تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خدعة التحليل العقدي.....طويل لكنه يحدث ثورة في التفكير



مقاوم
08-15-2006, 02:06 PM
خدعة التحليل العقدي

د. محمد الأحمري

المعرفة بالجغرافيا السياسية المتجددة والمصالح، ومنها الثروة والقوة والدين [أو المذهب]، واللغة والتاريخ والجغرافيا والجنس والأشخاص، من أدوات التحليل للموقف السياسي، وغياب شيء من هذه الأسس، أو المبالغة في أحدها يضعف التحليل السياسي ويحرفه إلى جزء من القضية، فيصبح التحليل رديئا وخاطئا، ويورط أصحابه في الموقف الخطأ.

وحديثنا هنا هو عن أثر العقيدة في الوصول إلى أخطاء تحليلية فادحة، وبمقدار ما يزيد الشحن العقدي للمحلل أو المتلقي، فإنك تجد العقل ينزوي جانبا تاركا للعاطفة ـ التي تعمل تحت غطاء العقيدة- أن تنهل من الأدلة المعاصرة والتاريخية أدلة وشواهد تؤيد عقيدة وحزب المحلل وتوثق رؤيته، وقد يسمي موقفه موقفا مؤصلا صحيحا شرعيا، ويزيد من عبارات التوثيق التي لا تنفع شروى نقير في المعرفة ولا الوعي، ثم تكون النتيجة التي يصل إليها خطأ فادحا.

فتجد المحلل العقدي ينهي الموقف بلوم العقائدي المخالف ويحمله جرائم العالم، كالقول بأن المشكلات أو الهزيمة سببها عبد الله بن سبأ قديما، أو الشيعة حديثا، أو المعتزلة أو الشيوعية أو الوهابية أو الصوفية أو الرأسمالية أو الصهيونية، ويغفل تماما أي بنية للمشكلة من الطرف الذي هو فيه، والعقديون المضادون إن كانوا في مستوى عقله ردوا عليه بالطريقة نفسها، وبهذا تضيع الحقيقة.

وقد يكون العامل العقدي في لحظة ما صحيحا، بل وحاسما، وهناك أدلة عليه، ولكن القول باطراد العامل العقدي مؤثرا وحيدا في أحداث التاريخ ينتهي بخطأ شنيع في النهاية. ويجب الحذر من جعله مدار التحليل والتفكير في الموقف السياسي.

وهذا لب المراد في هذه اللحظة، فالمشايخ الذين يفسرون الحرب في لبنان على أنها مشكلة شيعية، وانحراف وتوريط نجد تفسيرهم عقديا جزئيا وخاطئا، وبهذا فهو يؤيد الذين هم على الطرف الآخر الذين يرون سبب الإرهاب والقتل والدمار في العراق هم السنة مثلا، أولئك الذين لم يتفهموا بزعمهم الموقف الشيعي الذي يزعم أهله أنه حصيف!!

لماذا يعاني التفسير العقدي من القصور، والتعصب وقصر النظر؟:

لأن المحلل العقدي يؤمن بأنه على الحق دائما، وأن النصوص معه تؤيده وتحفزه وتحدد أطراف المعركة بدءا بالتوراة والإنجيل ثم القرآن إلى نصوص ماركس. ويعاني من استسلام غير واع للنصوص وللأفكار التي يسيء فهمها.

ثم يقع المحلل العقدي في مرض آخر في تحليله؛ هو اللجوء إلى التاريخ، والتاريخ من سعته وكبره وإمكان التعديل والتحوير والعبث به لا يرد يد لامس، ويمكن للجميع استخدامه. ولأن المحلل العقدي قد مر من قبل بمراحل تثقيف، بعضها معرفة وبعضها أوهام معرفة أو أوهام ثقافة، وبخاصة تلك الطريقة والثقافة التي تسير من الفم إلى الأذن ومن السطر إلى اليد ولا تمر بالعقل، بل لا يسمح بالتفكير النقدي فيها.

فذلك المحلل العقدي الذي أشبع عقله وعاطفته بمعلومات بعضها صحيحة وفيها أخطاء وسوء تفسير؛ وثقت موقفه العقدي الضيق والمعصوم دائما وبخاصة داخل دوائر الأتباع الضعفاء، الذين حرموا من التفكير النقدي والعقلي، وامتلؤوا بالتكبير من أهمية قول المصدر المعصوم عندهم، والتأييد المطلق له. فقد يسمي تحليله بأنه صادر عن عالم رباني!! وهذه غاية الخداع للنفس والعقل، وولوج في طريق الظلام والجهل، لأن هذا الشيخ إن كان لديه معرفة جيدة بعلم أو حفظ نصوصا، فمن يؤهله للربانية فيما لا يعرف ولا يحسن تقديره.

