تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : علام نُعطِي الدَّنية؟؟‏



Anfal
07-17-2006, 08:44 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله تعالى بالسيف بين يدي الساعة، ‏وجعلَ الذلة والصغار على من خالف أمره أما بعد‏

فالعدو اليهودي يَفْجُر وبقذائفه يقصف فتحرق الأخضر واليابس، والأرض تلتهب والنيران ‏تشتعل، يُقتل الرجال والأطفال والنساء، ومن نجا فلا يجد ملجأ ولا عائلا، أنحن في حلم مزعج؟ لا ‏بل نحن في لظى الحقيقة، هاهم اليهود لعنهم الله تعالى يقتلون إخواننا في فلسطين التي بها بيت المقدس ‏مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدكون الحصون يقتلعون الأشجار يهدمون البيوت، ينسفون ‏الجسور، يهاجمون محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات وكأنها قلاع عسكرية، فماذا نحن فاعلون؟ ‏

إن أمتنا العربية والإسلامية اليوم وأكثر من أي يوم مضى على محك الاختبار، فإما أن تكون وإلا ‏فعليها العفاء، ماذا ننتظر حتى نتحرك التحرك الصحيح في الزمن الصحيح وفي المكان الصحيح؟ إذا لم ‏نتحرك اليوم فمتى نتحرك؟‏

منذ عدة عقود استولى اليهود الشعب المقطع الأوصال في بلدان العالم، على أرض فلسطين ‏وأقام على أشلاء الكثيرين من أهله دولته، فماذا كان موقف العالم الذي يدعونه متحضرا لقد اعترف ‏بتلك الدولة، وأقرها على ما فعلت ليكون الغصب والقدرة على الفعل هو القانون الذي يسير العالم، ‏بغض النظر عن كون القوة مساندة للحق، أم هي لفرض الباطل، وظل كثير من زعماء الأمة فيما ‏مضى يخدِّرون الناس بوهم القومية العربية والدفاع العربي المشترك، حتى نُحر ذلك كله قُربانا لرعاة ‏البقر، ومغتصبي الحقوق من أصحابها.‏

‏ إن من حق إخواننا في فلسطين أن يبذلوا كل ما وسعته طاقتهم، في تحرير أرضهم ممن ‏اغتصبها بأي طريق كان، فالظالم أظلم وعلى الباغي تدور الدوائر، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ‏قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ ‏أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: ‏فَأَنْتَ شَهِيدٌ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّار"‏

لقد قام إخواننا الفلسطينيون بأسر أحد ‏جنود الظلم والعدوان وهذا حقهم، فلقد خطف اليهود من قبل أرضهم وخطفوا الكثير من شعبهم، ‏وقتلوا منهم أكثر مما خطفوا بلا حق لهم في ذلك، فماذا فعل العالم الذي يتشدق صباح مساء بحقوق ‏الإنسان والشرعية الدولية حينذاك؟ ِدعوة للتهدئة، دعوة لضبط الأعصاب، الإعلان عن الشعور ‏بالقلق لما يجري، دعوة للفلسطينيين للاحتكام إلى العقل وقبول ما هو متاح، دعوة للتنازل عن دم ‏الشهداء عن الديار عن الأوطان، وأما اليوم فالضغوط تتوالى من كل حدب وصوب، ومن العدو ‏والصديق بالسياسة حينا وبالقوة العسكرية أحيانا، وكأن شعبا بأكمله من المسلمين لا يساوي جنديا ‏من اليهود.‏

إن الفلسطينيين عندما أسروا ذلك الجندي لم يقوموا بقتله ولم يطلبوا نظير فكه فدية كل ما ‏طلبوه نظير ذلك فك أسراهم الذين امتلأت بهم سجون اليهود، حتى النساء الحوامل لم يسلمن من ‏الأسر حتى تضع الأسيرة طفلها هناك فيكون الآخر هو مأسورا من أول لحظة يقدم فيها إلى الدنيا ‏

قد لا يكون الخطأ خطأ العالم (المتحضر) فإنه لم يخالف أصوله، بل ظل وفيا لتاريخه القائم على ‏الظلم والبغي والعدوان، وإنما الخطأ راجع إلى من صدَّق هذه الخزعبلات واطمأن إليها وراح يبشر ‏بها، ومن أجلها يتنكر لثوابته ويقفز على تاريخه، أليس العالم (المتحضر) عالم استعماري احتلوا الكثير ‏من البلدان وأزهقوا أرواح الأهالي واستنزفوا الخيرات، فكيف يرجى منهم نصر حق أو إزالة باطل، ‏وإلا فقولوا لنا: كيف يحتل اليهود أرض فلسطين منذ ما يقارب ستين عاما ثم لا يحصل الفلسطينيون ‏على حقوقهم، بينما العالم (المتحضر) يمتلك كل الوسائل التي من شأنها أن تحقق له ما يريد، وقد بيَّن ‏القرآن أن من كانت له إرادة وكانت عنده القوة الكافية فلا بد أن يحصل مراده، ولا يتخلف مراده ‏إلا في أحد حالين: أن تكون القوة غير كافية، أو تكون الإرادة غير جازمة، قال الله تعالى: [ولو ‏أرادوا الخروج لأعدوا له عدة] {التوبة:46}

