تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خلافات الدعاة.. الجوهر قبل المظهر



من هناك
05-02-2006, 04:52 PM
السؤال
إخواني.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سؤالي أظن أنه سؤال متكرر من جميع الإخوة العاملين في مجال الدعوة..
أنا والحمد لله من الإخوة في كليتي وقريتي، لكننا نعاني من مشكلة كبيرة في القرية لم نجد لها حلاًّ حتى الآن، فالإخوة عاجزون عن حل هذا الموضوع حتى الآن.. الموضوع وما فيه أن توجه الدعوة السلفية (المرتبطة بالشكل العام والمظهر غالبًا دون الاهتمام بالجوهر على الأقل في بداية الالتزام) بدأ يثير العديد من النقاط التي يمكن اعتبارها غير مهمة -وبالذات في مصر- من اللحية وتفسيق حالقها والنقاب وأنه الحجاب الشرعي، وأن الخمار من السفور والتبرج والإسبال والمظاهرات، وكيف أنها محرمة.

المواضيع التي يتم تناولها أنا أعلم وجميع الإخوة أنها مواضيع جديرة بالاحترام، وأن هذا الكلام قد قال به علماء كثيرون من قديم الزمان، لكن المشكلة الحقيقة هي ذلك المجتمع الذي لا يعرف عن دينه سوى صلاة الجمعة ورمضان وصلاة العيد عندما يرى ذلك الخلاف الذي أصبح واضحًا بشدة بسبب النظرة القاصرة من بعض شباب الدعوة السلفية، حيث صاروا يطرحون هذه المواضيع بين الناس وبأسلوب طرح تعرفونه جيدًا، حيث يظهر للناس أن الإخوة من الفساق، حيث إنهم يحلقون لحاهم (وسبب الحلق تعرفونه جيدًا) ونساؤهن سافرات؛ لأنهن لم يلبسن النقاب.

المهم.. إخواني.. أرجو منكم أن تحاولوا معي لنضع أسلوب حوار معين، أو أسلوب حركة معينة للوقوف على مثل هذه الأمور، وكيف نواجه مثل هذه الحرب التي يزكيها أعداء الإسلام لكي يتفرجوا على المسلمين وهم يأكلون في بعضهم البعض؟.
وختامنا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


يقول الدكتور بسام الزرقا -الداعية المصري، عضو فريق الاستشارات-:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
ما يشكو منه السائل هو ظاهرة عامة، حيث وجدت فصائل العمل الإسلامي، بل هي مشكلة قديمة يشير لها شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: "وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة -علمائها وعبادها وأمرائها ورؤسائها- وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي: بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة في محنة الصفات والقرآن، وكما بغت الناصبة على عليّ وأهل بيته، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة، وكما قد يبغي بعض المستنة إما على بعضهم، وإما على نوع من المبتدعة، بزيادة على ما أمر الله به...".
ولكي نستطيع علاج هذه المشكلة فعلينا ألا ننشغل بالعرض عن المرض، وأن نحدد أصل المشكلة ذات الجوانب المتعددة والتي منها:
1- نسيان الغرض الذي من أجله أنشئت هذه التجمعات وكونها وسيلة لا غاية، وسيلة لعلاج الثلمة التي وجدت بغياب الكيان الجماعي للأمة متمثلاً في مقام الخلافة مع وجوب وجود من يقوم بالحاجات والفروض الشرعية للإسلام والمسلمين.
ومن ثم ارتأت فئات من المسلمين أن العمل الفردي لا يغني عن الجهد الجماعي، اتفق علماؤهم على ذلك، ثم اختلفوا في الأولويات التي يكرس لها الجهد.
فبعضهم اتجه للعمل الاجتماعي.. "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار" (رواه البخاري).
أما الآخرون فخاضوا المجال السياسي لخدمة الإسلام من خلال النقابات والمحليات.
ومنهم من كرس جهده لطلب العلم وتعليمه.. وأن "العلماء هم ورثة الأنبياء" (رواه البخاري).
والبعض اعتبر أن تبليغ الإسلام والدعوة للصلاة هو أثمن ما يصرف فيه الوقت... إلخ.

