تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل مصلحة طهران.. في توقيف التدمير ضد لبنان أم في استمراره؟!



سعد بن معاذ
08-05-2006, 03:45 PM
هل مصلحة طهران.. في توقيف التدمير ضد لبنان أم في استمراره؟!
يوسف شلي


مجلة العصر

المتابع العربي ليعجب من الاحترافية السياسية لإيران في المنطقة وتوظيفها المحكم لأوراقها، مقارنة بالتقهقر العربي وعلى جميع الأصعدة.. نجد إيران تنطلق في تحركها، ضمن الرؤية الإستراتيجية العامة لنظام الملالي، وهي الرؤية التي تريد من خلالها أن تكون القوة الأكبر في الشرق الأوسط "الكبير" أو "الجديد".

أصبحت إيران التي تمتلك برنامجاً نووياً معترضا عليه أميركيا وأوروبيا، قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها في منطقة الشرق الأوسط، إنها موجودة في قلب كل قضية ذات "علاقة بالعرب"، أكان ذلك من زاوية الأخطار التي يمكن أن تنجم عن متابعة برنامجها النووي، أو من خلال "التبشير" بالمد الشيعي المتنامي في الخليج العربي وبعض الدول العربية، أو من زاوية التأثير السياسي والعسكري في القضايا العراقية أو اللبنانية أو الفلسطينية.

في لبنان، تجلى النفوذ الإيراني في "حزب الله"، المرتبط بشكل مباشر بالقيادة الإيرانية، التي يسيطر عليها التيار المحافظ المتشدد، والذي جاء تأسيسه في عام 1982 بهدف إخراج "التكتل الشيعي" المجتمع في الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت، الذي أسسه السيد موسى الصدر "الإيراني"، في بيروت، من حالة السلم والسكون التي عاشتها هذه الطائفة منذ بداية الثمانينيات حتى يومنا هذا، إلى حالة المواجهة المباشرة مع أطغى قوة "إرهابية" في المنطقة كلها إسرائيل.

فقبل الثورة في إيران كان مرجع الشيعة في لبنان موسى الصدر، الذي اختفى في طرابلس في ليبيا. وهو الذي أعطى الطائفة الشيعية، التي ظلت مهمشة تاريخيا، وزنا سياسيا من خلال تشكيل حركة أمل ( أفواج المقاومة اللبنانية).

يبدو أن المواجهة الأخيرة بين إسرائيل ولبنان، قد جرى الإعداد لها سلفاً من قبل الأطراف الرئيسية في المنطقة المتمثلة بإيران وسوريا وإسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة، المستفيدة الأولى من هذه الأجواء، غير أن استفادة إيران من الحرب أيضا واضحة للعيان، لأن الذي أشعل شرارتها "حزب الله" المرتبط ارتباطاً وثيقاً بإيران ومشاريعها المتعلقة بتصدير ما يسمى بـ"الإيديولوجية الثورية الإسلامية" في المنطقة.

فحزب الله لم يخف اعترافه العلنيً بالدعم القوي لملالي طهران المحافظين، تسليحاً وتمويلاً وتدريباً ودعاية، إلى الحد الذي جعل منه، كما أجمع عليه الكثير من المحللين العسكريين" بعبعاً، تهابه السلطة اللبنانية بما يمتلكه من أسلحة ومعدات وتجهيزات عسكرية، لا يمتلكها الجيش اللبناني نفسه، مع استخبارات فاعلة، ورصد ميداني محكم"! اليوم، وعندما نعود إلى تداعيات الحرب المستمرة في الجنوبي اللبناني، يحق لنا أن نتساءل عن أسباب حدوثها؟

يا ترى، لماذا تزامنت عملية حزب الله داخل الخط الأزرق، بعد ساعات من فشل محادثات الملف النووي الإيراني بين علي لاريجاني المسئول الأول عن الملف، وخافيير سولانا في بروكسل؟ وهل جاء هذا العمل العسكري صدفة وقبل ساعات قليلة من اجتماع وزراء خارجية الدول الكبرى في باريس لمناقشة إمكانية إحالة ملف البرنامج النووي إلى مجلس الأمن الدولي؟

ألم يكن هناك اتفاق مبدئي بين الحكومة والقوى السياسية اللبنانية ومنها حزب الله ، لإنجاح موسم السياحة الصيفي، عصب الاقتصاد اللبناني، وتأجيل موضوع الأسرى في السجون الصهيونية لفترة ما قبل بدء أو ما بعد انتهاء فترة السياحة؟ أم أن أجندة حزب الله "توافقت" مع الأجندة الإيرانية المرتبطة قبل كل شيء بمصالحها، ولا علاقة لها بالأهداف الوطنية التي يرفع الحزب شعاراتها، ويرددها أمينه العام حسن نصر الله في كل المحافل والمناسبات؟...

