تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : «تنبيه الغافلين وإعلام الحائرين بأن إعادة الخلافة من أعظم واجبات هذا الدين»



ابو شجاع
09-04-2006, 02:18 PM
هذا البحث مأخوذ من كراسة للكاتب الشيخ «على بن الحاج» وهو أحد قادة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في الجزائر. وبعضهم يعتبره الرجل الثاني في الجبهة بعد رئيسها «عباسي مدني». والكراسة تحمل عنوان: «تنبيه الغافلين وإعلام الحائرين بأن إعادة الخلافة من أعظم واجبات هذا الدين». وقد رأت «الوعي» أن هذا البحث ذو قيمة كبيرة في توعية المسلمين فرأت أن تنشره إسهاماً منها في نشر رسالة الإسلام.

وبالمناسبة نودّ أن نلفت نظر الذين يقولون: «فما ذنب المسلمين في هذا الوقت الذي لا يستطيعون فيه أن ينصبوا خليفة، والله تبارك وتعالى يقول: ]لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[ نود أن نلفت نظرهم إلى أن المسلمين في هذا الوقت يستطيعون أن ينصبوا خليفة إذا جَدّوا في ذلك. أمّا إذا أهملوا الفريضة ووُجِد من يفتيهم بأنها ليست فريضة وبقيت غالبيتهم متهاونة في شأن هذه الفريضة فإن نصب الخليفة سيتأخر. ولا ينجو من إثم بقاء المسلمين دون خليفة إلا من يعمل بشكل جادّ لتنصيبه.

إذا كان المسلمون لا يستطيعون نصب خليفة بشكل فوري، فإن عليهم أن يعملوا بشكل مستمر كي يهيئوا الأسباب ويزيلوا العوائق ويرتبوا الأمور ولو أخذ ذلك سنوات وسنوات، فرسول الله صلى الله عليه وسلم استمر مع أصحابه ثلاثة عشر عاماً يعمل بكل جدية حتى استطاع أخذ السلطة وإقامة الدولة في المدينة المنورة.

أما القول بأن المسلمين غير مستطيعين الآن، إذاً فإن الله لا يكلّفهم العمل لإقامة الخلافة. هذا القول هو خطأ بشكل قطعي. ولا تبرأ ذمة المسلم إن قلّد مثل هذا القول لأنه يتصادم مع الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة ويتصادم مع إجماع الصحابة الكرام وأقوال الأئمة والعلماء على مدى الأجيال.

فيما يلي: بحث فضيلة الشيخ علي بن الحاج:

لا شيء أروح للنفس وأقر للعين ولا أثلج للصدر من أن نرى شباباً يعملون في حماسة منقطعة المثيل ـ لإحياء السنن المندرسة وقمع البدع المنكرة المنتشرة هنا وهناك ألا فطوبى لهم وحسن مآب، ولو أنهم شمروا على ساعد الجد لإحياء فرائض الدين العظيمة والتي لا قيام للدين إلا بها لجمعوا بين فضيلتين إحداهما أعظم من الأخرى أجراً وأنبل قدراً بل ولا قيام للثانية إلا بالأولى، وكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على إحياء الفرائض التي طمس معالمها اليهود فإذا وُفق إلى إحياء تلك الفريضة حمد الله كثيراً.

جاء في صحيح مسلم عن البراء بن عاذب قال: «مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم يهودي محمَّماً مجلوداً فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. فدعا رجلاً ن علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟ قال: لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك نجده الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشرف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم». فيا فوز من عمل لإحياء الفرائض العظام والسنن الشريفة معاً. ولا شك عند أهل العلم أن أعظم الفرائض التي ينبغي أن نعمل جاهدين على إحياءها والتذكير بعظيم شأنها، إذ بغيرها لا قيام للدين ولا للدنيا ألا وهي فريضة الخلافة:

«الخلافة على منهج النبوة» كيف لا وقد قرر علماء الإسلام وأعلامه أن الخلافة فرض أساسي من فروض هذا الدين العظيم بل هو «الفرض الأكبر» الذي يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض، وإن الزهد في إقامة هذه الفريضة من «كبائر الإثم»، وما الضياع والتيه والخلافات والنزاعات الناشبة بين المسلمين كأفراد وبين الشعوب الإسلامية كدول إلا لتفريط المسلمين في إقامة هذه الفريضة العظيمة، وخير من وضع هذه الحقيقة والنتائج والوخيمة الناجمة عن سقوط الخلافة:
الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه «المسلمون والعمل السياسي ص13» قال: «ولكن بعد سقوط آخر سلاطين آل عثمان (1345هـ: 1927م) سقطت الخلافة الإسلامية التي استمرت ثلاثة عشر قرناً من الزمان وقابل المسلمون بذلك في بلادهم الإسلامية أوضاعاً شاذة لم يكلها شبيه طيلة القرون السابقة، وأهم أوجه الاختلاف ما بين الأوضاع المعاصرة والماضي ما يلي:
1- قسمت أمة الإسلام إلى أقاليم جغرافية متعددة كانت معظم هذه الأقاليم واقعة تحت سلطان العدو الكافر: «إنجلترا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، وروسيا».
2- أقام الكفَّار في كل إقليم حكومة تابعة لهم من أهالي البلاد ممن يطيع أمرهم ويستطيع أن يضبط الأوضاع في بلده.
3- بدأ الكفار يستبدلون بالقوانين والنظم الإسلامية المطبقة في حياة الناس قوانين ونظماً كافرة من عندهم.
4- عمد الكفار إلى تغيير مناهج التعليم لإخراج أجيال جيدة تؤمن بالمفهوم الغربي للحياة، وتعادي العقيدة والشريعة الإسلامية.
5- ألغيت الخلافة الإسلامية نهائياً، وأصبح العمل لاستردادها والدعوة إليها جريمة يعاقب عليها القانون.
6- تحولت مقدرات المسلمين وأموالهم وثرواتهم نهباً للمستعمر الكافر الذي استغلها أسوأ استغلال وأذلّ المسلمين أعظم الذل.
وليكن في علم سائر المسلمين حيثما وجدوا أن أعداء الإسلام بذلوا جهوداً جبارة للإطاحة بالخلافة الإسلامية وجعلوا ذلك من خططهم الجهنمية.
قال جلال العالم في كتابه «دمروا الإسلام أبيدو أهله» ص 48: «أولاً: القضاء على الحكم الإسلامي بإنهاء الخلافة الإسلامية المتمثلة بالدولة العثمانية التي كانت رغم بُعد حكمها عن روح الإسلام إلا أن الأعداء كانوا يخشون أن تتحول هذه الخلافة من خلاله شكلية إلى خلافة حقيقية تهددهم بالخطر... ولما ابتدأت مفاوضات مؤتمر لوزان لعقد صلح بين المتحاربين اشترطت إنجلترا على تركيا أنها لن تنسحب من أراضيها إلا بعد تنفيذ الشروط التالية:
1- إلغاء الخلافة الإسلامية وطرد الخليفة من تركيا ومصادره أمواله.
2- أن تتعهد تركيا بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار الخلافة.
3- أن تقطع تركيا صلتها بالإسلام.
4- أن تختار لها دستوراً مدنياً بدلاً من دستورها المستمد من أحكام الإسلام.
فنفَّذ كمال أتاتورك الشروط السابقة فانسحبت الدول المحتلة من تركيا.
ولمّا وقف كروزون وزير خارجية إنجلترا في مجلس العموم البريطاني يستعرض ما جرى مع تركيا احتجَّ بعض النواب الإنجليز بعنف على كروزون واستغربوا كيف اعترفت إنجلترا باستقلال تركيا التي يمكن أن تجمع حولها الدول الإسلامية مرة أخرى وتهجم على الغرب ـ فأجاب كروزون: لقد قضينا على تركيا التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم... لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة، فصفق النواب الإنجليز كلهم وسكتت المعارضة».

أدلة وجوب إقامة الخلافة

من منا لا يعرف أن إقامة الخلافة على منهاج النبوة من أعظم واجبات الدين وقد تقرر هذا من عقيدة أهل السنة والجماعة واستدلوا على صحة ما ذهبوا إليه بالكتاب والسنة والقواعد الأصولية.
1- من القرآن الكريم :

]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا[ [النساء: 58].
قال منّاع خليل القطاع ص 301 ـ وجوب تطبيق الشريعة ـ «... فقد توجه الخطاب بالأمر بأداء الأمانات إلى أهلها وهذا عام في جميع الأمانات، فالدين أمانة والشريعة أمانة، والحكم بالشريعة أمانة...

وقد أورد ابن جرير في تفسير هذه الآيات روايات كثيرة على أنها نزلت في ولاة الأمور، وروى عن مصعب بن سعد قال: قال علي رضي الله عنه كلمات أصاب فيهنّ: «حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة، وإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا»... وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي قول من قال: هو خطاب من الله لولاة أمور المسلمين بأداء الأمانة التي من وُلوا أمره في فيئهم وحقوقهم وما ائتمنوا عليه من أمورهم بالعدل بينهم في القضية والقسم بينهم بالسوية» ولابن تيمية كلام نفيس في معنى هذه الآية والتي تليها فانظره على جناح السرعة في كتابه السياسة الشرعية ص 6 ـ 7.
]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأََمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[ [النساء: 59].
قال الطبري: «وأوفى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: «هم الأمراء والولاة فيما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة» وقال ابن كثير: «الآية عامة في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء» لا شك أن الأمر بالطاعة أمر بإيجاد من يستحق هذه الطاعة ألا وهو الخليفة.
والآيتان اشتملتا على أركان الدولة:

1- الحكام وهم ولاة الأمور.

2- الأمة: بوجوب الطاعة لأولي الأمر.

3- القانون والنظام = الشرع.