وكنا نتوقع -والحال هكذا- سريان روح التساند والتكاتف بين الفصائل، لكن غياب أو نسيان تلك الحقيقة سالفة الذكر أدى إلى نوع من ازدراء الآخر واعتباره ليس على شيء.
وتأمل وصف شيخ الإسلام ابن تيمية يصف عصره وأخبرني عن الفارق بين القديم والمعاصر: "وأنت تجد كثيرًا من المتفقهة إذا رأى المتصوفة أو المتعبدة لا يراهم شيئًا ولا يعدهم إلا جهالاً ضلالاً، ولا يعتقد في طريقهم من العلم والهدى شيئًا، وترى كثيرًا من المتصوفة والمتفقرة لا يرى الشريعة ولا العلم شيئًا، بل يرى أن المتمسك بها منقطع عن الله، وأنه ليس عند أهلها مما ينفع عند الله شيئًا، وإنما الصواب أن ما جاء به الكتاب والسنة من هذا وهذا: حق، وما خالف الكتاب والسنة من هذا وهذا باطل".
كما أدى غروب تلك الحقيقة إلى تقديم البعض الولاء الخاص لجماعته عن الولاء العام لأمة الإسلام؛ فهو يتعصب لأقوال وآراء قادته ومشايخه، يتعصب بدلاً من أن يحض ويبذل غاية جهده لنصرتهم على أية حال، بدلاً من إعمال قاعدة الاتباع للإمام مالك "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر –صلى الله عليه وسلم".
أو كما يبسطها شيخ الإسلام فيقول: "فلا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل، ومن نصب شخصا كائنا من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين مثل اتباع الأئمة والمشايخ فليس له أن يجعلهم قدوته وأصحابه فيوالي من وافقهم ويعادي من خالفهم".
وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه ولا يتاجر عليها، بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله، أو أخبر الله به ورسوله، لكون ذلك طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

2- جانب آخر من جوانب المشكلة هو ألا تجد الأصول الكلية لأهل السنة والجماعة الاهتمام الكافي المناسب لأهميته؛ فلربما فقدت معالمها تحت ضغط العمل الحركي اليومي أو محاولة استباق الوقت لتعلم وتعليم الفروع الفقهية.. ولا عيب البتة أن يبذل الإنسان الجهد في حركة لخدمة الإسلام، أو تعلم وتعليم ما تصلح به الأركان الأربعة.
لكن الخطأ عند الموازنة في بذل الجهد والوقت لتحقيق الإسلام بشموله من خلال معرفة أصول أهل السنة، وفي تلك الأصول قاعدة أهل السنة في معاملة المخالف، وقبل ذلك أن يتعلم التفريق بين الخلاف الذي يتناصح فيه بيسر، وذلك الذي نناظر عليه بقوة، أو بعبارة أخرى أن الخير بين أدب الخلاف في الفروع وما يترتب عليه الخلاف في الأصول فليس كل من خالف يعتبر مخالفا، وهذا شيخ الإسلام يتمثل هذا الأصل فيروي: "مع أني في عمري إلى ساعتي هذه لم أدع أحد قط في أصول الدين إلى مذهب حنبلي وغير حنبلي، ولا انتصرت لذلك ولا أذكره في كلامي، ولا أذكر إلا ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، وقد قلت لهم غير مرة: أنا أمهل من يخالفني ثلاث سنين، إن جاء بحرف واحد عن أحد من أئمة القرون الثلاثة يخالف ما قلته فأنا أقر بذلك، وأما ما أذكره فأذكره عن أئمة القرون الثلاثة بألفاظهم وبألفاظ من نقل إجماعهم من عامة الطوائف".
وكما نرى فهو لا يناظر عن قول إمام بعينه أو فرع محدد، وإنما عن إجماع القرون الخيرية وفي الأصول فقط.
وهذا الإمام الأصولي الشاطبي يؤكد: "وقد ثبت عند النُّظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف، لكن في الفروع دون الأصول وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف".

أما عن طريق معاملة أهل السنة للمخالف فهي منقبة لهم ولا تدانيها فرقة أو طائفة أخرى، والكلام مرة أخرى لشيخ الإسلام: فكل حق مع طائفة من الطوائف فهم يوافقونهم فيه، وهم براء من باطلهم، فمذهبهم جمع الطوائف بعضها إلى بعض، والقول به ونصره وموالاة أهله من ذلك الوجه، ونفي باطل كل طائفة من الطوائف لا إلى فئة منهم على الإطلاق، ولا يردون باطلا بباطل ولا يحملهم شنآن قوم يعادونهم ويكفرونهم على ألا يعدلوا فيهم بل يقولون فيهم الحق ويحكمون في مقالاتهم بالعدل.