الجواب عن هذه التساؤلات لها أوجه متعددة، منها ما هو محلي لبناني بحت، ومنها ما هو إقليمي، ومنها ما هو عربي.. حزب الله له أكثر من هوية ولسان، فهو حزب عربي لبناني، قيادة وعناصر، وحزب شيعي نافذ في الجنوب والضاحية، تمشياً مع التركيبة الطائفية للنظام السياسي اللبناني، ومرتبط سياسيا بسوريا "الحليف الإستراتيجي" كمصدر دعم له في الداخل اللبناني وعلى المستوى العربي، غير أن قوته في مرجعيته الأيديولوجية الدينية الشيعية، وتوجهاته السياسية الإقليمية المرتبطة بالنظام السياسي الإيراني.

حزب الله يتمتع بدعم سياسي وعسكري كبيرين من إيران وسوريا، والغطاء الذي يتحرك في ظله هو غطاء إيراني أولاً وسوري ثانياً، لا خلاف في ذلك، فهو يتحرك في عملياته "العسكرية" خارج المظلة الإقليمية العربية المهترئة والمنقسمة على حالها.

قد نتفق مع حزب الله على العجز العربي الكاملً والشامل والذي لا يبدو أن له حدودا مطلقة، وقد نتفهم "اعتمادها" الكلي على الغطاء الإيراني، ما دام العرب وجامعتهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً أو أن يحركوا أصبعا صغيرا في العراق الذي ضاع من العرب شئنا أم أبينا، ولا في فلسطين "العار" في جبين العرب، ولا في السودان الذي نفض يده من العرب المتفرجين، ولا في الصومال الخارج عن اتفاق أو اختلاف العرب، ولا في لبنان المصدوم من تخاذل العرب وخياناتهم.. القضايا العربية المصيرية خرجت من أيدي العرب تماما، وأصبحت في أيدي الأميركيين والأوروبيين والإسرائيليين، وأصبحنا "كومبارسا" في المشهد الدولي العام، لا ممثلين ثانويين ولا...

وصل الوهن بالحالة العربية درجة لا مثيل لها، وصل أن تأخذ الدول الخليجية "الغنية" الأمر من أمريكا لتقديم المساعدات "الإنسانية" لتخفيف وطأة النكبات العربية التي لا يبدو أن لها نهاية، هذا الوصف للحالة العربية، وجدت إيران من خلاله ضالتها في إقامة التحالف مع سوريا كركيزة للوصول إلى المنطقة العربية عبر البوابة "الشيعية".. المنطقة الشيعية الممتدة من المحور العراقي الشيعي جنوبا مرورا بالنظام العلوي السوري وانتهاء بالجنوب اللبناني، محور يمكن لإيران الاعتماد عليها في إمرار مشاريعها المعروفة، مما دعاها إلى توثيق تعاونها مع حزب الله وتقديم له كل الدعم اللوجستي، مما مكنه من التحرك في تلك المساحة الجنوبية التي جعلها منطلق لنشاطه العسكري.

الحقائق الميدانية، تثبت لا محالة، كما أشار صحفي متابع للشأن الإيراني أن طهران باتت "جزءاً لا يتجزأ من كل الملفات العربية، وأي تجاهل لها هو بمثابة تجاهل لواقع جديد في المنطقة".. "إنها الجهة الأكثر حضوراً في المنطقة من خلال برنامجها النووي والعراق ولبنان وفلسطين".

ختاما، إيران حاضرة في المنطقة عموما، وفي لبنان خصوصا، ولا يوقف حضورها التحذيرات العربية الرسمية، ولا التهديدات الأمريكية، ولا الفتاوى السلطانية، "حضور إيران في لبنان والمنطقة لا يعود لعوامل التاريخ والجغرافيا وليس بسبب جاذبية المذهب الشيعي، بل بسبب الموقف السياسي؛ وجوهره أن الناس تكره إسرائيل أكثر مما تحب إيران"، كما أشار أحد الصحفيين العرب!