تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ليس لواقعنا نظير



مقاوم
05-10-2006, 04:10 PM
ليس لواقعنا نظير

بقلم محمد مختار مصطفى المقرئ

على مدارِ نحو مائتي سنة، هو الزمن الذي استغرقته ثمان حملات صليبية شنها الغرب المتنصر على بلاد الإسلام (1096ـ 1099م)، و(1147ـ 1149م)، و(1187ـ 1192م)، و(1202م)، و(1213ـ 1221م)، و(1228ـ 1229م)، و(1248ـ 1254م)، و(1270م) لن تجد في التاريخ فقرة (أو فتوى) موثقةً، أو حتى غير موثقة، تنص على شيء مما يلي: "مقاومة القوات الأجنبية عمل إرهابي لا تجيزه الشريعة"(!!)، "المقاومة ضد المحتل شأن شامي (أو أندلسي، أو سندي، أو هندي) لا يعني أهل الجزيرة ومصر وبلاد المغرب و.. و.. و..)" (!!) "لا يجوز دفع هذا العدو المهاجم إلا بإذن ولي الأمر" (!!)، "الولاة المعينون من قبل المحتل ولاة شرعيون تجب طاعتهم، ولا يجوز الخروج عليهم" (!!)، "يشرع، أو يجب، الوفاء بالمعاهدات المبرمة بين أقطار الإسلام وبين الدول الأخرى، وإن كانت هذه الدول معتدية على بلاد إسلامية" (!!).

وإذا وجد شيء من ذلك فلم يكن بهذه الجرأة التي نراها اليوم، وعلى الرغم من ندرته وخفته ـ إذا ما قيس بفتاوى زماننا هذا ـ فقد كان يواجه من عموم علماء الأمة بكل صرامة وحزم، فيُبطل من توه، ويجرم فاعله ولا كرامة.

في أوائل النصف الثاني من القرن السادس عشر راسل المتوكل (حاكم المغرب المخلوع) البرتغاليين لطلب العون منهم، وسافر إليهم بنفسه، حيث التقى ملكهم "سبستيان"، مستحثاً إياهم على مساندته، طمعاً في أن يسترد ملكه ويقضي على عمه: "عبد الملك المعتصم بالله"، و"أحمد المنصور"، واعداً "سبستيان" أن يتنازل له عن موانئ وشواطئ المغرب، فاشترط عليه أن يكون للنصارى سائر السواحل، وله ما وراء ذلك (1).

واستطاع "سبستيان" أن يحشد من النصارى عشرات الألوف من الإسبان والبرتغاليين والطليان والألمان، وجهز جيشاً قوامه: مائة وعشرون ألفاً ، وفي بعض الروايات: مائة وخمسون ألفا، حيث أقلتهم ألف سفينة إلى "طنجة" و"أصيلا"؛ فوصلوا إلى شواطئها عامَ 1578م .

واستثار ذلك حمية الإسلام في نفوس المغاربة، فالتفوا حول قيادة عبد الملك المعتصم بالله، وأراد المتوكل أن يخترق هذا التلاحم؛ فكتب إلى أهل المغرب: " ما استصرخت بالنصارى حتى عُدمت النصرةَ من المسلمين، وقد قال العلماء ـ (كذا يتمحك أمثاله بفتاوى منسوبين لأهل العلم) ـ: "إنه يجوز للإنسان أن يستعين على من غصبه حقه بكل ما أمكنه"، وتهددهم قائلاً: "فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ" (البقرة: من الآية279)" (2).

فأجابه علماء الإسلام عن رسالته برسالة اجتثت باطله من جذوره، وعرت دجله وخبيث زورِه؛ فلم يبق خافياً على ذي عينين..

ومما جاء فيها: ( الحمد لله... وبعد، فهذا جواب من كافة الشرفاء والعلماء والصلحاء والأجناد من أهل المغرب. لو رجعت على نفسك اللوم والعتاب، لعلمت أنك المحجوج والمصاب...

وأما قولك في النصارى "فإنك رجعت إلى أهل العدوة" (وكان سماهم بذلك استنكافاً عن تسميتهم نصارى، كما يرفض البعض تسمية حروبهم لنا بالصليبية)، واستعظمت أن تسميهم بالنصارى، ففيه المقت الذي لا يخفى، وقولك: رجعت إليهم حين عدمت النصرة من المسلمين محظوران يحضر عندهما غضب الرب جل جلاله، أحدهما: كونك اعتقدت أن المسلمين كلهم على ضلال، وأن الحق لم يبق من يقوم به إلا النصارى والعياذ بالله. والثاني: أنك استعنت بالكفار على المسلمين.. قال عليه الصلاة والسلام: "إني لا أستعين بمشرك.." (3)، (4).

