naaser
09-30-2006, 01:47 AM
المستقبل - السبت 30 أيلول 2006 - العدد 2402 - شؤون لبنانية - صفحة 2
نصير الأسعد
"الجماعة الإسلامية" ومشروعها وعلاقتها بالحريري
في الساحة الإسلامية السنّية، ثمة حضور مهم لـ"الجماعة الإسلامية" التي يقودها الآن الشيخ فيصل مولوي. ومن يتابع الخطاب والأداء السياسيين لـ"الجماعة" حتى قبل انهيار نظام الوصاية والانسحاب السوري من لبنان، يعرف ان "الجماعة" تمسك بناصية الاعتدال والوسطية. وأكثر من ذلك، فهي قد طوّرت مشروعها الإسلامي وأفسحت في أدبياتها حيزاً واسعاً لـ"العيش المشترك" والصيغة اللبنانية، واتخذت مواقف سياسية "ديموقراطية" سواء تجسّد ذلك في رفضها التمديد لإميل لحود، أو في استعداداتها للحوار وكانت ممثلة في الحوار اللبناني الإسلامي ـ المسيحي.
وتعاملت "الجماعة" مع زعامة الحريري بقدر عالٍ من الواقعية، وسعت إلى توسيع المساحات المشتركة مع هذه الزعامة ومع "تيار المستقبل". وإذا كانت هذه العلاقة شهدت صعوداً وهبوطاً، فإن "الودّ" لم ينقطع بين الطرفين اللذين يريان في الاعتدال عنواناً وفي وحدة الساحة الإسلامية هدفاً.
طبعاً "الجماعة" ليست عضواً في حركة 14 آذار، لكنها تبدي حرصاً على العلاقة بالحركة الاستقلالية اللبنانية، وتتقاطع معها في أمور كثيرة. وفي الوقت نفسه، تقيم علاقة بحزب الله مبدية الحرص ذاته على استمرار هذه العلاقة التي لا تخلو من إشكاليات كثيرة يمكن الخوض فيها تفصيلاً ذات يوم. لكن الحزب لم يبدِ اهتماماً كافياً بـ"متابعة" أمور العلاقة. ومع ذلك استمر عنوان "المقاومة" مهماً جداً لـ"الجماعة" وهي التي لا ترى المقاومة بـ"عيون لبنانية" فقط بل بـ"عيون عربية" شعبية ايضاً، وتنصح بعدم توظيفها في الداخل.
المهم انه فيما تنمو العلاقة بين "الجماعة" و"تيار المستقبل" على نحو إيجابي وفيما يمكن أن تكون أكثر تطوّراً، وفي وقت تشكّل "الجماعة" ضمانة اعتدال في الساحة الإسلامية، وبعد أن نجحت في التخلص من "اختراقات سورية" في بنيانها، تتعرّض لضغوط من أجل "الفكّ" عن "المستقبل". ويتّخذ بعض الضغوط في الآونة الأخيرة صيغة "عملية إغراء" يقودها "حزب الله"، وتمثّلت بشكل رئيسي بدعوة السيّد نصرالله في إحدى مقابلاته التلفزيونية بعد حرب تموز إلى تمثيل "الجماعة" في حكومة الوحدة الوطنية".
بيد انه ينبغي تسجيل حقيقة ان "الجماعة الإسلامية" إذ تحتفظ بنوع من "المسافة" عن أطراف في حركة 14 آذار، فإنها "تتفاعل" معها في موازاة خطاب مستقلّ تعتمده، وهي تحرص على العلاقة بحزب الله لكنها لا تندفع في اتجاه "المشروع السوري" وتنظر سلبياً إلى الاستنفار الذي يولّده خطاب الحزب في المدار الإسلامي، كما لها ملاحظات على الدور الإيراني أيضاً.
