تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الفكر والتفكير التعريف وانواع التفكير



ابو شجاع
06-05-2006, 12:58 PM
الفكر والتفكير التعريف وانواع التفكير

هذه دراسة جاده حول الفكر والعمليه الفكريه وتعريف التفكير وانواع التفكير

وقد اقوم باضافة المزيد ان رأيت تفاعلا من الاخوة و الاخوات

نبدأ بعون الله



كلمة الفكر تطلق ويراد بها واحد من معنيين:

أولهما: الفكر بمعنى الفكرة والأفكار، فنقول: يمتاز فلان بأن لديه فكراً راقياً –مثلاً- ونعني بذلك أن لديه أفكاراً راقية.

ثانيهما: الفكر (مصدراً) يقصد به عملية التفكير، وهي موضوع بحثنا هنا.
والفكر والتفكير والعقل والإدراك كلها بمعنى واحد، ولم يكن هناك عبر التاريخ أية محاولات جادة للوصول إلى تعريف التفكير، سوى محاولات مفكري المبدأ الشيوعيين ، التي حادت عن طريقها الصحيح * قالوا بأن التفكير هو انعكاس الواقع على الدماغ *

تعريف التفكير :

التفكير هو نقل الواقع بوساطة الحواس إلى الدماغ، وربطه بالمعلومات السابقة لتفسيره أو إصدار حكم عليه.

يتضمن التعريف السابق أربعة أركان:

أولها: الواقع

ثانيها: الحسّ

ثالثها: الدماغ (الصالح للربط)

رابعها: المعلومات السابقة


الركن الأول- الواقع:

لا يمكن للإنسان أن يفكر في غير واقع، فلا يستطيع التفكير في (لا شيء)، أو في واقع لا يقع حسه عليه، وربما قال قائل: إننا نفكر في وقائع كثيرة لا يقع حسّنا عليها أثناء عملية التفكير، والجواب عن ذلك:

أ?- حين التفكير في أمر غيبي علمنا عنه من خبر يقيني أساسه العقل، فإن موضع التفكير هنا هو الخبر اليقيني، فيكون هو الواقع الذي نفكر فيه، وقد تم نقل هذا الواقع إما بواسطة السمع أو البصر حسب كيفية نقل الخبر؛ أكان بالاستماع أم بالقراءة.

ب?- حين التفكير في واقع سبق نقله إلى الدماغ، فلربما اطلع المرء على واقع ولم يستطع التفكير فيه حين وقوع حسه عليه، لسبب ما: كأن لم يستطع تذكر المعلومات السابقة المناسبة المتعلقة بهذا الواقع، وفي وقت لاحق استحضر صورة الواقع الذي سبق نقله وتذكر معلومات سابقة متعلقة به، واستطاع تفسيره، فإن الواقع حين عملية التفكير لم يكن حاضراً، ولكن كانت صورته حاضرة في الذهن.
وهذا ما يمكن أن نطلق عليه (الواقع المتصور)، فلو كان أحدنا في غرفته، وسمع صوتاً قادماً من المطبخ –مثلاً- فإنه يقول: إن الكأس الفلانية كانت على طرف طاولة ما، وهي التي وقعت وأدت إلى صدور ذلك الصوت، أو أن صنبور الماء لم يكن قد أحكم إغلاقه فنزل منه قطرات من الماء أدت إلى صدور الصوت، أو غير ذلك، ويكون الحكم الذي أصدره العقل صحيحاً في أحيان كثيرة.

وتحضرني هنا طرفة متعلقة بهذا الموضوع، اسمحوا لي بذكرها:
ينسبها بعضهم إلى (جحا)، إذ مرّ على صديق له يعمل في حقله، فعرض جحا على صديقه أن يعمل معه، فوافق صديقه، فسأله جحا إن كان سيعطيه أجراً أم لا، فكانت إجابة صديقه: (لا شيء)، وعمل جحا معه ذلك النهار، وعند الانتهاء طالبه جحا بأجرته.
الصديق: وما الأجرة التي تريد؟ نحن لم نتفق على أي أجر.
جحا: بل اتفقنا على أن تعطيني (لا شيء).
الصديق: يا رجل، ماذا تقول؟ هذا ليس كلام عقلاء.
جحا: لا، بل أريد أجرتي.
ثم جاءه في اليوم الثاني، ثم الثالث، وأخذ يأتيه كل يوم يطالبه بأجرته.
حتى خطرت له فكرة، عزم على تنفيذها عند مجيء جحا.
وفعلاً جاء جحا في اليوم التالي، وطرق على صاحبه بابه، فأدخله الصديق.
الصديق: ماذا تريد؟
جحا: أريد أجرتي.
الصديق: وما أجرتك؟
جحا: (لا شيء).
الصديق: أترى ذلك الحصير ؟
جحا: نعم
الصديق: انظر ماذا يوجد تحته؟
جحا: نعم، لا شيء.
الصديق: خذه وانصرف.

