قلت له: مولانا لعلك لا تعلم -أو تعلم- أن ثمانين بالمائة أو أكثر من الحاضرين واقعون في آثام الزنا والخمر وغيره، أليس كلامك هذا دعوة للاستمرار في طريق الرذيلة ما دام كل شيء مغفوراً بعود حطب تحت قدر هريس فعلام التوبة؟!

إذن لمن هذا الوعيد الشديد في القرآن والحديث عن الزنا والقتل وشرب الخمر والغيبة والكذب؟!

يقول: فإذا به يفاجأ -ولأول مرة- بمن يقتحم عليه عريش كبريائه، وهو أمر لم يستعد لمثله؛ لأنه لا يتوقعه فحاول أن يدافع عن موقفه لكنه تلعثم ثم سكت كأنه ألقم حجراً.

قلت: لو كان في كل مجلس رجل كهذا حر الفكر، قوي الشخصية، متمرد على قيود التقليد الأعمى لما تجرأ أمثال هذه النكرات على إفساد الناس وسلبهم أموالهم باسم أهل البيت، ولعرف الناس شيئاً فشيئاً أن هؤلاء في واد وأهل البيت في وادٍ آخر.

إن الواقع يشهد أن هذه الروايات المكذوبة قد آتت أكلها وأثمرت منذ زمن بعيد.

صدقوني أن هذه الوقعة المقززة التي سأرويها رغم تهافتها قد حصلت مع أحد أقربائي.

إنني سأرويها لعلي أحدث عزة في قلوب الشرفاء، وألفت أنظار الغيارى إلى الهوة السحيقة التي تردى فيها كثير ممن انخدع بما يقال وينسب إلى أهل البيت (ع)، مع ملاحظة أن هذه الواقعة ما هي إلا قطرة من مستنقع آسن يعرفه الكثيرون لكن لا يجرؤون على الحديث عنه لأسباب وأسباب!

حدثني قريبي هذا أنه زار صديقاً له من أصدقائه في الخدمة العسكرية يعمل مدرساً، ومن باب إكرام الضيف عرض هذا المدرس على ضيفه عرضاً اقشعر له جلده!

قال له: عندي طالب يعجبك، جميل جداً!!

ماذا تقول؟؟!!

إذا كنت خائفاً من الذنب، فهذا الحمام حاضر نغتسل ثم نذهب من قريب إلى (الإمام) نزوره وينتهي كل شيء!!

تهيأ الجو ففسدت الأخلاق

وهكذا تهيأ الجو تماماً لكل معصية وفاحشة فدمرت الأخلاق وفسد الناس.

إنها حقيقة مؤلمة مرة آن الأوان أن نعترف بمرارتها، وأننا منذ زمن بعيد نتجرع العلقم المغلف باسم الحلوى والعسل.

إن أول خطوة في طريق العلاج أن يعترف المريض بأنه مريض ويمتلك الشجاعة على الاعتراف أمام نفسه أولاً وطبيبه الأمين ثانياً، وإن المكابرة لا تزيد المريض إلا مرضاً وعذاباً.

[align=center:9172ba288a][b:9172ba288a]خاتمة وقاعدة [/b:9172ba288a][/align:9172ba288a]

إن دين الإسلام دين يسمو بالإنسان ويرتفع به عن القاذورات والدنايا، ويبتعد به عن الأنانية الضيقة إلى ميدان التكافل والإيثار الفسيح.

أما هذا الدين المبدل فعلى العكس تماماً، إنه ينحط بالإنسان ويسفل به، فحاشا أن يكون ديناً منزلاً من عنده جل وعلا أو منهجاً واقعياً سار عليه أهل البيت (ع).

إنه دين يقوم على أساس اتباع المتشابهات وفق القاعدة الآتية:

كل دليل أو آية أو رواية تحتمل أكثر من وجه أو تفسير فإن كانت تتعلق بالمال والجنس فيؤخذ بالوجه الذي يميل إلى التوسع والمسامحة.

وإن كانت تتعلق بالعبادة فتحمل دائماً على الوجه الذي يتناسب مع التضييق والحذف والمشاححة، وإن كان بعيد الاحتمال أو لا يخطر على بال.

وبعد:

فإنها كلمة ناصح شفيق، ولمسة آس رفيق أؤديها وكلي ثقة -بمشيئة الله تعالى- أنها ستجد آذاناً صاغية، وقلوباً حية واعية، من جيل واعد جديد بدأ يصحو وتتفتح عيونه.

وها هو يتلمس بيمينه معالم الطريق.

