تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أفي جهاد الصليبيين الغزاة شك



ابو علاء المغربي
05-05-2006, 10:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
فضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان وفقه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسأل الله لي ولكم العافية في الدنيا والآخرة وبعد :


فانطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) , ومن باب التواصي بالحق ووجوب المناصحة بين المسلمين أكتب لكم بعض التعقيبات والإيرادات على ما طرحتموه وتطرحونه في الحوارات الفضائية والصحفية من بيان موقفكم من قيام الـمجـاهـدين السنة في أرض الـرافـديـن برفع راية الجهاد ضد العدو الصليبي المحتل الذي غزا المسلمين في عقر دارهم ، وقصدي من هذه المناصحة بالدرجة الأولى أنتم بارك الله فيكم ؛ فإني أخاف عليكم من تبعات هذه الفتوى في الدنيا والآخرة , وإلا والحمد لله فالسواد الأعظم من المسلمين علمائهم وعامتهم قد أنكروا هذه الفتوى واستغربوا أن تصدر من أمثالكم .
أسأل الله عز وجل أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم والآن أرجو أن تفتح قلبك لهذه المناصحة وأن تتقبلها بصدر رحب وأن تحسن الظن بمسديها لكم .
فضيلة الشيخ : يرد على فتواكم بعدم مشروعية الجهاد في العراق الإيرادات التالية :
الإيراد الأول : من المعلوم أن الفتوى الشرعية حتى تكون مسددة وصائبة فلا بد لها من ركنين اثنين :
الأول : معرفة الواقعة التي يراد الافتاء فيها من جميع الجوانب .
الثاني : معرفة حكم الله فيها أو في مثلها وحينئذ ينزل الحكم على الواقعة وبهذا يتم إصابة الحق إن شاء الله تعالى ولتطبيق هذه القواعد على ما يدور الآن من جهاد وقتال بين المسلمين وبين الكفرة الصليبين الغزاة و المظاهرين لهم من المنافقين في العراق يتبين لنا ما يلي :
أولاً : توصيف الواقع : والواقع في أرض العراق أنها أرض إسلامية غزيت من قبل الأمريكان الكفرة وحلفائهم من الغرب والشرق واحتلوا هذه الأرض الإسلامية وفتنوا المسلمين أصحاب هذه الديار في دينهم ودمائهم وأعراضهم واقتصادهم .
ومما يتعلق بوصف الواقع أيضاً أن غزو الكفار لأرض العراق سيتعداه إلى الدول المجاورة للعراق فيما لو انتصر الكفار وفرضوا سيطرتهم على العراق – لا قدر الله تعالى – وهذا ما يلوحون به بل يصرحون به أحياناً بما يسمى بـ مشروع الشرق الأوسط الكبير-
ثانياً : معرفة حكم الله عز وجل في مثل هذه الواقعة :
قد حسم علماء الإسلام هذا الأمر بما لا يدع مجالاً للشك ولا للتردد والحيرة حيث قسموا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلى قسمين :
(1) جهاد الطلب : وهو طلب العدو في أرضه وإخضاعه لدين الإسلام وهو فرض كفاية إلا أن يطلب الإمام النفير من عموم المسلمين فعندئذ يتعين ، وكذلك الحال فيما لو حضر المسلم الصف للقتال فلا يجوز له حينئذ النكوص عن القتال ولو كان القتال في أصله كفائياً .
(2) جهاد الدفع : وهو جهاد الكفار الذين هاجموا المسلمين في عقر دارهم وراموا احتلال بلاد المسلمين وفرض حكمهم عليهم .
وهذا النوع من الجهاد هو الذي أفتى فيه أهل العلم بأنه فرض عين على أهل هذا البلد المغزو حسب القدرة المتاحة لهم فإن لم يستطيعوا وجب على من يليهم من بلدان المسلمين نصرتهم وفي ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( وإذا دخل العدو بلاد المسلمين فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب ، إذ بلاد المسلمين كلها بمنزلة البلدة الواحدة )[1] (http://www.islamlight.net/administrator/index2.php#_ftn1) .
