تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مجموعة قصص من الواقع



مختلف
09-06-2006, 10:50 AM
من الواقع ... سلوى

تقول صاحبة القصة: لم أدرك حين كنت أدرس في مدارس التعليم العام أن الواقع الذي نعيشه غير المنهج الذي ندرسه، فقد درست وتعلمت بل كنتُ متفوقة في دراستي.. تعلمت وأدركت عظمة الخالق عز وجل وكيفية إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بالقضاء والقدر بل والرضا بما قدرَّه الله تعالى.. مرت السنون وتزوجتُ رجلاً عشتُ معه سنين جميلة، أنجبت فيها ابنتي الأولى ثم الثانية والثالثة تباعاً، ففي كل عام تستقبل الأسرة مولودة وكنت خلالها أرقب في عيني زوجي رغبته الملحَّة في إنجاب ذكر يحمل اسمه، وكأن الاسم لابد أن يحمله آخر غيرك.

تغير زوجي وبدأ يتعامل معي بأسلوب ينقصه الحب والاحترام عندما أنجبتُ ابنتي الرابعة، وكانت آية في الجمال! كبرت فكانت صورتها تحكي كل معاني البراءة والطهر.. في العام الرابع عشر لزواجنا حملت للمرة الثامنة وابنتي السابعة لم تبلغ شهرها الثالث بعد! وعصفت بي أمراضٌ كثيرة كان الضغط والسكر أبرزها عدا هشاشة العظام التي زارتني باكراً وعمري لم يتجاوز أربعاً وثلاثين سنة، وعدا عن كون رحلة الحمل هذه وهناً على وهن فقد تحولت لرحلة عذاب نفسي وتهديد دائم من زوجي الذي ازداد جبروتاً وغلظة في التعامل معي ومع بناتي السبع على الرغم من أن الله قد أنعم عليه بنعمة الصحة والمال إلا أنه يضيّق الخناق علينا! وبرغم كوني امرأة عاملة وأصرف مرتبي كاملاً على بناتي وبيتي إلا أننا نوشك أن نُعَدّ من الفقراء.

ثقُل الحمل في الأشهر الأخيرة وصاحبته الأمراض فسقطت بعض أسناني وأصابها التسوس من جراء نقص الكالسيوم الذي استهلكته خلال الحمل المتواصل لعدة سنوات، كما ضعف نظري كثيراً، وتحول لون شعري إلى اللون الرمادي كحياتي! بل هو أفتح منها قليلاً. لم أعترض قط على ما وهبني الله من البنات، فقد كنت أمارس حياتي كأم وصديقة لبناتي! بل إنني كثيراً ما أحمد الله على ما وهبني من نعمة الإنجاب أولاً ثم ممارسة الأمومة ثانياً، وتبقى ثالثاً ورابعاً المتعة التي أجدها في الحديث معهن حين ينقلن لي أخبار المدرسة وأحاديث صديقاتهن ومداعباتهن لمعلماتهن فقد وهبهن الله خفة في الدم وجمالاً في الروح! وما كنت لدينا حين نتحلق ونضع القهوة والحلا مساءً ونجتمع سوياً لا يقطع حديثنا إلا صراخ إحدى الصغيرات وأغلقت أختها باباً أو تشاجرت معها بسبب لعبة. وان كان الناس يؤلفون ويروون اطرف النكت فنحن نعايشها يومياً.

تستطيع حينما ترى حياتنا أن تنعتها بالانبساط ولكنك أبداً لن تصفنا بالسعداء! فنحن وإن كنا “أنا والبنات” في حالة سرور إلا أنه ما إن يحضر “السيد” إلا وتجد البنات يتقافزن متفرقات هلعات فهو على الدوام عابس مكفهر متبرم ناقم.. عجباً.. كيف ينقم على نعمة؟

اقترب موعد الولادة، وبدأ التوتر يظهر في أجواء الأسرة.. شعرت البنات بناقوس الخطر يدق في أركان بيتنا من جراء تهديد والدهنّ لي بالطلاق تارة وبالزواج من ثانية تارة أخرى، بل وتعدى الأمر إلى التهديد بالطرد من المنزل إن أنجبت بنتاً. وعاشت البنات في قلقٍ ونقلن معاناتهن لصديقاتهن في المدرسة وامتد ذلك القلق لأسرهن إشفاقاً على وضعنا، وحين حلّت الامتحانات.. كنت في الأيام الأخيرة من الحمل.. وأخيراً وضعت.. وضعتها أنثى.. الثامنة، جميلة، بل فاتنة.. سليمة من العاهات.. وحين علم زوجي بذلك لم يتمالك نفسه فخرج من المستشفى غاضباً ساخطاً وترك بناته في مدارسهن ينتظرنه للعودة للمنزل بعد انتهاء الامتحان، وتركني أعانى آلام الوضع والحيرة.