فبين الله تعالى أنه لم تكن لهم إرادة الخروج، ولو أرادت ‏الدول (المتحضرة) نصرة الفلسطينيين لفعلوا، ألم يقفوا بجوار تيمور الشرقية (ذات الأغلبية النصرانية) ‏حتى فصلوها عن الدولة الأم (إندونيسيا الإسلامية) في زمن يسير؟

والأمثلة كثيرة، لكن لماذا نحن ‏ننتظر من غيرنا أن يدافع عن حقنا أو أن يحصل لنا عليه؟ إنه ما لم تكن لدينا القدرة على انتزاع ‏حقوقنا انتزاعا فلن يعطيناها أحد من الناس ولن يسمع لشكوانا أو يستمع لأنيننا أحد، فإن العالم اليوم ‏أشبه ما يكون بحديقة الوحوش لا يحترم فيها إلا الأقوياء ‏
واليوم بعدما حاول الفلسطينيون أن يردوا شيئا هو أقل من القليل بكثير مما لحق بهم وقاموا ‏بأسر جندي من جنود اليهود، هاج اليهود كأنهم بغال شموس وعاثوا في الأرض الفساد، واستباحوا ‏الحمى وقتلوا أكثر من أربعين قتيلا (نحسبهم شهداء ولا نزكي على الله أحدا) والمئات من الجرحى، ‏واختطفوا العديد من الوزراء والنواب، الذين لهم حصانة بمقتضى (الشرعية الدولية المزعومة).‏

يتبع...

Anfal
07-18-2006, 06:47 AM
فماذا كان موقف أمريكا (راعية الحريات ونشر الديمقراطية في العالم) من ذلك؟
لقد ‏صرحت على لسان المسؤولين فيها: إن لليهود حق الدفاع عن النفس، أي نفس هذه؟ النفس الظالمة ‏المحتلة التي استولت على الأرض من أصحابها، أما أصحابها الأصليون فلا حق لهم في الدفاع عن ‏النفس، ألا شاهت وجوه أقوام لا يستحون من الكيل بمكيالين، وينصرون الظالم المعتدي، ويتبجحون ‏بذلك أمام الناس ولا يبالون بأنات الأيتام والأرامل والجرحى والمرضى،ألم يقتل اليهود من قَبْل ‏الفلسطينيين؟ ألم يخرجوهم من ديارهم؟ ألم يذهبوا وراءهم آلاف الأميال في تونس ليقتلوهم ‏هناك؟ ألم يخطفوهم من بيوتهم بل حتى من السجون التي كانت تحت حراسة القوات الدولية؟ لكن ‏هل فعلت أمريكا ومن مشى في دربها المظلم شيئا يخالف منهجها الظالم، الذي ما ترك قضية للإسلام، ‏إلا وقف ضدها وساند من يعاديها، فماذا كان رد فعل العالم -الذي تحرك من أجل أسر جندي ‏محارب والسلاح في يده- إزاء ذلك كله؟

وها هي الدول الكبيرة لا تكاد ترى خللا في بلاد المسلمين -وقد تكون هي الداعمة له- إلا ‏طالبت بالتدخل الدولي وإرسال قوات من الأمم المتحدة، لتكون بمثابة رأس الحربة التي يتوكأ عليها ‏أعداء الإسلام، فها هم اليوم يحاولون التدخل في شئون السودان بحجة مشكلة دارفور الداخلية، بينما ‏لا نجد أحدا يتكلم عن مثل هذا في أرض فلسطين رغم أنهم في أشد الحاجة لمن يكف عنهم بأس ‏اليهود، وهاهي أمريكا تستصدر من الأمم المتحدة قرارا يعطي جنود الاحتلال في العراق -الذين عذبوا ‏المواطنين وهتكوا لأعراض وقتلوا النفوس المعصومة ومثلوا بالجثث- الحصانة ضد المحاكمات، بينما لا ‏يستحون من المطالبة بمحاكمة أعضاء من الحكومة السودانية أمام المحاكم المعنية بمحاكمة مجرمي ‏الحرب من أجل المشاكل المصطنعة التي في دارفور.‏

فيا حكام قومي ويا حكام أمتي إن كنتم تريدون أن يكون لكم شأن في هذا العالم، ولا تكون ‏بلدانكم مجرد بقرة حلوب يستدرون منها الحليب والدسم، فقد جاء دوركم وحانت الساعة، قفوا ‏وقفة رجل واحد، وهبوا هبة لا التواء فيها ولا تلعثم، إن العالم اليوم لم يعد يعترف بالأخلاق ولا ‏بالمثاليات، ولا يفهم إلا لغة واحدة، لغة القوة التي تذهل الخليل عن خليله كما قال عبد الله بن رواحة ‏رضي الله تعالى عنه وهو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية: ‏
خلوا بني الكفار عن سبيله * اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله ‏
‏يا رب إني مؤمن بقيله