من كلّ ما تقدّم، يُستنتج ان "الشغل السوري"، المدعوم ايرانياً في عدد من جوانبه، على الوضع السني من أجل تشكيل "جناح سنّي" أو توليد "شريك سنّي"، باءَ بالفشل، وسيبقى أمام أفق مسدود.
"الطوابق الأمنية"
ماذا يبقى من "الشغل" سنياً؟
بالاضافة الى أشخاص غير ذوي صفة تمثيلية ممّن وزّرتهم الوصاية السورية أو "نوّبتهم"، ثمة "طوابق أمنية" في الشغل السوري سنياً.
فقد وضع رئيس النظام السوري بشار الأسد "خارطة الطريق" في خطبه ومقابلاته. ثمة شبكات نظمتها المخابرات السورية سابقاً خلال إقامتها العلنية في لبنان من أفراد "يعشقون" الجهاد وغُسلت أدمغتهم. وثمة تصدير لـ"القاعدة" الى لبنان وتصدير لمن يؤطرّهم وينظّمهم. وثمة "تنظيمات" محلية وأحيائية تُشغّل "على القطعة" وتُسلّح. وثمة تصدير للأسلحة الى عدد من "المناطق السنية".
بيدَ ان أهمّ "طابق أمني" سنّي يتبعُ "الشغل السوري" يتمثل على ما يبدو في ما يسمى "جبهة العمل الاسلامي"، وتحديداً "الداعية" فتحي يكن. لماذا؟
يكن ودوره
الخبر الذي نُشر في الصحف والذي ينقل عن الأسد اعتباره ان القوات الدولية في لبنان قوات احتلال، مصدره يكن. قيل إن كلام الأسد هذا جاء خلال لقائه وفد "الجبهة". لكن ماذا قال الأسد وماذا تبلّغ يكن منه في الخلوة بينهما؟.
وبعد التسريب، كان كلام مباشر ليكن في حديث الى صحيفة "الرأي العام" الكويتية. صحيح انه في حديثه الصحفي تجنب التطرف، فقال مثلاً انه لا يمكن التسرع في الحكم على طبيعة القوات الدولية التي "يمكن" ان تصبح قوات قمع. وصحيح انه لم يتبنَّ أيمن الظواهري بشكل واضح لكنه أثنى على تطوره الفكري. وصحيح انه لم يقل بقتال "اليونيفيل" لكنه أكد التزامه نهج "المقاومة والجهاد". والأهم من كل ذلك انه كشف انه التقى السيد نصرالله وبحث معه "الشراكة السنية ـ الشيعية المتوازنة" من غير ان يوضح اكثر.
خطورة يكن ليست في كونه ناقلاً لما يريده الأسد فقط. وليست في تلك "الثقة" التي يحظى بها من الأسد الى حدّ أن يختلي به وحده دون الوفد الذي انتظر كلّه خارجاً.. فقط. وليست في كونه يتبلّغ "كلمة السرّ" ويبلّغها.. فقط. انّ خطورته تكمن في كونه "المنظّر" لما يمكن أن يكون. والدليل انه بعد ان نقلَ مواقف الأسد وبعدَ أن أعطى آراءه، هناك مِن حوله مَن يعدّ لـ"فتاوى" تبيح مقاتلة القوات الدولية في لبنان.
على أساس ما تقدّم ذكرُه، يمكن القول ان البحث عن "شريك سنّي" في "المشروع السوريّ" المحكوم بالفشل، يتوازى مع عمل أمني مركّب، يصبح أحد أهدافه في غياب الأفق السياسي، تشجيع التطرف وتغذية التوتر للارباك.
لكن ما ينبغي مخاطبة "حزب الله" بالتحديد به، هو الآتي: الشريك الماروني في مشروع السلطة البديلة احترق وقد أحرقتموه.. والشريك الدرزي أقلّ من وزن الريشة.. والشريك السنّي "الفعلي" لن ينوجد. ألا يفكّر "حزب الله" في الارتدادات داخل الوضع الشيعي؟.