وقد نقل رحمه الله تعالى الإجماع على وجوب جهاد الدفع هذا , وأنه لا يشترط له شرط من توفر القدرة التامة والإمكانات , بل إن العدو يدفع حسب الإمكان ؛ يقول رحمه الله تعالى : ( وأما الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً ، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان ، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده ) .[2] (http://www.islamlight.net/administrator/index2.php#_ftn2)
ولما سئل رحمه الله تعالى فيما لو تعارض إنفاق المال في الجهاد الذي يتضرر بتركه مع إطعام الجياع أفتى رحمه الله بقوله:( قدمنا الجهاد وإن مات الجياع كما في مسألة التترس وأولى ؛ فإن هناك – التترس – نقتلهم بفعلنا وهنا يموتون بفعل الله ) .[3] (http://www.islamlight.net/administrator/index2.php#_ftn3)
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعمّ وجوباً ، ولهذا يتعين على كل أحد أن يقوم ويجاهد فيه : العبد بإذن سيده وبدون إذنه ، والولد بدون إذن أبويه ، والغريم بغير إذن غريمه ، وهذا كجهاد المسلمين يوم أحد والخندق ، ولا يشترط في هذا النوع من الجهاد أن يكون العدو ضعفي المسلمين فما دون ، فإنهم كانوا يوم أحد والخندق أضعاف المسلمين ، فكان الجهاد واجباً عليهم ، لأنه حينئذ جهاد ضرورة ودفع ، لا جهاد اختيار ) [4] (http://www.islamlight.net/administrator/index2.php#_ftn4)
فهل يدع هذا الكلام الواضح الصريح الذي صرح به هذان العالمان الجليلان في حكم جهاد الدفع من قول لقائل أو فتوى لمفت بأن جهاد الأمريكان الغزاة في العراق غير مشروع
الإيراد الثاني : من حجج المانعين من جهاد المحتلين في العراق عدم مقدرة المسلمين هنالك على قتال الأمريكان وحلفائهم ؛ وذلك لضعفهم وللأضرار العظيمة التي تصيب المسلمين من عدوهم من جراء ذلك .
والجواب على هذه الشبهة من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : سبق كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى وذلك بقولهما إن جهاد الدفع لا يشترط له شرط بل يدفع العدو الصائل حسب الإمكان ؛ لأنه جهاد ضرورة ودفع لا جهاد اختيار ، ولا أرى داعياً إلى نقل كلامهما مرة ثانية فليرجع إليه في الفقرة السابقة .
الوجه الثاني : إن القول بأن المسلمين في العراق لا قدرة لهم ولا حيلة لدفع عدوهم الكفار والمحتل كلام يكذبه الواقع ويرده ، فما نراه اليوم ونسمعه من الإثخان الشديد والنكاية العظيمة بالكفرة الغزاة من قبل المجاهدين شيء يثلج صدور كل مسلم صادق محب لدينه وأهل ملته ، وقد اعترف العدو الكافر بهذه المعاناة والإثخان مع محاولته التعتيم الشديد على نقل أخبار قتلاه وجرحاه وخسائره الكبيرة ، فكيف يقال إنه لا قدرة للمسلمين هناك على قتال عدوهم ونحن نرى ونسمع ما يشفي صدورنا من هزائم متلاحقة للكفرة وأذنابهم من المنافقين ؟
الوجه الثالث : لو سلمنا باشتراط القدرة لجهاد المحتل في العراق فما هي حدود هذه القدرة ومن الذي يحددها ؟
وللجواب على ذلك نرجع إلى ما سبق بيانه من أن الفتوى والحكم على الشيء يقوم على معرفة الواقعة التي يراد الحكم فيها ، وعلى معرفة حكم الله في مثلها ، وإذا أردنا أن نطبق هذه القاعدة هنا على مسألة القدرة على قتال الغزاة في العراق فمن الذي يصف لنا هذا الواقع ويحدده بدقة ؟ أهم الذين يعيشون هذا الواقع ويعرفون ما عندهم من القدرة وما عند عدوهم ؛ ويعلمون الملابسات والظروف المحيطة بهم وغير ذلك من المسائل التي لها أثر في إعطاء الوصف الدقيق ؟ أم أن الذي يصف هذا الواقع وبالتالي يفتي فيه هو من يجهل هذا الواقع ممن هو بعيد عن البلد وظروفه ومجريات الأمور فيه ولا دراية له بأحوال المجاهدين وقدراتهم ولا حال عدوهم وما يعاني من مشاكل وورطات ؟ لا شك أن الجواب البدهي الموافق لقواعد الفتوى هو أن الذي يحدد القدرة ووجوبها من عدمها هو من يعيش في هذا الواقع ويراه و يلمسه ، ويعاينه يوماً بعد يوم ، فلا جرم أن كانوا هم أولى من يفتي في ذلك فهم الذين يقاسون حر وجرم العدو الغازي ويلمسون جبنه وخيبته ؛ وثقتهم بالله عز وجل كبيرة في إلحاق الهزيمة به ولو بعد حين .