واكتفي بهذا عن عشرات الآيات في إقامة حكم الله وكذا الحدود والقصاص والجهاد، ولا يمكن أن تقوم هذه الفرائض إلا بوجود إمام مطاع غيور على دين الله عزّ وجل.

2- من السنة النبوية:

والأحاديث التي يستفاد منها وجوب إقامة الخلافة أكثر من أن تُحصى وأشهر من أن تذكر.

فهذا الإمام البخاري رحمه الله عقد في صحيحه فصلاً جمع فيه الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالخلافة وشؤون الحكم وأسماه «كتاب الأحكام».

وهذا الإمام مسلم رحمه الله جمع في صحيحه الأحاديث التي تتعلق بالخلافة وأحكامها وأسماه «كتاب الإمارة» وهكذا في سائر كتب السنة فراجعها أخي المسلم ثم أنظر ماذا ترى!؟ وستدرك فوراً أننا فرطنا في هذه الفريضة غاية التفريط.
اللهم غفرانك.

- الإجماع:

ولعل هذا من أقوى الأدلة على نصب إمام. لا سيما إجماع الصحابة وهم خيرة السلف الصالح على الإطلاق. والإجماع وإن كان عزيزاً حتى قال ناصر السنة وقامع البدعة الإمام المبجّل أحمد بن حنبل: «من ادعى الإجماع فقد كذب». فهو ثابت بنصوص من الكتاب والسنة.
قال ضياء الدين الريّس في كتابه: الإسلام والخلافة ص 348: «والإجماع كما قرروه أصل عظيم من أصول الشريعة الإسلامية وأقوى إجماع أو أعلاه مرتبة هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم لأنهم هم الصف والرعيل الأول من المسلمين، وهم الذين لازموا الرسول عليه السلام واشتركوا معه في جهاده وأعماله وسمعوا أقواله فهم الذين يعرفون أحكام وأسرار الإسلام وكان عددهم محصوراً وإجماعهم مشهوراً وهم قد أجمعوا عقب أن لحق الرسول عليه السلام بالرفيق الأعلى على أنه لا بد أن يقوم من يخلفه واجتمعوا ليختاروا خليفته ولم يقل أحد منهم أبداً أنه لا حاجة للمسلمين بإمام أو خليفة فثبت بهذا إجماعهم على وجوب وجود الخلافة وهذا هو أصل الإجماع الذي تستند إليه الخلافة».

ثم نقل عن الشهرستاني قوله: «وما دار في قلبه (أي الصديق) ولا في قلب أحد أنه يجوز خلو الأرض عن إمام فدلّ ذلك كله على أن الصحابة وهم الصدر الأول ـ كانوا على بكرة أبيهم متفقين على أنه لا بد من وجوب الإمامة».

4- من القواعد الشرعية:

لا يخفى على من درس هذا الدين العظيم حق الدراسة أن قيام الدولة المسلمة ليس هدفاً في حد ذاته وإنما هو من مستلزمات هذا الدين لأن ثمة جملة من الفرائض ليس في متناول آحاد الرعية القيام بها منها إقامة الحدود، والجهاد في سبيل «الله» إعلاء كلمة الله، وجباية الزكاة وصرفها الخ...
فهذه الواجبات الشرعية تتوقف على نصب خليفة، ولا شك أنه تقرر في شريعتنا الغراء أنه:
«ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».

ابو شجاع
09-04-2006, 02:19 PM
نُقول أهل العلم في وجوب نصب خليفة

والآن إليك أخي المسلم ـ في بلاد الله قاطبة بعض النقول لفحُول أهل العلم في القديم والحديث في وجوب نصب إمام مسلم يتولى أمر المسلمين.
1- قال الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية ص5: «عقد الإمامة لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع».

2- وقال أيضاً في الأحكام السلطانية: « ويجب إقامة إمام يكون سلطان الوقت وزعيم الأمة ليكون الدين محروساً بسلطانه جارياً على سنن الدين وأحكامه».

3- قال أبو يعلى الفراء في الأحكام السلطانية ص19: «نصبة الإمام واجبة وقد قال أحمد رضي الله عنه في رواية محمد ابن عوف بن سفيان الحمصي: «الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس».
قال الشوكاني في نيل الأوطار ج8/ 265: «فعند العترة وأكثر المعتزلة والأشعرية تجب شرعاً».

4- قال ابن تيميه في السياسة الشرعية 161: «فالواجب اتخاذ الإمارة ديناً وقربة يتقرب بها إلى الله، فإنّ التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله، من أفضل القربات، وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس، لابتغاء الرئاسة أو المال فيها» وقال أيضاً في مجموع الفتاوى 28/ ص62: «وكل ابن آدم مصلحتهم لا تتم في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر، فالتناصر على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم. ولهذا يقال: الإنسان مدني بالطبع، فإذا اجتمعوا فلا بد لهم من أمور يفعلونها يجتلبون بها المصلحة، وأمور يجتنبونها لما فيها من المفسدة، ويكونون مطيعين للآمر بتلك المقاصد والناهي عن تلك المفاسد، فجميع بني آدم لا بد لهم طاعة آمر وناه.

5- وقال في ص 64 عطَّر الله أنفاسه. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بتولية ولاة أمور عليهم وأمر ولاة الأمور أن يردوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله تعالى ـ ففي سنن أبي داود ـ عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم».

وفي سننه أيضاً عن أبي هريرة مثله، وفي مسند الإمام أحمد وعن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا أحدهم». فإذا كان قد أوجب في اقل الجماعات وأقصر الجماعات أن يولي أحدهم: كان هذا تنبيهاً على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك، ولهذا كانت الولايات لمن يتخذها ديناً يقترب به إلى الله ويفعل فيها الواجب بحسب الإمكان من أفضل الأعمال الصالحة، حتى قد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ أحبّ الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغض الخلق إلى الله إمام جائر».

6- ونقل ابن تيميه في كتابه عن علي بن أبي طالب أنه قال: «لابد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة، فقيل يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟ فقال: يقام بها الحدود وتأمن بها السبل ويجاهد بها العدو يقسم بها الفيء». مجموعة الفتاوى 28/ ص197.

والعجب العجاب أننا اليوم لا نعيش لا تحت إمارة بارة ولا إمارة فاجرة إذ الحدود معطلة والسبل مقطوعة والجهاد في بلاد المسلمين مصادر والويل كل الويل لمن حرّض عليه!!!

7- جاء في الفتاوى ج28/ ص 390 يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم» فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ولهذا روي: «إن السلطان ظل الله في الأرض» ويقال: «ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان» والتجربة تبين ذلك ولهذا كان السلف ـ الفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما يقولون: «لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان».

8- إنَّ نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين لهم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النظر إليه في أمورهم وكذا في كل عصر بعد ذلك ولم يترك للناس فوضى في عصر من العصور واستقر ذلك إجماعاً دالاً على وجوب نصب الإمام».

9- قال ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/ 87: «اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله r حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا: لا يلزم الناس فرض الإمامة وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم».

10- قال القرطبي في تفسيره 1/ 264: «ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روى عن الأصم حيث كان عن الشريعة ـ أصم ـ وكذلك كل من قال بقوله واتبعوه على رأيه ومذهبه».

11- قال الهيثمي في الصواعق المحرقة ص17: «اعلم أيضاً أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على أن نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب، بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله r».

12- قال النووي 12/ 205 شرح صحيح مسلم: «أجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة».

13- قال الجرجاني: «نصب الإمام من أتم مصالح المسلمين وأعظم مقاصد الدين».

14- قال إمام الحرمين ابو المعالي الجويني في كتابه غياث الأمم: «الإجماع على وجوب تنصيب خليفة يحكم بين الناس بالإسلام».

15- قال الإيجي في المواقف وشارحه الجرجاني 603: «إنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على امتناع خلو الوقت من إمام حتى قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته المشهورة حين وفاته عليه السلام: «ألا إن محمد قد مات ولا بد لهذا الدين من يقوم به فبادر الكلُّ إلى قبوله وتركوا له أهم الأشياء وهو دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يزل الناس على ذلك في كل عصر إلى زماننا هذا من نصب إمام متبع في كل عصر».

16- قال د/ ضياء الدين في كتابه الإسلام والخلافة ص99: «فالخلافة أهم منصب ديني وتهم المسلمين جميعاً، وقد نصت الشريعة الإسلامية على أن إقامة الخلافة فرض أساسي من فروض الدين بل هو الفرض الأعظم لأنه يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض».

17- وقال أيضاً في ص 341: «إن علماء الإسلام قد أجمعوا كما عرفنا فيما تقدم ـ على أن الخلافة أو الإمامة فرض أساسي من فروض الدين بل هو الفرض الأول أو الأهم لأنه يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض وتحقيق المصالح العامة للمسلمين ولذا أسموا هذا المنصب «الإمامة العظمى» في مقابل إمامة الصلاة التي سميت «الإمامة الصغرى» وهذا هو رأي أهل السنة والجماعة وهم الكثرة العظمة للمسلمين وهو إذاً رأي كبار المجتهدين: الأئمة الأربعة والعلماء مثال الماوردي والجويني والغزالي والرازي والتفتازاني وابن خلدون وغيرهم وهم الأئمة الذين يأخذ المسلمون عنهم الدين وقد عرفنا الأدلة والبراهين التي استدلوا بها على وجوب الخلافة، أما الشيعة فهم يقدرون الإمامة أكثر من ذلك ويرون أنها ليست فرضاً فحسب بل هي ركن الدين وأصل الإيمان الذي لا يصح الإيمان إلا بوجودها، فالخلافة إذن عند المسلمين إما فرض أو ركن من العقيدة فهذه حقيقة علمية دينية لا جدال فيها».