فالواقع هو الركن الأول من أركان عملية التفكير، ليس شرطاً حضوره أثناء عملية التفكير، فقد يكون متصوَّراً، من خبر أو أخبار سابقة، فمثلاً حين التفكير في دولة لم تزرها، ولم ترها، لكن دماغك يختزن صورة معينة لتلك الدولة تجمعت أجزاء تلك الصورة من مجموعة أخبار سبق للدماغ اختزانها.


الركن الثاني- الإحساس


ويقصد به الحواس الخمس، السمع والبصر والشم والذوق واللمس، ووظيفتها نقل الواقع بشكل معين إلى الدماغ، ويقصد بقولنا (بشكل معين) أن البصر ينقل صورة الواقع، والسمع ينقل صوتاً، والصوت قد يكون صوتاً مجرداً، وقد يكون رموزاً يقوم الدماغ بتحليلها، كالرموز اللغوية، أو عدد معين من الطرقات للدلالة على شيء محدد، وحاسة الشم تنقل الروائح، وحاسة الذوق تنقل الطعم، وحاسة اللمس تنقل ملمس الشيء، وثقله النسبي، والموقع، والإحساس بالحركة والوقوف، وغير ذلك.

ولا يمكن أن تتم عملية التفكير في واقع، إلا بوجود الإحساس به، سواء أكان الإحساس بالواقع موجوداً حين التفكير فيه، أم لم يكن، ولكن لا بد أن يكون قد وقع عليه مسبقاً، وكما قلنا في شرح ركن الواقع، فإن لم يكن الواقع موجوداً حين التفكير فيه، فإن الحس به لا يكون موجوداً حين التفكير فيه، لكنه سبق وقوعه عليه، ونقل صورته –حسب نوعها- إلى الدماغ، واختزن الدماغ تلك الصورة.

الركن الثالث: الدماغ الصالح للربط

لأن البحث هو في العقلاء من البشر، وهم الذين يقع عليهم الحس ممن لديهم خاصية الربط، لأن العبرة في الدماغ هو في وجود تلك الخاصية، فلو وجد الدماغ مع فقدان خاصية الربط، لانعدم التفكير.

والربط هو عمدة عملية التفكير، والربط لا بد أن يكون بين مربوطين أو أكثر، والمربوطان في عملية التفكير هما: الواقع ، والمعلومات السابقة ولكن لا يمكن أن تعمل هذه الخاصية بدون وجود شيئين أو أكثر يتم الربط بينها، بناء على العلاقات التي يدركها العقل بينها، والعلاقات تنشأ نتيجة للخصائص التي تتصف بها الوقائع المختلفة.

والذي يفقد خاصية الربط، يفقد التفكير، لأنه كما قلنا هو عمدة عملية التفكير، فالمجنون فاقد للربط، والحيوان ليس لديه ربط. والربط الذي نبحثه على أنه ركن عملية التفكير وعمدته هو الربط الفكري، المتعلق بإصدار الحكم على الواقع، أو تفسيره، ولا نقصد الربط الغريزي، المتعلق بإشباع الحاجات العضوية والغرائز، الذي هو موجود لدى المجنون، وموجود لدى الحيوان دون الربط الفكري، وموجود كذلك عند الإنسان، لكن الإنسان العاقل يتميز عن الحيوان وعن المجنون بالربط الفكري، المتعلق بإدراك العلاقات بين الأشياء، وليس الربط المتعلق بإشباع الحاجات العضوية والغرائز، إذ الربط الغريزي فطري، ولا يحتاج إلى دربة طويلة أو خبرة طويلة، بخلاف الربط الفكري، الذي يجب أن يركز فيه على خصائص الأشياء، والعلاقات بين تلك الأشياء بناء على خصائصها، ثم استثمار تلك الخصائص والعلاقات في ابتكار أشياء جديدة واستخدامات جديدة للأشياء.

الركن الرابع: المعلومات السابقة


وهو كل ما سبق للحواس أن نقلته إلى الدماغ، وقام الدماغ باختزانه. وهذا يشمل صور الوقائع (على اختلافها) التي سبق للحواس أن نقلتها، أو المعلومات التي يتعلمها الإنسان.