فليتق الله عز وجل أولئك الظالمون لأنفسهم الذين يفتون في واقع الجهاد وهم بعيدون عنه لا يعلمون عنه إلا نتفاً من هنا وهناك ـ وقد يكون أغلبها من الإعلام المضلل المخذل ـ وليتركوا الحكم على الوقائع لأهلها الذين يعانون حرها وقرها , ويعرفون مدخلها ومخرجها . نسأل الله عز وجل أن يرفع عنهم البلاء وأن يثبت أقدامهم وينصرهم على القوم الكافرين .
الإيراد الثالث : عندما غزا الروس الشيوعيون بلاد الأفغان في العقود الماضية أجمع علماء المسلمين على مشروعية جهاد الشيوعيين هنالك , وهب أغنياء الأمة وأغلب حكامها في مساندة المجاهدين في أفغانستان بالمستطاع من المال والعتاد والرجال ، وبعد أن هزم الله الشيوعيين على أيدي المجاهدين وخرجوا أذلة صاغرين بعد ذلك بسنوات غزا الصليبيون أرض أفغانستان بقيادة أمريكا الطاغية ثم قامت بعد ذلك بغزو العراق واحتلاله والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة هو :
ما الفرق بين غزو الشيوعيين لبلاد أفغانستان وبين غزو الأمريكان الكفرة لبلاد الأفغان والعراق ؟
أليس كلاهما عدوين كافرين قاما بغزو المسلمين في عقر دارهم واحتلوا بلادهم ؟
إذن فما معنى كون الجهاد مشروعاً ضد الشيوعيين عندما احتلوا أفغانستان وليس مشروعاً عندما احتل الأمريكان الكفرة أفغانستان والعراق ؟ وما معنى أن يهب المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لنصرة إخوانهم المجاهدين في أفغانستان ـ هذا بنفسه وذاك بماله ، وآخر برأيه وخبرته ـ ثم لا نجد هذه المناصرة للمجاهدين في أرض العراق المحتلة إلا من قلة من الناس على خوف ووجل ؟ أليس في هذا تفريق بين متماثلين وتطبيق لمعيارين ؟ وإن لم يكن هذا هو الواقع فما هو الجواب إذن ؟
إني لا أجد جواباً مقنعاً إلا القول بأن أمريكا كانت راضية مؤيدة لذلك الجهاد لأنه ضد أعدائها الروس ، أما في العراق فإن أمريكا هي الغازية وبالتأكيد هي المستهدفة بالقتال والجهاد , هذا هو الجواب المقنع لهذه التساؤلات المحيرة ، ولكن هل هذا الجواب هو المنجي بين يدي الله عز وجل ؟ وهل هو عذر لهذا التخذيل والتعويق والتباطؤ عن نصرة المجاهدين في أرض الرافدين ؟
وإهمالاً لهذا الجواب الصحيح سمعت من بعض المنتسبين للعلم جواباً آخر مفاده أن المجاهدين في أرض الأفغان كانت لديهم القدرة وكانوا يُدعمون من المسلمين بكل مكان , بل كانت بعض الدول الكافرة تدعمهم ، أما الجهاد في العراق فليس له القدرة وليس هناك من يدعمه ولا من ينصره كما حصل ذلك في أفغانستان !!
ولا يخفى ما في هذا الجواب من اضطراب وحيدة عن الجواب الصحيح السالف الذكر. إن الأفغان لما بدؤوا الجهاد لم يكن لديهم الحد الأدنى من القدرة , وكانت بدايتهم ببنادق الصيد والأسلحة الشخصية عكس المجاهدين في العراق ؛ فهم منذ بدايتهم وهم يملكون مخازن الأسلحة المتطورة والمتنوعة ولديهم أهل الخبرة في القتال فكيف يقال : إن جهاد الأفغان كان لديه القدرة وهذه بدايتهم ، نعم لقد تلقوا بعد ذلك دعم إخوانهم المسلمين لهم ، فلماذا لا يكون مثل هذا الدعم للمجاهدين في العراق ؟ والجواب هو ما ذكرته آنفاً وهو الجواب الصحيح مهما حاول من يحاول الحيدة عنه ، ولكنه والله لا يعذر عند الله تعالى ولا تبرأ به الذمة .
