تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جوعوا فنأكل عنكم !



admin
01-04-2007, 10:59 PM
http://www.annaharonline.com/tarawees/NAHAR1.jpg



الخميس 4 كانون الثاني 2007 - السنة 74 - العدد 22880

جوعوا فنأكل عنكم !

كانت الذخيرة في بيت النار. دائما الذخيرة في بيت النار. ولان الجنرالات ابناء ميدان ويحبون رائحة البارود، فقد وصلت قذائف الرابية البرتقالية الى السرايا قبل ان يصل برنامج الحكومة الاقتصادي الى ايدي خبراء التيار العوني الاقتصاديين ليقرأوا الفاتحة عن روحه!
وعلى حد علم اللبنانيين ان الجنرال ميشال عون سبق ان قال يوم كان هناك مجال للكلام مع "تيار المستقبل"، انه يلتقي بنسبة 95 في المئة مع الافكار الاصلاحية الاقتصادية التي كان فؤاد السنيورة قد وضعها يوم كان وزيرا للمالية. ولكن شتان ما بين اليوم والامس وإن كانت الافكار لم تتغير والازمة الاقتصادية لم تنته، فالسياسة – علم الله – هي التي تقرر، وفي وسع الارقام والافكار والبرامج الاصلاحية ان تنزل الى الملاجئ فالقصف الى تصاعد وبارود اهربوا!
كان من الملائم اكثر، احتراما لعقول الناس على الاقل، ان يتم تأجيل دك المشروع الاصلاحي الذي قدمه الرئيس السنيورة كأساس لدعم لبنان في مؤتمر "باريس – 3"، بضع ساعات بحيث يظن العونيون وغيرهم ان الجنرال قرأ ودرس ومحّص، ثم قرر تنفيذ حكم الاعدام بهذا المشروع، الذي هو تماما كما وصفه رئيس الحكومة "فرصة تاريخية قد تكون الاخيرة امام لبنان، للافادة من دعم الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة والمؤسسات الدولية"، بما يساعد لبنان على مواجهة ازمته الاقتصادية المتفاقمة، التي تدفعه في ظل الشلل الحاصل نتيجة الاعتصامات والانقسامات، الى الاندفاع نحو الانهيار والجوع.
ولكن "الفرصة التاريخية" عند الجنرال لا علاقة لها بالانقاذ الاقتصادي او بمؤتمر "باريس – 3"، بل انها تتركز فقط في شنق الحكومة او في دفعها الى الفرار من السرايا، بحيث تصبح الطرقات سالكة وآمنة في اتجاهات كثيرة وفي مقدمها طريق "بيت الشعب" في بعبدا!
ولهذا شن عون هجوما فوريا كاسحا على الحكومة، برغم معرفته الاكيدة ان الدولة اللبنانية تبلغت موقفا حاسما وواضحا من الدول والصناديق والمؤسسات المانحة، مفاده ان دعم لبنان عبر مؤتمر "باريس – 3" سيبقى رهنا بتوافق اللبنانيين على البرنامج الاصلاحي للحكومة وعلى الاجماع الوطني من حوله.
ولكننا وبكثير من المحبة والتجرد لا ندري لماذا يريد الجنرال عون ان يظهر في رأي معظم اللبنانيين الآن، وكأنه لا يستهدف الحكومة وكلنا يعرف رأيه فيها، بل يستهدف الفرصة المتاحة وربما الاخيرة لمنع انهيار الوضع الاقتصادي وغرق السفينة بمن فيها وهو في المقدمة طبعا.
ولقد كان معروفا تماما، ان القذائف لن تلبث ان تتساقط على المشروع الاصلاحي انطلاقا من التصريحات التي ستأتي من قادة "حزب الله" وغيرهم، فلماذا لم ينتظر قليلا بحيث لا يبدو انه صاحب الفضل والاسبقية في استهداف "باريس – 3" وهو ما يعني استطرادا استهداف ما تبقى من قدرة اللبنانيين على الصمود، قبل ان يتحولوا شحاذين يسرعون الخطى للوقوع النهائي في الجوع والافلاس.
ويعرف الجنرال كما يعرف اي مواطن في هذا البلد، ان المشروع الاصلاحي يواجه مأزقا او بالاحرى يواجه استحالة. لان موعد مؤتمر "باريس – 3" هو 25 كانون الجاري، ولان العقد العادي لمجلس النواب اللبناني انتهى بداية هذا الشهر، بما يعني وجود حاجة الى فتح دورة استثنائية لاقرار المشروع وموافقة السلطة التشريعية عليه قبل انعقاد مؤتمر باريس!
ولان هناك خوفا من طرح مشروع المحكمة الدولية على اول جلسة لمجلس النواب، فان المعارضة التي تستميت لمنع قيام هذه المحكمة كما يبدو حتى الآن، ستحول دون فتح الدورة الاستثنائية، وهذا يعني استطرادا ان المشروع الاصلاحي سيواجه حتما التعطيل، بسبب امتناع الرئيس اميل لحود عن توقيع الدعوة الى الدورة الاستثنائية.
وبكل محبة وتجرد نسأل:
حتما يعرف عون كل هذا، فلماذا استعجل في اطلاق مدافعه على هذا المشروع الذي سيواجه التعطيل؟ ولماذا لم يدع التعطيل وما يترتب عليه من مسؤوليات سياسية ووطنية واخلاقية حتى يأتي على يد غيره، وهو آت بلا ريب، الى درجة ان السنيورة الذي يعرف ان مشروعه سيتعرض للقصف، حرص على القول لحظة اعلانه، بانه ينتظر من سيقول عنه كذا وكذا.
ولماذا يكون عون اول هؤلاء القائلين ثم تكرّ سبحة التصريحات من قادة "حزب الله" وسيتبع بالتأكيد عزف كثير من الجوقة وقارعي الطبول؟!