غياب مثل هذه القواعد عند صغار الحركيين وأنصاف المتفقهة وأغرار أهل السلوك المتعبدة يؤدي إلى نتيجة خطيرة ألا وهي تحول التنافس المحمود المندوب بقوله عز وجل: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (المطففين: 26) إلى تباغض وتدابر مذموم، فإذا بالخلاف يتصاعد عن درجته الحقيقية درجات ودرجات.
وهذا الصديق الثاني أحمد بن حنبل يقول عن إسحق بن راهويه: "كم يعبر الجسر إلى خراسان، مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا"، فالإسلام يحتاج لتنافس كتنافس الأوس والخزرج بعد الإسلام لا قبله.

3- الوجه الثالث من أسباب هذه المشكلة هو الإعراض عن سنة شرعية ذكرها القرآن: {فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (المائدة: 14).
فبقدر تحقيق الدخول في السلم كافة تتحقق الوحدة، وبقدر التفريط في استكمال تحصيل الشرع تكون الفرقة، ويكون البأس بيننا شديدا، ومن أعظم ما ترك من الشرع بعد التوحيد أن تترك أمره عز وجل بالوحدة على الحق وترك التنازع: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الأنفال: 46).
وهذا شيخ الإسلام يصوغ تفسير هذه المعاني من خلال بيان الواقع فيقول: "وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتر عليها كثرت التفرقة والفتن بينهم في المذاهب وغيرها".
وهذا التفريق الذي حصل من الأمة علمائها ومشايخها وأمرائها وكبرائها هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها.. وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله، فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوام ضاعوا وهلكوا وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا.. فإن الجماعة رحمة، والفرق عذاب.

هذا عن الواقع الكائن؛ أما ما يجب أن يكون، وأمرنا به الحق.. لنحق الحق ونقيم الدين فهو شيء آخر، وما زلنا مع شيخ الإسلام: "تعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين، تأليف القلوب واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين.. وأهل هذا الأصل هم أهل الجماعة، كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة".
وإصلاح ذات البين ليس بالأمر الهين، وكيف يكون هينًا والمصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" (رواه الترمذي وقال حديث صحيح).
بل إن الأمر بالائتلاف ونبذ الفرقة وأسباب الخلاف في حقيقته من تكاليف التوحيد لأنها ببساطة هي من الشطر الأول لأصل الولاء والبراء الذي لربما يبدو لنا شقه الثاني (البراء) جليًا واضحًا.. خصوصًا عندما يفصح أعداؤنا عن حقدهم، ولكن العجيب ألا ينجلي مفهوم الولاء اللازم لصد العدو، والأعجب أن يستخدم البعض مفهوم البراء ليلغي به عمليًّا مفهوم الولاء فينزل المسلم المخالف منزلة الكافر العادي فيختل الميزان في منطق المسلم الذي إن أُبغِض من وجه أحب من كل وجه، أو كما يقول شيخ الإسلام: "وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير؛ واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته".

4- وآخر ما نشير إليه من الجوانب هو طبيعة بشرية يوضحه ما ورد في الأثر: "يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجزع في عينه".. هذه الطبيعة البشرية هي مدخلنا لمحاولة التماس حل مثل هذه المشكلة.
- فأنت رحمك الله لم تنصف إخوانك وأحباءك حين وصمتهم بترك المسائل المهمة والجوهرية، ومعلوم للكافة أن أهم شيء لدى السلفيين في كل الأقطار هو التوحيد (شعبه ولوازمه ومتعلقاته) فهل نراه من الأمور غير الهامة؟!

* المرحلة الأولى: البدايات العملية:
1- نقطة البداية لكف الظلم عنك أن تكلف نفسك بالإنصات، وإذا أردت دفع غيرك لاحترام جهدك فعليك في البداية أن تحترم جهده.
2- أشعر هؤلاء بأنك تحبهم وإن كنت تراهم قد ظلموك أعلن ذلك سواء بالنظرة أو بنبرة إلقاء السلام أو بالتصريح المباشر أو عن طريق رسول... إلخ.
واعلم أن القليل المتواصل من قطرات الود تطفئ نيران العداوة مهما بدت عظيمة.. باختصار "ادفع بالتي هي أحسن"، وبدلاً من تصريحات نارية "تراها في الحق" وتلميحات ولمزات وغيرها مما يؤجج نيران الفتن، انقل عن طريق وسيط عاقل رسالة الود والاحترام والرغبة في إصلاح ذات البين، جعلنا الله من ذوي الحظ العظيم.
3- تجنب الاحتكاك بأهل الحدة من إخوانك وأحبائك، والحيدة هنا هي الاختيار الأمثل سواء كانوا قادة أو دون ذلك.
4- قلل قدر المستطاع من تراشق الصغار والحقن من الجانبين، فأنت من جانبك تملك الكثير من الطرق العملية لذلك، فمنها ألا تُقرِّب منك، ولا تُشجِّع من يرى أنه يصير أقرب إليك بإحداث نكاية في إخوانه.
وكذلك شغل الجهد بعمل لا يدع فرصة للقيل والقال والرد المضاد.. باختصار امنع من هم تحت ولايتك في أن يصبحوا وقودا للفتن.