وشرط المعلومات السابقة للتفكير يكفي فيه تعلق تلك المعلومات بالواقع على جهة من جهات التعلق في أغلب عمليات التفكير، صحيح أن أنواعاً من التفكير لا تكفي فيه المعلومات المتعلقة، بل يجب أن تكون بشروط معينة، كأن تكون –مثلاً- بمستوى النص الذي يراد التفكير فيه كالنصوص الفكرية، أو اشتراط أنواع معينة من المعلومات كالتفكير في النصوص الفقهية مثلاً، الذي يحتاج إلى معلومات في اللغة والحديث وأسباب النزول وغير ذلك، لأن البحث هو في مجرد التفكير وليس في أنواع معينة من التفكير، ولنطلق عليه وصف التفكير العام، فإنه يكفي فيه أن تكون المعلومات متعلقة بالواقع على أي شكل من أشكال التعلق، فيحصل التفكير، صحيح أن التفكير حينها سيكون محصوراً في الجهة التي تتوافر عنها المعلومات بذلك الشكل من التعلق، إلا أن التفكير قد حصل، هذا هو المقصود، وجود المعلومات السابقة المتعلقة بذلك الواقع ولو على جهة العموم.

والمعلومات السابقة تؤخذ بالتعلم، وتؤخذ بالتجربة، وتؤخذ بالاستنباط، لكن التفكير الأولي لا يكون إلا بمعلومات سابقة مأخوذة عن طريق التعلم، ولا ينفع فيه التجربة، ولا الاستنباط.

وذلك لأن كل تجربة لا بد لها من معلومات سابقة، ولأن الاستنباط لا يكون إلا من معلومة مختزنة في الدماغ، وعمدة التفكير هو الربط، فالتجربة ربط، فإن خلت التجربة من معلومات سابقة فقد الربط، وعدم وجود المعلومة في الذهن يعني عدم وجود الربط، أي عدم وجود الاستنباط.

وهناك من أنكر اشتراط المعلومات السابقة للتفكير، والسبب في ذلك هو اصطدامه بواقع الإنسان الأول (على حد تسميتهم) الذي هو آدم عليه السلام، فكل منا أخذ معلوماته الأولية من والديه وأسرته ثم المدرسة ثم الجامعة والمجتمع، لكن الإنسان الأول لم يكن أحد من البشر قبله، فمن أعطاه المعلومات السابقة؟ ونظراً لقولهم بأزلية الكون والإنسان والحياة، إذن ارتأوا عدم اشتراط هذا الشرط، وفسّروا عملية التفكير بالانعكاس. فكانوا كمن وضع العربة أمام الحصان، وقالوا له: هيا قم بالجرّ. وكان الأصل فيهم أن يستنتجوا وجود من أعطى الإنسان الأول المعلومات السابقة، لأن النتيجة الحتيمة هي أن المعلومات جاءته من خارج الكون والإنسان والحياة، وذلك لأن الإنسان الأول هو العاقل الوحيد (مما يقع عليه الحس)، ولا عاقل غيره يقع عليه الحس، فيجب أن تكون المعلومات السابقة جاءته من خارج الكون والإنسان والحياة، أي من خالق الكون والإنسان والحياة.

وذات مرة في إحدى المناقشات مع شخص كان يقول بعدم اشتراط المعلومات السابقة لعملية التفكير، فقام المناقش باختراع كلمة جديدة ليتأكد من عدم وجود معنى لتلك الكلمة، وسأل ذلك المنكِـر: عرّف لي (السنسبائية)، وقال له: سأسمعك إياها عشرات المرات، بل سأكتبها لك واقرأها بالعدد الذي تشاء من المرات، فما كان من المنكـِر إلا الإقرار بضرورة وجود المعلومات السابقة لعملية التفكير، فقام بسؤال المناقش عن معنى تلك الكلمة، فأجابه المناقش: تعريفها – أنها كلمة صنعها فلان حين مناقشة فلان ليثبت له ضرورة وجود معلومات سابقة عن الواقع المراد التفكير فيه، ولا معنى لها.

والطفل تتوافر لديه ثلاثة أركان من عملية التفكير: الواقع، والحس، والربط. لكنه يفتقر إلى المعلومات السابقة، وبمجرد أن يبدأ التعلم، ويقوم من حوله بتزويده بالمعلومات فسرعان ما يظهر عليه التفكير.