وأخيراً عادت البنات بصحبة إحدى المعلمات، بينما أنا في المستشفى أرقب عودته لتسجيل الصغيرة وإثبات ولادتها ولا توجد معي أوراق رسمية! ورجع زوجي بعد يومين وأعادني إلى منزلي بعد إنهاء الإجراءات، وكان يشتم ويسب، وكنت أصبر وأحتسب! عدت إلى منزلي فأورقت أغصان البنات واستأنفن المذاكرة فكلهن متفوقات دراسياً ولكن القلق أخذ يساورني على مستقبلهن، إلا أنني عدت إلى المنهج الرباني مؤمنة بالقضاء والقدر، والرضا به.

تستكمل السيدة الصابرة حديثها وتقول: “لم يكن وجود طفل صغير في المنزل شيئاً مستغرباً فنحن ما نكاد نودع السنة الأولى من حياته إلا ونستقبل طفلاً آخر! لم نصل بالطبع إلى تكوين فريق كفريق كرة القدم فما زلنا بحاجة لمدافع أو أكثر.. أما المهاجم فموجود طوال الوقت يسجل أهدافاً موجعة على فريقه. ومرت السنون وكبرت “سلوى” المسخوط عليها.

فصارت تستقبل والدها.. تداعبه.. تقبَّل يده، ولكنه يقابل ذلك اللطف بجفاء وغلظة، وكثيراً ما يعنفها، ويتمتم بكلماتٍ ساخطة ومكررة: “الله لا يكثركن عند الصديق”. وإن كان من المعتاد أن يكون الأب الذي لديه بنات أكثر لطفاً وحناناً ممن لديه ذكور إلا أن هذا الأب لم يستشعر الأجر لمن يعيل ابنتين فكيف بثمان؟ ولم يستمتع قط بهذا الجو الأسري الآسر وبلطف بناته وحنانهن! ولم يُقدر كونه أباً ومسؤولاً عن أسرته حين أحال حياة الأسرة إلى قلقٍ وتوتر، عدا اضطهاد زوجته بالتهكم بلفظ “أم البنات” وكأنها وصمة عار. ومع ذلك كنا نقنع أنفسنا بأن حياتنا ممتعة.. جميلة.

وجود “سلوى” في منزلنا أضفى على حياتنا الهدوء فكبرت البنات واستكملن دراستهن في تخصصات مختلفة.. أما “سلوى” ففي الصف الثالث الثانوي، وهي الصغرى ولم أنجب بعدها لأن زوجي كف عن المطالبة! بعد أن اعترته أمراض مختلفة فلم يعد يفكر بإنجاب المزيد! فضلاً عن أن صحتي لا تسعفني لمواصلة الإنجاب. ولم ينفذ زوجي تهديداته وانغمس في العمل التجاري وجمع الأموال وقلّت حدته وأصبح هادئاً بعد أن تكالبت عليه الأسقام، وأصيب بمرض يستدعي نقل مادة من النخاع الشوكي وتوقف عن الحركة تماماً، وكثرت مراجعاته للمستشفى فتقاعدتُ عن العمل لأصحبه عند كل مراجعة. واستدعى الأمر التبرع له من أحد أقاربه فذهبنا جميعاً للمستشفى لعمل اختبار لمعرفة مدى ملاءمة السائل لجسمه.. وكانت.. “سلوى” هي التي أثبتت الاختبارات والتحاليل مطابقتها تماماً للمطلوب. وخضعت لعملية نقل جزء من النخاع لإنقاذ والدها.. وحيث لم تكن “سلوى” من أهل الدنيا.. فقد فارقت الحياة بعد إجراء العملية.. غادرت الدنيا، بصراعاتها، وآلامها، وقلقها.. تركتها لنا ورحلت.. بعد أن أودعت في كبدي وسماً من الألم لا ينمحي.. وفي قلبي جرحاً لا يندمل.. وفي عيني دمعة متجمدة. حين كنت أراها بين أخواتها تتفجر نشاطاً وحركة، وتضج حيوية وإقبالاً على الدنيا بجمالها الأخّاذ وذكائها الوقّاد عدا عن تفوقها الدراسي وقدرتها على التعامل الرائع مع والدها ومعي ومع الناس.. حين كنت أرقبها وهي كذلك ينقبض قلبي.. ويراودني إحساس قديم لا يكذب. بل يتجدد... كنت أدرك أنها ليست الثامنة بل.. الزائرة.

مريم راشد

[email protected]

مختلف
09-06-2006, 11:05 AM
من الواقع ... موت وحياة

الموت لا يفرق بين صغير وكبير، صحيح أو عليل هكذا تقول أحداث هذه القصة التي أرسلتها لي احدى الصديقات تقول فيها : للمرة الأولى أجد نفسي مدفوعة للكتابة بهذا الشكل عن شيء يخصني وحدي ولكني قررت أن أفعل هذا على أمل أن تكون قصتي عبرة للجميع، فقد كنت فتاة تحب الحياة وتوليها جل اهتمامها، لم أكن أفكر في الموت مطلقا، وظننت أنه سيضل طريقه إلي ردحا طويلا من الزمن. كنت جميلة ومحبوبة ومرحة ومنطلقة في الحياة لم تكن همومي تتجاوز تفكيري في التميز في كل شيء، وهذا ماتحقق لي زمنا كنت محط رغبة الكثيرين، ولكني اخترت أفضلهم.