المحلل العقدي المتزمت لطائفته سواء أكان شيوعيا أم شيعيا أم سنيا، فإنه لا يرى العالم إلا من خلال عقيدته، وهي تعطيه مرة جزءا تافها من المعرفة، ومرة تساعده كثيرا على المعرفة في التحليل، ولكن تغيب عنه آفاق قضيته.

إننا نجد في التحليل الاقتصادي والعنصري الاستعماري تفسيرا كثيرا للأحداث الدائرة اليوم، للصراع بين الأقوياء والضعفاء، بين الشعوب المغلوبة المقهورة على أرضها وثروتها وبين الغالبين تفسيرا واضح التعليل، أما التفسير العقدي فيسقط عند رجلي قائله، وبخاصة لو نقله إلى الحدود المجاورة لبلد التحليل، فلو نقلت صراع سنة وشيعة بضعة كيلومترات من لبنان إلى فلسطين لسقط، ولو حملته إلى إيران أو العراق أو أفغانستان، فلا شك أنه لا يساوي حبرا كتب به.

وقفت دول الخليج السنية مع الأمريكان في حرب ثمان سنوات مستمرة، فهل كان السبب أن الأمريكان سنة؟ أم أنهم كانوا بعثيين؟ أم أنهم سنة ضد الشيعة؟ أم استعانة بالكفار على أهل القبلة؟ أم إيقاف الثورة وهي عند قوم أشد من الكفر؟ والإشكال هنا كيف يزعم قوم أنهم يرون الشيعة من أهل القبلة ثم يناصرون قتلتهم إن كانوا يهودا أم نصارى؟ -انظر مقالة للشيخ فيصل مولوي في هذا الموضوع نشرت في مواقع إنترنت-.

وعلى الطرف الآخر من الاتهام الشيعي للسنة، ماذا نقول لمن يرى منهم أن المجتمع والثقافة السنية ثقافة خيانة وولاء للنصارى، ضد المسلمين كما يقول الذين على الشاطئ الآخر؟ وهل الشيعة ثقافتهم خيانية بسبب وقوفهم مع الأمريكان ضد السنة؟ وعندما يحارب الشيعة الأمريكان أو الهنود أو الصينيين أو الأتراك مستقبلا لتحرير بلادهم في العراق أو إيران أو غيرها، فلماذا يفعلون ذلك؟ هل هذا بسبب العقيدة الشيعية؟ أم أن التصنيفات والعقائد المسبقة تقضي أحيانا على عقل المحلل المنزوي في زاوية العقيدة؟

إن العقائد جزء من التحليل ولم تكن ولن تكون مدار كل تحليل سياسي أو معرفة لموقف. ولو استعرضنا الموقف في صورته الدولية لكان أكثر وضوحا؛ فيما حدث لدول المعسكر الشيوعي وتنافرها.

والتحليل العقدي، والتفريق بين الناس بناء عليه، كان ولم يزل أداة مهمة من أدوات المستعمرين، وكم شيخ يقول وهو لا يدري أبعاد قوله، ويحلب في قدح المحتل الصهيوني أو غيره، وهو يرى أنه ينصر طائفة أو عقيدة أو مذهبا أو يدعي أنه ينير الطريق للأمة، بينما هو يرتكس بأتباعه في الظلمات، ويستعيد معارك الفرق والتاريخ ويغيب عن الشهود ومصالح الحاضر، وكان أولى به أن يعرف بعض أصول التحليل لما يتحدث عنه، وأن يرشده من يستطيع بالخروج من قوقعة كتب مناهج العقيدة ويخرج ليرى العالم كما هو.

التفسير العقدي ومن يقوم به كلما رأى حادثة ما، أو جرت له قصة ما، فإن مؤداها أصبح واضحا وحاسما، والقاعدة عنده "هم خطأ ونحن مصيبون، هم ضالون ونحن مهتدون، فنحن منتصرون وهم مهزومون"؛ حسنة هذا التحليل أنه مصدر ثقة وقوة للعامة، وللجنود في الميدان، فليست ثقافة الجندي أن يصرف وقته في التحليل والتأكد من صحة المعلومة، بل تنفيذ المطلوب.

