تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ضرورة الوحدة الإسلامية مقابل الحرب البابوية



الحسني
09-19-2006, 08:16 AM
ضرورة الوحدة الإسلامية مقابل الحرب البابوية


إذا كان إظهار الغضب مما أبداه بابا روما من فيه بما كشف عن بعض ما يخفيه صدره من الإسلام وأهله هو أول الدرج، فإن تفعيل موقف وحدوي ناهض في مقابل هذا الاعتداء العقدي السافر والتقديم لحملة عدوانية والتسويق لها باسم الدين هو سقف طموحات المسلمين اليوم وهم يعالجون حملة باباوية جديدة تشرف بالصليب على جيوش العدوان الأوروأمريكي بقيادة صهيونية مسيحية مزدوجة.. أو لنكن واضحين أكثر من غير أن ننتقص من فورة الغضب ولا نساهم من حيث لا نريد في إخماد جذوتها؛ فنقول إن الأمة الإسلامية وهي تعاني فرقة واختلافاً قاصماً لأظهر أبنائها وتسلطاً على شعوبها من فرسان الصليب الجدد، تواقة لأكثر من بيانات تنديد أو مطالبات بالاعتذار .


إن الفاتيكان وكبير كهنته لم ولن يعتذر، وسالف تجاربنا في الدنمارك وغير الدنمارك لا تبشر بغير ذلك، فمبلغ الأسف لن يجاوز اتهامنا المزمن بالغباء وسوء الفهم، لأننا قد "أسأنا فهم عبارات البابا" أو "فسرناها على نحو لم يقصده البابا" وسيكون الأسف لكوننا قوم جهل وغباء لم نفهم ما قاله "الحبر الأعظم "!!

إذا كان إظهار الغضب مما أبداه بابا روما من فيه بما كشف عن بعض ما يخفيه صدره من الإسلام وأهله هو أول الدرج، فإن تفعيل موقف وحدوي ناهض في مقابل هذا الاعتداء العقدي السافر والتقديم لحملة عدوانية والتسويق لها باسم الدين هو سقف طموحات المسلمين اليوم

إننا في الحقيقة مدعوون لأن نتخذ موقفاً عملياً من هرطقة البابا وترهاته يقفز فوق المطالبة باعتذار بينديكت السادس عشر من قبل وجهائنا واستجداء الاعتذار من قبل محدودي العزة من بعض مثقفينا، ويحدد أولويات الأمة في هذا المنعرج الوعر الذي تمر به تحوطها المخاطر من كل جانب والاعتداءات المتنوعة أيديولوجياً وعسكرياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً، ذاك أن أبرز ما يمكن قراءته من هذه الهجمة أنها محاولة لتقريب الموقف سعياً وراء تطابقه بين القارة العجوز الأوروبية وأمريكا وتوحيد موقفهما من الإسلام وأهله فيما كثير من المسلمين ذاهلين عن خطورة ما نبست به شفاه الشر الباباوية، إننا إن تتبعنا الخط السياسي للفاتيكان منذ عقود لن نخطئ هذا التجييش الذي تبدت ملامحه القمئة الآن وبأشد أمارات الإعلان والإظهار .

ليست كلمات البابا إلا قذائف لا تقل في عدوانيتها عن قذائف الآلة الحربية الصهيوأمريكية المدمرة، أو لنقل إنها بوق العدوان المشرعن له، فيما الساحة الإسلامية بعدُ خالية من أي محاولة جادة فاعلة في توحيد الصف الإسلامي ورأب الصدع بين فصائل هذه الأمة وعلمائها، وما لم تنجلي هذه الأزمة عن تنشيط الوعي الإسلامي برمته مما يدور لا من خلف الكواليس هذه المرة وإنما على خشبة المسرح العالمي ذاتها حيث الجمهور المسلم يشهد حد السيوف والتوطئة للاعتداء على المسلمين إن في أوروبا أو في غيرها ..

