تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : معركة ذي قار تحتاج لموافقة السفارة الايرانية .. وأبو دريد ممنوع درامياً!!



من هناك
10-07-2006, 12:29 AM
رقابة سورية التلفزيونية: معركة ذي قار تحتاج لموافقة السفارة الايرانية .. وأبو دريد اسم ممنوع درامياً!!


بقلم: حكم البابا *


أخبار الشرق – 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2006
يخيل لبعض مشاهدي المسلسلات التلفزيونية السورية التي تملأ الفضائيات العربية أن كتابها هم أهم عناصرها، باعتبارهم مبتكري قصصها ومبدعي شخصياتها ومسيري أحداثها، ويظن آخرون أن مخرجيها هم أسيادها الحقيقيون فبفضلهم ترى شخصيات الكتاب وقصصهم الشاشة، ويجسدها ممثلون غالباً ما ينادون المخرج في حضوه بالأستاذ، وينعتونه في غيابه باسم أشهر محل شعبي لبيع الفول في حي السيدة زينب في القاهرة، فيما يعتقد آخرون أن النجوم يسيطرون على هذه المسلسلات ويفرضون شروطهم ويأمرون وينهون، ويظن نوع رابع من المشاهدين بأن شركات الانتاج هي مالكة القرار وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة لأنها مصدر التمويل، لكن هذه الأنواع الأربعة من المشاهدين تغفل العنصر الأهم الذي يفكر فيه الكاتب وهو يرسم سيناريو حدثه أو يضع الحوار على لسان شخصياته، ويحسب له المخرج ألف حساب في كل لقطة يصورها، وفي كل (تيك) يعتمده، ويتخيله النجم جالساً يشاهده فيتأدب في أدائه، وتستمر شركة الانتاج في تذكير الكاتب والمخرج والنجم به طوال فترة انجاز المسلسل، والذي يسمى وظيفياً الرقيب في التلفزيون السوري!
ففي بلد مثل سورية تعتبر فيه الرقابة المهنة الثانية لأغلب سكانه، ويشك فيه الرجل بزوجته، والزوجة بجارتها، والجارة بابنها، والابن بأستاذه، والأستاذ بمديره، والمدير بسائقه، والسائق بمكسيانه، والمكنسيان بصانعه، ويعتبر كل هؤلاء الموبايل الذي يحملونه جهازاً للتنصت عليهم أكثر مما هو وسيلة من وسائل الاتصال، ويخطر لهم التفكير -على الأقل بينهم وبين أنفسهم- بأن التصوير الشعاعي والايكو والطبقي المحوري ينتمون إلى الفعل الرقابي أكثر من كونهم وسائل طبية لكشف الأمراض، لا يمكن أن تترك الدراما التلفزيونية تأخذ راحتها بالعرض على كل الشاشات العربية بدون أن تمر عبر فلترين من الرقابة، أولهما لجنة تقرأ النص المكتوب لتعطي الموافقة على تصويره، وثانيهما لجنة تشاهد العمل المصور لتصدر الموافقة على عرضه وتوزيعه، ومقياسهما الرقابي المعلن هو عدم تشويه صورة سورية في الخارج تلفزيونياً، وهاتان اللجنتان لا تعنيهما الصورة الغبية للسوريين التي تقدمها عنهم برامج شاشتهم السورية، ولا تهتمان بالصورة المرعبة التي تركبها لسورية وجوه مذيعي ومذيعات تلفزيونهم الوطني، وكل ما يشغلهما هو ألاّ يمر حرف في النص، أو تخطف الكاميرا لقطة في المسلسل من شأنهما أن يفسرا على أنهما تشويه لصورة سورية على الشاشات العربية.
وتحت هذا الشعار العريض طلب مني الرقيب في تقريره عن نص مسلسلي (عائلتي وأنا) أن استبدل اسم شخصية هامشية تدعى أبو دريد بأي اسم آخر، وعندما استوضحت عن السبب أخبرني بأن أحداً ما قد يستاء من الاسم كون النائب السابق لرئيس الجمهورية رفعت الأسد يكنى به، وعندما أخبرته بأن اسم دريد ليس حكراً على اسم نجل النائب السابق لرئيس الجمهورية، فهناك أشخاص يحملون الاسم أكثر شهرة منه، من دريد بن الصمة إلى دريد لحام، أصر على استبدال الاسم، فنفذ مخرج المسلسل طلب رقيب رفضت منطقه، وتحت هذا الشعار أيضاً ارتبكت لجان الرقابة في الموافقة على عرض مسلسل الكاتب المصري أسامة أنور عكاشة (الشهد والدموع) على الشاشة السورية، لأن بطله يحمل اسم حافظ، وتحت هذا الشعار أيضاً لم تعط الموافقة على تصوير مسلسل (ذي قار) رغم إشادة تقارير الرقابة بنصه الجميل، الذي يصور احدى أهم المعارك المفصلية في تاريخ العرب، بذريعة أن المسلسل قد يسيء للعلاقات الحميمة مع الجمهورية الايرانية، ولذلك فالسماح بالموافقة على تصوير المسلسل تحتاج لقرار سياسي حسب ما جاء في تقارير الرقابة، ورغم أن منتجه الأردني وسّط أكثر من شخص كنت أحدهم، إلاّ أن الجواب على محاولاتنا العديدة في شرح أن معركة ذي قار جرت بين العرب