18- قال عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه الشورى ص 26: «فالإمامة العامة أو الخلافة هي التي يناط بها إقامة شرع الله عز وجل وتحكيم كتابه، والقيام على شؤون المسلمين، وإصلاح أمرهم، وجهاد عدوهم، ولا خلاف بين المسلمين على وجوبها ولزومها وأثمهم جميعاً إذا قعدوا عن إقامتها».

19- قال أبو يعلي في الأحكام السلطانية ص 19: «وهي فرض على الكفاية فخوطب بها طائفتان من الناس إحداهما أهل الاجتهاد حتى يختاروا والثانية: من يوجد فيه شرائط الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة».

20- قال عبد القادر عودة ص 124: «وتعتبر الخلافة فريضة من فروض الكفايات كالجهاد والقضاء، فإذا قام بها من هو أهل سقطت الفريضة عن الكافة وإن لم يقم بها أحد أثم كافة المسلمين حتى يقوم بأمر الخلافة من هو أهل لها. ويرى البعض أن الإثم يلحق فئتين فقط من الأمة الإسلامية أولاهما: أهل الرأي حتى يختاروا أحدهم خليفة.
والثانية: من تتوفر فيهم شرائط الخلافة حتى يختار أحدهم خليفة. والحق أن الإثم يلحق الكافة لأن المسلمين جميعاً مخاطبون بالشرع وعليهم إقامته... وإذا كان الاختيار متروكاً لفئة من الناس فإن من واجب الأمة كلها أن تحمل هذه الفئة على أداء واجبها وإلا شاركتها في الإثم...».

21- قال سليمان الديجي في كتابه الإمامة العظمى ص 75: «والحق أنه لا شك أن وجوبها على الطائفتين آكد من غيرهما ولكن إذا لم تقوما بهذا الواجب فإن الإثم يلحق الجميع، وهذا هو المفهوم من كونها فرض كفاية، أي إذا قام بها بعضهم سقطت عن الباقين، ولكن إذا لم يقم بها أحد أثم الجميع كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والعلم وغير ذلك.

واليوم تقاعست هاتان الطائفتان عن القيام بهذا الواجب أو حيل بينهم وبين ما يشتهون، فتعين على كل مسلم ـ كل بحسب استطاعته ـ العمل لإقامة الخلافة الإسلامية العامة، التي تجمع شمل المسلمين تحت راية التوحيد الصادقة وترد لهذا الدين هيمنته وقيادته وترد للمسلمين كيانهم ومكانتهم التي فقدوها بسبب تقصيرهم في القيام بهذا الواجب العظيم والله المستعان».

22- قال د/ محمد الخالدي في قواعد نظام الحكم في الإسلام ص 248: «وما الذل الذي يخيم على المسلمين فيجعلهم يعيشون على هامش العالم وفي ذيل الأمم ومؤخرة التاريخ إلا قعود المسلمين عن العمل لإقامة الخلافة وعدم مبادرتهم إلى نصب خليفة لهم، التزاماً بالحكم الشرعي الذي أصبح معلوماً من الدين بالضرورة كالصلاة والصوم والحج، فالقعود عن العمل لاستئناف الحياة الإسلامية معصية من أكبر المعاصي، لذلك كان نصب خليفة لهذه الأمة فرضاً لازماً لتطبيق الأحكام على المسلمين وحمل الدعوة الإسلامية إلى جميع أنحاء العالم».

وأظن أن في هذه النقول كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ابو شجاع
09-04-2006, 02:20 PM
نُقولُ أهل العلم في واجبات الخليفة نحو الرعية

وأرغب الآن أخي المسلم في أن أضع بين يديك بكل أمانة الواجبات التي يجب على الخليفة المسلم أن يقوم بها نحو الرعية وإلا فهو آثم إثماً عظيماً يصل أحياناً إلى وجوب عزله ونصب إمام آخر بدله فهاكها:

· قال ابن حزم الأندلسي في المحلى ج 1/ ص 46:
«الإمام إنما جعل ليقيم للناس الصلاة ويأخذ صدقاتهم ويقيم حدودهم ويمضي أحكامهم ويجاهد عدوهم (1)».

(1) تعليق: فهل رأيت أخي المسلم من يقوم بهذه الواجبات في أرض الله؟ أظن أن الجواب عندك أن من يعمل ويذكر بهذه الواجبات يعتبر مجرماً في بلاد المسلمين الآن.


· قال ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية ص 311.

«إن الأحكام الشرعية لها طرق شرعية (لتنفيذها) ولا تتم مصلحة الأمة إلا بها ولا تتوقف على مدع ومدعى عليه بل لو توقفت على ذلك فسدت مصالح الأمة واختل النظام، يحكم فيها متولي ذلك بالإمارات والعلاقات الظاهرة والقرائن البيّنة، ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور».

· قال النسفي في عقائده (142):

«والمسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وسدّ ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم وقهر المتغلبة المتلصصة وقطاع الطريق وإقامة الجمع والأعياد وقبول الشهادات القائمة على الحقوق وتزويج الصغار والصغيرات الذين لا أولياء لهم وقسمة الغنائم»(2).

تعليق (2): فهل رأيت أخي المسلم من يقوم بهذه الواجبات في أرض الله؟ أظن الجواب عندك أن من يعمل ويذكر بهذه الواجبات يعتبر مجرماً في بلاد المسلمين الآن.

· قال الشهرستاني:

«ولا بد للكافة من إمام ينفذ أحكامهم ويقيم حدودهم. ويحفظ بيضتهم ويحرس حوزتهم ويعبئ جيوشهم ويقسم غنائمهم ويتحاكمون إليه في خصوماتهم وينصف المظلوم وينتصف من الظالم وينصب القضاة والولاة في كل ناحية ويبعث القراء والدعاة إلى طرف».(3)

تعليق (3): إنهم لا يبعثون الدعاة وإنما يقتلون الدعاة والمآسي في العالم الإسلامي كله شاهدة بذلك قد تقول إن بعض البلاد تكوّن الدعاة وتصرف عليهم الأموال الطائلة ثم يرسل بهم إلى بلاد العالم. قلت إن أغلب هؤلاء دعاة لتلك الدولة وفكرتها لا إلى الإسلام النقي إلا من شذ منهم ولكل قاعدة شواذ كما يُقال.

· قال الإيجي صاحب (المواقف):

«إنا نعلم علماً يقارب الضرورة أنّ مقصود الشارع فيما شرح من المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاضاة وإظهار شعار الشرع في الأعياد والجمعات إنما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشاً ومعاداً وذلك لا يتم إلا بإمام يكون من قبل الشرع يرجعون إليه فيما يعن لهم.

· قال ابن باديس: ج 3/ ص 410:

«تقوم ـ أي الخلافة ـ على تنفيذ الشرع وحياطته بواسطة الشورى من أهل الحل والعقد من ذوي العلم والخبرة والنظر وبالقوة من الجنود والقوّاد وسائر وسائل الدفاع».

وقال الإيجي في المواقف:

«رياسة عامة في شؤون الدنيا والدين والأولى أن يقال هي خلافة رسول الله r في إقامة الدّين».

قال الماوردي ص5: الأحكام السلطانية:


«الإمامة موضوعة الخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به».

· قال ابن خلدون في المقدمة ص 190:

«هي حمل الكافة على مقتضى النظر والرأي الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجحة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدّين وسياسة الدنيا به».

· قال شيخ الأزهر محمد نجيب المطيعي:

«المراد بها، أي الإمامة الرئاسة العامة في شؤون الدنيا والدّين».

· قال ابن حرّم في الفصل: 4/ 87:

«وقد علمنا بضرورة العقل وبديهية أن قيام الناس بما أوجبه الله من الأحكام عليهم في الأموال والجنايات والدماء والنكاح والطلاق وسائر الأحكام كلها ومنع المظالم وإنصاف المظلوم وأخذ القصاص على تباعد أقطارهم وشواغلهم واختلاف آرائهم وامتناع من تحري في كل ذلك ممتنع غير ممكن...) إلى أن قال: (... وهذا الذي لا بد منه ضرورة ولهذا مشاهد في البلاد التي لا رئيس لها فإنّه لا يقام هناك حكم حق ولا حدّ حتى قد ذهب الدين في أكثرها(4) فلا تصلح إقامة الدين إلا بالإسناد إلى واحد أو أكثر».

تعليق (4): هذا في زمانه فكيف لو رأى زماننا.

· قال ابن تيمية في الفتاوي 28/ 262:

«والمقصود والواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر ديناهم».

· قال ابن الهمام في المسامرة ص 153:

«والمقصد الأول إقامة الدين أي جعله قائم الشعار على الوجه المأمور به من إخلاص الطاعات وإحياء السنن وإماتة البدع(5) ليتوف العباد على طاعة المولى سبحانه».

تعليق (5): البدع الآن مرخص بها في بلاد المسلمين ـ إلا ما رحم ربي ـ فتعطى الرخص لتعاطي الكهانة والسحر والشعوذة وإحياء المواليد الشركية والويل كل الويل لمن أنكرها فإن جزاءه السجن المظلم.

· قال الجويني في غياث الأمم ص 156:

«وأما الجهاد فموكل إلى الإمام، ثم يتعين عليه إدامة النظر فيه على ما قد سبق ذكره ـ فيصير أمر الجهاد بمثابة فرائض الأعيان والسبب فيه أن تطوّق أمور المسلمين وصار من اتحاد شخصه كأنه المسلمون بأجمعهم. فمن حيث اتناط جر الجنود وعقد الأولوية والبنود بالإمام وهو نائب عن كافة أهل الإسلام صار قيامه بها على أقصى الإمكان به كصلواته التي يقيمها».

· قال السُّبكي في معيد النهم ومبيد النقم ص 16:

«فمن وظائف السلطان تجنيد الجنود وإقامة فرض الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، فإن الله تعالى لم يوله على المسلمين ليكون رئيساً آكلاً وشارباً مستريحاً بل لينصر الدين ويعلي الكلمة فمن حقه ألا يدع الكفار يكفرون أنعم الله ولا يؤمنون بالله ولا رسوله(6)».