أنواع التفكير: أنواع التفكير ثلاثة، السطحي، والعميق، والمستنير.


يتبع الحديث عن انواع التفكير

ابو شجاع
06-19-2006, 11:46 AM
أنواع التفكير: أنواع التفكير ثلاثة، السطحي، والعميق، والمستنير.

أولاً: التفكير السطحي

ويكون في المواضع التي لا تأخذ عملية التفكير حقها من حيث استخدام الأركان الأربع، فمن حيث الواقع لا يتم تقليبه لنقل صورته الحقيقية، ومن حيث الحس لا يتم نقل صورة الواقع كاملة، أو يقتصر فيها على حاسة دون حاسة أخرى، ومن حيث المعلومات السابقة لا تستحضر المعلومات المطلوبة الكافية لتفسير الواقع، ومن حيث الربط لا يتم الانتباه إلى مختلف الخصائص والعلاقات المترتبة عليها بين الواقع والمعلومات.

والذي يتم في أركان عملية التفكير السطحي هو السطحية، والسطحية تعني عدم التعمق في توفير الأركان، فلا يتم –كما ذكر أعلاه- التعمق في الواقع ولا في الحس ولا في المعلومات السابقة المتعلقة بالواقع ولا في الربط.

مثال:

عندما تسأل طالباً في نهاية المرحلة الابتدائية مثلاً، السؤال التالي:
- القميص الواحد ثمنه ديناران، فكم قميصاً نشتري بعشرة دنانير؟

فيقول مثلاً: 30، وعندما تقول له: غير صحيح، يسألك بكم ديناراً نريد أن نشتري؟

فتقول له: عشرة، فيقول: إذن 20. فتقول: غير صحيح، فيقول: 12. وعندما تقول له: غير صحيح… حتى يصل في النهاية إلى أن الجواب: خمسة قمصان.


فتجد أنه يقول لك: لم أنتبه إلى أن المبلغ عشرة دنانير، فهذا متعلق بالواقع، فهو قد حكم على واقع آخر.
ويقول: لم أسمع كلمة دينارين، فهذا متعلق بالحس.
ويقول: ظننت أن العلاقة علاقة ضرب، أو جمع، أو طرح. فهذا متعلق بالربط.
ويقول: لم نأخذ عملية القسمة، وعندما تذكره، يقول: نسيت. فهذا متعلق بالمعلومات السابقة واستحضارها.

المهم أن السطحية تعني عدم العمق في الواقع، وفي نقله، وفي المعلومات السابقة المتعلقة به، وفي الربط. وتعني عدم التعمق في الواقع المراد التفكير فيه، ويشمل التعمق الأركان الأربع.


ثانياً: التفكير العميق


وهو ضد السطحي، ويعني الإحاطة بالواقع، من جميع أركان عملية التفكير، فتجده ينظر إلى الواقع مرات ومرات، ويقلبه من كافة نواحيه، وينظر فيه مرة وثانية وثالثة، وينقب بدقة في ذاكرته لاستحضار المعلومات السابقة المتعلقة بالواقع المراد التفكير فيه، ويقلب النظر في علاقة المعلومات المستحضرة بالواقع، كل هذا يتم بتكرار مع التركيز.

مثال:

طالب آخر سألته السؤال الرياضي السابق، لكن بعد مناقشة موضوع القسمة بالتفصيل، مع ضرب عدد من الأمثلة، وإجابته عن الكثير من الأسئلة المتعلقة بموضوع القسمة، فإن هذا الطالب يقوم بما يلي:

يطلب منك إعادة السؤال مرة ثانية، وربما ثالثة، ويسألك ثمن القميص كذا، ونريد أن نشتري بعشرة، صح؟ فيستحضر من ذاكرته المعلومات السابقة المتعلقة بالسؤال، ليصل أن الواقع مطابق لعملية القسمة، وأنه يجب أن يقسم العشرة على الاثنين، فيجري عملية القسمة، ويتأكد من صحتها بتكرار العملية في ذهنه، وربما استعان بيديه أو بالكتابة من أجل حصر التركيز في عملية التفكير. فيكون قد فكّر تفكيراً عميقاً حتى وصل إلى إصدار حكم على الواقع، بإجابة السؤال.


ثالثاً: التفكير المستنير

يمتاز التفكير المستنير عن التفكير العميق بأن يتم ربط الواقع بوقائع أخرى متعلقة به، كأن تكون علاقته بما حوله، مثلاً، أو علاقته بما قبله، أو علاقته بما بعده، أو علاقته بشبيه له، أو غير ذلك، ولا بد فيه من التفكير العميق، مضافاً إليه ملاحظة علاقة الواقع المراد التفكير فيه بما حوله.

