تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة على أعتاب زيارة المالكي لواشنطن في ظلّ الفشل الأمني الذريع والعنف الذي تتبناه ال



سعد بن معاذ
07-29-2006, 02:20 PM
http://www.iraqirabita.org/upload/5277.jpg

تلبية لدعوة وُجهت له من الرئيس بوش لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن. وتصدر جدول أعمال الزيارة، محوري الأمن والاقتصاد وإعادة إعمار العراق، سيما بعد فشل خطة بغداد الأمنية, التي أعلنت عنها حكومة المالكي بعد تشكيلها، والتي سميت "إلى الأمام نتقدم"، والذي أثبت الواقع على الأرض أنها إلى الوراء تتأخر، وهو ما اعترف به الرئيس بوش قبل الحكومة العراقية، خلال وصفه لموجات العنف المتصاعدة: "العنف في بغداد مازال مريعاً، وهناك حاجة إلى إرسال المزيد من القوات".
لاشك أن الإدارة الأمريكية معنية جداً بضرورة تحقيق الأمن في بغداد، حفاظاً على مكسب تشكيل الحكومة "الوطنية"، التي ضمت الطرف السني الذي تشدق به الرئيس بوش أمام إدارته، لذلك تسعى جاهدة لإنجاح خطة بغداد الأمنية، التي أخفقت فيها الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية "المخترقة من قبل المليشيات" وأنفق عليها المليارات، ومنيت بالفشل الذريع بسبب ازدياد العنف الطائفي الذي تغذيه المليشيات الشيعية بمختلف أطيافها, حتى وصل معدل القتلى إلى مائة قتيلا عراقيا يومياً، الأمر الذي ربما يدفع الطرف السني ـ الذي أضفى شرعية على الحكومة العراقية كونها حكومة وحدة وطنية, بسبب الاستهداف المتواصل للسنة ومناطقهم من قبل المليشيات التي عجزت الحكومة إلى الآن من نزع سلاحها ـ إلى التلويح بترك الحكومة, وربما دعوة السنة إلى النفير العام للدفاع عن أنفسهم ومناطقهم ومقدساتهم، ويمثل هذا ضربة قاضية للحكومة العراقية الوليدة.