المحلل العقدي ضيق الأفق، قريب المدى، محدود الأبعاد في التفسير، ويأنس لرؤيته وموقفه أولئك المحدودون الذين لا يتحملون تعدد مجالات الرؤية، وصحيح أن التفسير الأحادي المغلق، الذي لا يدع مجالا للتفكير ولا تعدد الأفهام، يصلح للقادة الغوغائيين، وقادة الجنود في الميدان، ولكنه لا يصلح لمستوى أعلى من الناس، ولا يصلح أن يسيطر على دولة لأنها ستصبح بهذا التفسير فاشلة، يسيرها رأي عقدي ضعيف ضيق، ومحدود الاطلاع وسيء التقدير للمصالح.

لأن هذا التفسير يفقد الأسس المعرفية والعملية السياسية، مع أنه ناجح في إثارة الغوغاء. فالآخرون المخالفون عنده دائما على الخطأ دائما وهم عملاء وصائرون إلى الفشل دائما.

العقائدي في تحليله وثوقي جدا بما يقول، ولا يميل إلى فتح احتمالات أخرى تعود بالشك فضلا عن نقض وثوقيته. ولهذا فإنه كلما قلّت معلومات العقديّ زادت ثقته بصحة معلوماته، وهذا يضعف الفهم، فيكتفي المحلل بالعاطفة بديلا عن العقل، في الإقناع والتهييج أو يستدعي التاريخ للشفاعة.

من أبرز النماذج المهمة عالميا لمعرفة خطل التحليل العقدي وخداعه لأهله، ما حدث من ثقة علماء الإسلام في تركيا من أن الإسلام حق، والله ناصره، والتقنية التي عند الغربيين لن تنتصر لأنهم كفار ولن يجعل الله للكافرين على المسلمين سبيلا. ومن الأمثلة التحليل النازي الذي زعم أن الجنس الجرماني لا يغلب، ولن يطاوله جنس في العالم.

والتحليل الشيوعي في روسيا، كانت عقدته ثقته العقدية، فقد اكتشف جورج كينان نقطة الضعف هذه في العقلية السياسية الشيوعية ورصدها بدقة واستمرار للمعرفة والمراجعة، ثم حدد مرض الحزب الشيوعي بأنه: "الثقة العقدية"، فالعلمية التاريخية والحتمية التاريخية، التي تنصر الطائفة المنصورة –وقد ورد ذكرها في الكتاب المقدس لدى النصارى (انظر كتاب طارق متري، مدينة على جبل)- سوف تنتصر دائما. وهي التي تحدد اتجاه العالم ومصيره وإنه سيكون دائما في خدمتها، حالا ومآلا. فكان الشيوعيون يرون أن مستقبل العالم وتوجهه سوف يكون نحو الشيوعية؛ وذاك كان خداعا للنفس، وقصورا في التحليل، فعند الشيوعيين أنه لو حصل حريق في غابة أو شغب في شارع رأسمالي فإن هذا يعني أنه سيؤول الأمر إلى انتصار الشيوعية.

وبعد مراقبة ذكية للعقلية العقدية الشيوعية، عرف خصومهم أن هذه العقيدة هي مفتاح التغلب عليهم، والسيطرة على أفكارهم من خلال تركهم يتمادون في هذه التفسيرات، وقد قامت مراكز بحث وتوجيه للمعرفة والسياسة تهتم بصحة هذا التحليل لنفسية العقديين، وإمكان الاستفادة من ضعفها، ثم تنفيذ خطة تنتهي بالفشل الكبير للموقف الذي لا يناقش ولا يصحح نفسه، وقد كان! فأكد للشيوعيين أن يغرقوا في تحليلهم هذا ويحاصرهم ثقافيا في قبو الماركسية العلمية، ويمنع منهم حركة الانفتاح الفكري والجغرافي والاقتصادي والتوسع حتى تموت الشيوعية في قبوها، مغرورة بصحة ومعصومية أفكارها بلا نصير وقد كان.

التحليل العقدي يعطي وثوقية عالية بالتحليل الحزبي أو الطائفي، ويتهم المخالفين بكل نقيصة وأهم ذلك خطل الآخرين وانحرافهم، وفشلهم وإعطاء النفس كل مقومات العصمة والشرعية، ويجعل النصوص تعنو لرأي المحلل العقدي، وكل ذلك اعتساف وابتسار عبثي المبدأ ومضلل عن الغاية.

