تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الفكر الجامي والإرجائي وخطورته على الدعوة السلفية



أحمد بوادي
06-23-2006, 07:32 PM
الفكر الجامي والإرجائي وخطورته على الدعوة السلفية

بقلم/ أحمد بوادي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد :

إن ما يميز الدعوة السلفية عن غيرها من الدعوات الإسلامية !! دعوتها للتمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما بفهم سلف الأمة متمثلا بالقرون الخيرية الأولى التي جاء فيها قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ )

وتمسكها للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة اكسبها قوة في البيان وضوح في الحجة والمنهج والدليل مع رفض محض الأقاويل، ودون تعصب مقيت أو تقليد مميت.

فكانت الطريق السليم والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك

ومع صريح دعوتها للكتاب والسنة واقتفاء نهج الصحابة رضي الله عنهم لم تسلم هذه الدعوة من الخارجين عليها والطاعنين في دعاتها

فكانت الشرارة الأولى في التمرد على هذه الدعوة من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والخروج عن فهم الصحابة وعلماء الأمة منهم انطلاقا من سوء فهم مانعي الزكاة عن أدائها في خلافة الصديق رضي الله عنه وأرضاه ، ففهموا الأمر على غير وجهه فانتصروا لأفكارهم وفرحوا بتأويلاتهم دون الرجوع إلى أئمة الهدى وأعلام التقى ووجد الشيطان من ينقل إفكه وضلاله على غير لسانه فقالوا في معنى قوله تعالى :

{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (103) سورة التوبة
إن دفع الزكاة إنما كانت في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طهارة منه لنا وقد مات فلا ندفعها .

فامتنعوا عن أدائها وزين لهم الشيطان سوء فهمها بعد أن استبدوا في آرائهم واتباع شهواتهم فأنار الله بصيرة الصديق لقتالهم والدفاع عن الدين وعقيدة المسلمين فنصر الله به أهل الإيمان والتوحيد .

ولم تقف التحديات أمام هذه الدعوة عند ذلك الأمر فكانت ومازالت تتوالى عليها المحن والمصائب

فخروجا من فتنة مانعي الزكاة ، إلى فتنة الخوارج الذين أرادوا النيل من هذه الدعوة السلفية فأخذوا بتكفير المسلمين بالكبائر والخروج على أئمة الهدى العدول الذين حكموا الكتاب والسنة وعملوا بمقتضاهما استحلوا دماء المسلمين وقالوا إنهم من المارقين في الدين ، فما كان من علماء ذلك الزمان من الصحابة الكرام إلا أن قاموا عليهم وناظروهم وأظهروا لهم الحق وقد عاد منهم من عاد في مناظرة ابن عباس وانتصر الحق وأهله في عهد الخليفة علي مع هؤلاء وقاتل الشيعة وحرقهم انتصارا للإسلام ودعوة التوحيد

ومات الصحابة والخلفاء الراشدون ولكن لم تمت الدعوة السلفية ومنهجها ما كان يدعو إليه هؤلاء الأئمة من التمسك بالكتاب والسنة

فجاءت الخلافة الأموية وتوالت الخلافات وكثرة الدول وقد سهل على الناس شق عصا المسلمين والدخول في غمار الفتن وكثر تأول الجاهلين وانتحال المبطلين .

حتى كثر التصوف في الناس وظهرت فرق المعتزلة والمرجئة والجهمية المعطلة وتكلم الناس في الأسماء والصفات وجاءت فتنة خلق القرآن

حتى هيأ الله لهذه الدعوة من يذب عنها ويدافع عن حرمتها فلقد لاقى السلف من أئمة الجور وعلماء الضلالة ما لاقوه من سجن وقتل وتشريد

إلا أن الله نصر هذه الدعوة بالعلماء الأفذاذ وقد لاقى كل واحد منهم ما لاقى من أجل هذه الدعوة

ووقف الإمام أحمد كالطود شامخا يأبى أن يتكلم بكلمة تنجيه من عذاب هؤلاء من أجل نصرة هذه الدعوة تمسكا بالكتاب والسنة

حتى جاء شيخ الإسلام رحمه الله وتلميذه ابن القيم فنصروا هذه الدعوة بكل ما أوتوا من قوة وكان نصر من الله لهم وفتح قريب فهدى الله على أيديهم ما شاء الله له أن يكون .

وتتوالى الهجمات على الدعوة السلفية وما زالت تنتصر على أعدائها في كل مرة، وكلما أرادوا طمس هذه الدعوة بعث الله من يجدد لهم حياتهم في هذا الدين .

وكان للدولة العثمانية أثر كبير في محاربة هذه الدعوة كثر التعلق بالقبور والمشاهد وزاد الكفر والدعاء والذبح لغير الله وعم الكفر في كثير من الأحياء وأصبح الاعتقاد بالنفع والضر من غير الله وعادت الأمة الإسلامية إلى ما كان عليه الناس في الجاهلية الأولى

حتى هيأ الله لهذه الأمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فنصر الله به الدين وأعاد الناس إلى منهج السلف بإتباع الكتاب والسنة ونبذ البدع والضلال .

واستمر العلماء للدعوة في اقتفاء آثار السلفية والتمسك بها من ذلك اليوم إلى وقتنا هذا ، حتى جاء من ينغص على هذه الدعوة ممن يحاول التسلق على أكتافها وإلصاق نفسه بها

ومع هذا وذاك صمدت الدعوة السلفية أمام محدثات العصر ومستجدات الزمان ومتغيراته مع ما تعانيه من هجمات شرسة وادعاءات زائفة .