ولنأخذ الطالب السابق نفسه، ونسأله السؤال نفسه، فنجده إضافة إلى ما قام به الطالب السابق المستشهد به في عملية التفكير العميق يقوم بملاحظة العلاقة بين عملية القسمة والعمليات الرياضية الأخرى، ليجد أن هناك تعلقاً بين عملية القسمة وعملية الضرب، فبعد أن يصل إلى نتيجة أن الجواب خمسة، يضرب الخمسة في الاثنين، ليجد أنها عشرة، مطابقاً لما في السؤال، وإن كان يشك في نتيجة الضرب، يدرك أن هناك علاقة بين عملية الضرب وعملية الجمع، فيقوم بجمع الاثنين خمس مرات، ليصل إلى أن الجواب صحيح مئة بالمئة، دون أدنى شك في صحة الإجابة، بخلاف الطالب صاحب التفكير العميق الذي قد يصل إلى أن الجواب أربعة وليس خمسة، ولا يلاحظ العلاقة بين عملية القسمة وعملية الضرب، لكنه مع تعمقه في التفكير وصل إلى نتيجة خاطئة، مع أنه استوفى أركان عملية التفكير، لكنه ربما كان يحفظ أن قسمة عشرة على اثنين تساوي أربعة، أو أخطأ في الربط، ولذلك فإن احتمال الخطأ في التفكير العميق وارد، لكن إن أضيف إليه الاستنارة تكون النتيجة أدق، وتصل إلى أن تكون قطعية في الأمور التي يحكم فيها على الوجود.


وفي حل العقدة الكبرى لا بد من استخدام التفكير المستنير، لأن الأمر متعلق بالتفكير في الواقع مرتبطاً بما حوله. والتعود على عمق التفكير يفقد الإنسان الاستنارة في التفكير، ولذلك تجد كبار العلماء في مختلف صنوف العلم تجدهم –كما قال الشيخ رحمه الله- يصلون للخشبة أو للحجر، وذلك لفقدانهم الاستنارة، نتيجة التعود على العمق في التفكير.

ومن الأشياء التي يتم تعويد الطلبة في المدارس عليها التركيز، والتركيز يعني عدم الالتفات لغير الواقع المراد التفكير فيه، وهو يتنافى مع الاستنارة، ولذلك تجد أكثر أبناء المسلمين فاقدين للاستنارة في التفكير، نتيجة تعويد المدارس لهم على التركيز في المادة المدروسة.

أعود للتأكيد على ضرورة الاستنارة في التفكير أثناء التفكير في حل العقدة الكبرى، لأن الأمر ليس متعلقاً بالواقع وحده، بل متعلق بالواقع وعلاقته بما حوله. فلا بد من النظر في ما يقع عليه الحس من كون وإنسان وحياة، وملاحظة علاقتها بما قبلها، وملاحظة علاقتها بما بعدها، ولا يمكن أن يتم ذلك عن طريق التفكير العميق وحده، ومن المفروغ منه أنه لا يتم عن طريق التفكير السطحي.

فالتفكير العميق يبين حقائق الأشياء، لكن لا يمكن أن يبين صلتها بغيرها، وعلاقتها بها، خذ الفيزيائي مثلاً وعمقه في بحث خصائص المادة، فكلما توسع في علاقات المادة بعضها مع بعض اكتشف أشياء جديدة، لكنه إن اقتصر على النظر في الجزئيات سيبقى تفكيره محدوداً، ولا يمكن أن يصل إلى كون المادة مخلوقة أو غير مخلوقة.

ابو شجاع
06-19-2006, 11:51 AM
ملاحظة

التفكير اما يكون في واقع و اما ان يكون بدون واقع محسوس او من الممكن حسه.
و والواقع اما ان يكون التفكير في وجود الشيء او صفته. ثم الفكر اما ان يطابق واقعه او لا يطابق فهذه سته اشياء:

الاول: التفكير بدون واقع محسوس او من الممكن حسه و هذا لا يسمى فكرا لان وجود الواقع شرط رئيسي في التفكير.
من الامثله على ذلك البحث في ما وراء الكون و الانسان و الحياه قهذا مثال او ايضا مثل ما فعله بعض علماء المسلمين في القديم في اثبات صفات الله عن طريق العقل. فهذا كله وهم و لا يسمى فكرا لانه بحث في غير واقع, فما وراء الكون ليس بشيء محسوس و كذلك صفات الله غير مدركه وهكذا.