كان الأول في كل شيء، تعليمه وسامته ورجولته وخلقه، تميزه كان بلا حدود، وكان يعمل ضابطاً عسكرياً برتبة ملازم أول، بعد زواجنا، كانت علاقتنا محط غيرة وحسد الجميع أحببنا بعضنا بشكل لايوصف، فلا سعادة لأحدنا بدون الأخر، لانفترق إلا نادرا ويكون ذلك غالبا يوم الأربعاء من السادسة مساء حتى الثانية عشرة ليلا، يذهب لأصدقائه وأذهب لأهلي، يحادثني حتى وهو في مكتبه في العمل حدثت لنا بعض المشكلات وكان سببها الوحيد غيرته الشديدة علي من كل شي أهلي وإخوتي وأخواتي وملابسي ومكياجي حتى وصل به الأمر أن يجبرني على لبس الجلابيات حتي عند أهلي، لم تكن لي علاقات خارج حدود عائلتي وعائلته أبدا، لاجارات ولا صديقات ولا زيارات إلا ما ندر أوقعنا ذلك كله في مشكلة وموقف لا أرى داعياً لذكره هنا، وقد لاأستطيع ذلك، لكنه كان سببا في معرفة مدى حب أحدنا للآخر وعدم قدرته على التخلي والبعد عنه وأن كلاً منا خلق للأخر فقط وهذا ماأثبته لي وللجميع.

عاد الوضع أو استمر على هذا المنوال سعادة وحباً وتضحية وتفانياً وإخلاصاً حتى تلك الليلة، سهرنا كالمعتاد حتى الثالثة، حدثني عن حبه لي ورغبته في إسعادي وضمان مستقبلي أنا وطفله وأنه لا راحة له قبل ذلك، تحدثنا ولا أدري لماذا عن الوفاء بين الزوجين حتى بعد الموت، وأخبرني، أن الحب لاحدود له وأن سعادته وكماله في جنات النعيم، حيث لا انقطاع ولا فرقة ولامشاكل ولاتعب ونصب، ظننت لوهلة أن وفاة والده قبل عدة أشهر، كانت دافع هذا الحديث، وغفوت ليلتها لأستيقظ بعد ساعة على صوته وهو يقول لي (قومي صلي الله) يجزاك خير علشان تكونين زوجتي في الدنيا والآخرة كان واقفاً على الباب مرتدياً بذلته العسكرية أكاد أرى ملامحه الدافئه العذبة، تشق الظلام، ونظراته الحنونه تنطرح بكل صدقها علي. وابتسامته البريئة تزين محياه.

ودعني على أمل أن يعود لي ظهراً وهو يحمل بين يديه علبة العصير التي أحب. لكنه ماعاد ومارأيته بعدها سوى في أحلامي، نعم، سقط صباحا بين يدي ربه، وعلى مرأى من الجميع وهو ينازع سكرات الموت من دون سبب واضح غير انتهاء أجله، سكتة قلبية أنهت كل شيء، من دون استئذان، أو إنذار، في بداية هذا العام لم يكن مريضا ولا مدخنا، لم يتجاوز الواحدة والثلاثين من عمره لكنه (الموت) نعم (الموت) بكل قوته وجبروته لا راد له، ولا رحمة في قلبه، ولامجال لتفاوض معه.

في تلك الليلة، نمت وأنا أمتلك أجمل حياة، وبيتاً واسعاً، وسيارة آخر طراز، وزوجاً متيماً ومحباً وحياة هانئة، ولكني استيقظت على زوالها كلها في طرفة عين، لأبقى وحيدة، مذهولة، لاحول لي ولا قوة، أصبحت، أرملة، في السابعة والعشرين من عمرها، في يدها طفل وفي أحشائها طفل آخر، مررت بكرب لايعلم به إلا الله، ولكني فررت منه إليه، وكان بي رحيماً، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.

تغيرت حالي وأصبحت من أكثر الناس احتقارا للدنيا، وأكثرهم طمعا فيما عند الله، أعطتني الدنيا كفاً لاينسى، ولكنه كان في وقته، صحوت من غفلتي وتوجهت الى ربي بالدعاء عسى أن يتجاوز عنه وعني ويسكنه فسيح جناته بكرمه ورحمته وأن لا يكلنا على أعمالنا ولاعلى أنفسنا طرفة عين، تذكرت قولة تعالى “وحيل بينهم وبين مايشتهون”، وأنا أفكر في أمره وأمري، وتأكدت أنه لكل أمر إذا ماتم نقصان.



مريم راشد

[email protected]

منال
09-06-2006, 11:39 AM
كفاية علىّ قراءة اول قصة

بارك الله بك

رحمهم الله واصلح حال الجميع

والسلام عليكم

المصارع
09-09-2006, 06:52 PM
http://http://www.moveed.com/data/media/126/vev2.jpg

المصارع
09-09-2006, 06:53 PM
http://www.saowt.com/forum/Windows Picture and Fax Viewer