تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الوهم المبدد...نجح العسكريون، فماذا عن السياسيين؟



مقاوم
06-28-2006, 10:04 AM
الوهم المبدد...نجح العسكريون، فماذا عن السياسيين؟

عدنان أبو عامر/باحث وأكاديمي فلسطيني

قد ترى هذه السطور النور، فيما ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في قطاع غزة، وخروج الأمور عن السيطرة، ولكن لابد من تقديم قراءة عسكرية وأمنية وسياسية لعملية "الوهم المبدد" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بعد طول انتظار، حيث قدمت كتائب القسام والمقاومة الشعبية أنموذجا عسكريا وأمنيا من طراز رفيع على مختلف الأصعدة، أهمها:

أولا، هدف العملية:

شكل الموقع العسكري الذي استهدفته العملية إثباتا ميدانيا على نجاح المقاومة في التغلب على صعوبات الجغرافيا التي أعقبت الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة قبل عام تقريبا، وجاء هذا النجاح متفوقا أكثر من المتوقع لدى جميع المراقبين، خاصة في ضوء مجريات ونتائج العملية.

وفي الوقت الذي تبرمت فيه العديد من الأوساط الرسمية المحلية والإقليمية والدولية من أنموذج الصواريخ والقذائف التي تستهدف التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية على جانب الحدود مع قطاع غزة، ووجهت بحقها الاتهامات والانتقادات، جاءت عملية "الوهم المبدد" لتقدم بديلا عسكريا لم يكن من السهولة بمكان على أي طرف أن يدينه أو يستنكره، لأن منفذي العملية استهدفوا موقعا عسكريا بالغ الصعوبة والتعقيد والتحصين، وهكذا جاءت تحت شعار: عسكر مقابل عسكر!

ثانيا، توقيت العملية:

منذ عدة أسابيع وقوات الاحتلال الإسرائيلي توغل في دماء الفلسطينيين صباح مساء، دون أن تميز بين طفل وشاب، وبين امرأة حامل وشاب مقاتل، أكثر من ذلك، فقد دلت حوادث الاغتيال والقصف في الآونة الأخيرة على استهداف مقصود وسادية مجنونة من قبل طائرات الاحتلال ودباباته، وهي تستهدف عائلات كاملة آمنة في بيوتها أو مستجمة على شواطئ البحر، وربما ساعد على هذا التغول عدم وجود رد فعل حقيقي مؤلم لها ورادع لغطرستها، ولذلك جاءت عملية "الوهم المبدد" لترغم إسرائيل على دفع "ثمن الغطرسة"..

كان لا بد من رد على الدماء التي سفكت، والأشلاء التي تناثرت، والبيوت التي هدمت على رؤوس أصحابها، ليس هذا كلام شاعري يدغدغ العواطف، ويستثير الغرائز، ولكنه الصدق مع الذات، وتحمل المسئولية، لأن الرائد لا يكذب أهله..

ثالثا، الحصاد العسكري:

ما كشفت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية حول نتائج التحقيق الأولية التي أجراها جيش الاحتلال، تشير إلى نجاحات كبيرة على الصعيد العسكري البحت تحسب لمقاتلي القسام والمقاومة الشعبية، أهمها:

ـ وصول المقاتلين المقاومين عبر النفق للموقع العسكري الذي يقع على الحدود مع قطاع غزة، من خلف الموقع وليس من أمامه، أي من داخل معبر كرم أبو سالم في حدود فلسطين المحتلة عام 48، وليس من داخل قطاع غزة...ليست هذه المفاجأة الوحيدة، بل إن المفاجأة القاتلة تكمن في أن المقاتلين عادوا أدراجهم إلى قطاع غزة، ليس من ذات النفق، وإنما من فوق الأرض من خلال تفجير الجدار الفاصل مع قطاع غزة!!

ـ على ذمة الجيش الإسرائيلي، فقد استمرت العملية الفدائية بدءأ بخروج المقاتلين من النفق، مرورا بوقوع المواجهة المسلحة مع الجنود، وانتهاء بأسر الجندي قائد الدورية، كل ذلك استمر لمدة ست دقائق فقط، لقد ذكرتني هذه المدة بحرب الأيام الستة، وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على حرب الخامس من حزيران، حين هزمت الجيوش العربية خلال ستة أيام، من باب التباهي بقوتها الخارقة، ولذلك يحق لمنفذي عملية "الوهم المبدد" أن يطلقوا عليها "عملية الدقائق الستة"!