المقال كاملاً:
http://www.almustaqbal.com.lb/stories.aspx?StoryID=198127
نصير الأسعد
"الجماعة الإسلامية" ومشروعها وعلاقتها بالحريري
في الساحة الإسلامية السنّية، ثمة حضور مهم لـ"الجماعة الإسلامية" التي يقودها الآن الشيخ فيصل مولوي. ومن يتابع الخطاب والأداء السياسيين لـ"الجماعة" حتى قبل انهيار نظام الوصاية والانسحاب السوري من لبنان، يعرف ان "الجماعة" تمسك بناصية الاعتدال والوسطية. وأكثر من ذلك، فهي قد طوّرت مشروعها الإسلامي وأفسحت في أدبياتها حيزاً واسعاً لـ"العيش المشترك" والصيغة اللبنانية، واتخذت مواقف سياسية "ديموقراطية" سواء تجسّد ذلك في رفضها التمديد لإميل لحود، أو في استعداداتها للحوار وكانت ممثلة في الحوار اللبناني الإسلامي ـ المسيحي.
وتعاملت "الجماعة" مع زعامة الحريري بقدر عالٍ من الواقعية، وسعت إلى توسيع المساحات المشتركة مع هذه الزعامة ومع "تيار المستقبل". وإذا كانت هذه العلاقة شهدت صعوداً وهبوطاً، فإن "الودّ" لم ينقطع بين الطرفين اللذين يريان في الاعتدال عنواناً وفي وحدة الساحة الإسلامية هدفاً.
طبعاً "الجماعة" ليست عضواً في حركة 14 آذار، لكنها تبدي حرصاً على العلاقة بالحركة الاستقلالية اللبنانية، وتتقاطع معها في أمور كثيرة. وفي الوقت نفسه، تقيم علاقة بحزب الله مبدية الحرص ذاته على استمرار هذه العلاقة التي لا تخلو من إشكاليات كثيرة يمكن الخوض فيها تفصيلاً ذات يوم. لكن الحزب لم يبدِ اهتماماً كافياً بـ"متابعة" أمور العلاقة. ومع ذلك استمر عنوان "المقاومة" مهماً جداً لـ"الجماعة" وهي التي لا ترى المقاومة بـ"عيون لبنانية" فقط بل بـ"عيون عربية" شعبية ايضاً، وتنصح بعدم توظيفها في الداخل.
المهم انه فيما تنمو العلاقة بين "الجماعة" و"تيار المستقبل" على نحو إيجابي وفيما يمكن أن تكون أكثر تطوّراً، وفي وقت تشكّل "الجماعة" ضمانة اعتدال في الساحة الإسلامية، وبعد أن نجحت في التخلص من "اختراقات سورية" في بنيانها، تتعرّض لضغوط من أجل "الفكّ" عن "المستقبل". ويتّخذ بعض الضغوط في الآونة الأخيرة صيغة "عملية إغراء" يقودها "حزب الله"، وتمثّلت بشكل رئيسي بدعوة السيّد نصرالله في إحدى مقابلاته التلفزيونية بعد حرب تموز إلى تمثيل "الجماعة" في حكومة الوحدة الوطنية".
بيد انه ينبغي تسجيل حقيقة ان "الجماعة الإسلامية" إذ تحتفظ بنوع من "المسافة" عن أطراف في حركة 14 آذار، فإنها "تتفاعل" معها في موازاة خطاب مستقلّ تعتمده، وهي تحرص على العلاقة بحزب الله لكنها لا تندفع في اتجاه "المشروع السوري" وتنظر سلبياً إلى الاستنفار الذي يولّده خطاب الحزب في المدار الإسلامي، كما لها ملاحظات على الدور الإيراني أيضاً.
من كلّ ما تقدّم، يُستنتج ان "الشغل السوري"، المدعوم ايرانياً في عدد من جوانبه، على الوضع السني من أجل تشكيل "جناح سنّي" أو توليد "شريك سنّي"، باءَ بالفشل، وسيبقى أمام أفق مسدود.