(6) تعليق: أغلب حكام اليوم يغتنون لمجرد صعودهم إلى كراسي الحكم والسلطة عكس عمر بن عبد العزيز الذي افتقر يوم نصب خليفة وكان غنياً. أما كيف يغتنون فحدث عن الحبر ولا حرج، وفي بعض الأحيان يضحكون على المغفلين فيصدّقون عليهم بدارهم معدودة فيظن أولئك لطيبة نفوسهم وسذاجة عقلوهم أن هؤلاء الحكام والسلاطين رحماء القلوب، والحقيقة أن ما يستحقون من أموال أضعاف ما أعطي لهم وإنّ تلك أموالهم سرقت منهم وأعطي لهم جزء منها، كالسارق الذي يسرق منك ـ خلسة ومكراً ـ مليوناً ثم يلقاك أمام المسجد أو في قارعة الطريق فيقول لك خذ خمسة دنانير لوجه الله فتظن بعد المصيبة التي نزلت بك أن في الدنيا خير وأهل إحسان وتعزي نفسك بذلك وأنت في كل هذا مخدوع غافل، هكذا يفعل حكام المسلمين وسلاطين المسلمين في أرض الله، والله المستعان. أما أكل وشراب الحكام والسلاطين والملوك فلا أقوى على تصويره فضلاً عن تمييزه وشعبهم جائع، أما سهرات الخنا والزنا والميوعة ورحلات الصيد في أوروبا ولسائر القارات فحدث عن المحيطات ولا غضب.

ابو شجاع
09-04-2006, 02:21 PM
· قال أبو يعلى في الأحكام السلطانية (ص 27):

«إن على الإمام حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها سلف الأمة فإن زاغ ذو شبهة عنه بيّن له الحجة وأضح له الصواب وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ليكون الدين محروساً من الخلل والأمة ممنوعة من الزلل».

· قال الدهلوي كما في إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة لصديق حسن خان ص 23:

«الخلافة هي الرياسة العامة في التصدي لإقامة الدين بإحياء العلوم الدينية وإقامة أركان الإسلام والقيام بالجهاد وما يتعلق به من ترتيب الجيوش المفروض للمقاتلة وإعطائهم من الفيء والقيامة بالقضاء وإقامة الحدود ورفع المظالم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم».

· وخير من أجاد وأفاد في بيان واجبات الإمام نحو رعيته الإمام الفقيه السياسي الماوردي في الأحكام السلطانية ص 15 ـ 16.

«ويلزم الإمام من أمور عشرة أشياء:

أحدها: حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها سلف الأمة، فإذا زاغ ذو شبهة عنه بين له الحجة وأوضح له الصواب، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود، ليكون الدين محروساً من الخلل والأمة ممنوعة من الزلل.

الثاني: تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بينهم، حتى تظهر النصفة فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم.

الثالث: حماية البيضة (الوطن) والذب عن الحوزة لينصرف الناس في المعاش وينتشروا في الأسفار آمنين.

الرابع: إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك، وتحفظ حقوق عباده من الإتلاف والاستهلاك.

الخامس: تحصين الثغور بالعدة المانعة، والقوة الدافعة، حتى لا تظفر الأعداء بعزة ينتهكون بها محرماً ويسفكون فيها دماً لمسلم أو معاهد.

السادس: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة.

السابع: جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع، نصاً أو اجتهاداً من غير عنف.

الثامن: تقدير العطاء وما يستحق في بيت المال من غير ترف ولا تقصير فيه، ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.

التاسع: استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوّضه إليهم من الأعمال، ويكله إليهم من الأموال لتكون الأعمال مضبوطة والأموال محفوظة.

العاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور، وتصفح الأحوال، ليهتم بسياسة الأمة وحراسة «الأمة» الملة ولا يعول على التفويض تشاغلاً بلذة أو عبادة فقد يخون الأمين ويغش الناصح» فهذه الواجبات العشر تجمع المجالات الدينية والسياسية والأمنية بما يشمل الأمن الداخلي والأمن الخارجي، والإدارية والمالية والقضائية.

· قال ظافر القاسمي في كتابه نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي ص 353: «ولو شئنا أن نوجز واجبات الخليفة بكلمات لقلنا إن اختصاصاته تشمل جميع الشؤون الداخلية والخارجية والعسكرية، وإن أعباءها عليه وحده وإنه إذا فوض شيئاً منها إلى غيره فإن ذلك لا يسقط حقه الأصيل في ممارستها».

· قال ابن تيمية في مجموع الفتاوي ج28/ 65:

«وإذا كان جماعَ الدين وجميع الولايات أمر ونهي، فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف والنهي «عن المنكر» الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي والمؤمنين كما قال تعالى: ]وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ[ وهذا واجب على كل مسلم قادر وهو فرض على الكفاية، ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره، والقدرة هي السلطان والولاية، فذوو السلطان أقدر من غيرهم وعليهم من «الواجب» الوجوب ما ليس على غيرهم، فإن مناط الوجوب هو القدرة فيجب على كل إنسان بحسب قدرته قال تعالى: ]فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[.
وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواءً في ذلك ولاية الحرب الكبرى، مثل نيابة السلطنة والصغرى مثل ولاية الشرطة وولاية الحكم أو ولاية المال وهي ولاية الدواوين المالية وولاية الحسبة».

· وقال في الفتاوي ج 28/ 262:


«فالمقصود الواجب بالولايات، إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم وهو نوعان قَسْمُ المال بين مستحقيه وعقوبات المعتدين، فمن لم يعتد أصلح له دينه ودنياه، ولهذا كان عمر بن الخطاب يقول: «إنما بعثت عمالي إليكم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم وليقسموا بينكم فيئكم» فلما تغيرت الرعية من وجه والرعاة من وجه تناقضت الأمور فإذا اجتهد الراعي في إصلاح دينهم ودنياهم بحسب الإمكان كان من أفضل أهل زمانه وكان من أفضل المجاهدين في سبيل الله».

· وقال في السياسة الشرعية: 296/ ج28:


«كما أن الصالحين أرباب السياسة الكاملة، هم الذين قاموا بالواجبات وتركوا المحرمات، وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه، ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم، ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه، ويعفون عن حقوقهم وهذه أخلاق رسول الله r في بذله ودفعه وهي أكمل الأمور».


· وقال في ص 306/ ج28:

«وولي الأمر إنما ذهب ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهذا هو مقصود الولاية فإذا كان الوالي يُمكِّن من المنكر بمال يأخذه كان قد أتى «المقصود بضد المقصود مثل من نصبته ليعينك على عدوك فأعان عدوك عليك وبمنزلة من أخذ مالاً ليجاهد به في سبيل الله فقاتل به المسلمين...».

... فالواجب على ولي الأمر أن يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين فإن كان التاركون طائفة ممتنعة قوتلوا على تركها بإجماع المسلمين وكذلك يقاتلون على ترك الزكاة والصيام وغيرها وعلى استحلال المحرمات الظاهرة المجمع عليها كنكاح ذوات المحارم والفساد في الأرض ونحو ذلك فكل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها حتى يكون الدين كله لله باتفاق العلماء».

· قال الشيخ محمد الغزالي في معركة المصحف ص9:

«والحكم ـ في تعريف الفقه الإسلامي ـ خلافة عن النبوة في رعاية شؤون الناس الدينية والدنيوية فكما يقيم الحاكم جسراً على نهر ليعبر عليه العابرون يبني المعهد الذي يصقل النفوس وليبين الحلال والحرام والفضيلة وليس أحدهما أولى من الآخر باهتمامه».

· وقال في ص 15 منه تحت عنون: العبادات وسلطان الدولة:

«إن العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك يظنها الظانون أعمالاً فردية موكولة لأصحابها وأن الدولة في الإسلام لا تسأل عنها ولا تهتم بها. ونحن نسارع إلى تنقية هذا الظن وبيان وجه الحق فيه، فإن الدولة لا تكون مسلمة يوم تكون إقامة الصلاة وإماتتها سواء في نظرها...!! إن إقامة الصلوات الخمس مفروضة على الحاكم في ديوانه كما هي مفروضة على كانس الطريق. وكلاهما مسؤول برأسه عن خشوعها واستوائها وآدابها.. هذا حق ولكنه أيضاً دولة الإسلام مكلفة برعاية الله وإشاعة تقواه وتوطيد وقاره وتقديس اسمه.
... من ذلك إن الدولة المسلمة مسؤولة عن تقديس هذه الشعائر وعدّ قيامها ورواجها جزءاً من وظيفتها. فأما أن يتهاون الحاكم نفسه بالصلاة كما يحدث في بعض الأقطار الإسلامية أو يعقد المؤتمرات ويجري المفاوضات عندما يخف المسلمون لأداء صلاة الجمعة مثلاً فذلك مالا يمكن وصفه أبداً إلا بالانسلاخ عن الإسلام،... أما الدولة التي تقدم بنفسها الطعام لكي يفطروا أو التي ترى الصيام مضعية للوقت والإنتاج، فهي دولة مرتدة بيقين عن الإسلام.

· وقال في ص 57:


واجتهد عامتهم (أي الخلفاء÷ في أن يقوموا بواجبات الحاكم المسلم فكان الخليفة يؤم الناس في الصلاة الجامعة ويخطبهم ويحج بوفودهم ويقود الجيوش المقاتلة أعداء الإسلام».