ـ فور وقوع العملية بدأت الاتهامات المتبادلة بين أركان المؤسسة العسكرية والأمنية في إسرائيل، سيما بين الجيش والشاباك، ففي الوقت الذي توجه فيه قيادة الشاباك "الأمن الداخلي" اتهامات للجيش بالتقصير في متابعة الإنذارات الموجهة له بوجود نفق جنوب قطاع غزة، توجه قيادة الجيش اتهامات لاذعة لجهاز الشاباك بأنه لم يقدم معلومات محددة موضعية حول مكان النفق، وبذلك انتقلت الأزمة إلى داخل المؤسسات الحاكمة في إسرائيل، فضلا عن الأزمة المبكرة التي تعترض حكومة أولمرت وبيرتس وهما الرجلان اللذان يفتقران للخبرة العسكرية والماضي الأمني!

ـ ما جنته العملية من أسر لقائد الدورية، يعتبر بحد ذاته إنجازا عسكريا بكل معنى الكلمة، لعدة اعتبارات عسكرية هامة:

1، أسر الضابط تم في داخل قاعدة عسكرية محصنة، وليس من طريق عابر.

2، وفق التقديرات الإسرائيلية، فقد تم إخراج الجندي من دبابته وأسره ونقله إلى داخل غزة حيا يرزق، وهي جرأة عسكرية متقدمة.

3، تريث المقاومة في الإعلان عن الجندي المأسور إلى حين اعتراف الجيش الإسرائيلي، يعتبر خطوة متقدمة في إدارة أزمات من هذا النوع، وخاصة مع جيش ينتظر طويلا قبل الإعلان عن خسائره، لاسيما العسكرية منها.

رابعا، الحصاد السياسي:

بقي العالم أجمع، يتفرج على الفلسطينيين وهم يقتلون صباح مساء، وفي ذات الوقت تنكر العالم لنتائج الانتخابات التشريعية، وأعلن رفضه إما تصريحا أو تلميحا للتعامل مع الحكومة المنتخبة تحت ذريعة أنها حكومة حماس، وأراد فرض عزلة دولية عليها وحصار مالي واقتصادي، لعل ذلك يدفع بالفلسطينيين للندم على انتخاب حماس، وبالتالي التسبب في تراجع شعبيتها، ولكن جاءت العملية لتسجل حقائق سياسية هامة، منها:

ـ استيقظ العالم فجأة على حقيقة أن للفلسطينيين حكومة منتخبة، من الممكن التعاطي معها حتى لو كان لأجل سواد عيون ضابط إسرائيلي أسير، ولذلك وصلت "حكومة حماس" العديد من الاتصالات المحلية والإقليمية والدولية لإيجاد حل لقضية أسر الضابط.

ـ جاءت العملية لتؤكد من جديد أن حركة حماس رغم إمساكها بالسلطة ومقاليد الأمور، فإن معادلة المقاومة لا غنى لها عنها، وخاصة في ظل الاستهداف الإسرائيلي للشعب الذي انتخبها، وبالتالي بدأ الشعب يسأل وبصوت عال: أين برنامج المقاومة الذي انتخبت حماس على أساسه؟ فجاءت عملية "الوهم المبدد" لتعطي الإجابة فعلا وليس قولا! وبالتالي المحافظة على الرصيد الشعبي للحركة، فضلا عن ارتفاعها!
ـ أشارت العملية إلى حقائق سياسية هامة، أبرزها أن الاحتلال الإسرائيلي باق وقائم، وبالتالي يصبح استهدافه أمرا مشروعا ومبررا في كل وقت وحين، ولذلك يأتي التهور الإسرائيلي، فيما لو تم باجتياح أجزاء من قطاع غزة، لخدمة هذه الحقيقة من حيث لا تشعر إسرائيل وهي تتخبط في تصريحاتها وسلوكياتها العدوانية..وكذا مدى توفيق حركة حماس في الجمع بين السلطة والمقاومة، وهي معادلة معقدة وبالغة التعقيد، قد تنجح حماس في تحقيقها إن تمكنت من توظيف نتائج العملية سياسيا، بعد أن برع مقاتلوها في إنجاح العملية عسكريا وأمنيا.

منير الليل
06-28-2006, 04:05 PM
حكومة دولة فلسطين تطالب بفك أسر النساء والأطفال مقابل الأسير الاسرائيلي المختطف لدى فصائل المقاومة.