❒❒❒

وفي الواقع لم يخترع السنيورة البارود عندما كان حاسما في القول: "ان عدم الحصول على الدعم الدولي في المدى المنظور سيدفع بالدين العام الى التفاقم بشكل يدخل معه الاقتصاد مرحلة الخطر الشديد". فمن الواضح تماما ان انتقال نسبة النمو من خمسة في المئة كما كان متوقعا، الى ناقص خمسة في المئة واكثر، اضافة الى المترتبات التي يفترض دفعها هذه السنة وهي تتجاوز 5 مليارات دولار في مجال سداد الدين، واضافة الى فاتورة الحرب الاسرائيلية الاخيرة في تموز الماضي، ثم فاتورة الجمود والشلل الناتجين عن الاعتصامات والانقسام السياسي الجذري، كل هذا يؤكد فعلا ان البلاد باتت تقف عند "بوابة الخطر الشديد"، وان المشروع الاصلاحي، الذي يشكل شرطا لانعقاد "باريس – 3"، وشرطا لامكان استمرار وقوف لبنان كدولة على حافة الافلاس سواء عقد ذلك المؤتمر ام لم يعقد، يفترض ان يتم فصله عن "المذبحة السياسية" المفتوحة على مداها!
ولكن على من تقرأ مزاميرك يا فؤاد السنيورة، ما دام ابناء الميدان وعشاق رائحة البارود يحبون دائما القصف العشوائي، حتى لو طاول اللقمة في افواه الجوعى، ما دامت "الفرصة التاريخية" عندهم تتمثل في فرط حكومة السنيورة لا في عقد "باريس – 3"؟!
❒❒❒
رحم الله رفيق الحريري، فلقد اغتالوا "مؤتمر اصدقاء لبنان" الذي عقده في واشنطن حيث جعل من ازمة هذا البلد هماً دولياً، ثم وأدوا المؤتمر الانجح الذي هندسه وهو "باريس – 2" وأدوه بقيادة الرئيس الجنرال اميل لحود المظفرة، وها هم باشروا التسابق على "فضيلة" اجهاض "باريس – 3"، ربما لان السياسة في لبنان قامت دائما وتقوم الآن، على قاعدة "من بعد حماري..."!!
نعم، ولكن هذا الشعب السعيد قد لا يجد حتى الحشيش ليأكله غدا. وما الهم ما دام هناك من يأكل البسكويت و"الاوغانيك" بالنيابة عنه... جوعوا فنأكل عنكم!

راجح الخوري