"الطوابق الأمنية"
ماذا يبقى من "الشغل" سنياً؟
بالاضافة الى أشخاص غير ذوي صفة تمثيلية ممّن وزّرتهم الوصاية السورية أو "نوّبتهم"، ثمة "طوابق أمنية" في الشغل السوري سنياً.
فقد وضع رئيس النظام السوري بشار الأسد "خارطة الطريق" في خطبه ومقابلاته. ثمة شبكات نظمتها المخابرات السورية سابقاً خلال إقامتها العلنية في لبنان من أفراد "يعشقون" الجهاد وغُسلت أدمغتهم. وثمة تصدير لـ"القاعدة" الى لبنان وتصدير لمن يؤطرّهم وينظّمهم. وثمة "تنظيمات" محلية وأحيائية تُشغّل "على القطعة" وتُسلّح. وثمة تصدير للأسلحة الى عدد من "المناطق السنية".
بيدَ ان أهمّ "طابق أمني" سنّي يتبعُ "الشغل السوري" يتمثل على ما يبدو في ما يسمى "جبهة العمل الاسلامي"، وتحديداً "الداعية" فتحي يكن. لماذا؟
يكن ودوره
الخبر الذي نُشر في الصحف والذي ينقل عن الأسد اعتباره ان القوات الدولية في لبنان قوات احتلال، مصدره يكن. قيل إن كلام الأسد هذا جاء خلال لقائه وفد "الجبهة". لكن ماذا قال الأسد وماذا تبلّغ يكن منه في الخلوة بينهما؟.
وبعد التسريب، كان كلام مباشر ليكن في حديث الى صحيفة "الرأي العام" الكويتية. صحيح انه في حديثه الصحفي تجنب التطرف، فقال مثلاً انه لا يمكن التسرع في الحكم على طبيعة القوات الدولية التي "يمكن" ان تصبح قوات قمع. وصحيح انه لم يتبنَّ أيمن الظواهري بشكل واضح لكنه أثنى على تطوره الفكري. وصحيح انه لم يقل بقتال "اليونيفيل" لكنه أكد التزامه نهج "المقاومة والجهاد". والأهم من كل ذلك انه كشف انه التقى السيد نصرالله وبحث معه "الشراكة السنية ـ الشيعية المتوازنة" من غير ان يوضح اكثر.
خطورة يكن ليست في كونه ناقلاً لما يريده الأسد فقط. وليست في تلك "الثقة" التي يحظى بها من الأسد الى حدّ أن يختلي به وحده دون الوفد الذي انتظر كلّه خارجاً.. فقط. وليست في كونه يتبلّغ "كلمة السرّ" ويبلّغها.. فقط. انّ خطورته تكمن في كونه "المنظّر" لما يمكن أن يكون. والدليل انه بعد ان نقلَ مواقف الأسد وبعدَ أن أعطى آراءه، هناك مِن حوله مَن يعدّ لـ"فتاوى" تبيح مقاتلة القوات الدولية في لبنان.
على أساس ما تقدّم ذكرُه، يمكن القول ان البحث عن "شريك سنّي" في "المشروع السوريّ" المحكوم بالفشل، يتوازى مع عمل أمني مركّب، يصبح أحد أهدافه في غياب الأفق السياسي، تشجيع التطرف وتغذية التوتر للارباك.
لكن ما ينبغي مخاطبة "حزب الله" بالتحديد به، هو الآتي: الشريك الماروني في مشروع السلطة البديلة احترق وقد أحرقتموه.. والشريك الدرزي أقلّ من وزن الريشة.. والشريك السنّي "الفعلي" لن ينوجد. ألا يفكّر "حزب الله" في الارتدادات داخل الوضع الشيعي؟.
المقال كاملاً:
http://www.almustaqbal.com.lb/stories.aspx?StoryID=198127