ومن أوهام المحلل العقدي وتشويهه للقضايا، أنه يرى رأيه الصادر عن قناعة طائفية، أو عاطفية، أو معرفة منقوصة ثم يقول للأتباع والمقلدين قوله، وفيما هو في طريق ذلك يبدأ باستدعاء النصوص، ويجمع له الجامعون أدلته على صدق عاطفته، فيصب على قوله من نصوص الكتاب والسنة والتاريخ ما يوحي بربانية التحليل وعصمة الرأي، وتلك من وسائل تغييب المعرفة، وعزل العقل، والعبث بالنصوص. وقد كانوا في أواخر حياة الشيوعية يسخرون من المحللين الشيوعيين، فقد كان أحدهم يقول رأيه السقيم، ثم يصبح التفسير والقناعة به وتكراره مقياس ولاء، وطاعة وتبعية وتوافق وتجانس مطلوب، ويطالب العقديون بل ويشددون على الوحدة الفكرية ولو في الغباء والخرافة، وأنى لهم أن يكتشفوا عيبهم فهم الطائفة المعصومة.

ومن ملاح التفكير الشيوعي وتفسيره العقدي أنه كان يلزم أفراده بصحة النتائج التي يصل إليها تحليلهم، وهذا قضاء على العقل والمعرفة ينتج فشلا ذريعا في المستقبل، فإن اتخاذ حكومة ما أو حزب موقفا لا يعني أن تلقي عليه ظلال الصحة فضلا عن العصمة، بل قد ينفذ كما ينفذ الجندي القرار، ولكن يجب أن يبقى له حرية التفكير والتعبير عن رأيه المخالف. فقد وسع سعد ابن عبادة ألا يبايع ولا يوافق على خلافة أبي بكر، وبقيت له مكانته واحترامه، ولأنه لم يقد عسكرا للانتقام لفكرته، ولكن الشيوعيين كانوا يقتلون على الهواجس والأوهام. بعد أن يمطروا المخالف بالنقائص والتهم. وويل للحق الموجود خارج الحزب وللأسف كثيرا ما يكون كذلك، لأن الولاء الحزبي يحمي غالبا الرعاع.

زد على ذلك، أن المفسر العقدي غالبا يلاحظ توجه الحكومة أو الأتباع، ويتخلى عن المعرفة والعقل في سبيل إرضاء الغوغاء، ويبدأ يسترضي ويجامل الغوغائية حتى تصبح الغوغائية والعواطف الشعبية هي المسيطرة على تفسيره، وتلك علة أكبر، تنتهي بالفشل وتنهي بالبعد عن الحق والبعد عن الأمانة، ويتسلم العقدي حكوميا بوقا قديما ينفخ فلا يستجيب أحد، ثم يهدم الناس جدار برلين، ويخرجون من دوائر الرعب والزيف المعاد.

التحليل العقدي تحليل بالرغبة وليس بالمعرفة، فهو يحب أن يصل إلى كذا، ولا يقوم على المعلومة ولا على الظروف، أما المصلحة فهي رغبة في النهاية عنده. والتعصب للذات والتهجم على الآخرين ونزع إنسانيتهم أو أهدافهم العليا هي وقود التحليل العقدي وهي وسيلة إقناع به، والمسافات بين المعلومات والفهم والتوجيه التنفيذي محطة واحدة عند التفسير العقدي، ولكن من يريد الفهم يحتاج إلى أسالب المعرفة الثلاثة في تناول القضايا، المعلومات الكلية، ثم التحليل والسلب، ثم القيمة العملية.
وقد يقوم أشخاص مختلفون بإنجاز كل مرحلة منفصلة عن الأخرى، مع أهمية المشاركة في النهاية. قليل من المعلومات تفيد الذكي وكثير منها لا تنفع الغبي، وعاطفة طيبة قد تقضي على العقل.

فـاروق
08-15-2006, 04:21 PM
السلام عليكم

ممم......

المقال تناول او طرح اسئلة ووجهات نظر كنا نفكر فيها كثيرا. ...وتتلخص في التفسير الديني الضيق البحت لكل ما يجري في العالم..بحيث انه عداء دين لدين فقط...في حين انه قد تتم محاربة دين بعينه انتصارا لمصلحة ما بل لعل هذه الحالة هي الطاغية في التاريخ القديم والحديث...بل وحتى في العهد النبوي...

الم يحارب ابو جهل الاسلام بدافع مصلحي...؟ الم يحارب حيي بن اخطب الاسلام بدافع عرقي...؟
ولكن هل ينفي هذا الامر الصبغة العقدية للصراع؟

يسعني القول اننا نرى تطبيقات عملية لهذا المقال عند كثير من الحركات الاسلامية...او قل العقدية بشكل عام...ولكني لا اظن ان المشكل تكمن في مبدأ التحليل العقدي بقدر ما تكمن في النقطة التي تكلم عنها الكاتب وهي الثقة بعصمة الراي لمجرد ان دافعه ديني....