الأمريكان من جانبهم، قد أشاروا بأصابع الاتهام مراراً إلى دور المليشيات السلبي, في تصعيد العنف الطائفي في العراق, ووجهوا اتهامهم المباشر لإيران، كونها "تدعم المليشيات بالسلاح والتدريب لتنفيذ عمليات إرهابية في العراق"، والذي تكرر على لسان أكثر من مسئول أمريكي, وآخرها اتهام الجنرال كيسي قائد القوات الأمريكية في العراق.
يبدو أن الإدارة الأمريكية أدركت مؤخراً, أن السيد المالكي لم يستطع أن يقدم أي خطوة عملية جادة في طريق نزع سلاح المليشيات الشيعية منذ استلامه مهام رئاسة الوزراء، رغم أن حل المليشيات هو أحد بنود مبادرة المصالحة التي أطلقتها الحكومة، وأن صبر الإدارة الأمريكية قد نفذ على ممارسات هذه المليشيات, التي تمارس العنف وتتسبب في إرباك الوضع الأمني, وإفشال الخطط الأمنية المتعددة، مما حدا بالإدارة إلى استدعاء السيد المالكي وإعطائه رسالة كما يبدو واضحة المعالم والأهداف، يحدد من خلالها موقفه الحقيقي وعدم المناورة: هل هو مع السياسة الأمريكية أم مع السياسة الإيرانية في العراق؟ فإذا كان مع السياسة الأمريكية, فهذا يقتضي تنفيذ حل المليشيات ونزع أسلحتها بصورة جدية وفي أقرب فرصة، وهو ما ستقوم به القوات الأمريكية بعد أن فقدت ثقتها بالحكومة العراقية في تحقيق ذلك.
وقد كشف ضباط أمريكيون عن وجود خطط لتعزيز الوجود الأميركي في العاصمة العراقية في أعقاب وصف أحد كبار مستشاري بوش لجهود المالكي، بـ"المخيبة للآمال" في بغداد، وهو ما أكده ستيفن هادلي، مدير الأمن القومي، بقوله إن المهمة الجديدة للجيش الأمريكي أمام تحد جديد، وهو العنف الطائفي, الذي تمارسه المليشيات المسلحة.
وأفادت مصادر سياسية على اطلاع بتطورات الخطة الأمنية أن "السياسة الأمنية الجديدة لبغداد، من المحتمل أنها ستتضمن زيادة في التركيز على تطويق الزعماء المحليين الذين يعملون على التحريض والاستفزاز باتجاه العنف الطائفي، مثل ميليشيا الصدر المتهمة بالوقوف وراء عمليات فرق الموت التي طالت عشرات السنة في الفترة الأخيرة".
لذلك، يتوقع كثير من المراقبين أن الأسابيع القادمة ستشهد تطوراً ملحوظاً في "خطة بغداد الأمنية الجديدة" أو ما يسمى تحرير بغداد مرة أخرى، والتي سيتولى الأمريكان فيها معالجة ملف المليشيات بصورة مباشرة، حيث يعتبرونه السبب الرئيس في الخلل الأمني وموجة العنف المتصاعدة في العراق، وهو ما بدت بوادره تتضح من خلال بعض العمليات الأخيرة, من ملاحقات ومداهمات حقيقية لقادة ومجموعات هذه المليشيات في بغداد ومدن الجنوب من قبل القوات الأمريكية والبريطانية، الأمر الذي أكدته مصادر دبلوماسية غربية "أن القوات الأميركية والبريطانية بدأت تشن هجمات على قيادات جيش المهدي بعد أن انتظرت وصبرت طويلا رجاء أن تقوم الحكومة العراقية بمثل هذه المهمات".
وفي جانب آخر من الزيارة، تفاجأ النواب الديمقراطيون المجتمعون لسماع كلمة السيد المالكي أمام الكونغرس, عندما أدان الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ولم يدن رد حزب الله على إسرائيل، وهي الإدانة الأولى تصدر من مسؤل عراقي للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، مما أزعج بعض الأعضاء الحاضرين لدرجة أنهم طالبوا أن يوضح المالكي موقفه من حزب الله وأن يقدم اعتذاره، الأمر الذي كشف بوضوح مدى العلاقة الودية التي تربط المالكي بحزب الله "الإرهابي" أمريكياً، مما يؤشر على خيبة الأمل والتشكيك في أوساط النواب الأمريكيين من قدرة السيد المالكي وحكومته على لعب دور في بناء الشرق الأوسط الجديد في المنطقة.
ومن جهة أخرى، أشاد المالكي بإنجازات الإدارة الأمريكية في تحرير العراق.!! وقد أثنى المالكي على الديمقراطية !! التي حلت بالعراق منذ الغزو الأمريكي الغاشم, وتجاهل المقابر الجماعية التي حلت بالعراقيين خلال السنوات الثلاثة على أيدي عصابات المليشيات الشيعية, وأجهزة الدولة القمعية "الطائفية" وأساليب التعذيب الحديثة التي استخدمها السفاح صولاغ وأعوانه من الجلادين، مثلما تجاهل السيد المالكي معاناة آلاف السجناء العراقيين القابعين في سجون الديمقراطية (العلنية والسرية) التي حلت بالعراق، ولم يستطع أن يدين انتهاك حقوق الإنسان العراقي، التي أهدرها الأمريكان وسجون حكومته السرية الطائفية.
وأخيراً، فات السيد المالكي أن يبشر الكونغرس وأولياء نعمته وحريته المزعومة, بأن الشعب العراقي لازال يحلم بالأمن, وأن العراقيين لم يروا النور الكهربائي والوقود، منذ "التحرير"!