وكانوا يبدون الغيرة على شعارات الإسلام ويوصون بنشر العلم ويحتفون برجالاته... إن الخلفاء أو الملوك الذين وقعت بين أيديهم دفة الحكم في العالم الإسلامي طيلة عشرة قورن لم يفهموا الحكم إلا أداة لخدمة الإسلام(1)... أولئك كلهم جعلوا السلطة المتاحة لهم وسيلة لحماية الإسلام وإنقاذ شرائعه. ولو فكر أحدهم في ترك الكتاب والسنة لقتل لساعته واختفى اسمه ورسمه.

... والحكام المسلمون ـ سواء كانوا أمويين أم عباسيين أم عثمانيين ـ كانوا على أي حال «محكومين بتعاليم الإسلام التي لا ريب فيها، ومرتكبو السيئات منهم كانوا يرتكبونها فرادى أخفياء وهيهات أن يجرؤ أحدهم على تحليل محرم أو تحريم حلال(2)».


· قال الشيخ عبد القادر عودة في «الإسلام وأوضاعنا السياسية»، «لقد جعل الإسلام وظيفة الحكومة الإسلامية إقامة الإسلام حيث افترض القرآن في الحكومة الإسلامية أن تقضي على الشرك وتمكن للإسلام وأن تقيم الصلاة وتأخذ الزكاة وأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وأن تسوي أمور الناس في حدود ما أنزل الله».

· قال الحسن البصري: وهو يوضح السبب في عدم الخروج على خلفاء بني أمية: «هم يلون من أمورنا خمساً، الجمعة، والفيء، والثغور، والحدود، والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن حادوا وإن ظلموا».

· قال الشيخ أبو زهرة في تاريخ المذاهب الإسلامية ص88:


«لقد أجمع جمهور العلماء على أنه لا بد من إمام يقيم الجمع وينظم الجماعات وينفذ الحدود ويجمع الثروات من الأغنياء ليردها على الفقراء ويحمي الثغور ويفصل بين الناس في الخصومات بالقضاة الذين يعينهم ويوحد الكلمة وينفذ أحكام الشرع ويلم الشعث ويجمع المتفرق ويقيم الدينة الفاضلة التي حث الالتزام على إقامتها».

· قال د/ فتحي الدريني خصائص التشريع الإسلامي ص 180:

«أما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت معظم مهامه في رئاسته العليا للدولة الإسلامية سياسة إلى جانب كونه رسولاً مبلغاً رسالة ربه، ويقيم دين الله في الأرض فأمر مجمع عليه استناداً إلى الأدلة التالية:
1- قوله تعالى: ]إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ[ والحكم بين الناس بإطلاق يشمل العبادة والرئاسة كما يشمل القضاء وفصل الخصومات، فهو حاكم سياسي وقاضٍ بموجب تعاليم الكتاب أي بالعدل.

2- وقوله تعالى: ]يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ[ وقوله تعالى: ]وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ[ وهذا واضح في تولية شؤون القتال والحرب قائداً عسكرياً.

3- قال تعالى: ]مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ[ وهذا مما يتعلق بالشؤون المالية والحقوق الاجتماعية.

4- وقوله تعالى: ]وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا[، وقوله تعالى: ]وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ[، وقوله تعالى: ]وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً[ وهذا مما يتعلق بشؤون المعاهدات وإبرامها وعقد السلم إذا طلبه العدو استسلاماً منه. وغير ذلك كثير من الأدلة التي تولى الرسول r مقاليد السياسية والحكم والقضاء وهي من مظاهر سيادة الدولة بلا مراء».

ابو شجاع
09-04-2006, 02:23 PM
نُقولُ أهلِ العلم في واجبات الرعية نحو الخليفة الشرعي


إذا ما قام خليفتنا المسلم بواجباته نحو الرعية على أكمل وجه وجب على الرعية أمور نص عليها أهل العلم وإليك نقولهم الساطعة في ذلك:

·قال الفراء في الأحكام السلطانية ص12:

«وإذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب له عليهم حقان: الطاعة والنصرة».

·قال د/ محمد فتحي عثمان في كتابه من أصول الفكر السياسي الاسلامي ص454:

«إذا تولى الإمام ولاية شرعية، ونهض بمسؤوليته وواجباته دون تقصير كان على الرعية أن تؤدي واجبها نحوه، وواجبات الرعية هي حقوق للامام كما أن واجبات الإمام التي عليه الاضطلاع بها تعتبر في الجانب الآخر من حقوق الرعية، وقد أجمل الماوردي وأبو يعلى واجبات الرعية التي هي في الوقت نفسه حقوق للامام في أمرين (الطاعة والنصرة ما لم يتغير حاله)».

·وجاء في كتاب تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة ص359:

«وللسلطان والخليفة على الأمة عشرة حقوق:

فالحق الأول: بذل الطاعة له ظاهراً وباطناً، في كل ما يأمر به أو ينهى عنه، إلا أن يكون معصية. قال تعالى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ[ وأولو الأمر هم الإمام ونوابه، عند الأكثرين وقيل هم العلماء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «السمع والطاعة على المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية». فقد أوجب الله تعالى ورسوله طاعة ولاة الأمر ولم يستثن منه سوى المعصية، فبقي ما عداه على الامتثال.

الحق الثاني: بذلك النصيحة له سراً وعلانية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة. قالوا: لمن؟ قال لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

فخص ولاة الأمر بالنصيحة لما فيه من أداء حقهم وعموم المصلحة بهم.

الحق الثالث: القيام بنصرتهم باطناً وظاهراً، ببذل الجهود في ذلك لما فيه من نصرة المسلمين وإقامة حرمة الدين وكف أيدي المعتدين.

الحق الرابع: أن يُعرَفَ له عظيمُ حقه وما يجب من تعظيم قدره فيعامل بما يجب له من الاحترام والإكرام وما جعل الله له من الاعظام ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظّمون حرمتهم ويلبون دعوتهم، مع زهدهم وورعهم، وعدم الطمع فيما لديهم، وما يفعلة بعض المنتسبين إلى الزهد من قلة الأدب معهم خلاف السنة.

الحق الخامس: إيقاظه عند غفلته، وإرشاده عند هفوته، شفقة عليه وحفظاً لدينه وعرضه، وصيانه لما جعل الله إليه من الخطأ فيه.

الحق السادس: تحذيره من عدو يقصده بسوء، أو حاسد يرومه بأذى أو خارجي، يخاف عليه منهم، أو من غيرهم، ومن كل شيء يخاف عليه منه على اختلاف أنواع ذلك وأجناسه فإن ذلك من آكد حقوقه وأوجبها.

الحق السابع: إعلامه سير عماله الذين هو مطالب بهم، وشغول الذمة بسببهم، لينظر في نفسه في خلاص ذمته وللأمة في مصالح ملكه ورعيته.

الحق الثامن: إعانته على ما تحمّله من أعباء مصالح الأمة ومساعدته على ذلك بقدر المكنة. قال الله تعالى: ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[ وأحق من أعين على ذلك ولاة الأمور.

الحق التاسع: ردُّ القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه لما في ذلك من مصالح الأمة، وانتظام أحوال الأمة.

الحق العاشر: الذبُّ عنه بالقول والفعل وبالمال والنفس، والأهل في الظاهر والباطن والسر والعلانية».


بيان أن الدّين والسلطان توأمان


كثير من الناس يظنون أن الإسلام مجرد دعوة روحية تهذيبية بعيدة عن موضوع السلطان أو إقامة دولة تحمي هذا الإسلام وتحوطه وهؤلاء بلا ريب يجهلون طبيعة هذا الدِّين وهاهم علماء المسلمين يردون على هذا الزعم الباطل ويفندونه فاسمع إليهم جيداً.

أولاً: الدين والسلطان توأمان:

1- قال ابن تيمية في مقدمة السياسة الشرعية ج28/244 من مجموع الفتاوي:

«الحمد الله الذي أرسل رسله بالبينات، والهدى وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزل الحديد فيه بأس ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إنّ الله لقوي عزيز وختمهم بمحمد صلوات ربي عليه الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وأيده بالسلطان النصير الجامع معنى العلم والقلم للهداية والحجة ومعنى القدرة والسيف للنصرة والتعزير».

2- قال أيضاً في السياسة الشرعية ص161:

«إنّ الله أوجب على الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم إلا بقوة وإمارة وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة».

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوي 28/253: «فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة، كما قال تعالى: ]إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ[ وقال ليوسف عليه السلام: ]إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ[ وقال تعالى في صفة جبريل: ]إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ @ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ[ .

3- قال الغزالي: الاقتصاد في الإعتقاد ص199:

«إن الدنيا والأمن على الأنفس والأموال لا ينتظم إلا بسلطان مطاع فتشهد له مشاهدة أوقات الفتن السلاطين والأئمة وإن ذلك لو دام ولم يتدارك بنصب سلطان آخر مطاع دام الهرج وعمَّ السيف وشمل القحط وهلكت المواشي وتعطلت الصناعات وكان كل من غلب سلب ولم يتفرغ أحد للعبادة والعلم إن بقي حيّاً والأكثرون يهلكون تحت ظلال السيوف ولهذا قيل الدين والسلطان توأمان ولهذا قيل الدِّين أسٌّ والسلطان حارس وما لا أسّ له مهدوم وما لا حارس له فضائع وعلى الجملة لا يتماري العاقل في أن الخلق على اختلاف طبقاتهم وتشتت الأهواء وتباين الآراء لو خُلُّوا وشأنهم ولو لم يكن لهم رأي مطاع يجمع شتاتهم لهلكوا عن آخرهم، وهذا داء لا علاج له إلا سلطان قاهر مطاع يجمع الآراء فبان أن السلطان ضروري في نظام الدنيا وضروري في نظام الدين ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الآخرة وهو مقصود الأنبياء، قطعاً فكان وجوب الإمام من ضروريات الشرع الذي لا سبيل إلى تركه فاعلم ذلك».

4- وقال ابن تيمية ج28/ ص394:


«وإذا انفرد السلطان عن الدِّين أو الدِّن عن السلطان فسدت أقوال الناس».