ربما لو تسنى لي ان التقي بكاتب المقال لسألته عن مفهومه للعقيدة او للبعد العقدي في اي امر...لان المقال يقصد والله اعلم انتقاد التفكير السياسي الممذهب (المبني على عصبية مذهبية او عقدية يستخدمها الساسة لتحقيق مصالحهم ايضا...وهذا يعيدنا الى موضوع صراع المصالح)

فمثال السعودية و سنيتها وايران وشيعيتها وتعاونهما معا مع الامريكان في قضايا مختلفة وان كان يؤكد على مصلحية الصراع في بعض جوانبه الا انه ليس حجة على انتفاء الجانب العقدي فيه....

فاننا نجد من الامريكان من يعادي المسلمين بدافع عقدي (كالانجليين و من شابههم) ولكن منهم من يعادي الاسلام كدين وعقيدة ايضا ولكن من منطلق مصلحي حيث ان قيام هذا الدين يسلبهم امتيازاتهم المصلحية التي اخذوها عنوة واحتيالا واحتكارا...


ولكننا من جهة اخرى نقف امام قول الحق تبارك وتعالى :"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم..."

وهذه الاية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان العقيدة هي غذاء الصراع وسببه المباشر او غير المباشر...البعض سيحمل هذه الاية على انها دليل على عقدية اي صراع معه اليهود والنصارى...والبعض قد يقول ان الصراع مصلحي وان ارتكز على خلاف عقدي...

من المؤكد ان نظرتنا التحليلية للامور لا يجب ان تجتر التاريخ او كتب الفقه حصرا...

ومن المؤكد ان قراءة الصورة العامة لاي توجه او صراع ضرورة اساس لفهم حقيقة الصراع ومتطلبات النجاح فيه...

ولكن من قال ان الخلفية العقدية هي عثرة امام هذه الامور...المشكلة تكمن في العقديين وليس في العقيدة ذاتها...المشكلة تكمن في فهم النصوص وتنزيلها وتفصيلها على الاحداث دون مراعاة للعوامل الاخرى...

مشكلة المقال انه حاول ان يوحي بانتفاء الدور العقدي الفاعل لاي صراع...وركز على البعد الاقتصادي والاستعماري...بمعنى آخر المصلحي...وهذا قصور في الطرح ربما...

قرات الموضوع مرتين...وعدلت ردي مرتين :) وفكرةالموضوع تستحق المناقشة لتتبلور الافكار وتتنسق اكثر

مقاوم
08-15-2006, 04:35 PM
يا سلام ... والله عندنا مواهب دفينة في هذا المنتدى!!

جزاك الله خيرا أخي الحبيب فقد وفقت في كثير مما ذهبت إليه ولكن برأيي إن أهمية المقال وخلاصة طرحه تكمن في المقطع الأخير:
"التحليل العقدي تحليل بالرغبة وليس بالمعرفة، فهو يحب أن يصل إلى كذا، ولا يقوم على المعلومة ولا على الظروف، أما المصلحة فهي رغبة في النهاية عنده. والتعصب للذات والتهجم على الآخرين ونزع إنسانيتهم أو أهدافهم العليا هي وقود التحليل العقدي وهي وسيلة إقناع به، والمسافات بين المعلومات والفهم والتوجيه التنفيذي محطة واحدة عند التفسير العقدي، ولكن من يريد الفهم يحتاج إلى أسالب المعرفة الثلاثة في تناول القضايا، المعلومات الكلية، ثم التحليل والسلب، ثم القيمة العملية.
وقد يقوم أشخاص مختلفون بإنجاز كل مرحلة منفصلة عن الأخرى، مع أهمية المشاركة في النهاية. قليل من المعلومات تفيد الذكي وكثير منها لا تنفع الغبي، وعاطفة طيبة قد تقضي على العقل. "

وأظن أن هذا هو مكمن الداء الذي أوردنا الموارد في الأحداث الأخيرة وأظن كذلك أن الوقت قد حان وأن الظروف مؤاتية جدا لتأسيس بناء جديد يستفيد من التجارب السابقة ويبني عليها ولا يبدأ من نفس البدايات، ليس على صعيد لبنان فحسب بل على صعيد الأمة جمعاء.