وما لنا لا ندق النواقيس، والخطر يقترب حثيثاً، والطبول تقرع والموعد يقترب، ويلزم أن نولي الأمر ما يستحقه من الاهتمام لا من أجل تسيير المظاهرات وتدبيج الخطب والمقالات وإنما سعياً خلف اصطفاف أصبح آكد من أي وقت مضى، لا سيما وخرائط التقسيم ومشاريع الاحتلال لم تعد في الأدراج بل وضعت أمامنا على المناضد ..

ولكي نتجاوز الخطاب الإنشائي، نقف على أبرز ما خلفته هذه الكلمات التي خرجت من فم بابا روما :

- الرجل لم تسبقه كلماته إلى تسعير الموقف وإشعاله، وإنما اختار توقيته بدقة، مترافقاً مع إرادة فاتيكانية في لم شمل الكاثوليك مع البروتستانت أو بعبارة أخرى أوروبا القديمة وأمريكا (أبرز الدول المعنية: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية) في حرب تشن على المسلمين لا مجال فيها لتعارض المصالح .
الآن أيها الرفاق.. الولايات المتحدة وبريطانيا وهما يعانيان أزمة احتلال حقيقية غلت أيديهما عن تفعيل مشروعهما الإمبراطوري الصهيومسيحي بحاجة إلى دعم غير محدود من القارة العجوز لابد وأن تبذله هذه القارة وتشارك في فاتورة الحرب الحالية واللاحقة بحظ وافر تروج له أيديولوجية متعصبة ثائرة في وجه العدو المزمن/ الإسلام .

- لا يمكننا أن نخلع هذه الكلمات العدوانية من سياق آخذ في الركوع الفاتيكاني المطرد لليهود يوماً بعد يوم، بدأ يظهر بقوة إبان فترة البابا السابق يوحنا بولس اليهودي الأصل ـ وفقاً لرواية مسيحية أردنية ـ الذي برأ اليهود من دم المسيح (في عقيدتنا أن المسيح رفعه الله رغم إرادة اليهود في قتله بل وافتخارهم بأنهم زعماً قد فعلوا ذلك "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم").
الخط البياني آخذ في الصعود باتجاه مزج الكاثوليكية وقد بدا يأخذ حدة الارتفاع بعد اغتيال البابا قبل الماضي بوضع السم له ثم اختيار كاهن روما من أصل يهودي للقيام بعملية التقريب هذه ثم خلافته بصديق مقرب إليه ساهم معه بقوة في تقويض الشيوعية هو جوزيف راتسينجر الذي تسمى باسم بنديكت السادس عشر، وقام في خلال عام ونصف العام بعدة فعاليات في اتجاه التقريب نستطيع إيجاز أبرز ما فيها فيما يلي :

1 ـ التقى حاخامين يهوديين بروما يوم للاحتفال بالذكرى الأربعين لإصدار الفاتيكان وثيقة تتعلق بالعلاقات مع اليهود(15 سبتمبر العام الماضي) ، والتقى الحاخام الأكبر لروما في يناير الماضي ودعا اليهود والمسيحيين إلى تشكيل اتحاد لمكافحة الحقد، وراسل الحاخام الأكبر في الكيان الصهيوني، طالبه فيها بالاستمرار في التعاون المشترك بين المسئولين عن تسيير الشئون الدينية اليهودية والمسيحية في العالم، استمرارًا لنهج سلفه يوحنا بولس الثاني.( 8 إبريل الماضي ).

2 ـ زار كنيس يهودي فور توليه منصبه ليعد الثاني بعد سلفه الذي يفعل ذلك على مدى تاريخ الكاثوليكية (لم تمض فترة طويلة كتلك التي أمضاها يوحنا بولس قبل أن يتغلب على خوفه ويزورها لأن سلفه كان قد عبد له الطريق فمضى به وأكمل المسيرة وبدأ من حيث انتهى سلفه). كان له السبق في دعوة رئيس صهيوني للفاتيكان قبل مضي عام من توليه منصبه .