الثاني: التفكير في الواقع المحسوس و هو الذي يسمى فكرا سواء طابق واقعه ام لم يطابق و سواء كان التفكير في وجود الشيء او صفته.

الثالث:التفكير في صفه الشيء و هو يعطي حكما ظنيا و ان كان يسمى فكرا لانه بحث في واقع محسوس او من الممكن حسه مثل تعريف الحكم الشرعي, و الاحكام الشرعيه, و مثل النتائج التي يتوصل بها عن طريق العلم التجريبي و غير ذلك.

الرابع: التفكير في وجود الشيء و هو يعطي حكم قطعيا يقينيا مثل وجود الله و القران كلام الله و غير ذلك.

الخامس :الفكر الذي لم يطابق واقعه فيكون خطأ و لكن يبقى فكرا لانه بحث في واقع. من الامثله على ذلك تعريف المجتمع عند الغربيين فقد عرفوه انه مجموعه افراد. فهذا الحكم فكر لان المجتمع واقع محسوس بيد انه لم يطابق واقعه لان التعريف غير جامع وغير مانع, فعشره الاف في باخره يكونون افرادا و ليسوا مجتمعا بالاتفاق.

السادس :الفكر الذي طابق واقعه فيكون حقيقيه او يكون حكما قطعيا لان الحقائق تتعلق بوجود الاشياء و ليس بكنهها. من الامثله على ذلك تعريف المجتمع من انه مكون من افراد تربطهم علاقات دائميه, او غير ذلك من الامور و الله اعلم.

من هناك
06-19-2006, 08:36 PM
حزاك الله خيراً وجعلنا من اهل التفكير المستنير

رغم انني لا اوافق على ان صاحب الفكر المستنبر بحاجة لعملية الضرب بعد القسمة لأن التأهيل الرياضي الذي تلقاه يعطيه ثقة بالنفس تغنيه عن التأكد من العمليات البسيطة

tafoukt1285
06-20-2006, 10:30 PM
مشكور أخي على الموضوع الرائع:o :o :o

ابو شجاع
06-22-2006, 12:56 PM
حزاك الله خيراً وجعلنا من اهل التفكير المستنير

رغم انني لا اوافق على ان صاحب الفكر المستنبر بحاجة لعملية الضرب بعد القسمة لأن التأهيل الرياضي الذي تلقاه يعطيه ثقة بالنفس تغنيه عن التأكد من العمليات البسيطة

اخي الفاضل بلال

بارك الله فيك وجعلنا واياكم من اصحاب التفكير المستنير

لعلي لم اوفق بتوضيح المسألة

الحديث هنا اخي عن نوع التفكير المستخدم لا عن الشخص الذي يقوم بالعملية الفكرية

في هذا المثال لا يوصف الشخص بأنه صاحب فكر مستنير الا اذا كان تفكيره مستنيرا ( أي قام بنقل الواقع من خلال حواسه الى الدماغ وبوجود معلومات سابقة تفسر الواقع ومن ثم ربط الواقع بوقائع أخرى متعلقة به، كأن تكون علاقته بما حوله، مثلاً، أو علاقته بما قبله ) لا لانه مؤهل رياضيا او عبقري لحد الذكاء

والذي اوصلك لهذه النتيجة هو كون المثال عن مسألة رياضية بسيطة

لكن لو كانت معادلة رياضية معقدة لاختلف الوضع

اوضح

التفكير هو نقل الواقع من خلال الحواس الى الدماغ الصالح للربط والتحليل وبوجود المعلومات السابقة التي تفسر الواقع للوصول الى حكم او نتيجة

التفكير السطحي:النظر الى الشيء والحكم عليه
العميق: النظر الى الشيء وفهمه ثم الحكم عليه
المستنير: النظر الى الشيء وفهمه وما يتعلق به ثم الحكم عليه

لاحظ اخي ان اركان التفكير جميعها موجودة في انواع التفكير الثلاث اما ان تخلف احدها فلا نكون امام عملية تفكير اساسا

القمر هو جرم يسبح في الفضاء وليس عليه حياة هذا تفكير سطحي

القمر هو جرم يسبح في الفضاء ومرتبط بجاذبية الارض وليس عليه حياة ويخضع لنظام الكون وقوانينه عميق

في المثال على التفكير السطحي نقلنا الواقع وهو القمر بواسطة الحواس ( العين ) الى الدماغ وبوجود معلومات سابقة منها ان القمر جرم فضائي وليس عليه اكسجين وماء فكان تفكيرنا سطحيا ولكنه تفكير