ما رأيكم دام فضلكم؟

كلسينا
08-15-2006, 08:23 PM
رأيي بأختصار . وهذا ما نطرحه دائماً . عدم التعميم من أي منطلق عقدي أو وطني أو أي مقياس لجماعة .
والصورة القبيحة لذلك تلك التي نراها اليوم الشيعة في العراق يوالون الأمريكان والسنة مقاومة والعكس في لبنان .
وكما نقول أحيانا عن التحليلات العقدية للأمور ( هي رؤية بعين واحدة مع أن الله رزقك بعينين ) ويهاجمنا الجميع عليها .
وستسمع في المنتدى صرخات علي حول ( صلاح الدين الأيوبي ) راقبها في موضوع جاري نقاشه اليوم ( رأيي فيما يجري من دون مواربة ) للكاتب صلاح الدين

من هناك
08-15-2006, 10:35 PM
السلام عليكم،
الكاتب محق في نقد كل الحركات العقدية الوضعية مثل الدياليكتية والثورة الثقافية والثورة الخضراء.
لقد كتبت كارن ارمسترونغ عن هذا الأمر في كتابها "الإسلام تاريج موجز" "Islam: A Short History".

تقول في كتابها: "إن التاريخ الظاهر لكل حركة دينية تتضارب مع مبرر وجودها الإيماني بسبب الصراع بين روحية الدين وسياسته. إن رجال الدين يتصارعون فيما بينهم ومع الآخرين من عقائد اخرى بسبب احتكارهم للحقيقة المطلقة وحدهم وينزعون عن اقرانهم الآخرين اي حق في امتلاك حق ما وبذلك يغتالون المثالية المقدسة التي يدعون خدمتها.

في معظم العقائد، يحبس رجال الدين انفسهم في قمقم الحق المطلق الذي يمتلكونه والخطأ المطلق الواقع بالآخرين ويستغلون كل حقائق التاريخ والسياسة لتبرير رأيهم".

ثم تقول بعد ذلك،
"إلا الإسلام، وحده الذي لم امر رجال الدين يعدم احتكام كل الحقيية واعطاهم القرآن مهمة تاريخية. إن مهمتهم الرئيسية هي إيجاد مجتمع يعامل فيه الجميع، حتى الأضعف والأكثر وهناً، باحترام مطلق.".

هكذا نظر الآخرون إلى المفهوم العقائدي في الإسلام وميزوه عن إدعاء الحق المطلق في الأديان الأخرى ولكن للأسف وقع المسلمون في مطب الأنانية الإنسانية وصرنا نرى علماء لا يقرون إلا برؤية ما يرون.

اين هم علماء السلاطين من ائمتنا من تسامح احمد والشافعي وابو حنيفة ومالك؟

لقد كانوا يرون الحق اقرب إليهم من غيرهم ولكن لم ينفوا للخطأ مجالاً. اما الآن ترى شاباً يافعاً يتقول على العلماء ويدعي المشيخة والفقه على شاشات زرقاء اتعبها سهر الليالي.

لا حول ولا قوة إلا بالله

مقاوم
08-16-2006, 02:20 PM
أخي كلسينا، المسألة قد تتعدى حتى النظر بعينين فالمشكلة بحاجة إلى بصر (العينين) وبصيرة (التحليل غير المقيد بالعقيدة فقط مع عدم إغفالها ورسم المسار المستقبلي المبني على الفهم الصحيح
والإحاطة بفقه الواقع وفقه الأولويات)

أخي بلال، Right on the money أصبت وأجدت!!

فـاروق
08-16-2006, 02:25 PM
طيب اخي مقاوم وبقية الاخوة...

هل من سبل عملية لبث هذا المفهوم...او لاسقاطه على اي عمل او مشروع اسلامي في المستقبل؟

ومن ثم السؤال الحقيقي هو: من اين سنستقي معلوماتنا وفهمنا للواقع...وعلى اية اسس في ظل الكم الهائل من التلاعب بالمعلومة او تشويهها....

كلسينا
08-16-2006, 07:40 PM
في أيامنا هذه عليك أن تسمع الخبر من عدة مصادر والأحسن إذا كانت متناقضة الميول والمصالح وتغمض عينيك وتفتح عين قلبك لتستنبط أقرب ما يكون إلى الحقيقة . والله أعلم ، هذا مجرد رأي .