وأمر مهم لا بد من ذكره هنا :
ألا وهو التأكيد على أن دعم الجهاد في العراق أهم و آكد من دعم الجهاد السابق في أفغانستان ضد الشيوعية ذلك لأن جهاد الصليبين في أرض العراق والنكاية بهم وإلحاق الهزيمة بهم إن هو إلا دفاعاً عن المنطقة الإسلامية المحيطة بالعراق كلها وليس دفاعاً عن العراق وحده ، وانتصار المجاهدين هنالك هو انتصار للمسلمين في البلاد المجاورة كلها ؛ ذلك لأن الكفرة الغزاة قد أعلنوا ذلك في خططهم وطفح على ألسنة قادتهم كطرحهم مصطلح الشرق الأوسط الكبير.
وإن نجاحهم في إيجاد حكومة ديمقراطية – بزعمهم – يعني فرضها بعد ذلك على دول المنطقة ، وقيامهم بالتدخل السافر في خصائص سياسة كل بلد كالجيش والتعليم والإعلام والاقتصاد وضرورة أن يمشي وفق النظرة الأمريكية ، ولو تم انتصارهم في العراق لا قدر الله عز وجل ووجدوا أنفسهم مستقرين مرتاحين لا يزعجهم أحد بقتال ولا جهاد لبدؤوا بتنفيذ مخططاتهم في غزو دول المنطقة سواء بالغزو العسكري السافر أو الغزو المبطن الذي يتدخل في تغيير عقيدة الأمة وهويتها وثقافتها ويجعلها تابعة ذليلة للغرب الكافر .
إذن : فكسر الأمريكان في العراق والإثخان فيهم وجعلهم لا يذوقون الراحة والاطمئنان من شأنه أن يحمي العراق ودول المنطقة كلها من شر هؤلاء الكفرة , ومن شأنه أن يحبط عليهم مخططاتهم ومكرهم ويقطع الطريق عليهم حتى لا يفكروا مرة أخرى بغزو بلاد الإسلام .
أما لو ضعف الجهاد في العراق وخذل أهله كما يفعله الآن – وللأسف – بعض المنتسبين إلى العلم فإن النتيجة وخيمة على المسلمين بعامة وليس على أهل العراق خاصة . فليتق الله عز وجل من ينفر الناس من جهاد المسلمين في العراق ؛ إنه بذلك يقدم خدمة كبيرة للغزاة الكفرة في التمكين لهم وإفساح الطريق الممهد لهم في تثبيت جذورهم في أرض العراق المسلمة , والتي ينطلقون بعد ذلك منها لفرض سيطرتهم العسكرية أو الفكرية التامة على بلاد الحرمين والخليج والشام .
أفيرضي المخذلون للجهاد في العراق بهذه النتيجة المرة ؟؟؟
الإيراد الرابع : لو سلمنا جدلاً بما يقوله المانعون للجهاد في العراق بحجة العجلة والتهور وعدم القدرة أو بحجة الأخطاء التي يرتكبها بعض المجاهدين في قتالهم فما هو الموقف من هؤلاء المجاهدين بعد أن لم يسمعوا ولم يقتنعوا بحجج المانعين حيث بدؤوا جهادهم واشتعل القتال بينهم وبين عدوهم الكافر المحتل ؟
هل يجب والحالة هذه دعمهم ومواصلة توجيههم ونصحهم والوقوف معهم أمام العدو الكافر ؟ أم العكس من ذلك وهو تخذيلهم وتحذير الناس منهم ومن دعمهم ؟ أم اعتزال الفريقين والنظر إلى هذا القتال على أنه قتال فتنة فلا يشارك فيه بيد ولا لسان ولا مال ؟
هذه المواقف ثلاثة نضعها أمام المانعين للجهاد في العراق فما هو الموقف الصائب منها الموافق للشرع ومقاصده ؟
إن مما أقره أهل العلم في جهاد الكفار أنهم يرون قتالهم مع البر والفاجر لا يمنع فجور المسلم وفسقه من أن يقاتل معهم , إذا كان العدو كافراً بل حتى لو كان المسلمون المجاهدون أصحاب بدعة غير مكفرة لجاز أو وجب قتال الكفار معهم وبخاصة إذا كان القتال قتال دفع وصد للكفار عن ديار المسلمين ، ولم يقل أحد من أهل العلم بأنه قتال فتنة ؛ لأن قتال الفتنة هذا الذي يكون بين فئتين من المسلمين أما القتال بين الكفار وبين المسلمين فلم يقل أحد من أهل العلم بأنه فتنة ولو كان الصف المسلم متلبساً ببدع غير مكفرة أو فسوق أو أخطاء ، بل يجب والحالة هذه مناصحتهم فيما هم عليه من أخطاء فإن استجابوا فالحمد لله وإن لم يستجيبوا لسبب أو آخر فلا يكون هذا مبررا لاعتزالهم فضلاً عن التنفير منهم أو التحذير من دعمهم أو نصرتهم ، لأن في تخذيلهم أو التخلي عن نصرتهم إعانة ومظاهرة غير مباشرة للعدو الكافر الصائل , وتوهين للصف المسلم وإخفاق له مما قد يقود إلى انتصار الكفار وتمكينهم من بلدان المسلمين ؛ وحينئذ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة . فإذا تقرر هذا مع أهل البدع ، فكيف والحال عند المجاهدين السنة في العراق أنهم ملتزمون بمنهج أهل السنة الجماعة ؟
والمقصود أن يتقي الله عز وجل هؤلاء المخذلون للمجاهدين والمنفرون عن جهاد الكفار بحجة أخطاء المجاهدين أو تسرعهم ، وبما أن سوق الجهاد قد قام بين المسلمين وأعدائهم الكفرة فليس أمام المسلم إلا أن يتولى إخوانه الذين يجاهدون الكفرة الغزاة ولو كان يرى أنهم مخطئون ما دام أن هذا الخطأ لم يخرجهم من الإسلام .