3 ـ لفت نظر زواره من اليهود بأن عام 2006 يشهد الاحتفال بالعام الرابع على إعلان "نوسترا ايتيا" الذي صادق عليه المجمع الكنسي الثاني، والذي ينص على أن العلاقة بين اليهودية والكنيسة الكاثوليكية علاقة فريدة حيث إن أصول الديانة المسيحية تعود لجذور يهودية. وقال لهم أن "الكنيسة الكاثوليكية سوف تعمل من أجل مزيد من العلاقات الوطيدة مع اليهود، بعد تاريخ مؤلم من العلاقات, لكن اليهود والمسيحيين يسيرون في طريق جديد "
(15 نوفمبر الماضي )

4 ـ اعترض على احتجاجات سياسية عادية جداً تمس اليهود بحجة معاداة السامية، فقد طالب القساوسة التابعين للفاتيكان باتخاذ إجراءات جذرية للاحتجاج على إذاعة بولندية اعترضت على الابتزاز اليهودي لبلادهم بطلبات التعويض ضد ما قيل عن نزع ملكيتهم إبان الحرب العالمية الثانية، وجعل ذلك بمثابة "معاداة السامية"( 7 إبريل الماضي)، هذه المعاداة التي أعرب عن قلقه أيضاً منها في بيان عاجل أصدره الفاتيكان في أعقاب مظاهرة جرت في مدينة ميلانو الإيطالية احتجاجاً على المجازر الصهيونية بحق المسلمين في فلسطين .
- اختير بابا الفاتيكان السابق من أهم دولة أوروبية شيوعية وأكثرها تعداداً سكانياً وهي بولندة البالغ تعدادها نحو 38 ألف نسمة.. كان يهودياً تنصر بظروف غامضة وأصبح راهباً من ثم وأوصل إلى الفاتكيان الذي كان باباواته من إيطاليا دوماً، وتعامل مع الاستخبارات الأمريكية مثلما هو متواتر لدى الجميع من أجل إسقاط الشيوعية وتمهيد الطريق للإمبراطورية الصهيوأمريكية، واختير بابا الفاتيكان الحالي من أكاديمي جامعات ألمانيا اللاهوتية ليكون بمثابة القنطرة التي تعبر منها ألمانيا إلى مساحة التنسيق الكامل مع الصهيومسيحية الجديدة، فالتقى البابا بأحبار ألمانيا في 10 مارس الماضي، ومضى بطريق التأثير على السياسة الألمانية الجديدة التي تقودها ميريكل بعد إطاحة جورهارد شرودر، وكان مفهوماً أن يأتي الدفاع عن البابا أول ما يأتي من برلين مثلما احتضنت وارسو البابا السابق، وقلب طاولة السياسة في وجه الشيوعية بواسطة منظمة تضامن البولندية منها .
( مجلة ذي بلد أم سونتاج الألمانية كشفت في 3 أكتوبر الماضي عن أن أجهزة الاستخبارات الألمانية الشرقية كانت تراقب البابا الحالي بشدة لدوره الخطير في تقويض أركان الشيوعية، لاسيما وهو كان من دعاة توحيد ألمانيا قبل أن يسقط جدار برلين في تسعينات القرن الماضي ).

- أتت انتقادات البابا للعقيدة الإسلامية بعد خمس سنوات من ورود كلمة "الحرب الصليبية" للمرة الأولى على لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش لتوصيف حربه التي شنها على المسلمين في أكثر من دولة من مجموع 60 دولة "إرهابية" (هم للمصادفة عدد الدول الإسلامية تقريبا!!)، وقبل مرور نحو شهر على إعلان الرئيس الأمريكي الحرب على ما أسماه الفاشية الإسلامية، وقبل أقل من عام مر على أزمة الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم والتي أشعل أوارها اليهود الذين اتخذوا من نجمة داود شعاراً للصحيفة المسيئة .


(منقووووول)