تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكفر والمكفرات عند الشيخ محمد ابن عبد الوهاب



ابو علاء المغربي
06-13-2006, 11:36 PM
من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وجحد وجوب الصلاة فإنه كافر خلال الدم والمال بالإجماع، وكذلك إذا أقر بكل شيء إلا البعث، وكذلك لو جحد وجوب صوم رمضان وصدق بذلك كله، لاتختلف المذاهب فيه، وقد نطق به القرآن.
والذي ينكر البعث كافر، والساحر يكفر ويقتل ولا يستتاب، والذبح للجن ردة تخرج - أي من الإسلام - ، ومن استغاث بغير الله فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر، ومن دعا نبياً أو ملكاً أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام.37- قوله رحمه الله في كفر دون كفر
وما أطلق الشارع كفره بالذنوب فقول الجمهور: أنه لايخرج من الملة وقال الإمام أحمد: أمروها كما جاءت يعني لايقال يخرج ولا لايخرج، وما سوى هذين القولين غير صحيح، ومعنى (كفر دون كفر) أنه ليس يخرج من الملة مع كبره.
38- قوله رحمه الله في عدم التكفير بالذنب
أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة، فالأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً فنحن وإن قاتلناه على فعلها - فلا تكفره بتركها، ولا أكفر أحداً بذنب ولا أخرجه من دائرة الإسلام.
39- قوله رحمه الله في الحكم بالظاهر دون السرائر
لو عرف منه النفاق فما أظهر - أي من أعمال أهل الإيمان - يحمي دمه، وماله والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه مايخالف ذلك، وأهل البدع أحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله .
40- قوله رحمه الله في الردة عن الإسلام
المرتد هو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، ولا يقتل إلا بعد الاستتابة.
41- قوله رحمه الله في التحذير من الشرك
أعظم نهي نهى الله عنه الشرك بالله وهو أن يدعو مع الله غيره، أو يقصده بغير ذلك من أنواع العبادة، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد اتخذه رباً وإلهاً، وأشرك مع الله غيره.
ومن لقي الله لايشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار، ولو كان أعبد الناس.
وأول من أدخل الشرك في هذه الأمة هم الرافضة الملعونة الذين يدعون علياً وغيره، ويطلبون منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، أما أول شرك حدث في الأرض فكان بشبهة محبة الصالحين، وأعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين:
أحدهما: أن الأولين لايشركون ولا يدعون الملائكة والأولياء والأوثان مع الله إلا في الرخاء وأما في الشدة فيخلصون لله العبادة، ومشركوا زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة.
الأمر الثاني: أن الأولين يدعون مع الله أناساً مقربين عند الله، إما أنبياء وإما أولياء وإما ملائكة أو يدعون أشجاراً وأحجاراً مطيعة لله ليست عاصية، وأهل زماننا يدعون مع الله أناساً من أفسق النسا، والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك.
والذي يعتقد في الصالح أو الذي لايعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده ويشهد به.
43- تحذيره رحمه الله من عظائم هي من الشرك
من اتخذ نداً تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر، ومن الشرك الاستعاذة بغير الله، ومن الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره، وهذا هو الشرك الأكبر، والنذر لكونه عبادة فصرفه إلى غير الله شرك، والحلف بغير الله شرك، والطيَرَة شرك، ومن الشرك قول ماشاء الله وشئت ولكنه ليس من الشرك الأكبر، والرياء من الشرك الأصغر.
ولا يجتمع في تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن، بل هو كفر. ومن تعلق شيئاً وُكل إليه، ومن تعلق تميمة فقد أشرك، - شركاً أصغر - وتعليق الخيط من الحمى، والودع عن العين من ذلك. والرقى والتمائم والتولة، هذه الثلاث كلها من الشرك إلا الرقية بالكلام الحق من العين والحمة فليس من ذلك، والتميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف العلماء هل هي من ذلك أو لا .
أما الشرك الذي يصدر من المؤمن وهو لايدري، مع كونه مجتهداً في اتباع أمر الله ورسوله، فأرجوا أن لايخرجه هذا من الوعد، وقد صدر من الصحابة أشياء من هذا الباب: كحلفهم بآبائهم، وحلفهم بالكعبة، وقولهم: ماشاء الله وما شاء محمدن وقولهم: اجعل لنا ذات أنواط، ولكن إذا بان لهم الحق اتبعوه، ولم يجادلوا حمية الجاهلية لمذهب الآباء والعادات.
43- قوله رحمه الله في الجبت والطاغوت
أول مافرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، فالإنسان لايصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت.
والطاغوت عام فكل ماعبد من دون الله، ورضي العبادة، من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت، وهو - بحسب تعريف ابن القيم - كل ماتجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لايعلمون أنه طاعة الله، وقد يكون الطاغوت من الجن وقد يكون من الإنس، وصفة الكفر به هي أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم.
والطواغيت كثيرة رؤوسهم خمسة:
الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله.
والثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله . والثالث: الذي يحكم بغير ماأنزل الله. والرابع الذي يدعي علم الغيب من دون الله. والخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة .
وجميع الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم - كما لو كانوا يندبونهم وينذرون لهم ويتوكلون عليهم، يريدون منهم أن يقربوهم إلى الله - وهم مشهورون عند الخاص والعام بذلك، وأنهم يترشحون له ويأمرون به الناس كلهم كفار مرتدون عن الإسلام ومن زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلاً فلا يخرجهم إلى الكفر، فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق لايقبل خطه ولا شهادته ولا يصلى خلفه، بل لايصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم.
أما الجبت فهو السحر، ومنه - أي من الجبت - العيافة والطرقُ والطيرة .
44- قوله رحمه الله في لزوم الجماعة ونبذ الفرقة والشقاق
نعتقد أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعين لسنته لاتجتمع على ضلالة، وقد أمر الله بالاجتماع في الدين، ونهى عن التفرقة فيه، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، فالرحمة في الجماعة، والفرقة عذاب، ومن تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبداً حبشياً .
45- قوله رحمه الله في الفرقة الناجية والطائفة المنصورة
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على أكثر من سبعين فرقة، أخبر أنهم كلهم في النار إلا واحدة، ثم وصف تلك الواحدة أنها التي على ماكان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلينظر إلى الفرق ومعتقداتهم وأعمالهم، فما وافقت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهي الفرقة الناجية.
وأهل السنة هم المتبعون لآثاره صلى الله عليه وسلم ، وآثار أصحابه كما لايخفى، فهم أحق أن يكونوا الفرقة الناجية، وآثار النجاة ظاهرة فيهم لاستقامتهم على الدين من غير تحريف، وظهور مذهبهم وشوكتهم في غالب البلاد، ووجود العلماء المحققين والمحدثين والأولياء والصالحين فيهم.
والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية (*) وهم في باب وعيد الله وسط بين المرجئة والوعيدية (**).
وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئية والجهمية (***).

وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج (*)، وهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، وهم كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ونعتقد بأن الحق لايزول بالكلية كما زال فيما مضى، وأنه لاتزال طائفة من أمته صلى الله عليه وسلم على الحق منصورة لايضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأمر أمر الله وهم على ذلك.
46- قوله رحمه الله في الإمامة العظمى والسمع والطاعة
وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم مالم يأمروا بمعصية الله، فمن تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبداً حبشياً، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الولاة، وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة، وغلظ في ذك، وأبدى فيه وأعاد.
ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه والأئمة مجمعون من كل مذهب، على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا، مااستقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل إلى يومنا هذا مااجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرف أن أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لايصح إلا بالإمام الأعظم.
47- قوله رحمه الله في الهجرة
والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى قيام الساعة.