(أما) الاستعانة بهم ـ بالمشركين ـ على المسلمين فلا يخطر إلا على بال من قلبه وراء لسانه، وقد قيل قديماً: لسان العاقل من وراء قلبه.. وقولك: "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"، إيه أنت مع الله ورسوله؟!.. وقد افتخرت في كتابك بجموع الروم وقيامهم معك، وعوَّلت على بلوغ الملك بحشودهم، وأنى لك هذا مع قول الله تعالى: "وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (التوبة: من الآية32)" (5).

ثم كانت وقعة "المخازن" التى انتصر فيها المسلمون على الصليبية الحاقدة نصراً مؤزراً، وكان من روائع وقائعها: رسالة عبد الملك المعتصم بالله إلى سبستيان: (إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك، وجوازك العدوة (يعني الأندلس)، فإن ثَبُتَّ إلى أن نقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع، وإلا فأنت كلب ابن كلب)" (6).

فهذا ما حكم به علماء الإسلام في الخائن "المتوكل" كونه استعان بالمشركين لأجل تثبيت ملكه، غير مبال بإراقة دماء المسلمين وتخريب بلادهم والتنازل لعدوهم عن بعض ممالكهم، فكيف بمن يعين الصليبيين اليوم لأجل تمكينهم من احتلال أقطار إسلامية وفرض نفوذهم على سائرها، ولو بإهلاك أهل الإسلام وتدمير بلادهم؟

أما أن يجتمع علماء الأمة لكل قضية، ويأتمرون لكل نازلة... إلا قضية الحاكم المستبدل لشرائع الإسلام، ونازلة الخيانة العظمى التي مكنت عدونا من بلادنا.. فهذا ما لا أجد له في التاريخ نظيراً..

أجل.. كانت في التاريخ خيانات، ولكنها ـ أبداً ـ لم تكن بهذا الشمول والاتساع، وعلى الرغم من ذلك لم تقابل بمثل هذا الصمت والتجاهل.

ويقال: قضية حساسة!!

والموفق للصواب من يلهمه الله الجهر بالحق، فيَجِدُّ في فضح الخائن لا يخاف في الله لومة لائم، لأنه ما أضر الأمة مثل أولئك الذين قبلوا، بل رغبوا وسعدوا، بأن يكونوا وكلاء لأعدائها في تنفيذ مخططاتهم ورعاية مصالحهم!! ولا يقل عنهم جرماً من سكت عن جريمتهم، وراح يسوق للناس فلسفات باردة، ألبسها لبوس المصلحة الشرعية، ولفها بأغلفة التعقل والحكمة!!

وعلى الرغم من المواقف المشرفة لبعض العلماء والدعاة وقادة الجماعات والأحزاب.. إلا أنه لم يزل هناك من يُعد الحديث عن خيانات حكامنا قضية حساسة!! ومن ثم غاب التكييف الشرعي ـ لا للخيانة؛ فإنها مجرمة بدهياً لدى كل مسلم ـ ولكن غاب بيان حكم الحاكم الذي يقترف تلك الجريمة مستمرئاً ارتكابها من خلال موقعه كحاكم، وعبر صلاحيات تفويض الأمة له في عموم شؤونها..

ومن ثم ترى البعض لا يزال يعالج واقعنا على اعتبار أن حكامنا هؤلاء، كل حكامنا، ذوو أهلية شرعية، وأن لهم في أعناق المسلمين بيعة، وأنه يجب أن يبذل لهم حق السمع والطاعة!!

فهل هي قضية حساسة حقاً؟

هبها كذلك.. ولكن أليس قد يقضي الطبيب الحاذق بحتمية إجراء جراحة خطيرة لمريضه؛ ذلك حينما يكون إجراؤها هو الخيار الوحيد، أو الراجح، للإبقاء على حياته؟.. كما أنه قد يتعين بتر عضو فاسد من الجسد يثبت أنه مضر بالجسد كله.

فكيف إذا كانت "حساسية الحديث عن الخيانة" حساسية مبالغاً فيها، أو مفتعلة، أو موهومة، أو خاضعة لحسابات شخصية أو أغراض حزبية، أو حسابات صحيحة دقيقة ـ فرضاً ـ ولكنها تُهمل مفسدة ترك داء الخيانة يفتك بجسد الأمة دون هوادة، وذلك من شأنه أن يجعلها ـ بعد حين ـ عرضة لخطر أكبر وأبشع مما اعتبرته تلك الحسابات؟ وقد كان..
(لأجل ذلك كتبت مقالي السابق: "مؤتمر علماء المسلمين لتقويم السلاطين"، فمن شاء الاستزادة فليطالعه).

مجلة العصر

مقاوم
05-25-2008, 11:06 AM
فهل من معتبر؟

المهاجر7
05-25-2008, 11:13 AM
بارك الله في الكاتب والناقل

FreeMuslim
05-25-2008, 11:30 AM
بورك بك أخي الحبيب مقاوم


لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

وهل أوصلنا لهذا الوضع من الهوان والذلة إلا الفتاوي التي على المقاس وبالتالي ليس السكوت عن الحق فقط بل التدليس على الناس وقلب المعايير والموازين وجعل الحق باطلاً والعكس صحيح طالما انه يناسب هوى الحاكم ومن والاهم ..