أما أنه ـ لا قدر الله تعالى ـ يضع نفسه في خندق المخذلين لهم المضعفين لشوكتهم ، فما أقرب هذا الخندق من خندق الكفرة المعتدين ؛ لأن فرحهم بذلك سيكون شديداً ،
ويكفي بفرح الكفار وسرورهم بهذه المواقف المخذلة مقتاً وشناعةً ونكراً , فإن المتعين على المسلم أن يقوم بما يغيظ الكفار ويحزنهم لا بما يفرحهم ويسرهم ؛ قال تعالى : (( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ )) (المائدة: من الآية54) وقال تعالى : (( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) (الفتح:29) .
وقال تعالى : (( وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) (التوبة: من الآية120) .
الإيراد الخامس : لا أدري ما هو موقف من يفتي بعدم مشروعية الجهاد في العراق والاستسلام للأمر الواقع وعدم مدافعته .. لا أدري ما موقفه فيما لو غزت أمريكا بلاد الحرمين – لا قدر الله عز وجل – ونصبت فيها أحد عملائها حاكما على المسلمين فهل يرى الاستسلام لذلك والرضى به وعدم مقاومته أم أنه يرى جهادهم ودفعهم قدر الإمكان ؟
فإن كان الجواب بالاستسلام والرضى بالواقع فهو الخزي والعار والشنار وإن كان الجواب هو الجهاد والدفع فقد وقع في التناقض والاختلاف في تطبيق المعايير والتفريق بين المتماثلين إذ ما الفرق بين بلاد الحرمين وبلاد الرافدين أليس كل منهما أرضا من بلاد المسلمين ؟
وأختم هذه الرسالة بتذكير نفسي وتذكير الشيخ العبيكان بضرورة مراجعة النفس ومحاسبتها والحذر من الأهواء الخفية التي قد تخفى على صاحبها فيظن أنه متجرد للحق فتدفعه لمثل هذه الآراء الشاذة وكما أخبر المعصوم صلوات ربي وسلامه عليه فإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار وإن سلف هذه الأمة وخيارها كانوا يخافون على أنفسهم من النفاق والفتنة على ما وقر في قلوبهم من الإيمان و مجانبـتهم لأسباب النفاق وذرائعه وتحريهم للحق والصواب وطلبهم له من مصادره الأصيلة كما أطلب منه الوقوف على تلك الإيرادات السابقة وغيرها من الإيرادات ومراجعة فتواه وعرضها على ميزان الكتاب والسنة بفهم خيار الأمة والتراجع عنها علنا إبراء لذمته أمام الله عز وجل ، أسأل الله عز وجل أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويعز جنده كما أسأله سبحانه أي يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .

[1]الاختيارات الفقهية ص 447

[/URL]2 الاختيارات الفقهية ص 309، 310

[3]الفتاوى الكبرى 4/608

[4]الفروسية لابن القيم ص 187
منقول من:[url]http://islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=1212&Itemid=25 (http://www.islamlight.net/administrator/index2.php#_ftnref2)

ابو علاء المغربي
05-05-2006, 10:43 PM
هل هناك اخ فاضل يستطيع ان يفهمني غير ما نقلته من هذا الموقع ارجوا ان تراسلوني من فضلكم [email protected]

صلاح الدين يوسف
05-06-2006, 02:10 AM
بارك الله فيك أخي حفيد ابن تاشفين