5- وقال الفخر الرازي 26/199.

«وعند اجتماع الناس في الموضع الواحد يحصل بينهم منازعات ومخاصمات لا بد من إنسان قادر قاهر يقطع تلك الخصومات وذلك هو السلطان الذي ينفذ حكمه على الكل فثبت أنه لا ينتظم مصالح الخلق إلا بسلطان قاهر سائس».

6- قال الغزالي في الإحياء:

«ومعلوم أن السلطنة والإمارة لو تعطلت لبطل الدين والدنيا جميعاً وثار القتال بين الخلق وزال الأمن، وخربت البلاد وتعطلت المعايش».

® قال محمد عبده في كتابه الإسلام والنصرانية ص65:

«لكن الإسلام دين وشرع، فقد وضع حدوداً ورسم حقوقاً وليس كل معتقد في ظاهر أمره بحكم يجري عليه في عمله فقد يغلب عليه الهوى وتتحكم الشهوة فيغمط الحق ويتعدى المعتدي الحدّ فلا تكمل الحكمة من تشريع الأحكام إلا إذا وجدت قوة لإقامة الحدود وتنفيذ حكم القاضي بالحق، وصون نظام الجماعة وتلك القوة لا يجوز أن تكون فوضى في عدد كثير، فلا بد أن تكون في واحد وهو السلطان أو الخليفة».

® قال ابن ادريس: آثار ابن باديس ج2/ ص216:

«إن السيادة لا تكون إلا بالملك وأن الملك لا يكون إلا بالقوة قوة الأبدان وقوة العقول وقوة الأخلاق وقوة المال وبهذا يكون العدل الذي هو اساس الملك وأن لا قوة إلا بالعمل والعمل والتهذب».

® قال عبد القادر عودة في كتابه الإسلام وأوضاعنا السياسية ص76:

«وأجهل من هؤلاء وأشد غباء من يظنون أن مصلحة المسلمين في أن يحافظوا على الإسلام عقيدة وينبذوه نظاماً، ذلك أن العقائد والمبادئ الاسلامية لا يمكن أن تعيش وتنتشر إلا في ظل النظام الاسلامية الذي تكفل بوضعه الخلاق العليم».

وقال في ص114:

«السلطان في القديم والحديث لم يخرج عن أن يكون سلطاناً مادياً أو سلطاناً روحيا فإذا تكلمنا عن هذين النوعين من السُلطان بالنسبة للدول فإن السلطان المادي هو سلطان الحكم أمّا السلطان الروحي فهو سلطان الأنبياء والمصلحين وأصحاب الآراء على العموم».

والسلطان المادي يفرض من الخارج، تفرضه على الناس القوة الغلبة، أما السلطان الروحي فيفرض من الداخل، فيفرضه الناس عن أنفسهم وتلزمهم إياه قلوبهم وأرواحهم وعقولهم.

والسلطان المادي في الدولة يستمد من قوة الدولة ويتركز في أشخاص الحكام القائمين عليها، أما السلطان الروحي فيستمد مما يجيء به الرسل أو المصلح لا من شخصه. والناس دائماً يخشون السلطان المدي ولا يثقون فيه ويهربون من السلطان المادي كلما استطاعوا، فلا يطيعونه إلا كارهين ولا يسالمونه إلا مغلوبين ولا يؤازرونه إلى طامعين وإذا استطاعوا أن يتفلتوا من حكمه وكان في منفعة لهم فلن يصدهم عن الانفلات عقل ولا ضمير، أما السلطان الروحي فإن الناس يطلبونه قبل أن يطلبهم يعبّدون أنفسهم له قبل أن يستعبدهم يربطون أنفسهم له قبل أن يستعبدهم ويربطون أنفسهم به راضين مسرورين.
والسلطان الروحي بالرغم مما له من أثر في الأفراد قد يتعطل سيره أو يضعف عمله إذا كان السلطان المادي مضاداً له، لأن في طباع الكثيرين من البشر أن يؤثروا الأمن والسلامة فيهملوا العمل بما يؤمنون به خشية أن يصيبهم أذى. أو يكتمون في أنفسهم فلا ينتقل إلى غيرهم.
وكذلك في طبيعة الأفراد أنهم يشق عليهم أن يلزمهم السلطان المادي ما يجنبهم إياه السلطان الروحي. وأنهم يميلون إلى مقاومة السلطان المادي للتخفيف عن أنفسهم وإرضاء ضمائرهم، وهذه المقاومة هما كانت ضعيفة تؤدي بمرور الزمن إلى تقويض السلطان المادي أو إضعافه.
فإذا بني السلطان المادي على أساس من السلطان الروحي كان ذلك ادعى إلى اسعاد الجماعة وتضامنها وتوثيق الصلات بين افرادها وبث الثقة بين المحكومين والحاكمين، بل إن ذلك يوفر على الحاكمين مشقة التنفيذ والمراقبة لأن كل فرد يعيّن من نفسه رقيباً على نفسه ويقبل على أداء واجبه إرضاء لضميره، لا خشية العقاب، والنتيجة الطبيعية لهذا كله هي ثبات الأنظمة وحرص الحاكمين والمحكومين عليها. وهذا الذي يلائم طبائع البشر ويدعو إلى استجابتهم ويوفر لهم السعادة والحب والأمن ويصرفهم إلى الخير. وبهذا كله نزل القرآن على قلب محمد r حيث ربط السلطان المادي وهو سلطان الدولة بالسلطان الروحي وهو سلطان الدين. وأقام السلطان المادي على دعامة من السلطان الروحي وفي حدوده، وجعل من الإسلام عقيدة ونظاماً، وديناً ودولة.


7- قال محمد الغزالي في من هنا نعلم ص22: «بل هو (الإسلام) منهاج استوعب مجموعة ضخمة من التعاليم الروحية والعملية وقد للناس قواعد بينة للاصلاح العام تمس من قريب شؤون الفرد والمجتمع والدولة... ومن الذي يزعم أن دعوة إصلاحية تبتعد عن ميدان الحكم وتزهد في الإفادة منه لمبادئها... وهو ما حدث مع الرسول العظيم صاحب هذه الشريعة، فقد بدأ هادياً ومبشراً ونذيراً وانتهى قاضياً وحاكماً بعد ما تحولت رسالته من طور الدعوة التي تُطارد وتضطهد إلى طور الدولة التي تأخذ لربها ونفسها ما تريد.
... وهكذا يراد بالاسلام وحده أن يحرم من أسباب السلطان وأن يعيش فلسفة روحية مجردة في الوقت الذي تتسلح فيه اليهودية والنصرانية وتسخران دول العالم ضدنا.
... فإن تكن الدولة للكفر تمنحه في الحياة هذا المنطق العنيد، فمن البداهات التي يجب ألا تناقش أن تكون للإيمان هو الآخر الدولة التي يدفع بها عن نفسه في بيئته الأولى ووطنه الذي يأرز إلهي ويحتمي به. والدولة التي يساند بها أشياعه في سائر بلاد العالم، بل التي يحارب بها الظلم حيث كان».

8- قال محمد بن المبارك في كتابه الحكم والدولة ص11:
«فالدولة التي أقاموها هي دولة المسلمين بصفتهم جماعة بشرية لا بد لها من تنظيم سياسي ومن حكم».

يتضمن القرآن أحكاماً لا يتصور تنفيذها دون وجود حكم ودولة تأخذ بها وتعمل على تنفيذها فمن ذلك أحكام الحدود كقتل القاتل وقطع يد السارق، ومعاقبة الذين يسعون في الأرض فساداً أي يخلّون بأمن الدولة والمجتمع. وغيرها من العقوبات التي لا يتصور تطبيقها إلا بوجود دولة وحكم إذ كيف يترك ذلك للأفراد ودون قضاء وحكم، وفيها نفي وقتل وصلب وقطع يد وجلد وأمثال ذلك من العقوبات التي تستلزم حكماً يتخذ منها قانوه الجنائي يقضي به وينفذه.

ويتضمّن القرآن كذلك أحكاماً مالية تتعلق بالنفقة الواجبة بين الأقارب وبالميراث وتوزيعه وبالزكاة وبطرق صرفها ولا يتصوّر أن تكون هذه الأحكام ملزمة لمن تجب عليهم إلا إذا كان ثمة سلطة مجبرة تلزمهم جبراً إذا امتنعوا عن أداء ما عليهم من حقوق واجبة بل إن من مصارف الزكاة (العاملين عليها) وهم الذين يجمعونها والذين يتولون توزيعها، والعامل في الاصطلاح الإسلامي هو الموظف في اصطلاحنا، ولا يتصور وجود هؤلاء إلا في جهاز دولة قائمة تتخذ من هذه القواعد المالية أساساً لها وتعمل على تطبيقها وتنفيذها.

ويتضمّن القرآن بعد هذا دعوة إلى الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله أي شريعته هي العليا ولحماية الدين ورد الاعتداء على المسلمين وأوطانهم وكيانهم ودولتهم، وحماية المستضعفين من الرجال والنساء في آيات كثيرة جداً في سورة البقرة والنساء والأنفال والتوبة وغيرها وينص على أحكام في أمور تنشأ على الجهاد كتوزيع العنائم وفداء الأسرى وما إلى ذلك ولا يمكن أن يخاطب المسلمون فرادى غير منظمين بهذه الأحكام بل لا بد من نظام ولا يمكن تنفيذ هذه الأحكام بدون نظام وحاكم يتولى شؤونهم وينفذ هذه الأحكام في مواضعها فينذر بالحرب ويعلنها ويقود معركتها ويعقد المعاهدات ويقسم الغنائم ويفدي الأسرى.