ابو شجاع
08-19-2006, 02:33 PM
السلام عليكم

المقال جيد بشكل عام واتفق مع الكاتب في بعض الامثلة التي ضربها الا انه اخطأ في نقاط كما ارى

خدعة التحليل العقدي هذا هو العنوان وساقوم بشرحه ونقضه كما فهمت الموضوع (( حسب فهمي الخاص وارجو تنبيهي اذا اخطأت ))

التحليل الذي قصده الدكتور محمد الاحمري هو اطلاق الحكم الو التفكير في مسألة لادراك كنهها

التفكير هو نقل الواقع من خلال حواس الى دماغ صالح للربط وبوجود معلومات سابقة تفسر الواقع للوصول الى حكم على هذا الواقع

جيد

اي مفكر او اي انسان لا بد ان يتناول رؤيته لامر من الامور من خلال منظار معين او عقيدة ما ويستحيل ان يفكر شخص في مسألة ما لاطلاق حكم عليها او ادراكها بدون الاستناد الى عقيدة او ايديلوجيا يحملها الا ان كان انسانا متناقضا مع نفسه يفصل ما بين الايديولوجيا ورؤيته للكون والانسان والحياة وما بين الحياة والتفكر في أي مسألة تستجد لديه وبطريقة عقلية

فالطريقة الصالحة لاتخاذها كأساس تفكير، وجعلها حكما في الحكم على الأشياء والأمور هي الطريقة العقلية ، والطريقة العقلية سواء عرفت تعريفا صحيحا أم لم تعرف، هي الطريقة التي يجري عليها الإنسان من حيث هو إنسان في تفكيره وحكمه على الأشياء وإدراكه لوجودها وحقيقتها وصفاتها فهي طريقة في متناول البشر كافة يعتمدها الإنسان بغض النظر عن مستواه التعليمي تلقائيا في فهمه وإدراكه وإصدار أحكامه
والطريقة العقلية تصلح لكلّ فروع المعرفة، ومجالات البحث، فتصلح للعلوم الطبيعية وللفيزياء، وللرياضيات، وللفلسفة، وللسياسة ولغير ذلك كما أنها تتميّز بخاصيتين لا توجدان في الطريقة العلمية مثلا فتتميز بقدرتها على إنشاء الأفكار الجديدة بخلاف الطريقة العلمية التي تتميز بصفة الكشف والاستنتاج ذلك أن الطريقة العلمية تكشف الموجود ولا توجد المعدوم وتبني على الموجود ولا تنشأ المعدوم وأما الميزة الثانية للطريقة العقلية فهي القدرة على إعطاء النتائج القطعية عن وجود الأشياء لذلك فهي تمد الإنسان بحقائق جازمة يحتاجها في إدراك معنى حياته بخلاف الطريقة العلمية ذات الصفة الاحتمالية التي لا تعطي الإنسان إلا ظنيات فيها قابلية الخطأ

ايضا عندما ضرب الكاتب د محمد المثال حول التفسير الشيوعي (( الاشتراكية العلمية )) للاحداث فهو لم يبين حقيقة الخلل لدى منظري افكر الشيوعي (( وهو فكر راق وان كان خاطئا لان الاساس الذي بني عليه خاطيء وهو المادية والتطور المادي ))

فالمكرون الشيوعيون يقولون ان التفكير هو انعكاس الواقع على الدماغ وهذا خطأ من ناحيتين

الاولى وهي زلة كان من الممكن التغاضي عنها ان الواقع او المادة لا تنعكس على الدماغ ولا يوجد خاصية انعكاس بينهما

الثانية وهي العلة الرئيسية في التفكير الشيوعي انكار الشيوعيين للمعلومات السابقة التي تفسر الواقع ذلك ان اعترافهم بوجود معلومات سابقة تلزمهم ضرورة بوجود قوة ذكية من خارج الكون والانسان والحياة اعطت للانسان المعلومات السابقة (( المقصود خالق الكون والانسان والحياة جلت قدرته ))

الخلل في الموضوع كما ارى هو ما يسميه البعض نسبية الحقيقة

فبعض المفكرين يقولون ان الحقيقة نسبية ولا احد يمتلكها مطلقا

فانت ترى نصف الكأس الفارغ بينما يرى غيرك نصفه المليء

وكلاهما على صواب

والكلام هنا خطأ في مجمله

الحقيقة ليست مصطلحا يصطلح عليه كل قوم كيفما يشاءون وليست فكرة مجردة يتأمل فيها الفلاسفة كما يريدون وليست مفهوما حضاريا تختص به أمة دون الأخرى إنما هي واقع معين عند البشر قاطبة مهما اختلفوا في التعبير عنه وهذا الواقع هو كون الحقيقة عند كل البشر مطابقة الحكم أو الفكر للواقع الذي دل عليه
فلو رسمنا شكلا هندسيا له أربع أضلاع متوازية متساوية وأربع زوايا قائمة وعرضناه على محمد وبلال ومقاوم وابو شجاع وجوزيف وكوهين للحكم عليه فإن التثبت من حقيقة حكمهما يكون بطريقة واحدة عند البشر قاطبة وهي مطابقة حكمهما بواقع الشكل

