من هناك
05-19-2006, 08:40 PM
"النهار" اخترقت عالمهم المغلق بصفة جمعية خيرية
عجزة مأوى العطشانة يعيشون معاناة يومية قاسية:
تأنيب وألفاظ نابية وأكل لا يسدّ الجوع وأسرّة من دون ملاءات
لم تعد "ليلى" الألف الثالث تزور جدتها، بل تركتها للذئب يفترسها. فهربت العجوز الجائعة والمريضة والمذعورة، لتموت فجراً تحت جذع شجرة. تلك ليست حادثة مستلة من رواية، بل قصة حقيقية يرويها سكان قرية العطشانة عن عجوز غادرت قبل اعوام مأوى القرية. والأسباب؟ الظلم والجوع و"ليلى" والذئب وظاهرة "اللامبالاة".
http://saowt.com/pics/mawa/1.jpg ******* http://saowt.com/pics/mawa/2.jpg
أسبوع كامل من دون دخول الحمام. ******* نحولٌ وأوساخ.
http://saowt.com/pics/mawa/3.jpg http://saowt.com/pics/mawa/4.jpg
متشبّث بالحياة أم يرقد فوق آخر؟ ****** هياكل عظمية ملفوفة بالبطانيات!
صحيح، سبحان مقسم الأرزاق. فعندما تعرف أن قبر الدوق برينزويك - لونبرغ يحتل أجمل بقعة في جنيف، لأنه دفع المال لبلدية المدينة شرط أن تدفنه هناك، تزداد إيماناً بأن "الثري يقطن حيث يشاء وإن بعد وفاته، أما الفقير فلا يستطيع ذلك حتى أثناء حياته". هذا تماماً ما يعانيه عجزة مأوى السريان الأرثوذكس في قرية العطشانة من قضاء المتن، الذين يقاسون الويلات في إنتظار موتهم الحقيقي النهائي، في ظل معاناة إرغامية يومية إسمها ببساطة: "الإستخفاف بالإنسان".
مستودع الأيام الأخيرة
في هذا المأوى ما يزيد على أربعين رجلاً وإمرأة "تُركوا" فيه لأسباب مختلفة، فمنهم المتشرّد "المقطوع"، ومنهم من أرغم على حزم "شيبته" والرحيل، في حين فضّل بعضهم ترك مساحة يحتاج إليها الآخرون في المنزل. أسباب كثيرة لنتيجة واحدة تجعل من أمل الخلاص من "مستودع" أيامهم الأخيرة حلماً مستحيلاً. أكثر من أربعين عجوزاً حرموا أي حق إنساني أو مدني، وهم مرصودون ليل نهار على الإذلال لا ينتهي من جوع وأوجاع ومعاملة سيئة، تبدأ بالتأنيب والألفاظ النابية ولا تنتهي بالإهمال والضرب. عجزة لا يقوون على التصدّي أو الرفض، فمن لم يقعده المرض والألم تفترسه الكآبة واليأس والإنهيار العصبي، لتصبح مسألة تكذيبهم عملية سهلة ومنطقية. يقع مأوى السريان الأرثوذكس في أسفل قرية العطشانة، ويتألف من: بناء للميتم، كنيسة قيد الإنشاء، مبنيين للعجزة أحدهما حديث والآخر قديم. دخلت "النهار" البناء الأخير منتحلة صفة جمعية خيرية، حاملة عددا من قوالب الحلوى وصناديق العصير، تلقفتها الراهبة الوحيدة المسؤولة لتضعها في غرفة الطبيب الكبيرة التي تحوّلت - مع الأيام - مستودع غنائم تتكدّس فيه كل الهبات المقدّمة من الجمعيات والمؤسسات الخيرية أو المتبرّعين.على جانبي الأروقة غرف، تضم ّ الواحدة منها ثلاثة أسرّة لثلاثة أفراد، منهم الأعمى أو الكسيح أو المريض يتناوبون على خدمة بعضهم حسب "الهمّة". فما من موظفين لمساعدتهم على التنقل أو الأكل أو الإستحمام أو تغيير ملاءات الأسرّة، ويقتصر العاملون في المأوى كله على مطران وراهبة وطباخة، في غياب الطبيب والممرضة والمراقبين وعمال التنظيفات. عجزة تبدو على وجوههم طيبة حوّلتها قسوة الأيام عنفوانا صلدا، منهم من رحّب بنا ومنهم من راقبنا بحذر مستأنس، فيما بقي بعضهم ممّدداً تحت الغطاء من دون أي إكتراث أو فضول، وكأن عذابهم فوق طاقة اللغة على التعبير. في إختصار، بدا العجزة في حال يرثى لها من المرض والوهن وغياب الرعاية الصحية والجوع (على ما يجمع سكان القرية والجمعيات الخيرية)، وفي عيونهم لا يلوح أي أمل أو بريق، بل دمعة سرّية تتأرجح بين الصمت والغضب، وبين الضعف والنقمة.
