تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد عند الشيخ محمد ابن عبد الوهاب



ابو علاء المغربي
06-13-2006, 11:22 PM
التوحيد هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده، وهو أول واجب على كل ذكر وأنثى، وهو أعظم ماأمر الله به، ولا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما، وإن عمل بالتوحيد ظاهراً، وهو لايفهمه أو لايعتقده بقلبه فهو منافق، وهو شرمن الكافر الخالص.
والبحث عن مسائل التوحيد وتعلمها فرض لازم على العالم والجاهل والمحرم والمحل والذكر والأنثى.
[ وهو ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات] .7-قوله رحمه الله في توحيد الربوبية
توحيد الربوبية هو أن الله سبحانه متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم، فلا يخلق ولا يرزق ولا يحيى ولا يميت ولا يدبر الأمور إلا الله وحده. وهو: فعل الرب، مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة وإنزال المطر وإنبات النبات وتدبير الأمور.
وهذا - أي الإقرار بالربوبية - حق لابد منه، لكن لايدخل الرجل في الإسلام [ و ] أكثر الناس مقرون به، وأعظم الكفار كفراً الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون به ولم يدخلهم في الإسلام قال تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمَّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون). سورة يونس: 31.
أما الصبر والرضاء والتسليم والتوكل والإنابة والتفويض والمحبة والخوف والرجاء فمن نتائج توحيد الربوبية، وقد تصدر الإنابة والتوكل من عابد الوثن بسبب معرفته الربوبية.
8- قوله رحمه الله في توحيد الألوهية
الذي يدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية، وهو معك أيها العبد مثل الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والرغبة والرهبة والنذر والاستغاثة وغير ذلك من أنواع العبادة، فلا يدعى ولا يرجى إلا الله وحده لاشريك له ولا يستغاث بغيره ولا يذبح لغيره ولا ينذر لغيره لالملك مقرب ولا لنبي مرسل، ومن أشرك مخلوقاً فيها - أي في العبادة - من ملك مقرب أو نبي مرسل، أو ولي، أو صحابي وغيره، أو صاحب قبر، أو جني أو غيره، أو استغاث به، أو استعان به فيما لايطلب إلا من الله، أو نذر له أو ذبح له، أو توكل عليه أو رجاه أو دعاه دعاء استغاثة أو استعانة، أو جعله واسطة بينه وبين الله لقضاء حاجته أو لجلب نفع، أو كشف ضرب، فقد كفر كفر عباد الأصنام، وهم مخلدون في النار، وإن صاموا وصلوا وعملوا بطاعة الله الليل والنهار، وكذلك من ترشح بشيء من ذلك أو أحب من ترشح له، أو ذب عنه، أو جادل عنه، فقد أشرك شركاً لايغفر، ولا يقبل ولا تصح معه الأعمال الصالحة، ومن فعل ذلك في نبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء فقد أشرك بالله، وذلك النبي أو الرجل الصالح بريء ممن أشرك به كتبرء عيسى من النصارى وموسى من اليهود. أما الاستغاثة بالمخلوق أي الحي فيما يقدر عليه فلا ننكرها، فمن أخلص العبادات لله ولم يشرك فيها غيره فهو الذي شهد أن لاإله إلا الله ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول لاإله إلا الله . ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله تعالى فقد اتخذه رباً وإلهاً وأشرك مع الله غيره. وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كصرف جميعها لأنه سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك ولا يقبل من العمل إلا ماكان خالصاً. و (الإله) في كلام العرب هو الذي يقصد للعبادة، وكانوا يقولون: إن الله سبحانه هو إله الآلهة، لكن يجعلون معه آلهة أخرى، مثل: الصالحين والملائكة وغيرهم، يقولون: إن الله يرضى هذا ويشفعون لنا عنده.
وأما عبادته سبحانه بالإخلاص دائماً في الشدة والرخاء فهي نتيجة توحيد الألوهية، وكذلك الإيمان بالله واليوم الآخر، والإيمان بالكتب والرسل، وغير ذلك.
9- قوله رحمه الله في توحيد الله بأسمائه وصفاته
لايستقيم توحيد الربوبية، ولا توحيد الألوهية إلا بالإقرار بالصفات، لكن الكفار أعقل ممن أنكر الصفات، وقد قرأت في كتب أهل العلم من السلف وأتباعهم من الخلف الإجماع على وجوب الإيمان بصفات الله تعالى، وتلقيها بالقبول، وأن من جحد شيئاً منها أو تأول شيئاً من النصوص قد افترى على الله وخالف إجماع أهل العلم.
ومذهب أهل السلف أنهم لايتكلمون في هذا النوع إلا بما يتكلم الله به ورسوله، فما أثبته الله لنفسه أو أثبته رسوله أثبتوه مثل: الفوقية والاستواء والكلام والمجيء وغير ذلك.
وما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله نفوه مثل المثل والند والسمي وغير ذلك، وأما مالا يوجد عن الله ورسوله إثباته ولا نفيه مثل الجوهر والجسم والعرض والجهة وغير ذلك فلا يثبتونه ولا ينفونه، فمن نفاه فهو عند أحمد والسلف مبتدع، ومن أثبته فهو عندهم مبتدع، والواجب عندهم السكوت عن هذا النوع اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأعتقد بما وصف الله به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وهو الله العلي العظيم القادر، الأول والآخر والباطن والظاهر، عالم الغيب والشهادة المطلع على السرائر والضمائر، خلق فقدر، ودبر فيسر، فكل عبد إلى ماقدر عليه وقضاه صائر، أحاط بكل شيء علماً وهو على كل شيء شهيد، فلا أنفي عنه ماوصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لاسميّ له، ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه، فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل: وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين) ، الصافات: 180- 182 فنقول بإثبات الصفات خلافاً للمعطلة والأشعرية. ومعلوم أن التعطيل ضد التجسيم، وأهل هذا أعداء لأهل هذا والحق وسط بينهما.
وقد جاء القرآن الكريم: بإثبات صفة الوجه وبالتصريح بذكر اليدين، وأن السماوات في اليد اليمنى والأرضين في الأخرى: وتسميتها الشمال وبإثبات صفة المكر لله، وهو أنه إذا عصاه أو أغضبه أنعم عليه بأشياء يظن بأنها من رضاه عليه، وبالتصريح بأن الله فوق العرش وبغيرها من الصفات.
ومن جحد شيئاً من الأسماء والصفات فقد عدم الإيمان، وأما معنى قول السلف "أمروها كما جاءت": أي لاتتعرضوا لها بتفسير لاعلم لكم به.
http://saaid.net/monawein/h/1.htm