لقد بدأت تلوح له –ولو من بعيد- منارات النجاة على شاطئ الأمل السعيد.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) انظر مثلاً فروع الكافي 5/540.
([2]) المرجع السابق 5/462.
([3]) تحرير الوسيلة للخميني 2/241.
([4]) مسائل وردود لمحمد صادق الصدر الطبعة الأولى 1416هـ-1995م ص 55.
([5]) المرجع نفسه.
([6]) مسائل وردود لمحمد صادق الصدر الطبعة الأولى 1416هـ-1995م ص55.
([7]) المرجع السابق.
([8]) المرجع السابق.
([9]) المرجع السابق.
([10]) المرجع السابق.
([11]) فروع الكافي للكليني 5/453 ووسائل الشيعة للحر العاملي 4/450.
([12]) تهذيب الأحكام لأبي جعفر الطوسي 7/251 والاستبصار 3/142 ووسائل الشيعة للحر العاملي 4/441.
([13]) بحار الأنوار للمجلسي 100/318.
([14]) فروع الكافي 5/453.
([15]) روضة الكافي 8/292.
([16]) فروع الكافي 5/540.
([17]) المسائل المنتخبة للسيستاني 35-36 ط 9 دار المؤرخ العربي 1416هـ-1996م.
([18]) المسائل المنتخبة للسيستاني 36،35 ط 9 دار المؤرخ العربي 1416هـ-1996م.
([19]) الاستبصار للطوسي 3/242 ط طهران 1390هـ.
([20]) العزيمة: نوع من أنواع الرقى.
([21]) فروع الكافي 5/542.
([22]) المرجع السابق 6/501.
([23]) المرجع السابق.
([24]) المسائل المنتخبة للسيستاني 100 والخوئي أيضاً.
([25]) فروع الكافي 6/503.
([26]) المسائل المنتخبة للسيستاني 348 مسألة (1020).
([27]) المرجع السابق مسألة (1030).
([28]) مسائل وردود للسيد محمد صادق الصدر 77 مسألة 407.
([29]) فروع الكافي 5/560.
([30]) المرجع السابق 5/481.
([31]) المرجع السابق 5/470.
([32]) زهر الربيع لنعمة الله الجزائري ص14 ويقول: لذلك منع عمر المتعة.
([33]) فروع الكافي 235.
([34]) فروع الكافي 5/335.
([35]) أصول الكافي 2/404.
([36]) منهاج الصالحين للخوئي 1/47-48 نعم (المنهاج) وبارك الله في (الصالحين)!.
([37]) المسائل المنتخبة للخوئي / 14-15 ط2 النجف 1399هـ /1979م.
([38]) المسائل المنتخبة للسيستاتني 339.
([39]) المسائل المنتخبة للسيستاتني 339.
([40]) المسائل المنتخبة للسيستانى 339.
([41]) المسائل المنتخبة للخوئي 300.
([42]) المسائل المنتخبة للسيستاني/ 339.
([43]) المرجع السابق 340.
([44]) المسائل المنتخبة للخوئي 300.
([45]) المسائل المنتخبة للسيستانى 340 مسألة 991.
([46]) المسائل المنتخبة للخوئي 300 أما السيستاني فيجعل التحريم للأحوط.
([47]) منهاج الصالحين للخوئي 1/47 مسألة 172.
([48]) فقيه من لا يحضره الفقيه 3/358 – 361 ط طهران 1390هـ.
([49]) تحرير الوسيلة للخميني 2/239 –240 مسألة (8).
([50]) تحرير الوسيلة للخميني 2/239 –240 مسألة (8).
([51]) أصول الكافي 1/444.
([52]) المرجع السابق 1/376.
([53]) المرجع السابق 2/464.
([54]) المرجع السابق 2/438-439.
([55]) أنوار الولاية، لآية الله ملا زين العابدين الكلبايكاني، ص338.

حكم
11-05-2006, 03:31 AM
[b:e9c819ff16][align=center:e9c819ff16]والآن نفتح المجال لمن يريد أن يشكك في شخصية الرجل أو يرميه بالكذب والتزوير ، أو يتهمه بالعمالة للمخابرات الموزمبيقية .. فكلها أعذار تصب في مصب واحد : التقية ، وما أدراك مالتقية

" [color=red:e9c819ff16]إنكم على دين [/color:e9c819ff16][color=blue:e9c819ff16]من كتمه أعزه الله ، ومن أذاعه أذله الله[/color:e9c819ff16] " كما في الكافي (1/401) [/align:e9c819ff16][/b:e9c819ff16]