في العميق فعلنا نفس الشيء ولكن دققنا في البحث

ولكن لو قلنا ما سبق واضفنا عليه ان قوانين الكون لا تتخلف ولا تتبدل وانها تدل على وجود الخالق المنظم لامور الكون يكون تفسيرنا مستنيرا

ما رأيك اخي

ابو شجاع
06-22-2006, 12:58 PM
(http://www.saowt.com/forum/member.php?u=4771)tafoukt1285 (http://www.saowt.com/forum/member.php?u=4771)
مشكور أخي على الموضوع الرائع:o :o :o
(http://www.saowt.com/forum/member.php?u=4771)

حياك الله اخي الفاضل

ونرجو ان نكون عند حسن ظنكم

بارك الله فيك

من هناك
06-22-2006, 06:24 PM
جزاك الله خيراً على الرد اخي ابو شجاع

انا اوافق معك في النتيجة ولكن استخدام المثال نفسه لكل انواع التفكير لم يكن موفقاً برأيي. لما درسنا الفلسفة واختبارات الذكاء والتطور الطبيعي كان الثغرة موجودة دوماً في الأمثلة.

كان المؤلفون يوردون امثلة تتمحور بمجملها على القردة والفئران والخنازير كي يقنعونا ان التفكير الإنساني والتصرف الإنساني شبيه بها. الحمد لله كان سهلاً تبيان عيوب تلك التجارب التي تنظر إلى الإنسان على انه حيوان شهواني او حيوان جائع فقط.

لو انتقلنا لدراسة الذكاء البشري او التفكير العلمي فلا بد من عدد من الأمثلة مختلفة كي تبدي الفرق بين إنسان وهبه الله ملكة الذكاء وآخر وهبه الله ذاكرة خارقة وآخر وهبه الله البديهة وآخر وهبه الله ملكة المغامرة.

على كل جزاك الله خيراً على الموضوع الذي اثرى المنتدى

كلسينا
06-23-2006, 01:23 PM
أخي الكريم من هنا نفهم الفرق بين الفكر والفلسفة ،
وخاصتاً الفكر الإسلامي المبني أساساً على إقرأ ( جمع المعلومات عن الواقع المحيط ، وعن التاريخ الذي أدى إلى هذا الواقع ، والتجارب التي مرت به بسلبياتها وإيجابياتها ) بأسم ربك الذي خلق . أي بتقييم كل ما تقرأ حسب الميزان الإلهي ، الذي يجب طبعاً أن تكون ملم به
ومن ثم تبدأ بالإنذار مما تراه خطر ويستحق الإنذار . وتبني الفكر الإسلامي الذي يحمل الحلول للمسلمين خاصتاً وللإنسان عامتاً .
إن الفلسفة في الإسلام طغت على الفكر وغيبته مما جعل المكتبة الإسلامية كهف

من هناك
06-23-2006, 08:13 PM
اخي كلسينا،
الفلسفة اتت بأمور جديدة عالجها بعض علماء الإسلام بفكر إقرأ وعالجها آخرون بفكر ارسطوي او فكر مادي.

المشكلة ليست في الفلسفة كعلم إنما في طريقة تعاطينا وتقنيننا للآراء الفلسفية والله اعلم

كلسينا
06-23-2006, 08:45 PM
أنا لست من هواة الفلسفة ولا أحب الفلسفة فأرجوك ما تتفلسف علي .:-)

من هناك
06-23-2006, 08:53 PM
انت لو عرفت الفلسفة الحقة لأحببتها لأنك تتفلسف دون ان تعرف :)

اخي كلسينا، الفلسفة هي علم يبحث في ما في داخل عقل المرء وقد يوجهها الناس في وجهة اخرى ولكن لا علاقة للعلم بهذه الأمور

المسلمون كرهوا الفلسفة بسبب شطحات المعتزلة وزلات الأشاعرة ربما ولكن مع ذلك تبقى الفلسفة علماً يساعد اصحاب الآراء العميقة على المشاورة والمذاكرة والتفكير في افضل السبل لرفع مستوى الفكر الإسلامي

كلسينا
06-23-2006, 09:14 PM
أخي مسامحك بهالمعرفة وهالعلم ، والحمد لله طالما أنت ملم به ، ونحن بأذن الله على قلب رجل واحد فأهتم أنت بالفلسفة وأتركني على ثغرة ثانية .:)