http://www.annahar.com/Default.aspx?Srv=http://www.annahar.com/Annahar&Data=/Data/2006/5/19/Art_238550.XML&Out=/Common/Annahar/Article.xsl&LastUpdate=7:40:38
عجزة مأوى العطشانة يعيشون معاناة يومية قاسية:
تأنيب وألفاظ نابية وأكل لا يسدّ الجوع وأسرّة من دون ملاءات
لم تعد "ليلى" الألف الثالث تزور جدتها، بل تركتها للذئب يفترسها. فهربت العجوز الجائعة والمريضة والمذعورة، لتموت فجراً تحت جذع شجرة. تلك ليست حادثة مستلة من رواية، بل قصة حقيقية يرويها سكان قرية العطشانة عن عجوز غادرت قبل اعوام مأوى القرية. والأسباب؟ الظلم والجوع و"ليلى" والذئب وظاهرة "اللامبالاة".
http://saowt.com/pics/mawa/1.jpg ******* http://saowt.com/pics/mawa/2.jpg
أسبوع كامل من دون دخول الحمام. ******* نحولٌ وأوساخ.
http://saowt.com/pics/mawa/3.jpg http://saowt.com/pics/mawa/4.jpg
متشبّث بالحياة أم يرقد فوق آخر؟ ****** هياكل عظمية ملفوفة بالبطانيات!
صحيح، سبحان مقسم الأرزاق. فعندما تعرف أن قبر الدوق برينزويك - لونبرغ يحتل أجمل بقعة في جنيف، لأنه دفع المال لبلدية المدينة شرط أن تدفنه هناك، تزداد إيماناً بأن "الثري يقطن حيث يشاء وإن بعد وفاته، أما الفقير فلا يستطيع ذلك حتى أثناء حياته". هذا تماماً ما يعانيه عجزة مأوى السريان الأرثوذكس في قرية العطشانة من قضاء المتن، الذين يقاسون الويلات في إنتظار موتهم الحقيقي النهائي، في ظل معاناة إرغامية يومية إسمها ببساطة: "الإستخفاف بالإنسان".
مستودع الأيام الأخيرة
في هذا المأوى ما يزيد على أربعين رجلاً وإمرأة "تُركوا" فيه لأسباب مختلفة، فمنهم المتشرّد "المقطوع"، ومنهم من أرغم على حزم "شيبته" والرحيل، في حين فضّل بعضهم ترك مساحة يحتاج إليها الآخرون في المنزل. أسباب كثيرة لنتيجة واحدة تجعل من أمل الخلاص من "مستودع" أيامهم الأخيرة حلماً مستحيلاً. أكثر من أربعين عجوزاً حرموا أي حق إنساني أو مدني، وهم مرصودون ليل نهار على الإذلال لا ينتهي من جوع وأوجاع ومعاملة سيئة، تبدأ بالتأنيب والألفاظ النابية ولا تنتهي بالإهمال والضرب. عجزة لا يقوون على التصدّي أو الرفض، فمن لم يقعده المرض والألم تفترسه الكآبة واليأس والإنهيار العصبي، لتصبح مسألة تكذيبهم عملية سهلة ومنطقية. يقع مأوى السريان الأرثوذكس في أسفل قرية العطشانة، ويتألف من: بناء للميتم، كنيسة قيد الإنشاء، مبنيين للعجزة أحدهما حديث والآخر قديم. دخلت "النهار" البناء الأخير منتحلة صفة جمعية خيرية، حاملة عددا من قوالب الحلوى وصناديق العصير، تلقفتها الراهبة الوحيدة المسؤولة لتضعها في غرفة الطبيب الكبيرة التي تحوّلت - مع الأيام - مستودع غنائم تتكدّس فيه كل الهبات المقدّمة من الجمعيات والمؤسسات الخيرية أو المتبرّعين.على جانبي الأروقة غرف، تضم ّ الواحدة منها ثلاثة أسرّة لثلاثة أفراد، منهم الأعمى أو الكسيح أو المريض يتناوبون على خدمة بعضهم حسب "الهمّة". فما من موظفين لمساعدتهم على التنقل أو الأكل أو الإستحمام أو تغيير ملاءات الأسرّة، ويقتصر العاملون في المأوى كله على مطران وراهبة وطباخة، في غياب الطبيب والممرضة والمراقبين وعمال التنظيفات. عجزة تبدو على وجوههم طيبة حوّلتها قسوة الأيام عنفوانا صلدا، منهم من رحّب بنا ومنهم من راقبنا بحذر مستأنس، فيما بقي بعضهم ممّدداً تحت الغطاء من دون أي إكتراث أو فضول، وكأن عذابهم فوق طاقة اللغة على التعبير. في إختصار، بدا العجزة في حال يرثى لها من المرض والوهن وغياب الرعاية الصحية والجوع (على ما يجمع سكان القرية والجمعيات الخيرية)، وفي عيونهم لا يلوح أي أمل أو بريق، بل دمعة سرّية تتأرجح بين الصمت والغضب، وبين الضعف والنقمة.
http://www.annahar.com/Default.aspx?Srv=http://www.annahar.com/Annahar&Data=/Data/2006/5/19/Art_238550.XML&Out=/Common/Annahar/Article.xsl&LastUpdate=7:40:38