وتضمّن القرآن كذلك أحكاماً وتوجيهات تتعلق بواجبات الحاكم كقوله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[. وهكذا فهمها الصحابة على أنها نزلت في ولاة الأمور وبهذا فسرها المفسرون الأولون القريبو العهد بعصر الصحابة والتابعين كما ذكر واجبات الرعية في الآية التالية: ]أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ[ وذكر المرجع في حال التنازع بين الحكام والشعب في تتمة الآية ]فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ[.

إن مجموع هذه الأحكام الجنائية والمالية والدولية والدستورية لا يمكن أن يعقل إيرادها والإلزام بها إلزاماً يعتقد المؤمن بالاسلام بوجوبه والإثم بتركه إلا إذا كان القرآن يفرض على المسلمين تنظيم الحكم وإقامة الدولة ولا يعقل أن يقدم الإسلام في قرآنه هذه الأحكام لدولة لا تؤمن به أو لا تقوم على أساس عقيدته ومبادئه ولا يقول بغير هذا إلا مَن فقد رشده أو غالط نفسه أو قصد المراوغة والخداع».
إلى أن يقول: «إن إقامة الدولة الاضطلاع بالحكم والسلطة جزء ضروري من الإسلام ولا يقوم إلا به ولا يتم إسلام المسلمين بدونه».

9- قال ضياء الدِّين في الإسلام والخلافة ص294:

«... لأن العلماء المسلمين قد أوضحوا أن الرسول صلوات ربي عليه كان له وظيفتان:

الأولى: التبليغ عن الله بحكم الرسالة التي أوحى الله إليه بها.

الثانية: كونه إماماً وقائداً للمسلمين يرعى مصالحهم وينفذ أحكام الشريعة.

وحددوا إذن مهمة الخلافة أو فيمن يخلف خليفة الرسول، فهو إنما يخلفه أو ينوب عنه أو يقوم مقامه في الوظيفة الثانية فقط، أما الوظيفة الأولى فكانت خاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام وقد انتهت بموته حيث تمت الرسالة وانقطع الوحي وهذا هو ما يعتقده ويعرفه جميع المسلمين» .

10- قال عبد القادر عودة ص19: الإسلام وأوضاعنا السياسية:

«والاسلام ليس ديناً فحسب وإنّما هو دين ودولة وفي طبيعة الإسلام أن تكون له دولة ولو حذفنا النصوص الصرحية التي أوردناها فيما سبق والتي توجب الحكم بما أنزل الله لما غير ذلك شيئاً من طبيعة الإسلام التي تقتضي قيام الحكم الاسلامي والدولة الاسلامية فكل أمر في القرآن والسنة يقتضي تنفيذه قيام حكم إسلامي ودولة إسلامية لأن تنفيذه كما يجب غير مأمون إلا في ظل حكم إسلامي خالص ودولة إسلامية تقوم على أمر الله وقيام الإسلام نفسه في الحدود التي رسمها الله وبيّنها الرسول يقتضي قيام دولة إسلامية تقيم الإسلام في حدوده المرسومة وذلك منطق لا يجحده إلا مكابر إذ أنّ الإسلام لا يمكن أن يقوم على وجهه الصحيح في ظل دولة غير إسلامية لا يهمها أن يقام ولا يضرها أن ينتقص منه، ولا يمنعها شيء من تعطيله أو الانحراف به، وإنما يقوم الإسلام على وجهه الصحيح في ظل دولة تقوم على مبادئ الإسلام وتتقيد بحدوده.

وأكثر ما جاء به الإسلام لا يدخل تنفيذه في اختصاص الأفراد وإنما هو من اختصاص الحكومات وهذا وحده يقطع بأن الحكم من طبيعة الإسلام ومقتضايته وأن الإسلام دين ودولة» .
... ولا شك أن القرآن لم يأت بالنصوص الخاصة بالجرائم عبثاً وإنما جاء بها لتنفذ وتقام، وإذا كان القرآن قد أوجب على المسلمين إقامة هذه النصوص وتنفيذها فقد أوجب عليهم أن يقيموا حكومة ودولة تسهر على إقامة هذه النصوص وتعتبر تنفيذها بعض ما يجب عليها...
... والدين في الإسلام ضروري للدولة والدولة ضرورة من ضرورات الدين فلا يقام بغير دولة ولا تصلح الدولة بغير الدين.

11- قال سيد قطب رحمه الله في معركة الإسلام والرأسمالية ص55:

«إذا أريد للاسلام أن يعمل، فلا بد للاسلام أن يحكم فما جاء هذا الدين لينزوي في الصوامع والمعابد أو يستكن في القلوب والضمائر إنما جاء ليحكم الحياة ويعرفها ويصوغ المجتمع وفق فكرته الكاملة عن الحياة لا بالوعظ والإرشاد بل كذلك بالتشريع والتنظيم جاء ليترجم مبادئه ونظرياته نظاماً وحياة ويجعل أوامره ونواهيه مجتمعاً حياً وناساً من اللحم والدم، يدبون على هذه الأرض ويمثلون بسلوكهم ونظام حياتهم وعلاقات مجتمعهم وشكل حكمهم مبادئ هذا الدين وأفكاره وقوانينه وتشريعاته» .

12- قال عبد الرحمن عبد الخالق في كتاب المسلمون والعمل السياسي ص7:

«فكل مسلم لا يجوز أن يجهل أن الإسلام قد جاء لإنشاء أمة وإقامة نظام ودولة، تقيم العدل، وتحارب الكفر والفساد وتطبق الأحكام ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لعله الرسول الوحيد بين الرسل الذي جمع في حياته بين مهمة الدعوة وواجبات الحكم والسيادة فقد كان هادياً ومبشراً ونذيراً وكذلك قد كان حاكماً وقاضياً وقائد جيش».

... والخلاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قائد أمة، وحاكم جماعة وإمام دولة مع كونه نذيراً للعالمين وبشيراً للمؤمنين ومبلغاً للناس أجمعين».

... كل هذا يؤكد على أن إقامة الأمة والدولة والحكم من صلب الدين ومن واجباته الأساسية ولذلك أجمع المسلمون على ذلك في كل عصورهم وأنه يجب تولية إمام أي خليفة.

® قال محمد الغزالي في مِن هنا نعلم ص14:

«وتواصت دول (أوروبا) أن تحارب بكل أسلوب نزعات الحنين، إلى الحكم الاسلامي والتشريع الإسلامي حتى أنها لتنص فيما تبرم معنا من معاهدات على أن تكون قوانينا السائدة امتداد لقوانين الغرب الفاسدة، وحذار ثم حذار أن تصلوا التشريع بمنابعة الأولى من كتاب الله وسنة رسوله!!». وقال في ص22:
«إن الإسلام ليس نظرية هندسية حَسْبُ المرء منها أن يفهم صحتها ويذكر أدلتها، أو فلسفة عقلية يتسلى بمطالعتها ويدرسها إذا شاء لبعض عشّاقها... بل هو منهاج استوعب مجموعة ضخمة من التعاليم الروحية والعملية وقد للناس قواعد بينة للاصلاح العام تمس من قريب شؤون الفرد والمجتمع والدولة... ومن الذي يزعم أن دعوة إصلاحية تبتعد عن ميدان الحكم وتزهد في الإفادة منه لمبادئها.
... وهو ما حدث مع الرسول العظيم صاحب هذه الشريعة، فقد بدأ هادياً ومبشراً ونذيراً وانتهى قاضياً وحاكماً، بعد ما تحولت رسالته من طور الدعوة التي تطارَد وتضطهد إلى طور الدولة التي تأخذ لربِّها ولنفسها ما تريد.
... وهكذا يراد بالاسلام وحده أن يحرم من أسباب السلطان وأن يعيش فلسفة روحية مجردة في الوقت الذي تتسلح فيه اليهودية وتتسلح المسيحية وتسخران دول العالم ضدنا».

ابو شجاع
09-04-2006, 02:25 PM
ثانياً: الدين بالمصحف الهادي والسيف الناصر :


قال ابن تيمية في الحسبة ص31:

«فالدين الصحيح يحتاج إلى الكتاب الهادي والسيف الناصر».

2- وقال في منهج السنة النبوية 1/142:

«فالدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر، فالكتاب يبيِّن ما أمر الله به وما نهي عنه، والسيف ينصر ذلك ويؤيده».

3- قال الجويني: غياث الأمم ص144:

«فللدعاة إلى الدين الحقّ مسلكان أحدهما الحجة وإيضاح الحجّة، والثاني الاقتهار بغراد السيوف وإيراد الجاحدين الجاهزين مناهل الحتوف».

* وقال ابن تيمية في الفتاوي ج28/ ص396:

«فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين وأقام فيها ما يمكنه من الواجبات واجتناب ما يمكنه من المحرمات لم يؤاخذ بما يعجز عنه فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجَّار ومن كان عاجزاً عن إقامة الدين بالسلطان والجهاد ففعل ما يقدر عليه من النصيحة بقلبه والدعاء للأمة ومحبة الخير وفعل ما يقدر عليه من الخيرة لم يكلف ما يعجز عنه فإن قوام الدين بالكتاب الهادي والحديد الناصر كما ذكره الله تعالى فعلى كل واحدٍ الاجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله تعالى».

وقال في ص120 منه:

«قلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع نبوته رئيساً للدولة كان يمثل السلطان الروحي باعتباره نبياً ويمثل السلطان المادي باعتباره رئيساً وكان مهمته النبوية أن يبلغ الناس ما يوحى إليه من ربّه ويبينُه لهم كما علمه الله، أما مهمته باعتباره رئيساً فهي إقامته الدين والحكم بما أنزل الله وتوجيه أمور الأفراد والجماعة والقيام على شؤونهم جميعاً في حدود ما أنزل الله .

وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي وتحدد الإسلام فلا زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تعديل وأصبح السلطان الروحي ممثلاً فيما جاء به الرسول وهو الإسلام كما أصبح الإسلام محدداً بالقرآن والسنة.
وكل من يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على رئاسة الدولة ليس من سلطان إلا السلطان المادي الذي كان يباشره الرسول باعتباره رئيساً للدولة أما السلطان الروحي فهو القرآن والسنة أي ما جاء به الرسول، على أنه لما كان السلطان المادي في الإسلام يقوم على السلطان الروحي ويندمج فيه فإنّ رئيس الدولة الاسلامية حين يباشر سلطاناً مادياً وسلطاناً روحياً اندمج كلاهما في الآخر وامتزج به».

4- قال العالم الجليل شيخ الأزهر «محمد بخيث» مفتي الديار المصرية في كتابه الذي يرد به على الشيخ عبد الرازق وأسماه «حكومة الإسلام وأصول الحكم»:

وأما الديانة الاسلامية فقد وضع أساسها على طلب الغلب والشوكة والقوة والعزة، فالذي يرجع إلى القرآن الكريم. ويقرأ ما فيه من آيات الجهاد يحكم حكماً لا ريب فيه بأنّ المتدينين به لا بد أن يكونوا أول أمة حربية في العالم. بمقتضى قوله تعالى: ]وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ[ وغيرها من آيات الجهاد وأنه يجب على هذه الأمة وأبنائها أن يسبقوا الأمم كلها إلى اختراع الآلات الحربية واتقان العلوم العسكرية والتبحر في كل ما يلزمها من الفنون كالطبيعة والكيمياء والهندسة وغير ذلك، وأنه يجب على كل واحد من الأمم الاسلامية أن يعد كل ما يستطيعه من الآلات الحربية التي يحصل بها القوة ويكون واحد منهم جندياً مستعداً للقتال في أي وقت اتقضت الحال ذلك.
ومن رجع إلى أن الشرع الإسلام حرّم المراهنة إلا في المسابقة على الخيل والرماية بالنبال ـ كما كان عصره عليه السلام ـ أو البنادق لإصابة الهدف والرمي ـ انكشف له مقدار رغبة الشارع في معرفة الفنون العسكرية والتمرّن عليها. ثم يمضي قائلاً ليوسف الشيخ عبد الرازق:
«يريد المؤلف ـ وهو يزعم أنه من المسلمين أن يجلع الملة الاسلامية كسائر الملل المسيحية مع أن هذه الملل خرجت عن مقتضى شرائعها ودياناتها وتسابقوا إلى اقتسام المملك والتغلب على الأقطار الشاسعة وما مر من يوم إلا ونسمع فيه اختراعاً جديداً من آلات الحرب، أما كان الأجدر به وهو يدّعي أنه مسلم أن ينبِّه أمته إلى العمل بدينها وشريعتها ويوقظها من النوم الطويل العميق، حتى تخرج من تحت ردم الغفلة الذي تراكم على رجالها وأبنائها فقد صاروا حتماً لا يسمعون ما يدبره لهم أعداؤهم فهل بعد هذا الذي بيّناه يمكن أن يقول عاقل عنده ذرة من العقل أو أدنى حب لأمته ودينه وملته: رسالة لا حكم ودين لا دولة.. الخ».

- قال محمد المبارك في كتابه الحكم والدولة:

]لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ[ في هذه الآية عناوين كبرى هي:
الكتاب: وهو هنا القرآن الذي تضمن مبادئ الدين الأخير والرسالة الخاتمة.
الميزان: وهو إشارة للعدل بين الناس بالموازين العادلة واعطائهم حقوقهم.
القسط: وقيام الناس بالقسط إقامة حياتهم وأنواع نشاطهم على أساس التوازن بين جوانبهم المختلفة دون أن يطغى جانب على جانب ولا فئة على فئة.
الحديد: وهو رمز القوة التي تؤيد مبادئ الكتاب وموازين العدل وقوانين القسط».

6- قال د/ فتحي الدريتي ـ خصائص التشريع الاسلامي في السياسة والحكم ص180:

«إن القوة القاهرة الرادعة التي هي عنصر من عناصر سيادة الدولة قائمة في الإسلام على اساس من نظام إلهي مرسوم يحدد وجود استخدامها وتحقيقها لتلك الغايات والمثل الانسانية العليا، لا تقهر الشعوب المستضعفة في الأرض استعماراً».

7- قال عبد الرحمن عبد الخالق في السياسة الشرعية ص12:

«... إن السيف والسلطان كان يحمي العقيدة في القرون السالفة ثم تغير هذا الأمر..».

* قال الشعراوي في كتابه الإسلام والقوة والمجتمع ص8:

«ونحن حين نستقرئ أوضاع الناس في الأرض نجد الناس لا يخرجون عن لونين:
1- لون عاقل تقنعه الحجة ويقنعه البرهان.
2- ولون جاهل يتمادى في جهالته نكراناً للاقناع وعدم انصياع للحجة وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوّاً.
فإذا أراد الله لمبدأ من مبادئ الحق أن يسود فلا بد أن تكون للحق قوة، وقة تقنع بالبرهان وقوة تردع بالسِّنان».

* قال وهبة الزحيلي في الموسوعة 6/667:

«وجدير بالذكر أنّ كل رسالة إصلاحية وعلى رأسها الإسلام لا يمكن أن يقرَّ قرارها أو تظهر فائدها إلا في سياح منيع من القوة المانعة والسطوة الرادعة التي تلازم وجود الدولة.

® قال محمد الغزالي في معركة المصحف ص68:

«إننا نزكي سياسة التبليغ المسالم بل نرفض ما عداها عندما يكون لها موضع!! ولكن عندما تقع الأمم فريسة أغوال من الحكام الطائشين فما بد من السلاح الذي يفتح وحده هذه الأغلاق».

واكتفي بهذا النقول الطيبة لعلماء هذه الأمة قديماً وحديثاً وفيها ذكرى وعظة لمن كان له قلب بأن فصل الدين عن الدولة شيء لم يعرفه السلف الصالح ولا العلماء الأقحاح. واسلام بلا دولة شجرة بلا ثمرة أو جسد بلا روح .

أمل لا بد أن يتحقق

إخوة الإسلام في أرض الله تعالى كانوا على أيقن من اليقين أن الخلافة الاسلامية على منهاج النبوة عائدة ـ بإذن الله تعالى ـ ولو كره المشركون، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله تعالى تصديقاً لما جاء في الحديث الصحيح، فعن النعمان بن بشير قال: كنّا قعوداً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان بشير رجلاً يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة فقال: يا بشير بن سعد، أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة، الخشني فقال حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«1- أن تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.
2- ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها.
3- ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها.
4- ثم تكون ملكاً جبرية (كما هو الحال في العالم الاسلامي قاطبة ودون استثناء). فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.
5- ثم تكون خلافة على منهاج النبوة.»
رواه أحمد، أبو داود، والترمذي، انظر فتح الباري ج13/214 فقد فصّل هذه الأطوار.




استنهاض الهمم


إخوة الإسلام في أرض الله تعالى لقد رأينا بالأدلة القواطع والنصوص السواطع أن إقامة الخلافة من أعظم واجبات الدين وأن أي تهاون في إعادتها واستئناف الحياة الاسلامية من جديد يعتبر من كبائر الإثم وعززنا ذلك بنقول ـ ولو قليلة جداً ـ لفحول أهل العلم في القديم والحديث فعليكم معشر علماء الأمة الاسلامية حيثما وجدتم بتذكير المسلمين لهذه الفريضة العظيمة ولا تخافوا في الله لومة لائم وإلا كان عذابكم عند الله شديداً، فإن الرعايا ما فسدت إلا بفساد الملوك والملوك ما فسدوا إلا بفساد العلماء وفساد العلماء ما فسدوا إلا بحب الدنيا والجاه وكراهية الموت ـ والله المستعان. أما أنتم معشر الشباب المسلم في أنحاء المعمورة عليكم جميعاً بالعلم النافع، التزكية الحقة، والعمل الصالح، والسعي حثيثاً لاسقاط طواغيت العالم الاسلامي الذين ملكوا شعوبهم بالحديد والنار تارة، وبالكيد والمكر والدهاء تارة أخرى، وباستخدام بعض رجال الدين في تفريخ فتاوي ضالة منحرفة تخدم مصالحهم الخسيسة مقابل ثمن بخس دراهم معدودة، وإياكم أن تظنوا أن إسقاط هؤلاء يتم بين عشية وضحاها أو يتم بجهود قليلة، لا وألف لا. وإنما يتم ذلك بعد جهود جبارة وتضحيات جسام وقطع جسور من التعب والنصب والوصب، ولكن العاقبة للمتقين وصدق الله العظيم إذ يقول: ]إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ[.

أما أنتنّ معشر المسلمات فعليكن بتربية أولادكن على الإسلام المصفّى والرجولة الحقة والزهد في الحياة الدنيا والنصيحة في سبيل المبادئ العظيمة مقتديات في ذلك بسيرة أسماء ذات النطاقين وغيرها من نساء السلف الصالحات. وما أكثرهن.
وصدق الله العظيم إذ يقول: ]نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ[.

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

كتبها العبد الفقير

أبو عبد الفتاح علي بن حاج

_____________

انتهى النقل للكتيب المنشور في مجلة الوعي

ابو شجاع
07-01-2007, 02:40 PM
للرفع والتنشيط

ابو شجاع
10-20-2007, 02:38 PM
للرفع والتنشيط

النصر قادم
10-26-2008, 07:00 AM
للرفع والتنشيط


أخي أبو شجاع :

رفع الله مقدارك في عليين وأسكنك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا


ولعمري ما دخلت هذا المنتدى ... إلاَّ حين رأيت هذا العنوان بغوغل


تنبيه الغافلين وإعلام الحائرين بأن إعادة الخلافة من أعظم واجبات هذا الدين


فقمت بالتسجيل لأجله


وهذه قصتي مع منتدى "صوت "


والسلام