والفرس قبل الاسلام، وأن ايران الاسلامية غير فارس المجوسية، إلاّ أن رقابة النصوص في التلفزيون السورية كانت مصرة على قرار سياسي يسمح بتصوير المسلسل، إلى أن اقترح علي مدير الانتاج التلفزيوني الأستاذ الياس ابراهيم حينها الحصول على موافقة السفارة الايرانية كحل للحصول على سماح التلفزيون السوري بتصوير المسلسل، ونزولاً عند إلحاح منتجه قابلت وقتها المستشار الثقافي والسكرتير الأول للسفارة الايرانية، الذين طلبوا نسخة عن النص لترجمتها إلى الفارسية وقراءتها قبل الموافقة، ولولا تدخل معاون وزير الاعلام السوري حينذاك الأستاذ فؤاد بلاط لإيقاف هذه المهزلة الرقابية ومنحه سماحاً بتصويره، لكان نص (ذي قار) حتى اليوم يتجول في هيئات الرقابة بين دمشق وطهران وقم!
قبل أن أعرف شخصياً عدداً من عناصر لجان الرقابة في التلفزيون السوري، كنت أسأل نفسي عندما تقع بين يدي أحياناً تقاريرهم عن النصوص والأعمال التي يراقبونها، من أي كوكب يأتي التلفزيون بعناصر رقابته، ولكنني بعدما تعرفت إلى بعضهم فهمت أنهم يختارون من نوعين من السوريين، الأول هو الذي يقف باستعداد عند ظهور نشرة الأخبار في التلفزيون السوري ليشاهدها واقفاً، ويضع أمام اسم أصغر مسؤول في سورية ربع صفحة من ألقاب الاحترام والسيادة والتبجيل قبل أن يلفظه، ويكتب تقريراً بزوجته فيما لو اشتكت من فقدان مادة غذائية من الأسواق، أما النوع الثاني من السوريين الذين يتم اختيار عناصر لجان الرقابة من وسطه، فهم الذين لو صرخت أمامهم بصوت عال: بَهْ! لنزلوا تحت الكراسي والطاولات، ولو سمعوا بأن الكوريتين الشمالية والجنوبية تتحاربان لبدؤوا بشراء المؤن، ولو شاهدوا في نشرة التلفزيون الجوية بأن السماء ستمطر فسيحملون المظلات حتى لو كانت الشمس ساطعة، ومن مزيج هذين العنصرين تتشكل لجان الرقابة في التلفزيون السوري، التي تتحكم بالثقافة والفن والدراما السورية التي تعرضها اليوم أغلب المحطات التلفزيونية الأرضية والفضائية العربية!
مذيعون ومذيعات:
• على الفضائية السورية يعتمد المذيع علاء الدين الأيوبي على مدرسة في الأداء التمثيلي يتماهى من خلالها مع موضوع البرنامج الذي يقدمه، ففي برنامج الشرطة في خدمة الشعب يأخذ دور المحقق في استنطاقه للمجرمين الذين يظهرون في برنامجه ليعترفوا ويندموا أمامه على جرائمهم، ويصل تماهي الأيوبي بدور المحقق إلى حد يجعل المجرمين ينهون كل جواب على أسئلته بكلمة سيدي، وفي التغطية الروحانية لفترة الافطار الرمضانية يتماهى مع موضوعه إلى الحد الذي تظنه أحد مريدي الطريقة الصوفية النقشبندية المولوية وقد وصل إلى قمة النشوة وهو يلف حول نفسه، وفي تقديمه للحفلات الفنية يتظارف ويتغنج ويتدلل إلى حد يجعل مشاهده يعتقد بأنه يعمل خارج أوقات الدوام الرسمي حاملاً لحقائب الفنانات اللواتي يقدمن فقرات في النوادي الليلية، لكن ما ينقص علاء الدين الأيوبي هو الايمان بما يقدمه وليس مجرد أدائه فقط، حتى لا يتجاوز الشعرة الفاصلة بين الوقار الجدي والمبالغة الكاريكاتورية، والتي يتجاوزها دائماً فيبدو أداؤه مثيراً للضحك!!
• مشكلة المذيع طالب كنعان في قناة العربية أنه يحاول أن يذكر مشاهده في كل لحظة يظهر فيها على الشاشة بسوء حظه الذي رمى به ليكون مذيعاً في قناة عربية، في حين أن مكانه الطبيعي كان في الأدوار التي قدمها آلان ديلون وليوناردو دي كابريو وبراد بت!!
• المذيعة زينة فياض في قناة anb تحب أن تظهر بدور كوفي عنان في حواراتها مع ضيوفها، وتقلد دوره فعلاً لكن في الجانب الذي يظهر كوفي عنان مجرد ديكور بدون فاعلية!
• على قناة الجزيرة معرفة الرائحة التي يشمها مذيعها جمال ريان قبل دخوله الاستديو لقراءة نشرة الأخبار، والتي يبدو أنها تبقى في أنفه مما يجعله يقرأ أخباره بالطريقة التي يقرأها بها حالياً!
• مذيعو ومذيعات قناة المنار اختلفوا في طريقة أدائهم بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان، عن أدائهم السابق قبله، ولشدة حماستهم أصبحوا يقدمون نشرات الأخبار والبرامج معتمدين على الارشادات التي تستخدم لإطلاق صواريخ الكاتيوشا، بدلاً من الطرق المعروفة في التعامل مع الكاميرا التلفزيونية!
__________
* كاتب سوري