تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جثث متحللة وعجائز يئنون تحت الركام وأحياء ينتظرون من ينقذهم



abunaeem
08-03-2006, 08:08 AM
http://www.ghaliboun.net/gallery/albums/userpics/10001/lv06.jpg

http://www.ghaliboun.net/gallery/albums/userpics/10001/c.jpg


http://www.ghaliboun.net/gallery/albums/userpics/10001/b.jpg

http://www.ghaliboun.net/gallery/albums/userpics/10001/a.jpg
__________

مشاهدات من بنت جبيل وعيناتا وعيترون ... جثث متحللة وعجائز يئنون تحت الركام وأحياء في الرمق الأخير ينتظرون من ينقذهم

بنت جبيل - سلطان سليمان الحياة - 03/08/06//

الطريق الى بنت جبيل لم تعد هي نفسها التي كان يسلكها ابناء المنطقة عادة، بسبب عمليات تقطيع الاوصال التي نفذتها الطائرات الحربية الاسرائيلية على كل الطرق التي تربط قرى الجنوب بعضها بعضاً. فالتوجه مثلاً الى بلدة تقع الى الجنوب الشرقي من مدينة صور يتطلب التوغل في العمق الجنوبي والعودة عبر طرقات وعرة الى الشمال ومن ثم الى الشرق كي نصل الى بلدة جويا، ومنها سلوك طرق تفضي الى بنت جبيل. بدت هذه الطرق والمنازل القريبة منها وكأن اعصاراً ضربها. سيارة محترقة هنا واخرى هناك هجرها أهلها على عجل تاركين فيها ملابس وحقائب، فيما كانت الرايات البيض ترفرف فوقها. سيارة اسعاف جانحة تحت الطريق ودراجات نارية احترقت قبل ان توصل راكبيها الى بر الأمان. نمضي بسيارتنا وحيدين في هذه الطريق فنصل الى بلدة تبنين لنفاجأ بعشرات النساء يقفن عند مدخل المستشفى ويخبرننا انهن قادمات من بنت جبيل سيراً على الأقدام وهي مسافة تقارب 15 كيلومتراً.

وصلنا الى منطقة صف الهوى، عند مدخل بنت جبيل، فوجدنا المستشفى المتواضع هناك قد تعرض لقصف مدفعي، خرّب معظم غرفه. لكن احداً لم يتضرر بهذا القصف، بحسب ما قال لنا الدكتور فؤاد ضاهر رئيس المستشفى، لأنه تم اخلاء اكثر من ثلاثين جريحاً مدنياً قبل القصف بمساعدة جمعية الصليب الأحمر اللبناني. تجمعت ثلاث سيارات للجمعية امام المستشفى وانطلقنا معها الى بنت جبيل لكن لم نكد نقطع نحو 800 متر حتى اوقفنا الركام في الطريق. تركنا سياراتنا ومضينا سيراً على الأقدام. لم ينج منزل او محل تجاري من القصف، استطعنا التعرف الى ساحة المدينة من ذلك النصب في منتصفها الذي تآكل بفعل الرصاص والشظايا. السير يزداد صعوبة كلما توغلنا أكثر في احياء المدينة. رحنا ننادي بأصوات عالية لنسمع ما اذا كان هناك احياء فلا جواب إلا صدى اصواتنا. لكن فجأة سمعنا اصواتاً خافتة منبعثة من وراء باب حديدي يقود الى ملجأ تراكمت الحجارة عند بابه، ازلنا الركام وخلعنا الباب لنجد ثلاث نساء مسنات ورجلاً عجوزاً. كانت النساء في حال هذيانية، يتحدثن بكلمات لا معنى لها، احداهن لم تعرف اسمها واخرى لا تتذكر عدد الايام التي قضتها في الملجأ، فيما كان الرجل اكثر وعياً وقال لنا انه يعرف امكنة اخرى فيها اناس يحتاجون الى المساعدة، اخرجناهم وذهبنا بقيادة هذا العجوز الى حي آخر، فأخرجنا من ملجأ امرأة عجوز ضريرة كانت تحولت بفعل عدم توافر الطعام على مدى اكثر من عشرة ايام الى كومة من العظام والجلد تحت لحاف صوفي. اخرجناها ومضينا قدماً بصعوبة كبيرة لنجد عجوزاً في ملجأ آخر، كان في الرمق الأخير، جسسنا نبضه، كانت نبضات قلبه متباعدة وضعيفة، وضعنا قطرات من الماء بين شفتيه وحملناه مع مسعفي الصليب الأحمر الى سيارة الإسعاف، لكنه ما لبث ان فارق الحياة قبل ان يصل.

لم يكن عدد المسعفين كافياً لنقل كل العجزة الذين وجدناهم هنا وهناك فأخذنا ننقلهم على دفعات حاملين بعضهم على ظهورنا او على حمالات او داخل حرامات. لا احد يمكنه ان يقدر عدد الضحايا تحت الركام ولا اين تحديداً، وإذا عرف مكانهم فلا إمكان لانتشالهم في المرحلة الراهنة لأن ذلك يحتاج الى معدات ثقيلة وكبيرة غير متوافرة في المنطقة حالياً.

الجولة الثانية كانت الى بلدتي عيناتا وعيترون. الطريق من بنت جبيل الى عيناتا مقطوعة بالحفر التي خلفها قصف الطيران الاسرائيلي. فلجأنا مجدداً الى طرق الرعاة الفرعية لنصل الى ساحة البلدة، هناك انتشل رجال الإسعاف بقايا جثة اكلت الكلاب الشاردة الجزء الأعلى منها ولم يبق الا بعض اجزاء الجزع والقدمين. رائحة الجثث المتحللة عابقة في البلدة لكن مهمة العثور عليها تحتاج الى بحث دقيق بين بقايا البيوت وتحت ركامها. لا حياة في عيناتا، موت ودمار وركام هكذا يمكن ان نختصر المشهد هناك.

من عيناتا الى عيترون، طرق الرعاة هي وجهتنا من جديد. وسط الركام والحفر وصلنا الى البلدة لنجد اكثر من مئتي امرأة وطفل وعجوز مجتمعين في احد الأحياء. البعض يبكي حبيباً او عزيزاً قتل، وامرأة تندب فلذة كبدها او زوجها. والقاسم المشترك هو مناشدتنا نقلهم من هذا الجحيم لكن قدرتنا على نقل هذا العدد من الناس متواضعة جداً. في غمرة هذا المشهد المأسوي يأتي احد ابناء البلدة ليخبرنا عن عجوز جريح وزوجته في احد المنازل القريبة، توجهت اليهما لأجدهما في حال هستيرية، ساعدت المرأة على لبس عباءتها وحملناها مع زوجها الى السيارة، عدنا الى مكان التجمع لنجد ان الصراخ يزداد والمناشدة تشتد لنقل الجميع، أي مشهد مروع هذا، كيف لي ان اقرر من انقذ ومن اتركه لمصيره والمجهول! حملت في السيارة عشر نساء اضافة الى العجوز الجريح الذي كان يعالج نفسه بنفسه منذ عشرة ايام من إصابة في الفخذ، بعد ان اخترقته شظية من جانب الى آخر.


http://www.daralhayat.com/special/fe...a36/story.html (http://www.daralhayat.com/special/features/08-2006/Item-20060802-d0a809ad-c0a8-10ed-004c-7e10cbe38a36/story.html)

____________

انا لله وانا اليه راجعون .... اللهم لطفك نسال ورحمتك نرجو بهؤلاء المستضعفين من اهلنا الرجال والنساء والولدان الذين لايتسطيعون حولا وانت ارحم الراحمين ...