تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قوله رحمه الله في أمهات المؤمنين الطاهرات وذبه عن عرض الصديقة بنت الصديق



ابو علاء المغربي
06-13-2006, 11:32 PM
وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء. ومن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع اعتقاد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنها بقيت في عصمته بعد هذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاهر واكتسب الإثم واستحق العذاب، وظن بالمؤمنين سوءاً وهو كاذب، وأتى بأمر ظنه هيناً وهو عند الله عظيم، واتهم أهل بيت النبوة بالسوء، ومن هذا الاتهام يلزم نقص النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن نقصه فكأنما نقص الله، ومن نقص الله ورسوله فقد كفر وهو بفعله هذا خارج عن أهل الإيمان، ومتبع لخطوات الشيطان، وملعون في الدنيا والآخرة، ومكذب الله في قوله تعالى (الطيبات للطيبين) الآية، ومن كذب الله ففد كفر.
ومن قذفها مع زعمه أنها لم تكن زوجته، أو لم تبق في عصمته بعد هذه الفاحشة، فإن قلنا: إنه ثبت قطعاً أنها هي المرادة بهذه الآيات وهو الظاهر يلزم من قذفها ماتقدم من القبائح.
والحاصل أن قذفها كيفما كان يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها، ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين في الدنيا والآخرة كما صح عنه فهو من ضرب عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين.31- قوله رحمه الله في أولياء الله وكراماتهم
وأقر بكرامات الأولياء، وما لهم من المكاشفات، إلا أنهم لايستحقون من حق الله تعالى شيئاً ولا يطلب منهم مالا يقدر عليه إلا الله ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال.
32- قوله رحمه الله في الشفاعة
وأؤمن بشفاعة النبي، وأنه أول شافع وأول مشفع، ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال، وله الشفاعة الكبرى وهي المقام المحمود، والشفاعة كلها لله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي قوله وعمله بعد الإذن.
والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية وشفاعة مثبتة، فالشفاعة المنفية ماكانت تطلب من غير الله فيما لايقدر عليه إلا الله، والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله، وتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، فلا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه، وهو لايرضى إلا التوحيد، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب كما قال تعالى: ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [ النجم: 26 ].
وقد صح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون، ومن جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك بهم.
33- نفيه رحمه الله شبهة التكفير بالعموم
وأما القول: إنا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء، الذي يصدون به عن هذا الدين ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم.
على أن الذي نعتقد، وندين الله به، ونرجو أن يثبتنا عليه في مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين، أو يزعم أنه على حق أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط فيه من غلط .
إننا نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك، وكذلك نكفر من حسنه للناس، أو أقام الشبه الباطلة على إباحته، وكذلك من قام بسيفه دون هذه المشاهد التي يشرك بالله عندها، وقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها والله المستعان.
ولا تظنوا أن الاعتقاد في الصالحين مثل الزنا والسرقة، بل هو عبادة للأصنام من فعله كفر وتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ياعباد الله تفكروا وتذكروا، ونكفر من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه، ونفر الناس عنه وجاهد من صدق الرسول فيه، ومن عرف الشرك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بإنكاره ثم مدحه وحسنه للناس وزعم أن أهله لايخطئون لأنهم السواد الأعظم والداعي لغير الله لاتقبل منه الجزية كما تقبل من اليهود، ولا تنكح نساؤهم كما تنكح نساء اليهود لأنه أغلظ كفراً.
ونكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان، بعد ماعرف أنها دين للمشركين وزينه للناس، فهذا الذي نكفره.
ونكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى من فعله.
وكذا الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفاً من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد فهذا أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها، ولم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله على خوف أو مداراة، أو مشحة بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لايكره إلا على الكلام والفعل وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد.
34- قوله رحمه الله في الحكم على المعين
وإني لا أعتقد كفر من كان عند الله مسلماً، ولا إسلام من كان عنده كافراًن بل أعتقد أن من كان عنده كافراً كافر.
ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنني أرجو للمسلم وأخاف على المسيء.
35- قوله رحمه الله في العذر بالجهل حتى تقوم الحجة
ولا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبدالقادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ونكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، والذي يدعي الإسلام وهو يفعل من الشرك الأمور العظام، فإذا عليت عليه آيات الله استكبر عنها فليس هذا بالمسلم، وأما الإنسان الذي يفعلها بجهالة، ولم يتيسر له من ينصحه، ولم يطلب العلم الذي أنزله الله على رسوله، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ماحاله .
علماً أن من لم تقم عليه الحجة هو حديث العهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف.
وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة .
وأكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامهم عليهم.. وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها نوع آخر.