فإن قال أحدهم إنه مربع قلنا هذه حقيقة، وإن قال أحدهم إنه مثلث، قلنا ليست هذه الحقيقة، لأن الشكل الهندسي المرسوم ليس سطحا يحيط به ثلاثة خطوط

هذا هو مفهوم الحقيقة فهو مطابقة الفكر للواقع الذي دل عليه بغض النظر عن طبيعة الفكر نفسه سواء اكان فكرا محضا او علميا او منطقيا و غيره
أما مسألة مقياس اعتبار الحقائق والتوصل إليها والتفكير فيها فتضبط بالنظر في مجالات البحث العقلي نفسه. ذلك، أن العقل الذي هو نقل الواقع إلى الدماغ بواسطة الحواس مع معلومات سابقة يفسر بواسطتها الواقع، يطلق أحكامه على الأمور والأشياء من حيث وجودها، وماهيتها وصفتها. فإذا كان الحكم العقلي متعلقا بوجود الشيء فإنه بلا ريب قطعي يقيني لأن الحكم على الوجود جاء عن طريق الإحساس بالواقع، والحس لا يمكن أن يخطئ بوجود الواقع
وأما إذا كان الحكم متعلقا بماهية الشيء أو صفته، فيكون ظنيا فيه قابلية الخطأ لأن الحكم على الماهية أو الصفة يأتي من طريق المعلومات عن الشيء أو تحليلات الواقع المحسوس مع المعلومات، وهي يمكن أن يتسرب إليها الخطأ. لذا كان هذا الحكم عرضة للتفاوت والاختلاف لتفاوت القدرات البشرية في التحليل وفي كم المعلومات عن الشيء وكيفها

ومثال ذلك، لو سمعنا حس حركة فإننا نحكم قطعا بوجود متحرك، ولكننا لا نستطيع الجزم بماهيته ولا صفته، فقد يكون إنسانا وقد يكون شيئا أخر وهذا هو مجال النسبية التي يتحدث عنها الغرب
إلا أن الإقرار بالنسبية لا يعني عدم وجود حقيقة، لأننا إذا طابقنا الحكم على واقعه أدركنا حقيقته، ولو حكمنا على المتحرك – كما في المثال المذكور – بأنه رجل أو حيوان من حركته، ثم طابقنا الحكم على واقعه المحسوس لدينا لأدركنا الحقيقة
لذلك فإن وجود النسبية في الأحكام والأفكار لا ينفي وجود الحقيقة القطعية التي تلزم العقل بالتسليم بها

إن تعميم فكرة النسبية على الأشياء والأمور آفة فتاكة تفتك بالإنسان والشعوب والدول فالإنسان الذي يعيش حياته وفق نسبية تقتضي منه عدم الجزم بصدق عقيدته ونظامه وقناعاته ومقاييسه وغاياته إنسان مبعثر الوجدان لا يتذوق معنى الوجود ولا ينعم بكنه الحياة فهو لا يدري ايندم على دنياه إذا سعى لآخرته، ام يندم على آخرته إذا سعى لدنياه

والدول التي قامت على مبدأ نسبي ترى فيه بعض الحق وترى البعض الأخر في مبدأ غيرها دول لا يمكن أن تسود وإذا سادت فلا يمكن ان تحافظ على سيادتها ولا يمكن أن تدفع بشعبها إلى تحقيق السيادة والعظمة، لأنّها لا تدري أتدفع به ليموت على حق أم على باطل؟

إن الإنسان يحتاج إلى ما يجزم به فيسير وفقه في الوجود مدركا لمعنى حياته واعيا على غاياته فاهما لقضيته، مطمئنا بكينونته وصيرورته. ولو نظرنا إلى واقع الإنسان لوجدناه على غير النسبية فهو يجزم بصدق مبدئه ويقطع بصواب نظرته إلى الحياة وها هي الأمم الغربية تحمل الديمقراطية إلى العالم وتدافع عنها وتحارب من اجلها وتسعى لجعلها نظام العالم باسره ولو بالإكراه والقوة وهو أمر يدل على أن النسبية فكرة خيالية لا وجود لها في أرض الواقع

ما رأيكم دام فضلكم

علما انني تناولت الموضوع من ناحية فكرية محضة

وتركت الامثلة التي تناولها الكاتب حول لبنان والمذاهب الاسلامية لاتفاقي معه فيما اراد