* المرحلة الثانية (بناء الجسور):
1- إذا أحسنت ما سبق من خطوات وأضفت لها ابتكارات في ذات السياق أو تعديلات للخطوات تراها أنسب، فستجد لها بإذن الله نتيجة فلا تقلق لو كانت محدودة فإن أحسنتها فعليك للانتقال للمرحلة التالية وهي محاولة بناء جسور صالحة للتحاور البناء من خلال استثمار الظروف الاجتماعية التي تعتري كل البشر من الخير والشر.. وفاة قريب، عرس، نعمة أو مصيبة؛ لتقوم بواجب المسلم تجاه أخيه المسلم بالعيادة أو المواساة أو التحية أو المساعدة أو المشاركة في الفرح والسرور... إلخ.
2- المثابرة على مثل هذا السلوك، إذا شفع بالتغافل عن استمرار ما يغضبك؛ فإن له مفعولا أقوى من مفعول سحر العطف الذي يقوم به دجاجلة القرى!، ونتائجه بإذن الله مؤكدة بحيث أقول: لو لم تجد الثمرة فإني أجزم بأنك لم تحسن أداء إحدى المرحلتين.

* المرحلة الثالثة: الإعداد للتحاور:
1 - تأمل الشخصيات المؤثرة من إخوانك ثم حدد أي هذه الشخصيات أقرب إلى الحكمة وحريصة على مصلحة الإسلام ومدركة لطبيعة المرحلة.
2 - لا بد أن تعرف منطلقات مَن تحاور؛ فلا تكن مثل الأمريكان ذهبوا للعراق يمنون أنفسهم باستقبال الفاتحين لأنهم جاءوا بدعاوى صفق لها شعب الناهبين.
3- لذا أنصحك بقراءة كتيب بسيط مثل: الأصول العلمية للدعوة السلفية للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، أو ما كتب الدكتور علاء بكر في ذات الموضوع، فتدرك منطلقات إخوانك قبل الحوار فتتوسل نقاط التوافق أو اللبس أو التعارض فترتب أمرك وتراجع نفسك.

* المرحلة الرابعة: مرحلة الحوار:
1- الحوار الهادف للوصول للحق وتحقيق الخير يخالف كل المخالفة المناظرة الهادفة لدحض شبهات الخصم وإفحامه أمام الناس، فعليك استحضار نية الإصلاح لا العلو أو الخداع، فإن كانت نفسية محاورك مثلك فعسى أن يأتي الله بالتوفيق.. {إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} (النساء: 35).
2- إن أحسست بانحدار الحوار نحو الجدال والمراد فالتأجيل أفضل وأبر، وقد يرتقي الحوار إلى الأصول بدلاً من هذه الفروع التي تتراشقون بها، والمسلم الحق يرى نفسه أحق بالحق من أخيه أن جاءه بالحق.
وإن وجدت عند أخيك لبسا أو شكا في مذهبك فبين بالوضوح الذي لا يقبل الشك أنك لا ترى أفضل ولا أنقى مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ومن حوله صحابته الكرام وأن الخلاف ليس في ذلك الأصل "الذي هو أهم ما يفرق بين الفرقة الناجية وغيرها من الفرق المبتدعة"، إنما الخلاف في محاولة التطبيق وخلاف (السنة/البدعة)، خلاف (السداد/التقصير).
3- ليس أصعب ما في الحوار هو حسم قضايا، إنما هو التوفيق لمن يبدؤه منك والقدرة على الضبط النفسي في أثنائه مع توفر روح الإنصاف.
4- من لباقة المحاور وتمكنه ألا يوجه السهام الصريحة لموضع الخطأ المهتز الذي يتتعتع فيه صاحبه فيثبت عليه بما رشق فيه من سهام.
إنه يترك لمحاوره فرصة التصحيح دون إراقة ماء الوجه؛ مثلاً بأن يسأل ما يتفق أصحاب الفطرة السليمة على إجابته، فإن جهل سأله عن معنى الدليل الذي يزيل جهله لا أن يفحمه بالحجة المستنبطة من هذا الدليل.

