تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المنصوري أكبر مساجد مدينة طرابلس ينتظر الترميم الشامل منذ 710 سنوات!



من هناك
10-12-2006, 02:16 AM
المنصوري أكبر مساجد مدينة طرابلس ينتظر الترميم الشامل منذ 710 سنوات!


http://assafir.com/iso/today/local/L_1176a.JPEG



دخل الجامع المنصوري الكبير في طرابلس الى جانب مشروع الحفاظ على الارث الثقافي الذي يسير على قدم وساق في المدينة القديمة، ليشكل إضافة نوعية ومميزة على مساحة أثرية واسعة لم يشملها المشروع الممول من البنك الدولي، وذلك بعد ان اعلنت النائبة السيدة بهية الحريري عن البدء بإعادة تأهيل وترميم الجامع المنصوري بعيد عيد الفطر السعيد مباشرة، بمبادرة من نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بهاء الحريري. مما سيساهم بإعادة إظهار المعالم الجمالية للجامع الذي يعتبر واجهة طرابلس الدينية.


وكانت السيدة الحريري قد أعلنت قبل نحو سبع سنوات عن نية العائلة تنفيذ أعمال ترميم الجامع المنصوري الكبير، لكن المشروع لم يبصر النور وقتها لأسباب مجهولة، وقد جاء الإعلان المتجدّد قبل نحو أسبوعين أمام رئيس دائرة أوقاف طرابلس الدكتور عبد الفتاح كبارة، والمترافق مع الملف الكامل للترميم والخرائط الهندسية المطلوبة، وتحديد موعد ثابت للمباشرة بالتنفيذ، ليثلج صدور الكثيرين من أبناء المدينة، لا سيما أولئك المهتمين بأوضاع الجامع الذي تسوء حالته يوماً بعد يوم، نتيجة الإهمال المستشري وبعض التصدّعات في أقسام منه، خصوصاً الجهة الغربية القبلية، المائلة والآيلة للسقوط في اي وقت، نتيجة تعرضها للقصف خلال الحرب، بالاضافة الى تفتت الحجر الرملي في كثير من مواقعه نتيجة تسرب المياه الدائم من الخزانات الموضوعة على سطحه بطريقة عشوائية وغير علمية. هذا فضلاً عن التشوّهات والتعديات التي يشهدها الجامع في أكثر من مكان، وتسيء الى محيطه التراثي والأثري والى موقعه الديني.
بني الجامع المنصوري الكبير في العام 693 هجرية، 1294 ميلادية بأمر من السلطان خليل بن قلاوون، الملقب بالاشرف. واطلق عليه اسم المنصوري تيمناً باسم والده المنصور قلاوون، الذي كان له الفضل في فتح طرابلس وتحريرها من الفرنجة الصليبيين سنة 688 هجرية، 1289 ميلادية، ليكون اول صرح مملوكي في المدينة. ثم أضاف إليه السلطان الناصر محمد بن قلاوون الأروقة المحيطة بصحن الجامع سنة 715 هجرية، 1315 ميلادية. وقد نقش ذلك في اللوحة المثبتة في الجهة الشرقية من الرواق.
هذا الجامع هو أكبر مساجد المدينة على الاطلاق. ويتميز بأربعة مداخل: الأول يؤدي الى الجامع مباشرة من سوق العطارين الذي خصصه العثمانيون في هذه المنطقة لتعف رائحة العطور على المصلين، لكن هذا السوق لم يبق منه سوى اسمه، بعد ان اجتاحته محلات الخضار واللحوم. وهناك ثلاثة مداخل أخرى تؤدي الى صحن الجامع، الذي يتوسطه مصلى وبركة الوضوء تعلوها قبة خضراء؛ الأول لجهة زقاق القرطاوية الملاصق لسوق العطارين. والثاني لجهة سوق الصاغة. والثالث لجهة محلة النوري. كما يضم في جنباته ثلاثة أروقة ومدرستين: المدرسة الشمسية ومدرسة المشهد الصقلية. وهما مهملتان تماماً وتستخدمان كمستودعات للمعدات والتجهيزات القديمة الخاصة بالجامع، هذا بالإضافة الى الساعة الشمسية الفريدة من نوعها. وغرفة الأثر الشريف التي تحتضن شعرة من أثر الرسول محمد، كان السلطان العثماني عبد الحميد أهداها الى أهالي طرابلس في العام 1809 ميلادية، لمناسبة إعادة تأهيل الجامع التفاحي المعروف حالياً بالحميدي. لكن رجالات المدينة رأوا أن يضعوها في الجامع المنصوري الكبير، كونه أكبر المساجد وفيه يصلي الوالي والمفتي وكبار القوم. وتشهد هذه الغرفة في كل عام احتفالات لمناسبة إخراج الأثر الشريف في يوم الجمعة الأخير من رمضان. فضلاً عن احتفالات ختم القرآن، وهي تستخدم بشكل يومي لتحفيظ القرآن الكريم.
وبالرغم من أن الجامع كان وما يزال موئلاً لكل رجالات المدينة الذين يقصدونه في المناسبات والأعياد، ومركزاً لاقامة الاحتفالات الدينية المختلفة، فإنه لم يخضع لأي عملية تأهيل شاملة منذ بنائه قبل أكثر من 710 سنوات.
ويؤكد مؤرخ طرابلس الدكتور عمر تدمري أن الجامع المنصوري الكبير لم يعد قادراً على تحمل المزيد من الإهمال. وان طرابلس تنتظر إعادة ترميمه منذ سنوات عدة، خصوصاً انه جرى إحياء الجامع الأموي الكبير في بعلبك. وأعيد ترميم الجامع الكبير في صيدا. والجامع العمري الكبير في بيروت. وجامع السراي وجامع الأمير منذر في الوسط التجاري للعاصمة، وصولاً الى تشييد جامع محمد الامين، في حين بقي الجامع المنصوري الكبير يتيماً.
ويقول تدمري <نرجو أن يتحقق الوعد الذي أطلقته النائبة السيدة بهية الحريري، لأن الجامع بات في حالة يرثى لها، حيث تظهر الحشائش بجانب المحراب وفوق المنبر الذي يقف عليه الخطيب. وقد امتدّت هذه الحشائش والعفونة والرطوبة الى أكثر من 15 متراً وهذا يشاهده كل المصلين والسياسيين والمسؤولين الذين يقصدون الجامع في المناسبات والأعياد. كما تسرّبت المياه الى الحجر الرملي الذي يبلغ من العمر 700 سنة.
ويرحب أمين الفتوى في طرابلس الشيخ محمد إمام بالمبادرة المتجددة، آملاً أن ينطلق العمل بشكل سريع، بسبب الحالة المتردية للجامع الذي يحتاج الى إعادة ترميم شاملة على أسس علمية مدروسة تراعي الواقع الأثري والتراثي لكل مرافقه.
ويرى رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي أن الخطوة التي أعلنت عنها النائبة بهية الحريري، هي خطوة متقدمة على صعيد إعادة تأهيل المدينة التاريخية القديمة، خصوصاً أن الجامع المنصوري الكبير هو أحد المعالم الرئيسية الكبرى، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تأتي لتشكل إضافة نوعية الى اعمال تأهيل المدينة القديمة في إطار مشروع الإرث الثقافي.