انت لو عرفت الفلسفة الحقة لأحببتها لأنك تتفلسف دون ان تعرف
ما تصيبني بالعين ( فيلسوف بالفطرة ، بدون علم ):p

من هناك
06-23-2006, 09:25 PM
صيبي يا عين

عمر المقدسي
06-23-2006, 09:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اخي بلال هناك فرق كبير بين نوعية التفكير و سرعة البديهة

فسرعة البديهة تتاثر بتجارب الانسان و ممارسته لعملية تفكير معينه

اما نوعية التفكير فلا تتاثر

و الله اعلم

ابو شجاع
06-24-2006, 02:57 PM
جزاك الله خيراً على الرد اخي ابو شجاع

انا اوافق معك في النتيجة ولكن استخدام المثال نفسه لكل انواع التفكير لم يكن موفقاً برأيي. لما درسنا الفلسفة واختبارات الذكاء والتطور الطبيعي كان الثغرة موجودة دوماً في الأمثلة.

كان المؤلفون يوردون امثلة تتمحور بمجملها على القردة والفئران والخنازير كي يقنعونا ان التفكير الإنساني والتصرف الإنساني شبيه بها. الحمد لله كان سهلاً تبيان عيوب تلك التجارب التي تنظر إلى الإنسان على انه حيوان شهواني او حيوان جائع فقط.

لو انتقلنا لدراسة الذكاء البشري او التفكير العلمي فلا بد من عدد من الأمثلة مختلفة كي تبدي الفرق بين إنسان وهبه الله ملكة الذكاء وآخر وهبه الله ذاكرة خارقة وآخر وهبه الله البديهة وآخر وهبه الله ملكة المغامرة.

على كل جزاك الله خيراً على الموضوع الذي اثرى المنتدى

حياك الله اخي بلال وسانتبه للامثلة في المرة التالية

وقد اثرت انت والاخ كلسينا عدة نقاط ساعمل على قرائتها اولا

تحياتي

ابو شجاع
06-24-2006, 03:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اخي بلال هناك فرق كبير بين نوعية التفكير و سرعة البديهة

فسرعة البديهة تتاثر بتجارب الانسان و ممارسته لعملية تفكير معينه

اما نوعية التفكير فلا تتاثر

و الله اعلم

الحبيب عمر صحيح ما ذكرت

وحبذا لو اثريت النقاش اكثر فانا اعلم من مداخلات لك هنا وفي غيره من المنتديات انك مطلع على كتاب التفكير

بانتظارك حبيب ألبي;)

ابو شجاع
06-26-2006, 11:44 AM
الاخوة الكرام
وضعت موضوعا عما يسمى بالفلاسفة المسلمين في قسم العقائد والملل لنترك هذا الموضوع متعلقا بالحديث عن التفكير

ارجو الاضطلاع عليه

http://www.saowt.com/forum/showthread.php?p=106295#post106295

مع ملاحظة ان الموضوع متعلق بالفلاسفة كالكندي وابن رشد وابن سينا

لا بعلماء الكلام وهم مسلمون من معتزلة واشاعرة وغيرهم

ابو شجاع
12-05-2007, 01:40 PM
لأزالة الغبار عن الموضوع

ابو شجاع
10-27-2008, 01:39 PM
اين ذهب الحاج كلسينا يا ترى

طمنونا عنه

وعمر المقدسي الذي تزوج وغاب

*********


بسم الله الرحمن الرحيم

اخي بلال هناك فرق كبير بين نوعية التفكير و سرعة البديهة

فسرعة البديهة تتاثر بتجارب الانسان و ممارسته لعملية تفكير معينه

اما نوعية التفكير فلا تتاثر

و الله اعلم


اثار عمر نقطة هنا عن سرعة البديهة

فماذا تعني بالضبط

وهل صواب ما طرحه اخي عمر عن ان سرعة البديهة متأثرة بعكس نوعية التفكير

نكمل ان شاء الله لاحقا

كلسينا
10-28-2008, 07:51 PM
أخوتي الكرام بهذه النقطة تحديداً فسرعة البديهة تعتمد على الممارسة وتكرار عملية التفكير بالأمور بطرق متنوعة وهذا مايكسبه أطفالنا من كل المناهج المدرسية التي يدرسونها ولا يستعمكلون شيئ منها في حياتهم العملية فهي تدرب على سرعة تحليل المعادلة أو وضع المعادلة بإطارها الصحيح ومحاولة وضع حل لها من خلال الإحاطة بها وإدراكها بالسرعة اللازمة زوالله أعلم