بالفعل واقعنا الحالي مزري لدرجة يجعل الحليم حيرانا .. فهناك من يفتي دون علم وهذه مصيبة كبيرة وهناك أيضاً من يفتي بعلم وهذه هي وربي الطامة الكبرى ..

نعلم يقيناً أن النفاق والمراءة والعمالة والخيانة ليس لها دين أو جنسية أو وطن وهي موجودة حتى قيام الساعة والله تعالى اعلم وهي سنة من سنن الله عز وجل ليميز الخبيث من الطيب ولكن في الأوقات الماضية كان هناك علماء ربانيون يقولون كلمة الحق ولا يخشون في الله لومة لائم وبالتالي دائماً ما كنا نجد من يتصدى لأمثال هذا المتوكل وفضحه وهزيمته أما في وقتنا الراهن فلا نجد من يتصدى لامثال هؤلاء المنافقون إلا من رحم ربي وإن وجدوا ترى الناس لا تسمع لهم بل على العكس تماماً تبدأ حملات التشهير بهم وبعلمهم ويكيلون لهم من التهم ما الله تعالى به عليم ..

حقاً إن التاريخ يعيد نفسه وما أكثر أمثال هذا المتوكل في زماننا هذا وللأسف الشديد ما أقل من هم أمثال هذا المعتصم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

هنا الحقيقه
05-25-2008, 11:39 AM
فهناك من يفتي دون علم وهذه مصيبة كبيرة وهناك أيضاً من يفتي بعلم وهذه هي وربي الطامة الكبرى ..


احسنت جزاك الله خيرا

طرابلسي
05-25-2008, 12:00 PM
ليس لواقعنا نظير



أما أن يجتمع علماء الأمة لكل قضية، ويأتمرون لكل نازلة... إلا قضية الحاكم المستبدل لشرائع الإسلام، ونازلة الخيانة العظمى التي مكنت عدونا من بلادنا.. فهذا ما لا أجد له في التاريخ نظيراً..

أجل.. كانت في التاريخ خيانات، ولكنها ـ أبداً ـ لم تكن بهذا الشمول والاتساع، وعلى الرغم من ذلك لم تقابل بمثل هذا الصمت والتجاهل.

ويقال: قضية حساسة!!

والموفق للصواب من يلهمه الله الجهر بالحق، فيَجِدُّ في فضح الخائن لا يخاف في الله لومة لائم، لأنه ما أضر الأمة مثل أولئك الذين قبلوا، بل رغبوا وسعدوا، بأن يكونوا وكلاء لأعدائها في تنفيذ مخططاتهم ورعاية مصالحهم!! ولا يقل عنهم جرماً من سكت عن جريمتهم، وراح يسوق للناس فلسفات باردة، ألبسها لبوس المصلحة الشرعية، ولفها بأغلفة التعقل والحكمة!!

وعلى الرغم من المواقف المشرفة لبعض العلماء والدعاة وقادة الجماعات والأحزاب.. إلا أنه لم يزل هناك من يُعد الحديث عن خيانات حكامنا قضية حساسة!! ومن ثم غاب التكييف الشرعي ـ لا للخيانة؛ فإنها مجرمة بدهياً لدى كل مسلم ـ ولكن غاب بيان حكم الحاكم الذي يقترف تلك الجريمة مستمرئاً ارتكابها من خلال موقعه كحاكم، وعبر صلاحيات تفويض الأمة له في عموم شؤونها..

ومن ثم ترى البعض لا يزال يعالج واقعنا على اعتبار أن حكامنا هؤلاء، كل حكامنا، ذوو أهلية شرعية، وأن لهم في أعناق المسلمين بيعة، وأنه يجب أن يبذل لهم حق السمع والطاعة!!

فهل هي قضية حساسة حقاً؟

مجلة العصر


أظنه أصاب مثل هذه النماذج بمقتل وما أكثرهم لا كثّرهم الله

مرجئة مع الحكام خوارج مع الدعاة

مقاوم
05-25-2008, 12:38 PM
نعوذ بالله من الرؤوس الجهال الذين ورد ذكرهم في الحديث ... فهم من علامات الساعة.
ونعوذ من أدعياء العلم ... تراهم في كل واد يهيمون.
ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه فقد يرى الإنسان الحق ويأبى اتّباعه أو يحال بينه وبين اتباعه وهذا أشد وكذا بالنسبة للباطل فقد يعرف أنه باطلا ويأبى إلا التقحم فيه وهذا وأيم الله، عين الكبر!!
اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألستنا من الكذب وأعيننا من الخيانة ...
اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع، وعين لا تدمع، وعلم لا ينفع، ونفس لا تشبع، ودعوة لا يستجاب لها يا أرحم الراحمين.