5- وأتصور أن يدور الحوار حول مسائل من نوعية:
- ما معنى قول الحق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة: 108)؟.
- هل هناك أولويات في أبواب العلم والعمل؟.
- ما هي العلاقة بين العلم والعمل؟.
- ما هي الشرور المترتبة على صراع المسلمين؟ وكيف يمكن تلافيها؟.
- خطط أعداء الإسلام.. هل لها ثمة علاقة بالخلاف بين المسلمين؟.
- عمليًا وواقعيًا.. ما هو كشف الأرباح والخسائر الناتج عن بذل الجهد في الصراع بيننا؟.
- ما هو هدي الصحابة والسلف في الخلاف الفقهي؟.
- ما هي الأصول الكلية التي كان عليها سلفنا الصالح؟.
- ماذا تأمل أن نفعل معكم؟ وما هي العلاقة الشرعية التي تجب أن تكون بيننا؟.
- هؤلاء الذين لا يمكنك استيعابهم.. هل من الأفضل أن يتركوا للعلمانيين وغيرهم من أصحاب المذاهب الضالة أم أن يكونوا معي على حالي التي لا تعجبك؟!... إلخ.
هذا بالإضافة لما سبق من قضايا قدمنا لها في الجزء التأصيلي للإجابة.

هذه المراحل السابقة إن مرت بنجاح ستجعل كل منكما أقرب -ولا شك- للآخر بإزالة الكثير من سوء الظن، وتصحيح بعض الأخطاء، وضمور روح الاستهداف عند الفريقين "بقدر ما".
فإذا أضيف إلى ذلك الموازنة بين المصالح والمفاسد، وأن تكون المطالب متناسبة مع الحجم والوزن أمكن بلوغ مرحلة فض الاشتباك ووضع آليات للمحافظة عليها.
ومن أهم هذه الآليات وجود الخط الساخن وتحجيم المبادرات الفردية للجانبين عند التنازع مع إزالة نقط التماس وغير ذلك مما يتباين مع كل واقع.

ختاما.. عليك بتقوى الله فمن يتق الله يجعل له من كل هم مخرجًا، ولا تعجز عن الدعاء بل استجلب الدعاء من محاورك سواءً بالإنشاء أو التأمين. وكم من مستغلق لا يفتح إلا بالدعاء.
هذا ما لدي أخي في الإجابة على سؤالك، وأسأل الله لك ولإخوانك الخير والهدى للرشاد.
وتابعنا بأخبارك.

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1145175698688&pagename=IslamOnline-Arabic-Daawa_Counsel%2FDaawaA%2FDaawaCouns elingA

كلسينا
05-04-2006, 09:53 PM
عد إلى السيرة النبوية نهجاً للمستقبل ( وأنظر في قم وأنذر )

من هناك
05-05-2006, 04:46 PM
على رأسي معلمي :)

كلسينا
05-07-2006, 07:23 PM
ما عاذ الله ، أنتم شموع الجيل الجديد وأعمدة النهضة التي نرتقب معلمينا ونحن بين الأيادي للمساعدة والتذكير ونعترف بعجزنا عن القيام بما ننتظره منكم .

من هناك
05-07-2006, 08:19 PM
ولكن هذه الشموع انطفأت بسبب البرد :)

كلسينا
05-08-2006, 09:06 AM
لو دققت النظر لوجدت أن حرارة الإيمان أقوى من كل برد ، وأن هذه الشموع لو خفت نورها قليلاً فذلك بسبب تباعدها عن بعضها وأنتشار الظلام بينها ولكنها إن شاء الله ستجتمع لترفع نور الله الذي يزيل كل الظلمات .;)
أنظر إلى النصف المملؤ من الكوب ودعك من النصف الفارغ . :-)

من هناك
05-08-2006, 04:29 PM
لا احد يملأ لي الكأس وانا بصعوبة اشرب من الحنفية فكيف املأ نصف الكأس :)

كلسينا
05-08-2006, 08:30 PM
بما أنك وصلت إلى الحنفية فدعك من الكأس . إنه مرحلة في طريقك إلى النبع وإذا وصلت له فأترك الحنفية ولكن لا تنساهما من دعائك ومحبتك .
كيفني معك بالصوفيات الذوقية .;)