قال الله تعالى وهو يستحثنا على نصرة المظلومين: [وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من ‏الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ‏وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا] {النساء:75}‏

إن الهرولة أمام اليهود والمشي في ركابهم وفتح السفارات، والاستعداد لفتح سفارات أخرى، ‏وإقامة العلاقات الاقتصادية لا يزيدكم إلا وهنا على وهن، ولا تزيدهم إلا طغيانا وتجبرا، كما قال الله ‏تعالى في الإنس الذين كانوا يستعيذون بالجن فزادوهم بالاستعاذة بهم طغيانا فقال: [وأنه كان ‏رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا] {الجنّ:6} والرهق: الطغيان

** إن المعركة ليست معركة اليهود مع الفلسطينيين، إن المعركة هي معركة الأمة جميعها وهي ‏معركة الكفر مع الإسلام، وقد ظن الكفر أن الساعة قد حانت، وأن أوان القضاء على الإسلام قد ‏حل، وما يجري اليوم بالفلسطينيين ليس إلا صورة لما يمكن أن يحدث لغيرهم، وحينئذ لن ينفع القائل ‏قوله: [يا ليتني قدمت لحياتي] {الفجر:24} وما تجرأ الأمريكان على غزو أفغانستان والعراق من ‏بعدها، إلا لما رأوه من رد فعل المسلمين الذي لم يرق لمستوى الحدث الجلل في فلسطين.‏

لقد ملأت أمريكا والغرب من ورائها الدنيا ضجيجا بالحديث عن الإرهاب، فماذا تسمون ‏الهجوم بالطائرات والدبابات على شعب أعزل، وماذا تسمون تدمير الجسور ومحطات الكهرباء والمياه ‏أليس ذلك إرهابا، بل ماذا تسمون ضرب الشواطئ وقتل الأطفال الأبرياء الذين يلعبون على رمالها ‏ألا يستحق هؤلاء أن تقف الدنيا كلها أمام ظلمهم وعدوانهم لكن الأمر كما قال الشاعر العربي ‏
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا

فيا دعاة التطبيع ويا دعاة الاستسلام باسم السلام كُفُّوا عنا جُشاءكم، فما جنت أمتنا من ‏وراء لهاثكم وراء ذلكم السراب سوى التعب والإرهاق الفكري والعقدي، ثم حصدت ذلك ذلا ‏وضعفا وتخاذلا وهوانا على الناس، حتى لم يعد يحسب أحد حسابا لهذه الأمة ولولا هوانها على ‏الكفار ما تجرأ أحد أن يسخر من خير البرية صلى الله عليه وسلم لكنهم قاتلهم الله سخروا ولما ‏طلب منهم مجرد الاعتذار لم يعتذروا، فما تحركت جيوش ولا أساطيل، ولا أقلعت الطائرات من ‏مطاراتها، ولا خرجت النيران عن مرابضها، وكل ما قدمته الشعوب المسكينة هو مجرد المقاطعة ‏الاقتصادية، لقد ظللنا زمانا نتعجب ونستغرب من اقتصار الرد الرسمي على مجرد الشجب والإدانة ‏وإصدار بعض البيانات، فصرنا اليوم لا نجد إلا الصمت والسكون.‏

** إن الواجب اليوم ليس واجب الفلسطينيين وحدهم، لكنهم هم الواجهة والطليعة، وهؤلاء هم ‏أصحاب أرض الشام، الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ‏على الحق ظاهرين على من ناوأهم، وهم كالإناء بين الأكلة، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، قلنا: ‏يا رسول الله وأين هم؟ قال: " بأكناف بيت المقدس"‏

** وأنتم أيها الفلسطينيون الأباة اثبتوا على اختياركم واثبتوا على دينكم وعضوا عليه بالنواجذ ‏ولا تفرطوا فيه ولا تستمعوا لصوت ضعيف كليل قد أجهده السير، أو قد رغب في الدنيا ورضي ‏بالدَّنية، ولماذا ترضون أنتم بها أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ؟

** وأنتم أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إن حيل بينكم وبين مناصرة إخوانكم ‏بأجسادكم، فأين أموالكم لماذا لا تصل إليهم؟ وإن منعت أموالكم من الوصول إليهم فأين أنتم من ‏سهام الليل التي لا تخطئ؟ فاجتهدوا في الدعاء لهم كأنكم تدعون لأنفسكم أو لأولادكم من ‏أصلابكم، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبح الذين ظلموا على ما أسروا في أنفسهم ‏نادمين، وحينها لا ينفع الندم ، وما ذلك على الله بعزيز، ولعل أيامه قد اقتربت، اللهم أنت القوي ‏العزيز انصر إخواننا في فلسطين وفي سائر البلدان على من عاداهم وناوأهم واجعل عاقبتهم خيرا