فالسلفية ليست فكرا حزبيا أو مرحلة زمنية خلت حتى ينتهي دورها أو يقضى عليه !! فهي تستمد قوتها ودعوتها من الكتاب والسنة وفهم السلف صحابة الأمة

وهي دعوة مرنة لا جامدة فتهجر، ولا مائعة فتصهر، مما أكسبها لين في غير ضعف وشدة في غير عنف.


والخوف على الدعوة السلفية في عصرنا هذا أشد خطورة ممن حاربها وعاداها قديما فيجب التنبه لذلك والحرص في حسن الدعوة لها .

فالمتقدمين من أعداء السلفية قد عرفوا ببغضهم لما جاءت به وتبرؤهم من معتقداتها ومحاولتهم العمل على بيان مخالفتها وعدم صحتها .

أما أعداء السلفية اليوم فقد تزينوا بلبوسها وادعوا أنهم من حماتها ومن المخلصين والذابين عن حياضها فلا تعجب إن سمعت أو قرأت مقالاتهم

وهم يقولون : ( الحمد لله أننا سلفيون ) !! .

فأفرزت هذه الأفكار بعض الجماعات والأحزاب والأفكار المنتسبة للسلفية زورا وبهتانا

كمن يسمى بفكر الجامية أو مرجئة العصر التلفية


ودفاع هؤلاء عن السلفية محاولة يائسة منهم نتيجتها تمريغها بالتراب والقضاء عليها وتشويه صورتها لتمكين الأعداء للنيل منها .

وكان من جراء تلك الفرق المنحرفة أن قسمت السلفية حتى أضحت سلفية جهادية وسلفية معتدلة وسلفية خلوفية .

ومن نتائج الفكر الجامي والفكر المرجئ العصري تسييس الدعوة السلفية وخدمة أعداء الدين من خلالها فزينوا لهم الفتاوى وأنزلوا لهم الأحكام واستدلوا لهم بالآيات وجاؤوا لهم بأقوال السلف على أنهم ما خرجوا عن أقوالهم ولا زادوا على فتواهم .

وتبجحوا بالأقوال ، وقالوا : ( لا تحك رأسك إلا بالآثار ) .

كلمة حق أريد بها باطل ، فمنهجهم العمل بالمجمل دون المفصل وأخذهم بالإطلاق مع تركهم التقييد ، والعمل بالعموم بدون التخصيص

وأنهم ما أفتوا إلا من المحكم مع ترك المشتبه. فأفتوا للأعداء بجواز سفك الدماء المعصومة بحجة أنهم بغاة ووالوا اليهود والنصارى بحجة العهود والمواثيق، وبدعوا وجرحوا ، وفسقوا وضللوا ، عطلوا الجهاد ، وناصروا الأعداء .

وهناك فئة أخرى من الدعاة ممن يظنون من أنفسهم رفع راية السلف والسلفيين ينخرون بها من حيث يعلمون أو لا يعلمون
فيعمل الواحد منهم على تمجيد أهل البدع والثناء عليه بدون بيان أو تبيان لحال ذلك الشخص وتعظم المصيبة عندما يكثر النقل عنه أو الحديث عليه ، أو الدفاع عن فكره فيصبح كقطعة النقود الواحدة بوجهين يقضي عمره متقلبا في جيوب الآخرين

والواجب على هؤلاء الدعاة أن يتبرؤوا من فكر هذا الرجل ومن نهج دعوته وبيان ما يقع فيه من ضلال وتضليل لعباد الله لأن ثناء من يثق في دينه وعلمه على رجل من أهل البدع بدون تبيان لحاله يفهم منه صحة منهج ذلك الشخص والدعوة للاستفادة منه ، وتكمن الخطورة بهذا الشخص عندما ينتمي إلى حزب أو جماعة ما فيتأثر الناس بحبهم له وثناء الناس عليه وينتج على ذلك اعتقادهم بصحة منهجه المخالف بطبيعة الحال لمنهج السلف فتحصل النتائج السلبية على الدعوة السلفية لأن من اتبع هذا الرجل نتيجة ثقة الناس بمن دعا وأثنى عليه تجعلهم يتبعوا فكره ، وتكون هذه طعنة قوية في الدعوة السلفية !!! .

ففكر الإخوان مثلا أو فكر التحرير يختلف عن منهج السلف فهؤلاء يستمدون أفكارهم ويأخذون معتقداتهم من أفكار الحزب وأصوله تقليدا أعمى بدون بيان أو تبيان والمنهج السلفي لا يعرف التقليد ولا يأخذ إلا من الكتاب والسنة وفهم السلف للنصوص

فثناء البعض على الدعاة العصريين كعمرو خالد أو الجفري أو كحسن البنا أو غيره من زعامات الإخوان أو التحرير ثناء على منهجه ما لم يكن الثناء في خاصية معينة تستوجبها تلك الحال

ولربما يستشهد المرء من كلام البنا أو الهضيبي أو غيرهم مما يجد فيه الحق بكلامهم . لكن لا ينبغي أن يثنى عليه ثناء عاما في غير موضعه دون التعريج على خطورة فكرهم المتمثل بفكر الحزب مثلا أو الاعتقادات الباطلة التي قد ينغر بها من يقرأ لهم .

وعليه فالاستدلال بكلام أهل البدع والضلال والتحزب والفكر المقيت مما كان فيه الحق لا يجوز إلا مع بيان ما وقعوا فيه من بدع وضلالات حرصا على عدم اغترار الناس بأقوالهم وأفعالهم لأن بالتأثر بهم بعدا عن نهج السلف رضي الله عنهم أجمعين .



http://www.asserat.net/report.php?linkid=6890 (http://www.asserat.net/report.php?linkid=6890)